كتاب إخلاء منطقة الشرق الاوسط من اسلحة الدمار الشامل


دار النشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب

طبعة أولى عام 2007

عدد الصفحات 550 صفحة

عرض: صلاح الصيفي

نظرا لأهمية منطقة الشرق الأوسط التي تكتظ بالمتغيرات السياسية والإقتصادية والإستراتيجية، والتى انعكست على صور التخطيط الحكومى ومردودها الشعبى على الدول بهذه المنطقة ، يحاول مؤلف الكتاب اللواء ممدوح حامد عطية تسليط الضوء على هذه القضايا مع التركيز على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، حيث يستهل الكاتب مؤلفه بالتأكيد على احتياج كافة دول المنطقة دون استثناء للأمن والسلام، والبحث عن الإستقرار والتنمية المستدامة، ولهذا تسلك تلك الدول طرقًا عديدة من أجل الصعود نحو مجالات توليد الطاقة النووية السلمية، ولكن المعضلة الكبرى فى هذا الصدد صعوبة الفصل بين مقتضيات تلك الأهداف المشروعة، ومخاوف السياسيين الغربيين التى تفرض الكثير من المعادلات على الدول النامية.

الضمان الأمني

ويؤكد المؤلف على أهمية توضيح حقائق مشروعية البرامج النووية السلمية بشروط الضمان الأمنى الإقليمى أولا، وعدم تكرار كوارث التسريبات الإشعاعية التى كان أكثرها فتكًا بالبشرية ما حدث بمفاعل تشرنوبل السوفيتى منذ حوالى عقدين من الزمان، فمفاعلات إنتاج الطاقة النووية لها مخاطر هائلة يمكن السيطرة عليها بإحكام الرقابة.

وقد نجحت معظم الدول الأوروبية فى إنتاج هذه الطاقة الرخيصة دون الوقوع فى مشكلاتها، وبعضها يقوم حاليا بتحويل النفايات النووية لمواد ومركبات أخرى يمكن التخلص منها دون أضرار، ويدرس الغرب اطلاق تلك النفايات عبر الفضاء كى لا يتم دفنها بكوكب الأرض، كما كان يحدث بتهريبها إلى أراضى العالم النامي.

ولعل ظهور شبكة سوداء واسعة النطاق للاتجار في المواد والمعدات النووية، وانتشار الأسلحة غير التقليدية كانت كلها علامات فارقة، تبين تصاعد المخاوف من امتلاك المنظمات الإرهابية لأسلحة الدمار الشامل، أى أن الكابوس الذى كان يؤرق البيت الأبيض بواشنطن، قد يتحول لطامة كبرى على الشعب الأمريكى وحلفائه من جراء تهديدات تنظيم القاعدة وغيره.

وكذلك، فإن ظهور التقنيات النووية الحساسة والمتقدمة جدًا في عدد أكبر من البلدان النامية، والركود الذي أحاط بجهود المجتمع الدولي للتوصل إلى نزع السلاح النووي، كلها تشكل تطورات درامية لتلك القضايا الشائكة.

وقد تحرك المجتمع الدولي مرارًا عبر منابر الأمم المتحدة لمطالبة دول العالم بالتدخل لوقف هذا الخطر، الذي يهدد الأمن والسلم في الشرق الأوسط، وبما يحول دون استقرارها.

وعلى الجانب الآخر، حرصت الجامعة العربية على توضيح أهمية معالجة قضايا حظر الإنتشار النووى بموضوعية وعدالة دون محاباة لدول على حساب أخرى، ويلقى العرب باللوم على إسرائيل فى تراجع برامجهم حتى السلمية للطاقة النووية، فليس ببعيد الضربات الجوية التى تعرض لها العراق فى الثمانينيات من القرن الماضى وكذلك الملف الليبى الذى انتهى قبل دخول طرابلس مجال تخصيب الوقود النووى، وتحرص إسرائيل دائمًا على حيازة قدرات نووية عسكرية غير معلنة، والحيلولة دون حيازة دول عربية أو شرق أوسطية لقدرات مماثلة، كى لا يتحقق توازن عسكري في المنطقة.

العولمة النووية

ويمضى المؤلف قائلا إن إعداد دراسة لعولمة دورة الوقود النووي بشكل جدي بحيث تقوم البلدان المتقدمة بتصنيع الوقود النووي وبعمليات التخصيب، واسترجاع الوقود المستنفذ لاعادة معالجته وتصديره لباقي البلدان المستخدمة، يعود على الأخيرة وخصوصا الصغيرة منها بفوائد، تتمثل في اعفائها من إقامة منشآت تخصيب ومعالجة الوقود النووي المستنفذ والتخلص منه.

ومن أجل بلوغ هذه المرحلة فى الشرق الأوسط وغيره من بقاع العالم، فإنه يتعين تطوير نظام دولي يمكن البلدان المستخدمة من الوصول بشكل مضمون ومكفول للوقود، الذي تحتاجه، وأن تلتزم البلدان الموردة بالتخلص من النفايات المتزايدة مع اتساع برامج الطاقة الكهربائية النووية على الصعيد العالمي.

أما مسألة انضمام جميع الدول في المنطقة على نحو متزامن إلى جميع الاتفاقيات الدولية التي تحرم حيازة وانتشار وإنتاج واستخدام هذه الأسلحة، فهى تعتبر ذات مردود ايجابى على أية تجارب مرتبطة بالتعاون بين الحكومات فى المجال النووى السلمى، مع إخضاع جميع الدول في المنطقة لنظم الرقابة والتفتيش العالمية دون استثناء لأية دولة أو لأي سلاح من أسلحة الدمار الشامل تحت أي ظرف.

ويشير المؤلف إلى أن حيازة أسلحة الدمار الشامل لا تحقق الأمن لأية دولة من دول المنطقة، وأن الأمن لا يتحقق إلا من خلال السلام الشامل والعادل، ولعل غياب أية خطوة إيجابية من جانب إسرائيل تجاه التعامل مع السلاح النووي، وإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط واستمرارها في انتهاج مواقف مبنية على عقيدة التفوق العسكري، كل ذلك من شأنه تعميق الخلل الأمني في المنطقة والإضرار بالمفاوضات الجارية حول سلام الشرق الأوسط.

وتشمل الإتفاقيات المقترحة من قبل الجامعة العربية نزع شامل لكل أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وإخلاء المنطقة بشكل كامل من الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية، وعدم قبول الفصل أو التجزئة في التعامل بين أنواع الأسلحة نزولاً على رغبة أيًا من الأطراف الإقليمية، بل والتمسك بالبدء بمعالجة أخطر الأسلحة وأكثرها فتكًا بالبشرية وهو السلاح النووي على نحو يمنع تكرار كارثة قنابل هيروشيما ونجازاكى فى اليابان إبان الحرب العالمية الثانية.

الموقف العربي

وترفض معظم الدول العربية استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية مع الاحتفاظ بحقها في استخدام كل الوسائل الدفاعية المضادة لهذه الأسلحة، وكذلك اتخذت الحكومات العربية الكثير من المواقف ضد السياسات الانتقائية في تطبيق نزع أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، فعدم خضوع جميع دول المنطقة بما فيها إسرائيل لنفس الإجراءات يشكل خللاً خطيرًا.

وتطرق الكاتب إلى ضرورة أن تكون إجراءات نزع أسلحة الدمار الشامل تحت إشراف دولي كامل، خاصةً من قبل الأمم المتحدة وأجهزتها والمنظمات التابعة لها، وتطبيق الشرعية الدولية ممثلة في قرارات الأمم المتحدة العديدة التي تدعو إلى إخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي، وخاصةً قرار مجلس الأمن رقم 487 لسنة 1981، كى يسير موضوع نزع السلاح جنبًا إلى جنب مع جهود السلام من منطلق أن إحلال السلام يوفر المناخ والرغبة في الحد من التسلح، خاصة النووى وينفي ذرائع حيازته.

ومن هنا، فإن التوجه لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، هو تأكيد على جدية الأطراف الساعية للسلام، وعلى أن هذه الأسلحة لا تؤدي إلى أمن وسلام أي طرف بقدر ما تخل بتوازن وتكافؤ القوى العسكرية، وهي شروط مسبقة للسلام.

ويتفق موقف الدول العربية من المعاهدات الدولية على التشديد على أهمية تجنب الفصل بين نزع الأسلحة الكيماوية والنووية في الشرق الأوسط، فكلاهما غير تقليدى ويستخدم فى تصفية الشعوب بغض النظر عن نطاق التأثير.

وكان بداية العمل العربى المؤثر عند التوقيع على بروتوكول جنيف الخاص بحظر الاستخدام العسكري للغازات الخانقة أو السامة أو ما شابهه عام 1928، والمفاوضات الخاصة بعقد معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في الأول من يوليو عام 1968، وقد تزعمت مصر آنذاك المواقف العربية ، وتقدم الرئيس المصرى أنور السادات بمبادرة شاملة في 12 أكتوبر 1974 لنزع الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، وتجددت التحركات في عهد الرئيس المصرى حسنى مبارك، وقد توج ذلك بمبادرة سيادته في 18 ابريل 1990 بشأن إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.

وترتكن المبادرات العربية فى هذا الصدد على عدة بنود هى نزع السلاح النووي، ومنع الانتشار، والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية بشكل موضوعي ومتوازن، وكذلك مراجعة مدى تنفيذ أطراف المعاهدة لأحكامها ولقرارات مؤتمرات المراجعة السابقة، حيث يتمسك العرب بشكل كامل، وغير قابل للتراجع بتنفيذ القرارات التي أقرها المجتمع الدولي في إطار تناوله لمسألة التمديد اللانهائى للمعاهدة ومراجعتها.

حلول جوهرية

ويوضح الكاتب أن معظم الدول الشرق أوسطية تواصل حاليا العمل مع كافة الأطراف في المعاهدات النووية العالمية للعمل على تعزيزها خلال الفترة القادمة، وذلك من منطلق إيمانها العميق بأهداف نزع السلاح النووي ومنع الانتشار كى لا تفنى شعوب المنطقة فى حروب سياسية وعسكرية.

أما المواقف العربية والشرق أوسطية من الملف النووي الإيراني فتأتى تكريسًا لمبدأ وقف خلط الأوراق، واعتبار الوكالة الدولية للطاقة الذرية هي الجهة الفنية الوحيدة المنوط بها التأكد من مدى التزام الدول بتعهداتها بموجب اتفاق الضمانات الموقع بين إيران والوكالة.

ولا تزال الأمة العربية عند موقفها بأن الحوار هو أفضل الوسائل للخروج من الأزمات النووية، خاصةً الإيرانية، فعلى سبيل المثال هناك المقترحات الروسية التي يمكن بلورتها بشكل يلبي مصالح الجميع، كما أن الإطار التفاوضي بين دول الترويكا الأوروبية الثلاث وإيران منذ عام 2003 يمكن أن يفضي إلي تسوية مقبولة إذا ما توافرت الإرادة اللازمة.

فالوضع المحيط بالملف النووي الإيراني غير مريح سواء بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط‏ أو للمجتمع الدولي ككل‏، بعد ما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود حالة من الغموض تحيط بأهداف البرنامج النووي الإيراني؛ حيث أن المعيار الأساسي لتناول الملف النووي الإيراني يجب أن يستند لأهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل، كما أن فرض عقوبات علي إيران أو القيام بعمل عسكري ضدها لن يترتب عليه إلا مزيد من التوتر بالمنطقة.

ويحذر المؤلف من انتشار المحطات النووية في العالم بشكل عشوائى ومن أخطارها البيئية رغم صمامات الأمن الموجودة بها، حيث يقلق الحكومات والشعوب تعقد المعادلات لتلوح فى الأفق مواجهات عسكرية لا داعي لها، قد تفضى لاطلاق مسميات حول تصنيع القنابل النووية للتصفية العرقية وربما الدينية.

تحميل الكتاب

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button