أسلحة الدمار الشامل – (Weapons of Mass Destruction (WMD

سلاح الدمار الشامل (أسلحة الدمار الشامل)،  ويقصد بها الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية، تعد هذه الأسلحة الأخطر على مر التاريخ لقدرتها الفتاكة على إبادة كل ما هو حي من حيوانات ونباتات وبشر. ولقد اختلف الخبراء حول متى تم استعمال هذا المصطلح لأول مرة وذلك إمَّا في عام 1937 (حين وقع القصف الجوى لمدينة گرنيكا – Guernica باسبانيا) أو في عام 1945حين أسقطت الطائرات الأمريكية أول قنبلتين ذريتين في التاريخ على المدينتين اليابانيتين هيروشيما – Hiroshima و نگازاكي – Nagasaki التي أدت إلى مقتل 66000 من المدنيين جراء انفجار وتسخين سلاح نووي واحد و لقد ارتفاع عدد الضحايا إلى 140،000 بحلول نهاية العام على خلفية الإشعاعات الناتجة عن استخدام القنبلة النووية.

وقد ساهمت أسلحة الدمار الشامل في تعريف القوة العسكرية العالمية أثناء الحرب الباردة، ومنذ سقوط الاتحاد السوفييتي في عام 1991،  أصبحت بعض الأسلحة متاحة للبلدان التي لم تكن لديها من قبل، وتحاول دول مثل إيران وكوريا الشمالية تحقيق هذه المكانة من القوة العسكرية وتأكيد نفسها ضد القوى العالمية ودخل المصطلح حيز الاستعمال الشائع مرتبطا بالغزو الأمريكي للعراق عام 2003.

خصائص أسلحة الدمار الشامل 

تتميز هذه الأسلحة بعدة خصائص تميزها عما سواها، فمن ذلك

– ليس لها سلاح مضاد يمنع تأثيرها أو يبطل أثرها: فالطائرة مثلا لها مضادات جوية وهي طائرة مثلها، ولها مضادات أرضية كالمدافع المضادة للطائرات والصواريخ وهكذا، أما أسلحة الدمار الشامل فليس هناك سلاح يمنع تأثيرها أو يبطل أثرها.

– المخلفات السلبية على البيئة: تؤثر أسلحة الدمار الشامل على النظام البيئي بأكمله سواء الإنسان أو الحيوان أو الزرع أو الهواء تأثيرا شديدا و تبقى حادثة هيروشيما أفضل شاهد على القدرة التدميرية للأسلحة النووية.

– الامتداد الزمني: لا يقتصر أثر تلك الأسلحة على الفترة الزمنية التي استخدم فيها السلاح أو قريبا منها، بل قد يمتد أثره إلى عدة عقود تالية لاستخدامه حتى إنه يشمل أجيالا لم تكن مخلوقة زمن استخدامها.

– المساحة التدميرية الضخمة: السلاح العادي مهما بلغت قوته التدميرية لا يتعدى مساحة محدودة، بينما مساحة التدمير والخراب التي توجدها أسلحة الدمار الشامل مساحة واسعة جدا تبتلع حجم مدينة .

أنواع أسلحة الدمار الشامل:

هناك ثلاثة مجموعات من هذه الأسلحة:

– أسلحة نووية: السلاح نووي هو جهاز مصمم لإطلاق الطاقة بطريقة متفجرة منتجة لذلك الانشطار النووي، أو الاندماج النووي، أو مزيج من العمليتين. يشار إلى أسلحة الانشطار عادة باسم قنابل ذرية ويشار أيضا إلى أسلحة الاندماج القنابل النووية الحرارية أو القنابل الهيدروجينية بشكل أكثر شيوعًا؛ عادة ما يتم تعريفها على أنها أسلحة نووية يتم فيها إطلاق جزء على الأقل من الطاقة عن طريق الاندماج النووي.

تنتج الأسلحة النووية طاقة متفجرة هائلة تقدر بكيلوتون (1000 طن) وميجاتون (1،000،000 طن)  لوصف طاقة الانفجار الخاصة بهم بأوزان مكافئة من مادة المتفجرة التقليدية. على سبيل المثال، القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما، اليابان، في عام 1945، التي تحتوي على حوالي 64 كجم (140 رطل) من اليورانيوم عالي التخصيب، أطلقت طاقة تعادل حوالي 15 كيلوطن من المتفجرات الكيميائية. أنتج هذا الانفجار على الفور موجة صدمة قوية، وكميات هائلة من الحرارة ، وإشعاعات مؤينة قاتلة.

– أسلحة كيميائية: تعتمد هذه الأسلحة على استخدام الغازات السامة بمختلف أنواعها، أو الغازات التي تسبب الاختناق وتمنع وصول الهواء إلى الرئتين ومن تلك الأسلحة الكيميائية غاز وهو غاز الأعصاب، وغاز الخردل، وغاز الفوسجين، وغاز الكلور، وغاز السارين وغاز السيانيد، والجمرة الخبيثة، والفوسفور.

يمكن تقسيم الأسلحة الكيميائية إلى نوعين وهما المواد المستقرة التي يستمر تأثيرها السام لعدة ساعات أو عدة أيام مثل الزارين والايبريت واللويزيت وغيرها والمواد غير المستقرة التي يستمر تأثيرها لدقائق مثل كلور السيانوجين والفوسجين وغيرها يؤثر على استقرار المواد السامة.

برزت الأسلحة الكيميائية كأسلحة دمار شامل حقيقية في الحرب العالمية الأولى (1914-1918). بدأ الجيش الألماني الحرب الكيميائية الحديثة بشن هجوم الكلور في يبرس ، بلجيكا ، في 22 أبريل 1915، مما أسفر عن مقتل 5000 جندي فرنسي وجزائري وخرق خطوط دفاعهم وسرعان ما طورت الدول الأخرى قدرتها العسكرية لمجابهة استخدام ألمانيا للغاز والخردل. بنهاية الحرب، استخدم كلا الجانبين كميات هائلة من الأسلحة الكيميائية، مما تسبب في ما يقدر بنحو 130000 إصابة، بما في ذلك 91000 حالة وفاة. وقد تكبد الجيش الروسي حوالي 500.000 من هذه الخسائر، وأصيب أو قتل 180.000 من البريطانيون بأسلحة كيماوية. كان ثلث الضحايا الأمريكيين في الحرب العالمية الأولى من الخردل وغازات كيميائية أخرى، وهي النسبة تقريبًا لجميع المشاركين مجتمعين.

بعد الحرب العالمية الثانية، تم استخدام الأسلحة الكيميائية في عدد من المناسبات. استخدمت القوات العسكرية المصرية، المشاركة في الحرب الأهلية اليمنية بين الملكيين والجمهوريين، الأسلحة الكيميائية، مثل عوامل الأعصاب والخردل، في 1963 و 1965 و 1967. خلال التدخل السوفيتي في الحرب الأفغانية (1978-92) تم إستخدام الخردل والعوامل المعوقة ضد المتمردين المجاهدين كما استخدمت ليبيا ذخائر الخردل ضد المتمردين في تشاد في عام 1987.

حدث الاستخدام الأكثر شمولاً لما بعد الحرب العالمية الثانية للأسلحة الكيميائية خلال عام حرب إيران والعراق (1980-1988) ، حيث استخدمت العراق عوامل الأعصاب السارين والتابون مما أسفر عن عشرات الآلاف من الإصابات الإيرانية. الأسلحة الكيميائية مكنت العراق من تجنب الهزيمة، وإن لم يكن النصر، ضد القوات الإيرانية الأكثر عددا.

كما استخدم العراق أسلحة كيميائية (يعتقد أنها سيانيد الهيدروجين أو السارين أو غاز الخردل الكبريت) ضد العراقيين الأكراد في مدينة حلبجة عام 1988 الذي خلَّف حوالي 5000 قتيل.

كان الاستخدام الأكثر بروزًا للأسلحة الكيميائية في القرن الحادي والعشرين خلال الحرب الأهلية السورية في حمص وحلب وضواحي دمشق عام 2013 وفي خان شيخون ودوما عام 2017.

– أسلحة بيولوجية أو جرثومية: الأسلحة البيولوجية هي كائنات دقيقة مثل الفيروسات والبكتيريا والفطريات أو السموم الأخرى التي يتم إنتاجها وإطلاقها عمداً لتسبب المرض والموت في البشر أو الحيوانات أو النباتات.

يمكن أن تشكل العوامل البيولوجية، مثل الجمرة الخبيثة، توكسين البوتولينوم والطاعون تحديًا صعبًا على الصحة العامة مما يتسبب في أعداد كبيرة من الوفيات في فترة زمنية قصيرة بينما يصعب احتواؤها. يمكن أن تؤدي هجمات الإرهاب البيولوجي أيضًا إلى وباء، على سبيل المثال إذا تم استخدام فيروسات الإيبولا أو لاسا كعوامل بيولوجية.

وتكون إما بكتيريا أو فيروسات أو خمائر وتعتمد هذه الأسلحة على نشر الأمراض الفتاكة كأمراض الطاعون والجدري والكوليرا وغير ذلك، ونشر الفيروسات والبكتريا في التجمعات عن طريق وضعها في الأطعمة أو مياه الشرب أو الأغطية التي يستعملها الناس ونشرها على أوسع نطاق بوسائل متعددة كاستخدام الحيوانات والحشرات الحية والنافقة التي تنقل العدوى كالفئران والبراغيث الحاملة للطاعون والكوليرا، وقد صارت كل هذه الأوبئة تعد وتجمع فيما يعرف بالقنبلة البيولوجية ثم تلقى على الأعداء لنشر الأوبئة والأمراض.

خلال القرن العشرين، توفي أكثر من 500 مليون شخص بسبب الأمراض المعدية، ترجع عشرات الآلاف من هذه الوفيات إلى الإفراج المتعمد عن مسببات الأمراض أو السموم، معظمها من قبل اليابانيين خلال هجماتهم على الصين خلال الحرب العالمية الثانية.

رغم تطور صنع أسلحة الدمار الشامل خاصة و أنها لم تعد حكرا على أقطاب الحرب العالمية الثانية ضد الآخرين لاحظ الخبراء أن الجماعات المسلحة لم تستخدم أسلحة كهذه ضد أعدائها و إنما تم استعمالها عموما كضمان سعت من خلاله الدول المتخاصمة لتأمين نفسها و يعود ذالك للإدراك المبكر بخطورة أسلحة الدمار الشامل، وما يترتب على استخدامها من خسائر اقتصادية و بشرية يصعب تحملها، مما دفع لتكثيف الجهود الدولية لإبرام مجموعة من الأعراف والاتفاقيات والمعاهدات العالمية والإقليمية للحدّ من هذا الخطر، شكلت بمبادئها وقواعدها النظام القانوني لنزع هذه الأسلحة.

المصادر والمراجع:

 The Editors of Encyclopaedia Britannica, Weapon of mass destruction, Nov 27, 2017,

Philippe Boulanger,  La menace des armes de destruction massive, Chapitre 8 -, Géographie militaire et géostratégie (2015).

Barry R. Schneider, The Editors of Encyclopaedia Britannica, Chemical weapon, Jan 03, 2020,

Kelsey Davenport, Nuclear Weapons: Who Has What at a Glance, July 2019,  Arms control association,

المساهمون في إعداد هذا المقال:

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button