دراسات أسيويةدراسات سياسية

من تاريخ الصين: ولنغتون كو ودوره في السياسة الصينية (1887-1939)

       المقدمة

نطاق البحث وتحليل المصادر

        لم يتمتع سوى القليل من الدبلوماسيين في العصر الحديث ببراعة في العمل الدبلوماسي أكثر من فلسفة وبراعة الدكتور ولينغتون كوو فالمدة نصف قرن من الزمن تقريبا، وهي عمر الجمهورية الصينية، كانت دبلوماسيته هي الأقوى  وصوته هو الأكثر احتراماً في الشؤون الخارجية، حتى انه لم يتأثر بتقلبات السياسة الصينية واضطراب الأحوال الداخلية للبلاد، إذ كانت غايته هو الدفاع عن حقوق الصين في المحافل الدولية ومحاولة إستعادة ما اقتطع منها، فضلاً عن إظهار بلاده بالمظهر الموحد والقوي على الرغم من الانقسامات والحروب الأهلية التي كانت تعاني منها، كما لم يستطيع حكام الصين سواء الذين حكموا في مدة الجمهورية بعد عام 1912 أو في أثناء سيطرة لوردات الحرب بل وحتى في الإنقسام الذي حصل بعد عام 1927 بين حزب الكومنتانغ والحزب الشيوعي الصيني الاستغناء عن جهود ولينغتون كوو الدبلوماسية.

       اشتمل البحث على مقدمة وثلاثة  مباحث فضلا عن الخاتمة وقائمة المصادر.

      جاء المبحث الاول ليتناول (حياة ولينغتون كوو الاجتماعية وبواكير نشاطه السياسي) اذ ان الحياة الاجتماعية والمؤثرات الفكرية الأولى له هي عبارة عن مزيج من التقاليد والثقافة الصينية والديانة الكونفوشيوسية ، فضلاً عن تعليمه الغربي وإتقانه فن المراوغة الانكلو- أمريكي وان هذه العناصر جميعها هي الأساس والقاعدة التي يستند عليها في تحقيق أهدافه من خلال عمله الدبلوماسي والتي تعكس في الوقت ذاته إخلاصه والتزامه تجاه وطنه.

اما المبحث الثاني ( دور ولينغتون كوو في المؤتمرات الدولية والاتفاقيات التي تناولت الشؤون الصينية ) فتطرق الى ترأس كوو وفد الصين في مؤتمر باريس للسلام عام 1919 ، ورفضه التوقيع على معاهدة السلام لأنها لم تتضمن استعادة الحقوق الصينية المتعلقة بإقليم شانتونغ الصيني أو إلغاء المطالب اليابانية الواحد والعشرين.

وكذلك كيف انتصرت دبلوماسية كوو في مؤتمر واشنطن البحري (1921-1922) على الاتفاقات السرية اليابانية مع الدول الكبرى وعلى الآلة العسكرية اليابانية بل وحتى على الدبلوماسية اليابانية أيضاً وذلك حينما تمكن في ذلك المؤتمر الذي ترأس به أيضاً الوفد الصيني من استعادة إقليم شانتونغ إلى الصين، فضلاً عن رفع القيود عن التجارة والتعرفة الكمركية الصينية.

إن انتصار كوو في مؤتمر واشنطن دفع الحكومة الصينية إلى إرساله للتفاوض مع روسيا فوقع معها عام 1924 الاتفاقية الروسية الصينية والتي تنازلت بها روسيا عن الكثير من إمتيازاتها للصين، فكانت تلك الاتفاقية نصراً آخر لدبلوماسية كوو.

في حين ان المبحث الثالث ( موقف ولينغتون كوو من الاعتداءات اليابانية على الصين 1931-1939) فبين موقفه من الاحتلال الياباني الاقليم منشوريا الصيني عام 1931 وكيف جعل عصبة الأمم تتبنى تقرير لجنة لايتون، الذي أدان الاحتلال الياباني لذلك الاقليم، ولم ينته الأمر على ذلك بل تمكن من خلال عمله كسفير في عواصم الدول الأوربية في حشد التأييد الدولي إلى قضية الصين وسلامة أراضيها من الاعتداءات اليابانية خلال الحرب الصينية- اليابانية 1937-1939.

هكذا عدّ كوو طوال نصف قرن تقريباً القوة الصينية وسلاحها الخارجي الذي تستطيع الصين الاعتماد عليه لصد الإعتداءات وإستعادة حقوقها في الوقت الذي كانت فيه تفتقر إلى السلاح والقوة العسكرية، كما عدّ كوو إنموذجاً للفلسفة السياسية الإصلاحية الصينية.

وكانت من الاهم المصادر المعتمدة في البحث هي :

  • وثائق وزارة الخارجية الامريكية Foreign Relation of the United States : والمتعلقة بالمؤتمرات الدولية وعلاقات الولايات المتحدة الامريكية الخارجية بالصين واليابان وابرزها :

1- Foreign Relation of the United States : The Paris Peace Conferencem vol. 5, Washington, Governoment Printing Office, 1946 .

2- F.R.U.S, Conference on Washington,12 November,1921,6 Febrwary, 1922,Washington,Government Printing Office,1922.

3- F.R.U.S. Papers Relation to the Forign Relation of the United Ststes 1922, Washington, Governoment Printing ,Office,1938,

والتي اوضحت مناقشات ولينغتون كوو في اروقة مؤتمرات باريس وواشنطن البحري وكانت مصدرا اساسيا في البحث.

2-الكتب الاجنبية:

1-Richard Dean Burns and Edward moor Bennett, Diplomats in Crisis: united Stste-Chinese-Japanese ,A B C,cilio press, 1974.

2- Chu Pa-chih,Acase Astudy of China,s Diplomat and Diplomacy,Chinese University Press, Hong Kong,1981.

3- Lionel Curtis,The Capital Question of China,Macmillian co Press, London 1932.

اعطت هذه المصادر اطارا مهما لدور ولينغتون كوو ومواقفه من الاحداث الصينية وكيف تفاعلت الدول الكبرى مع تلك الطروحات والموقف .

 

المبحث الاول: حياة ولينغتون كوو الاجتماعية وبواكير نشاطه السياسي

اولا- الولادة والنشأة والمؤثرات الفكرية الأولى:

إن التقاليد الاسرية الصينية إضافة إلى المبادئ والفضائل الكونفوشيوسية، كانت المؤثرات الفكرية الأولى التي عملت على بناء شخصية كوو وأفكاره، إذ أنه ولد من عائلة تمتهن التجارة في التاسع والعشرين من كانون الثاني عام 1887 في مدينة شنغهاي، وأسماه والده وي-جن كوو (Wei-chan Ku) ولكنه اشتهر في الاوساط الغربية  فاي كيون ولينغتون كوو (Vi Kyunin Wellington Koo) والذي اختصره الغربيون (V.K.Wellington Koo) ([i]).

أما والده فاسمه ( كوو جنغ) (Koo Jung) ، كان يعمل في دار للكمارك ودخل مدرسة ليلية خاصة لدراسة الكلاسيكيات الكونفوشيوسية ، وحين أصبح في السادسة عشرة من عمره  أي في عام 1870 تزوج من جيانغ فو – آن (Chiang fu-an) ( والدة ولينغتون كوو ) بعد ذلك أصبح رجلاً ناجحاً وفتح متجراً للمعدات في شنغهاي والتحق بفئة التجار في تلك المدينة ([ii]).

التحق ولينغتون كوو في المدارس الصينية الحكومية عندما كان في الخامسة من عمره أي في عام 1892، اذ انه أرسل إلى مدرسة ماسترﭽو الإبتدائية (Master Chu)،  وهناك بدأ بدراسة الكلاسيكيات الصينية، ككتاب أسماء العائلات المالكة في الصين وتاريخها وكذلك كتاب الكلاسيكيات الكونفوشيوسية ([iii])،  استمر بالدراسة في هذه المدرسة ستة اعوام حتى تخرج منها عام 1898([iv]).

كانت خلفية ولينغتون كوو العائلية وتثقيفه الطويل بالأدب الكونفوشيوسي خلال سنوات شبابه قد غرست في شخصيته صفات مثل الإخلاص والمثابرة وحبه الشديد تجاه والديه، وقد ظل مؤمناً بالكونفوشيوسية وعلى الرغم من تشبعه لسنوات بالثقافة الغربية داخل وخارج الصين، فضلاً عن دراسته للإنجيل إلاَ انه لم يصبح مسيحياً ابداً، ولقد بقي على ديانته الكونفوشيوسية([v]).

أما العامل الثاني الذي كان له الأثر في شخصية ولينغتون كوو، وهو تدريبه وتجاربه الغربية، فعندما كان في الثانية عشرة من عمره أصبح طالباً في مدرسة الإنكلو – أمريكية الثانوية في شنغهاي عام 1899، وهناك تعرف لأول مرة على مبادئ التعلم الغربية، بما في ذلك اللغة الانكليزية والرياضيات والفيزياء والجغرافية وحتى الرياضة ([vi]).

لم يستمر كوو في تلك المدرسة، اذ سجل عام 1900 في مدرسة بونسيا هيو- هياو، لرعاية الموهوبين في مدينة شنغهاي ، وبعد تخرجه منها التحق عام 1901 في جامعة القديس جون، وكانت هذه الجامعة قد تخرج منها كبار الدبلوماسيين الصينيين أمثال ( الدكتور ساو-كي، والفريد زي، والدكتور ين )([vii]).

أمضى ولينغتون كوو في تلك الجامعة ثلاث أعوام بعدها سافر عام 1904 إلى الولايات المتحدة الأمريكية وذلك للالتحاق بجامعة كولومبيا التي حصل منها عام 1908 على شهادة البكالوريوس في السياسة والقانون الدولي([viii]).

  لم يكتف ولينغتون كوو بهذه الشهادة، بل أكمل دراسته وحصل على شهادة الماجستير عام 1909 وبعدها على شهادة الدكتوراه عام 1912 وكلتاهما كانتا من جامعة كولومبيا وفي الإختصاص ذاته وهو السياسة القانون الدولي([ix]).

تعلم ولينغتون كوو الشيء الكثير عن أمريكا، من خلال مشاركته في نشاطات الطلبة بما فيها جمعية القلم الأزرق (Association Blue Pencial) وجمعية دلتا ابسلون (Association Delta Epsilon) وحصل على جائزة فيلو ليتشن (Philo Lescean) للآداب وميدالية كولومبيا-كوسيل للمناظرات قبل ان يتم انتخابه لفريق فارستي (Team Varsity) للمناظرات عام (1906-1907)، وكذلك عمل كمحرر في صحيفة سبكتيتر (Spectator) اليومية التي تصدرها جامعة كولومبيا ومجلة كولومبيا الشهرية ، وقام بتنظيم تحالف الطلبة الصينيين في أمريكا واتحاد الطلبة الصينيين للولايات الامريكية الشرقية ([x]).

كانت سنوات الدراسة والممارسة الطويلة لولينغتون كوو في اللغة الإنكليزية والمجالات التعليمية المختلفة في الصين وأمريكا قد جعلت منه متحدثاً بارعاً في اللغة الإنكليزية والصينية، كما كان التدريب الذي تلقاه في القانون الدولي والدبلوماسية على يد مفكرين عظام، مثل جون باسيت مور، قد طور لديه معرفته وأسلوبه في ممارسة الدبلوماسية الغربية الحديثة كما أتقن أيضاً فن المساومة الأنكلو- أمريكي، وأكتسب نهجاً واقعياً للتفاوض الدولي ([xi]).

بالنسبة للعامل الثالث الذي أثر على عمل ولينغتون كوو هو القومية (Nationalism) ، فقد تربى في الصين حيث رجالات القومية والوطنية النامية كانت تتصارع مع سلالة مانشو ([xii]) والقوى الإمبريالية ، اذ انه ولد بعد سنوات قليلة من الهزيمة الساحقة للصين في الحرب الصينية – اليابانية وتوقيع معاهدة شيمونوسيكي عام 1895 ([xiii])، وحين بلغ العاشرة من عمره أجبرت الصين على تأجير جزيرة لياوتونغ ( Island Liaotung) إلى روسيا ، وكياوﭽـاو (Kiaochow) إلى المانيا، وخليج كوانغ ـﭽـاو ( Golf Kwang-Chow) إلى فرنسا، وي هاو وي(wi Hau wie)، إلى بريطانيا العظمى([xiv]).

كان تقسيم ممتلكات الرجل المريض بدا أنه مسألة وقت فقط، وقد أدى فشل حركة اصلاحات المائة يوم ([xv])،إلى وضع حد لآمال المفكرين الوطنيين الصينيين لإجراء إصلاحات معتدلة في ظل الملكية الدستورية مما دفعتهم للتوجه بين ذراعي القوى الثورية الوطنية الصينية، بعدها جاءت الكارثة التي لحقت بحركة البوكسرز(Bcxers)([xvi]) ، والتي أجبرت الصين على توقيع معاهدات غير متكافئة مع الدول الأوربية، كل هذه الأمور قد أثرت بشكل كبير على الصبي الصيني ولينغتون كوو ذو الأربعة عشرة عاماً، اذ هبت المدن والمقاطعات في ثورة من الغضب الوطني، وقطع آلاف الشباب العهد على أنفسهم بتكريس حياتهم لإنقاذ الصين، وهاجر الكثير منهم إلى خارج البلاد للدراسة في أوربا واليابان والولايات المتحدة الامريكية من أجل استيعاب الأفكار الغربية والطرائق الغربية التي كان يعتقدون بأنها ضرورية من أجل تحديث الصين وكان الشاب ولينغتون كوو، هو واحد من هؤلاء([xvii]).

 لم تكن هناك في الصين مدينة أكثر تأثيراً وبشكل واضح من المعاهدات والإتفاقيات غير العادلة مثل مدينة شنغهاي، التي كانت في ذلك الوقت دولة داخل دولة وكان حق الملاحة داخل البلاد قد وضع كافة الصينيين في شنغهاي وبشكل مستمر تحت تهديد السلاح من جانب السفن الحربية الاجنبية التي تجوب بأعلامها في نهر هوانغ بو، وان الحاميات الأجنبية تضع كل فرد من سكان شنغهاي تحت رحمة جنود البحرية الأجانب، فضلاً عن سيطرة الأجانب على الكمارك البحرية الصينية ومكتب البريد ,اغلب المصانع والشركات الكبيرة قد جعلت من أغلب الشنغهانيين أقناً وعبيداً، كل تلك الظروف أثرت في الشباب الصينيين، وعلمتهم ضرورة تحمل الصبر ورباطة الجأش([xviii]).

كانت التجارب الشخصية في الطفولة قد أسهمت كثيراً في استياء ولينغتون كوو، من الاتفاقيات والمعاهدات غير العادلة، فعلى سبيل المثال، وبينما كان كوو طالباً في المدرسة الإنكلو- صينية عام 1899، احتار أن يجرب دراجته بالقرب من مضمار للسباق في شنغهاي، وكان ذلك في يوم السبت بعد الظهر، وقد صادف ان كان صبي بريطاني بعمره يركب دراجة أمامه وعندما تحرك الصبي إلى رصيف إسمنتي تبعه كوو ،وفجأة ظهر رجل شرطة هندي سمح للصبي البريطاني بالمرور، إلا أنه أوقف كوو، وقام بتسليمه إلى رجل شرطة صيني، أخذه إلى مركز للشرطة وكرد فعل لهذه المعاملة الجائرة احتج كوو عند ضابط الشرطة قائلاً : ” أنا لم أكن أعرف القواعد، ولم أقم سوى بإتباع الصبي الإنكليزي “، ولكن توضيحاته واحتجاجاته ذهب أدراج الرياح وتم تغريمه (خمسة يوانات)([xix]).

لقد إنعكست التعاليم الكونفوشيوسية والتقاليد الصينية والارتباط الأسري على حياة ولينغتون كوو الاجتماعية ، إذ أجبره والده على الزواج لأول مرة عام 1908 ([xx])، من فتاة لم يشاهدها من قبل تدعى شانغ (Chang)، فسافرت تلك الزوجة مع كوو إلى الولايات المتحدة الامريكية، لكن ذلك الزواج لم يستمر سوى عامين، فقد انفصل عنها عام 1910 ([xxi])، ولكن حسب التقاليد الكونفوشيوسية التي تذكر بأنه لا يجب أن يعيش الرجل بدون زوجة، تزوج كوو مرة ثانية عام 1913 من السيدة تانغ باو – يي   Tang-pao-yi) ) وهي ابنة رئيس الحكومة الصينية تانغ شاو-يي (Tang Shaio-yi ، لكن تلك الزوجة توفيت في مرض الإنفلونزا عام 1918، وتركت له طفلين الابن يدعى تيه شانغ (Teh-Chang) الذي ولد عام 1916 ،أما البنت والتي تدعى باتريكا غولدت عام 1918 ([xxii]).

في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1920 ، تزوج كوو للمرة الثالثة من السيدة هوانغ هوي- لان ( Huang Hui-Lan) في مدينة بروكسل، وقد أنجبت له طفلين، الأول عام 1922 ويدعى يوشانغ (Yu-Chang)، والثاني عام 1923 ويدعى فو شانغ (Fu-Chang) استمر هذا الزواج حتى عام 1956 ([xxiii])، إذ طلق كوو زوجته ليعود بعد ثلاث أعوام أي في عام 1959 ليتزوج السيدة ين يو – يانغ (Yen–Yuo-Yung) ([xxiv]) ، التي استمرت معه حتى وفاته في مدينة نيويورك عام 1987 ([xxv]).

ثانيا- إلتحاق ولينغتون كوو بالسلك الدبلوماسي والاطار العملي لسياسته:-

         في عام 1911 تم القضاء على امبراطورية المانشو وأعلن عن تأسيس الجمهورية في الصين ([xxvi]) ، فعاد الكثير من الطلبة إلى البلاد وهم متحمسين لتوظيف معارفهم الجديدة التي اكتسبوها في إحياء بلدهم، فتلقى ولينغتون كوو تلغرافاً من تانغ – شايي (Tang Shai-i) رئيس وزراء جمهورية الصين الجديدة، يدعوه للعودة للبلاد والعمل في  الحكومة ([xxvii]).

استقل كوو،أول باخرة عائدة إلى بلاده، فوصل إلى بكين في نيسان 1912، وقد رافقه رئيس الوزراء تانغ على الفور لمقابلة الرئيس يوان شيه كاي  (Yuan Shih-Kai)([xxviii]) ، فتم تعيينه السكرتير المتحدث بالإنكليزية للرئيس، وبذات الوقت عين في هيئة المستشارين التابعة لرئيس الوزراء تانغ، قضى كوو في هذه المناصب قرابة الأربعة أشهر، بعدها عين سكرتيراً متحدثا بالإنكليزية لدى وزير الخارجية ين (W.WYen) في آب عام 1912 ([xxix]).

جرت ترقية ولينغتون كوو في الخامس من تشرين الأول عام 1912 إلى مستشار في وزارة الخارجية الصينية، فعمل في اول مهمة رسمية له وهي اشتراكه في المفاوضات التي جرت مع البريطانيين بهدف التوصل على صيغة تفاهم بين الطرفين حول إقليم التبت الصيني ([xxx]).

إستمرت تلك المفاوضات إلى عام 1914، وتوصلوا إلى صيغة اتفاقية مؤقتة، تقضي  بعودة ذلك الإقليم إلى الصين مع إحتفاظ بريطانيا بإمتيازاتها الإقتصادية هناك([xxxi]).

قام الدبلوماسي ولينغتون كوو في ثاني مهمة له في مسيرته السياسية وذلك حينما قدمت اليابان عام 1915 ، مطاليبها الواحد والعشرين إلى الصين ([xxxii])، فرفضت الأخيرة توقيعها أول الأمر مما حذا باليابان إلى توجيه إنذار نهائي إلى الصين، على اثره قام وزير الخارجية لاو تسنغ- تسانغ (Lou Tseng-Tsiang) بجلب وثيقة الإنذار إلى المستشار كوو، الذي كان راقداً في المستشفى ببكين بسبب وعكة صحية وطلب منه صياغة إجابة باللغة الإنكليزية تقضي بالموافقة على تلك المطالب، فعمل كوو طوال الليل ووضع الصيغة الإنكليزية التي تضمنت الموافقة الصينية على المطالب الواحد والعشرين ([xxxiii]).

جرى ترشيح ولينغتون كوو من قبل نائب وزير الخارجية تساو جو- لين
(Tsao Ju-Lin) في الأول من تموز عام 1915، ليشغل منصب سفير جمهورية الصين في المكسيك وبعد ثلاثة أشهر وبينما كان في طريقه لتسلم منصبه الجديد، حدث تعديل على تعيينه ليصبح سفير الصين في الولايات المتحدة وكوبا ([xxxiv])، فشكل ذلك المنصب المحطة الأولى لكوو لتمثيل بلاده في الخارج وفي ذات الوقت كان ذلك المنصب بداية لعمله الدبلوماسي المتميز.

جاهد ولينغتون كوو، في تعزيز المصالح الوطنية للصين وكان الأساس لدبلوماسيته في الخارج مستمدة من تجربته الغربية وبيئته الاجتماعية وعلى العموم يمكن تحديد ثلاثة أهداف لدبلوماسية كوو في الخارج هي إلغاء الإتفاقيات والمعاهدات غير العادلة، ولاسيما المتعلقة بالموانئ الصينية المنتشرة على طول الساحل الشرقي والجنوبي الشرقي للصين، اما الثاني هو تعزيز التعاون والإصطفاف مع التحالف الإنكلو- أمريكي، في حين ان الثالث كان إيجاد دبلوماسية وطنية بعيداً عن النزاعات الداخلية والاحزاب([xxxv]).

حرص ولينغتون كوو عندما عمل ممثلا عن الصين في المحافل الدولية على تحقيق هدفه الأول والثاني وهي إلغاء الاتفاقيات الغير عادلة وتعزيز التعاون مع التحالف الأنكلو- أمريكي، وظهر ذلك واضحاً من خلال ترأسه الوفد الصيني إلى مؤتمر باريس للسلام عام 1919 ومؤتمر واشنطن عام 1921 (سنأتي على تناول دور كوو فيهما لاحقاً) وفي كلي المؤتمرين طرح كوو وزملاؤه مسألة إلغاء المعاهدات والاتفاقيات غير العادلة مع القوى الكبرى في الوقت الذي كانت فيه الصين ضعيفة وغير منظمة وتمزقها الحروب الأهلية لأكثر من ثلاثين عاماً (1916-1949)([xxxvi]).

كان لكوو دوراً أساسياً في استعادة عدد من الحقوق السيادية المهمة، ووضع الأساس لإستعادة حقوق أخرى، فضلاً عن تعزيز الوضع الدولي للصين، وتجسد كل ذلك حينما إحتلت اليابان إقليم منشوريا الصيني عام 1931 ([xxxvii])، حينها كان ولينغتون كوو وزيراً للخارجية فجرى إرساله إلى جنيف ليرافق لجنة لايتون التي عينتها الأمم المتحدة لدراسة الوضع في إقليم منشوريا ([xxxviii]) ، فأوصت تلك اللجنة في تقريرها بضرورة إنهاء الإحتلال الياباني، لذلك الإقليم وإعادته إلى الصين ([xxxix])، (سيتم تناول موقف كوو من العدوان الياباني في الصين لاحقاً).

عمل ولينغتون كوو عندما كان سفيراً لبلاده في باريس للمدة (1936-1940) تحقيق هدفه الثاني وهو التعاون والاصطفاف مع التحالف الأنكلو- أمريكي ، إذ طلب من المجتمع الدولي مساعدة بلاده للتخلص من الاحتلال الياباني الذي وصل إلى العاصمة بكين، وحينما اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939 ، بيّن كوو للأوربيين أن بلاده تقف معهم لأن هناك عدواً مشتركاً بينهم وهو اليابان الحليف الأقوى لألمانيا في أسيا، والوقت نفسه بعث رسالة إلى الرئيس الصيني تشانغ كاي شيك، حثه فيها على إعلان الحرب ضد ألمانيا وهو ما حدث بالضبط فأعلنت الصين عام 1939، اشتراكها في الحرب إلى جانب الحلفاء وقطع كافة العلاقات مع ألمانيا ([xl]).

إن الهدف الثالث لدبلوماسية ولينغتون كوو الذي حاول تحقيقه من خلال مناصبه التي شغلها في الداخل هو السمو فوق السياسات والأحزاب الداخلية، إذ كان كوو يعتقد بان على الصين ان تظهر امام القوى الأجنبية على أنها وحدة واحدة، وكان يؤكد على أن الإستقلال الإداري وسلامة الأراضي الصينية ينبغي أن تحل محل النزاعات الداخلية والمصالح الحزبية، فكانت شعارات مثل العمل من أجل الصين دون الإشارة إلى أي حزب سياسي  او العمل على إلغاء الاتفاقيات والمعاهدات غير العادلة، قد أصبحت بمثابة ثوابت في مبادئه الأساسية، لم يكن كوو محسوباً على أية جهة أو حزب، وان عدم انتمائه لأي طرف قد اعترف به حتى الشيوعيين الصينيون الذين كانوا على خلاف مع حكومة الكومنتانغ التي كانت تحكم الصين وما دامت الحكومة الصينية تكرس نفسها لخدمة الوطن فهو سعيد بالخدمة فيها ، إذ أصبح وزير الخارجية في حكومة بكين عام 1922 ، وشغل المنصب نفسه في المدة التي كانت فيها الصين تحكم من قبل أمراء الحرب ( 1926-1927)، ثم عاد وشغل هذا المنصب للمرة الثالثة عام 1931 ([xli]).

المبحث الثاني: دور ولينغتون كوو في المؤتمرات الدولية والاتفاقيات التي تناولت الشؤون الصينية :

اولا – دوره في مؤتمر باريس للسلام عام 1919.

         إنتهت الحرب العالمية الأولى في الحادي عشر من تشرين الثاني 1918، وبدأت دول الحلفاء المنتصرة في تلك الحرب التحضير لعقد مؤتمر للصلح في مدينة باريس لمناقشة قضايا ما بعد الحرب، وان انضمام الصين واليابان إلى جانب دول الحلفاء في الحرب، قد خولهما ذلك الاشتراك في المؤتمر المزمع عقده ([xlii]).

         كان كوو يشغل منصب سفير الصين في واشنطن ، لذا سافر إلى باريس في الخامس من كانون الثاني عام 1919 ([xliii])، وترأس الوفد الصيني المشارك في المؤتمر الذي كان يتكون من مجموعتين،أحدهما تمثل حكومة بكين في الشمال بعضوية كل من ليو تسنغ تسانغ (lou Tseng-Tsiang) الفريد زي (Alfred Sze) سفير الصين في لندن، أما المجموعة الثانية في الوفد فهي تمثل حكومة الجنوب في كانتون بزعامة صن يات صن وأهم ممثليهما سي واي وي (Sy-Wei) سي تي- وانغ (C.T.Wang)([xliv]).

         كانت مطالب الوفد الصيني تتركز على النحو الآتي ([xlv]):

  • سحب القوات الأجنبية من الصين.
  • إنهاء حقوق الحماية الممنوحة للأجانب.
  • إعادة جميع الأراضي الصينية المؤجرة ولاسيما ما كان مؤجرا الى المانيا وهي جزيرة كياوجاو واقليم شانتونغ.
  • استعادة الصين لحقوقها الكمركية.
  • إلغاء اتفاقية المطاليب الواحد والعشرين لعام1915

أما الوفد الياباني فقد مثله رجال السياسة اليابانيين وابرزهم الأمير كيموجي سيونجي (K.Saionji) مبعوث الإمبراطور ومستشاره ورئيس الوزراء السابق، ووزير الخارجية البارون تسنكن تيزكونت ما كينو (Tinkn T.Makino)، والكونت جاندا (Chinda)، والبارون ماتسوي (Matsuie)، والبارون كي ايجوين (K.Ijuin )([xlvi]).

كانت أهم مطالب الوفد الياباني، هي تأكيد سيطرة اليابان على كل من إقليم شانتونغ والمستعمرات الألمانية في الصين، فضلاً عن الحصول على الدعم الدولي حول المطالب اليابانية الواحد والعشرين التي قدمتها اليابان إلى الصين عام 1915([xlvii]).

افتتح المؤتمر جلساته الأولى في باريس في الثامن عشر من كانون الثاني عام 1919، وكانت أهم القضايا التي طرحها وفد حكومة الصين هي مسألة إقليم شانتونغ، الغني بموارده الاقتصادية والمعدنية، والذي استاجرته ألمانيا استأجرته من الحكومة الصينية في آذار عام 1898 ، ثم احتلته اليابان مع بداية الحرب العالمية الأولى بحجة وجود خطر يهدد مصالحها السياسية والاقتصادية من الجانب الألماني على الأراضي الصينية ([xlviii]).

طلب رئيس الوفد الصيني ولينغتون كوو في الثامن والعشرين من كانون الثاني عام 1919 من مجلس الأربعة ( إيطاليا، وبريطانيا، والولايات المتحدة، وفرنسا) استعادة الصين لأراضيها في شانتونغ لاسيما في كياوﭽـاو Kiao Chow ، وسكة الحديد في شانتونغ، وكافة الحقوق التي استولت عليها ألمانيا قبل الحرب ،إذ قال : ” إن هذه الأراضي هي جزء لا يتجزأ من الصين يسكنها 36 مليون نسمة، وإن محافظة شانتونغ التي تقع فيها كياوﭽـاو، وسكة الحديد هي مهد حضارة الصين، ومكان مولد كونفوشيوس، ومنشيوش والأرض المقدسة للصينيين، هي منطقة مكتظة بالسكان مما يجعلها غير مناسبة لجعلها مستعمرة ” ([xlix]).

    لكن وزير الخارجية الياباني البارون ماكينو ، رد على ذلك وذكر أن اليابان لها حيازة فعلية على إقليم شانتونغ بعد أن استولت عليها من ألمانيا، فضلاً عن أن الصين منحت اليابان امتيازات واسعة في إقليم شانتونغ حينما وافقت عام 1915 على المطالب اليابانية الواحد والعشرين والتي تضمنت المجموعة الأولى منها موافقة الصين على كافة التسويات التي تتم بين ألمانيا واليابان حول إقليم شانتونغ والممتلكات الألمانية الأخرى في الصين ([l])، كما بيّن مكينو أن الحكومة اليابانية كانت قد عقدت اتفاقية سرية مع رئيس الوزراء الصيني تو ان تشي جوين في الخامس والعشرين من أيلول عام 1918، الهدف منها تأييد مصالح اليابان في إقليم شانتونغ، في مؤتمر الصلح الي سيعقد بعد انتهاء الحرب، وبالمقابل فان الحكومة اليابانية تتعهد بسحب قواتها من إقليم شانتونغ إلى مدينة(تسنجتاو) ونشر قوات يابانية على طول سكة حديد شانتونغ، أما مسؤولية حماية المناطق التي سيخليها الجيش الياباني ، فستترك للسلطات الصينية، وان خط سكة حديد شانتونغ سيصبح في النهاية مشروعاً مشتركاً بين الصين واليابان مقابل قرض تقدمه اليابان إلى الصين، وقدره (40 مليون ين) ياباني لتمويل بناء خطوط سكك الحديد في المنطقة، وكذلك ستضع الحكومة اليابانية جميع الممتلكات والأموال العائدة من ذلك المشروع تحت رعايتها لحين تسديد الصين للقرض المقدم من اليابان، كما اتفق الطرفان على ان تبقى تلك المعاهدة سرية حتى اليوم الأول من انعقاد مؤتمر الصلح في باريس([li]).

      فضلاً عن ذلك اصطدم الوفد الصيني في التحفظ الذي تمسكت به كل من بريطانيا وفرنسا على مسألة إعادة إقليم شانتونغ إلى الصين، والذي تقف وراءه حكومة اليابان والمعاهدات السرية التي عقدتها مع تلك الدول للمدة (1916-1917) التي بموجبها تعهدت حكومات تلك الدول بمساعدة اليابان في مؤتمر باريس من خلال تأييد إدعاءاتها بشأن امتيازاتها في إقليم شانتونغ ([lii])، كما تفاجأ الوفد الصيني بموقف الحكومة الأمريكية وتحديداً الرئيس ولسن، الذي تخلى عن مبادئه الأربعة عشر، وسجل انحيازاً واضحاً للجانب الياباني، استناداً لاتفاقية لا نسنغ-أيشي ، التي وقعت في تشرين الثاني من عام 1917 والتي اعترفت بموجبها الولايات المتحدة الأمريكية بالوضع الخاص بين اليابان والصين ([liii])، لكن على الرغم من كل هذه المعوقات أزاء المطالب الصينية الا ان رئيس الوفد الصيني ولنغتون كوو أصر على الاستمرار بالمطالبة بحقوق الصين إذ بيّن أن الاتفاقيات التي عقدتها الحكومة الصينية مع اليابان كنتيجة للمطالب الواحد والعشرين عام 1915، والتي تعد باطلة لان الحكومة الصينية وافقت عليها من جراء التهديد الياباني ، وبما ان هذه القضايا قد نشأت من جراء الحرب، فهي في أفضل الحالات أمور وقتية وترتيبات مرحلية تكون عرضة للمراجعة النهائية للمجلس، كمااضاف كوو ” انه وحتى لو ان الإتفاقات والمعاهدات كانت صحيحة تماماً، فان حقيقة إعلان الصين الحرب على ألمانيا قد غير الموقف تماماً وجعل من هذه المعاهدات والاتفاقيات غير صالحة التطبيق الآن وبإعلان الصين الحرب ضد ألمانيا فان الصين قد عبرت بشكل واضح بأنه كافة المعاهدات والاتفاقيات التي أبرمتها الصين مع ألمانيا تعد لاغية بسبب حالة الحرب بينهما وبذلك فانه حتى لو كان عقد إيجار المقاطعة بين المانيا والصين لم ينته باعلان الصين الحرب ،فان المانيا ليس لها الحق بنقلها وتحويلها إلى أية دولة أخرى غير الصين، بسبب وجود بند واضح في العقد بعدم تحويل المقاطعة إلى قوة أخرى ” ([liv]).

وقد أشاد وزير الخارجية الأمريكي روبرت لانسنغ إلى أن كوو قد أقحم اليابانيون بمناقشته وجداله، حتى أنها تركت انطباعاً واضحاً على اليابانيين أنفسهم([lv])، وقال السكرتير الخاص بكوو إلى مؤتمر باريس للسلام بأن ” كوو كان مقنعاً وماهراً في إختيار كلماته وثابتاً في نبرته ” ([lvi]).

في الثاني من نيسان ، أبلغ كوو مستشار الرئيس ولسون الكولونيل ادوارد هاوس بأن الصينيين منذ البداية ” كانوا يفضلون المفاوضات المباشرة مع اليابان على أساس ان الغربيين لا يمكن الاعتماد عليهم بالدعم الفعال، فإذا لم تتلق الصين الدعم من القوى الغربية، فأن الشعب الصيني سيضع أمله في التعاون الوثيق مع اليابان” ([lvii]).

كما ذكر ولينغتون كوو بأنه أذا ما قامت الولايات المتحدة بدعم الصين فان القوى الرئيسة الكبرى ستحذو حذوها([lviii]) ، وأوضح كوو لـ لانسنغ أيضاً ” إذا ما تركنا اليابان في إقليم شانتونغ فهذا يعني أن نسمح لها بزيادة نفوذها بحيث تستطيع قادرة على السيطرة على شمال الصين، وبالتالي سيعرض الصين والمصالح الأجنبية للخطر” ([lix]).

دفعت مطالبات كوو هذه الرئيس الأمريكي ولسون أن يبين في الاجتماع الذي عقد في التاسع والعشرين من نيسان عام 1919، بأنه لا يعارض حقوق اليابان في إقليم شانتونغ، ولكنه يعارض مسألة فرض ذلك الأمر على الجانب الصيني، واقترح من جهته على اليابان تسليم الصين الحقوق المتعلقة بالسيادة الصينية كافة، والتي تتضمن مناجم الفحم والحديد وخطوط التلغراف وسكك الحديد، مقابل إعتراف الصين بالحقوق الإقتصادية لليابان في إقليم شانتونغ وتسنجتاو وكياوجاو ([lx]).

أما الوفد الياباني ، فقد رد موافقاً على مقترح الرئيس الأمريكي في الاجتماع المنعقد في الثلاثين من نيسان عام 1919، إذ ورد  ما نصه: ” إن اليابان مستعدة لتسليم إقليم شانتونغ إلى السيادة الكاملة للصين مع احتفاظها فقط بالإمتيازات الإقتصادية التي منحت لألمانيا في السابق ” ([lxi]) ، مما يعني ذلك سيطرة اليابان على إقليم شانتونغ اقتصادياً وليس عسكرياً.

فكان ذلك خيبة أمل لكوو وزملائه لاسيما حينما اتصل بهم الرئيس الأمريكي ولسون يوم الثاني من أيار وطلب منهم التخلي عن إقليم شانتونغ ،فأرسل كوو مذكرتي احتجاج من دون أن يحصل على أية إجابة ([lxii])، ونتيجة لذلك وفي الجلسة العامة للمؤتمر في السادس من أيار، سجلت البعثة الصينية رسمياً عدم موافقتها على قرار المؤتمر المتعلق بإقليم شانتونغ وابلغ كوو كل من هاوس ولا نسنغ ، على نية الصين توقيع الإتفاقية النهائية للمؤتمر بتحفظ، لكن أعضاء المؤتمر رفضوا ذلك على أساس أنه من المستحيل أن توقّع الصين على المعاهدة بتحفظ، فأما توقعها بالكامل أو لا توقعها  ([lxiii])، فالحلفاء لم يريدوا أن يضعوا سابقة لأن كلاً من ألمانيا ورومانيا كانتا قد طلبتا التوقيع بتحفظ، فاقترح كوو أن يكون التحفظ كملحق لمعاهدة السلام لكن هذا المقترح رفض ايضا، وبالنهاية قدم كوو مقترحاً أخر يقضي بإجراء تعديل على الصياغة العامة لمعاهدة السلام حتى لا يفسر بان توقيع الصين على المعاهدة يمكن أن يفهم على انه قد تم منعها من طلب إعادة النظر في مسألة شانتونغ في الوقت المناسب([lxiv])، لكن حتى هذا لم يكن مقبولاً لدى المؤتمر، وتحت الضغط المتزايد للرأي العام الصيني والتظاهرات التي عمت أرجاء البلاد ولاسيما حركة الرابع من أيار ([lxv])، رفضت البعثة الصينية الدخول إلى القاعة المؤتمر لتوقيع المعاهدة النهائية بالرغم من التوجهات الصادرة عن حكومة بكين للقيام بعكس ذلك، وبدلاً من ذلك انسحبت البعثة من المؤتمر وأعلن كوو للصحافة ” بأنه بسبب أنكار مؤتمر السلام لحق الصين في تسوية عادلة لمسألة شانتونغ فأن البعثة الصينية ترفع قضيتها للعالم لإصدار حكم غير متحيز بشانها”([lxvi]).

 غير مؤتمر باريس للسلام إلى حد كبير السياسة الخارجية الصينية التي تحولت بشكل جذري من سياسات مساندة لليابانيين كان قد أسسها الطلبة القادمون من اليابان، إلى مسار مساند للأنكلو- أمريكيين يرعاها دبلوماسيون يتكلمون باللغة الإنكليزية ومدربون في أمريكا، أبرزهم ولينغتون كوو الذي كان أول مبعوث صيني له كامل الصلاحية في التاريخ الصيني الحديث يتحدث بالنيابة عن بلاده في مؤتمر دولي مهم.

ثانياً- دوره في مؤتمر واشنطن البحري 1921-1922.

         أسفرت الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية التي اجريت عام 1921 عن فوز مرشح الحزب الجمهوري وارن هاردينغ (Warren G.hardin ، الذي سعى إلى عقد مؤتمر دولي يكون الهدف منه نزع السلاح البحري أولاً وتجريد اليابان من كل الإمتيازات والحقوق التي حصلت عليها من الصين بموجب قرارات مؤتمر الصلح في باريس عام 1919 ثانياً ، فضلاً عن مناقشة الأوضاع برمتها في الشرق الأقصى ([lxvii]).

بدأت أعمال المؤتمر في الثاني عشر من تشرين الثاني عام 1921، وإستمر حتى السادس من شباط عام 1922، وشاركت فيه كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية واليابان والصين فضلا عن دول اخرى([lxviii])، مثل الوفد البريطاني وزير الخارجية آرثر جيمس بلفور(Arthur J. Balfour) ،ومثل فرنسا رئيس الحكومة ارستايد برياند (Aristide Briand) ، وتراس الوفد الأمريكي وزير الخارجية جارلس هيجر (Charles Hughes) ورئيس لجنة الشؤون الخارجية لمجلس الشيوخ الأمريكي هنري كابوت لودج (Henry Cabot Lodge) والديمقراطي أوسكار اندروود (Oscar (Underwood([lxix]).

أما الوفد الياباني فكان على رأسه مبعوث الإمبراطور الأدميرال تومو سابورا كاتو (Tomo Saburo Kato)، والأمير ليستو توجوا (Lyesato Tokugawa) وزير البحرية ومبعوث الإمبراطور ماسينو شيديهارا (Masanao Shedehara)([lxx]).

في حين كان الوفد الصيني برئاسة وزير الخارجية ونائب الرئيس كوو، وعضوية كل من وزير العدل وانغ جو هوي (Wang Chung Hui) وسفير الصين في واشنطن الفريد زي (Alfred Sze) وهذا الوفد يمثل حكومة بكين فقط ، إذ رفض صن يات  صن، إرسال وفد كانتون إلى المؤتمر بسبب إعتراضه على مؤتمر باريس([lxxi]).

حرص رئيس الوفد الصيني كوو، على إستغلال هذا المؤتمر من أجل تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة، الأول الحصول على اعتراف دولي باحترام إستقلال الصين وسيادتها على أراضيها، الثاني إسترجاع إقليم شانتونغ من السيطرة اليابانية وهو ما كان كوو يسعى إلى تحقيقه منذ عام 1919،أما الثالث وهو تطور جديد في دبلوماسية كوو ، إذ خرجت من طابعها السياسي إلى الجانب الإقتصادي فتمثل بسعيه إلى رفع إيرادات الصين وتعرفتها الكمركية ([lxxii]).

حدد كوو أهدافه من خلال المذكرة التي قدمها إلى رئيس الوفد الأمريكي جارلس هيجز والتي تضمنت ([lxxiii]):

  • احترام سيادة الصين واستقلالها وسلامة أراضيها.
  • إتاحة الفرصة الكاملة للصين في إقامة حكومة فعالة ومستقرة .
  • استخدام القوى لنفوذها لغرض وضع مبدأ الفرص المتساوية للتجارة والصناعة لكل الأمم في الأراضي الصينية.
  • الامتناع عن استغلال الظروف في الصين لغرض الحصول على حقوق وامتيازات خاصة تؤثر على حقوق الرعايا الآخرين للدول الصديقة .

ابدى جارلس هيجز موافقته المبدئية على المذكرة واخبر كوو بانه سيعرضها للمناقشة مع بقية الوفود المشاركة في المؤتمر([lxxiv]) .

بعد ذلك عاد رئيس البعثة الصينية ولينغتون كوو، وطرح على اللجنة الفرعية في المؤتمر مسألة التعرفة الكمركية والعوائد ، إذ أعلن بأن النظام الكمركي الدولي الحالي في الصين، ينتهك حقوق سيادة الصين في تثبيت معدل التعرفة الكمركية كما ترغب ، وإقترح كوو ([lxxv]):

  • استعادة الصين لإستقلالية التعرفة الكمركية عند نهاية مدة محددة تتفق عليها القوى.
  • زيادة ضريبة التعرفة على الإستيراد إلى (12%).
  • الإتفاق على ترتيبات التعرفة الجديدة بين الصين والقوى الأخرى لتصبح الصين فيها حرة في فرض أية ضريبة قد تختارها على أية مادة مستوردة.

لاقت هذه المقترحات معارضة اليابان، التي بينت بأن تجارتها مع الصين تشكل الجزء الأكبر من تجارتها الخارجية وأن أية زيادة في التعرفة الكمركية سيكون له عواقب خطيرة على الصناعة اليابانية ([lxxvi]).

إزاء إصرار الطرفين على مطاليبهما تدخلت البعثة البريطانية الى جانب الوفد الصيني فتم تبني مقترح كوو، القاضي برفع التعرفة الصينية على الإستيراد بنسبة 12% والإتفاق على عقد مؤتمر في بكين عام 1925، يكون مخصصاً للنظر في مسألة التعرفة الكمركية ([lxxvii])، وبذلك يكون كوو قد وضع أساس ذلك المؤتمر الذي عقد في التاريخ المحدد له وهو عام 1925، وحضرت أغلب الدول التي شاركت في مؤتمر واشنطن وإتفق فيه على منح الصين إستقلالية في فرض التعرفة الكمركية على أراضيها وموانئها وذلك بحلول عام 1929 ([lxxviii]).

أما بالنسبة لإقليم شانتونغ، وهو الهدف المهم بالنسبة لكوو، فجرت خلال المؤتمر محادثات بين الوفد الصيني والياباني خلال شهر كانون الأول عام 1921 واستمرت إلى بداية شهر شباط عام 1922، واستغرقت ست وثلاثين جلسة حضرها إثنان من المراقبين الأمريكان وهما ماك ميري وادوارد بيل، فضلاً عن مراقبين بريطانيين ([lxxix]).

رفض ولينغتون كوو في بداية الجلسات المقترح الياباني في جعل سكة حديد شانتونغ مشروعاً صينياً – يابانياً مشتركاً بل إقترح أن تستعيد الصين جميع حقوقها عن طريق الاسترجاع أو دفع نصف المبلغ الكلي لقيمة السكة الحديد وتوابعها، وبعد ضغط انكلو- أمريكي مشترك وافق كوو على دفع قيمة الخط ،فضلاً عن المبلغ الذي صرفته اليابان فعلاً خلال مدة إدارتها للسكة وقد بلغ (66 مليون فرنك ذهب)، تم الاتفاق على صيغة تسوية للدفع وهي أن تدفع الخزينة الصينية الأموال خلال خمسة عشرة عاماً وتعيين محاسبين كبار من كلا الطرفين لمتابعة ذك العمل ([lxxx]).

كذلك اتفق الطرفان على تسويات أخرى حول إقليم شانتونغ ، وهي استعادة مقاطعة كياوﭽـاو ، المؤجرة وهي منطقة طولها (50 كيلو متراً) حول خليج كياوﭽـاون ونقل الممتلكات العامة المستخدمة لأغراض إدارية ضمن المقاطعة المؤجرة، وانسحاب القوات اليابانية من إقليم شانتونغ، خلال ستة أشهر، وإستعادة الرسوم الكمركية البحرية في تنسنكتاو مع السماح ببقاء إستخدام اللغة اليابانية هناك، فضلا عن ذلك، فانه يتوجب على الحكومة الصينية شراء المصالح الخاصة بالشركات والرعايا اليابانيين المتعلقة باستخراج الملح على طول ساحل خليج ﭽـاو ﭽـاو، وبسعر عادل مع حصة مضمونة يتم الاحتفاظ بها لتصديرها إلى اليابان وتم التوقيع على هذه الإتفاقيات في الرابع من شباط عام 1922 ([lxxxi]).

بذلك يمكن اعتبار هذه الاتفاقية بل المؤتمر برمته نصراً لدبلوماسية كوو والسياسة الصينية أجمع، إذ نجح كوو في إعادة إقليم شانتونغ وأن هذا الإنتصار هو بمثابة نصراً للدبلوماسية الصينية على الآلة العسكرية اليابانية من جهة ، وعلى دبلوماسية اليابان واتفاقاتها السرية مع الدول الكبرى من جهة أخرى.

وفي ختام المؤتمر تم توقيع في السادس من شباط عام 1922،على ما يعرف باتفاقية الدول التسع حول الصين وهذه الدول (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، بلجيكا، هولندا، البرتغال، اليابان)، وقد شملت هذه المعاهدة على الكثير من بنود المذكرة التي قدمها الوفد الصيني إلى المؤتمر بأريخ السادس عشر من تشرين الثاني عام 1921 ، إذ تضمنت المعاهدة الإتفاق على أمور عديدة منها : احترام سيادة حكومة الصين ووحدة أراضيها، واعتماد سياسة الباب المفتوح في الصين، وعدم إستغلال إنقسام الصين من أجل الإفادة للحصول على إمتيازات خاصة، والحرص على تطوير الصين سياسياً واقتصادياً ([lxxxii]).

يتضح مما تقدم أن المعاهدة هي عبارة عن نصرٍ آخر لدبلوماسية كوو، في الخارج إذ من خلالها تم إلغاء جزء كبير من بنود اتفاقية المطالب الواحد والعشرين عام 1915 ، كما أنه حقق في مؤتمر واشنطن ما عجز عن تحقيقه في مؤتمر فرساي، لاسيما ما يتعلق بإعادة إقليم شانتونغ.

ثالثاً- دوره فـي عقد الاتفاقية الروسية الصينية عام 1924.

          شكل هذا المبحث اختبار آخر لدبلوماسية ولينغتون كوو، تمثل في قدرته على تطبيع العلاقات بين الصين وروسيا، وكانت أهم القضايا المعقدة في تلك العلاقة هي مطالبة كلتا الدولتين بعائدية سكة الحديد الشرقية الصينية( سكة حديد منشوريا) والسيطرة على اقليم منغوليا الذي كان تابعا الى الصين ، وتعود كلا المشكلتين الى الحرب الصينية اليابانية عام 1894-1895 اذ طلبت الصين من روسيا القيصرية مساندتها في تلك الحرب وبالمقابل حصلت روسيا على امتيازات خاصة في سكة الحديد الشرقية الصينية واقليم منغوليا وعلى الرغم من هزيمة الصين في تلك الحرب الى ان روسيا بقيت تحتفظ بتلك الامتيازات، وحينما قامت الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 استغلت الصين ذلك لكي تعيد سياستها السابقة والحصول على حماية الروسيين ضد الضغط الياباني عليها مقابل السماح للروس بالاحتفاظ بامتيازاتهم في سكة الحديد واقليم منغوليا ([lxxxiii]).

         غير ان الصين في بداية عام 1919 انكرت على الروس تلك الامتيازات وإستعادت السيطرة على الأمور الإدارية والأمنية في السكك الحديد ، فقامت روسيا بأول تحرك لتحسين العلاقات مع الصين، فبعثت بممثلين عنها إلى الحكومتين الصينيتين في بكين، وفي كانتون عام 1919 والهدف من ذلك هو بدء المفاوضات لإلغاء المعاهدات غير العادلة بين الصين وروسيا القيصرية ([lxxxiv]).

         إستجاب ولينغتون كوو بحماس لفكرة إستعادت العلاقات الصينية الروسية وإلغاء الإتفاقيات غير العادلة التي وقعتها الصين مع روسيا القيصرية، وبدأ على الفور بإتصالات مع ممثلي الحكومة السوفيتية في لندن، وأرسلت وزارة الشؤون الخارجية الصينية برقية إلى كوو، تحتوي الشروط لفتح مفاوضات رسمية مع السوفيت وهي([lxxxv]):

  • أن يكون المبعوثون السوفييت ممثلين غير رسميين للشؤون التجارية، وليس ممثلين وارثين لقب وظيفة من وزير روسي سابق.
  • تمتنع البعثة الروسية من نشر الدعاية الشيوعية.
  • يعفى التجار الصينيون في روسيا من كافة الخدمات المفروضةعلى الاجانب وان لا تتعرض بضائعهم للمصادرة وأن لا تفرض على أي شخص صيني أية قوة او محددات.
  • تعويض الحكومة الروسية لاي مقيم صيني في روسيا وفقاً لتحقيق يقوم به مسؤولون صينيون وروسيون.

بدأ ولينغتون كوو محادثاته مع الروس في آذار عام 1924 ، وفي الرابع عشر من الشهر نفسه، توصل الطرفان إلى مسودة اتفاقية مُعدلة لتسوية المسائل بين روسيا والصين، ومسودة اتفاقية ثانية للإدارة المؤقتة للسكة الحديد في منشوريا ([lxxxvi]).

ونصت كلتا الوثيقتين ([lxxxvii]):

  • على عقد مؤتمر بين الصين والاتحاد السوفيتي حول المبادئ العامة لتسوية المسائل بين الطرفين وتنفيذ الترتيبات المفصلة.
  • إلغاء كافة المعاهدات والاتفاقيات بين الصين والحكومة القيصرية الروسية السابقة واستبدالها بمعاهدات جديدة على أساس المساواة .
  • الحصول على اعتراف الاتحاد السوفيتي بمنغوليا الخارجية جزء لا يتجزأ من الصين وسحب كافة القوات السوفيتية بوضع جدول زمني يتفق عليه الطرفان.
  • ان تصبح السكة الحديد في إقليم منشوريا ، مشروعاً تجارياً خالصاً تحت إدارة مشتركة بين الصين والاتحاد السوفيتي .

في الواحد والثلاثين من أيار عام 1924، وقع الدكتور كوو مع الجانب الروسي هذه الاتفاقيات([lxxxviii])، وان الفحص المتأني لها أي (الاتفاقيات الصينية الروسية)، يظهر بأن الصين استعادت من خلال دبلوماسية كوو وليس عن طريق الحرب العديد من حقوقها التي إقتطعت منها في الماضي.

المبحث الثالث: موقف ولينغتون كوو من الاعتداءات اليابانية على الصين 1931-1939

اولا – موقفه من الاحتلال الياباني لاقليم منشوريا الصيني عام 1931:-

         عاد ولينغتون كوو إلى الواجهة الدولية بعد الاحتلال الياباني لإقليم منشوريا في الثامن عشر من أيلول عام 1931 ([lxxxix])، وكان الانفجار الذي حدث في مدينة موكدين، والذي الحق الضرر في مقطع من سكة حديد منشوريا الجنوبية، مؤشراً إلى بداية هجوم وغارات للجيش الياباني انتهت باحتلال اليابان لإقليم منشوريا بأكمله وإعلانه دولة مستقلة وأطلقوا عليها اسم (دولة مونشوكو) واتخذوه قاعدة لشن هجماتهم على جميع الأراضي الصينية ([xc]).

         صعق وزير الخارجية كوو من احتلال اليابان لمنشوريا فطلب عقد مؤتمر دولي عاجل حول الحادثة وطلب من الحكومة الصينية في بكين والتي كانت برئاسة تشانغ كاي شيك اتخاذ الخطوات الآتية([xci]) :

  • رفع شكوى إلى عصبة الأمم للنظر في قضية الإحتلال الياباني لإقليم منشوريا.
  • إرسال وفد إلى اليابان للتباحث حول الموضوع.

امتثلت الحكومة الصينية لطلب كوو ، فرفعت شكوى إلى عصبة الأمم التي بدورها طلبت من الحكومة اليابانية في الثلاثين من أيلول 1931 أن تسحب قواتها من منشوريا ، لكن اليابان رفضت ذلك وهددت بالانسحاب من العصبة وهو الأمر الذي دفع العصبة إلى إرسال لجنة برئاسة اللورد لايتون لتقصي الحقائق في منشوريا ([xcii]).

عينت الحكومة الصينية كوو ممثلاً في لجنة اللورد لايتون، لذلك رافق اللجنة من شنغهاي إلى منشوريا المحتلة مخاطراً بحياته، وبين نيسان وآب من عام 1932 جمع هو موظفوه حوالي (25) مذكرة مطولة متعلقة بالعدوان الياباني على الصين، وقدمها مع زملائه إلى لجنة لايتون ([xciii]).

استندت لجنة لايتون على مذكرة كوو فضلا عن المشاهدات الميدانية التي قامت بها في منشوريا وقدمت تقريرها الى عصبة الامم في الرابع من أيلول عام 1932 ([xciv]).

ومن اجل ضمان زيادة الضغط الصيني داخل العصبة طلب رئيس الحكومة الصينية تشانغ كاي شيك من ولينغتون كوو السفر الى مدينة جنيف لحضور مناقشات القضية المنشورية داخل عصبة الامم([xcv]).

         كان الخلاف الياباني الصيني قد وضع تحت المناقشة في عصبة الأمم منذ التاسع عشر من أيلول 1931، وذلك عندما قدم ممثل اليابان يوشي زاوا، وممثلو الصين الدكتور ساو كي والفريد زي، القضية إلى المجلس([xcvi])، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لم تكن عضواً في العصبة، إلا أنها انخرطت في القضية بحيث أنه تم توجيه الدعوة لها لإرسال مبعوث عنها ([xcvii]).

         وبعد مناقشات أصدرت عصبة الأمم قرارها في الحادي عشر من آذار عام 1932 والذي أدانت به العدوان الياباني على منشوريا، اذ بين القرار انه ” من واجب أعضاء عصبة الأمم أن لا تعترف بأي موقف أو معاهدة أو اتفاقية تحدث بوسيلة تخالف ميثاق عصبة الأمم، أو معاهدة باريس ” ([xcviii]).

     ردت اليابان على القرار الاممي بأنها تقدم رسمياً اعترافها بـ (بمونشوكو) كدولة مستقلة ([xcix]).

         في تلك الأثناء نشرت العصبة تقرير لجنة لايتون في الثاني من تشرين الأول عام 1932 ([c])، الذي تضمن حلاً سلمياً للمسألة المنشورية ([ci])، ومن أجل مناقشة ذلك التقرير اجتمع أعضاء العصبة في الحادي والعشرين من تشرين الأول 1932فأدان ماتسواكا ممثل اليابان ، الذي حل محل يوشيزاوا التقرير ووصفه بأنه ناقص وليس له أساس من الصحة وأصر بان الصين ليست دولة منظمة، وقال بأن منشوريا، ليست بالضرورة أو بشكل طبيعي جزءاً من الصين، وان الجيش الياباني قد تصرف بحالة الدفاع الشرعي عن النفس في منشوريا، وان حركة استقلال منشوريا ليست من صنع الجيش الياباني ([cii]).

         عندها أجاب ولينغتون كوو، بمهارة مقتبساً من نتائج التقرير ” في ليلة الثامن عشر من أيلول لا يمكن أن يعتبر ما قامت به القوات اليابانية على أنه إجراء للدفاع عن النفس، وان خطة قد أعدت بعناية وتم تنفيذها بسرعة خاطفة وبدقة ” ([ciii]).

         ثم أشار كوو إلى أن اللجنة ترى ” بأن اليابان لم تنتهج وسائل السلام لتسوية مشاكلها العديدة مع الصين وانها احتلت وبقوة جزءا كبيرا من الاراضي الصينية ، وأعلنت عن استقلاله عن الصين، وهذا بلا شك مخالفاً لميثاق العصبة ومعاهدة القوى التسع “([civ])، بعد ذلك اتهم كوو اليابان بأنه بلد يعاني من الصعوبات المالية والاغتيالات السياسية، ولا يمكن وصفه مثالاً لدولة منظمة ([cv]).

         في الثامن والعشرين من تشرين الثاني عام 1932 ، وفي اجتماعه العاشر قرر مجلس العصبة بالإجماع (مع امتناع اليابان) بإرسال تقرير لايتون إلى الجمعية العامة، فأنكر ماتسوكا التهمة التي وجهت إلى اليابان بأنها قد نقضت الميثاق أو معاهدة القوى التسع او معاهدة باريس ([cvi]).

         تبنت الجمعية العامة تقرير لايتون بأكمله فأصدرت في الرابع والعشرين من شباط عام 1933 قراراً كان التصويت به بالإجماع ماعدا صوت معارض هو اليابان، أكد القرار بأن السيادة على منشوريا تعود إلى الصين وأن الجمعية لا يمكن أن تعد ما قامت به القوات اليابانية في موكدين وفي أماكن أخرى من منشوريا في تلك الليلة دفاعاً عن النفس، كما جاء في القرار أيضاً بأن ” الغالبية العظمى من السكان في منشوريا، تعتبر بعض المجاميع التي تنادي باستقلال منشوريا عن الصين ما هي إلا أدوات بيد اليابانيين ([cvii]).

       فكان رد اليابان على القرار بإعلان انسحابها من عصبة الأمم ([cviii]).

         أما ولينغتون كوو فكانت ردة فعله تجاه قرار العصبة بأن قال : “على الرغم من ان متطلبات العدالة قد تحققت في القرار، إلا أن الهدف الأساس لوجود العصبة وهو الحفاظ على السلام فهو بحاجة إلى تحقيق” ([cix]) ،وحث الأعضاء في العصبة إلى اتخاذ موقف فعال وموحد بما فيه إستخدام عقوبات إقتصادية ضد الطرف المعتدي وهو اليابان ([cx])، وهكذا نجح كوو في مهمته في عصبة الأمم ، وتم إدانة اليابان على إحتلالها لإقليم منشوريا.

ثانياً – موقف ولينغتون كوو من الحرب الصينية – اليابانية 1937- 1939:-

         بعدها برز دورٌ آخر لولينغتون كوو وذلك عندما بدأت الحرب الصينية – اليابانية الثانية وذلك في السابع من تموز عام 1937 ([cxi])، بهجوم ياباني ضد الجيش الصيني المعسكر بالقرب من العاصمة بكين، وعلى الفور أبلغت الصين الدول الموقعة على معاهدة القوى التسعة بالهجوم الجديد وقامت اللجنة الاستشارية في العصبة بحث أعضاءها الذين هم أطراف في معاهدة القوى التسعة للبدء في مشاورات واتصالات جدية، وأخيراً وبعد أربعة أشهر عقد مؤتمر القوى التسعة في بروكسل في الثالث من تشرين الثاني عام 1937 ([cxii]).

         قام ولينغتون كوو، الذي كان رئيساً للبعثة الصينية بإلقاء خطاب في المؤتمر متهماً اليابان بـ(الدبلوماسية المزدوجة) التي تجعل من أي مفاوضٍ عقيماً، وبين ان الصين ترغب بالسلام فقط، استناداً إلى مبادئ معاهدة القوى التسعة وعازمة على قتال المعتدي حتى النهاية، واختتم كوو خطابه بمناشدة الدول الموقعة على معاهدة القوى التسعة تقديم الدعم المادي لبلاده للاستمرار بمقاومة المعتدي وطلب منهم ايضا الإمتناع عن تقديم السلاح والمواد الأولية للدولة المعتدية ([cxiii]).

         لكن هذا المؤتمر لم يؤد إلى نتائج تدين العدوان الياباني لأن كل من بريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي كانوا مشغولين بتنامي الخطر الألماني في أوربا والمتمثل ببروز الرئيس الألماني هتلر وأطماعه التوسعية، في حين أن ألمانيا نفسها وإيطاليا امتنعوا عن إدانة حليفهم اليابان وفقاً للمعاهدة الثلاثية المعقودة بينهم في الخامس والعشرين من تشرين الثاني عام 1936 ، وكذلك الحال بالنسبة للولايات المتحدة التي أعلنت حيادها في المشاكل الدولية التي تثار خارج القارة الأمريكية ([cxiv]).

         واستناداً إلى ذلك كله قام المؤتمر (بتعليق جلساته) نهائياً في الرابع عشر من تشرين الثاني دون تحقيق أي إنجاز عدا تصريح بأنه ” ليس هناك أي سبب وجيه في القانون يقضي باستخدام القوة المسلحة من جانب أي بلد من أجل التدخل في النظام الداخلي لدولة أخرى ” ([cxv]).

         خلال عامي (1938-1939) استمر كوو في حث القوى الكبرى لمساعدة الصين والامتناع عن تقديم أسلحة أو مواد أولية ولاسيما الطائرات والكازولين لليابان، وأخيراً نجح كوو عندما أقر مجلس عصبة الأمم في الثلاثين من أيلول عام 1938 قرارا يقضي بفرض عقوبات اقتصادية ومالية ودبلوماسية وعسكرية على اليابان ([cxvi]).

         يتبين مما تقدم أنه كان لكوو دور متميزٌ آخر برزت فيه وطنيته وظهرت حنكته السياسية في الأوقات الصعبة ، ألا وهو حث الدول الكبرى على إدانة الاعتداءات اليابانية ضد الصين ، فضلاً عن عكس وجهة النظر الصينية الموحدة في الوقت الذي كانت فيه البلاد منقسمة وتمزقها الحروب الداخل                   

الخـاتمة والاستنتاجات

         كان ولينغتون كوو عراب السياسة الخارجية الصينية طوال النصف الأول من القرن العشرين، إذ حقق للصين من خلال دبلوماسيته الشيء الكثير وجعلها تقف وتختار الاتجاه الرابح في السياسة الدولية وان ما يمكن استنتاجه من خلال البحث ما يأتي:-

  • إن تعليم كوو الغربي لم ينسه عاداته وثقافته الصينية وظل متمسكاً بديانته الكونفوشيوسية التي استمد منها حبه لوطنه ودفاعه عن حقوقه.
  • تمكن كوو أن يظهر للعالم الخارجي الصين كبلد موحد، إذ كان ممثلاً لكل الاتجاهات الصينية من لوردات الحرب وشيوعيين فضلاً عن حزب الكومنتانغ والرأي العام الصيني المتمثل بالطلبة الجامعيين وفئات المجتمع الصيني ، فكان ذلك رمزاً للوحدة الوطنية.
  • نجح كوو في جعل الصين تقف إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وهو الاتجاه الرابح في السياسة الدولية في ذلك الوقت، إذ تمكنت الصين من ان تستعيد حقها وتضمن نظرة المجتمع الدولي لها على أنها إحدى الدول الكبرى على الرغم من حالة الانقسام التي كانت تعاني منها.
  • شارك كوو في مؤتمر باريس عام 1919 ودافع عن الحقوق الصينية التي اغتصبتها اليابان بسبب ظروف الحرب العالمية الاولى.
  • امتثل كوو لمطالب الشعب الصيني ورفض بصفته رئيس الوفد الصيني في مؤتمر باريس ان يوقع على الاتفاقية النهائية الخاصة بالمؤتمر التي اهملت فيها حقوق الصين
  • ان مهارات كوو الدبلوماسية مكنته من إقناع الدول الغربية في مساندة الصين في مؤتمر واشنطن البحري وضغطوا على اليابان وتم إرجاع إقليم شانتونغ إلى الصين.
  • نجح كوو في اقناع السوفيت ووقع معهم اتفاقية عام 1924 تضمنت التنازل عن الامتيازات التي كانت لروسيا في الصين ولا سيما مايتعلق بسكة حديد منشوريا .
  • ان كوو كان رجل الأزمات بالنسبة للصين إذ تم الاستعانة بدبلوماسيته كلما وقعت أزمة في ذلك البلد كما هو الحال في الأزمة المنشورية فقد نجح من خلال تمثيله للصين في لجنة لايتون التي أرسلتها عصبة الأمم في جعلها تتبنى قرار ندد بالاحتلال الياباني لإقليم منشوريا.
  • نقل كوو إلى المجتمع الدولي من خلال عمله كسفير لبلاده في العواصم الأوروبية ما كانت تعانيه الصين من اعتداءات يابانية وحرب غير معلنة من جانب اليابان على الصين.

([i]) Richard Dean Burns and Edward Moor Bennett, Diplomats in crisis: united stste-chinese-Japanese ,A B C,Cilio press, 1974,p.126.

([ii]) ولد كوو جنغ (والد ولينغتنو كوو) عام 1854 وكان يتيم الأب فقامت والدته برعايته ، تزوج 1870 من جيانغ فو (والدة ولينغتنو كوو) فأنجبت له خمسة أطفال ثلاثة أولاد بضمنهم ولينغتون كوو وابنتين.

Chu Pa-chih,Acase Astudy of china,s Diplomat and Diplomacy,Chinese University Press, Hong Kong,1981, P.11

([iii]) الكونفوشيوسية : هي فلسفة نادى بها شخص صيني يدعى (كون فوترو) أكدت على أهمية التعليم والأخلاق في تنظيم المجتمع، أعتنق الصينيون هذه الفلسفة ، واصبحت الدين الرسمي للدولة في عهد أسرة الهان 206ق.م ن للمزيد ينظر: جون كولر، الفكر الشرقي القديم، ترجمة كامل يوسف حسين، سلسلة عالم المعرفة، الكتاب رقم 199 ، المجلس الوطني للثقافة ، الكويت ، 1995، ص218-230.

([iv]) Richard Haward, Biographical Dictionary of Republicom China,Vol 2,   ColumbiaUniversityPress, New York ,1968,P.255.

([v]) Burns and Bennett,Op.Cit,P.127.

([vi]) Lionel Curtis,The capital Question of China,Macmillian co Press, London 1932,p.93.

([vii]) Curtis, , Op . Cit , p.93.

([viii]) Burns and Bennett,Op.Cit,P.127.

([ix]) http://en Wikipeda.org/wiki/Wellington Koo.

([x]) Burns and  Bennet,Op.Cit,P.256 ; Chu pa – chin , Op . Cit , p.42.

([xi]) Jonathan Clements,Makers of the Modren world,Hous publishing , ,London, 2000,p. 25.

([xii]) المانشو: قبائل مغولية استوطنت شمال الصين في إقليم منشوريا وقد استغلوا تردي الأوضاع الداخلية في عهد أسرة المينج (1368-1644) وقد نزحوا إلى داخل الصين واحتلوا العاصمة بكين عام 1644. للمزيد ينظر : نوري عبد الحميد العاني، تاريخ أسيا الحديث والمعاصر ، بغداد، 2006، ص4.

([xiii]) معاهدة شيمونوسيكي: وقعت هذه المعاهدة على أثر خسارة الصين في الحرب أمام اليابان عام 1895 والتي كانت أهم بنودها تنازل الصين من جزيرة فرموزا إلى اليابان والإعتراف بكوريا كدولة مستقلة، للمزيد ينظر : محمد نعمان جلال، الصراع بين اليابان والصين، 1986،ص14-18.

([xiv]) Harrisson Forman,Changing china , Macmillian co Press, NewYork, 1948, P.44-45.

([xv]) حركة الإصلاح المائة يوم : هي حركة تزعمها المفكر الإصلاحي كانغ يووي الذي قدم مذكرة إلى الإمبراطور كوانغ هسو لاصلاح شؤون الدولة فوجدت هذه المذكرة صداها عند الامبراطور فقرر القيام بحركة إصلاحات شاملة إستمرت مائة يوم من 11 حزيران – 21 تموز 1898،لكن التيار المحافظ بزعامة والدة الإمبراطور نزوهسي أفشلت تلك الحركة، للمزيد ينظر : سلسلة تاريخ الصين، الحركة الإصلاحية لعام 1898 ، ،دار النشر باللغات الأجنبية ، بكين، 1978.

([xvi]) ثورة البوكسرز: هي ثورة حدثت في الصين عام 1900 قادتها جماعة معادية للأجانب تطلق على نفسها القبضات المستقيمة فقامت هذه الجماعة بقتل الأجانب ومهاجمة سفارات الدول الأجنبية، أرسلت على اثر ذلك كل من بريطانيا والولايات المتحدة وروسيا والمانيا وفرنسا قواتها واحتلت بكين وأجبرت الصين على توقيع معاهدات غير متكافئة عرفت بمعاهدات بكين تنازلت بها الصين عن بعض جزرها وفرضت عليها غرامات مالية، للمزيد ينظر : فوزي درويش ، الشرق الأقصى، ترجمة حسين الحوت، القاهرة ، 1958 ، ص120-123.

([xvii]) Clements,Op.Cit,P.27.

([xviii]) Burns and Bennett,Op.Cit,P.129.

([xix]) Ibid.

([xx]) http://en  wikipedia.org/wiki//Wellington Koo.

([xxi]) Burns and Bennett,Op.Cit,P.148.

([xxii]) Haward,Op.Cit.p.256.

([xxiii])Ibid,p.257.

([xxiv]) Frances C.Lccher and Ann Evory ,Contemporary Authors ,Vol 81, Gale Reserch company press , London,1979, p.302.

([xxv]) http://en  wikipedia.org/wiki//Wellington Koo.

([xxvi]) تمكن زعيم الحركة الوطنية في الصين صن يات صن في تشرين الأول عام 1911 من قيادة عمال السكك الحديد والمناجم في ثورة عمت أرجاء الصين، غير ان قائد الجيش بوان شي كاي الذي أدى دور الوسيط بين الثوار والمانشو، قام بخطف الثورة اذ تنازل أباطرة المانشو عن العرش لصالحه فأعلن نفسه رئيساً لجمهورية الصين في 12 شباط عام 1912، مما إضطر صن يات صن خوفاً من انقسام البلاد إلى  الركون للأمر الواقع وعاد إلى كانتون، للمزيد ينظر: صفاء كريم شكر، السياسة الأمريكية تجاه الصين 1895-1931 دراسة تاريخية، أطروحة دكتوراه غير منشورة، المعهد العالي للدراسات السياسية والدولية، الجامعة المستنصرية 2005؛ فوزي درويش، المصدر السابق، ص149-154.

([xxvii]) Burns and Bennett, ,Op.Cit,P.129.

([xxviii]) يوان شي كاي (1859-1916) : ولد في قرية تشانغ يانغ من عائلة ريفية حاول دخول الخدمة المدنية لكن فشل في الامتحانات العامة فقرر الالتحاق بالجيش، تدرج في الرتب العسكريةحتى أصبح جنرال، كان له دور تثبيت النفوذ الصيني في كوريا ، تولى رئاسة الصين عام 1912، وبقي في هذا المنصب حتى فاته .

The New Encyclopedia ,Vol 12, Chicago ,2003,P.867.

([xxix]) Burns and Bennett, ,Op.Cit,P.129.

([xxx]) John V. A. Mamurray , Treuties and Agreement with concerning china 1849- 1919, Oxford university Press, New York, 1921, P.581- 582.

([xxxi]) Ibid: P.582.

([xxxii]) قدمت اليابان إلى الصين عام 1915 (21) مطلباً على شكل خمس مجاميع، تضمنت المجموعة الأولى تعهد الحكومة الصينية بالموافقة على الاحتلال الياباني للمستعمرات الألمانية في الصين، المجموعة الثانية تتعهد  الحكومة الصينية بتمديد عقد ايجار ميناء بورت آرثر الصيني وميناء دايرن وسكة حديد جنوب منشوريا إلى اليابان لمدة 99 عاماً، المجموعة الثالثة تكون شركات التعدين في الصين شركات مشتركة بين الصين واليابان، المجموعة الرابعة تتعهد الحكومة الصينية بعدم إيجار أي من أراضيها إلى أية دولية أخرى دون موافقة اليابان، المجموعة الخامسة تضمنت أحكاماً عامة. للمزيد ينظر: عفاف مسعد العبد، دراسات في تأريخ الشرق الأقصى،الإسكندرية ، دار المعرفة الجامعية، د.ت، ص166- 167.

([xxxiii]) Burns and Bennett,OP. Cit, P.129.

([xxxiv]) Ibid,p.129

([xxxv]) Clement, OP, Cit, P.42.

([xxxvi])  Curtis, OP, Cit, P132.

([xxxvii]) بير رونوفن، تاريخ القرن العشرين، 1900- 1948، ترجمة نور الدين حاطوم، سوريا، 1959، ص320.

([xxxviii]) Clements, OP, Cit, P. 30; Burns and Bennett, OP, Cit, P144.

([xxxix]) ج. ب. ديروزيل ، التاريخ الدبلوماسي في القرن العشرين، ترجمة خضر خضر، ج1، لبنان، 1985، ص191.

([xl]) Burns and Bennett, OP, Cit, P131.

([xli]) Clements, OP. Cit, P.51.

([xlii]) عبد الوهاب عباس القيسي وآخرون، تأريخ العالم الثالث 1914-  1945، بغداد ، د.ت، ص42؛ رياض الصمد، العلاقات الدولية في القرن العشرين، تطور أحداث ما بين الحربين 1914- 1945، ج1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت،  1980.

([xliii]) Chu pa – chih , OP, Cit, P.12.

([xliv]) بعد وفاة الرئيس الصيني يوان شي كاي عام 1916 ، إنقسمت البلاد وسيطرة على كل مقاطعة أو إقليم حاكم إقطاعي أو قائد عسكري (أمير حرب) امتدت هذه المدة إلى عام 1927 وأخذت تعرف بالتاريخ الصيني بفترة أمراء الحرب، كما ظهرت في الصين حكومتان احدهما في شمال الصين تعرف بحكومة بكين بزعامة فنك يوها سنك والجنرال المسيحي وو بي فو، والأخرى في كانتون بزعامة صن يات صن للمزيد ينظر:

Curtis, OP, Cit, P.122;

ميلاد المقرجي، تاريخ آسيا الحديث المعاصر ، منشورات جامعة قاريوس، بنغازي، 1997، ص122   .

([xlv]) Robert T. Pollard, Chinas Foreign Relations 1917- 1931, New York, Arra press lnc, 1970, P.185- 186.

([xlvi]) Herbert H, Gowen , An outline History of Japan, New York, 1927, P.384.

([xlvii]) Herschel Webb, An Introduction to Japan , New York, 1957, P.36.

([xlviii]) Wansz King, China at the Paris Pease Conference in 1919, Johns university , New York,  press 1961, P.8.

([xlix]) King,Op,Cit, P. 9- 10.

([l]) Ray Stannard Baker, Woodrow Wilson and world settlement, Double day, New York , 1923, P.229.

([li])  Foreign Relation of the United States : The Paris Peace conferencem vol. 5, Washington, Governoment Printing Office, 1946, P.405,  her after cited F.R.U.S.

([lii]) Malcolm D. Kennedy, Ahistory of Japan , London WeidenFeld and Nicolson press, 1963, P.233; Gowen, OP, Cit, P.387.

([liii]) عقدت اتفاقية لانسنغ ايشي في 2 تشرين الثاني عام 1917 بين وزير الخارجية الأمريكي روبرت لانسنغ والمبعوث الياباني إلى واشنطن الكونت ايشي، تضمنت الاتفاقية الاعتراف بحقوق اليابان الخاصة في الصين وتأكيد تطبيق سياسة الباب المفتوح . للمزيد ينظر:

Baker, OP, Cit, P.230;

عاصم محروس عبد المطلب وصلاح احمد هويدي، دراسات في تاريخ الشرق الأقصى الحديث والمعاصر ،مكتبة بستان المعرفة، القاهرة ،2003، ص164.

([liv]) Baker, OP, Cit, P.231 ; Robert T. pollard, OP, Cit, P.58.

([lv]) Robert Lansing, The peace Negotiation ,Houghton Mifflin co, press, Baston,1921, P.253.

([lvi]) Ibid .

([lvii])  King.Op.Cit.P.31-32.

([lviii]) Ibid,P.32.

([lix]) King.Op.Cit.P. 32.

([lx])  F.R.U.S. Paris Peace,Conference,Op.Cit.P.328-335.

([lxi]) Ibid ,P.363.

([lxii]) King,Op.Cit,P.55.

([lxiii]) Baker ,Op.Cit,P. 241.

([lxiv]) Ibid,P.57.

([lxv]) حدثت في الصين إحتجاجات واسعة على مقررات مؤتمر باريس قادها طلاب الجامعات ولاسيما جامعة بكين، وبعض المنظمات والحركات ذات الطابع الشيوعي وقد بلغت أوجها في الرابع من أيار عام 1919، طالب المتظاهرون بعدم المصادقة على مقررات مؤتمر باريس والغاء المطالب اليابانية الواحد والعشرين وإستعادة إقليم شانتونغ ، للمزيد عن الحركة ينظر : نوري عبد الحميد العاني ،تأريخ الصين الحديث 1516-1911، بغداد، 2003 ، ص34.

([lxvi]) king,Op.Cit.p.62.

([lxvii]) Westel W.willoughby,China at the conference Repart,Westport,Green wood press publishers,1922,P.14 ;Jan Thomson, The Rise of modern Asia ,London,1957,p.51.

([lxviii]) Ibid.

([lxix]) Paull Hibbert clyed ,the far East,Ahistory of the Impact of the West on Eastern Asia ,Second Edition, Orentice-Hall.press, New York, 1952,p.448.

([lxx]) Ibid ; Gowen,Op.Cit,P.393-394.

([lxxi]) Chu pu-chih,Op.Cit,P.34 ; O.Edmund Clubb,China in 20 century, Secned Edition, Columbia University press , New YorK, l972 , p.118.

([lxxii]) Ibid,P.36.

([lxxiii]) F.R.U.S, Conference on Washington,12 November,1921,6 febrwary, 1922,Washington,Government Printing Office,1922,PP.1621-1629.

([lxxiv]) willoughby,Op,Cit,P,55.

([lxxv]) F.R.U.S, conference on Washington,12 November,1921,6 february, 1922,Op,Cit, PP.558-564, 920-928.

([lxxvi]) Westel w,Willoughby,The Sino-Japanse controversy and the League of Nations, The Johin Hopkins , Baltimor ,press,1935,p.291.

([lxxvii]) Ibid,p.320.

([lxxviii]) Baltimor,op.cit,p.365.

([lxxix]) F.R.U.S. Papers Relation to the Forign Relation of the United Ststes 1922, Washington, Governoment Printing ,Office,1938,p.934-936.

([lxxx]) Willoughby, The sino-Japanese controversy and the league of Nations ,Op.Cit.P.686 ; Bertrand Russell ,The Problem of China ,3ed,London ,George Allen ltd,1972,P.151.

([lxxxi])F.R.U.S. Papers Relation to the Forign Relation of the United Ststes 1922 , Op.Cit,P.240 ;Willougbdy, china,s at the conference, Op.Cit,P.263-264

([lxxxii]) George w, Ketton,china the far East and the Future ,2nd , Stevens and Sons Limited, London, 1949,P.159; warner Levi, modern china Foreign Policy,Minneapolis, Minneapolis University Press,1953,p. 159.

([lxxxiii]) Ching Kai Shek,Sovcet Russia in china ,First printing , Farrar strous and cudany press, New York , 1958,P.16.

([lxxxiv]) Ibid,P.17.

([lxxxv]) Chu Pu-china,Op.Cit,P.56;  King ,Op.Cit,p.76.

([lxxxvi]) Ibid.

([lxxxvii]) Ching Kai Shek.Op.Cit,P.17.

([lxxxviii]) Ibid.

([lxxxix]) منشوريا هي جزء من أراضي الصين وهي موطن أسرة المانشو التي حكمت الصين للمدة (1644-1911)، وقد غدا إقليم منشوريا ميدان للتنافس الياباني – الروسي ، انتهى بقيام الحرب الروسية- اليابانية (1904-1905) انتصرت فيها اليابان وتم توقيع معاهدة بورت سموث التي انتقلت بموجبها جميع الامتيازات الروسية والامتيازات إلى اليابان ولاسيما خط سكة حديد جنوب منشوريا ، ومن خلال المطالب الواحد والعشرين عام 1915 أحكمت اليابان سيطرتها على منشوريا ووضعت فيها حامية عسكرية يابانية، لكن ذلك لم يرض أطماع اليابان بل بدأت تفكر في احتلالها لاسيما بعد وصول العسكريين إلى الحكم في اليابان عام 1928 فضلاً عما أصاب اليابان من خسائر فادحة جراء الأزمة الاقتصادية العالمية عام 1929 فبدأت تختلق الأسباب لاحتلال الإقليم فقام جنود يابانيين بتفجير خط سكة الحديد في مدينة موكدن فاتهمت اليابان الصين بهذه الحادثة واستغلتها لاحتلال الإقليم للمزيد ينظر: محمد علي القوزي ، حسان حلاق، تاريخ الشرق الأقصى الحديث والمعاصر ، بيروت ، 2001، ص140؛Wolfram Eberhard,A History of china ,London,1960,P.316.

([xc]) Richard storry ,A History of Modern Japan,London ,1970,P.187 ; Kenned , OP, Cit, P.261.

([xci])  Burns and Bennett, OP, Cit, P143.

([xcii])  Eberhard, OP, Cit, P.316.

([xciii]) Burns and Bennett , OP . Cit, P.144.

([xciv])  ديروزيل ، المصدر السابق، ص191.

([xcv]) Burns and Bennett, OP. Cit, P144.

([xcvi]) Kwnnedy, OP. Cit, P.262.

([xcvii]) Willoughby,The Sino-Japanse controversy and the League of Nations, OP, Cit, 89- 90.

([xcviii]) Ibid; Walter pheps and William stearm , the course of Europe since Waterloo , Fourth edition , New York, 1957, P.724.

([xcix])  F. R. U. S. , Japan 1931- 1941, OP. Cit P.103.

([c]) J. Hampden Jackson, The post- War world Ashart poitical Hictory 1918- 1934 ,Victor Gollancz Ltd, , London, 1935, P.325.

([ci])  أهم ما تضمن تقرير لجنة لايتون:

1-لا يمثل قيام مونشوكو التي تدعمها اليابان  رأي الأغلبية من سكان منشوريا.

2- عدم الاعتراف بالدولة الجديدة.

3- توصي بإعطاء منشوريا الحكم الذاتي ضمن السيادة الصينية.

للمزيد عن تقرير لجنة لايتون ينظر: رياض الصمد، العلاقات الدولية في القرن العشرين، ج2، لبنان، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ، 1983، ص341- 342.

([cii]) Jackson ,Op.Cit,P.320.

([ciii]) Burns and Bennett, OP, Cit. P. 145.

([civ]) Ibid.

([cv]) Willoughby,The Sino-Japanse controversy and the League of Nations, OP. Cit, P.371- 372.

([cvi]) Ibid . P.372.

([cvii])  F.R.U.S. , Japun 1931- 1941, OP, Cit, P.113.

([cviii]) Willoughby,The Sino-Japanse controversy and the League of Nations, OP, Cit 482.

([cix])  Burns and Bennett, OP. Cit 146.

([cx]) Ibid.

([cxi])  Clubb, OP, Cit, P.213.

([cxii]) F.C. Jones , Japans New order in East Asia Rise and Fall 1937 – 1945, Oxford university Press , Great Britain ,  1954, P.52.

([cxiii]) Burns and Bennett, OP.Cit ,P. 146.

([cxiv]) Jones , OP, Cit, P53

([cxv]) Kenned , OP, Cit, P280.

([cxvi]) Burns and Bennett, OP.Cit, P.14.

 

    م.د. صلاح خلف مشاي

جامعة بابل/ كلية التربية للعلوم الإنسانية 

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى