أخبار ومعلومات

القانون الدولي الأنساني وإحتضار حقوق الأنسان  في مفهوم السلطة السياسية

قلم الدكتور عذاب العزيز الهاشمي

إن إحتضار القانون الأنساني في مفهوم السطلة  السياسية والهيمنة لدول الشمال توكد انة عندما تكون السلطة السياسية تشكل حضورا دوليا ضمن معايير الموازين الدولية التي إستمدت قوتها من الهيمنة السياسية وفق مبدا المصالح وإستغلال لشعوبها ضمن منطق سياسة الأمر الواقع الذي سوف يتكفل بديمومة مصالحها في العالم مهما إصدمت بالقانونين الناظمة لحياة البشر منها قوانين التمييز العنصري وقوانين الحقوق السياسية والأقتصادية وحقوق الأنسان, من هذا المنطلق بدا إحتضار القانون الدولي الأنساني نتيجة السلطة السياسية غير الأنسانية , الواقع أن كل سلطة سياسية تطرح نفسها، في بورصة الشرعيات السياسية,  وبالتالي  فإن الشرعية الدولية، ومنذ عصبة الأمم، تدعي كالشرعية السياسية، الحق في احتكار ممارسة العنف, وهي تعتبر تجاوزها للتعصب القومي نحو قيم ومبادئ جامعة فوق قومية مصدر مصداقيتها وأساس تلاؤمها مع الوضع الدولي, من هنا واجبها الدائم في خلق هذا الاعتقاد، حرصا على عدم إيجاد حالة تعارض بين العدالة والشرعية, بتعبير آخر إلغاء الشرعية بفعل تعارض مسيرتها مع عدالة دولية نالت مصداقية أعلى في القلوب وفي العقول، الأمر الذي يضعنا أمام احتضار سريري للشرعية الدولية ويفتح الطريق لولادة شرعية جديدة على أسس مختلفة.

وقد تثبت مع حق النقض مفهوم رهن حقوق الشعوب برضا القوى العظمى.

فمثلا كان في قرار تقسيم فلسطين وتوزيع أراضيها على دولتين عربية ويهودية بإرادة سامية شمالية في القرار 181 لعام 1948 تحيزا كاملا لدول الشمال المهيمن.

وإن كانت الأمم المتحدة قد تداركت حماقتها الأصلية في قضية الصين، فهي لم تزل أسيرة الفيتو، ولم تزل أيضا تجتر الأخطاء، حتى لا نقول الجرائم، منذ 58 عاما، في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية, لا شك بأن صيرورة المشرق العربي منطقة نفطية هامة، وضعف الثقة البنيوي في العقلية الغربية بالعربي والإسلامي، قد خلقا قناعة سائدة بأن إسرائيل قاعدة عسكرية نافعة، باعتبارها غير قادرة على العيش دون دعم الدول الغربية, حيث شكلت حقبة الحرب الباردة العصر الذهبي لشرعية دولية كانت تبحث باستمرار عن مصداقية الحد الأدنى، باعتبار هذه المصداقية هي الشرط الأول لمحدودية توظيف الأمم المتحدة من هذا المعسكر أو ذاك, وكان لانهيار المعسكر السوفياتي أن فتح الشهية للمنتصرين الجدد بإعادة رسم خريطة العالم وفق مصالحهم أولا، فكانت التجمعات المدنية في العالم الطرف الأول المناهض لتوجه كهذا.

كما جرت نقاشات معمقة حول ضرورة تعزيز ترسانة الشرعة الدولية لحقوق الإنسان لمواجهة السياسة الأميركية التي بات هاجسها الأول البناء الإمبراطوري أكثر منه التنظيم الجماعي للعلاقات الدولية, صارت ازدواجية المعايير تثير الاشمئزاز، ولم يعد عند جماهير واسعة من بلدان الجنوب، في أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، أي دافع لاحترام ما لا يحترم وتقديس المدنس وطاعة الطغيان الدولي باسم قرارات مجلس الأمن, وبالتالي كان عام 1993 قمة هذه النشاطات المدنية والحقوقية، حين تبنى مجلس الأمن قرارات لجنة حقوق الإنسان المتعلقة بإنشاء محاكم جنائية دولية خاصة بيوغسلافيا ورواندا، وإنشاء مفوضية سامية لحقوق الإنسان، والتقدم في حقوق البيئة, بالمقابل، كانت الولايات المتحدة الأميركية تعد العدة لإعادة تنظيم الاقتصاد العالمي على أساس تعزيز هيمنتها وتثبيت قواعدها في الخليج والجزيرة العربية، وممارسة عقوبات تأديبية رادعة بحق الكثير من الدول في المنطقة العربية, كذلك كانت تقوم بالتأسيس لمفهوم مرن للشرعية يسمح لها باعتماد بنيات موازية لكل ما ينتجه المجلس الاقتصادي والاجتماعي من قواعد قانونية وخلقية لا تنسجم مع عملية إعادة بناء موازين القوى على الصعيد العالمي، إضافة إلى دعم وتعزيز السلطات السياسية الحليفة للولايات المتحدة، وبغض النظر عن أسلوبها في ممارسة الحكم، ديمقراطيا أو تسلطيا, بل يمكن القول إنه بالرغم من كل السياسات المعلنة للإدارات المتعاقبة حتى اليوم، آثرت الولايات المتحدة سد الطريق على الإرادات الشعبية الحرة انطلاقا من أن نشوء رأي عام من العيار الثقيل، ونظم ديمقراطية ذات مجتمعات مدنية فاعلة في بلدان الجنوب، يشكل خطرا حقيقيا على مشروعها للهيمنة, لذا جرى تعزيز وأقلمة مبادرة قمة السبع الأغنى في العالم التي تعود لعام 1975 لتشمل روسيا بعد السوفياتية، وتأسيس منظمة التجارة العالمية, ورغم أن مبرر وجود حلف شمال الأطلسي لم يعد قائما، باعتباره الحلف العسكري الوحيد اليوم، فقد جرى تعزيزه وتقويته, بدأ إذن مفهوم الشرعية الدولية، بمعنى قرارات الأمم المتحدة، بالتآكل أولا بأول، مع غياب احترام قراراتها من قبل الدولة المدللة من الغرب (إسرائيل).

ان معركتنا اليوم في تعزيز دور مؤسسات الأمم المتحدة التي لم ترتهن بعد لقرار الإدارة الأميركية والمنظمات شبه الحكومية التي تحترم الشرعة الدولية لحقوق الإنسان باعتبار أن الوضع البشري لا يسمح بعد بتجاوز هيئة الأمم المتحدة , لقد صارت ازدواجية المعايير تثير الاشمئزاز، ولم يعد عند جماهير واسعة من بلدان الجنوب، في أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، أي دافع لاحترام ما لا يحترم وتقديس المدنس وطاعة الطغيان الدولي باسم قرارات مجلس الأمن, بهذا المعنى نبصر احتضار الشرعية الدولية بمفهومها الراهن، باعتبارها لم تعد التمثيل الصادق للإرادة الجماعية على الصعيد العالمي.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى