بوجنوي، خولة والعربي، حجام. 2020. مدرسة فرانكفورت و الاغتراب : ماركيوز نموذجا. المستقبل العربي،مج. 42، ع. 491، ص ص. 101-121.
أسس فلاسفة عصر التنوير للفكر الأوروبي الحديث مشروعا فلسفيا جديدا يتسم بطابع ثنائية البعد الإنساني بصورة تشكلت في وحدة كلية شاملة لم يسبق لها مثيل، وبخاصة عند رواد الفلسفة الغربية. هذه الثنائية تتجلى في وحدة الذات والموضوع، الروح والطبيعة، الفكر والوجود، كما جعلت من العقل والوعي والعلم كلها قوی تؤسس إمكان إدراك العالم اللامتناهي على النحو الذي تمتد عبره إرادة قوة الإنسان الحديث الذي شرع مند مساره التاريخي في غزو كل ما هو موجود بغية امتلاكه والسيطرة عليه، إلى أن تجاوز كل العقبات والحدود التي تواجه الوعي الذاتي للإنسان وإرادته، ذلك أنه أصبح بفضل التكنولوجيا قادرة على تغيير كل شيء في حياته وعمل على تأنيس الطبيعة وتسخيرها لخدمته.
لكن هذا الإنسان الذي راح يمتلك العالم ويسيطر عليه بدأ يفقد ذاته نتيجة توصله إلى تحقيق الحضارة التي أراد أن يشيدها – الحضارة المادية – كما بدأ يخسر نفسه حينما توصل إلى قتل نفسه وكبت إرادته بحرية ما صنعه لأنه مزج بين شيئية الحضارة وبين قيم ومعايير الذات الإنسانية، حتى أصبحت علاقته بحضارته يحكمها مبدأ واحد هو الاضطرار إلى التعامل معها والذوبان في معطياتها. هذا المبدأ جعل من الإنسان يعيش من غير التجانس مع منتجات عالمه الجديد ( الحضارة الصناعية المتقدمة)؛ نظرة إلى ما تفرزه من شعور بالخوف من مخاطر هذا التقدم الكفيل بأن يهدد مستقبل الجنس البشري، بما في ذلك من القلق والتوتر والحيرة تجاه هذا الانفجار العلمي الذي ولد فيه الشعور بالاغتراب الشامل في ظل هذه الحضارة. وفي خضم..
