التهديدات الأمنية في المغرب العربي : مقاربة الأمن الإنساني

التهديدات الأمنية في المغرب العربي : مقاربة الأمن الإنساني

البروفسور امحند برقوق

البحث الأول:

يشكل المغرب العربي ،كنقطة تماس جيو- حضارية بين إفريقيا و أوروبا و العالم العربي مصدرا فعليا لاهتمام تنافسي للقوى الكبرى حسب منطق استباقي مرتبط بمقتضيات التموقع التأسيسي للعالم المستقبلي مع تطلع الإتحاد الاروبي و الصين من جهة لأن يكونا قطبين فاعليين في البنى الكونية المستقبلية ،و عزم الولايات المتحدة الأمريكية على الحفاظ على نسق هيمنتها العالمية من جهة أخرى . فالمغرب العربي ،من هذا المنظور الجيو إستراتيجي و الإستشرافي ، يشكل حلقة وصل فعلية بين بناء البيت الاروبي المشترك و التموقع الإستباقي في المجال المتوسطي للاتحاد الاروبي مع رغبة الحفاظ على النفوذ التاريخي لبعض الدول (فرنسا و بريطانيا) كضمان فعلي للتحكم في حركية التغيير التركيبة للقوة في المستقبل المتوسط و البعيد .
أما الصين ، فتعمد على توسيع مجالات نشاطها الاقتصادي في إفريقيا كما هو جلي في الزيارات المتكررة للقيادات الصينية و حصولها على مشاريع ضخمة في مجالات البنى التحتية ، الطاقة و استغلال الموارد الطبيعية ، لحاجتها الماسة لتموين مضمون لآلتها الإنتاجية بحكم توفر الصين على امتياز إيجابي هو التصنيع السريع و الحركة التجارية العالمية التي تجعل من الصين أول مصدر للمواد من العالم و أول مطور للابتكارات العلمية المخترعة في الغرب و الولايات المتحدة على وجه الخصوص .

أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فيمكن حصر دوافعها في المغرب العربي فس الثلاثية التالية :
أ-الرغبة في احتواء المد المستقبلي للإتحاد الأوربي جنوبا و منعه من تكوين مجال حيوي مستقل قد يكون مدخلا لبناء قطب كوني أروبي منافس .
ب- التموقع من أجل استغلال نفعي لمصادر الطاقة في المغرب العربي و بالخصوص في الجزائر مع التحكم في طريق الطاقة من نيجيريا نحو أوروبا (عبر المغرب العربي مستقبلا ) و لكن أيضا في الواردات الأوربية من الغاز الجزائري
ج- التعامل الأمني مع مصادر الإرهاب كما يظهر من مبادرة الساحل الصحراء أو إنشاء قيادة أمريكية لإفريقيا من أجل التعامل الميداني مع الإرهاب و التطرف عندما يشكل تهديدا لمصالحها الآنية أو المستقبلية خاصة مع وجود احتمال فشل عدد من الدول من إفريقيا عموما و في شريط الساحل خصوصا (السودان ،التشاد ،مالي،النيجر و موريتانيا ).
أمام هذا الاهتمام المتزايد بمنطقة المغرب العربي ،ما هي التهديدات الأمنية التي تواجه المجال الجيو سياسي المغاربي (المغرب الجزائر تونس) ؟ما هي مصادر التهديدات؟ و كيف يمكن التعامل معها؟

الأمن الإنساني: مقاربة اتيمولوجية
يشكل الأمن الإنساني مقاربة شاملة للأمن إذ أنه لا يقتصر فقط على التهديدات المرتبطة بالمجالات العسكرية و الاقتصادية فحسب بل يتعداه للتهديدات النابعة عن عجز الدول على مستويات التنمية الإنسانية و البناء الديمقراطي ،أي أنها ترتبط بضعف حركيات صناعة الاستقرار السياسي و الحفاظ على التجانس الاجتماعي في ظل عولمة التحديات و المخاطر مع بروز مجموعة من المظاهر البنيوية و النسقية العابرة للأوطان (الجريمة المنظمة ،الإرهاب الهجرة السرية ،التلوث ،الأوبئة….إلخ) .

فمقاربة الأمن الإنساني ، من هذا المنظور ،توسع مجال البحث ليشمل مجموعتين من مصادر التهديد في المغرب العربي و هي: المصادر الخارجية و المصادر الداخلية :
1)- المصادر الخارجية :
ويقصد بها مجموعة المتغيرات التي تنتج عن حركيات و أزمات تقع خارج مجال الدراسة و تشمل بالأساس خمس مصادر كبرى :
أ- السياسة الانفرادية للولايات المتحدة الأمريكية في العالم العربي و الإسلامي (العراق ،أفغانستان…)والتي تنتج حالة إحباط عند بعض شرائح المجتمع بشكل يغذي التطرف وينتج معه احتمالات الإرهاب (كما ظهر في تفكيك شبكات تجنيد المغاربة وتونسيون للذهاب للعراق مثلا)
ب-استمرار ثنائية التعامل مع مسألة الشرق الأوسط مع وجود انحياز واضح و فاضح لإسرائيل على حساب حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة و عاصمتها القدس الشريف ،مما يخلق أيضا و باستمرار حالات من الإحباط قد تشكل أرضية خصبة لتغذية التطرف الديني في دول المغرب العربي .
ج- حالات الأزمات التنموية في دول الساحل و التي تنتج عنها حركيات للهجرة السرية مع احتمال ارتباطها بالجريمة المنظمة و المتاجرة بالأسلحة الخفيفة .
د-بروز أزمات سياسية و أثنية في إفريقيا تنتج حركيات من الانتقال السري و غير الشرعي للأشخاص .
ه-انتشار وباء السيدا في إفريقيا مع احتمال انتقاله للشمال بفعل الهجرة السرية وبناء شبكات الدعارة و التجارة الجنسية.
(2)- المصادر الداخلية :
تشكل الحركيات الأزموية الداخلية أساس المعضلة الأمنية في المغرب العربي. من بين هذه اامدخلات السببية بمكن ذكر مايلي:
أ-ضعف البنى الاقتصادية لتميزها بالتبعية الإنتاجية (النفط في الجزائر ،الزراعة و السياحة في تونس ،الزراعة و السياحة و الموارد الطبيعية في المغرب ) مما يخلق بالأساس ضعف في التخطيط الإستراتيجي للتنمية ، ضعف القدرة على تعبئة الموارد المالية و ذلك بالنظر لتذبذب أسعار المواد الطاقوية ،الأولية و الزراعية في الأسواق العالمية مع عدم الاستقرار الايجابي للمنتوجات الصناعية المستوردة من خارج المنطقة.
ب-ضعف الأداء الديمقراطي في هذه الدول خاصة في تونس و المغرب لضعف التعددية ،ضعف الشفافية ،تراجع فلسفة الخدمة العامة مع غياب دولة الحق و القانون ،و هذا ما يجعل من احتمال بروزالتهديدات للاستقرار السياسي الداخلي جدية .
ج- ضعف التنشئة السياسية في هذه البلدان حسب منطق المواطنة و العصرنة مع ترك المجال العام مفتوحا لاستخدام الدين الإسلامي (في الدول الثلاثة) و الأمازيغية ( في المغرب و الجزائر ) كأحصنة تروادة مما يضعف من فكرة “الانتماء المطلق ” للوطن و احتمال بروز أشكال جديدة أو متجددة من التطرف الديني أو اللغوي.
د-ضعف التعاون البيني لدول المغرب العربي على مستويات التنمية و التعامل مع ظاهرة اللاأمن (الجريمة المنظمة،مكافحة المتاجرة بالمخدرات ،….إلخ)
ه-تعثر عمليات تسوية قضية الصحراء الغربية مما ينتج تشنجات على مستوى العلاقات البينية في المنطقة.
و بالنظر لما سبق من مصادر التهديد فيمكن القول على أنها مشكلة من تهديدات بنيوية و أخرى نسقيه .

2)-التهديدات الأمنية :مقاربة بنيوية ونسقيه :
يمكن تصنيف طبيعة التهديدات التي يواجهها المغرب العربي إلى مجموعتين:
1-التهديدات البنيوية :
و يقصد بها تلك المرتبطة بضعف الأداء السياسي و الاقتصادي للدول و التي تنتج معها الفقر و الإقصاء و التهميش، و تغذي مع ذلك التطرف و احتمالات ظهور حركيات للعنف السياسي و ضعف الاستقرار و التجانس الاجتماعي . و من هنا يمكن إدراج التهديدات التالية ضمن هذه المجموعة :
أ- انتشار التطرف الديني بين الشرائح الاجتماعية المهمشة و الفقيرة بشكل يغذي معه الانقسامية الاجتماعية و التشرد السياسي و هذا بطبعه ينتج حركيات إضعاف الاستقرار السياسي و الاجتماعي و كذلك حركيات التوظيف السياسي للقيم المجتمعية لأغراض تغيير الدولة و المجتمع (ثنائية التطرف و الإرهاب)
ب-انتشار التطرف اللغوي و احتمال إنتاج أزمات على مستوى الهوية (أزمة القبائل في الجزائر و أزمات الريف في المغرب )
.
ج-انتشار ثقافة العنف السياسي لانسداد الاتصال السياسي التفاعلي بين النظام السياسي و المجتمع مما يفقد أو يضعف الثقة في مؤسسات الحكم و يجعل من خيار العنف احتمالا واردا.
د-بفعل الفقر و التهميش ظهرت حركيات الهجرة الداخلية و ما تنتجه من أزمات على مستويات المدن الكبرى (الجريمة ، الفساد الأخلاقي ،المخدرات ، الدعارة…)

2- التهديدات النسقية :
و يقصد بها التهديدات النابعة عن ضعف التفاعل الايجابي داخل النسق السياسي (النسق العالمي ) النسق الفرعي ( المغرب العربي ) أو في ما بينها . و من بين هذه التهديدات يمكن ذكر :
أ-انتشار الجريمة المنظمة على مستويات تبييض الأموال ، المتاجرة بالمخدرات ، الدعارة المتاجرة بالأسلحة الخفيفة ،التهريب مع كل ما تحدثه هذه الجرائم من تاثبرات سلبية على الأنسجة الاقتصادية و الاجتماعية لدول المغرب العربي خاصة و أن هنالك تداخل و تلاحق بين الشبكات الإجرامية الوطنية مع الجهوية ( بين دول المغرب العربي مع إفريقيا) أو العالمية .
ب- الإرهاب كظاهرة عالمية عابرة للأوطان تتميز بالتشكل على المستويات العقدية و العملياتية و على مستويات ” التعبير المادي” لأعمالها في دول المغرب العربي و في الساحل الإفريقي مع وجود ارتباطات فكرية و مادية بل وحتى عضوية مع الإرهاب العالمي.
ج- الهجرة السرية من الدول الإفريقية التي تجعل من المغرب العربي منطقة عبور نحو أوربا مع كل ما تخلفه منتداعيات سلبية على مستوى الإدارة الأمنية و الإنسانية لهذا المشكل خاصة مع ارتباط الهجرة السرية في أغلب الحالات مع الجريمة المنظمة.
د- المتاجرة بالمخدرات سواء لكون المغرب منتجه للقنب الهندي أو لتحول بعض هذه الدول و موانئها و مطاراتها و حدودها منفذا لهذه المواد السامة القادمة من آسيا و أمريكا اللاتينية نحو أوربا .
و أمام هذه الطبيعة المركبة للتهديدات الأمنية على مستوى مصادرها طبيعتها و أشكال التعبير عنها ، فعلى الدول المغاربية تبني حلولا و إستراتيجيات تتماشى مع هذه التهديدات .
3)- كيف التعامل مع هذه التهديدات ؟:
بالنظر لتنوع مصادر التهديد و أشكالها و ارتباط الداخلي بالخارجي ،فعلى دول المغرب العربي أن تتبنى مجموعة من الآليات المناسبة للتعامل معها و منها:
1-ضرورة بناء فلسفة حكم قائمة على قيم الحكم الراشد ،الديمقراطية المشاركاتية و حقوق الإنسان
22- ضرورة بناء فلسفة تنمية متمحورة حول الإنسان، محققة لحاجاته و غاياته و محققة لمبادئ العدالة في التوزيع مع تكريس مبدأ المساواة في الفرص و أمام القانون
3- ضرورة تطوير آليات إستباقية في التعامل مع الأزمات الاجتماعية و السياسية
4- ضرورة التعامل بثبات مع الجريمة المنظمة و الإرهاب و كل مصادر التهديد الأمني
5-ضرورة بناء استراتيجيات للتنشئة السياسية تكرس و تقدس المواطنة و تنبذ كل أشكال التطرف
66- حل القضية الصحراوية بتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره و تمكين المغرب العربي الكبير من بناء مؤسساته الاندماجية و التكاملية
77-تطوير آليات جماعية للوقاية من الإرهاب و الهجرة السرية و الجريمة المنظمة و محاربتها .

الخاتمة
بالنظر للموقع الاستراتيجي ، الحضاري و الاقتصادي للمغرب العربي و انفتاحه على كل أشكال التهديدات الأمنية فإنه من الضروري على هذه الدول تطوير إستراتيجيات تكاملية لاحتواء وحل كل مصادر التهديد دون التركيز حصريا على المظاهر الخارجية أو التعبيرية لهذه التهديدات ، كما يجب عليها أيضا القيام بالإصلاحات البنيوية الداخلية الضرورية لتكريس فلسفة دولة الحق و القانون ،المواطنة و الحكم الراشد كقيم واقية من ظواهر التطرف و الإرهاب مع تمكين المؤسسات الأمنية من الوسائل الفعلية و الفعالة للتعامل معها حماية للمجتمعات ،الوطن و المواطنين .

البحث الثاني:

العودة إلى السرديّات السياسية التي استهدفت مفهوم الأمن في سياقه التقليدي نقف على أنّ الواقعيّة قد شكّلت النموذج المعرفي المُهيمن من الناحيتين النظريّة والعملية على قضايا الأمن والذي اختزلته في المجال العسكري الأمر الذي جعل – لعقود طويلة- مفهوم الأمن القومي أو الوطني المرتبط بالدولة (أمن حدودها، سيادتها، استقرارها) والقائم على صدّ أي تهديد عسكري خارجي المفهوم المركزي في العلاقات الدولية،إلا أن التحوّلات التي رافقت نهاية الحرب الباردة كشفت محدوديّة القدرة التفسيرية والتحليليّة للنموذج الواقعي واستوجبت البحث عن بدائل نظرية تُراجع مفهوم الأمن و تعيد تعريفه بما يتوافق و خصائص مرحلة لم تعد الوسائل والأدوات العسكرية الوسائل الأكثر ملاءمة لتحقيق الأمن فيها والتهديد العسكري لم يعد محدّدا للكثير من تفاعلاتها(وإن كان لا يزال محدّدا لبعضها).

تأسيسا على ما سبق ولمتابعة ما لحق بالأمن و التهديدات الأمنية في فترة ما بعد الحرب الباردة من تحول مفاهيمي وآخر مضاميني تم تناول الموضوع وفقا للمحاور الآتية:

01- الضبط اللغوي والمفاهيمي للأمن والتهديدات الأمنيّة

02-أثر التحولات التي رافقت فترة ما بعد الحرب الباردة على تحول مفهوم الأمن.

03- الطبيعة المركبة للتهديدات الأمنيّة في عالم مابعد الحرب الباردة.

أولا: الضبط اللغوي و المفاهيمي للأمن والتهديدات الأمنيّة

قبل التطرق إلى تحديد مفهوم الأمن ضمن السياقات المعرفية واللغوية، التي ورد ضمنها، يجب الإشارة بداية إلى أن هذا المفهوم يعدّ من أصعب المفاهيم التي يتناولها التحليل العلمي، فهو أحد أبرز المفاهيم في العلاقات الدولية التي لا تزال تتسم بالكثير من “الغموض” الأمر الذي جعله يفتقر إلى تعريف محدّد له يمكن تقديره بشكل قاطع.

وفي ذلك يرى باري بوزان (Barry Buzan) أن الأمن مفهوم “معقد”، ينبغي لتعريفه الإحاطة بثلاثة أمور على الأقل، بدءا بالسياق السياسي للمفهوم ومرورا بالأبعاد المختلفة له وانتهاء بالغموض والاختلاف الذي يرتبط به عند تطبيقه في العلاقات الدولية1.

لذا يمكن تحديد الإشكالات المعرفية التي ثيرها ضبط مفهوم الأمن فيما يلي:

أن دراسات الأمن مازالت جزءا من حقل العلاقات الدولية الذي تتقاسمه العديد من المنظورات أو النماذج الإرشادية المتنافسة بشأن القضايا الأنطولوجية والإبستمولوجية2.

أن التنامي غير المسبوق لعوامل التفاعل المكثف على الصعيد عبر الوطني وتراجع السيادة الوطنية أمام فواعل لا تحمل الصفة الدولاتية إضافة إلى الانفجار الاثنونزاعي للبيئة الدولية وفقا لمتغير “الهوية” كلها عوامل ساهمت في تعقيد مفهوم الأمن3.

أن مفهوم الأمن يحوي بعض العناصر المعيارية التي لا يمكن الاتفاق على تعريفها سواء من الناحية النظرية، أو بالاعتماد على البيانات والدراسات الأمبريقية4.

إن مفهوم الأمن لم يلق اهتماما أكاديميا جديّاً5 كالذي حظيت به مفاهيم كالعــدل Justice والسلام Peace، والمساواة Equality الحرية Freedom ، رغم أن هذه المفاهيم لا تقل تعقيدا عن مفهوم الأمن6 وحتى المحاولات الأكاديمية التي تحاول مقاربة المفهوم أكاديميا تواجه معضلة تداخل المفهوم _أي الأمن_ مع غيره من المفاهيم، كالتداخل الحاصل بين مفهوم القوة Power والأمن Security7ومحاولة هذا الأخير”فك الارتباط” بمفاهيم ظلت لفترة طويلة مرادفة له كمفهوم المصلحة، القوة، الصراع..

الأمن لغـة :

الأمن في اصطلاح اللغة العربية وكما جاءت معانيه في القرآن الكريم هو ضد “الخوف” الذي هو “الفزع”.. فهو الطمأنينة بعدم توقع مكروه، في الزمن الحاضر والآتي وضده: الخوف الذي يعني الفزع وفقدان الاطمئنان8فأَمِنَ، يَأْمَنُ، أَمْنًا، وأَمَان، اطمئنَّ ولم يخفْ فهو آَمِنْ9.

الأمن اصطلاحا:

لقد ارتبط الأمن في المنظور التقليدي بكيفية استعمال الدولة لقوتها لإدارة الأخطار التي تتهدد وحدتها الترابية، واستقلالها، واستقرارها السياسي وذلك في مواجهة الدول الأخرى. وهكذا فإنه بهذه الصفة يكون الأمن مجرد مرادف للمصلحة الوطنية، وكيفية تعزيزها بالاعتماد على القوة في شقها العسكري، ويعود ذلك إلى حقيقة أن الدراسات الأمنية تطورت في إطار المدرسة الواقعية التي كانت ظروف الحرب الباردة مواتية لها لاحتكار هذا الحقل المعرفي.

وقبل التفصيل في جوانب مفهوم الأمن وتطوره نورد جملة من التعريفات التي تندرج ضمن المنظور التقليدي (الضيق) للأمن:

تعريف الموسوعة السياسية:”الأمن القومي هو ما تقوم به الدول للحفاظ على سلامتها ضد الأخطار الخارجية والداخلية التي تؤدي بها إلى الوقوع تحت سيطرة أجنبية نتيجة ضغوط خارجية أو انهيار داخلي”10.

تعريف دائرة المعارف البريطانية: “الأمن هو حماية الدولة من السيطرة عليها بواسطة قوى أجنبية”11.

تعريف والتر ليبمان Walter Lippman:”إن الأمة تبقى في وضع آمن إلى الحد الذي لا تكون فيه عرضة للتضحية بالقيم الأساسية، إذا كانت ترغب بتفادي وقوع الحرب وتبقى قادرة_ لو تعرضت للتحدي_ على صون هذه القيم عن طريق انتصارها في حرب كهذه”12.

في السياق ذاته قدم آرنولد ولفرز “Arnold Wolfers تعريفا للأمن يتقاطع وتعريف “ليبمان”: “يقدّر الأمن بالمعنى الموضوعي بغياب التهديدات للقيم المكتسبة وبالمعنى الذاتي بغياب الخوف من أن هذه القيم ستُهاجم”

ما يمكن تسجيله من ملاحظات عن التعريفات السابقة للأمن أنها تثير مجموعة من النقاط:

التركيز على الدولة كفاعل رئيسي فيما يتعلق بالأمن أي أن الوحدة الأساسية المتعين حمايتها هي الدولة” الحفاظ على سلامتها” كما جاء في الموسوعة “وحماية الدولة” كما ورد عن دائرة المعارف البريطانية.

تقدّم البعد العسكري للأمن عن غيره من الأبعاد مما جعل “السيطرة الأجنبية” والتحضير لمغبة وقوع الأرض تحت التهديد العسكري الخارجي ضمن قائمة الأولويات الرئيسية لأمن الدول.

رغم ارتباط التعريفات السابقة بالدولة كوحدة وبالعمل المسلح الرادع كوسيلة لتحقيق الأمن إلا أن تعريفي

“ولفرز” و”ليبمان” أضفيا بعدا مجرّدا على مفهوم الأمن، فأمن الدول _وفقا للتعريفين_ مساو للقوة العسكرية ومرادف للحرب رغم أن الموضوع المتعيّن حمايته هنا قيمة مجردة غير قابلة للقياس، كما لم يتم تحديد ماهية هذه القيم التي يتعين حمايتها رغم أن الطرف المناط به حماية هذه القيم بدا واضحا ألا وهو “الدولة”.

يتضح من خلال تعريف “ولفرز” للأمن اشتراكه مع “ليبمان” في نظرتهما للأمن بوصفه “قيمة استراتيجية، غير أن “ليبمان” “يتميز إضافة إلى إدراجه البعد الموضوعي في تحديد مفهوم الأمن، إدراج جانب ذاتي إلى هذا الأخير وهو العنصر الذي سيشكل فيما بعد نقطة ارتكاز معرفية للعديد من الباحثين في مجال الدراسات الأمنية خاصة المهتمين منهم بالجانب المتعلق بتصور وإدراك الفواعل لمهدداتها الأمنية ومدى تأثير ذلك على بناء سياسات أمنية تشكل انعكاسا أو استجابة لهذه التصورات والإدراكات.

إن التعريفات السابقة للأمن وفي ضوء التطورات المتزايدة على الصعيد العالمي خاصة المتعلقة منها ببروز عمليات التكامل والتعاون الدولي، وازدياد نفوذ المؤسسات والشركات الدولية، كفاعلين جدد على الساحة العالمية تعرضت لانتقادات عديدة أهمها أن الأمن لم يعد يقتصر على أمن الدول فحسب، كما لم يعد متعلقا بالإعدادات العسكرية لهذه الأخيرة (بروز ظواهر تفلت من دائرة التحليل العسكري)، وهو ما أفسح المجال لبروز بوادر اهتمام أكاديمي يحاول من خلاله المهتمون بموضوع الأمن استيعاب تلك التغييرات في مستوى المعالجة المفاهيمية للموضوع والسعي لإدراج أبعاد لا تقل أهمية وتأثيرا عن البعد العسكري في تحديدها لمفهوم الأمن، وذلك بربطها الأمن بمتغيرات عديدة.هذا ويعد مُؤلَّف “روبرت مكنمارا” “Robert Mcnamara” جوهر الأمن” تأسيسا لبعد جديد للأمن مفاده أن:”الأمن لا يعني تراكم السلاح، بالرغم من أن ذلك قد يكون جزءا منه، وليس هو القوة العسكرية بالرغم من أنه قد يشتمل عليها، وليس النشاط العسكري التقليدي بالرغم من أنه قد يحتوي عليه، إن الأمن هو التنمية وبدون التنمية لا يمكن الحديث عن الأمن”.13

إن التعريف السابق يربط الأمن بالتنمية _ بحيث لا يتحقق أحدهما دون الآخر_كما ينقض الافتراض القائم على أن العنصر العسكري هو الذي يحقق الأمن ولكنه لا يلغيه.

أما “باري بوزان” “Barry Buzan” فعرّف الأمن بقوله: “في حالة الأمن يصبح النقاش حول مسعى التحرر من التهديدPursuit of freedom from threat وإذا نقلنا النقاش إلى النظام يصبح الأمن متعلقا بقدرة الدولStates والمجتمعات Societies على الحفاظ على هويتها المستقلة وتكاملها الوظيفي”14.

في حين يذهب ” كين بوث و ويلر” “Booth and wheeler ” إلى أبعد من ذلك عندما يجزمان بأنه “لا يمكن للأفراد والمجموعات تحقيق الأمن المستقر إلا إذا امتنعوا عن حرمان الآخرين منه، ولا يتحقق ذلك إلا إذا نظر للأمن على أنه تحرر/ إنعتاق”15.

كما عرّف دومنيك دافيد”Dominuque David” الأمن في معناه الواسع على أنه: “يتمثل في خلو وضع ما من التهديد أو أي شكل للخطر وتوفر الوسائل اللازمة للتصدي للخطر في حال أصبح ذلك ممكنا”16.

التهديدات الأمنية:

إن الاختلاف في تحديد مفهوم الأمن ضمن أدبيات العلاقات الدولية و الدراسات الإستراتيجية -الأمنية أنتج اختلافا أكبر في تحديد المقصود بالتهديد، وإذا كان الكثير من الباحثين يستعيضون عن الضبط الاصطلاحي للمفهوم بالغوص في إيتيمولوجياته فإنّ ذلك لا يُتيح للباحثين تكوين فكرة واضحة عن: ما المقصود بالتهديد؟ ومن هو الطرف المستهدف في أمنه؟ ومتى يصبح التهديد ذو طابع أمني؟

كما أن ذلك الحفر الإيتيمولوجي الذي يستهدف “التهديد” لا يسعى إلى تقريب الفكرة بجعلها ضمن المجال الإدراكي للمُتلقي بل يساهم في تعقيد المجال التصوري لها، كما أن وفرة النعوت حول مصطلح التهديد من قبيل التهديدات الجديدة، التهديدات غير العسكرية، التهديدات اللامتماثلة، التهديدات فائقة الحداثة، لا يتيح كذلك تكوين فكرة واضحة حول ما الذي يمكن أن نعنيه بالمصطلح تحديدا.

هذا وقد جرت العادة أن يفهم مصطلح التهديد على أنه ” التحذير والوعيد وسعي طرف ما للتسبب بالشر والأذى” غير أنه وفي ظل طبيعة لا عسكرية أصبحت سمة التهديدات الأمنية الحالية منها والمتطورة17 أصبح من المستحيل أن يعرف التهديد على النحو الآنف الذكر ذلك أن ” القصدية” المُفترضة في التهديد من خلال الإقرار بأنه ” سعي” ” تحذير” و ” وعيد” لم تعد متوفرة أمام الكثير من الفواعل التي تنتفي صفتها المادية ولكن قد يحضر أثرها المادي ( التلوث البيئي، الاحتباس الحراري..) وغيرها من التهديدات التي أصبحت تتخذ طابعا أمنيا رغم صعوبة تحديد المسؤولين عن إحداثها سواء أكانوا دولا، فواعل ضمن الدول فواعل عبر أو فوق الدول، كما أنها – التهديدات الأمنية – أصبحت ممتدة في الزمان بما لا يسمح برصدها، ومتسعة في امتدادها المكاني بما لا يدع مجالا لحصرها.

تأسيسا على ما سبق ومحاولةً لتجنب الخوض فيما يثيره ضبط مصطلح التهديد من اختلاف – حتى أن البعض ينفي صفة التهديد عن كل مالا يفترض المواجهة العسكرية – سنحاول مقاربة المفهوم طبقا لما ورد عن مفكري العلاقات الدولية ، التوسيعيين منهم على وجه الخصوص.

فضل باري بوازن وتوافقا مع مقاربته القطاعية للأمن أن يطرح تصنيفا قطاعيا للتهديدات الأمنية Typeof threats by sector:18

– تهديدات تستهدف القطاع العسكري: تستهدف المساس بالقدرات العسكرية للدولة بما يهدد الوحدة الترابية للدولة.

– تهديدات تستهدف القطاع السياسي: وهنا تأخذ التهديدات الأمنية بعدين أو امتدادين أحدهما داخلي ويشمل كل ما يتعلق بالمساس بقيم الديمقراطية وكذا النشاطات المناهضة لمؤسسات الدولة ورموزها. أما البعد الخارجي فيتعلق بمدى تأثير النظام الدولي على الدولة كوحدة سياسية.

-تهديدات تستهدف القطاع الاقتصادي: ويتعلق الأمر هنا بمدى القدرة على توفير الموارد الطبيعية ومدى قدرة الدولة على تلبية متطلبات السكان بما يضمن لهم مستوى معيشة مقبول يجعلهم بمنأى عن البطالة والفقر.

– تهديدات ذات طابع مجتمعي: تستهدف التكامل الوحدوي الثقافي-الاجتماعي للعناصر الاجتماعية.

– تهديدات تستهدف القطاع البيئي: وترتبط خاصة بالنشاط الإنساني المدمر للطبيعة والمتسبب في تدهورها.

وفي جميع القطاعات آنفة الذكر والتي من الممكن أن تكون جميعها أو واحداً منها مستهدفا بالتهديد، يفرّق ” باري بوزان” بين الدول القوية Strong states19 والدول الضعيفة weak statesخاصة وأن هذه الأخيرة قد تكون مصدر لا أمـن عالمي فضـلا عن إمكانية أن تكـون هذه الدول في القطاعـات الخمـس للأمـن – مصـدرا لتهديد أمن مجتمعاتها state as source of threats20 اقتصاديا، سياسيا، مجتمعيا، بيئيا، وحتى عسكريا.

ليضيف في الأخير إلى قائمة التهديدات الأمنية سالفة الذكر مجموعة من التهديدات الأمنية المتغيرة والخاضعة للسياقات الزمنية المختلفة كتلك المتعلقة بالثورة في مجال التكنولوجيات.21

في سياق التهديدات الأمنية الجديدة يمكن كذلك الإشارة إلى ” روبرت كابلان” R.Kaplan الذي قدّم أهم الأطروحات الجديدة ضمن براديغمات الفوضى التي سيطرت على أدبيات العلاقات الدولية في فترة ما بعد الحرب الباردة، حيث يرى “كابلان” في مقال نشر له بمجلة The Atlanticتحت عنوان ” The coming Anarchy”الفوضى الآتية / القادمةأن:

الندرة Scarity، الجريمةCrime، الاكتظاظ السكاني Over population، العشائريةTribalism ، الأمراض .. تشكل تهديدا للأمن العالمي وبأنها تهديدات يمكن لها تدمير ما أسماه: “بالنسيج الاجتماعي لكوكبنا”22، ويقدم “كابلان” إفريقيا كأبرز من تتهددها الظواهر الآنفة الذكر، كما يعتبرها “رمزا للإجهاد” في جميع النواحي البيئية، الديمغرافية والاجتماعية، مما يرشحها أن تكون أكثر المناطق طردا للملايين من البشر، فالقارة تعج بالمشاكل ذات الطبيعة المركبة اقتصادية، اجتماعية، سياسية، بل أن حتى الطبيعة أو البيئة The environmentلا تكف عن لعب دور “القوة المعادية” نتيجة ما أسماه بتناقص موارد الطبيعة Diminsinishing Natural Resouresمما يجعل الصراع حول الموارد يتأجج ليبلغ مداه، وهو ما يستدعي حسب “كابلان” التوقف عن تفسير الصراعات في إفريقيا على أسس “العرقية و”الدين” لأن السبب الرئيس حسبه يتعلق أساسا بالصراع حول الموارد.

إن معاناة القارة الإفريقية من الظواهر الآنفة الذكر يجعل منها مصدرا للقلق المتنامي سواء تعلق الأمر بالأمن الوطني (على المستوى المحلي) الإقليمي أو حتى العالمي أي أنها ستكون ” هاجس المستقبل “Premonition of the future” بتعبير ” روبرت كابلان”.23

هذا وقد استرعى موضوع التهديدات الأمنية الجديدة اهتماما متزايدا من قبل المراكز والمعاهد العالمية ذات الصلة، وفي هذا السياق فقد حدّدت دراسة بحثية قام بها “المركز الفنلندي للدراسات الروسية والأوربية” خمسة أنواع من التهديدات الأمنية الجديدة المتعلقة “بالأمن الناعم” وهو مفهوم يمكن معه إدراج كل التحديات غير العسكرية ضمن نطاق مهددات أمن الأفراد ، الدولة والمجتمع:

المخاطر الفردية (Individual Risks): كتعرض الأفراد إلى تهديد الجرائم والأمراض.

المخاطر المجتمعية (Community Risks): مثل اتساع نطاق المخاطر الفردية ليشمل المزيد من القطاعات المجتمعية كالأوبئة والمشاكل البيئية.

تهديدات عابرة للحدود (Cross Border Threats): مثل الهجرة غير الشرعية واللاجئين.

الأزمات الزاحفة (Ceeping Crises): ويتعلق الأمر بالمشكلات التي قد تتحول من أزمات داخلية لتصبح أزمات إقليمية.

الكوارث المحتملة (Potential catastrophes): تحول الأزمات الزاحفة إلى نكبات تصاحبها خسائر فادحة تمتد إلى عدة أقاليم، كالأعاصير والمشاكل البيئية الكبرى.24

أما “شارل فيليب دافيد” و”عفاف بن السايح “25، فقد أشارا إلى صعوبة تقسيم التهديدات الأمنية المستجدة إلى تهديدات داخلية وأخرى خارجية26 على اعتبار وجود تهديدات تتعدى التصنيف السابق نظرا لطبيعتها عبر الوطنية، وأهم هذه التهديدات:

التهديدات المرتبطة بإعادة تعريف الشرعية السياسية: وهنا يتم التركيز على دول العالم الثالث التي تعاني من مشاكل داخلية سواء ما تعلق منها بحركات التمرد الاجتماعي أو الحروب الأهلية والعرقية.27

انتشار التكنولوجيا.28Diffusions technologiques

القضايا البيئية29 / الرهانات البيئية Les Enjeux Environnement.

الهجرة غير الشرعية واللجوء:30Migrations clandestines et réfugiés

الإجرام عبر الوطني والإرهاب.31 Criminalité trans-frontalière et terrorisme.

ثانيا: أثر التحولات التي رافقت فترة ما بعد الحرب الباردة على مفهوم الأمن:

يعد التحول في مفهوم الأمن نتيجة منطقية لتغير المشهد الدولي بشكل نوعي وهو ما أدى لإعادة النظر في كافة الافتراضات الأساسية للمعادلة الأمنية في العلاقات الدولية ، فقد أثرت المتغيرات التي صاحبت فترة ما بعد الحرب الباردة على مفهوم الأمن مما يستوجب رصدها-التحولات- لتبيان مدى تأثيرها على تحول مفهوم الأمن:

1- تراجع الدور التقليدي للدول:

حيث لم يعد الفعل والتأثير في السياسة العالمية حكرًا على الدولة القومية؛ بسبب بروز ومزاحمة فواعل تفتقد للصفة الدولاتية وتعمل خارج إطار السيادة وتنافس الدولة في أداء وظائفها التقليدية كوظيفتي الدفاع/الأمن، مما ساعد على ظهور شبكات وخرائط جديدة للتفاعلات والمصالح لا تتطابق بالضرورة مع خريطة التقسيم السياسي للعالم على أساس الدول القومية(اختراق فوقي)32 ،كما أن عالم ما بعد الحرب الباردة عرف ظاهرة الدول الفاشلةسواء كمصدر أو كمحصلة للنزاع بين المجموعات الإثنية، والتي تعمل في كل حالة على تغذية هذه الوضعية، ففي غضون ذلك يختفي تحكم الدولة بإقليمها وتنتفي مظاهر سيطرة الحكومة واحتكارها لاستخدام القوة ووسائل القهر والأهم من ذلك هو أن المجموعات المتناحرة تتبنى استراتيجيه إشاعة الفوضى لتحقيق أهدافها، وهدفها بالتالي ليس الاستيلاء على السلطة لأن ذلك ليس في حدود إمكاناتها. إلا أن اعتمادها على إستراتيجيةإشاعة الفوضى جعلها تلجأ إلى أسلوب جديد للمواجهة باستخدام الميليشيات شبه العسكرية، العصابات الإجرامية والأطفال، وهذا لسهولة تعبئة هذه الفئات والتحكم بها وحتى توريطها في أعمال إجرامية محظورة دوليا33 الأمر الذي أدى إلى التحول في طبيعة الصراعات ذاتها إذ أصبحت معظم الصراعات داخلية بين الجماعات والأفراد وليست بين الدول، فتشير الإحصاءات إلى أنه من بين 61 صراعًا شهدها عقد التسعينيات من القرن العشرين كان58 منها صراعًا داخليًا -أي بنسبة 95% تقريبًا- و90% من ضحايا تلك الصراعات من المدنيين وليسوا عسكريين ومعظمهم من النساء والأطفال. فالصراعات أصبحت بين جماعات وليست بين الدول والضحايا فيها من المدنيين. ومصادر التهديد الأساسية للدول لم تعد مصادر خارجية فحسب، بل أصبحت من داخل حدود الدولة القومية ذاتها34 (اختراق تحتي).

2- بروز مؤسسات أمنية ذات مجال حركة عالمي:

أبرزها حلف الناتو الذي أصبح مؤسسة أمنية ذات صبغة عالمية ففي قمة الحلف الخمسينية التي عقدت في واشنطن في أفريل سنة 1999 أقر قادة دول الحلف بضغط من “الولايات المتحدة الأمريكية” مفهوما استراتيجيا معدّلا يتيح لقوات الناتو الحق في العمل في أي مكان في العالم في ظل ما أسماه رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير “العولمة الأمنية” بخلاف ما أقرته الفقرة الخامسة من ميثاق الحلف عام 1949 المتعلقة بتقييد التحرك داخل نطاق منطقة اليورو ـ أطلنطي، وصار للحلف أن يتحرك دون تفويض من الأمم المتحدة35

3- الجانب المعلوماتي الاتصالي:

لقد أتاح التطور المتصاعد في تقنية الاتصالات وتطور أنظمة الشبكات والدوائر الفائقة التقدم واستخدام أنظمة الهواتف النقالة والاتصالات الخليوية بالأقمار الصناعية مباشرة، قدرة هائلة علي جعل سكان العالم باختلاف أماكنهم مرتبطين ببعضهم البعض، بما أزال حواجز المكان و الزمان 36 وأضعف فكرة المناعة السياسية للدولة باسم قيم أو باسم مصالح أو باسم سيادة.37

4-أحداث الحادي عشر من سبتمبر:

كان لأحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 تأثيرها الواضح على مفهوم التهديد ، إذ طرحت مفهوماً جديداً للأمن الدولي، سواء في شِقِّه المتعلق بالترتيبات أو الاستراتيجيات الأمنية الجديدة، حيث حاولت الولايات المتحدة فرض أجندتها الخاصة بمفهوم الأمن، والتي تقوم بالأساس على “أن الإرهاب هو أخطر مصادر التهديد التي تواجه أمن الدول والمجتمعات، وأن العالم كله معرض لاعتداءات إرهابية شبيهة بأحداث سبتمبر”، وشرعت في بناء تحالف دولي ضد “الإرهاب” -كمتحرك فوق قومي غير محدد المعالم- وقادت حملة ضده استخدمت فيها كل الوسائل بما فيها العسكرية38 كما حدث مع الإطاحة بحركة طالبان في أكتوبر 2001، أي بعد الأحداث بشهر، وغزو العراق عام 2003م، فضلاً عن الوسائل الأخرى كتجفيف المنابع المالية والاقتصادية للإرهاب.

لقد كانت أحداث سبتمبر فرصة للولايات المتحدة لصياغة إستراتيجيتها الأمنية الجديدة (استراتيجية الهجمات الوقائية)، والتي تنطلق من حق واشنطن في توجيه ضربات عسكرية وقائية ( وثيقة الأمن القومي الأمريكية لسنة 2002) ضد أية دولة أو جماعة ترى أنها باتت تمثل خطراً أو تهديداً للأمن الأمريكي بمفهومه الواسع39. إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر أحدثت تحولا نوعياً في الموقف من الإرهاب سبب التحول النوعي هذا هو أن الإرهاب نفسه قد طرأ عليه تحول نوعي، ففي الماضي كان العمل الإرهابي فعلا عنيفا له رمزيته ودلالته40، وكانت الأهداف محلّ الفعل الإرهابي محدّدة والضحايا أقلّ، ووسائل الإرهاب قديما تشمل بصورة أساسية الاختطاف والحجز وأخذ الرهائن والتهديد واغتيال شخصيات مهمة، أما الإرهاب اليوم فقد حولته الولايات المتحدة الأمريكية من قوة هامشية وجانبية أثناء الحرب الباردة إلى قوة مركزية وأصبح القطب الآخر بعد انهيار -الاتحاد السوفياتي – ولكنه خارج “شرعية” النظام العالمي ،هذا التحول النوعي للإرهاب من حيث الوسائل والأهداف وكذا من حيث أساليب المواجهة يمكن أن نربطه بما أسمته ماري كالدور في كتابها New and Old Wars Organizedviolence in Global Era “بالحروب الجديدة” أو ما أسماه كوردسمان الحروب غير المتكافئة/اللامتماثلةAsymmetric 41.

ثالثا: الطبيعة المركبة للتهديدات الأمنية في عالم ما بعد الحرب الباردة :

إن هيمنة التنافس والصراع بين القطبين على النظام الدولي في الفترة الممتدة من 1945 إلى1989 خلقت نوعا من التجانس والانسجام فبالنسبة للغرب العدوّ واضح محدّد وواحد هو الاتحاد السوفياتي وحلفاؤه (الشيوعية) كذلك الأمر بالنسبة للشرق العدو واضح محدد هو الولايات المتحدة وحلفاؤها (الامبريالية)، وبالنظر إلى التهديدات والأخطار التي يمثلها كل طرف على الآخر تم بناء استراتيجيات الحرب الباردة التي تميزت باحترام قواعد الردع النووي المتبادل42 بيد أن نهاية الحرب الباردة والتحولات التي أعقبتها أدخلت العالم في حالة” فوضى معممة”43ترتب عنها حصول قناعة مفادها أن التهديدات الأمنية الراهنة أصبحت أكثر اتساعا وانتشارا وفتكا، حيث التهديدأقل وطنية في تعريفه وأكثر عالمية في مداه بشكل أدى حسب “بريجنسكي” إلى نهاية عصر ” الأمن المطلق” فلم ” يعد بمقدور أي دولة مهما بلغت قوتها أن تحمى نفسها من التهديدات الأمنية الراهنة”44 ليس هذا فقط بل إن الأمر أصبح يطرح تحديا حتى بالنسبة للهيئات الأممية ذات الطابع العالمي كهيئة الأمم المتحدة التي كان تأسيسها من ” أجل إنقاذ الأجيال القادمة من الحروب” 45، ولكن في ظل تهديدات تمتد إلى ما هو أبعد من دول تشن حربا عدوانية أصبح الحديث عن دور مثل هذه الهيئات في رصد وتحييد التهديدات الأمنية يتم على نطاق واسع فالتهديدات اليوم تُعرّض أمن الإنسانية كافة للخطر علاوة على أمن الدول46.

إن الوضع الجديد الذي أفضت إليه نهاية الحرب الباردة جعل التهديدات الأمنية متعددة الاتجاهات وغالبا ما يصعب توقعها كما أنها تختلف من حيث الشكل والمضمون عن تلك التي سادت أثناء الصراع القطبي فتهديد الحرب النووية الفاصلة انحسر ليفسح المجال لظهور تهديدات غير محددة المعالم، كما أن القوة العسكرية وحدها لم تعد قادرة على مواجهتها فتهديدات من قبيل الجريمة المنظمة، الإرهاب، الهجرة السرية غير متعلقة أساسا بزيادة الإنفاق العسكري على التسلح وتعزيز القدرات العسكرية الدفاعية47 ذلك أنها تتسم بالشمولية والقوة و تعتمدها جماعات منظمة عابرة للقوميات ومن ثم لم يعد بالمقدور التحكم فيها باعتماد الوسائل العسكرية باعتبارها تعرف بطبيعتها غير العسكرية فهي عابرة للحدود ولا تستثني أي دولة مهما كانت قوتها أو موقعها 48 فالأمن اليوم في عالم يموج بتغيرات سريعة لم يعد مرتبطا فقط بتأمين سلامة الدول من مغبة الوقوع تحت سيطرة القوات العسكرية لدولة أجنبية فقد زُعزع هذا المفهوم على نحو أبرز التساؤل حول مدى اطلاقيته وفعاليته في إدراك التهديدات المحدقة بالأمن فالعدو لم يعد محددا والتهديدات لم تعد عسكرية بطبيعتها وحتى الدول لم تعد هي صاحبة الحل والربط في هذا المجال فنحن اليوم إذن نعيش ” عصر علامات الاستفهام” حول ثنائية تهديد/ أمن بتعبير كين بوثKen Booth والذي يبرر هذا الحكم حسبه” التنامي المقلق لـ: اللاأمن في بعده العالمي .

تأسيسا على ما سبق فإن حالة “اللانظام العالمي الجديد”49أو ما يفضل أن يسميه سمير أمين” إمبراطورية الفوضى” أو “حالة الفوضى المعممة” جعلت العالم كله خاضعا لمنطق توزيع المخاطر ladiffusion des risques50 كما أنه قد أصبح” ضال الوجهة ومحروم الإحساس بالتوجه” فهذا العالم يعرض علينا بصورة مكدرة ومحزنة فوضى شنيعة51 نجم عنها أن حدّة وتعدد مستويات اللاأمن أصبحت سمة الحاضر و المستقبل المنظور52فالمجتمع الإنساني يواجه تحديات متعددة الاتجاهاتMultidirectional لم يسبق له عبر تاريخه أن واجهها فالسياسة العالمية اليوم تواجه بأنماط من التهديدات لم تعد مقتصرة على الصراعات التقليدية الداخلية Traditionnel interstate conflictولكن مهددة باستراتيجيات مبتكرة وخطرة لفواعل من غير الدول كما أنها في مجملها ذات طبيعة غير عسكرية، كما أنها تفتقد لقاعدة أرضية خاصة (لإمكانية التهديد/ نهاية الجغرافيا) وبالتالي لا يمكن التعاطي معها ولا الضغط عليها فالخطر المحدق بالأمن هو اللايقين53 فالعدو هو ذلك المجهول والخوف والتهديد يأتي من ذلك التغير السريع الوتيرة ومن ” عدوّ” لا تستطيع أن تراه أو تلمسه أو تحسه.

في السياق ذاته دائما أورد “هيلد”Held وآخرون في كتاب Globalisation Transformationست فرضيات أساسية حول تأثير العولمة في قضايا الأمن التقليدية نوردها على أن نستدل بآخرها لما لها من علاقة ارتباطيه مباشرة بما تقدم ذكره54:

– إن انتشار التقنيات العسكرية في جميع أنحاء العالم تعني انه بينما يطور المجددون ويستخدمون حدودا فاصلة في الأسلحة المتطورة ، فان دولا أخرى تضطر للحصول على أحدث المعلومات والأنظمة أو أن تدفع ثمن تخلفها في قوتها العسكرية وفي أمنها55

– لم يعد يحتاج خوض حرب في عصر المعلومات إلى تحريك المجتمع فيزيائيا، بل يحتاج إلى سياسة علاقات عامة فعالة تستخدم فيها وسائل الإعلام بمهارة لإعلام الرأي العام. تحتاج معظم الحروب الآن إلى الهدوء السياسي لأنها الآن رأسمال شديد وإمكانات محددة أكثر.

– العالم يمارس ثورة جديدة في التكنولوجيا العسكرية MTR، فتقنيات المعلومات، تحول القدرات العسكرية الموجودة، وإدارة الحروب، والقدرة على إظهار القوة العسكرية من مسافات بعيدة بدقة عظيمة.

– تجعل أنظمة الاتصالات الآنية إدارة الحروب أسهل، لأن القادة يستطيعون الإشراف والتدخل بالعمليات العسكرية الميدانية إلى درجة لم تكن ممكنة من قبل56

العولمة المتزايدة في قطاعات الصناعات المدنية التي تعمل في الإنتاج الدفاعي الالكترونيات أو البصريات، تتساهل في السيادة التقليدية للقدرات الدفاعية القومية ، لأنها تجعل الحصول على الأسلحة واستخدامها خاضعا لقرارات إعمال سلطات أخرى أو شركات وراء مجال التشريع القومي.

تصبح تهديدات أمن الدول ، أكثر انتشارا ولم تعد عسكرية بطبيعتها

تفرض العولمة تغييرات جذرية في الدول وتسلط الضوء على عجز الحكومات القومية عن ضبط أمن مواطنيها وسعادتهم

يتوصل غراهام آليسون في إطار محاولة تبيانه لأثر المتغيرات الجديدة في الأمن القومي والعالمي إلى أنه لا يمكن حل المشكلات عبر الأممية بما فيها المشكلات الاقتصادية والبيئية والإرهابية والثقافية والإجرامية والتهديدات الأخرى للأمن القومي بوسائل قومية فقط، لأنها تحتاج إلى حلول تعتمد آليات إقليمية وعالمية من التعاون والتنسيق حيث أن هذه التهديدات تخلق طلبا على الحكم فوق القومي ما دام يتعذر على القادة السياسيين- كمسؤولين عن مشاكل أضيق (المشاكل المرتبطة بالمجال الداخلي للدولة) معالجة ذلك.

الخاتمة:

في الأخير وبعد استعراضنا للموضوع يمكن أن نجمل الاستنتاجات المتوصل إليها في النقاط التالية:
$1- إن مفهوم الأمنيُتداول على نحو من الغموض أكثر من الوضوح لكون الدراسات الأمنية لا تزال جزءا من حقل العلاقات الدولية وكذا لاحتوائه بعض العناصر المعيارية التي يصعب الاتفاق حولها.

$1- إن الجدل بين التيارات النظرية ذات الصلة بالدراسات الأمنية في فترة ما بعد الحرب الباردة تمركز حول خمسة أبعاد أساسية تشمل׃

مصادر التهديدات.

طبيعة التهديدات.

طبيعة الاستجابة للتهديدات .

من الذين يقومون بتوفير الأمن.

القيم الرئيسية موضوع التهديد.

أمن من؟

إن الواقع والتجربة أثبتا لنا أنه على الرغم من اتخاذ الأمن لمفاهيم جديدة وعلى الرغم من أن الأمن لم يعد يعني القوة العسكرية إلا أن هذه الأخيرة قد تكون جزءا مهما منه.

أن الأمن من خلال هذه الاتجاهات يجب ألا يقتصر على أو يتحدد بحماية الدولة وتعزيز رفاهها بل يفترض أن يهتم أيضا بحماية الأفراد والمجموعات وتعزيز رفاههم من هنا فإن شمولية الأمن تعني أن له أبعادًا متعددة.

التحول في مفهوم الأمن خاضع لظروف سياقية زمنية تجعله يصطبغ بسماتها الأمر يجعلنا نستقرئ أن الواقع سيطالعنا بمفاهيم جديدة للأمن تحددها طبيعة المرحلة القادمة.

ضرورة الاهتمام برصد التهديدات الأمنية الجديدة وتشخيص مصادرها والتمييز بين أنواعها وقياس شدتها ومن ثم التفكير بأساليب التعامل معها.

ضرورة التفكير بمنطق متعدد الأبعاد والاتجاهات وفق منهج جدلي عقلاني تكاملي يؤمن بتحليلات هي الأخرى متعددة الأبعاد ويسمح بتجاوز انغلاق التفكير الأمني على بعده العسكري و يستند إلى ما هيأه الفكر الاستراتيجي من أدوات تحليل وأساليب توقّع في سعي للتعامل مع ما ظهر من تلك التهديدات و توقع ما هو مرتقب منها.

الهوامش:

1. سليمان عبد الله الحربي، مفهوم الأمن: مستوياته وصيغه وتهديداته:دراسة نظرية في المفاهيم والأطر، المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد19، صيف 2008، ص 09.

2. حسين براري، “أمن إسرائيل صراعات الأيديولوجيا والسياسة”، كراسات استراتيجية. العدد 143، سبتمبر 2004. متحصل عليه من : http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/SBOK20.HTM

3. Thierry Balzac ; «Qu’est-ce que la sécurité nationale » ; revue International ; n°52 ; hiver 2003-2004 ;p33.

4. – حسن براري، مرجع سابق.

5. David Baldwin; “The concept of security” Review of International Studies; n° 23,1997. pp 5 -26 obtenu en par courant: http://tau.ac.il/~daniel/pdf/37.pdf.

6. Barry Buzan; People state and Fear the national security problem in international relations. Great Britain: Wheatshe of Books; 1983; p6.

7. Ibid; p 6-7.

8. محمد عمارة، الإسلام والأمن الاجتماعي. القاهرة :دار الشروق. 1998، ص 5.

9. يوسف شكري فرحات، معجم الطلاب. بيروت: دار الكتب العلمية. 2001 ، ص 22.

10.عبد الوهاب الكيالي وآخرون، موسوعة السياسة. الجزء الأول، ط3. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1990، ص33.

11.أنور ماجد عشقي، الاستراتيجية الأمنية العربية لمواجهة العولمة: التخطيط الأمني لمواجهة عصر العولمة.الرياض: مركز الدراسات والبحوث. 2006، ص1977.

12.جون بيليس، “الأمن الدولي في حقبة ما بعد الحرب الباردة” في: جون بيليس، ستيف سميث، عولمة السياسة العالمية. تر: مركز الخليج للأبحاث، الإمارات العربية المتحدة.2004 . ص414

13.عبد الجليل زيد المرهون، أمن الخليج وقضية التسلح النووي. المنامة: مركز البحرين للدراسات والبحوث، 2007، ص06.

14.Jef Huysmans; The politics of insecurity fear, migration and asylmin The EU; London: Routledge ; p48.

15.جون بيليس، مرجع سابق، ص414.

16. Charles Philippe David; Jean Jacques Roche; Théories de la sécurité: définition, approches et concepts de la sécurité international. Parism: MontChrestien; 2002 ; p85

17.حسن توركماني، الأمن القومي في القرن الحادي والعشرين، دمشق: الأولى للنشر والتوزيع، 2004، ص 11.

18. Barry Buzan ; People state and fear the International searity Problem in International Relations. Great Britain, wheatsheef Book LTD; 1983; p85.

19. Ibid ; p65

20. bid ;p24

21. Ibid .p83

22. Robert D. Kaplan, “The coming Anarchy How scarity, crime, over population, tribalism, and disease are rapidly destroying the social fabric of our planet”.Obtenu en parcourant : www.Theatlantic.com/…/1994/…/the-coming-anarchy/4670/.

23.Ibidem.

24.سليمان عبد الله الحربي، مرجع سابق. ص12.

25. Charles-Philippe David et Afef Benssaieh, « La paix par l’intégration ? théories sur l’interdépendance et les nouveaux problème de sécurité ». Étude internationales, vol.28, n°2, 1997 , P227-254.

· يرى بعض الباحثين أن عملية تقسيم مصادر التهديدات الأمنية إلى داخلية فقط أو خارجية فقط- غير صالحة كأداة للتحليل العلمي، حيث أنه وأمام” العلاقة التفاعلية” التي تجمع بين التهديدات الأمنية يصبح عزل تلك المصادر مستحيلا.

26. Ibid.p245.

27. Ibid.p247.

28. Ibid.p249.

29. Ibid.p250.

تشير اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية إلى أن الجرم يكون ذا طابع عبر وطني إذا:

30. ارتكب في أكثر من دولة واحدة،

31. إذا ارتكب في دولة واحدة ولكن جرى جانب كبير من الإعداد أو التخطيط له أو توجيه أو الإشراف عليه في دولة أخرى.

32. ارتكب في دولة واحدة ولكن اضطلعت في ارتكابه جماعة إجرامية منظمة تمارس أنشطة إجرامية في أكثر من دولة.

33.ارتكب في دولة واحدة ولكن له آثار شديدة في دولة أخرى.

34. حسن نافعة . “سيادة الدول في ظل تحولات موازين القوة في النظام الدولي”.متحصل عليه من:

35.http:// afkaronlin/org/arabic/archives/mar-avr2003/nafia. html

36. عادل زقاغ،” إعادة صياغة مفهوم الأمن برنامج البحث في الأمن المجتمعي” متحصل عليه من:

www.geocites.co;/adelweggqh/reconl1html?2008

37. خديجة عرفة ،تحولات مفهوم الأمن …الإنسان أولا .متحصل عليه من :

www.islamonline.net/arabic/mafahem/2003/09/article01.html

38. محمود خليل . “إعادة صياغة وظائف الدولة:لعولمة السيادة”.متحصل عليه من:

//aharm.org/acpss/ahram/2001/1sbock.html ׃ http

39.المرجع نفسه.

40.أمحند برقوق، “محاضرات ألقيت على طلبة الماجستير “،جامعة محمد خيضر بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2006/2007.

41.أعادت الحرب على أفغانستان والعراق النقاش من جديد حول نسبية التراجع في استخدام القوة العسكرية في العلاقات الدولية .

42. أشرف سعيد العيسوي ، “التغيرات الدولية الحديثة ومفهوم الأمن القومي”متحصل عليه من:

//www.kk׃http Maq.gov.sa/Detail.asp?

43.حسن الحاج علي أحمد، ” حرب أفغانستان التحول من الجيوسياسي إلى الجيوثقافي” .المستقبل العربي. العدد 276، فيفري 2002. ص13.

$144.المرجع نفسه، ص14-15

45.مصطفى بخوش، “التحول في مفهوم الأمن وانعكاسه على الترتيبات الأمنية في المتوسط “. العالم الاستراتيجي. العدد 03 ،ماي 2008. ص08.

46.سمير أمين، إمبراطورية الفوضى: بيروت: دار الفارابي 1991، ص19.

47.تقرير الأمين العام للأمم السابق المتحدة كوفي عنان.

48.جوزيف ناي،” تأمين عالم أكثر أمانا، متحصل عليه منhttp://www.project.syndicate.orgcntribtor/422:

49.بن صغير عبد العظيم،”الحرب على الإرهاب وتأثيرها في الأمن الإنساني” العالم الإستراتيجي. العدد 03 .ماي 2008، ص22.

50.غربي محمد، “الدفاع والأمن إشكالية تحديد المفهومين من وجهة نظر جيو- استراتيجيه” ، العالم الإستراتيجي.العدد 03. ماي 2008،ص13.

51.مصطفى بن شنان،” النظام أو اللانظام العالمي الجديد”. قواسم دولية. الجزائر: المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة، ص03.

52.Charles Philippe David ; Jean-Jacques Roche ;opcit. p

53. موسى الزعبي، “نهاية الحرب الباردة وإعادة فحص الأمن” متحصل عليه من:

http://www:dam.org/politic/03/ind frt001.html

54. Ken Booth;”Critcal Security and World Politics”.Obtenu en parcourant

:http://www.rienner.com/uploads/47de9724oc790.pdf

55.غسان العزي،11 مابعد سبتمبر2001، شؤون الأوسط. العدد 105. شتاء 2002. ص34

56. غراهام أليسون ” أثر العولمة في الأمن القومي والعالمي” في الحكم في عالم يتجه نحو العولمة جوزيف ناي وجون د. دوناهيو تر: محمد شريف الطراح الرياض:مكتبة العبيكات. 2002، ص -132.

57. يعلق آليسون على هذه الفرضية بقوله” بينما هذه الحقيقة المؤكدة صحيحة فإنها ليست جديدة ولا عالمية”.

58.عمليا يقول أليسون:” أن ذلك غير متاح إلا لدولة واحدة هي الولايات المتحدة الأمريكي

 

 

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button