تحليل النزاعات الدوليةدراسات عسكرية

أثر التقنيات العسكرية الحديثة في تنامي الصراعات المسلحة

عمر هاشم ذنون

مدرس مساعد / قسم العلاقات الدولیة/ کلیة العلوم السیاسیة/ جامعة الموصل

مجلة دراسات اقلیمیة, السنة ١٣, العدد ٤٠, الصفحة ٢٧٩-٣٣٦

 یرجع تاریخ تطور التقنیات العسکریة الحدیثة إلى نهایات القرن العشرین ،إذ  ظهرت الاختراعات والاکتشافات العلمیة الکبیرة والمتقدمة التی حاز الجانب العسکری منها المجال الاوفر فی انتاج الاسلحة والمعدات والأدوات الخاصة بالصراع المسلح وشمل اصناف القوات المسلحة البریة والجویة والبحریة ،فضلاً عن الاتصالات عبر الفضاء والتطور الکبیر فی انتاج السلاح النووی واسلحة التدمیر الشامل ،الى جانب صناعة التقنیات المتناهیة الصغر سواء فی المجال العسکری ام غیره. فقد أصبحت صفة التغییر فی عالم الیوم من السمات التی یتمیز بها عالمنا المعاصر وذلک بفعل التطورات العلمیة والتقنیة  المتلاحقة فی شتى میادین الحیاة والتی ترکت آثارها أیضاً على مجمل التفاعلات الدولیة لا سیما فی المجال العسکری فقد أصبح تطویر القدرات العسکریة یستند إلى التطور التقنی الهائل الذی اصبح المتحکم الرئیس فی مختلف التطورات الدولیة ،وإن انتاج هذا الکم الهائل من المعدات والأسلحة الحربیة إنما یدین بالکثیر لما تم إنجازه وابتکاره من أسلحة فرضت الحاجة إلیها المتطلبات القتالیة للحرب العالمیة الثانیة ،وکما تدین التقنیة العسکریة الحدیثة فی تطورها المعاصر لعلوم الطبیعة والکیمیاء والالکترونیات أساساً ،حیث العقل البشری وإنجازاته على الصعد کافة والعسکریة خاصة.

اهمیة البحث:

    تأتی اهمیة البحث من أن تطور التقنیات العسکریة التی ادت دوراً متزاید الأهمیة فی تعزیز قوة الدولة وتحدید موقعها فی هرم القوى الدولیة وقدرتها على التأثیر فی السیاسة الدولیة لاسیما فی مسألة مکافحة الارهاب والتنظیمات المسلحة والمتطرفة. حیث تغیرت طرق ووسائل الحرب ،ولم تعد تجری فی مساحات محدودة انما اصبحت تدار فی مدن مأهولة واماکن ضیقة او فی انفاق تحت الارض أو فی العالم الافتراضی وغیرها.

اشکالیة البحث :

    ان الدور والتطور المتزاید للتقنیات العسکریة بدأت له انعکاسات خطیرة تمثلت بالامتلاک والتصنیع فی بعض الحالات لهذه التقنیات المتطورة من قبل الجماعات والتنظیمات المسلحة والمتطرفة واستعمالها لتهدید امن وحیاة وسلامة الشعوب والدول. ما زاد من صعوبة ملاحقة هذه الجماعات والتخلص منها ،وبالرغم من ذلک مازالت القوى الدولیة تخوض تنافساً قویاً فی زیادة انتاج وتطویر هذه التقنیات من خلال المیزانیات الضخمة التی ترصد لها. فضلاً عن الابحاث المعلنة وغیر المعلنة بهذا الجانب.

فرضیة البحث :

    تنطلق فرضیة البحث من ان تطور التقنیات العسکریة الحدیثة له دور کبیر وفعال فی مفاهیم الحرب الجدیدة لاسیما الحرب على الارهاب، حیث شهد العالم ویشهد سباقاً وتنافساً کبیرین بین القوى الدولیة فی هذا المجال. لکن السؤال، هل ستتمکن القوى الدولیة من ضمان عدم وصل هذه التقنیات بید التنظیمات المسلحة؟ وهل سیشکل تهدید حیاة وامن الشعوب ایقاف او ابطاء التنافس الدولی فی تطویر وانتاج التقنیات العسکریة؟

منهجیة البحث :

    لأثبات الفرضیة والإجابة عن التساؤلات المطروحة تم الاستعانة بالمنهاج الوصفی لوصف التقنیات العسکریة وتطورها والمنهج الاستدلالی الاستنباطی للکشف عن العلاقة بین تطورها واثرها على امن الشعوب والمنهج التحلیلی لتحلیل ایجابیات وسلبیات هذا الدور، وکذلک الاستعانة بالمنهج التاریخی لاستعراض تطور التقنیات العسکریة عبر التاریخ من اجل إثبات فرضیة البحث من عدمه.

هیکلیة البحث:

    بعد تحدید اهمیة واشکالیة وفرضیة البحث ،ومن اجل الشروع بالکتابة تم تقسیمه الى اربعة مباحث ومقدمة وخاتمة. حیث تطرق المبحث الاول لاستعراض تاریخی لتطور التقنیات العسکریة .اما المبحث الثانی فقد حاول التعرف على نماذج من التقنیات العسکریة الحدیثة . فی حین بین المبحث الثالث الأثار السلبیة للتقنیات العسکریة الحدیثة. اما المبحث الاخیر فقد خصصناه للتعرف على التنافس الدولی فی مجال التقنیات العسکریة الحدیثة.

 

المبحث الأول: استعراض تاریخی لتطور التقنیات العسکریة

     إذا نظر المرء فی التاریخ القریب من التطور والتقدم التقنی لاسیما فی الجانب العسکری منه ،وما صیغ حوله من افتراضات بشأن التغیر التقنی ومدى امکانیة التکیف معه سیجد هنالک قوة تشکیلیة کبیرة من هذا التقدم والتطور فی جانبه العسکری على مستوى الحرب نجاحها أو إخفاقها. إذ بدأنا نشاهد العدید من اشکال التقنیة العسکریة البریة والجویة والمائیة من اسلحة عالیة الدقة فی اصابة الاهداف الى صواریخ موجهة الکترونیاً واخرى باللیزر([١])، وطائرات بدون طیار(*). اذ توجد أکثر من (٨٠) دولة فی العالم تستخدم منظومات جویة من دون طیار للأغراض العسکریة. کما ان هناک اکثر من (٦٥) دولة تنتج هذه الطائرات وتصدرها، فضلاً عن ما اتاحته التقنیات الحدیثة من وسائل الاتصال الحدیثة التی تم الاعتماد علیها عسکریاً فی مواجهة التنظیمات والمجامیع المسلحة([٢]). 

      تعد الحرب العالمیة الأولى أول استثمار عملی لتسخیر العلوم فی التقنیة الحربیة على نطاق واسع بفضل ما وفرته الثورة الصناعیة الأوروبیة من قدرات إنتاجیة کبیرة حملت العبء الأکبر منها الآلة والإنتاج الصناعی الکمی الذی تنتجه الصناعة الآلیة. ما أعطى للحرب العالمیة الأولى الامتداد والاتساع فی الزمان والمکان بفضل تنافس جانبی الصراع کل على حده، لتسخیر قدراته من الإنجاز العلمی والتقنی فی الحرب. فکان استخدام المدافع الرشاشة والغازات الحربیة أی(الغازات الکیماویة) والتی اعتبرت فی الفکر العسکری الحدیث اداة ردع جدیدة. فضلاً عن الدبابات والطائرات کأمثلة ونماذج ناشئة فی بدایة سلّم استخدام العلم لإنتاج أدوات الحرب، وباندلاع الحرب العالمیة الثانیة قام طرفی الصراع وحلفائهم بجمع العلماء لإجراء العدید من البحوث العلمیة من اجل الوفاء بمتطلبات الحرب. فعلى سبیل المثال سخرت الولایات المتحدة الأمیرکیة نحو(٣٠ الف)عالم ومهندس لهذا الغرض کما أعطت ألمانیا النازیة القدر نفسه من الاهتمام للبحوث العلمیة والتقنیة الحربیة([٣])،وکذلک باقی القوى الدولیة ما کان له اثر کبیر فی بدایة تطور الانتاج العسکری بشکل عام واثر هذا التقدم التقنی على الامن القومی بشکل خاص.  

اولاً – أثر التقدم والتطور التقنی عسکریاً

١-   تطور وظهور منجزات تقنیة حربیة عدیدة ومتمیزة فی مجال الطیران النفاث والرادارات والمدافع الآلیة والدبابات والألغام المغناطیسیة والطوربیدات البحریة والصواریخ(F١/F٢) البدائیة التی تطورت فیما بعد الى صواریخ عابرة للقارات واخرى رائدة للفضاء. ثم عملت الولایات المتحدة الامریکیة على انتاج القنبلة الذریة والتی القتها على مدینتی ناکازاکی وهیروشیما فی الیابان لتنتهی الحرب العالمیة الثانیة(*) ،ولیبدأ بعدها عصر جدید تمیز بانطلاق العلم لتحقیق قفزات هائلة من التقدم والتطور الإنسانی فی المجالات کافة([٤]).

٢-   استقطب العلم بعد الحرب العالمیة الثانیة کلاً من الولایات المتحدة الامریکیة والاتحاد السوفیتی القوتین العظمیین. فتنافستا لتحقیق التفوق العلمی والتقنی الرادع ،والذی یحمی نظام کل منهما فی مواجهة الآخر فنتج عن هذا التنافس تطویر وصناعة الکثیر من المعدات الحربیة المتطورة فی مجال الذرة واللیزر والحواسیب الالکترونیة ومعدات الاتصال والاستشعار عن بعد والسیطرة والتوجیه وغیرها من الصناعات الحربیة فی العقود الثلاثة التی تلت الحرب العالمیة الثانیة وحتى یومنا هذا([٥]).

٣-   ان ایمان القوى الدولیة بالعلم والخبرة جعلهم یضعون منهاجاً للعمل المنظم فی تطویر الصناعات العسکریة تقنیاً یعتمد علیها مستقبلاً. مما نتج عنه تألیف مجموعات متکاملة من العلماء والمهندسین والخبراء وضعت لهم البرامج وحددت لهم الأهداف وسخرت لهم الموارد والإمکانات لتحقیق الأهداف ضمن توقیتات محددة ،فباستعراض المخصصات المالیة للبحوث والتطورات العلمیة والتقنیة على سبیل المثال للولایات المتحدة الامریکیة وحلفائها فی السنوات الأخیرة فإنه یسترعی النظر ضخامة هذه المخصصات بالنسبة لمیزانیات الدفاع حیث تصل إلى أکثر من ١١% من الدخل القومی، وما یؤکد ذلک الجدول رقم(١) الذی یبین حجم الانفاق العسکری لسنة ٢٠١٥ لأعلى(١٠) دول، وهذا مؤشرٌ قویٌ على مدى اهتمام هذه الدول بالعلم لتطویر التقنیة الحربیة والعسکریة واستخدامها لاسیما فی مجال مکافحة التنظیمات المسلحة. فقد انعکس هذا التطور على أمور جوهریة ثلاثة تتمثل فی زیادة طاقة النیران وتقلیل نسبة الخطأ فیها وسرعة وکفاءة الاتصالات وسرعة التحرک ودقة تنفیذ المناورة .

الجدول رقم (١) حجم الانفاق العسکری لسنة ٢٠١٥ لأعلى ١٠ دول

ت

الدولة

حجم الانفاق العسکری

بملیار الدولار

ت

الدولة

حجم الانفاق العسکری

 بملیار الدولار

١

الولایات المتحدة

 الامریکیة

٥٨٧،٨

٦

روسیا

٤٤،٦

٢

الصین

١٦١،٧

٧

الیابان

٤٣،٨

٣

المملکة العربیة

 السعودیة

٥٦،٧٢٥

٨

کوریا

الجنوبیة

٤٣،٨

٤

الهند

٥١

٩

ألمانیا

٣٩،٢

٥

المملکة المتحدة

٤٥،٧

١٠

فرنسا

٣٥

–      الجدول من اعداد الباحث بالاعتماد على:-تقریر صادر عن مؤسسة القوة العالمیة للدراسات العسکریة الامریکیة (Global Fire Power) متاح على موقعها فی شبکة المعلومات الدولیة (الأنترنت)على الرابط:-

http://www.globalfirepower.com/defense-spending-budget.asp –  

٤-    ایضاً اضاف تطور الحواسیب الالکترونیة والقدرات التقنیة المتمیزة لها دافعاً الى تطور الکمبیوترات التی اضافت قدرات خاصة للمجهود العقلی أو الذهنی من جهة ،واضافت الآلة قدرات متعاظمة للمجهود العضلی الانسانی من جهة اخرى ،والتی استخدمت جمیعها فی الجانب العسکری. فإذا کانت الحاجة أم الاختراع فعلینا أن نسجل أن الحاجة الماسة للسیطرة على الکم الهائل من المعلومات التی تمخض عنها المجهود الحربی للحرب العالمیة الثانیة هی التی دفعت لبروز کیان الکمبیوتر کمنظومة تقنیة تستوعب المعلومات وتختزنها مصنفة لیسهل استرجاعها. فکان اختراع أول کمبیوتر عام ١٩٤٤ تحت اسم(هارفارد مارک) تلاه عام ١٩٤٦، اختراع الکمبیوتر(أنیاک) بتمویل من الجیش الأمریکی ،واستمر بعدها والى یومنا التطور التقنی فی شتى المجالات لاسیما بما یخدم الجانب العسکری([٦]).

٥-   کذلک ومن اجل تعزیز عملیات الدفاع ضد العملیات المسلحة التی یعیشها عالمنا الیوم والتی کان لها آثار کبیرة مازال یشهدها .فقد ظهرت تقنیات قادرة على اکتشاف الدلیل عن اقرب هجوم مخطط له. فعلى سبیل المثال ،تقوم وکالة المشاریع البحثیة الدفاعیة المتقدمة الامریکیة(DARPA)بتطویر قدرات متقدمة لمواجهة أنواع جدیدة من التنظیم المسلح الجماعی والتهدیدات فی المجالات الإشعاعیة والسیبرانیة(*) وعلوم الحیاة ،ومن بین التوجهات الأخرى تقوم الوکالة بتطویر واختبار أجهزة الکشف عن الأسلحة النوویة والإشعاعیة المتصلة بالشبکة والمتنقلة والفعالة من حیث التکلفة التی یمکن نشرها بسهولة لتوفیر مراقبة فی الوقت الحقیقی للمناطق على نطاق المدینة([٧]).

 

ثانیاً/ أثر التقدم التقنی عسکریاً على الامن القومی

     بقدر ما تنطوی التطورات المعاصرة فی القرن الحادی والعشرین على فرص اقتصادیة وسیاسیة وعلمیة وتقنیة واعدة. لکنها بذات الوقت تواجه عوامل تهدید عدة للأمن القومی للدول کافة، بل قد یکون من باب المفارقة أنه کلما ازداد تقدم الدول وتطورها تنمویاً فی المجالات کافة ازدادت بالتبعیة التهدیدات والتحدیات الأمنیة ،وفی هذا الحال تواجه الدوائر والأوساط السیاسیة الرسمیة المسؤولة عن حمایة مصالح الدولة بیئة استراتیجیة شدیدة التعقید والخطورة ،وأکثر غموضاً وتبایناً عن الظروف السابقة([٨]). ففی عام ٢٠٠٩ دعا وزیر الدفاع الامریکی روبرت غیتس الى ضرورة الابتعاد عن القتال التقلیدی وإحداث ثورة فی الشؤون العسکریة من خلال اعتماد مقارنة أکثر توازناً فی خوض الحروب التقلیدیة وغیر النظامیة .لذلک صارت القوى الدولیة لاسیما الکبرى منها  سائرة على طریق تعزیز أنفاقها على التقنیة العسکریة من اجل إعطاء دور أقوى لأمنها القومی([٩]).

    بناءاً على ذلک فإن هذا التقدم یعد من أکثر أبعاد الأمن القومی فاعلیة ووضوحاً ،إذ یمثل البعد الذی لا یسمح بضعفه أبداً لأن ذلک سیؤدی إلى انهیار الدولة وتعرضها لأخطارٍ وتهدیدات عنیفة تصل إلى حد وقوعها تحت الاحتلال الأجنبی أو إلغائها تماماً وضمها إلى دولة أخرى أو العمل على تقسیمها إلى دویلات صغیرة، ویرتبط هذا البعد بباقی أبعاد الأمن القومی ارتباطاً وثیقاً. لذا یجب ان تجهد باقی الابعاد فی تقویة البعد العسکری الذی یمثل جوهر أمنها الوطنی، ومن ناحیة أخرى یتصف المیزان العسکری لأی دولة بالنسبیة فمکانة أی دولة ونفوذها یتغیران تبعاً لتغیر موقعها فی ذلک المیزان والمؤسسة العسکریة التی تملک القدرة والقوة التی یعتد بها ، وبهذا سیکون لها دور قوی فی التصدی لأی خطر منظم او غیر منظم ومکافحته من اجل حمایة  أمنها الوطنی([١٠]).

     وعلیه فإن امتلاک الدولة لقدرات عسکریة عالیة وکافیة لتحقیق الهدف، وبردع الآخرین عن تهدید أمنها القومی، تُعد الأداة الثانیة بعد الدبلوماسیة(*) فی وسائل حمایة الأمن الوطنی الخارجیة، وهی عنصر دعم مساند للقوة السیاسیة والقوة الاقتصادیة وأدواتهما، بما یحقق أهداف الأمن الوطنی ،وتُستخدم الأداة العسکریة کبدیل عندما تفشل الأدوات الأخرى، وعلى رأسها الأداة السیاسیة، والأداة الاقتصادیة على أن یبدأ استخدام الأداة العسکریة بالردع المعنوی ،ویُخطط لاستخدامها بتصاعد محسوب. لذلک تقوم الدولة بالتدرج فی بناء قوتها العسکریة فی خطوات متعاقبة حتى تصل إلى الحجم والقوة النهائیة الذی تستطیع به اعطاء قرار خوض صراع مسلح عندما یتطلب الامر ،ویجب أن تکون حسابات تکوین القوة العسکریة والتصعید دقیقة للدرجة التی تعطی مؤشراً مقنعاً بحتمیة الوصول إلى هذا المستوى ،وضرورته على ضوء تحلیل سلیم لمعطیات الموقف السیاسی والعسکری والاستراتیجی. الذی یعد الأمن الوطنی، هو العامل الحاکم فی کل واحد منهم لتغلیب قرار الحرب أو التراجع عنه([١١]).

    مما تقدم یتضح ان التطور والتقدم التقنی عسکریاً الذی امتدت بدایاته الى الحرب العالمیة الاولى وبعدها استمر بالتطور والتقدم على مدى قرن تقریباً ،وما تحقق من هذا التطور من نتائج على القوى الدولیة وامنها الوطنی. لذا سنتعرف فی المبحث الثانی على  بعض انواع ونماذج هذا التقدم التقنی الکبیر ،والذی کان له اثر کبیر لاسیما فی مکافحة التنظیمات المسلحة التی امتلکت هی الاخرى بعض هذه التقنیات العسکریة بطریقةٍ ما او اخرى ،واسقطت مدن کاملة وسیطرت علیها وهددت ومازالت تهدد أمن دول اخرى.

 

 المبحث الثانی: نماذج من التقنیة العسکریة الحدیثة

      مع مرور کل یوم یمارس العلم المزید والمزید من التأثیر على المجتمعات فنحن نعیش فی عصر التقنیة السریعة التطور لاسیما العسکریة منها، والتی یمکن ان تغیر بشکل جذری الطریقة التی تدار بها الحروب العسکریة حیث أن عدداً قلیلاً من التقنیات الجدیدة التی تغیر حیاتنا بالفعل ستؤثر أیضا على کیفیه خوض الحروب([١٢]). لاسیما والثورة العلمیة فی الاکتشافات والاختراعات التی حدثت فی نهایات القرن الماضی والتی شملت کافة جوانب الحیاة بما فیها الجانب العسکری بریاً وجویاً وبحریاً. فضلاً عن التطور فی أسلحة التدمیر الشامل. إذ کان لهذا التطور دور رئـیس فی منـع نشوب حـرب عالمیـة ثالثـة نتیجـةً للتـوازن الدقیـق بین القـوى النوویـة الکبـرى([١٣]) ،إذ قدرت الوکـالة الدولیة للطاقة الذریة فی آب/١٩٨٠. المخزون العالمی من الرؤوس النوویة بـ (٥٠ ألف رأس نووی)([١٤]).

    مع نهایة القرن الماضی بدأت معالم ثورة نوعیة متفردة ومتقدمة وغیر مسبوقة فی وسائل وتقنیة الاتصالات والمعلومات أحدثت بدورها أثراً کبیراً ومؤثراً فی تغییر إحداثیات الحیاة، حیث إن التطور التقنی الهائل فی المعدات والأسلحة الحربیة هو امتداد لما تم ابتکاره وصناعته من أسلحة فرضت الحاجة إلیها متطلبات القتال فی الحرب العالمیة الثانیة کما رأینا ، وإن هذا التطور یدین بالفضل لعلوم الطبیعة والکیمیاء والالکترونیات بشکل أساسی، وللعقل البشری بإنجازاته على الصعد کافة، ولاسیما على الصعید الحربی ،وبفضل هذه الاکتشافات العلمیة حدثت الکثیر من الإنجازات التقنیة العسکریة منذ عصر البخار والبارود حتى العصر النووی وأیضاً ارتیاد الإنسان لأفاق الفضاء بهدف الکشف والاستطلاع وإجراء التجارب العلمیة([١٥])، وعلیه نعرض لبعض هذه النماذج العسکریة الحدیثة:-

أولاً – الحواسیب(الکمبیوترات) وإدارة الحرب الحدیثة

      إن الحرب الالکترونیة ومیدانها ووسائلها جمیعها مترادفات تعطی معنى واحد. هو استخدام العلوم التطبیقیة الحدیثة- لا سیما تلک التی حققها میدان الإلکترونیات على الصعید العسکری- فی خدمة التکتیکات العسکریة الهجومیة والدفاعیة، وکذلک لمجابهة التدابیر الإلکترونیة المعیاریة وإحباط فاعلیتها. فقد کان أختراع وتطویر الحاسوب (الکمبیوتر) مع نهایة القرن العشرین بمثابة ثورة نوعیة متفردة ومتقدمة وغیر مسبوقة بالغة الأثر والتأثیر فی رفع درجات التقدم العلمی والتقنی فبالمقارنة بین الطفرة التی أحدثتها استخدام الحواسیب فی تقنیة الحرب الحدیثة وبین مسارح العملیات فی الماضی یتضح انها کنت تتسم ببطء التحرکات والقرارات وردود الفعل المتأخرة وعدم دقتها. کما انها کانت تستغرق ساعات طویلة وأیاماً ، على عکس ردود الفعل الفوریة والدقیقة الیوم التی تستغرق أقل من دقائق وربما ثوان. حیث إن الصاروخ العابر للقارات لا یستغرق مساره من الوقت ، منذ لحظة إطلاقه حتى وصوله للهدف على بعد (٦٠٠٠) میل أکثر من ٣٠ دقیقة والصاروخ الأمریکی(pershing٢) على سبیل المثال المتمرکز فی وسط أوروبا یصل هدفه فی الاتحاد السوفیتی فی أقل من ١٠ دقائق ، وفی المقابل وبفضل الحواسیب الالکترونیة فإن رد الفعل إزاء تهدیدات هذه الصواریخ لا یستغرق أکثر من دقائق وثوانی قلیلة منذ لحظة اکتشاف الإطلاق بواسطة المستشعرات الراداریة وتحلیل معلوماتها بواسطة الحواسیب والتعامل معها بالصواریخ الاعتراضیة([١٦]).

      تتم إدارة الحرب الحدیثة والسیطرة على عملیات القتال وفق نظم متطورة لرصد المعلومات عن الأهداف وتحلیلها والتعامل معها إذ ان السیطرة على المکان والزمان باتت ایسر من ذی قبل مع النجاح الکبیر فی اختصار المسافات والوقت وتسریع وسائل الاتصال والتواصل والتدفق الحر للمعلومات دون قیود ،وربط الناس بحوادث العالم ومتغیراته الفوریة وهذه النظم تشترک فیها الحواسیب والمستشعرات ونظم التوجیه الدقیق([١٧]) ،وکمثال على ذلک نذکر نظام إدارة النیران بالدبابة الأمیرکیة الحدیثة جنرال ابرامز (M١أوM٢)المتصلة بحاسوب وجهاز لتقدیر المسافة باللیزر کما فی الشکل رقم(١) ،کما ویتم رصد الأهداف وإطلاق النیران تجاهها بکل دقة وذلک بأجزاء من الثانیة ،کذلک نظام (نایک أکس) المضاد للقذائف البالیستیة العابرة للقارات إذ یشتمل على حاسوب یعالج المعلومات عن القذائف المعادیة على بعد آلاف الأمیال ویعمل على توجیه صواریخ الاعتراض نحوها بدقة خلال دقائق معدودة. ولاشک أن کفاءة هذا النظام وغیره من الانظمة بسرعتها ودقتها لم تصبح بهذا الوجه المذهل إلا بفعل الحواسیب الحدیثة([١٨]).

للحواسیب الالکترونیة أیضاً فضل جوهری فی مجال تقنیة الاتصالات لتحقیق القیادة والسیطرة الکاملة على مسارح العملیات ،حیث تشترک العدید من الحواسیب الرقمیة والتماثلیة فی شبکات لنقل البیانات والمعلومات من الوحدات الصغرى إلى قیادة التشکیلات بما یمکن معه تعرف القیادات على المواقف بشکل دقیق وسریع وإصدار القرارات الفوریة بما یتناسب مع المواقف فیما یعرف باسم شبکة المواصلات الآلیة للقیادة والسیطرة وهی تقنیة متقدمة ربما قللت من روح المبادأة لدى القیادات الصغرى ،لکنها حققت مزیداً من التنسیق بین مختلف المواقف على اتساع جبهة القتال ومکنت القیادة العلیا فی أعلى مستوى أن تکون على اطلاع وعلم کاملین بکافة عناصر المواقف القتالیة لیس فقط على المستوى الاستراتیجی والتعبوی بل على المستوى التکتیکی أیضاً ،والذی اصطلح على تسمیته بـ(أفیونیکس وفیترونیکس) وغیرهما من أنماط وأشکال إدخال الإلکترونیات المعلوماتیة فی عملیات التوجیه المباشر للعملیات العسکریة والتی تصب فی هذا المجال الآخذ فی التطور وبسرعة متناهیة ،والمتجدد على الدوام. لذلک وبفضل توافر تقنیة الاتصالات المتقدمة هذه فقد أقامت الولایات المتحدة الأمیرکیة شبکة اتصالات آلیة هائلة على اتساع العالم تعرف باسم نظام (ویمکس) ینظم شبکة من الأقمار الصناعیة والمستشعرات ومحطات رادار ووسائل إنذار وقیادة وسیطرة یتحکم بها جمیعاً ویسیطر علیها مجموعة کبیرة من الحواسیب الآلیة الالکترونیة إذ یکفل هذا النظام الالکترونی المتطور من الاتصالات للرئیس الأمریکی ومعاونیه من رؤساء الأرکان إمکانیة إصدار الأوامر للقوات الأمریکیة على اتساع العالم بالتدخل السریع فی حالة الإنذار بتوقع هجوم معاد([١٩]).

      قد یجرنا هذا السیاق إلى مسألة اتساع ساحة استخدام الحواسیب فیما بعد وتزاید تطور الانظمة فیه. إذ ان الحواسیب الإلکترونیة أحد العناصر الأساسیة فی أنظمة القیادة والسیطرة الآلیة وهی تقوم بالعدید من المهام مثل:-

١- استقبال ومعالجة وتخزین وتحلیل جمیع البیانات الحالیة والمستقبلیة التی ترد من المستشعرات ومصادر معلوماتها ودمجها ومقارنتها .

٢- استقبال وتخزین المعلومات الخاصة بحالات وأوضاع واستعداد القوات وتمرکزها والمعلومات المطلوبة عن القوات الصدیقة والمعادیة. .

٣- المساعدة فی تقدیر الموقف، واتخاذ قرار رد الفعل المناسب وتقدیم البدائل للقرار المقترح.

٤-إصدار المهام للوحدات المرؤوسة، ومتابعة تنفیذها مع إمکانیة تعدیلها فی الوقت المناسب.

٥- استقبال نتائج القتال وتقییم الخسائر، والمعاونة على اتخاذ قرار استعادة الموقف القتالی.

٦- تدریب القادة وهیئات الأرکان على استخدام نظام القیادة والسیطرة لتأدیة المهام المختلفة، واستخدام نماذج المحاکاة والمباریات الحربیة([٢٠]).

ثانیاً- تقنیة أسلحة الذخائر الدقیقة التوجیه

     کما کان لعلم الالکترونیات الفضل فی تحقیق تقنیة متطورة للاتصالات والقیادة والسیطرة فله أیضاً یرجع الفضل بتحقیق الدقة فی توجیه النیران لإصابة الأهداف. وإذا کان صحیحاً أن زیادة معدل إصابة الأهداف ودقتها قد تحقق بإدخال الحلزنة(*)على مواسیر الأسلحة وبآلیة التعمیر وبزیادة السرعة الابتدائیة للمقذوفات ومداها إلا أن احتمال إصابة المقذوف للهدف فی مقتل بنسبة ١٠٠% من الطلقة الأولى ظل أمراً یراود تقنیة تطویر الأسلحة زمناً طویلاً إلا أنه تحقق بفضل استخدام تقنیة الالکترونیات المتقدمة فی تطویر الأسلحة. وتعمیم ما أصبح یعرف الیوم بذخائر التوجیه الدقیق (precision-guided munitions-PGM) التی استخدمت بنجاح وفاعلیة فی فیتنام والشرق الأوسط وحرب الخلیج والتی غیرت وسوف تغیر على وجه الیقین طبیعة الحرب المعاصرة. ففی الوقت الذی -تمکنت فیه الطائرات الثابتة الأجنحة ای ذات جناحین غیر متحرکین وانوعها کثیرة کالطائرة الحربیة ،وذات الأجنحة الدوارة ای الطائرة المروحیة (الهلیکوبتر) المتحرکة الاجنحة- من إطلاق ذخائر دقیقه التوجیه لسنوات عدیده، فان القوات البریة کانت أبطأ بکثیر فی الحصول على هذه القدرة. غیر ان هذا بدأ یتغیر مع المدفعیة المیدانیة بما فی ذلک البنادق المسحوبة والذاتیة الدفع ومدافع هاوتزر. أی القادرة على الحرکة فی ساحة المعرکة بسرعة بعد تجهیزها بنظام الدفع الخاص للتحرک نحو الهدف خلافاً لما کانت علیه فی السابق حیث کانت تجر بالخیول([٢١]) ،فضلاً عن منظومات صواریخ المدفعیة التی بدأت فی نشر الذخائر الموجه بدقة عالیة. فخلال الحرب الباردة شکلت قوه الدبابات المتفوقة التابعة للاتحاد السوفیتی تهدیداً تقلیدیاً خطیراً لقوات الولایات المتحدة الامریکیة وحلف شمال الأطلسی فی أوروبا ،وبینما قدمت الأسلحة النوویة الأمریکیة تعویضاً حاسماً لهذا الخلل حیث اعترف القادة العسکریون بان الذخائر الدقیقة یمکن ان توفر تعویضاً غیر نووی عن طریق التهدید بضربات طویلة المدى للولایات المتحدة وقد دفعت العملیات فی فیتنام بالحاجة إلى الذخائر الموجهة أو(الأسلحة الذکیة) لإصابة الأهداف بشکل أدق وبإضرار جانبیة أقل ،وبقدر أکبر من الدقة ،ویمکن توجیه الذخائر علی وجه التحدید إلى أهداف البنیة التحتیة مثل الجسور لعزل القوات ،فضلاً عن الرادارات ونظم الدفاع الجوی المتکاملة ،ومراکز القیادة والسیطرة والمطارات ،وعلاوة على ذلک فأن هذه الذخائر یمکن إطلاقها من مسافة أکبر ،ما یقلل من المخاطر على الطیارین والطائرات([٢٢]).

    کما یشتمل نظام أسلحة التوجیه الدقیق على وسیلة للتعرف وتحدید الهدف بواسطة ارتداد موجات الأشعة ومنه(رادار ،سونار ،رادیو، واشعة تحت الحمراء ولیزر) فی مجال الطیف الکهرومغناطیسی المرئی وغیر المرئی ومن خلالها تجری معالجة بیانات الهدف بواسطة میکرو کمبیوتر مرتبط بالسلاح وبمقتضاه یجری توجیه النیران نحو الهدف وإصابته بصورة آلیة بغیر التدخل الیدوی، ویعتمد التوجیه الدقیق للأسلحة على عوامل کثیرة ،ولکن یحکمه بالدرجة الأساس خصائص الهدف. فقد مر التوجیه الدقیق للأسلحة بمراحل کثیرة بدأت بالحرب العالمیة الثانیة وتنوعت وتطورت بین قنابل موجهه بالرادیو وطوربیدات بحریة موجهه راداریاً وتلفزیونیاً وبالأشعة الحراریة وتطورت فیما بعد الى صواریخ موجها باللیزر وأخرى کهربائیاً ،والتی استخدمت فی حرب الخلیج وفی الاحتلال الامریکی للعراق ٢٠٠٣ ،وکذلک استخدمتها قوات التحالف الدولی بقیادتها الامریکیة وقوات التحالف العربی بقیادتها السعودیة فی معارکها ضد التنظیمات والجماعات المسلحة فی الیمن وسوریا والعراق بین ٢٠١٥-٢٠١٧(*) ،والتی کانت لها نتائج مذهلة فی اصابة الاهداف([٢٣]).

ثالثاً – الطائرات بدون طیار

    یطرح النوع الثالث والخطیر (الطائرات بدون طیار) بطرق عدة الإشکالات الاخلاقیة ذاتها لأی سلاح آخر یتم التحکم به عن بعد إذ تمکن المحاربون من القتل بأقل قدر من المخاطرة بأنفسهم. لذلک هی تعد من الاسلحة الاکثر تقدماً ،فقد وجدت تقنیة الطائرات عن بعد منذ عقود تعود الى الحرب العالمیة الاولى بصور بسیطة إذ بدأت الولایات المتحدة الامریکیة والمانیا وبریطانیا والاتحاد السوفیتی ودول اخرى فیما بعد ومنذ ثلاثینیات القرن الماضی باستخدام هذا النوع من الطائرات فی تدریبات التصدی للطائرات. کما تم استخدامها فی الحرب العالمیة الثانیة بوصفها صواریخاً موجهة من قبل الجیش الامریکی ، وکذلک استخدمت فی الحرب الکوریة([٢٤])، کما ان هذه الطائرات تم استخدامها فی تنفیذ برامج الاغتیالات المنظم من قبل بعض القوى الدولیة مثل الولایات المتحدة الامریکیة لاسیما فی مجال حربها على التنظیمات والجماعات المسلحة([٢٥])،وعلیه فهذه الطائرات ایضاً مندرجة ضمن نطاق تطور التقنیة العسکریة فی اطار سباق التسلح الذی یشهده العالم الآن. إذ باتت الطائرات من دون طیار تقنیة رائجة للغایة فی میادین مختلفة إذ تتعدد استخداماتها المدنیة والعسکریة ،وتکثر الجهات التی تستعین بها على أداء مهمات لم یکن من الممکن تنفیذها من قبل ،ویمکن للمرء أن یقیس مدى انتشار تقنیة المنظومات الجویة من دون طیار بطرق عدّة فحسب قاعدة البیانات الأمریکیة الجدیدة ،توجد نحو(٨٠) دولة فی العالم تستخدم منظومات جویة من دون طیار لأغراض عسکریة. کما أن أکثر من(٦٥) دولة تنتج هذه الطائرات وتصدّرها وتضیف قاعدة البیانات نفسها أن ثمّة(٦٨٠) برنامجاً فعّالاً على الأقل لنشر هذه المنظومة ،وتدیر هذه البرامج حکومات وشرکات ومعاهد أبحاث فی مختلف أنحاء العالم ففی السنوات الأخیرة قامت العدید من الدول کألمانیا والصین وروسیا وإیران واسرائیل وغیرها بشراء أو تطویر طائرات استطلاعیة موجهة لاسیما للأغراض العسکریة ،وتتمتع هذه الطائرات بمزایا اقتصادیة متعددة ما یحفز العدید من الدول على امتلاکها فإذا کان سعر الطائرة المقاتلة(اف٢٢) مثلاً، یبلغ حوالى(١٥٠) ملیون دولار ،فإن تکلفة الطائرة الموجهة تبلغ حوالى(١٠) ملایین دولار فقط، کما أن تکلفة تدریب طاقم التحکم عن بعد تعتبر قلیلة للغایة مقارنة بتدریب طیاری الطائرات المقاتلة ،ولاشک أن انتشار الطائرات من دون طیار یوفّر للعالم تقنیة جدیدة غیر أن هذا الانتشار یقود إلى قضایا جدیدة فی مجالات تمتدّ من التکتیکات العسکریة إلى قوانین الخصوصیة ومنع الإرباک والتضارب فی المجال الجوی أیضاً([٢٦]).

رابعاً – الروبوتات العسکریة

    فیما یشهد العالم تطوراً متسارعاً وکبیراً فی تصنیع الروبوت واستخدامه فی مختلف مجالات الحیاة ففی ذات الوقت یعد احد الانواع المهمة من تقنیات الحرب الحدیثة فقد ابتُکرت روبوتات تستطیع تتبع تضاریس الارض ،واختیار طرق بدیلة بل إن منها ما یستطیع حمل الإمدادات من الأسلحة والذخیرة وتطهیر الأرض من الألغام ،والاضطلاع بأعمال الحراسة  وما زال العمل جاریًا على تطویرها ،لتصبح قادرة على اللمس والشم والسمع والتذوق ،وکل ما یحسّن أداءها ،ویزیدها سرعة ومقدرة فی إنجاز مهمّاتها. کما تطمح الولایات المتحدة الأمیرکیة إلى تطویر روبوت یحارب فی الخطوط الأمامیة ،ویستطیع تسلق الحواجز ،ویسبح تحت الماء ،ویراقب الروبوتات العسکریة الأخرى([٢٧]) ،ومستقبلاً تحاول تجنید ربوت کروی الشکل یتدحرج على الأرض له قوائم تلسکوبیه یستطلع المکان المحیط لاکتشاف قوات العدو فتبادر مستشعرات الحرارة والحرکة المزود بها إلى تجهیز أسلحة فی داخله ،وتصویبها نحو الأعداء ،وکذلک طُورت روبوتات لتلائم الطبیعة وتغوص فی المحیطات لتدمیر الألغام البحریة([٢٨]). کما ان بعض العلماء یحاول تطویر جندی على هیئة روبوت صغیر جداً یتولى مهام الاستطلاع والمدفعیات والهاونات ذاتیة الحرکة التی یتم نشرها فی المقدمة لتأمین مناطق انتشار المنصات المأهولة. کما یستطیع الزحف والوثب والطیران فوق حقول الألغام وفی الصحراء وعلى الشواطئ لیتجسس على العدو ویزیل الألغام ویکتشف الأسلحة الکیماویة ،وقد أُنتج روبوت میکرو هوائی بحجم ذبابة خصص البنتاغون(وزارة الدفاع الامریکیة) لتطویره مبلغ(٦٠) ملیون دولار ،وتستطیع هذه الذبابة حمل مصوِّرات لمراقبة جنود الأعداء أو اصطیادهم وقتلهم بواسطة دس السم فی أعناقهم ،ویستطیع حشد من الروبوتات المیکرو هوائیة المسلحة بمتفجرات بلاستیکیة الهبوط على الأجزاء الحرجة من جسر مثلاً ،وتفجیرها بالتتابع فیدمر برمته بکمیة قلیلة من المتفجرات لها فعالیة صاروخ کروز ،وتطور وکالة الفضاء الأمیرکیة(ناسا) روبوتاً یعمل على أربع عجلات ،وقد استطاع السیر مسافة (١٢،٥٠٠کم)فی رحلة بین صحراء أتاکاما(Atacama) فی شیلی عابراً ثلوج القطب الجنوبی لیمیز مکانًا غنیًا بالأحجار المتساقطة من الفضاء الخارجی غرب القاعدة الأمیرکیة فی محطة ماکموردو(McMurdo) الواقعة فی (القارة القطبیة الجنوبیة/أنتارتیکا) ،والمتخصصة بإجراء البحوث فی کافة جوانب العلوم التی انشأت عام ١٩٥٥.

    یمتاز الروبوت العسکری بإمکاناته وتطوره التقنی الهائل إلا أن أسعاره ما زالت باهظة ،وقد رکزت بعض الأبحاث على اضطلاع الروبوت بعدة مهمات منها تغذیة المعوق والتقاط سماعة الهاتف نیابة عنه ،وتلقی أوامره عن طریق شریط یلتف حول الذقن یحول الأوامر إلى إشارات یلتقطها الروبوت. أیضاً هنالک روبوت قادر على القفز واختراق أماکن العدو ،وتخطی جدران وحواجز ارتفاعها(٦)أمتار ،وهو یختزن مئات الروبوتات الصغیرة ویطلقها فی مناطق العدو حیث تنفث غازاً منوم ،ومؤثر فی التنفس والبصر ،وهذه هی إحدى وسائل الحرب الحدیثة(*). أما علماء السوید فقد طوروا روبوتاً تمکن من الطیران خلال ثلاث ساعات بعد ان لقنوه(٢٠) قاعدة من قواعد مهمته ثم أمروه بالتحلیق([٢٩]).

   الى جانب هذه الانواع من التقنیات العالیة التطور عسکریاً هنالک انواع اخرى عدیدة وذات اهمیة کبیرة فی هذا الجانب تلعب دوراً کبیراً فی الحروب العسکریة الحدیثة کالمرکبات القتالیة المدرعة لکافة التضاریس ،وایضاً الالغام الارضیة فضلاً عن الدبابات ،وکذلک الطائرات الهجومیة مثل(MI-٢٨) الروسیة المسماة(صائد اللیل/Night Hunter) ،وغیرها من الطائرات الهجومیة ،فضلاً عن الصواریخ المطورة ذات الموصفات عالیة الدقة بأنواع واحجام عدیدة ومختلفة. کل هذه الانواع من التقنیات العسکریة المتطورة وغیرها کثیر. تعد من أدوات الحرب العسکریة الحدیثة التی راحت القوى الکبرى والنامیة فی العالم تطور جیوشها وقواتها الامنیة وتسلحهم بها وتستخدمها ضد ای هجمات سواء من تنظیمات ومجامیع مسلحة او دول معادیة([٣٠]). 

     بعد هذا الاستعراض لأهم انواع تقنیات الحرب العسکریة الحدیثة ،وممیزاتها لابد من عرض لاهم اثارها السلبیة لاسیما وأن عالمنا فی الوقت الحاضر یشهد حروباً لیست کالتی عهدناها سابقاً. حروباً فی مناطق مأهولة واخرى تحت الارض وفی مناطق ضیقة واخرى فی العالم الافتراضی تتطلب ان تطبق علیها هذه الانواع من الاسلحة التی ستترک العدید من الاثار السلبیة على الارض والماء والهواء ،وکذلک على الانسان والحیوان على حد سواء نتیجةً لأستخدمها، وما الحروب التی تخوضها الولایات المتحدة الامریکیة والتحالف الدولی ،والتحالف العربی جمیعهم ضد التنظیمات والجماعات المسلحة والمتطرفة فی الوقت الحاضر عنا ببعید.

 المبحث الثالث: الأثار السلبیة للتقنیة العسکریة الحدیثة

     لقد کان للتقنیة لاسیما الجانب العسکری منها أثر کبیر على تطور التهدیدات المسلحة التی ظهرت منذ نهایة الحرب العالمیة الثانیة. لکن مع نهایة القرن العشرین بدأ بعض العلماء التکهن بأن هذه التهدیدات بوصفها عاملاً دولیاً حاسماً اخذ یتضاءل ،وقد تعزز هذا التکهن بإحصاءات تشیر إلى انخفاض عدد الحوادث المسلحة لمدة عقد من الزمن ،ولکن فی الحقیقة هذه الإحصاءات کانت تخفی حقیقة أکثر اهمیه مفادها ان هذا التطور فی انخفاض القدرة الممیتة لهذه التهدیدات المسلحة فی نهایة القرن العشرین إلى درجه مخیفه یکمن فی التقدم التقنی الهائل نفسه الذی حققه المجتمع فی أواخر ذلک القرن([٣١])لاسیما فی الجانب العسکری والذی ادى بصورة غیر مباشرة الى تطور تهدیدات التنظیمات والجماعات المسلحة فیما بعد. فوفق ما جاء فی استراتیجیة الامن القومی الامریکی لعام٢٠٠٢(..ان اعظم خطر یواجه دولتنا عند تقاطع التطرف والتقنیة )،لاسیما وان العالم الیوم بات یعیش فیما یسمى بمصطلح (الحرب الهجینة/Hybrid warfare)، والتی اصبحت حقیقة ساطعة وقاسماً مشترکاً فی الجهود البحثیة التی تجریها معاهد دراسة الحرب والأمن القومی ،وأحادیث الساسة وقادة الجیوش والمنظمات الدفاعیة الدولیة أیضاً. فلا یمکن النظر الى الحرب کمفهوم ثابت مستقر، وإنما هی حالة متغیرة بتغیر الأزمنة والأدوات والتحدیات التی تفرضها أوضاع التنافس والنزال ،ولذلک یمکن قبول التصنیفات التی أقرها العلماء والباحثون فی شأن أجیال الحرب المختلفة، کما سبق أن وصفها الکاتب العسکری والمنظر الاستراتیجی البروسی (کلاوزفیتز) بأنها تتلون کالحرباء ،ویبدو أن أحدث أجیال الحرب وأکثرها تعبیراً عن حالات النزال الراهنة لیس سوى من جیل (الحرب الهجینة/Hybrid war)، والتی یمکن تعریفها ببساطة بأنها ..إستراتیجیة عسکریة تجمع بین الحرب التقلیدیة، والحرب غیر النظامیة، والحرب السیبرانیة، وهی ایضاً الهجمات التی تستخدم فیها اسلحة الدمار الشامل، والأسلحة التقلیدیة، وحرب المعلومات أو هی تولیفة من أنواع مختلفة من التهدیدات، تتضمن استخدام الوسائل التقلیدیة والتخریبیة ،وان السبب الحقیقی فی کل هذا یکمن فی التقنیة العسکریة نفسها بسبب تمکن التنظیمات والجماعات المسلحة من الحصول علیها وتصنیعها فی بعض الحالات([٣٢]).

     بناءاً على هذا فقد تغیرت طبیعة التسلیح بموازاة حالة الحرب الهجینة ،وبینما تظل البندقیة والطائرة والصاروخ أدوات مهمة فی تلک الحرب ،فإن أدوات جدیدة تنضم إلى قوائم التسلح ،وبینها أجهزة کمبیوتر ، وأمصال ، وبوستات على وسائط التواصل الاجتماعی ،ولجان لصنع الشائعات وترویجها ،وبموازاة ذلک تغیرت طبیعة المحارب الفرد والقوة المحاربة فما عاد المقاتل ذلک الجندی النظامی المدرب على أعمال القتال البدنیة والذهنیة فقط ،ولکنه بات أیضاً طبیباً أو مهندس تقنیة معلومات أو عالماً فی مختبر أو مدوناً على الإنترنت. وفی غضون ذلک فإن جبهة القتال اتسعت بحیث یمکن تعریف حدودها باللاحدود لها ،وحتى طبیعة الفئات المستهدفة بالقتال تغیرت لتشمل الأسر فی البیوت ،وطلاب المدارس ،وجمهور الفرق الریاضیة والعقل الجمعی للأمة المستهدفة ،وحتى الذاکرة الوطنیة والحالة المعنویة ،وماء الشرب ،والأوکسجین فی الهواء ،والمعاملات المصرفیة ،والعملة المستخدمة ایضاً مخزون الحنطة والوقود وغیره من السلع الحیویة([٣٣]).

     وعلیه فان الطریقة الوحیدة لتجنب وقوع تقاطع بین التطرف والتقنیة هی التأکد من عدم وجود ای دولة أو جهة معینة تقوم بتزوید هذه التنظیمات بالأسلحة التقنیة الحدیثة لأنها ستکون مستهدفة من جمیع القوى الدولیة الأخرى([٣٤])، وبما ان التقنیة تعرف بأنها تطبیق المعرفة العلمیة على المشاکل الانسانیة والتی استطاعت ان تحسن جمیع مفاصل الحیاة بکل جوانبها لا سیما الجانب العسکری .فقد تم استبدال معظم الأسلحة البدائیة بأسلحة أکثر تطوراً وأکثر صمتاً وفتکاً وأقل تکلفة .الا أنها فی الوقت ذاته أثرت على طبیعة الاعمال العدائیة التی تهدد الحیاة ففتحت المجال لتزاید نشاط الجماعات الفاعلة غیر التقلیدیة (التنظیمات المسلحة) بتهدید أمن الدول. فظهر التهدید البیولوجی والکیمیائی والنووی والحاسوبی والطائرات المسیرة وغیرها من اشکال التهدیدات والاخطار الاخرى…منتشرة بشکل نشیط. لذا سنحاول حصر الأثار السلبیة للتقنیة العسکریة ضمن ثلاثة محاور رئیسة.    

اولاً- التهدید النووی والبیولوجی والکیمیاوی(التهدید الجدید)

     إن أول اثر سلبی عن تحول التقنیة العسکریة الحدیثة إلى تهدید هو الاعتداء المسلح الذی یرتکب بالمواد الکیمیائیة والبیولوجیة الإشعاعیة والنوویة وبالمتفجرات ،والذی یشکل تهدیداً خطیراً لأمن الناس وسلامتهم ومنه التهدید النووی الذی یترک أبعاداً بالغة الخطورة. تعود الى بدایة تسعینیات القرن الماضی ولاسیما مع ما تردد عن إمکانیة حصول تنظیمات وجماعات مسلحه على رؤوس نوویة أو مواد نوویة من الاتحاد السوفیتی السابق فی ظل حالة الفوضى التی اصابت ترسانته النوویة عقب تفککه، وبالرغم من ان المعرفة النوویة اصبحت فیما بعد متاحة على نطاق واسع الا ان التقنیة النوویة ذاتها لیست متاحة بسهولة وتعتبر عملیة انتاج رأس نوویة مسألة بالغة الصعوبة، ومع ذلک فإن التحلیلات المطروحة عن التهدید النووی لا تتحدث عن احتمالات نجاح التنظیمات والجماعات المسلحة فی الحصول على رؤوس نوویة ولکنها تتحدث عن أشکال أکثر بساطة من ذلک وأبرزها ما یعرف بـ(القنبلة القذرة)المصنعة من مواد نوویة مشعة یمکن وضعها مع متفجرات تقلیدیة ،بحیث یؤدی الانفجار الى انتشار الاشعاع المتولد عن المواد النوویة الى مساحات شاسعة محدثاً بذلک اضراراً بشریة ومادیة فادحة ،وهناک ایضاً ما یعرف “بالحقیبة النوویة” التی تحتوی على رأس نووی یزن اجمالاً حوالى(٤٧کغم)، وکانت اجهزة المخابرات السوفیتیة السابقة(KGB). قد طورت هذه الحقیبة فی الخمسینات والستینات من القرن الماضی لاستخدامها فی حالات التوتر العالمی. ولا تقتصر مخاطر هذه الحقیبة على قوة التفجیر الناتج عنها فقط، ولکن ایضاً بالتأثیر القاتل للبقایا الاشعاعیة الناتجة عن التفجیر فی المنطقة المستهدفة، وربما یکون بعض هذه الحقائب قد وصل الى بعض التنظیمات والجماعات المسلحة([٣٥]).

     أما التهدید البیولوجی فلم تشهد الساحة الدولیة تهدیداً بیولوجیاً بالمعنى الحرفی للکلمة قبل حوادث انتشار میکروب الجمرة الخبیثة فی بعض مدن الولایات المتحدة الامریکیة ،ثم انتشاره فی عدد من الدول الاخرى ،والتی مثلت تحولاً جوهریاً فی طبیعة التهدیدات البیولوجیة. فمن المعروف ان العدید من دول العالم وبالذات الدول الکبرى تمتلک ترسانة متطورة فی مجال الاسلحة البیولوجیة. وتتنوع الاسلحة البیولوجیة ما بین ثلاث فئات هی:-

١-البکتیریا(واشهرها الجمرة الخبیثة والجمرة المتموجة والکولیرا والطاعون)، والفیروسات (واشهرها الجدری)

٢-والتوکسینات- السموم البکتیریة (واشهرها البوتیولینوم والریسین) والذی یتسبب فی خسائر بشریة فادحة(*).

     فضلاً عن هذا النوع هناک التهدید الکیماوی الذی یتسم بالبساطة والسهولة النسبیة، بسبب سهولة تصنیع المواد الکیمیائیة وسهولة استخدامها علاوة على ضخامة الخسائر المترتبة علیه ،فهی مجموعة من الغازات السامة التی تؤثر على وظائف جسم الانسان ویکون بعضها قاتل والاخر معوق او مشوه ،وهی کل من غاز(الدموع ،والقیء ،والخردل ،والخانق ،والدم ،والاعصاب او السارین) ،وقد کان المثال الابرز على استخدام احد انواع هذه الغازات هو قیام طائفة (أوم شینریکیو) الدینیة المسلحة فی الیابان باستخدام غاز الاعصاب(السارین) فی هجوم على نفق طوکیو فی (اذار/١٩٩٥) ما اسفر عن مقتل(١٠)اشخاص ،واصابة خمسة آلاف آخرین([٣٦]).

    لقد وردت العدید من الاخبار والتقاریر التی تؤکد باستمرار سعی التنظیمات المسلحة لاستخدام تقنیة الاسلحة النوویة والبیولوجیة والکیماویة التی تعد قلیلة التکالیف نسبیاً کبیرة الاضرار عند تنفیذ هجماتهم فی دول العالم کافة ،ومن ذلک نقلت مجلة(Foreign Affairs) الأمریکیة ان التنظیمات والجماعات المسلحة لا یمکنها الدخول فی مواجهة عسکریة شاملة ،ولذا فهی تحتاج لأسلحة نوعیة تمکنها من تحقیق أهدافها لتترک خسائر فادحة بالأرواح ،وأکد ذلک ما اشیع عن الأدلة التی تم العثور علیها عامی٢٠٠١ و٢٠٠٢ فی معسکرات تدریب تنظیم القاعدة فی أفغانستان ان التنظیم کان مهتماً بالحصول على أسلحة کیمیائیة وبیولوجیة وکان یسعى لتصنیع القنبلة القذرة ،وفی عام ٢٠٠٣ حذر مکتب التحقیقات الفیدرالی الامریکی من أن هذه التنظیمات تواصل تعزیز قدراتها لإنتاج أسلحة کیمیائیة ،وأیضاً فی عام ٢٠١٠ نجد مایکل لیتر مدیر المرکز القومی الأمریکی لمکافحة الارهاب یقول إنه على الرغم من النجاحات التی تحققت لمنع التنظیمات المسلحة من تطویر أسلحة دمار شامل إلا أن مخاطر امتلاکهم لهذه الأسلحة لاتزال تمثل مصدر قلق بالغ للغرب، وفی عام ٢٠١٥ حذرت روسیا من استخدام هذه التنظیمات للکلور وغاز الخردل فی عملیاتهم المسلحة فی الوقت الذی یتطلب فیه تصنیع هذه المرکبات تقنیات معقدة ،وقال میخائیل أولیانوف المختص فی شؤون حظر انتشار الأسلحة والرقابة علیها بوزارة الخارجیة الروسیة إن عصابات هذه الجماعات المسلحة حصلوا فعلاً على تقنیات انتاج أسلحة کیمیائیة(*)، وأصبحت لدیها القدرة على تصنیع أسلحة کیمیائیة([٣٧]).

    وعلیه فان التحدیات والتهدیدات فی القرن الحادی والعشرین اصبحت ذات طابع معولم، ولم یعد من السهل على دولة ادعاء بقائها فی معزل عن تلک التهدیدات. فظاهرة التهدید الامنی المتواصل التی تمارسهُ التنظیمات والجماعات المسلحة لیس له نطاق جغرافی محدود ،فهی تتسم بالسیولة والهلامیة وتعمل ضمن نطاقات أیدیولوجیة ولیست جغرافیة فقط ،حیث افرزت ما یسمى بظاهرة (الذئاب المنفردة) التی باتت تمثل مصادر خطر بعد عملیاتها ضد المدنیین فی دول غربیة وأخرى عربیة عدیدة، ونفس الأمر ینطبق على تهدیدات کالحرب السیبرانیة وتهدیداتها التی تطال البنى التحتیة والاقتصادیة والاستراتیجیة([٣٨]).

ثانیاً -التهدید فی مجال الاتصالات.

       لا یختلف اثنان على أن الثورة التقنیة والتطور التقنی فی عصرنا الحاضر       وظهور الحواسیب الآلیة قد أدى إلى تغیر شکل الحیاة فی العالم ،وأصبح الاعتماد على وسائل تقنیة المعلومات الحدیثة یزداد یوماً بعد یوم فی شتى مناحی الحیاة السیاسیة والعسکریة والاقتصادیة والاجتماعیة. فالحاسوب الآلی أصبح احد أهم مقومات المؤسسات العامة والخاصة سواء المؤسسات المالیة أو المرافق العامة أو المجال التعلیمی أو الأمنی([٣٩]) ،ویبرز الاثر السلبی للتقنیة لاسیما فی مجال الاتصالات هو استخدامها فی العملیات العسکریة او الهجمات المسلحة ،حیث انها اصبحت فی متناول ید الجمیع لا سیما التنظیمات والجماعات المسلحة ، وکما اکد (فرانسوا هیسبرج) المدیر السابق لمعهد الدراسات الاستراتیجیة فی لندن. ان آلة الدمار الشامل اصبحت بمتناول ایدی هذه التنظیمات. فضلاً عن توافر تقنیات الاتصال بدءاً من محطات البث التلفزیونی ذات الدائرة المحدودة ،والبث الإذاعی والفیدیو والکاست ،فمن ینسى ان الثورة الایرانیة هزت عرش الشاه واسقطته فی ایران استخدمت سلاح الکاست لخطب الخمینی*، فضلاً عن وجود الفاکس والهاتف المحمول المتصل بالأقمار الصناعیة وشبکة الانترنت وکل هذه التقنیة لاسیما فی مجال الاتصال اصبحت تصب فی مصلحة هذه التنظیمات المسلحة من خلال استخدامها وتجییرها لما یخدم اهدافها وهو امر شکل تهدیدات جدیدة وخطیرة لم نعرفها من قبل. إذ هنالک منصات شبکیة کاملة مخصصة لتجنید افراد ضمن مجموعات تخریبیة فضلاً عن قنوات رسمیة تروج لخطابات تعزز هذه التوجهات([٤٠]).

      ترجع بدایة العلاقة بین التنظیمات المسلحة و(الانترنت) وانشغال الدول والمنظمات المعنیة بمکافحتها لفترة ما بعد إحداث الحادی عشر من أیلول/۲۰۰۱ فالمنحى الخطیر الذی بدأت هذه التنظیمات باتباعه تمثل بعدم قصر نشاطاتها المسلحة على المجال المادی الواقعی بل انتقلت إلى الفضاء الإلکترونی ،وأصبح هناک حملة إعلامیة مواکبة للحملات العسکریة من جانب الطرفین تم فیها استخدام (الإنترنت) ،وهو ما یعرف بالإرهاب الالکترونی، الذی اخذ بعدین هامین:- یتمثل أولها فی کونه اصبح عاملاً مساعداً للهجمات التقلیدیة المادیة ،وذلک بتوفیر المعلومات عن الأماکن المستهدفة. أما البعد الثانی فیمکن القول بأنه بعد معنوی یرمی إلى التحریض على بث الکراهیة الدینیة وحرب الأفکار([٤١])، ویعرف هذا الارهاب بِـ( العدوان أو التخویف أو التهدید مادیاً أو معنویاً الصادر من الدول أو الجماعات أو الأفراد على الإنسان لدینه، أو نفسه أو عرضه، أو عقله، أو ماله، بغیر حق بشتی صنوف وصور الإفساد فی الأرض)([٤٢]).

    ان التطور التقنی فی مجال الاتصال عزز عملیة التهدید ومکن هذه التنظیمات والجماعات المسلحة من ضرب الانظمة الحیویة لمؤسسات الدولة وبنیتها التحتیة فضلاً عن الوصول الى برامج الالکترونیة الخاصة بحواسیب المعامل الغذائیة والصحیة من خلال التلاعب مثلاً بنسب بعض المنتجات ما یسبب المرض والموت للمستهلکین ،وکل ذلک من دون ای توغل فعلی وهذا فی نطاق ما یعرف بـ(الحرب السیبرانیة)(([٤٣]))، وبهذا فقد اصبح تهدید التنظیمات والجماعات المسلحة فی مجال الاتصالات یختلف کثیراً عن الماضی اذ اتاحت تقنیة الاتصالات إمکانیة التخطیط والعمل فی جمیع انحاء العالم من خلال التنسیق بین مجموعة من الخلایا المشتتة فی حین تبقى الخلایا الرئیسة فی الظل ،وبهذا یتم تنفیذ التهدید او العمیلة فی المنزل أو المکتب أو المقهى…الخ.

    ان اتساع التهدید فی مجال الاتصالات یرجع للخصائص التی یختلف فیها عن غیره من التهدیدات ،ویمکن تحید تلک الخصائص والسمات فیما یأتی([٤٤]):-

١/لا یحتاج فی تنفیذ العملیات إلى العنف والقوة بل یتطلب وجود حاسوب متصل بالشبکة المعلوماتیة ومزود ببعض البرامج اللازمة.

٢/تعد العملیات المنفذة متعدیة الحدود ،وعابرة للدول والقارات ،وغیر خاضعة لنطاق إقلیمی محدود. فضلاً عن نقص الخبرة لدى بعض الأجهزة الأمنیة والقضائیة فی التعامل معها. لا سیما اذا علمنا سرعة غیاب الدلیل الرقمی ،وسهولة إتلافه وتدمیره.

٣/تنفذ العملیة بتعاون أکثر من شخص على ان یکونوا من ذوی الاختصاص فی مجال تقنیة المعلومات أو لهم خبرة فی التعامل مع الحاسوب والشبکة المعلوماتیة ،وانه لا یترک أی دلیل مادی بعد تنفیذ العملیة وهذا مما یصعّب عملیة التعقب.

ثالثاً-التهدید فی مجال استخدام الطائرات المسیرة

    فی سبعینیات القرن الماضی قال الکاتب والمفکر الأمریکی والعالم فی دراسات المستقبل (ألفن توفلر) فی کتابه(صدمة المستقبل المتغیرات فی عالم الغد)…”إن المحاولات المتهورة لوقف التقنیة سوف تنجم عنها نتائج تماثل فی آثارها التخریبیة نفس نتائج المحاولات المتهورة لدفع تقدمها على غیر هدى إننا ،وقد حوصرنا بین هذین الخطرین ،ونحن فی حاجة ماسة إلى حرکة من أجل تقنیة مسؤولة. إننا فی حاجة إلى تجمع سیاسی واسع ملتزم التزاماً راشداً بدفع عجلة البحث العلمی والتقدم التقنی ،ولکن على أساس انتقائی فقط. تجمع یضع مجموعة من الأهداف الإیجابیة للمستقبل”([٤٥]). ان هذا یعطینا تصوراً واضحاً على ان التطور التقنی فی ای اتجاه سیعطی نتائج سلبیة مالم یکن مسیطراً علیه ومنضبطاً لاسیما فی الجانب العسکری الذی یتعلق بأمن وحیاة الشعوب. لاسیما اذا سیطرت جماعة متشددة او تنظیم متطرف مسلح  فی ای مکان بالعالم على هذه التقنیة فان الاثار المترتبة عن ذلک ستکون خطیرة جداً. فخلال الحرب العالمیة الثانیة طوّر ضابط کبیر فی القوة الجویة الأمیرکیة وهو الجنرال هنری ارنولد وسیلة جدیدة لمهاجمة محطات الغواصة الألمانیة “یو بوت” ، ومواقع أخرى عالیة التحصین: فقد حول القاذفتین القدیمتین “B١٧،٢٤” الى طائرتین تُداران عن بعد وحملهما بالمتفجرات(*). لم تحقق هذه الفکرة نتائج جیدة، لکن ذلک لم یمنع ارنولد من الإعلان فی ١٩٤٥ أن الحرب المقبلة ربما تجرى بطائرات بدون طیار إطلاقاً ،وصارت توقعات ارنولد أمراً واقعاً بعد سبعین سنة: بدأت الطائرات المسیّرة المسلحة بالسیطرة على الأجواء ،وهناک دول عدة تمتلک هذه التقنیة لاسیما الولایات المتحدة الامریکیة التی تملک حتى الآن احتکاراً نسبیاً على استخدام هذه الطائرات ،لکنها لا تستطیع الاعتماد على الاحتفاظ بذلک لمدة أطول لأن دولاً أخرى تلحق بها بسرعة. وبالرغم من أن هذه الأسلحة الجدیدة لن تغیر النظام الدولی بصورة جذریة مثلما حصل مع انتشار الأسلحة النوویة والصواریخ البالستیة. لکن ما زال بالإمکان استخدامها بوسائل ذات امکانیة عالیة على زعزعة الاستقرار والقتل([٤٦]) ،لقد کانت الطائرة بدون طیار من اهم هذه الابتکارات الحدیثة التی یمکن التحکم فیها عن بعد من قبل خبراء متخصصین على الأرض فهی مزودة بأجهزة وکامیرات، وقذائف وصواریخ تستخدم ضد أهداف معینة .حیث ان استخدامها یعد الاکثر تداولاً من قبل الدول والذی حقق نجاحاً باهراً هو فی تنفیذ الخطط العسکریة. فهی تعد الوسیلة المفضلة لجیش الولایات المتحدة الامریکیة فی الحروب العسکریة لاسیما فی الحملات التی تقودها ضد الجماعات المتطرفة والمسلحة. إذ تم  تنفیذ عملیات اغتیال أو قصف مبرمجة ضد هذه الجماعات من قبل وکالة الاستخبارات الامریکیة من خلال غارات جویة استهدفت هذه المجاعات المرتبطة بتنظیم القاعدة وطالبان([٤٧]).

       بالرغم من قوة التقنیة التی تتمتع بها هذه الطائرات والتطور الکبیر لکنها اسفرت ایضاً عن خسائر تسببت فی کوارث انسانیة کما فی الحادثة التی وقعت فی افغانستان عام ٢٠١٤ بسبب ارتباک المتحکمین بالطائرات والموجودین فی القاعدة العسکریة فی(نیفادا)خطأ فی التمییز بین مسافرین عادیین ومقاتلی طالبان إذ تسببت استنتاجاتهم الخاطئة بمجازر کبیرة. کما تشیر تقاریر صادرة من البیت الابیض ان عدد المدنیین الذین قتلوا فی ضربات الطائرات بدون طیار فی باکستان والیمن والصومال ولیبیا ارتفع خلال ٢٠٠٩ من ١٥الى ١١٦مدنی. کما ان هذه التقنیة اشترکت فی عملیات اجرامیة منها تهریب هواتف محمولة ومخدرات وأسلحة إلى سجون وتسببت فی حالة شغب فی إحدى الحالات وایضاً هروب سجناء من زنزاناتهم وهذا جعل بعض الدول تعمل ببعض الأمور الاحترازیة منعاً لحدوث هذه الخروقات([٤٨]). فعلى سبیل المثال فی دبی تختبر سبل رصد وتعقب طائرات بدون طیار بعد سلسلة اختراقات خطیرة عطلت رحلات بمطار دبی الذی یعتبر أحد أزخم مطارات العالم ،اما الجیش الفرنسی عمده الى المزج  بین الفنون القدیمة وعالم التقنیة من خلال تدریب الطیور الجارحة على إسقاط الطائرات بدون طیار عندما تدخل مجالاً جویاً محظوراً ،وغیرها من الحوادث الاخرى فقد شهدت بریطانیا تهدیدات متکررة بتصادم طائرات مسیّرة بطائرات رکاب مدنیة([٤٩]).

      على الرغم من هذا فان التهدید الاکبر من هذه التقنیة یأتی من امتلاکها واستخدامها بل محاولات لتصنیعها من قبل الجماعات والتنظیمات المسلحة لا سیما المتطرفة منها فقد نقلت وکالة أنباء (سبوتنیک)الروسیة عن رئیس إدارة بناء وتطویر أنظمة استخدام الطائرات المسیرة فی هیئة الأرکان الروسیة ألکسندر نوفیکوف ،قوله (إن خطر هذه الطائرات وسهولة اقتنائها أتاح للإرهابیین فرصاً جدیدة للتوسع فی عملیاتهم فی أی نقطة فی العالم الأمر الذی یتطلب اتخاذ تدابیر مناسبة للتخلص منه… کما قال ان ظهور أنواع جدیدة من الطائرات المسیرة لدى المسلحین فی سوریا مثلاً جاء بعد أیام قلیلة من وصولها إلى السوق الحرة فی بلدان مختلفة وان حقیقة استلام هذه الطائرات المسیرة من الخارج وتقنیة تجمیعها وبرمجتها یدل على أن حجم التهدید لا یقتصر على سوریا فقط بل العالم اجمع)([٥٠]).

    لقد فعل الاثر السلبی لتقنیة الطائرات المسیرة لاسیما من الجانب العسکری فعلهُ على صانعی ومستوردی هذه الطائرات انفسهم ،وذلک ما شهدناه فی معارک تحریر المدن العراقیة والسوریة والیمنیة التی وقعت تحت حکم الجماعات والتنظیمات المسلحة (داعش) منذ عام ٢٠١٤ فوفق ما نشرته صحیفة دیلی تلغراف البریطانیة نقلاً عن وزارة الدفاع الأمیرکیة (البنتاغون)(ان مقاتلو داعش یشکلون تهدیداً متنامیاً للولایات المتحدة الامریکیة والقوات العراقیة بنشرهم طائرات مسیرة تجاریة صغیرة مزودة بعبوات ناسفة أو کامیرات تجسس یمکنها أن تتفادى اکتشافها)(*،وهذا التهدید قاد مکتب البنتاغون المکلف بمراقبة ومکافحة العبوات الناسفة لطلب الموافقة من الهیئة التشریعیة الأمریکیة(الکونغرس)على تحویل عشرین ملیون دولار لجهود مکافحة هذه الطائرات من اجل تمویل تدابیر تحدید وجلب ودمج وإجراء اختبار للتقنیات التی من شأنها مواجهة آثار الأنظمة الجویة من دون طیار والتهدیدات التی تشکلها على القوات الأمیرکیة أن هذا الطلب یؤکد أن تقنیة الطائرات المسیرة الصغیرة المتاحة تجاریاً قد خرجت من نطاق الهواة إلى الأعداء ،وعلیه فان هذه الأنظمة الجویة من دون طیار والمزودة بعبوات ناسفة باتت تشکل تهدیداً مباشراً لقوات التحالف فقد قال مسؤول عسکری أمیرکی بهذا الصدد إنه فضلاً عن استخدام التنظیم لهذه الطائرات المسیرة وسیلةَ تصویرٍ بالفیدیو للبحث عن فرص للهجوم ورصد قوات الأمن العراقیة ،فهی تستخدم ایضاً فی توفیر المعلومات عن الأهداف للمرکبات التی تحمل المتفجرات الانتحاریة ،وخلال هذه الفترة هناک مجموعة کبیرة من الزوایا التقنیة التی یتم دراستها لدحر الطائرات المسیرة التی سیتم نشرها قریباً([٥١]).

     بناءً على ذلک وبعد هذا الاستعراض للأثار السلبیة التی تحدثها التقنیة العسکریة الحدیثة والتهدیدات التی تشکلها على حیاة وأمن الشعوب والدول. نجد على نقیض ذلک هناک تتنافس قوی بین القوى الدولیة فی تطویر وتصنیع وتصدیر واستیراد هذه التقنیات العسکریة رغم معرفتها بوصول هذه التقنیات لاسیما العسکریة منها الى ید جماعات وتنظیمات مسلحة او متطرفة .لذا سنحاول فی المبحث الرابع التطرق لاهم القوى الدولیة المتنافسة فی هذا المجال لاسیما القوى الدولیة الکبرى التی وظفت وما زالت توظف هذه التقنیات فی مواجهة الجماعات والتنظیمات المسلحة اینما وجدت خص وأن عالمنا الیوم یشهد حروباً لیست کالتی عهدناها سابقاً .حروباً فی مناطق مأهولة واخرى تحت الارض کالأنفاق التی تستخدمها هذه التنظیمات المسلحة لتنفیذ هجماتها ،وأیضاً حروب فی مناطق ضیقة واخرى فی العالم الافتراضی. تتطلب ان تطبق علیها هذا النوع من الاسلحة ،وما الحروب التی تخوضها الولایات المتحدة الامریکیة والتحالف الدولی ،والتحالف العربی بل ومنطقة الشرق الاوسط جمیعها ضد هذه التنظیمات بکل تسمیاتها عنا ببعید.

 

المبحث الرابع: التنافس الدولی فی مجال التقنیة العسکریة الحدیثة

      یعد التطور التقنی العسکری من العوامل المهمة والمؤثرة فی تحدید قوة الدولة ومکانتها فی النظام الدولی فقد اصبح هذا التطور من أهم مقومات القوة التی تملکها الدولة لبسط نفوذها وتحقیق المکاسب المادیة والمعنویة ،حیث لا تمتلک دول العالم نفس المستوى من هذا التطور فقلة منها القادرة على ابتکاره والحصول على النفوذ والبلوغ الى أعلى المراتب فی هرم القوة الدولیة([٥٢])، لذلک شکّل محوراً للتفاعلات الدولیة وأحد قضایا السیاسة الخارجیة ومثار اختلاف لوجهات النظر الى حد التقاطع بین اعضاء المجتمع الدولی. إذ ان تطور الاسلحة بهذا الشکل جعلت مساحة الابتزاز السیاسی اوسع مداً، فلا شک فی أن إدماج التقنیة فی المجال العسکری أکسب الجیوش میزة إضافیة هجوماً ودفاعاً. إلا أن ذلک بات یمثل فی الوقت ذاته تحدیات ومخاطر ،وتهدیدات أمنیة جدیدة کما بینا ذلک. لکن على النقیض من هذا ظهر تنافس دولی فی هذا المجال ،وأصبح التفوق التقنی فی القدرات الدفاعیة والهجومیة یشکل تحدیاً صعباً([٥٣])، وعلیه سنحاول فی هذا المبحث قیاس هذا التفوق لأبرز القوى الدولیة المتنافسة فیه. لاسیما وانه ثمة علاقة بین التقنیة العسکریة الحدیثة والأمن القومی للدولة.

اولاً- تقنیة النانو(*) والقوة العسکریة الأمریکیة

      تحت هذا العنوان اشارة الى بحث مشارک فی برنامج التقدیرات والاستراتیجیات الدفاعیة بمرکز الأمن الأمریکی الجدید. بأن تقنیة النانو تُقدم قوة مضاعفة للجیش الأمریکی فی مجالات عدة وفی مقدمتها تطویر أسلحة دمار شامل مصغرة ، وأن تطبیقات هذه التقنیة فی المجال العسکری الأمریکی والدول المنافسة لها هی کالآتی:-

١- تطبیقات تقنیة النانو فی المجال العسکری:

 تتمتع الولایات المتحدة الامریکیة منذ فترة طویلة بالریادة فی مجال أبحاث تقنیة النانو. فقد بدأت فی دراسة “تقنیة النانو” فی عام ٢٠٠٠ ، وخصصت میزانیة تُقدر ب ـ٥٠٠ ملیون دولار ، بید أنها تعانی من انخفاض مطرد فی التمویل الحکومی ، فضلاً عن زیادة الاستثمارات العالمیة لدول أخرى ،والتی تهدد الصدارة الأمریکیة فی هذا المجال ، ونظراً للقیمة المحتملة لتطبیقات تقنیة النانو فی کل من المجال المدنی والعسکری ، أنشأت الولایات المتحدة الامریکیة ما یُعرف بـ(المبادرة الوطنیة لتکنولوجیا النانو/NNI) عام٢٠٠١ لتعزیز أبحاث تقنیة النانو فی عدد من الجهات الحکومیة، ومنذ ذلک الوقت استثمرت الحکومة الأمریکیة ما یقرب من ٢١-٢٤ ملیار دولار فی أبحاث النانو بما فی ذلک ١,٥-١.٤ ملیار دولار خلال السنوات المالیة لعامی٢٠١٤-٢٠١٧ ، وتم تخصیص(١٥٦) ملیون دولار منها للأبحاث الخاصة بهیئات وأقسام البنتاغون مثل (وکالة مشاریع البحوث المتطورة الدفاعیة DAPRA ، وبرنامج الدفاع الکیمیائی والبیولوجی DATRA ، ووکالة الحد من التهدیدات الدفاعیةDTRA) ، وکما ورد فی الخطة الاستراتیجیة للمبادرة الوطنیة فإنه یتم تخصیص جزء کبیر من میزانیة الدفاع الأمریکیة الحالیة فی تحسین أجهزة الاستشعار ،وزیادة کفاءة استخدام الطاقة ،بما یصب فی اتجاه تعزیز القدرات القتالیة والأمن القومی الأمریکی([٥٤]) ، ویطور الجیش الأمریکی فی هذا المجال أبحاث تطبیقات (المجسات البیولوجیة (Biosensors، والتی تستخدم فی الکشف عن أی إصابات دماغیة طفیفة لدى الجنود کذلک ،یمتلک أجهزة استشعار ضد التهدیدات البیئیة بما فی ذلک المواد الکیمائیة والبیولوجیة والأمراض الخطرة الأخرى. ایضاً توصلت أبحاث النانو بیولوجی إلى زراعة أعصاب یمکن أن تعالج اضطرابات ما بعد الصدمة لدى الجنود المصابین أو تحسین ذاکرتهم. فضلاً عن استخدام تقنیات النانو فی تولید وتخزین الطاقة ،ومن ثم تعزز هذه التقنیة الاستقلال فی مجال الطاقة للمنشآت العسکریة([٥٥]).

     اما الصینفقد بدأت رحلة البحث والتطویر فی تقنیة النانو فی وقت مبکر منذ عام ١٩٨٩عندما تم إنشاء (مضاعف القوة الذریة/(Atomic Force  multiplier وأعقبه (مجهر المسح النفقی/(Scanning Tunnelling Microscope، والتی تعد الأدوات الرئیسة لأبحاث تقنیة لنانو([٥٦]) ،وفی عام ٢٠٠٦ نشرت مقالة صینیة سبعة تطبیقات عسکریة صینیة لتقنیة النانو ،تضم ما یأتی:- (أسطوانة النانو/(Nano Silindir  التی تعد سعتها التخزینیة أکبر ملیون مرة من أجهزة الکمبیوتر الحالیة ،(وهیاکل النانو/(Nano Structures التی تعد أقوى ١٠٠مرة من الفولاذ ،والقدرة على صنع أسلحة جینیة ،وسترات رقیقة تتمتع بالقدرة على امتصاص موجات الرادار بهدف التخفی والتسلل ،وصنع الأسلحة الصغیرة ،والأقمار الصناعیة متناهیة الصغر(النانویة)،ومعدات الجنود ،وعلیه تعد الصین واحدة من أسواق تقنیة النانو الأسرع نمواً فی العالم بقیمة تقدر بنحو١٤٥ملیار دولار خلال عام ٢٠١٥([٥٧]).

    أماروسیا بدأت فی نیسان٢٠٠٧ بدراسة وتطویر تقنیة النانو، وتم تخصیص میزانیة لهذا الغرض قدرها أکثر من (١٠٠) ملیار روبل ای (٣،٣) ملیار دولار ، وتقوم روسیا بتطویر تقنیة النانو فی التطبیقات العسکریة فی مجال وقود الصواریخ وتطویر الزی العسکری ،وتصنیع المواد متناهیة الصغر ،وتصنیع سترات النانو لطائرات المیج والسوخوی([٥٨]).

     أما فی الیابانتعد تقنیة النانو أحد المجالات ذات الأولویة ، ویتم توفیر الدعم المالی لها من قبل العدید من الوزارات ففی عام٢٠٠١ ، وضعت الخطة الأساسیة للعلوم والتقنیة الأهداف الأولیة للبحوث فی مجال تقنیة النانو ،وعلى الرغم من عدم وجود أدلة مباشرة تشیر إلى تطویر تطبیقات عسکریة لتقنیة النانو فی الیابان. إلا أن إرشادات برنامج الدفاع الوطنی للسنة المالیة٢٠١٤ ،وما بعدها وضعت المبادئ التوجیهیة الجدیدة للدفاع الوطنی فی الیابان وأبرزت حقیقة أن الاستراتیجیة العسکریة والتوازن العسکری سیتأثران بشکل کبیر جراء التقدم وانتشار التقنیات الحدیثة بما فی ذلک (تقنیة النانو)([٥٩]).

    ایضاً الاتحاد الاوربی بدأ بتطویر تقنیة النانو فی عام ١٩٩٦، وفی عام ٢٠٠٢ تم الاعتراف بتقنیة النانو باعتبارها واحدة من اولویات البرنامج الإطاری السادس(FP٦) للبحث والابتکار ، مع میزانیة تُقدر بـ(١٣٠٠) ملیون یورو لتقنیة النانو وحدها ،وارتفعت لتصل إلى(٣٤٧٥) ملیون یورو فی البرنامج الإطاری السابع(٢٠٠٧– ٢٠١٣) ثم تم تطبیق مبادرة (آفاق ٢٠٢٠) فی وقت لاحق بمیزانیة تقدر بملیار یورو، وتوضح الدراسة أن الأبحاث والتمویل ذات الصلة بمجال الدفاع فی الاتحاد الأوروبی تضم عدداً من البلدان مثل المملکة المتحدة والسوید وفرنسا، وتشمل المجالات البحثیة (أجهزة استشعار نانو ،والأجهزة الإلکترونیة ،وتصنیع المواد متناهیة الصغر، والحمایة من المخاطر النوویة والکیمیائیة والبیولوجیة ،والحروب الإلکترونیة ،واستخدامات الجنود)([٦٠]).

    فی حین جاءت الهند لتدرک إمکانیات تقنیة النانو فی وقت مبکر فی عام٢٠٠١ ،وخصصت میزانیة قدرها حوالی (٦٠) ملیون روبیة عندما تم إطلاق مبادرة (النانو والتکنولوجیا/NSTI) فی الخطة الخمسیة العاشرة (٢٠٠٢-٢٠٠٧). ثم ارتفعت فی عام ٢٠٠٧ لتصبح (١٠) ملیارات روبیة فی إطار الخطة الخمسیة الحادیة عشرة (٢٠٠٧–٢٠١٢)، وتساهم العدید من الدوائر الحکومیة فی هذا المجال بما فی ذلک منظمة (أبحاث وتطویر الدفاع الهندیة DRDO) التی قامت بتأسیس منشآت للبحث ولإنتاج المواد متناهیة الصغر النانویة فی حیدر أباد ودلهی وکانبور بتکلفة إجمالیة قدرها(١٠) ملیارات روبیة. کما دخلت الهند أیضاً فی برامج ثنائیة لتطویر تقنیة النانو مع الاتحاد الأوروبی وألمانیا وإیطالیا وتایوان والولایات المتحدة الامریکیة ،وبدأ القطاع الخاص فیها بالاهتمام بتقنیة النانو ،فقامت شرکتان کبیرتان بإنشاء مراکز للبحث والتطویر فی هذا المجال، وان الجهود المبذولة من قِبل الحکومة الهندیة قد أدت لإحراز تقدم ملحوظ فی مجالات النانو ،ویتمثل فی الأنظمة المیکانیکیة الکهربائیة الصغیرة MEMS)) والأنظمة المیکانیکیة الکهربائیة الدقیقة النانویة NEMS))،وأجهزة الاستشعار المتقدمة والتطبیقات فی مجال الطاقة ،وتطویر أجهزة للحمایة من الهجمات النوویة والبیولوجیة والکیمیائیة ،فضلاً عن إمکانیة تطویر المرکبات الجویة غیر المأهولة(UAVs) ،ومرکبات القتال الجوی بدون طیارUCAVs))لخفض معدل الإصابات ودعم القدرات القتالیة والعملیات العسکریة فی المناطق المأهولة، والمناطق صعبة التضاریس([٦١]).

    أماباکستان فقد  بدأت بمبادرة تقنیة النانو فی عام٢٠٠٣ من خلال (اللجنة الوطنیة للتکنولوجیا وعلم النانو/NCNST) التی أسستها الحکومة لفترة أولیة مدتها ثلاث سنوات باستثمار بلغ (١١) ملیون دولار ،ثم تم وضع خطة مفصلة فی عام  ٢٠١٣ بتمویل إجمالی قدره٢٥ ملیون دولار تقریباً ،وتشیر الدراسة إلى أن إنشاء مختبرات للتطبیقات الدفاعیة یعد من الأهداف الرئیسة لهذه المبادرة ،مع الترکیز بشکل خاص على البحث والتطویر فی مجال الفضاء والملابس الواقیة ،وحدیثاً تم اقتراح إنشاء مؤسسة باکستان لتقنیة النانو والتی من المقرر أن تضع خططاً حول تقنیة النانو لمدة خمسة وعشرة سنوات.

    وتعد ایضاً کوریا الجنوبیة هی الدولة الرائدة فی مجال تقنیة النانو ،وقد بدأت مبادرة تقنیة النانو الوطنیة الکوریة فی کانون الاول عام ٢٠٠٠ من قِبل مجلس(العلوم والتکنولوجیا الوطنی/NSTC) ،ویبلغ استثمارها فی هذا المجال نحو(٤،٨٥) ملیار دولار خلال الفترة من ٢٠٠٥- ٢٠١٥ ولدى کوریا الجنوبیة ثلاثة برامج بحثیة رائدة فی مجال تقنیة النانو ،وخمسة مرافق حکومیة لتصنیع وتطویر هذه التقنیة([٦٢]).

٢- البیئة التنافسیة العالمیة لأبحاث تقنیة النانو:

      لقد جاءت هذه البیئة بنتائج مثمرة لاسیما لبرامج النانو. إذ یجرى تطویر مادة تتفاعل وتتکیف مع مصادر الضوء والتی تعد خطوة الأولى فی تطویر تمویه أکثر تقدماً لقادة الحروب على مستوى أکثر تخمینیاً ،ویمکن لهذه الابحاث أن تتمکن من إخفاء الأجهزة التی تنکسر بالضوء ،مما یجعل الموضوع غیر مرئی بشکل فعال ،وبهذا سیتم استخدام العدید من الأجهزة لإخفاء محاربی الحروب ،وکذلک منصات الأسلحة الرئیسة. کما تم اکتشاف وسیلة لتولید الطاقة وتخزینها باستخدام جسیمات أشباه موصلات صغیرة تسمى النقاط الکمومیة فی سعة تجریبیة لتحسین کفاءة الطاقة بأکثر من ٤٠٪، فی حین تم استخدام نانو الکربون والسلیکون لزیادة تخزین البطاریة والکفاءة.

      شهدت البیئة التنافسیة لأبحاث تقنیة النانو تسابقاً بین القوى الدولیة بتخصیص المیزانیات الضخمة لها. فبالنسبة للولایات المتحدة الامریکیةاستمرت بالصدارة کمستثمر رائد فی مجال هذه الابحاث، رغم أنها عانت من تراجع تمویلها فیه لا سیما فی عام ٢٠١٢حیث انخفضت مستویات التمویل الأمریکی لأبحاث تقنیة النانو بنسبة(١٧%)،وبما یقدر بنحو(٥٩%) بالنسبة للأبحاث المرتبطة بالشؤون العسکریة. لذلک اتجهت الولایات المتحدة الامریکیة فی بدایة عام ٢٠١٨ إلى التأکید مرة اخرى على تفوقها من جدید فی مجال الانفاق على الأسلحة التی تعتمد على الذکاء الاصطناعی لاسیما بعد ادراکها أن الصین قد تهدد تفوقها فی التقنیة العسکریة ،ومن المؤشرات على ذلک قیام وزارة الدفاع الأمریکیة بتوقیع عقد شراکة مع شرکة گوگل لعسکرة الذکاء الاصطناعی وتقنیات التعلم الآلی بهدف تحسین الأداء القتالی والتشغیل الآلی لعملیة صنع القرار فی تحدید مکان المقاتلین واستهدافهم. وبهذا ستحافظ على میزتها ومکانتها فی التقنیة العسکریة المعتمدة على تقنیة النانو من خلال مضاعفة التزامها بالمبادرة الوطنیة لأبحاث تقنیة النانو، وزیادة تمویل البرامج الدفاعیة المتخصصة ،وکذلک تحفیز المؤسسات التعلیمیة والقطاع الخاص لمتابعة الأبحاث بهذا المجال. وعدم التزام الولایات المتحدة الامریکیة  بما سبق، ستصبح عُرضه على نحو متزاید للتقنیات العسکریة الأجنبیة المدمرة([٦٣]) ،وفی المقابل ارتفعت نسبة الإنفاق العالمی فی هذا المجال من قَبل الحکومات والقطاع الخاص إلى٤٠% خلال عامی٢٠١٠-٢٠١٣ إذ یوجد أکثر من٦٠ دولة تمول برامج بحثیة لتقنیة النانو مثلالیابانالتی ترصد(١,٣ ملیار دولار)لها ،وروسیا تخصص حوالی(٩٧٤ ملیون دولار) ،وألمانیا تخصص(٦١٧ ملیون دولار)([٦٤]).

ثانیاً- الفضاء الإلکترونی والقدرات العسکریة

      حذر الأمیرال مایکل روجرز، مدیر وکالة الأمن القومی الأمریکیة، أمام مجلس النواب الأمریکی فی تشرین الثانی ٢٠١٤، بأن البنیة التحتیة الأمریکیةفی مجال الفضاء الإلکترونی عُرضة للهجوم والاختراق المعلوماتی من قِبل دول أجنبیة ،وکما اشار الاستاذ بول روزنزویج وهو محاضر فی القانون وتحدیداً قانون الأمن السیبرانی فی مقاله له  صادرة عن مجلس السیاسة الخارجیة الأمریکیة عام ٢٠١٥ إن کلاً من روسیا والصین وإیران بوصفها قوى دولیة هم خصوم منافسین للولایات المتحدة الامریکیة فی ذلک المجال ،إذ تعد روسیا الأکثر تقدماً من الصین فی مجال صراع الفضاء الإلکترونی، بل تمتلک روسیا قدرات قد تتفوق بها جزئیاً على الولایات المتحدة الامریکیة، ویکمن أساس هذا التفوق الروسی فی البنیة التحتیة المتمیزة لقدراتها السیبرانیة. کذلک لا تکمن هذه القدرات فی وحدات الجیش الروسی فحسب، بل أیضاً فی امتلاکها کوادر تمتلک مهارات تقنیة عالیة من مخترقی الشبکات([٦٥]).

     أما الصینفقد عدها مرکز فریزون-الشرکة العالمیة الرائدة فی حلول وخدمات الاتصالات والتقنیة المبتکرة- فی تقریر له صدر عام٢٠١٣ ،أکبر فاعل خارجی فی مجال الاختراق الإلکترونی ،ووفقاً للتقریر فقد قامت الصین بنحو(٩٥%)من الهجمات الإلکترونیة التی ترعاها الدول. کما أشار تقریر للبنتاگون فی عام ٢٠١٠ والمُقدم إلى الهیئة التشریعیة الأمریکیة(الکونغرس)عن التطورات العسکریة والأمنیة للصین ،إلى استمرار تعرض العدید من أنظمة الحاسب الآلی فی جمیع أنحاء العالم، بما فی ذلک المملوکة للحکومة الأمریکیة ،إلى عملیات الاختراق التی نشأت فی الصین([٦٦]).

      ومن بین المنافسین للولایات المتحدة الامریکیة أظهرت إیران استعداداً جدیاً لاستخدام الأدوات السیبیریة بطرق تدمیریة ضد الأهداف الأمریکیة والإسرائیلیة ودول أخرى فی منطقة الشرق الاوسط ففی عام ٢٠١٢ ،أفادت التقاریر بأن المیزانیة السنویة الإیرانیة فی مجال الفضاء الإلکترونی بلغت ملیار دولار تقریباً ،وقد استخدم الایرانیون أدوات الإنترنت بطریقة إستراتیجیة جغرافیة لإحداث ضرر بمصالح الولایات المتحدة الامریکیة ومصالح دول أخرى، وان الهجوم الأکثر بروزاً کان(هجوم حجب الخدمة أو هجوم الحرمان من الخدماتDDOS ATTACK/)* على العدید من البنوک الأمریکیة فی أواخر عام ٢٠١٢. أیضا کانت إیران مسؤولة عن هجوم الفیروس (Sha-moon)على شرکة أرامکو السعودیة ،أکبر منتج للنفط فی العالم والتی دمرت حوالی٣٠٠٠٠ جهاز کمبیوتر ،فضلا ًعن هجوم على شبکات الحاسوب لشرکة الغاز الطبیعی القطریRas Gas ([٦٧]).

     ورداً على البیئة التنافسیة الدولیة، فقد أسس البنتاغون الامریکی(وزارة الدفاع الامریکیة) وحدة خاصة بالقوة السیبرانیة القتالیة وقیادة الأمن السیبرانی، هدفت إلى تنسیق الجهود اللامرکزیة للأمن السیبرانی وتوفیر قیادة موحدة لکل من العملیات الدفاعیة والهجومیة. فعلى الجانب الدفاعی تعد القیادة السیبرانیة مسؤولة عن الإجراءات الهادفة إلى حمایة واکتشاف والاستجابة للنشاط الخفی فی إطار نظم المعلومات وشبکات الإنترنت للبنتاغون کذلک ،تنطوی العملیات السیبرانیة الهجومیة على تعطیل ومنع وتدمیر المعلومات ،والهجوم الإلکترونی بهدف تدمیر البنیة التحتیة العسکریة أو المدنیة للخصم([٦٨]).

       لقد استمرت القوى الدولیة فی تنافس لا یعرف الکلل او الملل فی مجال انتاج وتطویر واستیراد التقنیة العسکریة الحدیثة فإلى جانب التنافس فی مجالی تقنیة النانو ،والفضاء الالکترونی هنالک جوانب تنافس اخرى متمثلة باستخدام الروبوتات فی المجال العسکری فالبعض یتوقع أنها ستکون أفضل من الجنود فی تسییر الحرب فی الظروف المعقدة ،بل ویمکن أن تکون أکثر إنسانیة فی ساحة المعرکة من البشر. وفی المقابل اعتبر أکادیمیون آخرون الروبوتات العسکریة من الأسلحة الفتاکة وطالبوا بفرض حظر دولی على استخدام الأسلحة الفتاکة ذاتیة التحکم. ففی عام ٢٠١٤ عقدت الدول الاعضاء فی الامم المتحدة اجتماعاً فی جنیف بشأن وضع الروبوتات القاتلة على قائمة الاهتمام الإنسانی الدولی کونها اسلحة فتاکه([٦٩])، وبالرغم من ذلک فلم یتوقف التنافس عند هذا الحد إذ یبرز تنافس دولی اخر فی مجال التقنیة العسکریة الحدیثة متمثل بالضربة العالمیة الفوریة التقلیدیة(CPGS) ،وهی منظومة تستطیع ضرب أی مکان بالعالم بواسطة سلاح تقلیدی فی أقل من ساعة واحدة من وقت إعطاء أوامر التنفیذ، وقد أیدت إدارتا جورج بوش و أوباما نشر هذه القدرات العسکریة، ومع ذلک لا یوجد خطط محددة لدى البنتاغون لنشرها ،وان أهمیة هذه المنظومة العسکریة تکمن بضرب الأهداف ذی الأولویات العالمیة مثل الأهداف العابرة کالفاعلین الإرهابیین أو وقف عملیة نقل أسلحة الدمار الشامل ،ومن ابرز القوى المتنافسة فی مجال تطویر المنظومة التقلیدیة الولایات المتحدة الامریکیة وروسیا والصین من اجل تطویر ترسانات أسلحة تقلیدیة بعیدة المدى([٧٠]).

     وعلیه فان القوى الدولیة مازالت تتنافس فی مجال انتاج التقنیة العسکریة الحدیثة التی لا یتسع المقام لعرض کل مجالاتها واشکالها وانوعها ،وبالرغم ما قد ینتج عن انتشارها من تهدید مباشر یمس حیاة وامن الشعوب ،ولاسیما إذا انتقلت هذه التقنیة الى ید تنظیمات وجماعات ارهابیة متطرفة او تسربت معلومات عن کیفیة تصنیعها فقد تکون النتائج کارثیة وقت إذ.

خاتمة:

    لقد ثبتت التقنیة بصماتها على المجتمع البشری منذ القدم حیث عرف الانسان کیف یولّد النار بواسطة قدح الاحجار، واستمر التطور عبر حقب زمنیة طویلة وصولاً الى عصر الاقمار الاصطناعیة والاتصالات السریعة وتقنیة المعلومات. ان هذا التطور شمل کل مجالات الحیاة ،ولاسیما المجال العسکری الذی استمر فی دوره المتزاید الأهمیة فی نطاق العلاقات الدولیة وشکّل عاملاً مؤثراً وفعالاً بالتأثیر فی قوة الدولة العسکریة وتفاعلاتها السیاسیة الخارجیة، لیکون بذلک عاملاً مؤثراً فی تراتبیة الوحدات الدولیة فی إطار النظام الدولی الذی تنتظم فیه ،فبعد انتهاء الحرب العالمیة الثانیة وانقسام العالم إلى المعسکرین الرأسمالی والاشتراکی أصبحت السمة الرئیسة للنظام الدولی فی ذلک الحین هی سباق التسلح المحموم بین المعسکرین ،وأصبح المعیار العسکری النووی هو المعیار الأساس فی احتساب قوة الدولة ،ومن هنا جاء دور التقنیة لتُدخل تطورات سریعة وخطیرة على المنافسة العسکریة الدولیة فی ذلک الحین فأخذ السلاح النووی یشهد تطورات وقفزات نوعیة ،والى جانب ذلک بدأت تظهر انواع جدیدة من الاسلحة عالیة الدقة ،وبالرغم من ان التطور التقنی شمل مختلف میادین الحیاة لکن الاهتمام بتطویر الجانب العسکری حاز على النصیب الاکبر لاسیما بعد احداث الحادی عشر من ایلول٢٠٠١ ،واعلان مرحلة الحرب على الارهاب.

   بالرغم مما یمیز التقنیة العسکریة الحدیثة من کونها قللت من وقت تنفیذ الهجوم واعطت نتائج فعاله فی اصابة الاهداف بشکل دقیق ،وقللت عدد الضحایا وعدد المقاتلین وساعدت على خوض الحروب او المواجهات المسلحة فی ای مکان وای وقت تقع هذه الحرب او المواجهة وغیرها من المزایا. الا ان الخطر الاکبر یکمن فی وقوع هذه التقنیة بید جماعات مسلحة ومتشددة غیر منضبطة ،وهنا سیبدو الاثر السلبی لهذه التقنیة اکثر وضوحاً فقد یجری تطویرها وتصنیعها من قبل هذه الجماعات، لذلک فان توظیف الدول والحکومات لهذه التقنیة فی محاربة الإرهاب لا یقابله إلا توظیف الإرهاب نفسه لذات التقنیة فی استهداف مواقع ذات الدول والحکومات سواء بسواء أو بدرجات متفاوتة تفاوت الاحتکام على هذه التقنیة وتفاوت القدرة على توظیفها ،وقد لا یکون لشبکات الجماعات المسلحة ذات البنیة العسکریة واللوجستیة والبشریة التی تمتلکها الدول ولا بحوزتها أعتى مقومات الآلة الحربیة التی تتوفر للدول ،لکنها قد تتساوى مع ذات الدول لحد ما فی نظم المعلومات وطرق التنظیم والانضباط المؤسسی للأفراد الأعضاء فیها وان ذلک یمثل الاثر السلبی للتقنیة.

     وبالرغم من هذا الاثر السلبی الظاهر ،فان القوى الدولیة مستمرة فی التنافس فیما بینها من اجل تطویر التقنیة العسکریة بکل میادینها ،وهنا نستنتج الاجابة على الفرضیة التی طرحها البحث فی المقدمة ،وعلیه نورد بعض المقترحات بهذا الخصوص:-

١-      یجب على جمیع القوى الدولیة ان لا تتوانى فی وضع حلول من شأنها ان تمنع وصول هذه التقنیة بید هذه الجماعات المسلحة.

٢-      قیام القوى الدولیة بتعیین او استئجار الخبراء لمعرفة خبایا تقنیة الارهاب وأسراره أو لاستنساخ أو لتطویر سبل استعمالاته. لاسیما وانه لا یمکن الجزم بحیادیة التقنیة کونها بالأساس نتاج منظومة قیم معینة تنشأ فی الغالب رداً على حاجة المجتمع لذات المنظومة، ولهذا السبب أیضا لا یمکن الجزم بالطبیعة الإرهابیة للتقنیة إیاها سواء أکانت من تلک التی تصمم للعنف تقنیة الآلة العسکریة أم من تلک التی لا تبرز وظیفة العنف فیها إلا کرافد من روافدها لیس إلا. کتقنیة الإعلام والاتصال مثلاً.

٣-      الحد من التنافس الدولی فی انتاج وتصنیع التقنیة المدنیة او العسکریة فهو إن لم یجعل منها أداة إرهاب، فعلى الأقل سیجعلها وسیلة ترهیب وعنف.

٤-      یجب ان تتفق جمیع الدول المصنعة لهذه التقنیات على الحفاظ بقوة على سریة وخطورة وامنیة هذه التقنیات عسکریة کانت ام مدنیة کی لا تصل الیها ید الجماعات المسلحة وبالتالی توظفها فی هجماتها التی تهدد حیاة وامن شعوب ودول العالم باسره.

٥-      واخیراً یجب ان تراعی القوى المصنعة لهذه التقنیة جمیع تفاصیل ضبط اصابة الاهداف بدقة حینما یتم استخدامها فی حرب او هجوم معین حتى تجنب نفسها ما وقعت فیه سابقاً من اخطاء راح ضحیتها اعداد کبیرة من الابریاء کما حدث اخیراً فی المعارک التی قادتها الولایات المتحدة الامریکیة والتحالف الدولی فی العراق والیمن وسوریا وافغانستان وغیرها .

الهوامش والمصادر

([١])بیتر سنغر ,التکنولوجیا العسکریة دورها حاسم فی الحروب ,مجلة آفاق المستقبل ,مرکز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتیجیة ,الامارات العربیة المتحدة ,العدد ٢٧ آب فی ٢٠١٥,ص ٨٨ .

(*) … فی هذا المجال بدأنا نشاهد تقنیة تحلق فی السماء کانت حتى وقت قریب تعد من عالم الخیال العلمی وهی طائرات روبوتیة معروفة باسم( منظومات جویة من دون طیار) ,والتی استخدمت فی سوریا والعراق من قبل قوات التحالف الدولی لتحدید اماکن الجماعات المسلحة …لمزید من التفاصیل انظر المصدر نفسه ,ص ٨٦-٨٧ .

([٢])بیتر سنغرز ,وکونستانتین کاکایس ,استخداماتها والاسئلة التی تثیرها الطائرات من دون طیار تکنولوجیا الغد ,مجلة آفاق المستقبل ,مرکز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتیجیة ,الامارات العربیة المتحدة ,العدد ٢٨ تشرین الاول وتشرین الثانی وکانون الاول  فی ٢٠١٥, ص ٨٦ .

([٣])إبراهیم إسماعیل کاخیا ,التکنولوجیا الحربیة الحدیثة بین العلم والتطور ,مقال متاح فی مجلة الدفاع العربی الالکترونیة ,صفحة قراءات استراتیجیة ,٩/حزیران/٢٠١٧على شبکة المعلومات الدولیة(الانترنت)على الرابط:- http://arabdefencejournal,ینظر ایضاً:-

 CHAPMAN, Gary. An introduction to the revolution in military affairs. In: XV Amaldi Conference on Problems in Global Security,٢٠٠٣ ,p:٢-٣ .

(*)ففی هذا المجال قام مجموعة من العلماء ممن هاجروا الى الولایات المتحدة الامریکیة فراراً من الاضطهاد فی العهد النازی, بمطالبة الرئیس الامریکی آنذاک روزفلت بتخصیص الاموال لیتوصلوا الى اختراع هذا السلاح النووی قبل أی احد أخر ,وتم ذلک بالفعل من خلال مشروع عرف باسم(مانهاتن) ,والذی استطاعوا من خلاله صناعة وتجربة اول تجربة ذریة فی التاریخ عام ١٩٤٥ ,وبعدها وضع السلاح موضع التطبیق الفعلی بإلقاء القنبلتین الذریتین على هیروشیما وناکا زاکی فی الیابان…لمزید من التفاصیل انظر :- فؤاد زکریا ,التفکیر العلمی ,سلسلة کتب عالم المعرفة ٣ ,المجلس الوطنی للثقافة والفنون والآداب ,الکویت,١٩٩٠ ,ص١٥١-١٥٢ .

([٤])Michael B Kelley and Armin Rosen, The US Needs To Stop Pretending the Sony Hack is Anything Less Than an Act of War, Article available on the Military and Defense website, New York, December, ٢٠١٤. On the website

    http://www.businessinsider.com/sony-hack-should-be-considered-an-act-of-war

([٥])إبراهیم إسماعیل کاخیا, مصدر سبق ذکره.

([٦])صابرین السعو , أول کمبیوتر صنع فی العالم ,مقال متاح على موقع موضوع أکبر موقع عربی بالعالم ,فی موقعها على شبکة المعلومات الدولیة (الانترنت) على الرابط :-  https://mawdoo٣.com, کذلک انظر :- إبراهیم إسماعیل کاخیا, مصدر سبق ذکره.

(*) سیبرنطیکا او السیبرانیة:- هو علم حدیث یستند الى المنجزات العلمیة والتقنیة الکبیرة فی حقول السیطرة الالکترونیة والعقول الحاسبة. اما فی الوقت الحاضر هی الحرب الإلکترونیة التی یطلق علیها اسم “الحرب السیبیریة” لأنها شبیهه بالحرب ,إذ یتم فیها الهجوم على الملفات والمواقع وغیرها التی تخص الاخرین .أما کلمة “سیبیریة” أو “سایبورغ” فهی کلمة بدأ استخدامها عام ١٩٦٠ والتی تعنی المزج بین الالیکترونیات والأنسان…لمزید من التفاصیل انظر:-عبدالوهاب الکیالی ,الموسوعة السیاسیة ,ج٣ ,المؤسسة العربیة للدراسات والنشر ,بیروت ,١٩٨٥,ص٣٩٧- ٣٩٨ .کذلک انظر :-

Richard Kissel, “Glassory of Key Information Security Terms”, National Institute of standards and technology, U.S Department of Commerce “, Revision, ٢, May,٢٠١٣, p٥٧.

([٧])Michael B Kelley and Armin Rosen,op. cit. andsee:- PRABHAKAR ,Arati. Breakthrough Technologies for National Security. Defense Advanced Research Projects Agency (DARPA), Tech. Rep., ٢٠١٥.P:١٨-١٩  , and see 

إبراهیم إسماعیل کاخیا ,مصدر سبق ذکره .

([٨])یوسف جمعة الحداد ,وآخرون ,الأمن الوطنی…المفهوم والأبعاد والمرتکزات ,مجلة درع الوطن(عسکریة واستراتیجیة) ,الامارات العربیة المتحدة ,العدد ٥٠٢ ,٢٠١٣,ص ٨٢- ٨٣ .

([٩])Athony H.Cordeman, The Obama Administration and US strategy :The First ١٠٠ Days ,center For strategic and international studies ,in ٢٠٠٩,p٣-٧.

([١٠]) یوسف جمعة الحداد ,وآخرون ,مصدر سبق ذکره ,ص ٨٣-٨٦ .

(* )…تعد الدبلوماسیة اداة من ادوات تنفیذ السیاسة الخارجیة سواء فی وقت السلم من خلال مرحلة اعداد الدولة للدفاع او فی وقت الحرب .إذ یقال ان الدبلوماسیة والقوات المسلحة وجهان لعملة واحدة یتوارى احدهما لیظهر الاخر…لمزید من التفاصیل أنظر:-علی عبدالفتاح ,الاعلام الحربی والعسکریة ,ط١,دار الیازوری العلمیة للنشر والتوزیع, عمان, الاردن , ٢٠١٤ ,ص٥٠,

([١١])المصدر نفسه ,ص ٨٦-٩٠.

([١٢])Hammes, Thomas X. “Technologies Converge and Power  Diffuses”, Policy Analysis , ٢٠١٦ , ٧٨٦p,١٦ .

([١٣])خلود ولید صالح ,دور المتغیر التکنولوجیا على السیاسیة الدولیة الجدیدة بعد الحرب الباردة, رسالة ماجستیر غیر منشورة ,جامعة النهرین ,کلیة العلوم السیاسیة ,ادارة السیاسیة الدولیة ,بغداد ,٢٠٠٩ ,ص ٨٣  ,کذلک انظر: إبراهیم إسماعیل کاخیا, مصدر سبق ذکره.

([١٤])نقلاً عن: عبد المنعم سعید ,العرب ومستقبل النظام الدولی ,ط١ ,مرکز الدراسات الدولیة ،بیروت ،١٩٨٧ ,ص ١٧.

([١٥])فیصل احمد عباس المهدى ,الکمبیوتر أصبح بأهمیة السلاح فی المعارک الحدیثة الثورة المعلوماتیة تحدث انقلاباً استراتیجیاً فی العملیات العسکریة ,مقال متاح على موقع جمهوریة السودان ,وزارة الدفاع ,مقالات واراء حرة ,٢٠١٥ ,ص٢ ,على شبکة المعلومات الدولیة (الانترنت)على الموقع :-

 https://mod.gov.sd/index.php                                                                                             

([١٦])إبراهیم إسماعیل کاخیا ,دور الحاسب الإلکترونی فی الحروب الحدیثة ,مجلة الباحثون ,العدد ٤٤ ,سوریا ,٢٠١١ ,ص١-٢ .

([١٧])ریاض مهدی عبد الکاظم ,والاء طالب خلف ,المعلوماتیة والحروب الحدیثة(دراسة حالة الحرب الامریکیة على العراق عام ٢٠٠٣) ,مجلة واسط للعلوم الانسانیة ,المجلد (١١) ,العدد ٢٩ ,العراق ,٢٠١٥ ,ص ١٨٤ .

([١٨])معلومات متاحة على موقع  وزارة الدفاع الامریکیة ,سلاح الجو الامریکی ,الازرق :الدرع السیبرانی ,على  شبکة المعلومات الدولیة (الانترنت)على الموقع:-http://www.af.mil/News/Article-Display 

([١٩])فیصل احمد عباس المهدى ,مصدر سبق ذکره ,ص٥ ,کذلک انظر:- إبراهیم إسماعیل کاخیا ,التکنولوجیا الحربیة الحدیثة بین العلم والتطور ,مصدر سبق ذکره .

([٢٠])إبراهیم إسماعیل کاخیا ,دور الحاسب الإلکترونی فی الحروب الحدیثة ,مصدر سبق ذکره ,ص ٤.

(*) فی هذا الجانب ,ومن اجل تحسین دقة ومدى الأسلحة ،بدأ صانعو الأسلحة بـ(حلزنة) ماسورة البندقیة، أی وضع أخادید فی داخلها إما فی جهة الیمین أو الیسار لتجعل الرصاصة تخرج من البندقیة فی حالة دوران .کما ساعدت هذه العملیة ایضاً بتثبیت قذیفة الدبابات وسمحت لها بالوصول إلى مسافات أبعد. حیث تحقق هذه الأخادید للقذیفة قدرة ذاتیة للدوران حول محورها الطولی فی حرکة مغزلیة الشکل للحصول على توازن واستقرار أفضل للقذیفة…لمزید من التفاصیل أنظر :- السر حسن أحمد الضو ,أهمیة إنشاء قواعد بیانات الاسلحة الناریة فی مجال العمل الجنائی دراسة حالة: (استخدام جهاز IBIS Arsenal), رسالة ماجستیر غیر منشورة مقدمة الى جامعة الرباط الوطنی, کلیة الدراسات العلیا والبحث العلمی ,المغرب ٢٠١٦,ص ٣٥-٣٦ ,کذلک انظر:- انوار الشراد ,ماذا تعرف عن مدافع الدبابات ,مقال متاح فی المنتدى العربی للدفاع والتسلیح فی موقعه على شبکة المعلومات الدولیة(الانترنت) على الرابط :-

http://defense-arab.com/vb/threads//٩٤٠١٤

([٢١])Christopher F Foss, report about Field artillery is increasingly employing precision-guided munitions in order to engage targets with greater accuracy., analysis in IHS Jane’s Defense Industry and Markets Intelligence Centre, Jane’s Defence Weekly , ٢٠١٥ ,p,٢-٣.

([٢٢]) Prabhakar, Arati, op. cit,p. ٢٢.

(*) من الجدیر بالذکر انه فی الأشهر التسعة الأولى من عملیات التحالف الدولی ضد تنظیم داعش فی العراق وسوریا أصیب أکثر من(٥٥٤٨)هدفاً من خلال قرابة (٣٣٠٠) ضربة جویة ،وهذا مستوى دقة مذهل تاریخیّاً ،وهذا کله من دون فقدان أی شخص فی الأعمال القتالیة مقارنتاً بالاختبارات التی أجریت إبّان الحرب العالمیة الثانیة حیث کان معدل إصابة الأهداف أقل من ٤% من خلال الضربات الصاروخیة ضد أهداف ثابتة…انظر :-

Kedar Pavgi, “The ٥,٥٤٨ ISIS Targets Struck By Coalition Air Forces, in ٣ Charts,” Defense One , Aril ٦, ٢٠١٥.

([٢٣])- Christopher F Foss, op. cit,p. ٤

([٢٤])بیتر سنغرز و کونستانتین کاکایس ,مصدر سبق ذکره ,ص٨٦-٨٧ …. کذلک انظر :- میدیا بنجامن ,حرب الطائرات بدون طیار القتل بالتحکم عن بعد ,ط١ ,ترجمة ,أیهم الطبّاغ ,منتدى العلاقات العربیة والدولیة ,دار الکتب القطریة ,٢٠١٤ ,ص ٢٠- ٢١ .

([٢٥])المصدر نفسه ,ص٨ .

([٢٦])بیتر سنغرز و کونستانتین کاکایس ,مصدر سبق ذکره ,ص ٨٩ .

([٢٧])احمد علو ,الروبوت جندی حروب المستقبل ,مجلة الجیش ,العدد ٣١٧ ,لبنان ,٢٠١١, ص ٦٩-٧٠.

([٢٨])محمد علی ,تأهیل القوات المسلحة لحرب المدن , بین المطلوب والمتاح , مجلة درع الوطن , العدد٥٠١ ,الامارات العربیة المتحدة ,٢٠١٣ ,ص٨٢ ,ایضاً انظر:- سلطان الجسمی ,ثورة تقنیة النانو واستخداماتها المختلفة ,مجلة درع الوطن ,العدد ٥٤٢ ,الامارات العربیة المتحدة ,٢٠١٧ ,ص ٩٥ ,کذلک انظر:- 

Military robotshttp, Online article available on  the website : www.allonrobots.com

(*)…( تعد الولایات المتحدة الامریکیة من مقدمة الدول التی تسعى فی تطویر الروبوتات فی الجانب العسکری التی تستخدم فی حرب المدن من خلال العمل على تطویر انظمة روبوتیة تعمل على اکتشاف اهداف العدو قبل التورط فی عملیات قتالیة ضده ,ومن ابرز هذه الانظمة النظام الروبوتی(Pack Bots) وهو استکشافی مسلح یتحرک فی الشوارع الضیقة التی تشکل خطرا على الجنود ,وقد استخدمت هذه الروبوتات خلال الاحتلال الامریکی لأفغانستان والعراق عام ٢٠٠٣)… نقلاً عن علی محمد علی ,مصدر سبق ذکره ,ص ٨٢ .

([٢٩])احمد علو, مصدر سبق ذکره ,ص ٧٠ ,کذلک انظر :-

McMurdo Station, National Science Foundation, ٢٤١٥ Eisenhower Avenue, Alexandria, Virginia, USA ,On its website on the Internet link:-https://www.nsf.gov /geo/ opp/support/ mcmurdo .jsp

([٣٠])یوسف جمعه الحداد وآخرون ,الطائرة المروحیة الهجومیة MI-٢٨” نایت هنتر” الآلة الشریرة ,تقریر فی صفحة تقنیات ,مجلة درع الوطن ,العدد ٥٤٩ , الامارات العربیة المتحدة ,٢٠١٧ ,ص ٩٨, کذلک انظر : یوسف جمعه الحداد, دول وجیوش العالم فی مواجهة تحدیات جدیدة فی القرن ٢١, مقال فی نشرة مؤتمر القادة لحروب القرن الواحد والعشرین فی ابو ظبی ،مجلة درع الوطن(عسکریة واستراتیجیة) ,الامارات العربیة المتحدة ,بلا عدد ,٢٠١٧ ,ص ٤-٥.

([٣١])BOWERS, Stephen R.; KEYS, Kimberley R. Technology and terrorism: the new threat for the millennium. Faculty Publications and Presentations, ١٩٩٨, p,١ .

([٣٢])یاسر عبدالعزیز ,تطور ادوات الصراع یفرض تغیراً فی مفاهیم الدفاع(الحرب الهجینة والأمن الدیمقراطی) ,مجلة درع الوطن(عسکریة واستراتیجیة) ,صفحة دراسات وبحوث ,العدد ٥٥٨ ,الامارات العربیة المتحدة ,٢٠١٨ ,ص ٨٦-٨٧.

 

((([٣٣])))Andrew Radin ,Hybrid Warfare in the Baltics: Threats and Potential Responses. RAND Project AIR FORCE Santa Monica United States, ٢٠١٧.,pp,٢-٥

([٣٤])نقلاً من:-جون ستون ,الاستراتیجیة العسکریة سیاسة واسلوب الحرب ,ط١ ,دراسات مترجمة ,مرکز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتیجیة ,٢٠١٤ ,ص١٦٢.

([٣٥])عبد العاطی محمد ,القنبلة القذرة سلاح الاهاب النووی ,مقال منشور على موقع صحیفة الوطن القطریة ,صفحة کتاب واراء ,متاح علی شبکة المعلومات الدولیة (الانترنت)فی نیسان ٢٠١٦ على الرابط :-    www.al_watan.com/wwriter                                                                                              

And see ,Fischer, Ben B. A Cold War conundrum: the١٩٨٣soviet war scare. Washington, DC: Central Intelligence Agency, Center for the Study of Intelligence,١٩٩٧; Also Look James K. Campbell, ‘Weapons of Mass Destruction in Terrorism: The Emerging Threat Posed by Non-State Proliferation’ ,www. emergency .com WMD-terr. hem, ١٩٩٦, pp,٢-٣.

(*)…من الجدیر بالذکر ان استخدام الکائنات الحیة کأسلحة بیولوجیة یعود الى عصور قدیمة جداً تصل الى عام ٣٠٠ ق.م .إذ توجد إشارات وروایات کثیرة تناقلتها الناس عبر ازمنة مختلفة تدل على استخدام هذا النوع من الاسلحة ویقسم بعض الکتاب تاریخ استخدام هذا السلاح الى ستة مراحل تبدء من تلوث المیاه الى الجدری فی اغطیة النوم (هدیة الانکلیز للهنود الحمر) ,الى ابحاث الیابان لإنتاج هذا النوع من الاسلحة البیولوجیة الى العصر الذهبی لإنتاجها من قبل الولایات المتحدة الامریکیة ..وغیرها… لمزید من التفاصیل أنظر المصدر نفسه ,ص ٤٧-٥٧ . 

([٣٦])عبدالهادی مصباح ,الاسلحة البیولوجیة والکیمیائیة بین الحرب والمخابرات والارهاب ,تقدیم اسامة الباز,ط١ ,الدار المصریة اللبنانیة للطباعة والنشر ,القاهرة ,٢٠٠٠,ص ٢٣-٢٧ .

(*) فی هذا المجال نذکر کیف انتشر السلاح على نطاق واسع بید الارهابیین بعد تفکک الاتحاد السوفیتی وتحلل المعسکر الشرقی واحتیاج دوله للمال …ینظر:-

Martha Crenshaw, ‘Current Research on Terrorism: The Academic Perspective’, Studies in Conflict and Terrorism, Vol. ١٥, Number ١, ١٩٩٢, p. ١٠.

([٣٧])محمد فتحی عید ,الاسالیب والوسائل التقنیة التی یستخدمها الارهابیین وطرق التصدی لها ومکافحتها ,أکادیمیة نایف العربیة للعلوم الامنیة ,مرکز الدراسات والبحوث ,الریاض ,٢٠١١,ص ٥٩.

([٣٨])یوسف جمعه الحداد, دول وجیوش العالم فی مواجهة تحدیات جدیدة فی القرن ٢١ ,مقال فی نشرة مؤتمر القادة لحروب القرن الواحد والعشرین فی ابو ظبی ،مجلة درع الوطن (عسکریة واستراتیجیة) ,الامارات العربیة المتحدة ,بلا عدد ,٢٠١٧,ص٦.. کذلک انظر :-

 Michael Wilson ,Terrorism in a New World – Evolution in Revolution, The Nemesis Group, ١٩٩٤, pp,١-٢. Defense Intelligence Agency Counterterrorism Analytic Methodology Course, ١٧-١٨November ١٩٩٧, p,٢.

([٣٩])أیسر محمد عطیة ,دور الآلیات الحدیثة للحد من الجرائم المستحدثة الارهاب الإلکترونی وطرق مواجهته ,بحث ملقى فی الملتقى العلمی الموسوم (الجرائم المستحدثة فی ظل المتغیرات والتحولات الإقلیمیة والدولیة) فی کلیة العلوم الاستراتیجیة ,عمان ,المملکة الاردنیة الهاشمیة ,٢٠١٤ ,ص ٩-١٠.

* نذکر فی هذا المجال ان خمینی کان یمثل المعارضة الدینیة فی ایران فی سبعینیات القرن الماضی ضد الحکومة الایرانیة الجدیدة التی شکلها الشاه آنذاک برئاسة (جعفر شریف امامی) ,والتی کان هدفها الاساسی غیر المعلن هو قمع الثورة الایرانیة المتصاعدة رغم ما قدمته هذه الحکومة من اصلاحات ,والتی رد الخمینی علیها عبر شریط کاست ادخله سراً الى ایران هاجم به الحکومة وتهمها بالتآمر على المسلمین ,ومحاربة وتدمیر الحرکة الاسلامیة ,ودعا الشعب الایرانی الى الالتحاق بقوى المعارضة للإطاحة بالنظام الدکتاتوری الاستبدادی واستمر ها النوع من الخطب والتحریض حتى قیام الثورة الایرانیة وسقوط الشاه عام ١٩٧٩ …لمزید من التفاصیل أنظر :-جاسم الحبجی ,حکومة جعفر شریف امامی, مجلة دراسات تاریخیة ,العدد(٣) ,قسم التاریخ الحیث والمعاصر ,جامعة البصرة ,٢٠٠٧, ص ١٦٨-١٧٩ .                                                    

([٤٠])محمد فتحی عید, مصدر سبق ذکره ,ص ٦٠.

([٤١])أیسر محمد عطیة, مصدر سبق ذکره , ص٢ .

([٤٢])أنظر: قرار رقم ١٢٨ (٢/١٤)بشأن حقوق الانسان والعنف الدولی منشور فی قرارات وتوصیات الدورة الرابعة عشرة مجلس مجمع الفقه الإسلامی الذی عقد فی الدوحة خلال الفترة من ١١-١٦ کانون ثانی ٢٠٠٣ فی قرارات وتوصیات مجمع الفقه الاسلامی الدولی (١٤٠٣-١٤٣٠هــ/ ١٩٨٨-٢٠٠٩م) ,ص ٢٦٦.

([٤٣])نورة الکعبی ,التطورات التکنولوجیة غیرت ملامح الحروب جذریاً ,مقال فی نشرة مؤتمر القادة لحروب القرن الواحد والعشرین فی ابو ظبی ،مجلة درع الوطن (عسکریة واستراتیجیة) ,الامارات العربیة المتحدة ,بلا عدد, ٢٠١٧ ,ص٢, کذلک انظر:-

Ken Lormond, CBN News, Washington, DC,١٥March١٩٩٦.

([٤٤])أیسر محمد عطیة ,مصدر سبق ذکره ,ص١٠ .

([٤٥])نقلاً عن… ألفن توفلر ,صدمة المستقبل المتغیرات فی الم الغد ,ترجمة محمد علی ناصف ,ط١,الجمعیة المصریة لنشر المعرفة العالمیة ,القاهرة ,١٩٨٤,ص ٤٥٤.

(*)…من الجدیر بالذکر ان فکرة الطائرات بدون طیار تعود الى عقود بعیدة من الزمن فقد تم تسجیل اول استخدام لها للنمساویین عام ١٨٤٩ عندما اطلقوا نحو ٢٠٠ بالون بدون طیار وعلقوا بها قنابل ضد مدینة البندقیة ,ویمکن القول ان الطائرات بدون طیار قد مرت بخمس مراحل من استخدامها فی المجال العسکری کونها هدف للقوات العسکریة ,الى حملها کقنبلة طائرة ,وبعدها عملت کمراقب لجمع المعلومات الاستخباریة ,ومن ثم تسلیحها لاسیما منذ بدء الحرب على الارهاب ,واخیراً کتقنیة شرطیة لمراقبة القانون المحلی … لمزید من التفاصیل انظر:-

Shaw, Ian GR. Predator empire: Drone warfare and full spectrum dominance, University of Minnesota Press, ٢٠١٦.

([٤٦])Sarah KREPS, Micah Zenko, The Next Drone Wars, Preparation for Percolation, Journal of Foreign Affairs, the number ٩٣, ٢٠١٤, p. ٦٨.

([٤٧])زینب شاکر السماک ,الطائرات المسیرة: السلاح الاحدث فی مکافحة الارهاب وتنفیذ الجرائم , مقال متاح على صفحة  سیاسة – تقاریرفیشبکةالنبأالمعلوماتیة ,فیموقعهاعلىشبکةالمعلوماتالدولیة (الانترنت),٢٠١٧ ,علىالرابط:-

    http://annabaa.org/arabic/reports       

([٤٨])Spencer Ackerman, White House reveals the death toll from US drone strikes, an article in the Guardian newspaper in New York on Monday ,March ٧, ٢٠١٦ ,On its website in the International Information Network on the link https://www. Theguardian .com/us-news/٢٠١٦/mar/٠٧/us-drone-

([٤٩])زینب شاکر السماک ,مصدر سبق ذکره.

([٥٠])الکسندر نوفیکوف, رئیس إدارة بناء وتطویر أنظمة استخدام الطائرات المسیرة فی هیئة الأرکان الروسیة حدیثهُ عن خطر استخدام الإرهابیین للطائرات المسیرة فی أی نقطة من العالم ,منقول عن وکالة الأنباء الروسیة “سبوتنیکSPUTNIK-” فی مقال متاح على موقعها فی ١١/١/٢٠١٨ فی شبکة المعلومات الدولیة (الانترنت) على الرابط :-      

   https://arabic.sputniknews.com                                

(*) یتحدث الکاتب الامریکی دیفید برینائن فی مقال نشرته له مجلة نیوزویک الأمیرکیة عن تطور وانتشار تقنیة هذه الطائرات وسهولة الحصول علیها ،ویعرب عن الخشیة من أن تنتشر هذه الأسلحة بعیداً عن سیطرة الدول .حیث انها تطورت وأحدثت ثورة فی الطریقة التی تحارب من خلالها الولایات المتحدة الامریکیة ،حیث أصبحت هذه الطائرات تستخدم فی ساحات المعارک على الیابسة وفی البحر ،وأنه سیجری استخدامها قریباً فی الفضاء ,ویضیف أن استخدام هذه الطائرات لم یعد مقصوراً على الجیوش ،بل إن نحو ٩٠ دولة أو جماعة قد حصلت على بعص أصناف هذه الطائرات الرخیصة التی أصحبت متاحة بأحجام مختلفة ولأغراض متعددة ،وأن بعض الجهات قامت بتسلح بها بحسب تقریر صادر عن مرکز الأمن الأمیرکی الجدید ,ویقول إن انتشار تقنیة هذه الطائرات ووصولها إلى المسحلین یمثل التطور المقبل للحرب عن طریق التحکم عن بعد ،حیث یمکن للجماعات الإرهابیة بناء قوات جویة فعلیة ,ورغم أن الطائرات المسیرة التی یطورها المسلحون تکون ذات تقنیة منخفضة فإنها من المحتمل أن تکون ممیتة ,ویشیر انه عندما تم تحریر الموصل عام ٢٠١٧ عثرت القوات العراقیة على مصانع لطائرات من دون طیار تابعة لتنظیم داعش ,کما ان جماعة الحوثی فی الیمن استخدمت طائرات مسیرة متطورة لمهاجمة التحالف الذی تقوده السعودیة فی الحرب على الیمن ,وقد تمکنت من مهاجمة  المطارات ومصافی النفط السعودیة…. لمزید من التفاصیل انظر:-

    David Brennan , Why are Militants using Drones ? UAV Weapons have Spread far beyond Nation States, an article in Newsweek in ٢٤/٤/٢٠١٨on website in the International Information Network on the link:- https://www.newsweek.com/why-are-militants-using-drone .

(٥١) Bloomberg News, Islamic State fighters using drones with IEDs and spy cameras, says Pentagon, An article is available in the Daily Telegraph on ٧ July JULY ٢٠١٦ on its website in the International Information Network, on the link:-

    https://www.telegraph.co.uk/news/٢٠١٦/٠٧/٠٧/islamic-state-fighters-using-drones

    and also look : Ben Riley- Smith, Isil plotting to use drones for nuclear attack on West ,An article is available in the Daily Telegraph on ١ April ٢٠١٦ News on its website in the International Information Network, on the link:-

    https://www.telegraph.co.uk/news/٢٠١٦/٠٤/٠١/isil-plotting-to-use-drones         

انظر ایضاً :-وثائق تکشف کیفیة لجوء “داعش” للطائرات المفخخة مقال متاح فی صحیفة العربی الجدید الیومیة ,صفحة سیاسة –تقاریر, فی ٢/شباط/٢٠١٧ فی موقعها على شبکة المعلومات الدولیة (الانترنت)على الرابط:-  

   https://www.alaraby.co.uk/politics/

([٥٢])لیستر ثرو ,مستقبل الرأسمالیة ،ترجمة : فالح عبد القادر حلمی ،اصدارات بیت الحکمة ،بغداد ،سنة ٢٠٠٠ ،ص ٦٦٩ .

([٥٣])محمد محمود ربیع ,واسماعیل صبری مقلد ،موسوعة العلوم السیاسیة ,جامعة الکویت ،الکویت ،سنة ١٩٩٤ ,ص ٦٣٩

(*) تقنیة النانو أو(التقنیات الحدیثة المتناهیة الصغر):- کلمة نانو مشتقة من اللغة الیونانیة والتی تعنی القزم (Nanos) ,وفی مجال العلوم تعنی وحدة قیاس الزمن فتمثل واحد على ملیار من الثانیة الواحدة , وقدیماً جداً تم استخدام تقنیة النانو فی الحضارة الإغریقیة والحضارة الصینیة فی صناعة الزجاج ,والإناء الإغریقی الشهیر (لیکوروجز) الذی یغیر لونه تبعاً لزاویة سقوط الضوء. یعد أحد أقدم التطبیقات لهذه التقنیة والذی استخدم فی صناعته جسیمات متناهیة الصغر من الذهب تم خلطها بالزجاج ,وکذلک النانو یمثل وحدة قیاس اطوال الاشیاء ,وحدیثاً تعد تقنیة النانو المتناهیة الصغر من الجیل الخامس فی الثورة التقنیة الهائلة التی شهدها العالم ,وقد دخلت فی مجالات الصناعات کافة ومنها الصناعات العسکریة ,فالاعتماد علیها یقلل من الترسانات العسکریة الهائلة للأسلحة ویقلل من الانفاق المالی ,فضلاً عن العامل الاهم توفیر اسلحة ذات احجام صغیرة وکفاءة عالیة ودقة کبیرة ,ولا تتطلب مستودعات ضخمة لتخزینها …. لمزید من التفاصیل أنظر:-محمد شریف الاسکندرانی ,تکنولوجیا النانو من اجل غد افضل ,سلسلة کتب عالم المعرفة ٣٧٤ ,المجلس الوطنی للثقافة والفنون والآداب ,الکویت, ٢٠١٠,ص١٧-١٨, کذلک انظر:- سلطان الجسمی ,مصدر سبق ذکره ,ص٩٥ .أیضاً , علی یوسف ,النانو تکنولوجی وتطبیقاته فی المستقبل ,وزارة التربیة السوریة-الممرکز الوطنی للمتمیزین ,سوریة , ٢٠١٥ ,ص٦.

([٥٤])Kelley Sayler, Nanotechnology And U.S. Military Power ,Defense Advanced Research Projects Agency (DARPA), Tech. Rep, ٢٠١٥, P,٣; Also See: National Science and Technology Council Subcommittee on Nanoscale Science, Engineering, and Technology, The National Nanotechnology Initiative: Supplement to the President’s ٢٠١٥ Budget, March ٢٠١٤, and ٢٠١٧.

([٥٥])مروة صبحی تنافس جدید فی مجال التکنولوجیا العسکری ,مقال متاح على موقع مرکز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة ,ابوظبی ,الامارات العربیة المتحدة ,٢٠١٥ فی موقعه على شبکة المعلومات الدولیة (الانترنت)على الرابط:-  

   https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Category

([٥٦](Sanjiv Tomar, Nanotechnology The Emerging Field For Future Military Applications, Monograph Series, Institute For Defense Studies Studies Analyzes (Idsa), New Delhi ,, No. ٤٨ October ٢٠١٥, P. ٢٥.

([٥٧])”Market Report on China Biotechnology and Nanotechnology Industry”, at ٢٠١٣ In their website on the link:

    www.ice.it/paesi/asia/cina/upload/١٧٤/Market/China

([٥٨])إسراء إسماعیل, استخدامات غیر آمنة: تطبیقات النانو تکنولوجی فی المجالات العسکریة ,مقال متاح على موقع مرکز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة ,ابوظبی,الامارات العربیة المتحدة ,٢٠١٥ فی موقعه على شبکة المعلومات الدولیة (الانترنت)على الرابط:-

https://futureuae.com/ar-AE/Mainoage

کذلک انظر:                                 Sanjiv  Tomar ,op . cit, p.p:٢٧-٢٨.     

([٥٩])National Defense Program Guidelines for FY ٢٠١٤ and Beyond, December ١٧, ٢٠١٣, In their website on the link at:

www.mod.go.jp/e/d_act/d_policy/national.html

([٦٠])إسراءإسماعیلمصدرسبقذکرهکذلکانظر:- 

Sanjiv  Tomar, op .cit, p.p ٢٩-٣٠. 

([٦١])Koen Beumer and Sujit Bhattacharya, Emerging Technologies in India: Developments, Debates and Silences about Nanotechnology, Science and Public Policy, ٢٠١٣, p,٥…also see:- Mission on Nano  Science and Technology (Nano Mission), at ٢٠١٤ In website on the link:- http://www.dst.gov.in/scientific-programme/ser-nsti.htm

([٦٢])Sanjiv Tomar, ,op . cit, p.p ٣٣-٣٤.

([٦٣])دالیا السید احمد, قراءة  تحلیلیة واستشرافیة  فی تحولات موازین القوى العسکریة والاستراتیجیة ,مجلة درع الوطن(عسکریة واستراتیجیة) ,الامارات العربیة المتحدة ,العدد ٥٥٤ ,٢٠١٨,ص ٩٠.

([٦٤])Kelley Sayler , op. cit,p. ٤.

([٦٥])Paul Rosenzweig ,Cyber Weapons And Military Capabilities An Introduction,  Monograph Series,  Institute For Defense Studies Analyzes (Idsa) , New Delhi , No. ٤٨ October ٢٠١٥, P,١٠ , also :- Ellen Nakashima, Foreign Powers Steal Data on Critical U.S. infrastructure, NSA Chief Says, Washington post , November ٢٠,٢٠١٤,           www.washingtonpost.com/world/national-security  

([٦٦])Stephanie Henry ,“Verizon Report Describes Trends in International Data Breaches, China-Based Espionage ,”U.S.- China Business Council Washington Update, In website on the link, www.uschina.org/washington-update/verizon-report-describes 

    and see :- Michael Joseph Gross, “ Enter the Cyber-dragon ”, Vanity Fair, September ٢٠١١,

    http://www.vanityfair.com/culture/featuresChinese–hacking  

* لکل شیء فی الحیاة حدود وتبقى مقدار قوته  محدودة  مهما وصل من القوة, حتى فی مجال امن المعلومات ،فحتى مع تطور العلم والتقنیات ,لکن تبقى قوة المعالجات فی الحواسیب محدودة مهما بلغت من سرعة  ،وکمیة البیانات التی تعالجها محدودة مهما بلغت من ضخامة فالحواسیب محدود بکمیة معینة تستطیع معالجتها  فأن زادت هذه البیانات خارج طاقتها لا یستطیع تحملها وینهار ،هذا هو مبدأ عمل هجمات الحرمان من الخدمة بکافة أنواعها ،وهو یعنی اغراق الهدف بکمیة ضخمة من الطلبات والبیانات حتى تصل إلى حجم اکبر من طاقة الهدف فینهار او یخرج عن الخدمة وبهذا تحقق هدفها وتستطیع أیقاف ذلک الهدف من العمل أو حرمان من یستخدم ذلک الهدف من الاستفادة منه ،ومن هذا المفهوم تم تسمیتها هجمات الحرمان من الخدمة (Denial of Service Attacks) ,وهذا النوع من الهجمات یُدعى فی بعض الأوساط (بإیدز الإنترنت) بسبب انه لیس له علاج حتى الآن ،فمهما بلغت مواصفات الهدف وسرعته وقدرته على معالجة واستقبال الطلبات یبقى ضمن رقم محدد من الطلبات مهما کان کبیر لا یستطیع أن یستقبل طلبات اکثر من ذلک العدد ،فتبقى هذه الهجمات من اکثر الهجمات خطورة على شبکة الأنترنت تهدد الدول والحکومات وکل الشبکات فهی عرضة لتعرض لهجوم الحرمان من الخدمة وانهیار شبکاتها وأجهزتها…لمزید من التفاصیل:- 

   علی الوشلی ,هجمات الحرمان من الخدمة بالتفصیل ,مقال متاح على موقع مرکز الامن للدورات التدریبیة فی شبکة المعلومات الدولیة (الانترنت) على الرابط:- 

    https://www.isecur١ty.org

 

([٦٧])Paul Rosenzweig, op. cit,p.p,٨-٩, and see :- Christiopher Bronk and  Eneken Tikk -Ringas ,The Cyber Attack on Saudi Aramco, ٢٠١٣, In website on the link :   www.iiss.org/en/publications/survival/sections

    and look: The heritage foundation , ٢٠١٨Index of U.S. Military Strength, Assessing America’s Ability to Vital Interests and Provide for the Common Defense ,p,٢٨٥.

([٦٨])إسراء إسماعیل ,مصدر سبق ذکره.

([٦٩]) Camille Francois, Robots, War, And Society, Monograph Series,  Institute For Defense Studies Analyzes (Idea) , New Delhi , No. ٤٨ October ٢٠١٥, PP,١١-١٤..

([٧٠])Thomas Scheber ,Time To Deploy Conventional Prompt Global strike, Monograph Series, Institute For Defense Studies Analyzes (Idea) , New Delhi , No. ٤٨ October ٢٠١٥, P.P:٢١-٢٤

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى