دراسات سياسيةمنهجية التحليل السياسي

منهج تحليل ظاهرة البذاءة السياسية والرداءة السياسية والعقم والعنانة السياسية

Approach to Analysis of the Political Impoliteness and Political Impotency

By professor Doctor KAMAL MMM ALASTAL

تعريف البذاءة السياسية Definition of Political Impoliteness

تعتبر ظاهرة البذاءة والرداءة السياسية واللجوء إلى الأسلوب الهابط في اللغة السياسية والإعلامية الدعائية من الأساليب التي تنتشر في الدول والمناطق التي تشهد صراعات سياسية وحزبية. كل هذه المظاهر للبذاءة السياسية تقود إلى عجز وعقم سياسي يدمر المصالح القومية والوطنية للدول والشعوب ويحطم مقومات الأمن القومي والوطني.

ويمكن تعريف البذاءة السياسية بأنها عبارة عن ” أسلوب هابط في التعامل مع مظاهر الإخلاف والصراع في مختلف مجالات الحياة السياسية الحزبية الداخلية والإقليمية والدولية وذلك من خلال توظيف أدوات وأساليب لا تليق برجال الدول وان كانت تليق أحيانا برجال السياسة أو المراهقين السياسيين”.وهنا لابد وان وأن نفرق بين رجل الدولة ورجل السياسة. قد ينكر البعض وجود أي فرق أواختلاف عن جهل او عن غير قصد. وهنا نطرح التساؤل:

ماالفرق بين رجل الدولة Statesman والسياسي (محترف السياسة) Politician؟

رجل الدولة Statesmanهو رجل المواقف التاريخية الذي لا يعرف التلاعب بالألفاظ السياسة بل انه تعبير عن المصداقية السياسية في المجالين الداخلي والخارجي ويعبر عن “جيل العمالقة والكاريزما”. فمثال ذلك الرئيس الفرنسي شارل ديجول الرئيس الروسي نيكيتا خرشوف والرئيس اليوغوسلافي جوزيف بروز تيتو وماوتسي تونج وجمال عبد الناصر والملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية وياسر عرفات وجون كنيدي جواهر لال نهرو وجيل العمالقة من القادة الكبار التي لازالت لهم بصمات في عالم السياسة.

وفي النموذج الصهيوني نجد بصمات ديفيد بن جوريون الذي عمل على إنشاء دولة إسرائيل على أي جزء من فلسطين ووقف بصلابة في وجه اليمين الإسرائيلي من أمثل جابوتنسكي ومناحيم بيجين وأبراهام شتيرن وأسحق شامير. وقد حاول اسحق رابين السير على نهج بن جوريون ولكنه تعرض للاغتيال.

أما السياسي Politician فهو رجل التلاعب بالمواقف والمشاعر والألفاظ والمصطلحات السياسية وهو محترف السياسة بحيث انه ينقل الأسلوب الميكافيللي إلى السياسة الداخلية والخارجية. كلامه لا يعبر عن حقيقة مواقفه محترف للدعاية والخداع والكذب على الصعيدين الداخلي والخارجي ، عنده الغاية تبرر الوسيلة يفتقد إلى الصدف في السياسة الداخلية والخارجية . مظهره لا يدل على حقيقة جوهره، ينطبق عليه القول المعمول به في عالم العمل الدبلوماسي ” فهو أن قال نعم فهو يعني ربما، وإذا قال ربما فهو يعني لا، وإذا قال لا فقد أعلن عن إخفاقه وفشله كدبلوماسي”. هذا النوع منتشر في كل زمان ومكان ويكثر على وجه الخصوص في المناطق المتخلفة التي تشهد صراعات سياسية داخليا وخارجيا. هو تعبير عن مرحلة “الأقزام” في العمل السياسي، بل قد يصل الأمر إلى أن مثل هذا النوع من “محترفي السياسة” أن يمارس “المراهقة السياسية” وافتعال الأزمات واللجوء إلى الإدارة بالأزمات وهو منتشر بين “جيل الأقزام”. نماذج منتشرة في الوطن العربي والعالم الثالث تعبر عن ضيق الأفق السياسي، وغياب الممارسة الديموقراطية في كثير من المناطق في فلسطين والصومال واليمن وسوريا والعراق وليبيا وغيرها…

نماذج من ممارسات وتعبيرات البذاءة السياسية

أولا- استخدام الحذاء في الحياة السياسية وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة:

حدثت حادثة حذاء خوروشوف (Shoe-banging incident) أثناء الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 902 التي عُقدت في نيويورك يوم 12 أكتوبر عام 1960عندما ضرب خوروشوف طاولة الوفد السوفيتي بحذاءه اعتراضاً على خطاب رئيس الوفد الفلبيني لورينزو سومولونغ.

وكان لورينزو قد انتقد السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي وتصرفاته في شرق أوروبا واصفاً إياها بالاستعمارية.

يعتقد كثيرون أن حادثة حذاء خوروشوف التي ضرب بها طاولة في اجتماع الأمم المتحدة بسبب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، والحقيقة أن هذه الحادثة جاءت في عام 1960اعتراضاً على خطاب رئيس الوفد الفلبيني لورينزو سومولونغ الذي انتقد فيه ما وصفه سياسات استعمارية سوفيتية. وكان اعتراض الموفد الفلبيني على سياسات السوفييت في أوروبا الشرقية وهو ما اعتبره خورشوف رئيس الاتحاد السوفييتي آنذاك تدخلا مرفوضا، حيث طالب الوفد الفلبيني بمزيد من الحريات والديمقراطية في أوروبا الشرقية.

ثانيا- الحذاء ضد السياسة في عهد الرئيس المصري محمد مرسي:

هذا ما قرر عدد من المتظاهرين أن يفعلوه مع رئيس الوزراء المصري الأسبق هشام قنديل(في عهد الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي العياط) في أثناء حضوره جنازة الشهداء بتاريخ 7-8-2012 في مسجد آل رشدان، وما فعله عدد من المحتجين أمام القصر الرئاسي.

محمد الجوادي المؤرخ والمفكر السياسي، قال إن مسألة رفع الحذاء فى وجه ممثلي السلطة يعد تجاوزًا، وله أسباب واضحة، منها:

  • أن القوى السياسية الموجودة أصبحت ثقتها فى نفسها أكثر من حقيقة قوتها على الأرض، ظنًا منها أن هناك مؤيدين ومؤازرين لها.
  • الجوادى أضاف أن أحد أهم الأسباب التي تسببت فى ظهور تلك الممارسات على أرض الواقع، هو أن القيادات السياسية ليست لديها القدرة على توضيح الفارق بين القانون واللاقانون
  • جمال زهران أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس، قال لـ«الدستور الأصلي»، إن التجاوز الذي يحدث من بعض المتظاهرين في احتجاجاتهم، ناتج عن الغضب الشعبي لعدم الشعور بوجود نتائج أو عائد للثورة، وشعورهم بأنها سلبت منهم. حيث باتت الحرية والسيطرة في يد فصيل واحد، وحرم منه الجميع، فالحذاء تم رفعه في وجه السلطة، التي اعتبرها المتظاهرون سارقة لثورتهم وأحلامهم، لا في وجه أشخاص.
  • كريمة الحفناوى قالت إن الخروج على الأسلوب السلمي عن طريق الإسفاف والابتذال «أمر منتقَد في أغلب أن، فعندما تم رفع الحذاء في وجه الرئيس الأمريكي بوش كان حقًا ولكن ليس طوال الوقت، وليس الحذاء فحسب، بل استخدام الألفاظ البذيئة والتخوين والتكفير».

الحفناوى أكدت أن ممثلي الإسلام السياسي هم من بدؤوا هذا الأمر، عندما واجهوا جمعة «الدستور أولا» في 21 مايو من 2011، واتهموا المتظاهرين بالكفر والإلحاد والعمالة لدول أجنبية، وقاموا بتشويه الرموز السياسية وتكفيرهم.

.( http://almogaz.com/politics/news/2012/08/9/358213(

ثالثا: ظاهرة البذاءة السياسية في الساحة الفلسطينية

من أبرز النماذج في العصر الحديث النماذج الفلسطينية في البذاءة السياسية حيث غابت مظهر اللباقة واللياقة في الممارسة السياسية في معظم المناكفات الحزبية والبحث عن المصالح الفئوية الضيقة وتنفيذ أجندات مختلفة في ملعب القضية الفلسطينية وفي البيت الفلسطيني وكل ذلك من قبل معظم الناطقين باسم الدكاكين السياسية الفلسطينية الذي هم تعبير “فج” عن “المراهقة السياسية” وعدم “النضج السياسي” وانعدام الخبرة والأفق السياسي. وهذا قد يفسر لماذا “فشلت الثورة الفلسطينية بجميع فصائلها في تحرير الأرض والإنسان بل بدلا من كل ذلك فشلت في تحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلي وعملت على “استعباد” الإنسان الفلسطيني الذي وقف بكبرياء وقوة أمام المشروع الصهيوني لمدة تزيد على قرن من الزمان. مائة عام من الصمود أمام العدو لم تدفع الفصائل والدكاكين السياسية على توفير سبل العيش بالكرامة للشعب الفلسطيني. بل تدل الوقائع والممارسات على أن بعض الفصائل الفلسطينية “تستهتر” بل وتحاول أن “تدوس” على كرامة الإنسان الفلسطيني لمجرد تعبيره عن “رأي” أو موقف على صفحات الفيس بوك أو في أي مكان.. المظاهر عديدة والنماذج أكثر مما تحصى.

1- تنتشر ظاهرة البذاءة السياسية في الساحة الفلسطينية حيث تتعدد مظاهرها من العنف اللفظي والعنف المسلح. ومن مظاهر ذلك الأسلوب التخويني والاتهامي والتكفيري الذي ينتهجه أصحاب وأعضاء الدكاكين السياسية الفلسطينية أو الفصائل Palestinian Political Shops (Factions) في التعامل مع بعضهم البعض من أساليب هابطة لا تليق بأي شخص عادي فما بالك بشخص يعتبر نفسه ممثلا لمصالح الشعب الفلسطيني.

2- وفي الوقت المعاصر الذي نعيشه تنتشر ظاهر البذاءة السياسة في الساحة الفلسطينية في الفضائيات وموجات الراديو والمواقع الالكترونية وصفحات الصحف وفي المنابر السياسية والدينية الحزبية وغير الحزبية ودور العبادة والمساجد هذه ظاهرة أصبحت تهدد النسيج الاجتماعي والقضية الفلسطينية والوحدة الوطنية والمصالح العليا للشعب الفلسطيني. النماذج كثيرة ولا حاجة للأمثلة.

3- من مظاهر البذاءة السياسية في الساحة الفلسطينية انتشار النزعة الاتهامية والحزبية الفئوية الضيقة وضيق الأفق السياسي والمراهقة السياسية واستعمال الألفاظ الهابطة في التعامل مع الآخرين. من يستمع لمحطات الراديو والفضائيات والمواقع الالكترونية والفيسبوكية والتويتر والانستجرام وغيرها يجد ان كل منها يتهم الآخر بالتفريط والخيانة والمسئولية عن مصائب الشعب الفلسطيني. منهم من يتهم الآخر بالعمل وفق أجندات خارجية ، ويتهم قادة الدكاكين بعضهم البعض بأنهم مسئولين عن مشاكل البطالة والفقر والجهل والمرض وأزمات المياه والغاز والوقود والكهرباء والمرتبات والمعابر والحصار….بمعنى أن الجانب الإسرائيلي ليس له أي سهم في مصائب الشعب الفلسطيني بل أن الكوارث هي من صنع فلسطيني -فلسطيني.

4- قليل من أبناء الشعب الفلسطيني من يحاول الابتعاد عن الحزبية المقيتة ولكنه لا ينجو بل يتم تصنيفه انه محسوب على هذا الدكان السياسي أو ذاك. هناك دكاكين توظف أبناء الحزب على الإعلام الالكتروني Social Media لمهمات التشهير بالآخرين والتركيز بشكل مبرمج وممنهج ضد الخصوم الآخرين في الساحة الفلسطينية. مثالا ذلك واضح في الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني حيث تراجعت أهمية قضية الشعب الفلسطيني على جميع الأصعدة. وبقيت الدكاكين تتصارع على الكراسي وهدم بعضها البعض في إفلاس ديني وأخلاقي ووطني وإنساني.

  • نشر ثقافة التخوين والتكفير والتآمر في المجتمع الفلسطيني

تعتبر ثقافة تخوين الآخر من أسوأ الثقافات والطبائع التي كرسها حكم الطغاة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وفحواها أنّ لو أحدًا غيري فعل أمرًا ما، وإن كان صحيحًا فالموضوع مشكوك فيه، وقد يرقى الشك إلى مرتبة الخيانة. لاحظ مثلا “فريق غزة” في مواجهة “فريق رام الله” في الساحة الفلسطينية. الفصائل تتهم بعضها بالوطنية وغير الوطنية، مسلمة وكافرة وعلمانية، شريفة وغير شريفة…

من يقوم بقراءة الكتاب المهم «التخوين والتكفير» للدكتور وحيد عبد المجيد، الذي يكشف أزمة العقل العربي حاليا حيث يضع الكاتب يده على مسألة مهمة وهى تزايد الخطر على المجتمع العربي حينما يعيش متزايدًا من أبنائه تحت وطأة الشعور بمؤامرات في كل مكان، ففي ظل هذا الشعور ينتشر الاعتقاد بأن الخونة يصولون ويجولون في مختلف الأنحاء، ويتم التوسع فى التفسير التآمري للأحداث بلا حدود وشيوع الاتهام بالخيانة والتآمر بلا حساب، وعندما ينتشر هذا التوجه ولا يوضع له حد فى بدايته لا ينجو منه إلا القليل، وتبدأ هذه الحالة عادة باستسهال اتهام من تختلف معه ولو في تفاصيل صغيرة بأنه خائن أو عميل أو طابور خامس، فتنتشر رذيلة التخوين التي تمثل الوجه الآخر لخطيئة التكفير، وينوب من يزعمون أنهم يخشون على وطنهم عن أعداء هذا الوطن في تدمير نسيجه المجتمعي الذي تعد سلامته من أهم مقومات الأمن القومي لأي بلد في هذا العصر. يشير وحيد عبد المجيد إلى أن الحكومات وكذلك الأحزاب (وطنية وإسلاموية) تجد من مصلحتها الارتداد إلى التفسيرات التآمرية كلما احتدمت الأزمات، وتفعل ذلك للتنصل من مسؤوليتها عن تلك الأزمات وما يترتب عليها من نتائج، وهى تتساوى في ذلك مع الجماعات التى تحاول احتكار الدين والاتجار فيه بتدعيم التفسيرات التآمرية في إطار الخرافات التى تعد جزءًا لا يتجزأ من عقليتها وبنيتها الفكرية، غير أن أخطر ما في هذا كله هو استعداد قطاع واسع من المجتمع المصري للاقتناع بالتفسيرات التآمرية للأحداث، لأن العقل العام ظل أسير خطاب عدائي ضد بعضه البعض كما ضد الخارج رغم اختلاف خلفيات هذا الخطاب وأهدافه من مرحلة إلى أخرى. فى رصده لـ«هستيريا التخوين» يتحدث وحيد عبد المجيد عن «التخوين الجماعي» و«التخوين في كل اتجاه» و«التخوين داخل المعسكر الواحد» ومع شيوع التخوين تنتشر ثقافة الكراهية وخطابها الذي تتعدد أنواعه وسماته فى الإعلام وأجهزة الدعاية الحزبية، فهو خطاب مغلق، وخطاب أحادى، وخطاب خرافي، وخطاب يجهز على كل شيء. النتائج المترتبة على كل ذلك كثيرة وكارثية ليس أقلها انصراف المجتمع عن السياسة، في مقابل تزايد الطلب على الأمن وتناقصه على الحرية الفردية. ولعل ما هو مكتوب في كتاب وحيد عبد المجيد ينطبق على الواقع العربي وعلى وجه الخصوص الواقع الفلسطيني. حيث عادة لا يتطرق أصحاب الدكاكين والناطقين باسم الدكاكين بأي كلمة ضد العدو المركزي ويتولون “عمليات الهدم” للمجتمع الذي يزعمون “زورا” أنهم يدافعون عنه وعن كرامته وقضيته. حربهم مستعرة بينهم وبين أنفسهم، حرائق داخلية، تشرذم، أزمات لا تنتهي، ملاسنات، اتهامات، تخوين، تكفير، والأدهى من ذلك أن معظم أصحاب الدكاكين يزعمون أنهم عبارة عن “المسيح المخلص” للشعب والقضية والمدافع المخلص عن المصالح الوطنية العليا وهم “يذبحون الشعب وقضيته بسكين مثلم”. فبدلا من تحرير الإنسان والأرض التي يعيش عليها الإنسان الفلسطيني يعمل بعض منتسبي مختلف أجهزة الأمن لقمع الإنسان وقهره وظلمه حتى يهرب من وطنه ويتم “تحرير فلسطين” من “أبناء الشعب الفلسطيني” وليس من جنود الإحتلال الإسرائيلي.
http://s.youm7.com/2365685

 

الآثار التي تترتب على البذاءة السياسية في العمل السياسي

  • يرى الكاتب الجزائري إحميدة عياشي أن البذاءة السياسية التي أصبحت هي الطاغية على أجواء الحياة السياسية في كثير من الدول تؤدي إلى ما يصفه بالعدمية السياسية والثقافية والاجتماعية وينتج عن هذه الأخيرة ثقافة وسلوكا عامين يسرعان من انتشار اليأس في النفوس وزرع بذور الاستسلام وتجذير التشاؤم كظاهرة طاغية ليس فقط في أوساط الأفراد بل كذلك الجماعات. وبالطبع يوفر مثل هذا الحال طغيان السلبية والإقبال لأتفه الأسباب على ممارسة العنف داخل الأسرة وفي المجتمع وازدياد حدة الكراهية تجاه الأخر وعدم قبول الرأي الآخر وبالتالي رفض التعدد والاختلاف والتميز والممارسة الديموقراطية، وهيمنة الفكر السلبي المعادي لروح الابتكار والتفكير الحر، وانتشار ظاهر تكميم الأفواه والقمع الفكري وانتهاك حقوق الإنسان.
  • ما كانت النكسات والمصائب التي أصابت قضية فلسطين، ومنها حملة محاولات الاستيلاء الصهيوني على الأقصى، لتحدث لو لم تكن القضية قد فقدت مركزيتها في الحياة الفلسطينية، كما في الحياة العربية. المسئول الأول عن إضاعة مركزية القضية هم أهلها، ولاسيما القياديين المتمترسين على رأس شتى الفصائل الفلسطينية. هؤلاء جميعاً تحوّلوا من مقاومة إلى نظام، وبذلك لا يختلفون كثيراً عن أهل النظام في دول عربية وغير عربية .وهذا ما عبر عنه الكاتب اللبناني عصام النعمان عندما قال بأن الخروج من الحالة الكارثية التي يرزح تحتها الوضع الفلسطيني، يتطلّب استعادة مركزية القضية. استعادةُ المركزية تتطلب استعادة الوحدة الوطنية داخل الكيان الفلسطيني.. الشعب الفلسطيني بما أنه هو حارس القضية ومستودع القدرة على النهوض
  • نشر روح الكراهية والتمزق والتشرذم وتطبيق سياسة “فرق تسد” من خلال قيام أبناء الشعب الواحد بعدم تقبل أحدهم الأخر والتفريق على أساس الانتماء الحزبي وتراجع الروح الوطنية والاغتراب السياسي ونشر حالة من انعدام الآمن المجتمعي والسلم الأهلي والقمع والاضطهاد وغياب الثقة في القيادات التي تتسلط على رقاب الشعب، ومصادرة الحريات وإتباع النظام البوليسي القمعي والانقسام والشرخ العمودي في المجتمع ونشر روح الحقد والكراهية في المجتمع والانتقام والثأر وتوظيف المرافق العامة والمال العام لخدمة العمل الحزبي واستغلال المناصب.
  • كثير من الأحزاب والدكاكين السياسية التي تصل إلى الحكم في الساحة العربية وفي دول ما كان يسمى بالعالم الثالث توظف الموارد العامة لمصالح حزبية بل وتقوم بنهب المال العام لصالح الحزب والمنتمين والموالين للحزب أو الدكان السياسي. سواء الإذاعات والصحف وأجهزة الدعاية والإعلام والمنابر والمساجد (المساجد مقرات حزبية) والكنائس والجامعات والمدارس والوزارات والأراضي والمياه والكهرباء والوقود والمشاريع السكينة والعقارات وحالات السفر والعلاج والبعثات الدراسية والوظائف والتبرعات والمنح والمساعدات …..كل ذلك يكون في خدمة أبناء الحزب الحاكم.
  • يعيش أبناء ومنتمي الدكاكين السياسية على حساب الشعب ، فبدلا من أن تسهر الحكومة على راحة وخدمة الشعب ، على العكس ، على الشعب أن يسهر على راحة الحكومة ويدفع لها الضرائب بدون خدمات فعلية.. بل واجب الشعب أن يدفع المرتبات لموظفي الحكومة حتى تبقى متسلطة على الرقاب.. فالدكاكين السياسية في دول العالم الثالث تمارس فعليا شعار “يموت الشعب ..يحيا الحزب”. بل يصل الأمر أن يعتقل شباب من اجل تعبير على صفحات الفيس بوك. حيث تنتشر ظاهرة الانتهاك لحقوق الإنسان والاعتقال السياسي والانتقام الشامل في تدمير ممنهج للخصوم أو من يعتقد أنه من الخصوم.. لأن الأحزاب الديكتاتورية لا تعرف سوى قاعدة “من ليس معنا فهو علينا.

الأمثلة كثيرة والشواهد متعددة في مختلف المناطق المتخلفة من العالم.

 

الأمن القومي وأمراض العنانة السياسية والعقم السياسي في الواقع العربي Political Impotency  

الشخص العنين هو الشخص العقيم الذي لا ينجب.. والعنانة والعقم السياسي منتشرة كالفيروس في المنطقة العربية. العنانة عجز سياسي تمر به كثير من الفصائل والأنظمة والأحزاب..

العنانة والبذاءة السياسية وإتباع الأساليب الهابطة في الممارسة السياسية يقود في أغلب التجارب إلى ما نسميه بالعقم أو العنانة السياسية ، حيث من المعلوم أن الشخص العنين هو العقيم الذي لا ينجب . وهذا ينطبق على النظم السياسية التي تتبع أسلوب البذاءة حيث تصاب بالعقم السياسي ويتحول النظام إلى ساحة لاعبين فاشلين في ساحة الفشل السياسي والاقتصادي والإجتماعي والديني والقيمي والأخلاقي والقانوني..ويتحول الإفلاس السياسي إلى لغة الاتهام للآخرين ويتم محاولة لفت الانتباه عن الفشل الداخلي بافتعال وصنع الأزمات الداخلية والخارجية ..هذه الحالة تدل على أي نظام سياسي يعاني من العجز والفشل ينتهك حقوق الإنسان ويبرر كل أساليب القمع وتكميم الأفواه بنظرية المؤامرة. الأمثلة كثيرة على نماذج البذاءة السياسية ويكفي أن نتأمل الساحة الفلسطينية وتأمل الأوضاع في الوطن العربي.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى