أخبار ومعلومات

هذه أحلام طلبة الجامعات الجدد

وردة نوري / نوال مسلاتي

يحمل المتحصلون الجدد على شهادة البكالوريا، ومع فتح التسجيلات النهائية واقتراب بداية الموسم الجامعي الجديد لسنة 2021-2022 ، طموحات وأحلام كثيرة بدخولهم  باب التعليم العالي بعد ثلاثة أطوار دراسية نظامية، تحولوا فيها من رتبة تلميذ يتلقى الدروس إلى طالب للعلم والاجتهاد للحصول على تكوين جيد قبل الدخول إلى عالم الشغل الواسعة معالمه، حيث تختلف طموحاتهم ما بين استغلال المرحلة لتحقيق أهدافهم في الوطن وتعلم اللغات وتكوينات أخرى، وبين السفر خارجا للحصول على دراسات عليا تفتح أمامهم آفاق النجاح والتميز.

 اختلفت آراء الجامعيين الجدد من المتحصلين على شهادة البكالوريا هذه السنة وفي زمن الوباء، والذين سيدرسون سنة أولى جامعي في مختلف الشعب والتخصصات بكل الجامعات والمدارس والمعاهد الوطنية، بين الاقتناع بالتخصص الذي تم اختياره على أساس المعدل، وبين الرغبة في تجديد تجربة امتحان شهادة البكالوريا للحصول على معدل يحقق تخصصهم الذي يحلمون به، وذلك لكون معدلاتهم لم ترتق إلى طموحاتهم، وبين اختبار شعبة تمكنهم من ضمان منصب عمل بعد الدراسة.

وذلك تفاديا للوقوع في تجارب الجامعيين السابقين وإحالتهم على البطالة المفروضة، والتي كانت أغلبها باستشارة من الأولياء.

وهنا يحلم البعض بدراسة جدية تصاحبها تكوينات جانبية تفيدهم مستقبلا، مع تعلم اللغات الأجنبية ووضع خيار التسجيل في الجامعات الأجنبية مستقبلا.

غير أن الإجماع بين كل الطلبة الجدد الذين تحدثت معهم “الخبر” كان يصب في خانة كون الجامعة باب جديد من الحياة تكون فيه المسؤولية والجدية أكبر وبداية صناعة الذات، وطريق فاصل لاختيار المستقبل وتحديد مساره.

ملاك وهديل “سنسعى للحصول على معدل أكبر”  

تذكر ملاك دواس، المتحصلة على شهادة البكالوريا من المحاولة الأولى، أنها كانت تطمح لتخصص معين لكن معدلها لم يسمح لها بذلك، حيث تستعد لاجتياز شهادة البكالوريا مجددا والحصول على المعدل الذي كانت تتمنى الوصول إليه، على أن تجتهد في دراستها الجامعية والتوفيق بين الجامعة والتحضير مجددا للبكالوريا.

كما أكدت أنها ستستغل كل جهودها من أجل تحقيق ما تريده وما يجعل والديها فخورين بها، مصرحة بأن الجامعة نقلة في حياتها فتحت أمامها باب المسؤولية والاعتماد على النفس، وشق طريق النجاح ورفض الفشل نهائيا،  قائلة “تم اجتياز عقبة البكالوريا والارتقاء إلى العلى، وسأصل إلى ما أريد بإذن الله”.

 من جهتها هديل عمراني، المتحصلة على شهادة البكالوريا شعبة العلوم التجريبية، بمعدل قارب 12 من 20، أكدت بدورها أن معدلها لم يسمح لها دراسة الشعبة التي كانت ترغبها وهي الطب، بسبب ارتفاع معدلات القبول.

وأضافت أنها ستسجل مجددا لاجتياز شهادة البكالوريا على أن تواصل دراستها الجامعية في سنة أولى شعبة البيولوجيا، التي قالت أنها تحبها وتملك ثقافة واسعة عنها، وستنهيها حتى وإن تحصلت على بكالوريا ثانية وبمعدل عالي، حيث ستعتمد على نفسها في دراسة تخصصين في وقت واحد دون عامل نقص أو غيره. وقالت أن الجامعة فرصة يجب أن يكون فيها الطالب واعيا في جميع النواحي وهي الانطلاقة نحو المستقبل.

الطالبة مريم برحال: “ميول للإعلام الآلي واختيار التصوير الطبي لضمان منصب عمل”

الطالبة الجديدة مريم برحال، قالت أنها تمكنت من اقتطاع تذكرة الولوج إلى الجامعة بمعدل 15.63، وحققت رغبتها الأولى في دراسة اختصاص التصوير الطبي ضمن تخصص شبه الطبي، ولم تتردد في وضعها في قائمة الاختيارات حتى وإن كان لها ميول نحو المدرسة العليا للإعلام الآلي، غير أنها فضلت تغيير الاختصاص كون العمل فيه مضمون.

كما يمكنها أيضا الحصول على دراسات أخرى والذهاب خارجا إذا كان المجال متوفرا، خاصة وأن هذا التخصص يحظى باهتمام كبير في قطاع الصحة.

وواصلت مريم حديثها لـ “الخبر” قائلة “لا أملك فكرة كبيره عن الجامعة، لكن لن أقضي 3 سنوات في دراسة دون الحصول على تكوينات أخرى وتعلم اللغات، لأن مستقبلي متوقف على حسب جديتي، ويمكن أن أكون ناجحة في دراستي وعملي مستقبلا أو في تخصص آخر”.

الطالبة هديل رابحي: “الجامعة ستفتح لي أبواب الطب وإمكانية السفر مستقبلا “

هديل رابحي التي تحصلت على معدل 16,87 أكدت أن ما حلمت به وثابرت من أجله طيلة سنوات عديدة برعاية والديها وأسرتها، قد بلغته، وهو حلمها أن تكون طبيبة تقدم خدمة للمجتمع بصفة عامة.

وقالت أن معدلها سمح لها بالتحصل على رغبتها الأولى وهي علوم طبية، حيث تستعد لدخول هذه الكلية بكل عزم لتصبح دكتورة مستقبلا وبتخصص يكون له فائدة على الجميع خاصة للنساء والأطفال، وهو تخصص أمراض النساء والتوليد أو أمراض القلب، كون الفئة المتضررة فيها هي كبار السن والذين عاشوا حياة صعبة مملوءة بالمشاكل، معرجة في قولها إلى أنه يمكن أن تذهب بهذا الاختصاص خارج حدود الوطن وتعود بتجرية مفيدة لأرض الوطن خدمة لبلدها.

وتواصل هديل أنها، ومنذ سنتها الأولى، ستحسن من مستواها في اللغات، حيث بلغت شوطا مهما في تعلم اللغة الإنجليزية وستدعم نفسها في اللغات الأخرى منها الفرنسية، مؤكدة أنها لن تتوقف عما بدأته من قبل على غرار حفظ كتاب الله، حيث ستختتم القران السنة القادمة كاملا إلى جانب ممارسة هواية الرسم والتصوير والتي تكون استكمالا لكل ما تريد تحقيقه في هذه المرحلة من شبابها.

“الجامعة أصبحت ملاذا يزيد من عمر الأزمة لدى الطالب”

قال الدكتور إبراهيم بوزيد، أستاذ محاضر بقسم علم النفس في جامعة أم البواقي، أن الإنسان يملك طموحا في الحياة يحقق من خلاله ذاته ويصنع به مستقبله، بل ويرى الحياة من خلاله، كما هو الحال لدى التلميذ والطالب وكذا الأستاذ والعامل والمسؤول. فكل واحد منهم يعتقد من خلال كل جهوده في الحياة أنه سيكون سعيدا ويملأ حياته التفوق والأمل.
يضيف محدثنا قائلا “الطالب المتحصل على شهادة البكالوريا تغمره السعادة وتغلب عليه مشاعر الانعتاق وكأنه صار اليوم حرا متحررا من الخوف من المجهول و من طريق قد يشقها نحو مصير لا يقدر على تحديده وضبطه، وهو الخوف من المستقبل هذا من جهة.”

ويضيف “والأخطر أنه سيعايش مشاعر الإحباط الذي يلي مشاعر الفرح المؤقت وعودة مشاعر التكبيل وخرافة الانعتاق من جديد، خاصة إذا لم يوجه نحو تخصص لم يرغب فيه، وكذلك بعد الولوج إلى عالم الجامعة الذي كان يتصور أنه يخلوا من كل تهديد”.

يقول الدكتور بوزيد أن الجامعة في الحقيقة أصبحت ملاذا هروبيا يزيد من عمر الأزمة ويؤخر الوقوع في عتبتها، كما أنه رضى بامتعاض واستسلام وعجز للواقع وهو عين الإحباط، وهو السر الذي من ورائه تعطلت وظيفة الجامعة، وبالتالي عزوف الطالب عن إنجاح مشروعها ومشروعه في الحياة، فينبغي، حسب محدثنا، إعادة النظر في فلسفتنا التربوية ومشروعنا التعليمي لتكوين مجتمع النخبة والطموح.

“الانتقال من المرحلة الثانوية نحو الجامعة حساس”

يقول الدكتور، بن بعطوش عبد الحكيم، أن المرحلة الانتقالية للطالب الناجح الجديد في شهادة البكالوريا تمتاز بالحساسية، وتعتبر بالنسبة إليه بمثابة مرحلة اكتشاف ودخول إلى محيط فيه الكثير من المتغيرات والعديد من المجالات والتخصصات لرسم طريق مستقبله.

لذلك فهي مرحلة متميزة في ذهنه وتفكيره وحتى في خياله، كونه انتقل من مرحلة التعليم الثانوي الذي يتسم نظام التعليم فيه بنوع من الانضباط والصرامة والتقيد في التلقين والتعليم، إلى مرحلة التعليم الجامعي الذي يتصف بالتحرر النسبي في نظام التعليم من خلال العمل الجماعي والتدريب العملي.

وفيها يشعر الطالب بالثقة والأمان والقوة ويتكون لديه التفكير الإبداعي، كل ذلك يساهم في صقل وتكوين شخصيته وتعزيز احترام الذات، أين يصبح مؤهلا لدخول سوق العمل.

ولأن مرحلة التعليم الجامعي، حسب محدثنا، تعد بمثابة محطة لاستكمال المراحل الدراسية حيث تعلم أساليب الحوار وتزداد قدرته على الاستيعاب والتفكير بطرق جيدة، والاعتماد على العقلانية واتخاذ القرارات ويكون له استقلالية ذاتية في التعليم وتحمل المسؤولية، لكن في هاته المرحلة الانتقالية بين التعليم الثانوي والجامعي، تصادفه محطات حاسمة متعددة تؤثر في توجيه مساره لاختيار التخصص، وكذا يشكل صورة أولية في خياله للمؤسسة الجامعية ومحيطها، حيث يصادف الكثير من الغموض في اتخاذ قرارات التوجيه، صعوبة إدارك مكونات الفروع والتخصصات، طرق التكوين والتعليم، آفاق المستقبل وسوق الشغل، والذي يساهم في رسم تلك الصورة في مخيلته.

ويقول الدكتور بن عطوش أن ذلك هو كلام بعض الطلبة الذين فشلوا فشلاً ذريعاً في الجامعة، وفشلهم ربما راجع لعدة أسباب، منها كونهم لم يجدوا من يوجههـم ويرشدهم وينصحهم.

ويضيف أنه بعد التحاقهم بالجامعة يكتشفون أموراً كثيرة غريبة عليهم لم يعهدوها في الثانوية وقد تغيرت عليهم، إضافة إلى بعض الأسباب الاجتماعية التي يعانون منها، خصوصا الذين يأتون من مدن بعيدة فتكون من أسباب تلك النظرة التشاؤمية.

فيبدأ التلميذ قبل أن يتحول وصفه إلى طالب، بالتفكيـر في الشعبة التي يريد أن يختارها ويتابع دراسته فيها، فنجد نوعين من التلاميذ، منهم من يختار متابعة دراسته الجامعية في تخصصات تركز على إحدى المواد التي كان متفوقاً فيها في الثانوي، فيرى أن تلك التخصصات ستكون سهلة بالنسبة إليه وبإمكانه التفوق فيهـا.

ونوع آخر يحاول البحث ويسأل عن تخصصات سهلة كي لا يجد صعوبات في نجـاحه في تلك التخصصات، فنجد الطلبة يسألون ويستفسرون حول الشعب الجامعية، فيطرحون أسئلة متعددة متعلقة بكل شعبة على حدى.

ومن بين تلك الأسئلة الشائعة: ما هي أسهل شعبة في الجامعة؟ وما هي مرتكزات كل شعبة؟ وما هي الشعبة التي لها آفاق أكثر للالتحاق بسوق الشغل؟ هل تعتمد هذه الشعبة على الفهم أو حفظ الدروس؟… كلها إرهاصات يصادفها الطالب الجديد للجامعة، خاصة في ظل ارتفاع معدلات القبول في معظم التخصصات المفتوحة في الجامعة، سيما تخصصات المدارس العليا التي تضمن فرص العمل.

وذلك بسبب ارتفاع عدد الناجحين في البكالوريا وتخفيض معدل النجاح في شهادة البكالوريا إلى 9.50، ناهيك على  نقص فعالية الأيام المفتوحة التوعوية للتعريف بالتخصصات، حيث تمت العملية عن بعد بفعل جائحة كوفيد 19، زيادة على غياب أدوات التوجيه والمرافقة في اختيار الرغبات والتخصصات التي تتلاءم مع طموحات الطالب وقدراته أيضا.

لذلك، فإن الطالب الجديد في حقيقة الأمر، لم يلامس بعد مكونات المؤسسة الجامعية ومتغيراتها، لأنه يتعامل مع مختلف نظم الجامعة عن بعد سواء في اختيار التخصص أو في التوجيه وحتى في التسجيلات النهائية.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى