منهجية التحليل السياسي

ملخص المنهجية – علوم سياسية بجامعة الجزائر 3

بقلم صخري محمد – ملخص المنهجية – جامعة الجزائر 3

محور الأول مدخل مفاهيمي حول منهجية البحث العلمي

المنهجية العلمية هي مجموعة الإجراءات التي يتبعها الفكر البشري لاكتشاف واقعة علمية واثباتها.

والمنهجية العلمية في الدراسات السياسية هي الطريقة او الأسلوب الذي يلتزم به الباحث منذ شروعه في دراسة الظاهرة او المشكلة السياسية من خلال التزامه بجملة من المبادئ والمعايير والخطوات وكذا الأدوات والمناهج العلمية الضرورية لكشف الحقيقة والوصل إلى نتائج علمية.

مفهوم البحث العلمي: هو وسيلة للدراسة والبحث تعتمد على منهج معين او أكثر واتباع خطوات وقواعد معينة لإجراء عملية فحص او تقصي دقيق تهدف الى اكتشاف معلومات او علاقات جديدة التي يمكن التحقق منها عن طريق الاختبار العلمي.

مفهوم الظاهرة السياسية

ظاهرة موجودة في الواقع السياسي متعلقة بالسلطة وابعدها وخصائصها وعلاقتها بالمجتمع والمؤسسات السياسية الداخلية والخارجية.

وغالبا ما تعبر الظاهرة السياسية عن بروز حالة من الحالات السياسية المحلية او الدولية في ظرف معين وفي مكان محدد تتطلب الدراسة والبحث لمعرفة أسبابها وواقعها ونتائجها مثل ظاهرة التحول الديمقراطي.

كما تتميز بوجود عملية تفاعل بين السلطة والآخرين (أفراد المجتمع) في البيئة الداخلية أو (فواعل دولية) في البيئة الخارجية باتجاه سلبي او ايجابي لتحقيق أهداف معينة.

خصائص الظاهرة السياسية

  • تمتاز بصعوبة قياسها بالأرقام لكن يمكن وصفها كيفيا.
  • تتميز بعمومتيها وانتشارها وتداخلها في حياة الأفراد.
  • هي ظاهرة مجتمعية بطبعها ذات آثار سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية ولو ليس كل الظواهر الاجتماعية هي سياسية.
  • هي ظاهرة تاريخية بحكم ان التفاعلات السياسية لها جذور في الحاضر وفي الماضي وبالتالي لها تأثير على واقع المجتمعات وعلى مسارهم التاريخي، حيث لا يمكن للباحث دراسة ظاهرة سياسية ما بدون العودة للماضي لرصد كل العوامل التي ساهمت فب تطورها.

أدوات تحليل الظاهرة السياسية

ان تفسير العلمي للظاهرة السياسية يقتضي استخدام جملة من الأدوات التحليل العلمية مثل المقابلة والملاحظة و الاستبيان

محور الثاني: خطوات البحث العلمي

1- اختيار موضوع البحث : تكون عبر عملية الملاحظة وإدراك مشكلة ما او الاهتمام بقضية تستحق البحث لدى الباحث

وتتجسد عملية اختيار الموضوع من خلال اختيار عنوان البحث الذي يكون واضح، دقيق، أصيل اي لم يبحث فيه من قبل ويشمل على المتغيرات ذات صلة بالدراسة مع تحديد إطار مكاني وزماني للدراسة.

كما ان المصادر والمراجع توفرها شرط ضروري لاختيار الموضوع، وعلى الباحث أن يتجنب المواضيع التي لا يتوافر لها مراجع كافية أو يصعب الحصول على ما يلزمه من مراجع لندرتها أو لعدم توافرها.

ومن ادوات البحث العلمي الاكثر استخدامًا في جمع البيانات والمعلومات هناك

المقابلة: تعتبر المقابلة من ادوات البحث العلمي عندما يستخدمها الباحث العلمي في جمع المعلومات من المفحوصين وتفسير ردة افعالهم حول موضوع معين. قد تكون المقابلة عن طريق حوار لفظي مباشر او غير مباشر، وجهًا لوجه او من خلال وسائل الاتصالات المختلفة.

الملاحظة: الملاحظة هي مراقبة الظواهر ومشاهداتها كما هي في الواقع، في الملاحظة يراقب الباحث العلمي الظاهرة موضوع الدراسة دون دخول او تغير لمكوناتها او اجزائها او مسبباتها. تعتمد الملاحظة في المقام الاول على الباحث وحواسه القوية، النظر والسمع واللمس وغيرها من الحواس.

الاختبار: هو مجموعة من المثيرات او الاسئلة التقييمية للمبحوثين، من الممكن ان تكون المثيرات مجموعة من الاسئلة او الفرضيات تؤثر على المفحوصين لقياس التأثيرات عليهم. وجمع الاختبارات وتقويمها والخروج بالنتائج المطلوبة لاختبار صحتها فيما بعد.

الاستبيان او الاستبانة: هو مجموعة من الاسئلة مكتوبة في استمارة تصل الي الافراد او الاشخاص المقصودين والمحددين من قبل. للاستبيان أكثر من تصنيف، وأكثر من طريقة لتطبيقه، الاستبيان المغلق هو عبارة عن سؤال محدد ومباشر يجيب عنه الشخص بنعم او لا.

الاستبيان المفتوح هو سؤال للمبحوث يجيب عليه مع توضيح السبب في الاجابة، وبعض الاوقات يطلب من المبحوث ابدأ رأيه في السؤال والتحدث عنه.

2أهمية الموضوع : تكمن في جانبه النظري والعملي ودوره في تنمية التراكم المعرفي وايجاد حلول لمشكلات من أجل تحسين حياة الناس.

3- الإشكالية : هي عبارة عن نص مختصر يصاغ في شكل سؤال يحتوي على مشكلة البحث بمثابة علاقة بين متغيرين او أكثر.  كما هو عبارة عن موضوع يحيطه الغموض أو ظاهرة تحتاج الى تفسير.

المتغير المستقل والتابع هما اساس البحث العلمي وضروريان لأثبات او نفي المعلومة، فالمتغير المستقل هو السبب اما المتغير التابع هو النتيجة، كما ان المتغير التابع هو المتأثر بالتغير المستقل.

شروط صياغتها: أن تكون الصياغة واضحة ومفهومة + أن تصاغ في شكل علاقة بين متغيرين أو أكثر+ تحديد نطاق المشكلة البحثية زمانا ومكان+ أن ترتبط المشكلة البحثية بإطار نظري عام، يعطيها معنى ودلالة علمية +أخد بعين الاعتبار وحدة التحليل التي يركز عليها الباحث (فرد، دولة، مؤسسة..)

4- صياغة الفرضيات وتأتي كخطوة رابعة من خطوات اعداد البحث العلمي.

تعريف الفرضية: هي تخمين أو استنتاج يتبناه الباحث في بداية الدراسة، ويحاول أن يتحقق منه باستخدام المادة العلمية المتوفرة لديه.

مكونات الفرضية: تشتمل الفرضيات على متغيرين اساسيين” المتغير المستقل والمتغير التابع “فالمتغير التابع هو المتأثر بالمتغير المستقل

انواع الفرضيات: الفرضية الصفرية: وتتعلق بمجتمع معين او مجتمعين او أكثر ولكن تصاغ بطريقة تنفي وجود فرق او علاقة دالة احصائيا بين متغيرين او أكثر، فهذه الفرضية تعني العلاقة السلبية بين المتغيرات.أما الفرضية البديلة تعني وجود علاقة ايجابية بين المتغيرين قيد الدراسة – امثلة: توجد علاقة قوية بين التدخين ومرض السرطان.

شروط صياغة الفرضيات:

1- واقعية الفرضية وانسجامها مع الحقائق العلمية المعروفة وألا تكون خياليه او متناقضة معها.

2- صياغة الفرضية بشكل دقيق ومحدود قابل للاختبار وللتحقق من صحتها وأن تتسم الفرضية بالإيجاز والوضوح في الصياغة.

3- تفسير الظاهرة وتقديم حل المشكلة

أهمية الفرضيات: تعمل على تحديد مجال الاهتمام + تركيز البحث بنوع معين من المعلومات + صياغة الكثير من الاستنتاجات والتنبؤات المتنوعة من وراء فرضية بحثية.

5- المناهج : المنهج هو حزمة من الطرق والخطوات المنظمة والمتكاملة تستخدم في تحليل وفحص المعلومات، بهدف الوصول الى نتائج.

يعرفه حامد ربيع بأنه طريق الاقتراب من الظاهرة في سبيل الوصول الى الهدف الذي يحدده الباحث مسبقا.

ومناهج البحث عنده تتضمن الطرق والوسائل، فالأولى هي الخطوات المتتابعة لدراسة وتحليل الظاهرة، أما الثانية فهي الأدوات المعتمد عليها للوصول الى الحقيقة.

والمناهج تستطيع أن تقدم لنا صورا حقيقية أو قريبة من الحقيقة، كلما حرصت على استيعاب جميع المتغيرات و على العكس من ذلك، فان الكثير من الحقائق تأتي مشوهة او ناقصة، و هذا راجع الى قصور المناهج المستخدمة او انتقائية عملت على ابعاد الكثير من المتغيرات او بعضها لاعتبارات مختلفة متعلقة بالباحث.

البحث الاجتماعي الكمي والكيفي هي أنواع يتم الاعتماد عليها في إجراء البحوث الاجتماعية المختلفة، وذلك حتى يتم التوصل إلى وصف شامل وعميق لظاهرة اجتماعية معينة، ويختلف كل نوع من هذه الأنواع عن الآخر في مجموعة من الأمور التي توفر فرصة الاختيار من بينهما ما يناسب الأوضاع الاجتماعية والظروف المحيطة والمعلومات المتوفرة، ويرتكز البحث الاجتماعي على دراسة البحث الكمي والبحث الكيفي للتعرف على الطريقة المثالية لاستخدام كل واحد منهما.

البحث الاجتماعي الكمي والكيفي:

عند دراسة العلوم الاجتماعية يجب التطرق إلى مناهج البحث فهناك البحث الكمي والبحث الكيفي التي يعتمد عليها الشخص من حيث الأنسب للحالة التي يقوم بدراستها، فعند الحديث عن البحث الاجتماعي الكمي والكيفي نجد أن هناك جدل كبير حول الطريقة والمنهاج المناسب في تنفيذ البحوث العلمية، حيث يوجد مجموعة من الباحثين والدراسين الذين يعتمدون بشكل كبير على البحث الكمي للقياس والتفسير بسبب دقة هذا النوع من البحوث، وعلى الجانب الآخر هناك من يستعين بالبحث الكيفي عند الرغبة في التحليل والفهم بسبب ما يوفره من نتائج أقرب إلى الواقع.

ما هو مفهوم البحث الكمي؟

البحث الكمي هو البحث الذي يهتم بتطوير النظريات والنماذج الرياضية والفرضيات الخاصة بالظواهر المختلفة، فهو يعتمد على الأساليب الحسابية والإحصائية والرياضية في البحوث المتعلقة بالظواهر الاجتماعية، فهو يلجأ إلى القياس للربط بين التعبير الرياضي للعلاقات الكمية والملاحظة التجريبية.

ما هو مفهوم البحث الكيفي؟

البحث الكيفي هو البحث الذي يختص بجمع البيانات والكلمات والصور لتحليلها وفهمها، وذلك من خلال الاعتماد على التقاليد الخاصة بالبحث العلمي التي تعمل على الكشف عن مشكلة اجتماعية، ويقوم الباحث بتحليل الكلمات وإنشاء صورة شاملة معقدة عن الوضع بالإضافة إلى عمل تقرير يوضح وجهات النظر المختلفة، وبعدها يتم إجراء البحث في الظروف الطبيعية للتوصل إلى فهم أعمق.

ما هو الفرق بين البحث الاجتماعي الكمي والكيفي؟

عند التحدث عن البحث الاجتماعي الكمي والكيفي يجب التعرف على الفروق بين كل نوع منهما، حتى يتمكن الباحث من اتخاذ القرار المناسب لاستخدام أحدهما، وفيما يلي أهم الفروق بين البحث الكمي والبحث الكيفي:

1- يعتمد التحليل في البحث الكمي على التحليل الإحصائي والرياضيات، بينما يعتمد التحليل في البحث الكيفي على التصنيف والتفسير والتلخيص

2- يختص البحث الكمي باختبار الافتراضات والنظريات المختلفة، بينما يركز البحث الكيفي على صياغة الفرضيات والنظريات بالإضافة إلى استكشاف الأفكار

3- يحتاج البحث الكمي إلى أعداد كبيرة من المجيبين، بينما لا يتطلب البحث الكيفي الكثير من المجيبين

4- الأساس في البحث الكمي هو الأرقام والجداول والرسوم البيانية، والأساس في البحث الكيفي هو الكلمات

5- يعتمد البحث الكمي على مجموعة محددة من الأسئلة لا يمكن الابتعاد عنها، على العكس من البحث الكيفي الذي لا يعتمد على أسئلة معينة وتكون الأسئلة مفتوحة

6- يستخدم البحث الكمي طرق معينة لجمع البيانات الكمية منها التجارب، وتحليل المحتوى، والدراسات الاستقصائية، والملاحظات، وتختلف هذه الطرق عن التي تستخدم في البحث الكيفي لجمع البيانات الكيفية التي تتمثل في مجموعات التركيز، ومراجعة الأدب، والمقابلات، ودراسات الحالة

7- يفضل استخدام البحث الكمي عند الرغبة في اختبار نظرية أو فرضية معينة، ويستخدم البحث الكيفي عند الرغبة في فهم تجارب أو أفكار أو مفاهيم محددة

8- يستخدم الباحث في المنهج الكمي العينات العشوائية، ولكن في البحث الكيفي يتم الاعتماد على العينات المنتظمة بصورة أكبر

9- لا يتضمن البحث الكمي الوصف في خطواته مما يجعله أقل مرونة من البحث الكيفي

10- يختص البحث الكمي بتوصيات ناتجة عن الأرقام الواضحة، على العكس من البحث الكيفي الذي يختص بتوصيات ناتجة عن الأوصاف والسمات

تصنف مناهج البحث إلى:

 المنهج الاستدلالي أو الاستنباطي: وفيه يربط العقل بين المقدمات والنتائج، وبين الأشياء وعللها على أساس المنطق والتأمل الذهني، فهو يبدأ بالكليات ليصل منها إلى الجزئيات.

 المنهج الاستقرائي: وهو يمثل عكس سابقه، حيث يبدأ بالجزئيات ليصل منها إلى قوانين عامة، وهو يعتمد على التحقق بالملاحظة المنظمة الخاضعة للتجريب والتحكم في المتغيرات المختلفة.

 المنهج التاريخي: يعتمد هذا المنهج على عملية استرداد ما كان في الماضي ليتحقق من مجرى الأحداث، ولتحليل القوى والمشكلات التي صاغت الحاضر.

المنهج المقارن: ويقوم على المقارنة بين واقعين أو أكثر بهدف استخلاص نتائج وقواعد علمية عامة لا ترتبط بمكان ولازمان معينين، وكلما زاد عدد الحالات الخاضعة للمقارنة كلما كانت النتائج أكثر دقة وأهمية. وتعتبر المقارنة ركنا أصيلا في المنهج العلمي التجريبي.

6- الإطار النظري للدراسة وهي مجموعة النظريات والمقتربات التي اختارها الباحث من تحليل وفهم وتفسير الظاهرة السياسية.

الإطار النظري: هو الخلفية العلمية النظرية التي يحتاج الباحث العلم بها ليستطيع أن يعد بحثا علميا له أهداف وفروض علمية يكون لتحقيقها أثر في البناء العرفي، فهو بمثابة خارطة الطريق للباحث.

هنالك نوعان من الإطار النظري:

1-الإطار النظري، الذي يشير الى اختيار نظرية معينة.

2- الإطار المفهومي لمجموعة من المفاهيم، أو القوانين التي يتم من خلالها صياغة وحل المشكلة.

تأتي أهمية توضيح الإطار النظري للباحث من مبدأ تراكم المعرفة، فالمشكلات البحثية لا توجد هكذا مبتورة وإنما هي في الحقيقة امتداد لما سبقها من تقدم علمي ويبدأ الباحث من اين انتهي منه الاخرون.

ذكر ساندرز أهمية تحديد الإطار النظري بصورة واضحة في أسباب التالية:

  • المشكلة انعكاس لإطارها النظر فيكون فهمها وترابطها أفضل.
  • تحديد الإطار النظري يبين أثر البحث في الإضافة إلى المعرفة.
  • يساعد في تحديد أهداف قيمة للبحث.
  • ليس هناك إطار نظري واحد لكل مشكلة فقط يكون هناك أكثر من اطار يمكن أن تدرس الاشكالية من خلاله.

تعريف النظرية: يعرفها كوينسي رايتQuincy Wright بقوله أنها:النظرية العامة في العلاقات الدولية تعني وحدة من المعلومات الشاملة و الواضحة و المتماسكة و الذاتية التصحيح، تساعد على الفهم و التنبؤ و التقييم و مراقبة علاقات الدول و التعامل مع البيئة الدولية.

وظائف النظرية: النظرية هي مجهود منظم لطرح أسئلة من شأنها تمكين الباحث من تنظيم معرفته، من توجيه بحثه، ومن تفسير النتائج التي يتوصل إليها.

أنواع النظرية:

يرى ستانلي هوفمان أنه يمكن تقسيم أنواع النظرية إلى ثلاثة أنواع من حيث هدفها:

1- النظرية المعيارية أو القيمية و تقوم على أسس أخلاقية مثل تلك التي أنتجتها الفلسفة السياسية و منها نظرية إيمانويل كانط (E.Kant) للسلم الدائم.

2- النظرية التجريبية وهي تلك التي تحاول تحليل السلوك السياسي المعاصر ومعرفة المتغيرات الأساسية مثل نظرية ميزان القوة.

3- النظرية كمجموعة من الوصفات للعمل السياسي أي “العلم كسياسة” (policy science) أو نصائح في مجال تسيير شؤون الدولة.

وتكتسي النظرية أهمية، كلما كانت قابلة للتطبيق وتميزت بالوضوح والبساطة والشمولية والقدرة على استيعاب ظواهر متعددة وفهمها وتفسيرها.

كما تحمل خلفيات فكرية وسياقات اجتماعية وثقافية وتاريخية لأولئك الذين على بنائها.

ولعل من الصعوبات التي يوجهها الباحثين لبناء نظرية سياسية، هو أن الظاهرة السياسية يصعب ضبطها والتحكم فيهاو يضاف الى ذلك اختلاف القيم والثقافات والسياقات التاريخية التي تحيط بالظاهرة السياسية، و من تثم فان التعميم يصطدم بخصائص الظاهرة السياسية.

لقد تطورت البنية المعرفية في حقل العلاقات الدولية نتيجة تطورات فكرية وأبستمولوجيا أدت إلى تراكم معرفي ونظري ساهم إلى بروز عدة مناهج وأدوات تحليل لعبت دورا في تحليل ودراسة الظواهر السياسية.

ويعتبر النموذج المعرفي احدى هذه الأدوات التحليلية باعتباره بنية تصورية او خريطة معرفية يجردها عقل الإنسان متكونة من مجموعة من القيم والنظريات والقوانين العلمية التي يشترك فيها أعضاء مجتمع علمي معين مثل أنصار المنظور العقلاني في تحليل العلاقات الدولية وبالتالي هو أشمل من المدرسة.

المدرسة هي مجموعة من الفلاسفة او العلماء يعتنقون مذهب واحد ونظام واحد يضم مفاهيم وتقنيات بحث وفرضيات يتم الاعتماد عليها لتحليل ظاهرة ما مثل المدرسة الواقعية ويدافعون على مبدأ اساسي واحد، اما التيار فهو مجموعة الافكار التي يدعمها مفكرين داخل مدرسة واحدة.

الفرق بين الفرضية والنظرية: إذا كانت الفرضية إقرارا غير محقق بوجود علاقة بين متغيرين أو أكثر، فإن النظرية هي اقرار بوجود علاقة بين متغيرات محققه

اما بالنسبة الفرق بين النظرية والاقتراب:

الاقتراب يمكن اعتباره بمثابة اتجاه او ميل الباحث إلى اختيار مفاهيمي معين، والاهتمام بدراسة مجموعه محدده من الفرضيات من أجل الوصول إلى صياغة نظريه معينه.

يمكننا الاستعانة باقتراب او أكثر في مجال الدراسات السياسية.

يستخدم الاقتراب كإطار لتحليل الظواهر السياسية والاجتماعية ودراستها.

يساعد الباحث على تحديد الموضوعات الأكثر الأهمية وإيضاح جوانبها الأساسية مثل وجود مقتربات خاصة لدراسة ظاهرة القوة، مثل اقتراب المناصب واقتراب السمعة واقتراب صنع القرار

تحديد المفاهيم الأساسية

تعتبر المفاهيم ركنا أساسيا في بناء المناهج وصياغة النظريات والفروض، من تم فان تحديد المفاهيم الأساسية الأكثر تداولا لدى المختصين في الدراسات المنهجية، بعد متطلبا ضروريا لذلك ولعل من المفاهيم الأكثر تداولا، يمكن ذكر:

العلم: هو المعرفة المنسقة التي تنشأ من الملاحظة والدراسة والتجريب، والتي تتم بهدف تحديد طبيعة الظواهر وأصولها التي تخضع للدراسة والملاحظة.

وهناك من يري ان العلم هو المنهج الذي يستخدم في الوصول الى المعرفة.

علم السياسة: هو علم حكم الدول أو دراسة المبادئ التي تقوم عليها الحكومات وسلوك وتوجهات هذه الحكومات في علاقتها بالمواطنين والدول الأخرى، أي هناك محور دراسة الدولة ومؤسساتها المختلفة ومحور دراسة القوة والنفوذ والسلطة والصراع.

وحدات التحليل: يقصد بها مستويات التحليل التي يختارها الباحث كوحدة وقاعدة لبناء الموضوع قيد الدراسة، فعند افتراض صياغة لعلاقة بين متغيرين او أكثر، فانه ينبغي ان يفترض فرضية تحدد أنواع الفاعل السياسي ومستوياته، وهذه الوحدة قد تكون الفرد، المؤسسة، الدولة، النظام الإقليمي.

المتغيرات: هي بمثابة المؤشرات الدالة والمعبرة على المفاهيم، وحينما نتمكن من نقل المفاهيم من عالم التجريد الى عالم الملاحظة والتجريب يتحول المفهوم الى متغير يمكن قياسه ودراسته مثل مفهوم العنف الذي يمكن ان يترجم الى متغير مؤشرات العنف الداخلي.

وتنقسم المتغيرات الى ثلاثة (03)

  • متغير أصيل او مستقل: والذي يؤذي التغيير في قيمته الى التأثير في قيم المتغيرات الأخرى لها علاقة به.
  • متغير تابع: الذي تتوقف قيمته على قيم متغيرات أخرى
  • متغير وسيط: هو الذي يتوسط العلاقة بين متغيرين التابع والمستقل.

يحدد “عبدالعزيز الكلثم” هذه الفروق بين المتغير المستقل والتابع والوسيط على النحو التالي:

1- المتغيرات ثلاثة أنواع: يطلق على الأول المتغير المستقل، ويطلق على الآخر المتغير التابع، أما الثالث، فيسمى بالمتغير الوسيط، والغالب هو أن يكون هناك متغير تابع واحد وعدة متغيرات مستقله.

2 – المتغير المستقل هو الذي يؤثر ولا يتأثَّر بالمتغير التابع, بينما المتغير التابع هو الذي يتم التأثير عليه من قبل المتغير أو المتغيرات المستقلة،والمتغير الوسيط هو الذي قد يكون له دور في التأثير على المتغير التابع، ولولا وجوده، لَمَا استطاع المتغير المستقل التغيير في المتغير التابع.

فإذا كان الباحث يدرس علاقة الطلاق بانحراف الصغار، يكون المتغير المستقل هنا هو الطلاق، ويكون المتغير التابع هنا هو انحراف الصغار، وقد يكون المتغير الوسيط هنا هو الخلافات الزوجية، أو غياب الأب أو غير ذلك.

3- قد تكون المتغيرات كيفية؛ مثل: القومية، والحزب السياسي، والمهنة، وقد تكون كمية؛ مثل: الجنس، والعمر، والذكاء، والثروة، ويمكن تصنيف هذه المتغيرات على أساس أنها مستقلة أو تابعة أو وسيطة.

4- تكمُن المشكلة في دراسة العلاقة بين المتغيرات في أن عدم الفهم الصحيح لما هو المتغير المستقل، وما هو المتغير التابع، قد يؤدي إلى نتائج ذات تأثيرات سلبية على مجتمع الدراسة.

ولهذا؛ فإن التشخيص الصحيح للمشكلة هو الخطوة الأولى للعلاج الصحيح، فلو افترضنا على سبيل المثال أن ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع نتيجة لعدم الوعي بين الأزواج بأهمية الحياة الزوجية، وقلنا: إن المتغير المستقل هو عدم الوعي بأهمية الحياة الزوجية, وأن المتغير التابع هو نسبة الطلاق، وخرجنا بدراسة تثبت أن عدم الوعي بأهمية الحياة الزوجية، هو السبب خلف ارتفاع نسبة الطلاق، وقلنا: إن الحل هو توعية الأزواج بأهمية الحياة الزوجية قبل وفي السنوات الأولى من الزواج، ثم اكتشفنا بعد أن صرفنا الكثير من الجهد والمال في برامج التوعيه بأهمية الحياة الزوجية أن نسبة الطلاق لم تتغير، بل إنها تزداد، تكون النتائج هنا ذات تأثيرات سلبية على المجتمع.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى