منطقة الساحل الإفريقي ضمن الأجندة الأمنية الأمريكية

تُعد منطقة (الساحل الإفريقي) من أهم المناطق التي أصبحت تشهد في السنوات الأخيرة حراكاً سياسياً دولياً متصاعداً، وذلك بسبب انتشار مجموعة من التهديدات الأمنية العابرة للحدود، كنشاطات الجماعات الإرهابية – بحسب المنظور الأمريكي -، وأبرزها نشاط (تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي)، وتزداد هذه الوضعية تعقيداً مع تنامي نشاطات الجريمة المنظمة بكلّ أنواعها؛ كتهريب المخدرات والأسلحة.. إلخ و في هذا الاطار فإنّ الساحل الإفريقي طغى عليه منطق الرهانات التنافسية على مناطق النفوذ الاقتصادي؛ إذ لا يمكن حصر اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بتطورات الأوضاع في منطقة الساحل الإفريقي بفعل الدواعي الأمنية فحسب، بل الأمر يتعدى ذلك إلى دواع جيو-اقتصادية لها صلة مباشرة بالتنافس فيما بين القوى الكبرى من أجل الظفر بعدد من الاحتياطيات البترولية والغازية والمعدنية.

     يستدل بعض المراقبين في الداخل الأميركي على “الترابط بين سوريا والساحل الإفريقي،” في الاستراتيجية الأميركية الشاملة، من المساعي الخفية “لإعادة تسويق” تنظيم القاعدة وإعداده كبديل “معتدل” عن داعش؛ التجهيز لمرحلة مقبلة ومهام مطلوبة في ساحات عدة أما ما يعزز هذا الإعتقاد فهو الجدل الصامت الذي يلف الدوائر المؤثرة في صنع القرار السياسي الأميركي، وبروز أحد صفوتها معهد راند العريق، يروّج بلغة واضحة لمرحلة ما بعد هزيمة داعش في سوريا، والعراق بالطبع، دون المساس بطبيعة التواجد العسكري الأميركي – بخلاف بعض التصريحات الرسمية التي “توحي” بانسحاب القوات الأميركية من سوريابداية، في تبرير المعهد للمراهنة على “تنظيم القاعدة” أوضح بشدة أنه تحت قيادة أيمن الظواهري “أعلن على الملأ أنه سيحجم عن استهداف (المصالح) الغربية.” كما أن الفرع السوري للقاعدة “برز بصمت كبديل يبعد عن تشدد داعش بين صفوف خارطة القوى الجهادية.”

الملفت في تحليلات الخبراء في مجال الدراسات الاسترانيجية إقرارهم بانتهاء وظيفة تنظيم داعش في خدمة الاستراتيجية الغربية بشكل عام وانتفاء الحاجة له فيما تبقى من هيكلية، نظراً لطغيان ونجاح “سيل الدعاية الجارف لداعش ضد الغرب ومصالحه، مما دفع (بواشنطن) تركيز أنظارها على تفكيك (دولة) الخلافة، مما أسفر عن تواجد تنظيم القاعدة في سوريا بعيداًعن الإستهداف مكّنه إعادة بناء صفوفه بحرية وصمت .. وبعد خسارة داعش لعاصمته في الرقة، فإن (تنظيم) القاعدة ربما يبقى الوحيد الذي يمتلك خبرة عسكرية تؤهله لمنازلة نظام (الرئيس) الأسد إذن، نحن أمام “تجديد شرعية تنظيم إرهابي وتسويقه بماركة جديدة،” تحاكي الهواجس الغربية التي تطرب لسماع مفردات “الاعتدال” وما شابهها. كما أوضحت دراسة حديثة للمعهد أن “تنظيم القاعدة في سوريا خضع لسلسة من عمليات تحديد الهوية خلال عام 2016 بتفريخها جبهة النصرة ثم جبهة فتح الشام إلى هيئة أحرار الشامفي سياق “الحرب الأميركية على الإرهاب،” تتعدد ساحات المواجهة والتنظيمات المسلحة والتشكيلات الإرهابية، وتتجدد العلامات التجارية لداعش والقاعدة وبوكو حرام وحركة الشباب .. الخ.

اعلن البنتاغون ، 5 أكتوبر،2017عن مقتل أربعة جنود أميركيين من نخبة القوات الخاصة “القبعات الخضراء” في النيجر رافقه جدلاً متصاعداً حول حقيقة تواجد قوات أميركية في ذلك الجزء من الساحل الغربي لأفريقيا، ومهامها والمدة الزمنية.

في حمأة التغطية الإعلامية المكثفة ضاعت هوية النيجر وتماهت مع نيجيريا بالنسبة للسردية الأميركية، بيد أن صناع القرار بما فيهم البنتاغون لهم دراية تامة ليس فقط في البعد الجغرافي فحسب، بل لضرورات استراتيجية التمدد الأميركي، والكشف عن “حضور أميركي كبير في النيجر، خصوصاً في مطار أغادير (موقع) قاعدة تقلع منها طائرات الدرونز” لمراقبة منطقة الساحل الإفريقي فجأة “وجدت النيجر نفسها في عين عاصفة الحرب على الأرهاب محلياً وإقليمياً .. وتدفق مجموعات مسلحة إلى أراضيها؛ بعضهم يدين بالولاء (لتنظيم) القاعدة، والبعض الأخر يتبع داعش.” تلك هي السردية الرسمية المعتمدة والتي تنطوي على عملية تمويه نجد أجوبتها في مواطن الاستراتيجية الكونية لأميركا.وذهب رئيس هيئة الأركان الأميركية، جوزيف دنفورد، الى ما يعتبر أبعد من مجرد تصريح توضيحي لوسائل الإعلام، 23 أكتوبر الجاري في اختتام قمة رؤساء الأركان التي رعتها واشنطن، بالقول إن “هناك نحو 6،000 عسكري ينشطون في القارة الإفريقية يتخذون مواقع لهم في 53 دولة .. قيادتنا تعمل مع شركائنا على الأرض في عدد من مناطق القارة؛ وهي مهام شبيهه لما نقوم به في العراق وسوريا وأفغانستان أيضا.

  عند التدقيق في النشاطات العسكرية الأميركية، في افريقيا جنوبي الصحراء الكبرى، يتبين، وفقاً لموقع انترسبت الالكتروني، أن تلك القوات تجري نحو “3،500 مناورة مشتركة سنويا – أي بمعدل 10 عمليات يوميا – تمتد على رقعة واسعة من اراضي الكاميرون الى الصومال وجيبوتي وليبيا.     أوجز رئيس هيئة الأركان الأميركية ما جرى في معرض إحتواء “الإهانة العسكرية” التي لحقت بالمؤسسة وعقيدتها القتالية، بالقول أنه تم تنفيذ “عملية استطلاعية يوم 3 أكتوبر بقوة مشكلة من 12 عنصر من القبعات الخضراء برفقة 30 جندي من النيجر في قرية (تونغو تونغو) التي تبعد نحو 85 كلم شمال العاصمة نيامي .. وفي اليوم التالي (4 أكتوبر) تحركت القوات جنوباً باتجاه مقر قاعدة الانطلاق وتعرضت لإطلاق نيران من ما يقدر بنحو 50 عنصر من القوات المعادية؛ كانت حصيلتها مقتل أربعة عناصر من القبعات الخضراء وجرح عنصرين في الكمين الذي نصب لهم، وذهب ضحيته أيضاً 5 جنود للجيش النيجري.

     يعود التواجد العسكري المباشر في منطقة “الساحل” الافريقي الى عام 2002، تحت عنوان فضفاض لمكافحة الإرهاب شمل كلا من “تشاد ومالي وموريتانيا والنيجر،” بمشاركة فعالة من قوات تلك البلدان العسكرية مضى “برنامج مكافحة الإرهاب” بتهيئة القوات المحلية وإمدادها بالسلاح والعتاد والتدريب المطلوب، وشهد تخصيص البنتاغون ميزانية بلغت 288 مليون دولار لمتطلباته في الفترة بين 2009 الى 2013، كانت حصة “النيجر أزيد من 30 مليون دولار، وحصة مالي كانت الأكبر نحو 41 مليون دولار؛” وفق بيانات مكتب المحاسبة العام الأميركي.

 في مطلع عام 2013 انتهز السفير الأميركي لدى النيجر، بيسا ويليامز، الفرصة طالباً من رئيس النيجر مامادو إيسوفو، السماح لبلاده إقامة قاعدة تستخدم لطائرات الدرونز. وبعد نحو 30 يوما صادق الرئيس أوباما على قرار إرسال نحو 150 عسكري أميركي للنيجر. وفي شهر تشرين الأول/أكتوبر 2015 أبرمت الولايات المتحدة إتفاقية مع النيجر “للعمل سوياً في مكافحة الإرهاب؛” والتي تبعها تدفق القوات الخاصة الأميركية

وهي المرة الاولى التي يتم الاقرار بوجود جنود اميركيين في المنطقة، حيث تستهدف الهجمات عموما مواقع للجيش النيجري ومخيمات اللاجئين. واعلن البنتاغون ومسؤولون نيجريون ان دورية اميركية-نيجرية استهدفت الاربعاء في كمين في جنوب غرب النيجر قرب الحدود مع مالي ووقع الهجوم على بعد 200 كيلومتر تقريبا شمال نيامي في جنوب غرب النيجر، وفقا لبيان للقيادة الاميركية النيجرية من مقرها في شتوتغارت بألمانيا. وقال ان الهجوم وقع على الحدود مع مالي، حيث تنشط الجماعات الجهادية المتطرفة في ظل سريان مفعول المعاهدة الاميركية مع النيجر شهدت تشاد محاولتي انقلاب، 2006 و 2013؛ قيام القوات العسكرية في موريتانيا بمحاولة انقلاب وإطاحة الحكومة مرتين، 2005 و 2008؛ انقلاب عسكري في النيجر عام 2010؛ وانقلاب آخر في مالي عام 2012 قام به “الضابط (أمادو سانوغو) الذي تدرب على أيدي القوات الأميركية” أطاح برئيس البلاد المنتخب.

        ولو عدنا قليلا الى الوراء، عام 2001، تمتعت المنطقة بحالة استقرار نسبي “وخلوها من التهديدات الإرهابية؛” ولكنها باتت معقلاً للعديد من التنظيمات المسلحة. واشارت دراسة صادرة عن (المكتب الإفريقي في وزارة الدفاع الأميركية) الى انتشار التنظيمات والمجموعات المسلحة التالية:

        “القاعدة في المغرب الإسلامي؛ المرابطون؛ أنصار الدين؛ وفرع الانصار في مالي، جبهة تحرير ماسينا؛ جماعة نصرة الإسلام والمسلمين؛ مجموعة بوكو حرام؛ حركة الوحدة والجهاد في الغرب الإفريقي؛ أنصار الإسلام؛ ولاية غرب إفريقيا.”

كما برز تنظيم جديد يطلق عليه “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” الذي تحمله واشنطن مسؤولية اختراق حدود النيجر ونصب كمين للقوة المشتركة من الأميركيين وجيش النيجر.

        تقييم التواجد العسكري الأميركي ليس عسيراً، بل يتضح من خلال الوثائق الأميركية عينها أن “التواجد المباشر ساهم في تأجيج السكان المحليين وأصبح حافزاً لتجنيد المقاتلين” للانطلاق والعمل في الرقعة الواسعة من الغرب الإفريقي في ظل سريان مفعول المعاهدة الاميركية مع النيجر شهدت تشاد محاولتي انقلاب، 2006 و 2013؛ قيام القوات العسكرية في موريتانيا بمحاولة انقلاب وإطاحة الحكومة مرتين، 2005 و 2008؛ انقلاب عسكري في النيجر عام 2010؛ وانقلاب آخر في مالي عام 2012 قام به “الضابط (أمادو سانوغو) الذي تدرب على أيدي القوات الأميركية” أطاح برئيس البلاد المنتخب.

        ولو عدنا قليلا الى الوراء، عام 2001، تمتعت المنطقة بحالة استقرار نسبي “وخلوها من التهديدات الإرهابية؛” ولكنها باتت معقلاً للعديد من التنظيمات المسلحة. واشارت دراسة صادرة عن (المكتب الإفريقي في وزارة الدفاع الأميركية) الى انتشار التنظيمات والمجموعات المسلحة التالية:

        “القاعدة في المغرب الإسلامي؛ المرابطون؛ أنصار الدين؛ وفرع الانصار في مالي، جبهة تحرير ماسينا؛ جماعة نصرة الإسلام والمسلمين؛ مجموعة بوكو حرام؛ حركة الوحدة والجهاد في الغرب الإفريقي؛ أنصار الإسلام؛ ولاية غرب إفريقيا.”

كما برز تنظيم جديد يطلق عليه “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” الذي تحمله واشنطن مسؤولية اختراق حدود النيجر ونصب كمين للقوة المشتركة من الأميركيين وجيش النيجر.

        تقييم التواجد العسكري الأميركي ليس عسيراً، بل يتضح من خلال الوثائق الأميركية عينها أن “التواجد المباشر ساهم في تأجيج السكان المحليين وأصبح حافزاً لتجنيد المقاتلين” للانطلاق والعمل في الرقعة الواسعة من الغرب الإفريقي من هذا المنطلق و بناءا على المؤشرات السابقة يبقى الساحل الإفريقي منطقة تنافس بين القوى الكبرى و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي لن تتهاون على طرح كل الإستراتيجيات التي تخدم مصالحها و تبقيها في المنطقة لفترة أطول. و ما طرح الأفريكوم إلا دليل على ذلك، فالسيطرة والهيمنة علي افريقيا تحتل مركز اهتمام الولايات المتحدة بصرف النظر عن الأداة التي تحكم جمهورية كانت أم ديمقراطية، فالحاجة الى خدمة الأمن القومي الأمريكي جعلت أمريكا تطور عقيدة الحرب الاستباقية وهذه العقيدة سوف تطلق العنان للقوة العسكرية الأمريكية في نطاق استراتيجية الأمن القومي الأمريكي . مما يعني أن القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا ستكون ملتزمة وملزمة بتطبيق هذه العقيدة في القارة الأفريقية تحت ذريعة أن الأمن القومي الأمريكي يقتضي ذلك.

الدكتور حكيم غريب

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button