دراسات سياسية

الثقافة السياسية الأمريكية والمصلحة الوطنية

عامر مصباح (جامعة الجزائر 3)
أثار قرار الرئيس الأمريكي ترامب إعلان انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس حول المناخ، تنديدا عالميا واسعا، بحيث ظهرت الولايات المتحدة معزولة عالميا؛ لكن ليست هي المرة الأولى التي تتخذ فيها الولايات المتحدة قرارات مأساوية وبشكل منفرد إذا قيّمت الإدارة الحاكمة أن ذلك يخدم المصلحة الوطنية الأمريكية وحدها. إذ أن قبل أربعة عشر عاما، اتخذت إدارة جورج بوش الابن قرار شن الحرب على العراق في 2003 بدون تفويض من الأمم المتحدة، ووسط معارضة شعبية عالمية من قبل الشعوب والحكومات (خاصة فرنسا وألمانيا)؛ وخرجت مظاهرات حاشدة في معظم العواصم الغربية في 14 فبراير 2003، إلا أن تلك الاحتجاجات الشعبية العالمية لم تثن إدارة جورج بوش عن غزو العراق في 19 مارس 2003، وتدمير بلد يتمتع بالسيادة الوطنية والعضوية في الأمم المتحدة.
إن مفهوم “المصلحة الوطنية” متجذر في الذهنية والثقافة السياسية الأمريكية التي تمتد جذورها إلى بدايات تأسيس المجتمع الأمريكي في حد ذاته، المكوّن من المهاجرين الأوربيين والمنفيين والسجناء المطاردين من قبل الحكومات الإقطاعية في أوربا. قام أولئك المهاجرون عبر قرنين من الزمن بإبادة شعب كامل كان يقطن العالم الجديد، من أجل السيطرة على السهول الكبيرة في الغرب الأمريكي وحقول المعادن وغيرها من الامتيازات التي كان يزخر بها العالم الجديد. طيلة تلك الفترة، لم يعترف المهاجرون بالشعب الهندي إلا في المقبرة أو المحتشدات.
الحقيقة أنه لم يكن للمجتمع الذي تكوّن في تلك الناحية من العالم، هوية قومية، دينية، عرقية، او ثقافية موحدة؛ ومن ثم، لابد من إيجاد هوية مشتركة لهذا الخليط من الشعوب والأعراق تتأسس عليها دولة الولايات المتحدة؛ فتم التوصل بعد الثورة الأمريكية إلى تحديد ثلاث عناصر لتشكيل هذه الهوية وهي: الدستور، المصلحة الوطنية، وأخيرا اللغة الإنجليزية.
الفكرة المستخلصة، أن روح الثقافة السياسية الأمريكية تملي على السياسة الخارجية ان تصيغ اهدافها وتحدد أولوياتها بناءً على إملاءات المصلحة الوطنية وليس المصلحة العالمية أو أي شيء آخر؛ وهذا ما يساعد على تفسير قرار شن الحرب على العراق عام 2003 أو قرار الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ في يونيو 2017.

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى