اختبار نظرية الاشتباك العالمي في المخبر السوري
من الناحية النظرية، طرح مفهوم “الاشتباك العالميGlobal Engagement ” في الفكر الإستراتيجي الأمريكي كجزء من ثورة المعلومات في الشؤون العسكرية، والذي يقوم على افتراض أولي يقضي بأن “السيطرة على الفضاء هي مفتاح القوة الجوية التي تعطيها الاستقلالية في المستقبل [من أجل المبادرة في الهجوم والقضاء بسرعة على العدو]”. عنصر التفوق الاستراتيجي الرئيسي لأدوات الاشتباك العالمي محدد بشكل مركزي في خاصية التحكم عن بعد، وبالتالي إدارة العمليات القتالية -في شكلها الهجومي أو الدفاعي- بواسطة شبكات الحاسوب وشاشات الرادار في غرفة عمليات القيادة والسيطرة المركزية.
بالنظر إلى تطور أحداث الجيل الثاني للحرب الباردة، نلاحظ أن هناك سعي حثيث بين القوى الرئيسية لاختبار قابلية أطروحة إدارة الاشتباك العالمي للعمل في الحروب المقبلة، وذلك من خلال استغلال الأحداث المأساوية أو خلقها بشكل متعمّد من أجل اختبار كل طرف لمستوى تقدم خصمه في حيازة قدرات الاشتباك العالمي، المرتبطة بشكل وثيق معرفة عيوب قدرات الدفاع الوطني ونسبة قابلية الوطن للعطب أو الحلفاء والأصدقاء عبر العالم.
أعلن الشهر الماضي الرئيس الروسي نجاح روسيا في تصميم وإدخال جيل جديد من الصواريخ تتخطى سرعتها أربع مرات سرعة الصوت، مما يجعلها أقوى من الدرع الصاروخية الأمريكية؛ بالطبع تعتبر الصواريخ الروسية الجديدة تطورا مثيرا للاهتمام في الشؤون الإستراتيجية وبحاجة للتحقق والاختبار من قبل قيادة القصف الإستراتيجي الأمريكية، وهو الدافع الذي جعل ترامب يعلن أمس أن على روسيا انتظار الصواريخ الأمريكية الذكية لقصف مراكز الثقل الإستراتيجي في سوريا.
روسيا بدورها بحاجة لاختبار قدراتها الصاروخية الجديدة من أجل التأكد من فعاليتها في الدفاع الجوي، وفي نفس الوقت خلق نسبة عالية من الاطمئنان لدى حلفائها وزبائنها في أسلحتها وحميتها لهم، وكذلك بحاجة إلى خلق حقائق إستراتيجية فعلية حول قدرة ممارستها دورا قويا ومستقلا في النظام الإستراتيجي العالمي.
جامعة الجزائر 3
