نظرية العلاقات الدولية

النظرية الواقعية الجديدة

نبدأ هذا البحث مع ثالث أكبر وجه للواقعية في القرن 20م وهو الواقعي الجديد كنيث وولز الذي عمل على وضع نظرية nomonologico déductive للسياسة الدولية انطلاقا من قناعته أن طبيعة النظام الدولي هي التي تحدد طريقة تصرف الوحدات السياسية المكونة له.
يرجع كنيث وولز في كتابه الرجل، الدولة والحرب man, the state and Warحالة الحرب إلى الهيكل الفوضاوي للنظام الدولي أكثر من إرجاعها إلى طبيعة الإنسان أو إلى تصرفات الدول بطريقة منفردة حيث يقول أن “الحروب تندلع لأنه ما من شيء يمنعها”.
ترجع نظرية السياسة الدولية لـكنيث وولز إلى كتابه الذي يحمل نفس الاسم والذي نشره سنة 1979م والذي جاء كرد فعل عن الانتقادات التي تعرض لها المنظور الواقعي من طرف أصحاب التيار السلوكي والمقاربات التي لا تعتمد على مركزية الدولة أثناء النقاشين الثاني والثالث بحيث اجتمع الكل على انتقاد عدم استقلاليةالعلاقات الدوليةعن العلوم الاجتماعية، في حين اتهمهم السلوكيون بعدم علمية أطروحاتهم كما أشار الماركسيون إلى الدور الذي يلعبه الفاعلون غير الدوليون.
وولز قام بالاقتباس من أكثر العلوم الإعلامية وهو علم الاقتصاد نموذج السوق ليطبقه على السياسة الدولية كما انتقد ما أسماها بـالنظرية الاختزالية والتي تعمل على تفسير السياسة الدولية انطلاقا من المستوى التحليلي الأول أي طبيعة الإنسان وشخصية الحكام، أو المستوى الثاني المتعلق بالدولة وموقعها الجغرافي وطبيعة نظامها السياسي الداخلي، بحيث يقول أن الأخذ بعين الاعتبار هدين المستويين يكون ضروري في حالة ما إذا أردنا تحليل سياسات الدول الخارجية ليس إذا أردنا تحليل السياسة الدولية وسلوكات الدول بطريقة مجردة عن عامل الزمان والمكان، لذا يعتمد وولز أثناء شرحه للسياسة العالمية على المستوى التحليلي الثالث وهو النظام الدولي والذي قسمه إلى ثلاث مبادئ رئيسية وهي: مبدأ التنظيم، مبدأ التمييز و مبدأ التوزيع.
أ. مبدأ التنظيم:
يتعلق بالحالة العامة للنظام ومثله مثل آرون يقول بالاختلاف الراديكالي بين النظام السياسي الداخلي الذي يتميز بوجود سلطة مركزية تمتلك وتهيمن على وسائل القهر المادية الشرعية، وبين النظام السياسي الدولي الذي تنعدم فيه هذه الهيئة بحيث يقول في كتابه Theory of Intpoliticsالأنظمة الدولية هي أنظمة غير مركزية وفوضوية في حين الأنظمة الداخلية تكون مركزية وعمودية، لذا فالمبادئ التنظيمية لكلا الهيكلين تختلفان ويتضادان”.
هذه هي النقطة الوحيدة التي يلتقي فيها مع آرون ففي المبدأ الثاني.

ب. مبدأ التمييز:
لا يمنح فيه وولز أي اعتبار للنظام الداخلي للدولة في السياسة الدولية، بحيث يرى أن الهيكل الفوضوي للنظام الدولي يجعل من كل وحدات هذا النظام أي الدول تتصرف بطرق متشابهة، بحيث أن الفوضى التي تطبع النظام الدولي تدفع كل دولة إلى البحث عن أمنها والحفاظ على بقائها قبل أن تنتقل إلى أي هدف آخر تسطره في سياستها الخارجية كالقوة أو الرخاء الاقتصادي كما أن كل دولة لا تعتمد إلا على نفسها self help من أجل تحقيق أمنها حيث يقولوولز أنه “من أجل تحقيق أهدافها والحفاظ على أمنها لا يجب على أية دولة أن تعتمد إلا على نفسها فهذا هو المبدأ العملي في نظام فوضاوي يعني أن كل دولة مطالبة بموازنة قوتها مع كل الدول ففي النظام يعمل فيه كل فاعل بماتمليه مصلحته هو نظام يعيق الدول التي لا تتعاون من الرخاء والأمن هذا الشيء هو الذي يدفع الدول للإتحاد والتعاون من أجل تحقيق توازن للقوى.
بعبارة أخرى بينما يرى آرون أن الفوضى تؤدي إلى تعدد الأهداف بالنسبة للدول بسبب اختلاف أنظمتهم الداخلية والقيم التي يدافعون عنها فان وولز يضع مفهوما للنظام الدولي بطريقة مجردة أي بغض النظر عن الأنظمة الداخلية كما يرى أن ذلك يؤدي إلى تكوين هيكل دولي ينظم التصرفات الخارجية للدول (هذه الرؤية حول الهيكل الدولي التي تفرضها الفوضىالدولية يرجع الفضل في وضعها إلى جون جاك روسو الذي يرى أن الصائد البدائي يفضل مصلحته الأنانية على المصلحة الجماعية ليس لأن طبيعته تفرض عليه ذلك مثلما هو الحال عند هوبز، بل بسبب الحالة الطبيعية التي يوجد فيها والتي تفرض عليه هذا النوع من التصرفات ذلك أنه لا يمكنه أبدا التأكد من النية الطبيعية للآخر بسبب انعدام سلطة عليا تعاقب كل من خرج عن بنود العقد).
السؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن القول بأنه لا يوجد إلا نوع واحد من الأنظمة الدولية نظرا لأن كل دولة تتصرف بنفس الطريقة؟ الجواب هو “لا” لأن المبدأ الثالث.

من إعداد : صابر آيت عبد السلام .

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى