دراسات سوسيولوجية

محاكمة الوعي الجمعي !!!

بقلم/ الدكتور ميثاق بيات ألضيفي
الوعي الجماعي هو شكل محدد يتجلى في فترات ديناميكية مضطربة, ويعمل بمستوى يومي مشتملا على مكونات فردية لأنواع مختلفة وأنواع أخرى متأصلة في مجموعات محددة من الأفراد توحد ممثلي مختلف المجموعات والجماعات، فعادة ما يظهر على أنه وعي عادي وليس له علاقة اجتماعية واضحة ووفقًا لذلك فإن مظاهره تكون عشوائية إلى حد كبير وثانوية في طبيعتها وتعمل كإشارات لسيناريو تطوري عفوي مؤقت وغير مهم. كما ويعتبر ظاهرة مستقلة إلى حد ما وعبره يتعايش الإفراد في المجتمع جنبا إلى جنب مع وعي المجموعات الكلاسيكية التي تنشأ كتأمل وتجربة ووعي بالظروف التي تعمل على نطاق اجتماعي كبير بطريقة أو بأخرى، ويشترك فيها أعضاء الجماعات الاجتماعية المختلفة وبالتالي تجد نفسها في ظروف معيشية مماثلة وتتساوي بينها بعدة طريق، وبهذا النهج يتبين أن الوعي الجماعي هو تعليم أعمق وانعكاس لواقع النظام الأساسي الذي لا يكتسب إلا في وقت لاحق كالعلامات النفسية الضرورية لليقين الاجتماعي.
ونتيجة لقمع فكرة الحرية الإنسانية الحقيقية وعمق فكرة الوعي الشامل كهدف للتلاعب المستمر من قبل الحكومات ووسائل الإعلام، فأنها غالباً ما تفشل فيها آلية التأثير الموثوق ولذلك يمكن أن يطلق عليها التصرف ذو الشكل المختلف عن ما يوده الأيديولوجيين، وان تأملنا في مفهوم الوعي الشامل فسنجد انه نوع خاص ومميز من الوعي الاجتماعي الذي تتميز به الشعوب، ويعرف بأنه مصادفة في مرحلة ما للمكونات الرئيسية والأكثر أهمية في وعي عدد كبير من الجماعات والمجموعات المتنوعة في المجتمع والغير قابلة للاختزال كمجموعة تبرز نتيجة لعدم الاعتماد على الخصائص الموضوعية والقدرات المعرفية والخصائص التعبيرية. وهناك اعتقاد خاطئ وواسع الانتشار حول الوعي الجماعي فيعامل على أنه الجزء البدائي المنخفض الدرجة من الوعي العادي لجزء معين من السكان، بينما هو موجود ومتحقق في كتلة الوعي الفردي الغير القابل للاختزال مما يشكل حقيقة فائقة الفردية. وتتجلى خصوصيته في شموله المعرفة والأفكار والمعايير والقيم التي تعكس ظروف الوجود الاجتماعي والتي طورها الأفراد في عملية التواصل مع بعضهم البعض وإدراك مشترك للمعلومات الاجتماعية في عمليات التأثير الهادف.
مع إن الوعي العام قد لا يتطابق مع أي نوع من أنواع الوعي المعروفة لكنه يتداخل معها ولذا يكون تكوينه متعدد الطبقات ومتعدد القطاعات فيتناغم مع حدود جميع الطبقات والمجموعات السكانية الموجودة في المجتمع والتي يميز على أساسها موقفهم الموضوعي أي أنه وعي يدرك النوع الوحيد من المجموعات والجماعات وخصائصها المميزة، وكما يمكن أن يكون القوة الحقيقية التي تؤثر على إدراك العملية التاريخية وتشجع الناس مباشرة على العمل لأنه مفهوم جماعي يدل على وعي جزء كبير من الناس وينتمي إلى مختلف الفئات الاجتماعية والطبقات، ومع ذلك كله لكنه يتميز بالتحديد في الانقطاع والتنقل وعدم الاتساق وسرعة التقلب ومفاجئة التغييرات في بعض الحالات، وإذا نظرنا إلى محتواه فإننا سنجده يتضمن مجموعة واسعة من مسائل المعرفة والأفكار والأوهام والمشاعر والمزاجيات والتي تعكس تعددية اشكال وخصائص الحياة العامة بأكملها بكل ما يؤثر على الشعوب ويجعلها تستجيب لمبتغاة.

ولن يفوتنا إن نقول بأن الوعي الجماعي أيضا يتماثل بشكل شريحة اجتماعية تتغلغل في الوعي الحقيقي للأفراد والمجموعات الاجتماعية، وليس يسيرا اختزاله بمظاهر علم النفس الاجتماعي لأنه وفي ذات الوقت يعد انعكاسا لبعض الآراء والمواقف الإيديولوجية، ولذلك هناك اختلافات بينه وبين الإيديولوجيات التي تعكس الواقع الاجتماعي وتقيمه من وجهة نظر مصالح فئات اجتماعية معينة ليتم تطويره كقاعدة للتطلعات الاجتماعية للشعوب وآمالها وآرائها، أو بأخذها بعين الاعتبار بشكل هادف والذي غالبا ما يعارض وعي النخبة والمتمثلة بأنها طبقات اجتماعية ذات امتيازات أعلى لها سمات القوة والتأثير والثروة والمكانة وتتركز في أيديها أهم المناصب القيادية، وفي هذه الحالة يُنظر إلى صفوة الوعي على أنها ترابط بين الأفكار والآراء والمواقف عبر دائرة مختارة من المبدعين والخبراء والمتذوقين الحقيقيين. ونتيجة لتحليلنا خصائصه فأن الوعي الجماعي مدموجا مع الوعي العام يفرزان الوعي المجتمعي الشعبي والذي يعد كعنصر محدد في الوعي الاجتماعي تكمن خصوصيته بتضمنه الأفكار والآراء والمشاعر الاجتماعية التي تنتشر في المجتمع وهي متداخلة بين الوعي النفسي والنظري، ولأن المواقف غير الواعية والراسخة أثارت عوامل التلاؤم الناتجة عن التغيرات في ظروف الإنتاج والحياة وطبيعة الاحتياجات والإمكانيات لإشباعها وكذلك ديناميكية الحياة العامة المتزايدة والمحددة لسلوك وطبيعة ونوعية الوعي العام، فلذا تشكل ويتشكل انتهاجا للوعي الفعال لصنع السلوك المطلوب وذلك نتيجة لتأثيرات عدد من العوامل ولتأثر الظروف المعيشية المباشرة وللتأثير المستهدف عبر كلا من الأيديولوجيات والتكنولوجيات ووسائل الإعلام.

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى