دراسات سياسيةنظرية العلاقات الدولية

أهمية “نظرية التوازن الجمعي” في تفسير سياسات قادة دول العالم الثالث

م.د.محمد صلاح محمود الکبابجی

کلیة العلوم السیاسیة/ جامعة الموصل

مجلة دراسات اقلیمیة, السنة ١٣, العدد ٤٢, الصفحة ٥١-٧٧

المقدمة:

کما هو معروف أن الدول تقیم فیما بینها علاقات متنوعة قد تکون تلک العلاقات أمّا علاقات تعاون أو صراع ، لذا جاء علم العلاقات الدولیة کأحد فروع علم السیاسة – بعد الحرب العالمیة الأولى – من أجل فهم وتفسیر الظواهر الدولیة المختلفة والعمل على إلقاء الضوء على الأسباب والعوامل المُحددة التی تسهم فی تطور تلک الظواهر .

 إذ ظهر عدد کبیر من نظریات العلاقات الدولیة کعامل رئیس یسهم فى دراسة تطور العلاقات الدولیة، إذ تهتم هذه النظریات بمجمل الاحداث والتطورات التی یشهدها النظام السیاسی الدولی ولقد تعددت نظریات العلاقات الدولیة التی تحاول کل منها ان تقدم تفسیراَ لکثیر من السیاسات والسلوکیات الدولیة , إذ تعد نظریة توازن القوى أحد أهم النظریات التی أسهمت فی تفسیر طبیعة العلاقات الدولیة وتساعدنا على فهم الکیفیة التی تتحرک وتتصرف بها الدول منذ تاریخ ما قبل المیلاد – فی اشارة الى معاهدة قادش الموقعة عام ١٢٥٨ ق.م بین کل من الفرعون المصری الملک رمسیس الثانی وملک الحیثیین وإقامة تحالف وقوة دفاعیة مشترکة ضد تهدید قوة ثالثة تتمثل بالأشوریین – ثم أعقبها نظریة توازن التهدید التی ظهرت فی أواخر القرن العشرین لتبحث فی التهدیدات التی تصدر من دول تملک القدرة على التهدید وقد لا تملک القوة. وأخیراً جاءت نظریة التوازن الجمعی “Omni-Balancing” ( موضوع بحثنا) أحد أهم النظریات التی تم إختبارها للتأکد من قدرتها فی تفسیر سیاسات قادة دول العالم الثالث لمواجهة التهدیدات والتحدّیات الرئیسة الأشدّ خطراَ.

  یتناول هذا البحث نظریة التوازن الجمعی التی صاغها “ستیفن رای دیفید” والتعرف على أطروحته من اجل فهم وتفسیر الواقع الدولی والعلاقات الدولیة فی دول العالم الثالث متجاوزاً واقعیة نظریة توازن القوى .

الإشکالیة : تتلخص مشکلة البحث فی أن دول العالم الثالث بعد انتهاء الحقبة الاستعماریة أضحت فی مواجهة نوعین من التهدیدات الداخلیة والخارجیة وبشکل أکبر الداخلیة منها ، وأن سیاسات توازن القوى وسیاسات توازن التهدید اقتصرتا على فکرة التصدّی للتهدیدات الموجهة من دول أخرى ؛ لذلک اقتضت الضرورة إیجاد صیغة فاعلة ومنها خلق حالة من التوازن الجمعی من أجل مواجهة کل التهدیدات الداخلیة والخارجیة.

 ومن هنا ینبثق تساؤل البحث الذی  ینبغی الإجابة عنه : ما هو تفسیر  سیاسات قادة دول العالم الثالث والقائمة على التحالف مع دول أخرى لمواجهة تهدیدات داخلیة تتعرّض لها بلدانهم ویمس أمنهم وبقاءهم فی السلطة ، رُغم أنّ هذه الدول تُشکّل تهدیداً خارجیاً لها فی الوقت نفسه؟

فرضیة البحث:

الفرضیة الأولى :

یحاول البحث إثبات فرضیة أنّ أفضل طریقة لمواجهة التهدید الداخلی والخارجی فی آن معاَ هی موازنة مصدر التهدید الأکثر خطورة (أو موازنة السلوک المُهدِّد بکسر الدال) .ویتم ذلک من خلال تطبیق هذه الفرضیة على عدة نماذج واقعیة لقادة دول العالم الثالث.

الفرضیة الثانیة:

أنّ نظریة التوازن الجمعی التی تجمع بین التهدیدات الداخلیة والخارجیة ککل هی أکثر قدرة على تفسیر قرارات قادة دول العالم الثالث بالمقارنة بنظریة توازن القوى ونظریة توازن التهدید.

المنهجیة:

  یعتمد هذا البحث على ( منهج التحلیل النظمی) وذلک من أجل الوصول لفهم حقیقی وعمیق للنظریة وتفسیرها، فضلاً عن استخدام المنهج المقارن لبیان أوجه الشبه والاختلاف بین نظریة التوازن الجمعی من جهة ونظریتی توازن القوى وتوازن التهدید من جهة اخرى. 

تقسیم البحث:

 سیتم تقسیم البحث الى ثلاثة محاور وعلى النحو الآتی:

المحور الأول : نظریة التوازن الجمعی “Omni-Balancing”

أولاً: أهمیة نظریة التوازن الجمعی

ثانیاً: فرضیات النظریة

المحور الثانی: مقارنة نظریة التوازن الجمعی بنظریات التوازن فی العلاقات الدولیة

أولاً: مقارنة بین نظریة التوازن الجمعی ونظریة توازن القوى

ثانیاً: مقارنة بین نظریة التوازن الجمعی ونظریة توازن التهدید

المحور الثالث  : تطبیقات النظریة على قادة دول العالم الثالث

أولاً: تطبیقات النظریة على بعض قادة دول القارة  الأسیویة

ثانیاً: تطبیقات النظریة على بعض قادة دول القارة الأفریقیة

 

المحور الأول “نظریة التوازن الجمعی “Omni-Balancing

تُعد “نظریة التوازن الجمعی” التی أوجدها “ستیفن رای دیفید ” Steven R. David ([i])، واحدة من نظریات العلاقات الدولیة الحدیثة نسبیاً والتی ظهرت فی عقد التسعینات من القرن العشرین والتی تسعى للکشف عن حقیقة الظواهر فی السیاسات الدولیة وتفسیر وتحلیل الوقائع والأحداث الدولیة تحدیداً فی العالم الثالث تحلیلاً علمیاً موضوعیاً بهدف التوصل الى نتائج منطقیة بشأنها.

أولاً : أهمیة نظریة التوازن الجمعی

 تقوم فکرة النظریة على منهج رئیس هو ” لفهم السیاسة الدولیة لابد من الرجوع الى سیاسات دول العالم الثالث القائمة على التحالفات” ([ii]).وقد أصبحت النظریة من بین المفاهیم الأکثر إستخداماَ فی مناقشة العلاقات الدولیة للشرق الأوسط ودراسات التحلیل السیاسی الخارجی ([iii]). ویعتقد دانییل بیسویک أن جوهر النظریة یُرکّز على مقاومة التهدیدات التی یتعرّض لها القادة وعلى التوازن الدقیق بین التهدیدات الداخلیة والخارجیة لتعظیم القوة وضمان بقاء النظام ([iv]). وهی مفیدة للغایة فی مساعدتنا على فهم القرارات السیاسیة التی یتخذها بعض القادة.

   ومن أهم مرتکزات النظریة التحالف، إذ یُوظّف قادة دول العالم الثالث سیاسات دولهم فی إطار التعاون الوثیق بهدف تحقیق الأمن وحمایة الدولة من التهدیدات بحسب وجهة نظرهم. وطبقاً للنظریة فإنّ قادة هذه الدول یعتبرون التهدید الخارجی ثانویاً قیاساً بالتهدید الداخلی الرئیس، وکما هو موضّح فی المعادلة الأتیة:

التهدید الداخلی = التهدید الرئیس               العدو الرئیس

التهدید الخارجی= التهدید الثانوی           العدو الثانوی

ویُرکّز دیفید على التهدیدات الموجهة إلى قادة الدول بدلاً من التهدیدات الموجهة إلى الدول کوحدة ، ویجادل بأن هؤلاء القادة سوف یعملون على إسترضاء أو الإنحیاز للتهدیدات الثانویة للسماح لهم بترکیز جهودهم على التعامل مع الخصوم الأساسیین ، بهدف إسترضاء حلفائهم الدولیین (خصومهم الثانویین) الذین قد یدعمون خصومهم المحلیین ؛ أخیراً ، الحجة أن هؤلاء القادة قد ینتهجون طرق ومسالک تحمی أمنهم على حساب الأفضل  وهی مصالح الدولة([v]).

هذا وتُشیر النظریة إلى أن القادة سیعتمدون إستراتیجیة التوازن الجمعی کرد على ثلاثة تحدیات لبقائهم السیاسی هی ([vi]): (١) التهدیدات الناتجة عن تصرفات قوى جیوسیاسیة خارجیة ، (٢) زیادة المنافسة فی السیاسة الداخلیة ،(٣) المشکلة الکلاسیکیة لخلق وتعزیز الأیدیولوجیة القومیة من أجل إضفاء الشرعیة على حکمهم ،وتفترض أن صناع القرار عقلانیین کونهم یتخذون کل التدابیر اللازمة للبقاء فی مناصبهم لیس فقط للدفاع عن أنفسهم ضد التهدیدات الداخلیة والخارجیة ، ولکن أیضاً لترکیز الثروة الوطنیة بأیدیهم وتحسین حالة بلدهم ومکانتهم الدولیة.

إنّ الترکیز على دول العالم الثالث تحدیداً یرجع الى کونها منطقة خصبة لظهور کثیر من التهدیدات الداخلیة نتیجة ضعف أو غیاب شرعیة الحکم لقادة دول العالم الثالث قیاساً بحکم القادة فی مناطق أخرى من العالم ، إذ وصلت کثیر من الأنظمة السیاسیة فی العالم الثالث بالقوة الى السلطة ، ویستخدم قادتها أسالیب القمع للبقاء فی الحکم ، وبفعل إفتقار القادة للشّرعیة فإن دولهم تواجه بإستمرار التهدیدات الداخلیة ([vii]).

کما أنّ قرارات السیاسة الخارجیة یتخذها رجل واحد أو فی أحسن الأحوال نخبة صغیرة لا تأخذ بنظر الاعتبار الرأی العام ودور المؤسسات السیاسیة الفاعلة فی أماکن أخرى من العالم ، وبالنتیجة فإنّ قادة دول العالم الثالث والمُعارضون یسعیان فی آن واحد  لتلقّی المساندة والتأیید الخارجی ضماناً لمصالحهما والتی غالباً ما تکون ممنوحة من دول أخرى، فمنذ العام ١٩٤٥ وحتى منتصف عام ١٩٨٥ أدّت المُشارکة الخارجیة دوراً فی دعم ما لا یقل عن (٢٤) انقلاب عسکری فی العالم الثالث ([viii]).

      ویرى الباحث أنّ النظریات التقلیدیة تفترض أن الدول هی الجهات الفاعلة الرئیسة فی السیاسة العالمیة والتی تؤکد على التهدیدات الخارجیة لبقاء الدولة ، فی حین تُرکّز نظریة التوازن الجمعی على القادة والتهدیدات الداخلیة بهدف بقائهم فی مناصبهم ، وتتمثّل التهدیدات الداخلیة من وجهة نظر ستیفن دیفید “بمحاولات الاغتیال والانقلابات والحرب الأهلیة والحرکات الانفصالیة ، وکذلک قادة المعارضة والأحزاب التی قد تتحدى بقاء الزعیم قائداَ للحیاة السیاسیة” ([ix]).

ثانیاً : فرضیات النظریة

  تنطلق النظریة من ثمانیة فرضیات أساسیّة هی:

الفرضیة الأولى : الترکیز على التهدیدات بدلاً من القوة . وأن معظم التهدیدات المستمرة (عالیة الخطورة) تنبع من داخل حدود الدولة ولیس خارجها ([x]).( کالدودة فی التفاحة)

        وفقاً لمفهوم “ستیفن والت” لموازنة الأمن ( الداخلی والخارجی) ، یرى دیفید أنّ الدول تهتم بالتهدیدات أکثر من القوة وحدها ، ویجادل بأنّ معظم التهدیدات المستمرّة ، لاسیما فی العالم الثالث ،تنبع من داخل الدول ولیس من خارجها، کما یرى أنّه فی ظل النظام الدولی” الفوضوی ” لا یمکن تجاهل التهدیدات الأمنیة الخارجیة لبقاء الدولة ، لکن یؤکّد فی الوقت نفسه أنّ هذه الدول توازن القوة  بشکل متزامن على المستویین الداخلی والخارجی ([xi]).

الفرضیة الثانیة : أنّ القادة هُم ضُعفاء وغیر شرعیین “غیاب الشرعیة السیاسیة”، وإن مخاطر السیاسة الداخلیة عالیة للغایة، وفی البلدان التی تکون فیها الشرعیة السیاسیة ضعیفة وتترکز القوة فی جهاز الدولة القوی ، فأنّ احتمالیة التهدیدات الداخلیة للقادة تکون أکبر ([xii]). والفرضیة الثالثة : أنّ القائد بدلاً من الدولة نفسها هو مستوى التحلیل فی العالم الثالث، الفرضیة الرابعة : إنّ دافع قادة دول العالم الثالث لضمان بقائهم السیاسی یُعد المحدد الأکثر قوة للتحالف، الفرضیة الخامسة : لا یمکن فهم قرارات التحالف لقادة دول العالم الثالث دون الرجوع لدور التهدیدات الداخلیة لهؤلاء القادة، الفرضیة السادسة : أنّ التهدیدات الداخلیة (سواء المدعومة خارجیاً أم لا) هی الأکثر إحتمالاً لتهدید سیطرة القائد على السلطة فی العالم الثالث ممّا تخلقه التهدیدات الخارجیة القادمة من الدول الأخرى، الفرضیة السابعة : فرص امکانیة الإطاحة بقادة دول العالم الثالث بالقوة من قبل أعدائهم فی الداخل أکبر، الفرضیة الثامنة :منذ انتهاء الحرب العالمیة الثانیة وحتى یومنا هذا فإن عدد الحروب داخل دول العالم الثالث فاق عدد الحروب فیما بینهم([xiii]).

 

المحور الثانی: مقارنة نظریة التوازن الجمعی بنظریات التوازن فی العلاقات الدولیة

        یزخُر علم العلاقات الدولیة بدراسة العدید من النظریات التی حاولت فهم وتفسیر واقع تلک العلاقات الدولیة من منظور التوازن موضوع بحثنا ، فقد ساد فی السابق مفهوم توازن القوى فی العلاقات الدولیة ، ومع حصول تغییرات فی مفهوم القوة والتهدید برزت مفاهیم أخرى للتوازن کان لابُد من توضیح أهم نقاط الإتفاق والإختلاف بین النظریات الکلاسیکیة والحدیثة المعنیة بمفهوم التوازن.

أولاً : مقارنة بین نظریة التوازن الجمعی ونظریة توازن القوى

         یهدف دیفید إلى تصحیح جوانب نظریة توازن القوى الذی یرى أنها ذات أهمیة محدودة فی دراسة البلدان النامیة  ” بلدان العالم الثالث “. ومقصده من ذلک  شرح وفهم أسباب إتخاذ الدول النامیة وعلى وجه التحدید قادتها خیارات معینة حول “الانحیاز” ([xiv]) للتهدیدات الخارجیة الثانویة دون الداخلیة.

       والحقیقة أنّ نظریة التوازن الجمعی نابعة من نظریة توازن القوى ، وهی النظریة الأوسع إستخداماً فی العلاقات الدولیة ، فقد ساهمت فی تفسیر کثیر من السیاسات الدولیة منذ فترة تاریخیة قدیمة.ولکن فی مطلع عقد التسعینیات من القرن العشرین تم صیاغة نظریة جدیدة عُرفت بنظریة التوازن الجمعی ؛ لأنّ نظریة توازن القوى لا تأخذ بنظر الاعتبار خصائص دول العالم الثالث التی تمیزها عن غیرها من دول العالم ، لذلک جاءت النظریة الأخیرة لتختص فی توضیح تحالفات العالم الثالث بفعل شیوع التهدیدات الداخلیة فیها. وتعد النظریة أنّ العالم الثالث یضم کُل الدول عدا الولایات المتحدة الأمریکیة وروسیا الاتحادیة وکندا والیابان وأسترالیا ونیوزلندا وجنوب أفریقیا والدول الاوربیة ([xv]).

        وتُرکّز هذه النظریة على مواجهة  التهدیدات کُلها التی یتعرض لها قادة دول العالم الثالث . فی حین تُرّکز نظریة توازن القوى على التهدیدات القادمة من دول أخرى ، وضرورة مقاومة هذه التهدیدات من قبل الدولة، وإنّ نظریة توازن القوى لم تتضمّن فی طروحاتها فهم قرارات التحالف والانحیاز(الانحیاز للتهدید الخارجی الثانوی) ،وتفترض نظریة التوازن الجمعی أنّ صانع القرار السیاسی یطرح تساؤلاً : کیف تؤثّر سیاسة التحالف فی إحتمالیة بقائی فی السلطة ؟ بینما تفترض نظریة توازن القوى أنّ صانع القرار السیاسی یطرح تساؤلاً: کیف تؤثّر سیاسة التحالف فی قوة بلدی ؟ کما تفترض نظریة التوازن الجمعی أنّ صانع القرار السیاسی یطرح تساؤلاً آخر ماهی القوة الخارجیة الأکثر احتمالاً لحمایة بلدی من التهدیدات الداخلیة والخارجیة التی أواجهها؟ بینما تفترض نظریة توازن القوى : ما هی القوة الخارجیة الأکثر احتمالاً لحمایة بلدی من  التهدیدات التی تفرضها الدول الأخرى ؟ ([xvi]).

        وتُرکّز نظریة التوازن الجمعی على القائد بدلاً من الدولة نفسها مستوى للتحلیل فی العالم الثالث ، فی حین تُرکّز نظریة توازن القوى على الدولة مستوى رئیس للتحلیل أو لاعب رئیس فی السیاسات الدولیة ، وأنّ الحکومة المرکزیة قادرة على إخضاع الجماعات المختلفة تحت سیطرتها ، ومن ثمّ السیطرة على ما یجری ضمن حدودها ، ووفقاً للنظریة فإنّ هذا یُبّرر الترکیز على سلوک الدولة ، وهذه الفرضیة لا یمکن تطبیقها على دول العالم الثالث بحدودها العشوائیة التی تضم کثیراً من الجماعات التی تبدی مقاومة عنیفة  إزاء محاولات السیطرة من قادة الدولة ولیس الدولة نفسها، والتی تعد الوحدة الملائمة للتحلیل لفهم السیاسة الخارجیة لدول العالم الثالث ، ولاسیما دول التحالف،وتفترض نظریة التوازن الجمعی أنّ النخبة التی تمسک بالسلطة فی العالم الثالث ترى انّ مصالحها مترادفة مع مصالح الدولة ، ویرى القادة هنا أنّ قرارات التحالف التی یتّخذونها تقدّم المنفعة لهم عوضاً عن مصلحة الدولة. فی حین ترکّز نظریة توازن القوى على مصلحة الدولة وحدها  لضمان بقائها دون النظر لمصالح القادة ([xvii]).

        وتفترض نظریة التوازن الجمعی أنّ إنتشار التهدیدات فی العالم الثالث ضدّ القادة من شأنها أن تدفع بهم الى اتخاذ الوسائل اللاّزمة لضمان بقائهم فی السلطة بدلاّ من تعظیم قوة الدولة ، ویفضّل قادة العالم الثالث التحالف مع الدول ،إحدى هذه الوسائل ، لضمان سیطرتهم وبقائهم فی السلطة. فی حین تفترض نظریة توازن القوى أنّ الدول تسعى الى تعظیم قوتها بأقصى ما تستطیع ضمان بقائها .کذلکلا یمکن تطبیق  نظریة توازن القوى على العالم الثالث کونها تغفل دور التهدیدات الداخلیة، بمعنى أنّها تتجاهل المصدر الأکثر احتمالاً لتحدّی القیادة فی بلدان العالم الثالث. ومن ثمّ فإنّ نظریة توازن القوى لا یمکنها أیضاً أن تُقیّم وبدقة قوة خطر التهدیدات الخارجیة ؛ لأنّ مثل هذه التهدیدات تعتمد عادة فی فاعلیّتها على الأوضاع الداخلیة التی تکون عرضة للمعالجة الخارجیة .وبالإمکان تطبیق النظریة عندما تکون التهدیدات الرئیسة لقادة دول العالم الثالث قادمة من الخارج ، ولکن فیما یبدو أنّ الغالبیة العظمى من دول العالم الثالث تشهد تهدیدات داخلیة هی التی تؤدی دوراً رئیساً فیها. وتُبیّن نظریة التوازن الجمعی أنّ الحکومات ( المرکزیة) فی العالم الثالث غالباً ما تفتقر الى القوة لحل النزاعات ضمن حدودها بحکم غیاب الاجماع القوی علیها أو غیاب وجود مجتمع موحد متکامل ، وهذا یأتی خلاف نظریة توازن القوى التی تنظر الى الدولة على أنها تملک من القوة ما یؤهلها للتغلب على النزاعات التی قد تحدث فی مجتمع  موحد متماسک بالإجماع القوی والقوة المتعذّر تحدّیها طبیعیاً للحکومة المرکزیة ([xviii]).

ثانیاً : مقارنة بین نظریة التوازن الجمعی ونظریة توازن التهدید

        صمّم البروفیسور “ستیفن والت” سنة  ١٩٨٧ نظریة توازن التهدید Balance of Threat وهو أحد منظّری مدرسة الواقعیة الجدیدة فی العلاقات الدولیة ، والذی یفترض فیها بأن الدول تمیل للتوازن من أجل الحفاظ على بقائها وضمان أمنها القومی ، وتُبیّن النظریة أنّ الدول التی تشعر بالتهدید من قبل  جیرانها من الدول تحاول إقامة التحالفات أو تکتل دولی أو محاولة توحید الجبهة الداخلیة لمواجهة التهدیدات التی تصدر من طرف خارجی ([xix]). وتفترض نظریة توازن التهدید أنّ التهدیدات الخارجیة قد تصدر من أطراف لا تملک القوة بالضرورة ، أو أنها اقل قوة من خصومها ، ولکن تملک القدرة على التهدید( التوازن فی التهدید لا فی القوة) ، وأن الدول غالباً ما تلجأ الى تعبئة قدراتها الذاتیة وقوتها (العسکریة) والدخول فی التحالفات لتحقیق التوازن فی التهدید ولردعه ولیس فی القوة ، والدول تلجأ للتحالف مع دول أخرى تملک القدرة على حد التهدید والقضاء علیه ، ومن ثم فإنّ مواجهة التهدیدات توجد حالة من الإصطفاف الذی یشکل عاملأً أساسیاً لزیادة القوة  بهدف مواجهة هذه التهدیدات لاسیما عندما یکون نطاق التهدید واسعاً ومرتفعاً ([xx]).

     إنّ  لُغة التهدید لا یمکن أن تکبح إلاّ بمواجهة من ذات الطبیعة ، وهذا الشیء ینطبق على کلا النظریتین.فنظریة توازن التهدید شبیهة بنظریة التوازن الجمعی من حیث أن تشکیل تحالف لموازنة التهدید الأکثر خطورة قد یتطلّب وجود دولة أخرى تقاتل الى جانب الدولة المُهددّة( بفتح الدال) تم النظر إلیها مسبقاً على أنّها عدو (تهدید خارجی)، أو حتى منافس لها فی المستقبل. کما تتفق نظریة التوازن الجمعی مع نظریة توازن التهدید على مقولة أنّ الدول تتوازن ضد التهدیدات ولیس ضد القوة ([xxi])، والترکیز على التهدیدات بدلاً من القوة.

         وتفترض نظریة توازن التهدید أن الدولة تسعى لإمتلاک القوة ولکن لا تستهدف بالضرورة الحصول على قوة کبیرة لتُشکّل بها تهدیداً تضاهی بها قوة الدول الأخرى وإلاّ إنحرفت عن نهجها وإتجهت نحو نظریة توازن القوى . وکذلک الأمر بالنسبة لنظریة التوازن الجمعی التی لا تفترض هی الأخرى إمتلاک الدولة لقوة کبیرة تضاهی بها قوة التهدیدات الداخلیة والخارجیة ، وإلاّ لما إضطرّت الى التحالف لموازنة التهدید الأکثر خطورة. وترکّز کلا النظریتین على إستخدام مفردة التهدیدات بدلاً من القوة ، ولکن تنفرد نظریة توازن التهدید فی مقولة أنّ التهدید هو الهدف النهائی ولیس القوة ([xxii])، لأنّ النظریة تُرکز علىمدى التهدید الواقعی أو المُحتمل الذی یصدر عن الفاعلین الدولیین الأقل قوة تجاه الأخرین الأکثر قوة ، وهذا ما حدث فعلاً وواقعیاً أثناء هجمات١١أیلول/ سبتمبر ٢٠٠١ التی شهدتها الولایات المتحدة الأمریکیة([xxiii])وتتفّق کلتا النظریتین بأن الدول التی ترى نفسها عرضة للتهدید( سواء داخل الدولة أو من خارجها) تتبنّى سیاسات من شأنها العمل على مواجهة هذا التهدید.

         ممّا تقدم نستخلص من إجراء المقارنة بین النظریات الثلاث أنّ : التحالف أحد أهم وسائل النظریات الثلاث ( توازن القوى وتوازن التهدید والتوازن الجمعی) إلاّ أنّ الفارق الجوهری بین النظریتین هو أنّ نظریة توازن التهدید تتوقع تحالف الدول وتکتلها ضد الدولة الأکثر تهدیداً، فی حین تذهب نظریة التوازن الجمعی الى أن الدولة تتحالف مع دولة أخرى ضد  التهدید الداخلی الرئیس الذی یصدر من داخل إقلیم الدولة ذاته والذی تستثمره دول أخرى تکون جارة لها على الأغلب کأحد أسالیب الضغط السیاسی علیها.

 

المحور الثالث: تطبیقات النظریة على قادة دول العالم الثالث

       لإثبات نظریة التوازن الجمعی قدّم “دیفید” تطبیقات وأمثلة لفکرته الأساسیة التی تُدلّل على وجود التداخل بین التهدیدات الداخلیة والخارجیة – سمة العالم الثالث وحده – من خلال ما شهدته بعض دول العالم الثالث فی القارة الأسیویة والأفریقیة من تهدیدات سوف نأتی على ذکرها، فضلاً عن ذلک قدّم الباحث عدة أمثلة وتطبیقات من تاریخنا المعاصر إستکمالاً لما جاء به واضع النظریة ،الذی عرض أمثلته من فترة الحرب الباردة ، لإثبات صحة نظریته.

أولاً : تطبیقات النظریة على بعض قادة دول القارة  الأسیویة

        إنّ تفوّق نظریة التوازن الجمعی فی تفسیر وتوضیح سیاسات قادة دول العالم الثالث یمکن ملاحظته عملیاً وواقعیاً، والأمثلة کثیرة على إمکانیة تطبیق هذه النظریة على بعض قادة دول القارة الأسیویة التی شهدت دولهم تهدیدات داخلیة وخارجیة ومنها سوریا ، ففی أعقاب قیام ما أصطلح على تسمیته بثورات الربیع العربی فی بعض الدول العربیة – الأسیویة والأفریقیة- نهایة العقد الأول من القرن الحادی والعشرین ازدادت تطبیقات نظریة التوازن الجمعی، ویرجع سبب ذلک الى تعاظم حجم التهدیدات الداخلیة الصادرة عن القوى الشعبیة التی إنخرطت فی تنظیمات مسلحة وتزایُد نشاط العمل العسکری على مستوى العلاقات الدولیة فی مواجهة الجماعات المسلحة العنیفة (الإرهابیة) والتی أصبحت تُشکّل تهدیداً داخلیاً حقیقیاً للأمن القومی للدولة ومتجاوزاً حدودها لیمثّل تهدیداً خارجیاً للدول الاخرى ؛ وسبب هذا التهدید هو التعامل السیئ من قبل القادة فی الدول وعدم اکتراثهم بتلبیة المطالب الشعبیة.

        إذ بالإمکان ملاحظة تطبیقات النظریة فی قرارات الرئیس السوری السابق حافظ الاسد بالتحالف مع الاتحاد السوفییتی منذ عام ١٩٧٠حلیف ثابت ووحید من الدول الکبرى فی منطقة الشرق الأوسط، إذ تمُد سوریا بالأسلحة والمستشارین العسکریین السوفییت ([xxiv]).وأستمر ذلک التحالف فی عهد الرئیس بشار الأسد ، ففی عام ٢٠٠٦ کان هناک حوالی (١٠,٠٠٠) ضابط سوری تلقّى التدریب فی الأکادیمیة العسکریة الروسیة ، وفی العام نفسه کان هناک حوالی (٢٠٠٠) مستشار عسکری روسی یخدمون مع الجیش السوری ، فضلاً عن تقدیم الدعم الإستخباری لنظام بشار الأسد ([xxv]). وتُعد روسیا الداعم الرئیس والکبیر لسوریا فی حربها ضد التهدید الداخلی المُتمثّل بالجیش السوری الحر، الذی  تأسس فی ٢٩  تموز/یولیو ٢٠١١ بعد اندلاع  الثورة فی  ١٨ آذار / مارس ٢٠١١، والمدعوم ترکیاً ، عبر وجود مراکز القیادة على أراضیها ([xxvi])، فضلاً عن التنظیمات المسلحة الأخرى.

         کما اتبعت روسیا الاتحادیة وإیران حلفاء نظام الأسد أسلوب الوجود العسکری على الأراضی السوریة بقصد توفیر الحمایة لبقاء بشار الأسد فی الحکم  ، وإقلیمیاً کانت إیران من أشد مؤیدی نظام الأسد ومازال وعالمیاً روسیا هی القوة الأکثر بروزًا فی تقدیم الدعم بإمدادات الأسلحة وتوفیر “الغطاء أو الدرع الدبلوماسی” للدولة السوریة ([xxvii]). عبر إعاقة استصدار قرار دولی بإدانة النظام السوری لارتکابه جرائم إبادة بحق الشعب السوری. کما قدمت ایران دعماً عَسکریاً لسوریا ، والدلیل على ذلک هو اعترافات کبار الجنرالات الإیرانیّین الرسمیة، ومن أبرزها اعتراف قائدالحرس الثوری الإیرانی  محمد علی جعفری فی أیلول/ سبتمبر ٢٠١٢ بأنّ ” لبلاده عسکریین رفیعی المستوى فی سوریا لدعم نظام الرئیس بشار الأسد “، وإعترافه فی کانون الثانی /ینایر٢٠١٦ ” بوجود ما یقرب من ٢٠٠ ألف مقاتل مرتبط بالحرس الثوری الإیرانیّ فی ٥ دولهی سوریا والعراق والیمن وباکستان وأفغانستان ” ، واعتراف القائد بالحرس الثوری “حسن همدانی” فی ایار/ مایو  ٢٠١٤ بأنّ” بلاده مستمرة فیقتالها بالبلدات السوریة ، وسترسل مزیدًا من المقاتلین الباسیج للقتال فی سوریا ([xxviii]).کما زودت ایران حلیفتها سوریا بالتکنولوجیا اللازمة لمراقبة البرید الإلکترونی “أجهزة الهاتف ، ووسائل التواصل الإجتماعی([xxix]). وتوفیرها الدعم الجویّ المباشر لعملیات سوریا العسکریة منذ شهر أیلول/ سبتمبر ٢٠١٥  فی استعادة السیطرة على مدینة حلب المهمة ([xxx]).

       إنّ التطبیق العملی للنظریة  أثبت خطر التهدیدات الداخلیة التی تمثل المصدر الأکثر إحتمالاً لتهدید وحدة أراضی الدولة واستقرارها الداخلی مع الأخذ بنظر الاعتبار التهدیدات الخارجیة التی تعتمد فی فاعلیّتها على تطورات الأوضاع الداخلیة التی تکون عرضة للتدخّلات الخارجیة ، ففی  القارة الأسیویة أیضاً وتحدیداً فی جزئها الشمالی الشرقی حیث تواجه الصین؛ والتی فیها یُعد الحزب الشیوعی هو الحزب المهیمن والمحتکر للسلطة والذی یرسم السیاسة الداخلیة والخارجیة للبلاد ؛ حرکة انفصالیة فی منطقة التبت التی ضمتها الیها نهائیاً عام ١٩٥٩ ([xxxi]). ومنذ ذلک التاریخ والصین تواجه تهدیداً داخلیاً یتمثّل بالإنفصالیین فی إقلیم التبت والمطالبین بالحصول على الاستقلال أو الحکم الذاتی بوسائل سیاسیة سلمیة ، ولکن القیادة الشیوعیة الصینیة ترفض المطلبین معاً مُبررّة ذلک بأنه سیفتح الباب لإنفصال مناطق أخرى منها إقلیم سنغیانغ الواقع غرب البلاد ([xxxii])

        فی الوقت الذی تشهد فیه الصین تهدیداً داخلیاً یتمثّل بمحاولات انفصال التبت عن أراضیها تتعرّض فی الوقت نفسه الى تهدید خارجی من قبل الدولة الجارة الهند ، ممّا جعل  الصین أمام مواجهة التهدید الداخلی والخارجی معاً ، إذ تدعم الهند قضیة انفصال التبت؛ أحد محاور الصراع بین البلدین؛ عن الدولة الأم بین الحین والأخر تستخدمها کورقة ضغط فی مواجهة الصین ([xxxiii]). ویرجع دعم الهند لإقلیم التبت الى عام ١٩٥٩ حینما تم منح القائد الروحی الدینی الدلای لاما حق اللجوء الى الهند هرباً من مطاردة السلطات الأمنیة الصینیة وتشکیل حکومة التبت فی المنفى ، والتی لا تحظى بإعتراف دولی لغایة الأن ([xxxiv]).

        کما إستخدمت الهند أسالیب ووسائل کثیرة لمواجهة التحرکات الإستراتیجیة الصینیة فی المنطقة تمثّلت بتوفیر الملاذ الامن لکثیر من زعماء التبت الروحیین على أراضیها ، وإستقبال الدلای لاما من قبل رئیس الوزراء الهندی أتال بیهاری عام ١٩٩٨ والذی إعتبرته الصین تدخلاً فی شؤونها الداخلیة ، والسماح للإنفصالیین التبتیین بممارسة نشاطاتهم على الأراضی الهندیة ([xxxv])، فضلاً عن استقبال الهند أکثر من ٢٠٠ ألف لاجئ من سکان إقلیم التبت([xxxvi]).

      وبهدف خلق حالة من الموازنة فی التهدید بادرت الصین الى إتخاذ جملة من التدابیر العملیة لمواجهة تدخلات الهند بشأنها الداخلی، ففی عام ٢٠٠٦ ؛ وفی اطار قیام الصین بتمویل دول الطوق الجغرافی للهند بمختلف أنواع الأسلحة والمعدات؛ جهزّت بنغلادیش بمئات الصواریخ وتجهیز قواتها البحریة بالفرقاطات والصواریخ ، والهدف الصینی من وراء ذلک زیادة مخاوف الهند من قیام الحکومة البنغالیة بمنح الصین حقوق إنشاء قواعد عسکریة على أراضیها ([xxxvii]). وفی عام  ٢٠١٦ باشرت الصین فی تشیید المعبر الاقتصادی فی باکستان والمار عبر المنطقة التی تُسیطر علیها باکستان من إقلیم کشمیر المتنازع علیه مع الهند ([xxxviii])، وتُمثّل الصین الداعم الاقتصادی الأوّل للدول التی تقع على حدود الهند والتی تشمل کل من باکستان وبنغلادیش وسریلانکا والنیبال والمعارضة لقضیة إنفصال التیبت عن الصین ([xxxix]).

   ثانیاً : تطبیقات النظریة على بعض قادة دول القارة الأفریقیة

        کذلک ، شهدت القارة الأفریقیة فی فترة صراع القوى الاستعماریة وما بعدها حالة التداخل فی الحدود والفصل فی القومیة الواحدة وانقسام القبیلة ذات اللغة والدین والثقافة الواحدة الى أکثر من بلد أفریقی ([xl])، فلا توجد دولة قومیة أفریقیة فی القارة . کما واجهت البُلدان الأفریقیة لخطر التهدید الداخلی المُتمثّل بالانفصالیین مصحوباً بالتهدید الخارجی. ففی أثیوبیا مثلاً، وجدت السلطة الحاکمة بزعامة هیلاسیلاسی نفسها أمام خطر التهدید الداخلی المُتمثّل أولاً بجبهة التحریر الأرتیریة الانفصالیة المطالبة بالاستقلال عن أثیوبیا، وثانیاً فی اقلیم أو غادین المعروف باسم ساحل الصومال الغربی والذی احتلته أثیوبیا عام ١٩٥٤.واستمرت هذه التهدیدات فی اعقاب الانقلاب العسکری فی ١٢ أیلول/ سبتمبر١٩٧٤ ووصول منغستو هیلا میریام لحکم أثیوبیا. وکان الإتحاد السوفییتی حتى عام ١٩٧٤ یدعم جبهة التحریر الارتیری والصومال المطالب باستعادة أراضیه المحتلة من قبل أثیوبیا ، لکن حدث  إنقلاب فی موازین التحالفات فی القرن الافریقی  فتبدّل الحلفاء وأعلن السوفییت دعمهم للنظام الشیوعی الجدید فی أثیوبیا ([xli]) بکل أشکال الدعم السیاسی والعسکری والاقتصادی وحرمان جبهة التحریر الارتیری منها ([xlii])، بعد أن کانت أثیوبیا تتلقى المساعدات العسکریة من قبل الولایات المتحدة الأمریکیة طیلة حکم هیلاسیلاسی وفترة السنتان اللّتان أعقبتا حکم منغستو([xliii]). وفی عام ١٩٧٧ وقع صدام مسلح شامل على جبهة أرتیریا وجبهة أوغادین ، وکان طرفاه الأساسیین الجیش الأثیوبی ، المدعوم بالخبراء السوفییت ومقاتلین من دول کوبا وألمانیا الدیمقراطیة للمساهمة فی الدفاع عن الأراضی الأثیوبیة ، من ناحیة والجیش الصومالی من ناحیة أخرى ([xliv]).

        وفیما یخص الحالة الأثیوبیة، نجد أن نظریة التوازن الجمعی وحدها أوضحت قرار الرئیس منغستو بالتحالف مع الإتحاد السوفییتی وطلب المساعدة منه والتخلّی عن الولایات المتحدة – حلیف أثیوبیا التقلیدی – بذریعة أن الأخیرة لم تُقدم الدعم العسکری الکافی للجیش الأثیوبی لمواجهة التهدید الداخلی الذی فرضته الولایة الأثیوبیة – أرتیریا- والتهدید الخارجی الذی فرضته الصومال فی أوغادین ، کما وجدت النظریة أیضاً أن تحالف منغستو مع السوفییت ینطلق من ادراکه بأنّ هذا التحالف أفضل وسیلة للموازنة ضد التهدید الداخلی الرئیس، من جهة ، وأفضل طریقة لتهدئة التهدیدات الخارجیة الثانویة وهما الصومال والإتحاد السوفییتی الداعم فی وقت سابق للأرتیریین والصومالیین فی آن واحد، من جهة أخرى ([xlv]). ویبدو أن منغستو قد نجح فی تهدئة التهدیدات الخارجیة من أجل الحاق الهزیمة بالتحدّی الداخلی الأکبر والأکثر ضغطاً .

       ویرى “ستیفن رای دیفید” أنّ فکرة انحیاز قادة العالم الثالث للتهدید الخارجی من أجل موازنة التهدید المحلی( الداخلی) لیست بفکرة خاطئة بل هی صحیحة وواقعیة ، طالما أنّها تحقق الهدف المنشود بغض النظر عن الطریقة أو التوجه ، اذ یرى “روبرت جیرفیس” وهو أستاذ فی السیاسة الدولیة ” أنّ السیاسات فی بیئة مُعقدّة تُولّد نتائج غیر مقصودة ” ([xlvi]).

         وللحدیث عن حالة دولة رواندا، الواقعة فی وسط القارة الأفریقیة ، فمنذ الانسحاب الرسمی لقواتها من داخل أراضی جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة عام ٢٠٠٣ بذریعة مطاردة قوات التمرد التی تتخذ من أراضی الکونغو قواعد لشن الهجمات على قوات نظام بول کاغامی کانت علاقات رواندا مع  الکونغو تتسم بالتوتر ، اذ اتهمت رواندا حکومة جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة بإیواء ودعم المتمردین المتواجدین بأعداد کبیرة على حدودهما المشترکة والذین یهددون النظام ، ورواندا هی الأخرى متهمة من قبل دولة الکونغو الجارة بدعم جماعات المتمردین الذین یعملون فی شرق جمهوریة الکونغو الدیمقراطیة ([xlvii]). فأثناء فترة تولی بول کاغامی منصبی وزیر الدفاع ونائب الرئیس الرواندی_- والذی یتولى حالیاً منصب رئیس الجمهوریة – قام بتشکیل تحالفات اقلیمیة عرقیة من قبائل التوتسی فی داخل الکونغو (المتواجدة على طرفی الحدود) لإجبار النظام هناک على مواجهة تهدید المتمردین من الهوتو المتواجدین على أراضیه ([xlviii])

     کما شهدت القارة الأفریقیة تهدیداً داخلیاً آخر فی جنوب السودان ؛ تمثّل بظهور حرکة تمرد فی عام ١٩٦٣ الى عام ٢٠٠٥ “عام توقیع اتفاقیة السلام الشامل التی وقعتها الحکومة السودانیة والحرکة الشعبیة لتحریر السودان فی ٩ تموز ٢٠٠٥ والتی تعرف باتفاقیة نیفاشا” والذی انتهى بإجراء استفتاء لتحدید حق تقریر مصیر جنوب السودان فی ٩ کانون الثانی/ینایر ٢٠١١ ومن ثمّ إعلان قیام دولة جنوب السودان فی التاسع من تموز / یولیو من العام نفسه ([xlix]).

        وعلة التهدید الداخلی هو حکم الرئیس السودانی الأسبق جعفر نمیری ؛ الذی وصل الى السلطة بإنقلاب عسکری فی ایار ١٩٦٩ وشهد تأسیس ما یعرف بالحرکة الشعبیة لتحریر السودان عام ١٩٨٣ بزعامة العقید جون قرنق کرد فعل على اصدار الرئیس نمیری إعلان تطبیق أحکام الشریعة الاسلامیة فی عموم البلاد ، ممّا أدى الى تنامی مشاعر العداء فی أنحاء الجنوب الذین یدینون المسیحیة والوثنیة الى جانب الدین الاسلامی ، ونشوب حرب أهلیة واسعة النطاق مع النظام الحاکم([l]).

        وقد أدت دول عدة دوراً کبیراً فی تغذیة الصراع الداخلی فی السودان بهدف تقویض وحدة أراضی الدولة ؛ عبر تمویل وتسلیح اسرائیل للجیش الشعبی لتحریر السودان أثناء الاقتتال مع الجیش السودانی عام ١٩٩٠، کما واجهت البلاد تهدیداً خارجیاً متمثلاً بدعم ومساندة أثیوبیا وکینیا واوغندا لقوات الجیش الشعبی فی جنوب السودان ([li]).

         کذلک أسهمت اسرائیل فی اقامة مراکز لتدریب مقاتلی الحرکة الانفصالیة فی أراضی دول الجوار الجغرافی للسودان مثل أثیوبیا وکینیا وتشاد وأوغندا وزائیر (الکونغو الدیمقراطیة حالیاً) ([lii]). وبالمقابل نالت السودان دعماً عربیاً عسکریاً ومالیاً من مصر، وقد تجدّد دعم دول الجوار الجغرافی المذکورة أنفاً لقوات التمرد فی جنوب السودان أعقاب إعلان النمیری بعد عام ١٩٨٣تطبیق قوانین الشریعة الإسلامیة ([liii]). وفی عهد رئیس أثیوبیا الأسبق منغستو هیلا میریام  تم تقدیم دعم لوجستی کبیر وحاسم للحرکة الشعبیة لتحریر السودان , وتحدیداً عام ١٩٨٣ وفتح أراضی بلاده لتدریب متمردی الجیش الشعبی وأقام إذاعة ناطقة باسمهم من داخل الأراضی الإثیوبیة ، الأمر الذی أثار حفیظة الرئیس جعفر نمیری ودفعه لتقدیم الدعم  لمتمردی الجبهة الشعبیة لتحریر تغرای (نسبة الى إقلیم تیغرای الواقع شمال إثیوبیا) ضد نظام منغستو، کما دعم ثوار الجبهة الأرتیریة ، وبعد سقوط نظام منغستو عام ١٩٩١ تم طرد قوات الجیش الشعبی من داخل الأراضی الإثیوبیة ، ثم تدهورت العلاقات من جدید منتصف التسعینیات من القرن العشرین وخاضت قوات أثیوبیا وإریتریا و أوغندا مواجهات ضد الجیش السودانی وبدعم أمریکی ، کذلک قدّم الرئیس اللیبی السابق معمر القذافی الدعم المالی للجیش الشعبی لتحریر السودان منذ مطلع الثمانینیات فی محاولة لإسقاط نظام الرئیس نمیری ([liv]).

          إن من المتعارف علیه فی فقه العلاقات الدولیة  ان أسهل طریق للنیل من منطقة القلب الجغرافی هو النفاذ الیه من خلال الأطراف ؛ کونها الحلقة الأضعف فی أی کیان جیواستراتیجی، وهو ما أطلق علیه حامد ربیع ” مبدأ شد الأطراف”([lv]).

       إنّ جمیع الأمثلة التی تم بحثها فی تطبیقات النظریة على قادة دول العالم الثالث أوضحت أنّ الترکیز على مصالح القادة والنخبة الحاکمة یقود الى تفسیر قرار التحالف على نحو أفضل ممّا یُوضّحه الترکیز على مصالح الدول کُلها ([lvi])، على إعتبار أنّ مصلحة الدولة یمکن النظر إلیها من خلال مصلحة القائد وأعوانه . کذلک إنّ أمثلة أثیوبیا والصومال وتحالفهما مع الاتحاد السوفییتی فی وقت ومع الولایات المتحدة فی وقت آخر – یأتی فی إطار إعادة الاصطفاف أو التحالف – وأمّا سوریا فتحالفها مع روسیا الإتحادیة قد عاد بالفائدة على قائد هذه الدولة ونظامه السیاسی وذلک بتعزیز قبضته على السلطة والشعب ولم یعد التحالف بالفائدة على الدولة بذاتها . ولا تزال التهدیدات الداخلیة هی التی تُحدّد بوصلة  تحالفات قادة دول العالم الثالث فی وقتنا الحاضر.

الخاتمة :                  

         إنّ نظریة التوازن الجمعی التی صاغها “ستیفن رای دیفید” إحدى نظریات التوازن فی العلاقات الدولیة ،أثبتت وبدقة قوة خطر التهدیدات الداخلیة التی تتعرض لها بلدان العالم الثالث قیاساً بخطر التهدیدات الخارجیة. کما أسهمت  النظریة فی تفسیر الهدف من وراء تبنی قادة دول العالم الثالث سیاسات التحالف أو الاصطفاف مع دول أخرى لمواجهة التهدیدات التی تتعرّض له بلدانهم . وقد بیّن البحث من خلال التطبیقات العملیة أن تحالف أغلب قادة العالم الثالث کان من أجل ضمان بقائهم السیاسی فی السلطة أطول مدة ممکنة وإن جاء ذلک على حساب المصلحة العلیا للدولة ومستقبلها، کما أوضح البحث أنّ أحد أهم مُسببّات التهدید الداخلی فی بلدان العالم الثالث یکمن فی الممارسات السیاسیة لقادة الدول الذین وصلوا الى الحکم من خلال الانقلابات العسکریة واحتکارهم السلطة لفترات طویلة .وفیما یخص التهدیدات الداخلیة التی یتعرض لها القادة والتی یُعبّر عنها بالخصوم الداخلیین غالباً ما یطلبون الدعم أیضاً من قوى خارجیة أو دول فی ذلک الشأن کأنهم دول، سواء من دول المنطقة أو خارجها ، وغالباً ما تأخذ هذه التهدیدات  شکل التمرد المسلح الذی یلاقی تأییداً داخلیاً ودعماً خارجیاً فی بعض الأحیان.

        وإن اللّجوء الى نظریة التوازن الجمعی والتی تُسمّى أیضاً بنظریة التوازن الکُلّی أو الشامل هو أفضل من نظریتی توازن القوى وتوازن التهدید فی تفسیر السیاسات والسلوکیات التی یتّبعها قادة الدول فی العالم الثالث والمتعلقة بقرارات مواجهة التهدیدات الداخلیة والخارجیة، ویظهر ذلک جلیاً من خلال تطبیقات النظریة على الواقع السیاسی فی کثیر من الدول فی العالم الثالث.هذا وسیبقى العالم الثالث مرهوناً بهذا النوع من التحالفات فی حال وجود قادة تبحث عن مصالحها الذاتیة بعیداً عن مصلحة الشعب والدولة ، کما سیبقى العالم الثالث مرکزیاً فی دراسة العلاقات الدولیة ، وانّ فهم سیاسات قادة بلدان العالم الثالث بما فیها تحالفاتهم أمر بالغ الأهمیة لفهم أوسع للسیاسات العالمیة.



([i])  أستاذ العلاقات الدولیة فی جامعة هوبکنز فی الولایات المتحدة الأمریکیة.

([ii])  ویقصد بالتحالف هو ذلک الحلف الذی یُعرّفه الدکتور ابراهیم أبو خزام بأنّه: اتفاق رسمی بین دول ذات طابع عسکری تتعهد فیه الدول المتحالفة باتخاذ تدابیر مشترکة لحمایة أمنها القومی.أنظر:  أبراهیم أبو خزام ، الحروب وتوازن القوى ، ط٢، دار الکتاب الجدیدة المتحدة ، طرابلس- لیبیا ٢٠٠٩،ص١٣١.

([iii])  Fahad Mohammad Alsultan and Pedram Saeid,op.cit, p١٩.

([iv]) Danielle Beswick, The return of Omnibalancing A multi-level analysis of strategies for securing agency in post-genocide Rwada, https://www.open.ac.uk/socialsciences/bisa-africa/files/africanagency-seminar٤-beswick.pdf

([v])  Danielle Beswick,op.cit.

([vi])  Fahad Mohammad Alsultan and Pedram Saeid,op.cit, p١٩.

([vii])Steven R. David, “Explaining Third World Alignment”, World Politics, Vol. ٤٣, No,٢. (Jan., ١٩٩١), Cambridge University Press,P.٢٤٠.

([viii]) Ibid, PP. ٢٤٠-٢٤١.  

([ix])  ERIC A. MILLER and ARKADY TORITSYN,” Bringing the Leader Back In: Internal Threats and Alignment Theory in the Commonwealth of Independent States”, Security Studies,vol,١٤, no. ٢, April–June ٢٠٠٥, p.٣٢٧- ٣٢٨.

([x])  Steven R. David., Op. Cit., P,٢٣٤.

([xi])  Fahad Mohammad Alsultan and Pedram Saeid, The Development of Saudi-Iranian Relations since the ١٩٩٠s Between conflict and accommodation, New York: Routledg,٢٠١٧ ,p١٨.

([xii])  ERIC A. MILLER and ARKADY TORITSYN,op.cit,p. ٣٣٠-٣٣١.

([xiii])  Steven R. David., Op.Cit., PP,٢٣٦ – ٢٣٨.

([xiv] Danielle Beswick, “The return of Omni balancing? A multi-level analysis of strategies for securing agency in post-genocide Rwanda”,

منشور على الرابط الآتی:        

       https://www.open.ac.uk/…/bisa…/africanagency-seminar٤-beswick.pd

([xv])  Steven R. David., Op. Cit., P,٢٣٣ and P.٢٣٨.

([xvi])Ibid, P,٢٣٣ and P.٢٣٨.

([xvii])Ibid, PP,٢٤٣- ٢٤٤.

([xviii])  Ibid, PP,٢٤٢- ٢٤٥.

([xix])  أحمد محمد أبو زید، ” کیف تتحرک الدول الصغرى: نحو نظریة عامة”، مجلة العلوم السیاسیة، العدد٤٤، جامعة بغداد ٢٠١٢، ص٤٥- ٤٦.

([xx])  بهاء عدنان السعبری ، ” نظریة توازن التهدید – رؤیة تحلیلیة ” ، مستخلص بحث منشور فی المجلة العلمیة بکلیة التجارة – جامعة أسیوط ، العدد٦٣، مصر ٢٠١٧، متاح على الموقع الإلکترونی:

http://staff.uokufa.edu.iq/publication_details.php?bahaa.alsabary&recordID=٣٢٠٥

([xxi])  أحمد محمد أبو زید ، مصدر سابق ، ص٤٦.

([xxii])  بهاء عدنان السعبری ، مصدر سابق.

 [xxiii]))حیدر زایر العامری، ” العلاقات الدولیة ما بین توازن القوى وتوازن التهدید ( اطار نظری)”، مجلة العلوم السیاسیة/ جامعة بغداد، العدد٥٢،بغداد٢٠١٧،ص ٢٩١-٢٩٢.

([xxiv])  ROY ALLISON,” Russia and Syria: explaining alignment with a regime in crisis” , International Affairs, Jul٢٠١٣, Vol. ٨٩ Issue. ٤,p٨٠١, in Roy Allison, Russia, the West and military intervention (Oxford: Oxford: Oxford University Press, ٢٠١٣).

([xxv])  ROY ALLISON, op.cit,p٨٠٢-٨٠٣.

([xxvi])   رضوى عمار ، توازن التهدید : محددات تسویة الأزمة السوریة فی عام ٢٠١٨ .الأحد , ٣١ دیسمبر ٢٠١٧. متاح على الرابط الآتی:

      https://futureuae.com/ar/Mainpage/Item/٣٥٧٨

([xxvii])  ROY ALLISON, op.cit , p٧٩٥.

([xxviii])  محمدبنصقرالسلمی وعبدالرؤوفمصطفىالغنیمی،”الجیوبولیتیکالشِّیعیّ.. الواقعوالمستقبل “، مجلة دراسات ایرانیة، السنةالأولى – العددالأول، الریاضدیسمبر٢٠١٦ ، ص٥٠ و ص٥٦.

([xxix])  نور الهدى دحدوح ،السیاسة الخارجیة الایرانیة والسعودیة تجاه الأزمة السوریة، رسالة ماجستیر غیر منشورة مقدمة الى کلیة الحقوق والعلوم السیاسیة/جامعة العربی بن مهیدی – أم البواقی – الجزائر ٢٠١٥، ص٤١.

([xxx])  جیمس سلادن و عدة باحثین ، الاستراتیجیة الروسیة فی الشرق الأوسط ،ص٤. متاح على الموقع الالکترونی:

https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/perspectives/…/RAND_PE٢٣٦z١.arabic.pdf

([xxxi])  منتصر حسن دهیرب الربیعی،” أزمة إقلیم التبت وأثرها على العلاقات الهندیة الصینیة(١٩٤٩-١٩٦٣)”، مجلة أوروک للعلوم الانسانیة، کلیة التربیة– جامعة المثنى، المجلد ٥،العدد٢، العراق٢٠١٢، ص٩٥.

([xxxii])  سالی نبیل شعراوی، العلاقات الصینیة الأمریکیة وأثر التحول فی النظام الدولی، دار النشر العربی للنشر والتوزیع ،٢٠١٨القاهرة، ص ١٥.

([xxxiii])  یونس مؤید یونس، أدوار القوى الآسیویة الکبرى فی التوازن الإستراتیجی فی آسیا بعد الحرب الباردة و آفاقها المستقبلیة، الاکادیمیون للنشر والتوزیع، عمان- الأردن٢٠١٥،ص ١٦٥.

([xxxiv])  تحریر شفیق شقیر، التبت التاریخ والقضیة، منشورات شبکة الجزیرة للبحوث والدراسات، تموز٢٠٠٨، متاح على الموقع الالکترونی :

         www.aljazeera.net/mritems/streams/٢٠٠٨/٧/٢٧/

([xxxv])  عبد القادر دندن، الأدوار الإقلیمیة للقوى الصاعدة فی العلاقات الدولیة دراسة میدانیة الصین، ٢٠١٥،مرکز الکتاب الأکادیمی للنشر والتوزیع، عمان – الاردن، ص١١٧.

([xxxvi])  براکریتی غوبت، ازدیاد التوترات بین العملاقین الآسیویین.. التبت وتایوان والتقارب مع إسلام آباد  نقاط ساخنة بین بکین ونیودلهی، صحیفة الشرق الأوسط ،٢٦مارس٢٠١٧.

([xxxvii])  عبد القادر دندن، المصدر نفسه، ص١٢٧

([xxxviii])  براکریتی غوبت، المصدر نفسه.

([xxxix])  عبد القادر دندن، المصدر نفسه، ص ١٢٦.

([xl])  صلاح الدین حافظ ، صراع القوى العظمى حول القرن الأفریقی ، عالم المعرفة ، الکویت ١٩٨٢ ، ص٨٧.

([xli])  المصدر نفسه، ص٨٣.

([xlii])  سعد حقی توفیق، مصدر سابق ، ص ٢٨٨.

([xliii])  Steven R. David., Op. Cit., P,٢٤٦.

([xliv])  صلاح الدین حافظ ،مصدر سابق ، ص١١٣وص ١٠٦.

([xlv])  Steven R. David., Op. Cit., P,٢٤٧-٢٤٨.

([xlvi])  Ibid, P,٢٤٩ – ٢٥٠.

([xlvii])  Danielle Beswick, op.cit.

([xlviii])  صلاح الحسنی ، من لاجئ لرئیس منتخب بنسبة ٩٩%..قصة صعود رئیس رواندا “المطلق” ، متاح على الموقع الالکترونی:  sasapost.com   

([xlix])  صداح أحمد الحباشنة ،”العلاقاتبیندولتیالسودانوجنوبالسودان”، مجلة دراسات،المجلّد٤٠،العدد ١، ،کلیة العلوم الاجتماعیة / جامعة مؤتة، الأردن ٢٠١٣، ص ١٤.

([l])  صداح احمد الحباشنة، مصدر سابق، ص ١٧وص٢٢.

([li])  المصدر نفسه، ص ١٩.

([lii])  درید الخطیب ومحمد أمیر الشب ، ” انفصال جنوب السودان الجذور والتطورات والتداعیات”، مجلة جامعة القدس المفتوحة للأبحاث والدراسات، العدد ٢٧، فلسطین  حزیران ٢٠١٢، ص ٣٩٢.

([liii])  حمدی عبد الرحمن حسن ، التدخل الدولی فی السودان وأثره عربیاً ودولیاً، ص٢٦١. کتاب منشور على الموقع الالکترونی:

           http://www.albayan.co.uk/fileslib/articleimages/takrir/٤-٣-٣.pdf    

([liv])  فریدة البنداری، مواقف دول الجوار من انفصال جنوب السودان ، متاح على الموقع الالکترونی :

         https://www.elsyasi.com/

([lv])  حمدی عبد الرحمن حسن ، مصدر سابق ، ص٢٦٩.

([lvi])  Steven R. David., Op. cit., p,٢٥٠.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى