استخدام القوة الإلكترونية فى التفاعلات الدولية

هذه الدراسة هي مشروع تخرج قدمته الطالبة: صباح عبد الصبور عبد الحي، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، بحث التخرج بعنوان: استخدام الفاعلين العنيفين من غير الدول للقوة الإلكترونية في التفاعلات الدولية: تنظيم القاعدة نموذجا: منذ عام 2000، تحت إشراف: د: سعاد محمود، 2014-2015. وقد شاركت به الباحثة في مسابقة المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، محور مشروعات التخرج، وحصلت على المركز الثالث، ونقوم بنشره هنا على أجزاء أسبوعياً.

المقدمة:

ظلت الدولة لفترة كبيرة هي وحدة التحليل الأساسية في العلاقات الدولية ويرجع ذلك لسهولة تحديد كيانها، وسيطرة المنظور الواقعي على تحليل العلاقات الدولية. ومنذ السبعينيات بدأ الاهتمام التدريجي بالفاعلين من غير الدولة “Non State actors NSA “، على الرغم من قدم الظاهرة حيث ظهر الفاعلين من غير الدول تاريخياً في صورة حركات دينية مثل الجماعات التبشيرية، والجماعات اليهودية، كما ظهرت في شكل عصابات الجريمة والتي دخلت في حروب مع الدولة الرومانية، وفى القرن العشرين انتشرت حركات التحرر الوطني كصورة من صور الفاعلين من غير الدول وأثرت في سياسات الدول الاستعمارية مثل بريطانيا وفرنسا، ومع ذلك كان الاهتمام بدراسة الفاعلين من غير الدول حديثاً نسبيا بالنسبة للاهتمام بالدولة، وتال لظهور الفاعلين من غير الدول وكانت أهم الأدبيات التي تناولت هذا الموضوع وتأثيره في العلاقات الدولية دراسة كارل كرايسر عن السياسات العابرة للحدود، وكتاب روبرت كوهين وجوزيف ناى المعنون بtransnational relations and world politics” “، والذى ناقش تأثير هؤلاء الفاعلين على العلاقات الدولية فأفرد فصلا للمنظمات غير الحكومية، وفصلا آخر للتنظيمات الثورية، وعلاقة كل منهما بالدولة وكانت تلك هي أولى لبنات الاهتمام بدراسة الفاعلين من غير الدول على المستوى النظري، إلا سأنها اهتمت بالأساس بتعريفهم، وتحديد علاقتهم بالدولة، ومدى استقلالهم عنها، أكثر من الاهتمام بتأثيرهم على العلاقات الدولية، كما تأثرت هذه الدراسات طول فترة السبعينيات بالسياق السياسي، حيث الصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، فاهتمت بدراسة أنواع معينة من الفاعلين من غير الدول وعلى رأسها الشركات متعددة الجنسيات، وبعد انتهاء الحرب الباردة استمر الاهتمام بالفاعلين من غير الدول بشكل عام كمصدر من مصادر الصراعات الدولية، وعلى رأسها الإرهاب الدولي، فتم التركيز على تأثير هؤلاء الفاعلين عالميا، أكثر من التركيز على تأثيرهم الإقليمي، كما قامت الدراسات بتصنيفهم إلى عدة أنماط مثل فاعلين حكوميين من غير الدول، وفاعلين غير حكوميين، ومنظمات دولية وفاعلون عنيفون…إلخ.

وارتباطاً بما سبق ستقتصر هذه الدراسة على تحليل نمط واحد من هذه الأنماط وهو نمط الفاعلون العنيفون من غير الدول، والذي ” يشمل كل الجماعات أو التنظيمات التي تلجأ إلى استخدام العنف المادي والنفسي بطريقة جماعية من أجل تحقيق غايات معينة “. (1)

حيث تم الاهتمام بهذا النمط من أنماط الفاعلين من غير الدول بصورة كبيرة بعد أحداث 11 سبتمبر، التي نُسبت إلى تنظيم القاعدة.

وبفضل ثورة التكنولوجيا والاتصالات، وظهور الفضاء الإلكتروني طرأت تحولات جديدة على مفهوم القوة، وظهر على الساحة مفهوم جديد أطلق عليه جوزيف ناي القوة الإلكترونية والتي أدت إلى توزيع القوة بين عدد أكبر من الفاعلين من غير الدول -بما فيهم الفاعلين العنيفين -والأفراد، وذلك بعد أن كانت الدولة هي المحتكر الوحيد للقوة، مما جعل قدرة الدولة على الهيمنة على هذا المجال موضع شك، خاصة مع زيادة تأثير الفاعلين من غير الدول على السياسة على المستوى الداخلي والدولي.

ولقد اتجه تنظيم القاعدة إلى امتلاك القوة الإلكترونية بعد أن واجه صعوبات شديدة في استخدامه للقوة الصلبة (2)، وقد جاءت تفجيرات 11 سبتمبر، لتعكس قدرة التنظيم على توظيف تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وآليات العولمة في التخطيط والتنفيذ (3)، وإظهار خطورة الفضاء الإلكتروني عن غيره من المساحات التقليدية، في إطار قدرته على استيعاب عدد أكبر من الفواعل، حتى خارج إطار النظام السياسي، مع قدرته على توفير قدر كاف من المعلومات لهم، كما يقوم بتقليل المسافات وتخطى حواجز الدولة القومية، والحواجز المادية والتقليدية، فيما بينها، لذا فإن جوزيف ناي يرى أن ما يوفره الفضاء الإلكتروني من مصادر قوة لمختلف الفاعلين على مختلف الأصعدة، يوسع من دائرة التهديدات الأمنية، والتي تنتج عن الأفعال العنيفة التي قد يمارسونها، وإن كان ذلك لا يعنى بالتأكيد تحقق المساواة الكاملة ما بين قدرات الدول، وقدرات الفواعل من غير الدول، إنما يعنى بالأساس تقليص الفارق بينهما في امتلاك القوة، والقدرة على إحداث العنف (4).

ومن هنا تسعى الباحثة إلى دراسة استخدام الفاعلين العنيفين من غير الدول للقوة الإلكترونية في التفاعلات الدولية، بالتركيز على نموذج تنظيم القاعدة كحالة دراسة منذ عام 2000، وكأحد أهم الفاعلين العنيفين من غير الدول الذين وظفوا الفضاء الإلكتروني للتأثير في التفاعلات الدولية.

أولا: المشكلة البحثية:

ساعدت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإنترنت الفاعلين العنيفين من غير الدول على امتلاك القوة الإلكترونية وتشكيل شبكات عالمية، لا تخضع لسيطرة الدولة، بجانب رخص التكلفة وسهولة الاتصال، وهشاشة القدرات الرقابية، وبذلك فقد وفر الفضاء الإلكتروني بيئة مناسبة لتواصل الفئات والتنظيمات العنيفة، التي وجدت فيه الوسيلة المناسبة للتواصل وتحقيق أهدافها، واستخدامه في التفاعلات الدولية، وفى هذا السياق تسعى الباحثة إلى دراسة كيفية استخدام الفاعلين العنيفين من غير الدول للقوة الإلكترونية في التفاعلات الدولية وإلى أي مدى يمكن أن تنجح هذه الفواعل في تحقيق أهدافها باستخدام هذا النوع من القوة، مع محاولة تطبيق ذلك على تنظيم القاعدة منذ عام 2000.

ومن هنا يمكن صياغة المشكلة البحثية في سؤال بحثي رئيسي: كيف يوظف الفاعلون العنيفون من غير الدول القوة الإلكترونية في التفاعلات الدولية، وماهي حدود قدرتهم التأثيرية؟

الأسئلة الفرعية:

ويتفرع عن التساؤل البحثي الرئيسي لهذه الدراسة عدد من الأسئلة الفرعية، ومن أهم هذه الأسئلة

ما المقصود بالفاعلين من غير الدول؟ وماهي أنواعهم؟

ماهي أنماط تأثير الفاعلين من غير الدول في السياسة الدولية؟

ما لمقصود بالفاعلين العنيفين من غير الدول؟ وماهي أشكالهم؟ وكيف فسرت منظورات العلاقات الدولية ظاهرة الفاعلين العنيفين من غير الدول؟

كيف تطور مفهوم القوة من منظورات مقارنة؟ وكيف أثر تطور ثورة التكنولوجيا والاتصالات على مفهوم القوة، وانتشاره في السياسة العالمية؟

ماهي القوة الإلكترونية، وماهي عناصرها، ومن هم الفاعلون الرئيسيون في مجال استخدامها؟

كيف نشأ تنظيم القاعدة، وماهي أيدولوجيته، وأهدافه؟

لماذا لجأ تنظيم القاعدة إلى الفضاء الإلكتروني؟ وماهي أدوات القوة الإلكترونية له؟ وكيف وظف القوة الإلكترونية في التفاعلات الدولية؟

ماهي معوقات استخدام تنظيم القاعدة للقوة الإلكترونية؟ وماهي حدود قدرته في هذا المجال؟

ثانيا: فترة الدراسة:

تسعى الدراسة بصورة أساسية إلى دراسة وتحليل استخدام تنظيم القاعدة للقوة الإلكترونية للتأثير في السياسة العالمية منذ عام 2000، حيث كان هذا العام هو بداية إطلاق أول موقع جهادي خاص بتنظيم القاعدة وهو موقع معالم الجهاد والذي تلاه آلاف المواقع الإلكترونية الخاصة بالتنظيم للتأثير في السياسة العالمية.

ثالثا: أهمية الدراسة:

أ-الأهمية النظرية:

تظهر الأهمية النظرية للدراسة في تناولها أحد القضايا الحديثة في علم العلاقات الدولية، والتي أصبحت تشغل حيز كبير من اهتمامات المراكز البحثية الغربية بالأساس وهو القوة الإلكترونية كأحد أهم المجالات التي تمارس فيها التفاعلات الدولية، بجانب تناولها لقضية باتت مهمة أيضاً منذ انتهاء الحرب الباردة وهي الفاعلين العنيفين من غير الدول.

-تقديم إطار نظري عن متغيري الدراسة وهما الفاعلين العنيفين من غير الدول، والقوة الإلكترونية، واللذان يعتبران من المفاهيم الحديثة نسبيا في مجال العلوم السياسية، بجانب تناول أبعاد التحول في مفهوم القوة من منظورات مقارنة، وتأثير التكنولوجيا على التغيرات في بنية المفهوم..

الأهمية العملية:

– تكمن الأهمية العملية للدراسة بالأساس في تحليل استخدام تنظيم القاعدة للقوة الإلكترونية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات للتأثير على السياسة العالمية والوصول للشباب وتجنيدهم، مما أدى لاعتناق عدد من شباب المجتمعات العربية والإسلامية للفكر المسلح والانضمام للتنظيم.

– يعد موضوع استخدام تنظيم القاعدة للقوة الإلكترونية من خلال الإنترنت موضوعا حيوياً بالنسبة لمصر نظرا لأن إمكانية تجنيد الشباب في الدول العربية والإسلامية أكبر من نظيرتها في الدول غير الإسلامية نظرا لاعتماد تنظيم القاعدة على فتاوى دينية، ومقاطع فيديو توضح انتهاكات حقوق المسلمين وتعذيبهم في فلسطين وأفغانستان، وسوريا وغيرها، والذي يكسبها تعاطف بعض الشباب المسلم، حيث تظهر نفسها المنقذ والمخلص للأمة.

– تقديم تجارب واستراتيجيات بعض الدول الكبرى لمواجهة القوة الإلكترونية لتنظيم القاعدة، بما يمكن الاستفادة منها في واقعنا العربي.

رابعاً: الأدبيات السابقة:

بالنظر إلى الأدبيات السابقة بشأن الموضوع محل البحث، فيمكن تقسيمها إلى ثلاثة اتجاهات:

أولا: اتجاه تناول الفاعلين من غير الدول

ثانيا: اتجاه تناول القوة الإلكترونية بشكل عام

ثالثا: اتجاه ربط بين الفاعلين العنيفين من غير الدول واستخدام القوة الإلكترونية.

ويمكن التعرض بشيء من التحليل والتفصيل لهذه الاتجاهات:

الاتجاه الأول: الأدبيات التي تناولت الفاعلين العنيفين من غير الدول:

دراسة لإيمان رجب بعنوان تأثير الهوية على سلوك الفاعلين من غير الدول في المنطقة العربية: دراسة حالتي حزب الله وحركة حماس: (5)

رأت الباحثة أن الدولة ظلت لفترة طويلة هي وحدة التحليل الأساسية في العلاقات الدولية، والمحتكر الوحيد للقوة، ولكن منذ السبعينات بدأ الاهتمام التدريجي بدراسات وحدات أخرى غير الدولة، مثل الفاعلين العابرين للحدود، والمنظمات الدولية غير الحكومية، والتنظيمات الثورية، باعتبارهم فاعلين مؤثرين في العلاقات الدولية، واختلفت تصنيفاتهم وفقا لمعايير محددة، فنجد مثلا تصنيفا وفقا لنطاق النشاط قسمهم إلى: فاعلون من غير الدول محليون، دوليون، عابرون للحدود.

ولكن الباحثة اهتمت بنوع محدد من الفاعلين من غير الدول وهم الفاعلون المستندون للهوية، أي الذين يمتلكون هيكلا تنظيميا يتميز بالديمومة، وترى بأن الإشكالية الأساسية في دراسة هذا النمط تتمثل في كيفية فهم سلوكهم ومحدداته، فقامت بدراسة تحديد الظروف الموضوعية التي تسمح لهؤلاء الفاعلين -وهما في دراسة الحالة: حزب الله وحماس-بتزايد تأثير الهوية على سلوكهم.

وفي دراسة لنفس الباحثة بعنوان: القوة المنافسة: مداخل تحليل الفاعلين العنيفين من غير الدول في المراحل الانتقالية: (6)

وفيها تناولت بداية ظهور الفاعلين العنيفين من غير الدول، والاهتمام بدراستها في مجال العلاقات الدولية، حيث أن الاهتمام بدراستها ارتبط بانتهاء الحرب الباردة، والتغيرات التي شهدتها الدول بعد انتهاء الحرب، سواء من حيث طبيعة دورها، أو من حيث بنيتها، وعدم قدرتها على ممارسة وظائفها التقليدية.

ورأت أن الاهتمام بدراسة VNSAs ” على وجه الخصوص، والفاعلين من غير الدول بصفة عامة، في مجال العلاقات الدولية كانت حديثا نسبيا، بالنسبة للاهتمام لدراسة الدولة، وبالنسبة لتعريف الفاعلين العنيفين من غير الدول عرضت تعريف أولريخ شريكينير والذى عرفهم ” بأنهم جماعات أو منظمات تمتلك السلاح، وليست مندمجة في مؤسسات رسمية للدولة، مثل الجيش، والشرطة، والقوات النظامية، والقوات الخاصة، وقد تدعمهم الدولة بطريقة رسمية أو غير رسمية”، وتصنف إلى نوعين: الأول: حسب المنظومة القيمية: فاعلون براجماتيون، وفاعلون يمتلكون رؤية دينية للعالم، والثاني: حسب درجة وجود أهداف مشتركة تضم أعضاء الجماعة: مثال: الجماعات الدينية المسلحة، أمراء الحروب، والجماعات المعادية للعولمة، وجماعات الجريمة المنظمة”.

ويختلف الفاعلون العنيفون من حيث القدرات، فهناك فاعلون محليون يعملون داخل نطاق الدولة، وفاعلون عنيفون إقليميون، يعملون داخل إقليم معين مثل حزب الله الذي يتلقى معونات من داخل منطقة الشرق الأوسط، وهناك فاعلون عنيفون عالميون، يعملون عبر الحدود، وعلى نطاق أوسع من الفاعلين الإقليميين مثل تنظيم القاعدة.

ثم تناولت المداخل النظرية لدراسة الفاعلين العنيفين من غير الدول، فرأت أنه تزايد تأثير الفاعلين من غير الدول، بما فيها الفاعلين العنيفين، بشكل أسرع من تطور دراسة تأثيرهم في العلاقات الدولية، أو كيفية التعامل معهم.

وفى دراسة Maj. Troy وMAI WILLIAM بعنوان Violent Non-State Actors: Countering Dynamic System : (7)

اعتقد الباحثان أن الفاعلين العنيفين من غير الدول (VNSAs ) تشكل تحديا ملحا للأمن الإنساني والوطني. وفي خضم الحرب العالمية ضد الإرهاب، تتزايد أعمال العنف الجماعي كاستراتيجية للجماعات والتي تتراوح بين تنظيم القاعدة إلى المتمردين المأويين في نيبال، والسبب في ذلك ديناميات العولمة التي مكنتهم من بيئة دولية مضطربة تتميز بتعميق جذور العنف، والفشل في الحكم، وازدهار التجارة غير المشروعة في الأسلحة والمخدرات والبشر. ومع استثناءات قليلة، VNSAs تلعب دورا بارزا في كثير من الأحيان لزعزعة الاستقرار في المجتمع الدولي. والتصدي لهم بنجاح يحتاج لوقت طويل ويشوبه الكثير من التعقيد لأن كثيرا منهم فاعلين عبر قوميين ولا يتمركزون في دولة واحدة. وقاما بعرض الأطر النظرية للفاعلين من غير الدول، ثم عرضا استراتيجية مكافحة الفاعلين العنيفين، والتي تعتمد بالأساس على دراسة بيئة النظام الداخلية.

وفى دراسة للباحث Phil Williams بعنوان:

Violent non-state Actors and National and international security (8)

وفيها يتحدث الباحث عن بدايات ظهور الفاعلين العنيفين من غير الدول، والتي ظهرت من آلاف السنين في شكل عصابات إجرامية وقراصنة بحرية، وكانت الدولة الرومانية تتصدى لهم، ومع ذلك لم يكن لهم أهمية كبيرة، وفى القرن ال 21 ظهر هؤلاء الفاعلين العنيفين كجزء من عملية إنهاء الاستعمار، وازداد قوتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وضعف دور الدولة، فحاولت استمرار وديمومة هذا الضعف.

ثم قسم الفاعلين العنيفين من غير الدول إلى6 أنواع: أمراء الحرب والميليشيات

والقوات شبه العسكرية، والجماعات المتمردة، المنظمات الإرهابية، وعصابات الشباب الجنائية

ولفهم تنظيمات الفاعلين العنيفين وتحركاتها يجب التركيز على:

• الدافع والغرض منها. من المهم أن نعرف دافع ومحفز هؤلاء الفاعلين، لفهم أهدافهم والنظر في وسائلهم التي تسعى من خلالها لتحقيق هذه الأهداف.

• القوة والنطاق. لم يتم إنشاء جميع VNSA على قدم المساواة من حيث القدرات والنطاق فبعضها صغير نسبيا وتعمل في منطقة جغرافية صغيرة ومقيدة، بينما يعمل الآخرون على نطاق أوسع عبر الحدود الوطنية. أي أنها تمتد من المحلي إلى الوطني إلى عبر الوطنية.

• والطرق التي تحصل من خلالها على التمويل أو الوصول إلى الموارد. في كثير من الحالات، هناك

أكثر من وسيلة لتحقيق الغاية واكتساب الثروة والذي يتطلب دراسة علاقتهم “غير المشروعة ” بالاقتصاد على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية.

• الهيكل التنظيمي. لا يوجد هيكل موحد ل VNSA : فبعضها هرمية ومركزية، البعض الآخر على شكل شبكات غير مركزية. وبعضها هجين من تلك وذاك، وعلاوة على ذلك، الهياكل التنظيمية ليست ثابتة. تتكيف وتتغير مع مرور الوقت تأقلما مع الفرص والمعوقات.

• العلاقة بين VNSAs والدولة: في كثير من الحالات، تكون العلاقة قائمة على العداء.

ومن هنا تبرز خطورة هؤلاء الفاعلين وضرورة مواجهتهم.

وتتمثل استفادة الباحثة من هذا الاتجاه فيما يتعلق بمفهوم الفاعلين من غير الدول، والتطورات التي أدت إلى نشأته، وأنواعه بما فيها الفاعلين العنيفين من غير الدول -وهو أحد متغيرات الدراسة –والتعرف على أشكالهم، والسمات المشتركة والمختلفة بينهم، والمداخل النظرية التي تناولتهم.

الاتجاه الثاني: أدبيات تناولت بالتحليل القوة إلكترونية

دراسة إيهاب خليفة تحت عنوان: القوة الإلكترونية وأبعاد التحول في خصائص القوة))

يرى الباحث أنه بفضل ثورة المعلومات والإنترنت بمواقعه المختلفة ظهر مفهوم الفضاء الإلكتروني، وأصبح أحد العناصر المؤثرة في النظام الدولي نتيجة أدواته الإلكترونية والقادرة على الحشد والتعبئة، بجانب التأثير على القيم السياسية، نتيجة قلة تكلفتها، وأنها لم تعد حكرا على الدولة فقط، وأصبح من يمتلكها لديه القدرة على التأثير على الفاعلين المستخدمين لهذه البيئة.

لذا فبجانب قوة الدولة الصلبة والناعمة ظهرت القوة الإلكترونية والتي أصبح لها تأثيرها على المستويين المحلى والدولي، حيث أدت إلى تعدد مستويات القوى بين الفاعلين ولم تعد استخدام القوة حكرا على الدولة، كما مكنت الفاعلين الأصغر في السياسة الدولية من ممارسة كل من القوة الصلبة والناعمة عبر الفضاء الإلكتروني، وهو ما يعنى تغير ا في علاقات القوى في السياسة الدولية.

ومن هنا يمكن التمييز بين مستويين للتغير الذي طرأ على مفهوم القوى وهما: المستوى الخاص بالعناصر المكونة للقوة، والأشكال المختلفة للقوة، ومستوى الفاعلين الممتلكين للقوة خاصة الفاعلين من غير الدول.

وفى هذا الإطار تناول التعريفات المختلفة للقوة، والاتجاهات النظرية التي تناولتها، بدءا بالقوة الصلبة، مرورا بالتحول للقوة الناعمة والتي تهتم بالقوة غير المادية مثل الثقافة والقيم، وذلك بعد فشل القوة الصلبة والعسكرية وحدها في تحقيق أهداف الدولة، ومع ثورة المعلومات تم إضافة عنصر جديد لقوة الدولة وهو القوة الإلكترونية.

ثم تناول أثر التكنولوجيا في تحولات القوة، من خلال عرض التحول من القوة الصلبة إلى القوة الناعمة وتراجع الأولى، نتيجة تحولات دولية حصرها جوزيف ناي في خمسة تحولات أساسية وهي: التبادل الاقتصادي الضخم بين الدول، ظهور فواعل أخرى أصبحت قادرة على امتلاك القوة، انبعاث النزعات القومية، انتشار التكنولوجيا والأسلحة النووية، ظهور قضايا جديدة لا يمكن حلها باستخدام القوة العسكرية مثل الفقر والتلوث.

كما تعرض لدور الفضاء الإلكتروني في ظهور القوة الإلكترونية نتيجة سهولة ورخص استخدامه، وضعف الرقابة عليه من قبل الدول، فأصبح متاحا لعد كبير من الفواعل حتى الفاعلين من غير الدول، في تحول هام لاحتكار الدولة للقوة.

ورأى أن هناك ثلاثة عناصر أفرزتها ثورة المعلومات وهي: المعلومة، الفضاء الإلكتروني، والطابع الإلكتروني، ثم تناول بشيء من التفصيل الفضاء الإلكتروني.

واعتبر أن هناك علاقة وثيقة ما بين الفضاء الإلكتروني والأمن الدولي نتيجة التوسع في تبنى الحكومات الإلكترونية، واتساع مستخدمي وسائل الاتصال في العالم. فارتبطت التكنولوجيا بالتحولات في القوة، وظهر مفهوم القوة الإلكترونية، والذي عرفه جوزيف ناي على أنه ” القدرة على الحصول على النتائج المرجوة من خلال استخدام مصادر المعلومات المرتبطة بالفضاء الإلكتروني “، وهو يرى أن هذه القوة الجديدة مرتبطة بامتلاك المعرفة التكنولوجية، والقدرة على استخدامها، ومن ثم أصبحت حقيقة أساسية ومؤثرة نتيجة التطور التكنولوجي السريع.

ثم تناول الكاتب مستويات انتشار القوة داخليا نتيجة تعدد مستويات صنع القرار داخل الدولة الواحدة، وخارجيا بتحول تركز القوة في يد الفاعل أو مجموعة الفاعلين الأقوى، إلى فاعلين آخرين قد يكونوا دول أو غير دول.

كما تعرض لتوظيف الفاعلين للقوة الإلكترونية، مركزا بصورة أساسية على الفاعلين من غير الدول مثل الشركات متعددة الجنسيات: مثل جوجل ومايكروسوفت، والمنظمات الإجرامية والتي تقوم بعمليات ” قرصنة إلكترونية “، والجماعات الإرهابية والتي استخدمت الفضاء الإلكتروني لنشر أفكارها وحشد مؤيدين لها، وحركات التحرر الوطني مثل: حماس وحزب الله.

ثم تناول عناصر القوة الإلكترونية وهي: بنية إلكترونية، أسلحة إلكترونية، عمليات إلكترونية، مهاجمة شبكات الحاسب الآلي، الدفاع عن شبكات الحاسب الآلي، استطلاع شبكات الحاسب الآلي.

كما عرض استخدام القوة الإلكترونية في التفاعلات الدولية مثل التأثير في سلوكيات الفواعل الأخرى، أو التحكم في أجندتها وترتيب أولويات الفواعل الأخرى. كما أنها ترتبط ارتباطا وثيقا بالصراع الدولي في شكل جديد، فيما يسمى ” الصراع الإلكتروني ” نتيجة تزايد استخدام المعلومات، والذي أدى لتزايد رغبة الفواعل في التسابق للحصول عليها، والتنافس حول السبق التكنولوجي، وسرقة الأسرار العلمية والاقتصادية.

وفى دراسة لجوزيف ناي تحت عنوان: cyber power (9)

يرى جوزيف ناي أن القوة تعتمد على السياق، بينما السياق الجديد المؤثر في السياسة الدولية الآن هو النمو السريع للفضاء الإلكتروني، ومع انخفاض تكلفة الاستخدام وصعوبة الكشف عن الهوية أصبحت الجهات الفاعلة الصغيرة قادرة على ممارسة القوة الصلبة والناعمة عبر الفضاء الإلكتروني، وإن كان هذا الانتشار يقلل الفوارق في القوة بين الدولة والفاعلين من غير الدولة إلا أنه لا يعنى المساواة في القوة أو استبدال الحكومات والجهات الفاعلة الأكثر نفوذا في السياسة العالمية.

ثم عرض تعريفات متعددة للقوة واعتبر أنه إذا كان تحول القوة من دولة مهيمنة إلى دولة أو دول أخرى هي حدث تاريخي معتاد، إلا أن الجديد هو ” تقاسم السلطة “، فالمشكلة الآن أن هناك مسائل تحدث خارج سيطرة كل الدول حتى الكبرى منها في ظل عصر المعلومات.

وعرف القوة الإلكترونية على أنها القوة القائمة على مصادر المعلومات وتعتمد بشكل أساسي على الفضاء الإلكتروني. وقد عرض في دراسته لكيفية ارتباط كل من القوة الصلبة والناعمة بالقوة الإلكترونية.

كما تناول الفاعلين الجدد المستخدمين للقوة الإلكترونية مثل الجماعات الإرهابية والتي تستخدم الفضاء الإلكتروني لنشر أفكارها وتجنيد أعضاء جدد، والقيام بهجمات إلكترونية، والشركات متعددة الجنسيات مثل جوجل وخلافها مع الصين والتي تريد التحكم فيما يعرض للجماهير مع رفض جوجل وتدخل الولايات المتحدة لصالح جوجل، وقيام الأفراد بجرائم إلكترونية.

دراسة لعادل عبد الصادق: القوة الإلكترونية: أسلحة الانتشار الشامل في عصر الفضاء الإلكتروني (10)

وفيها يستعرض الباحث المفاهيم المختلفة للفضاء الإلكتروني فالبعض يعتبره:

“البيئة الافتراضية التي تعمل بها المعلومات الإلكترونية، والتي تتصل عن طريق شبكات الكمبيوتر”. بينما يراه آخرون على أنه “المجال الذي يتميز باستخدام الإلكترونيات والمجال الكهرومغناطيسي لتخزين وتعديل أو تغيير البيانات، عن طريق النظم المتصلة والمرتبطة بالبنية التحتية الطبيعية “، ومن ثم فهو ” يشمل عملية الاندماج ما بين الإنترنت والمحمول وأجهزة الاتصالات والأقمار الصناعية. “، ثم اتفق في النهاية على أنه “مجال طبيعي ومادي”.

وقد أصبح الفضاء الإلكتروني أداة فعالة في التأثير في النظام الدولي، وأصبحت مسألة “أمن الفضاء الإلكتروني ” مسألة مهمة على أجندة الأمن الدولي. خوفا من تعرض المصالح الاستراتيجية ذات الطبيعة الإلكترونية إلى ساحة الصراع الدولي.

وفرض واقع الفضاء الإلكتروني إعادة تعريف لبعض المفاهيم المهمة: مثل الأمن والصراع والقوة. فبدأ الاهتمام المتصاعد بالفضاء الإلكتروني كتهديد أمنى بعد أحداث 11 سبتمبر، وفى 2007 في الصراع بين روسيا وأستونيا وفى 2011 لما ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي على قيام الثورات في المنطقة العربية. بجانب زيادة عدد مشتركي الشبكات الاجتماعية إلى 2.4 مليار، بالإضافة إلى 5.9 مليار مستخدم للمحمول.

كما أن استخدام الفضاء الإلكتروني يعد متاحا للفاعلين من غير الدول، والذي أثر على سيادة الدولة وتحول الصراع إلى صراع إلكتروني والذي يتميز بأن له “طاقة تدميرية لا تصاحبها دماء وأشلاء بالضرورة، وهو يقوم على التجسس، والتسلل، ثم النسف، أي تدمير المواقع على الإنترنت، وقصفها بوابل من الفيروسات، للنيل من سلامتها “. ومن ثم أصبح تأمين الفضاء الإلكتروني جزء لا يتجزأ من استراتيجيات الأمن القومي للعديد من الدول، فقامت بعضها بإنشاء هيئات لمواجهة الطوارئ المعلوماتية الإلكترونية، وقيادات عسكرية لحماية الفضاء الإلكتروني، وأطلقت منظمات حكومية وغير حكومية كثير من المبادرات مثل: الاتحاد الدولي للاتصالات، ومبادرة الاتحاد الأوروبي للأمن الإلكتروني.

في دراسة لسعاد محمود تحت عنوان: “ديناميكيات الانتقال من الصلبة إلى الناعمة إلى الافتراضية” 11) )

ترى الباحثة أن مفهوم القوة قد طرأت عليه مجموعة من المتغيرات لمواكبة التطور الحادث في السياسة الدولية، وأن مضمون وعناصر القوة يرتبطان بشكل أساسي بطبيعة المصادر الفعلية والمحتملة لتهديد الأمن، والتي ظهرت فعليا منذ الحرب الباردة والتي صاحبها مصادر جديدة لتهديد الأمن مثل التهديدات العابرة للحدود مثل: المخدرات والإرهاب.

“وناقشت الباحثة السياق الفكري الذي صيغ في إطاره المفهوم، وحجم التغير الذي أدخل على هذا المفهوم من قبل مدارس العلاقات الدولية المختلفة “، فنجد أن المدرسة الواقعية والتي كانت تفترض بأن الدولة هي الفاعل المسيطر في العلاقات الدولية، أعطت أولوية للبعد العسكري للقوة، خاصة مع غلبة الطابع الصراعى على العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في فترة الحرب الباردة. وقد استخدم منظرو الواقعية مفهوم القوة بمعنى عناصر قوة الدولة المادية كالسكان ومعدل الإنفاق العسكري.

وقد تطورت تلك النظرة المبسطة في اتجاهين: الاتجاه الأول: ميز بين امتلاك عناصر القوة والقدرة على استخدامها حيث رأى أن مجرد امتلاك عناصر القوة للدولة لا يعنى كثيرا لقدرتها على التأثير في الآخرين.

بينما عبر الاتجاه الثاني عن القوة كمسافة، حيث ميز بين امتلاك الدولة للقدرات القومية، وزيادة قدرتها على التأثير، حيث رأى أن تأثير تلك القدرات يعتمد بشكل كبير على متغيرات وسيطة مثل: إدراك صانع السياسة الخارجية لهذه القدرات، وترجمتها إلى نفوذ وتأثير خارجي. ثم بدأ هذا المفهوم في التوسع وظهرت من رحم المدرسة الواقعية الجديدة والتي اعتمدت على المنهجية الاقتصادية.

ثم ظهرت المدرسة الليبرالية والليبرالية المؤسسية، ورفضت الأولى افتراضات المدرسة الواقعية خاصة بشأن أن الدولة هي الفاعل الرئيسي في العلاقات الدولية، وذلك مع بروز الفاعلين من غير الدول، بينما أكدت الثانية على دور أكبر للمؤسسات.

ومع ارتفاع تكاليف استخدام الأداة العسكرية، طرح جوزيف ناي مفهوم القوة الناعمة، كشكل جديد للقوة، يعتمد على قوة الجاذبية والإقناع، ولا يعتمد على القوة الصلبة.

لكن ظهرت انتقادات عليها تدور في مجملها حول: القيود المتعلقة باستخدامها، وكيفية قياسها، تلك الانتقادات قادت ناي للقول بأهمية الربط بين القوتين الصلبة والناعمة فيما سماه ” القوة الذكية “.

ثم تناولت الباحثة شكل جديد للقوة برز في القرن العشرين مع الثورة المعلوماتية وهو القوة الإلكترونية، والتي يعرفها جوزيف ناي كونها ” القدرة على الحصول على النتائج المرجوة، من خلال استخدام مصادر المعلومات المرتبطة إلكترونيا بالميدان المعلوماتي “، ومع انتشار المعلومات، وهبوط تكاليف وسائل الاتصال، أصبح في وسع الأفراد والشركات والمنظمات غير الحكومية أن يلعبوا دورا مباشرا في السياسة الدولية، مع دور محدود للدولة في السيطرة على أجندتها. وبالتلى فإن الثورة المعلوماتية قد أفرزت القوة الإلكترونية ” الافتراضية “، والتي أثرت من ناحيتها في علاقات القوة في السياسة الدولية: داخليا من خلال توزيع القوة بين أكبر عدد من الفاعلين، مع ضعف سيطرة الدولية، وخارجيا: من خلال زيادة قدرة الفاعلين الأصغر في السياسة الدولية على ممارسة كل من القوة الصلبة والناعمة من خلال الفضاء الإلكتروني.

ويمكن الاستفادة من هذا الاتجاه في إطار التعريفات المختلفة للقوة، والاتجاهات النظرية التي تناولتها، وتأثير التكنولوجيا في تحولات القوة، ومستويات انتشارها، بجانب تعريف القوة الإلكترونية، وأهم الفاعلين الرئيسيين المستخدمين لها.

الاتجاه الثالث: أدبيات ربطت متغيري الدراسة ” أي الفاعلين العنيفين من غير الدول واستخدام القوة الإلكترونية:

دراسة ل Philip Seib and Dana M. Janbek تحت عنوان:

Global Terrorism and New Media: The post-Al Qaeda generation(12)

ويقوم الكتاب بتفسير الدور الذي لعبه الإنترنت في انتشار ظاهرة الإرهاب، ثم تناول الاستراتيجيات الإعلامية التي اعتمدها أسامة بن لادن قائد تنظيم القاعدة، حيث أنشأ إدارة إعلام القاعدة عام 1988، وذلك لتكريم المجاهدين ضد الاتحاد السوفييتي، ثم تحولت هذه الأداة للهجوم على الولايات المتحدة وإسرائيل وتكفيرهما، وكل الدول التي لا تطبق الشريعة.

وهناك عدد من المؤسسات الإعلامية على الإنترنت التي استخدمتها للتأثير على الرأي العام، مثل مؤسسة السحاب، ومؤسسة الفجر، والجبهة الإعلامية الإسلامية، وقد تراوح دور هذه المؤسسات بين الإنتاج والتوزيع ونشر الموضوعات الإعلامية.

ورأى الكاتبان أن هناك نوعين من التهديدات الإرهابية على الأنترنت: وهما إرهاب الأنترنت والذي يسعى لإلحاق الضرر بالأفراد والمؤسسات، والثاني: نشر الفيروسات.

وقد زاد عدد المواقع المستخدمة من قبل التنظيمات الإرهابية المختلفة على مستوى العالم من حوالي 12 موقع إلكتروني عام 1997 إلى حوالي 4500 في نهاية 2008.

ثم استعرض المرأة والإرهاب والتحاق النساء بتلك التنظيمات والاشتراك في عمليات عنف.

واعتقد الكاتبان أن الاستعمار الأجنبي سببا رئيسيا في وجود المنظمات الإرهابية وأعمال العنف، وضربا مثال بذلك تنظيم القاعدة والذي اعتبر نفسه المنقذ للعالم العربي والإسلامي من الاحتلال الأمريكي والإسرائيلي.

وختاما فإن العمليات الإرهابية لا تحقق التغيير السياسي المنشود منها، وضربا مثال” بحماس ” وقتلها لستين إسرائيليا، والذي أدى إلى غضب الرأي العام الإسرائيلي، وانتخاب بنيامين نتنياهو رئيسا للوزراء والذي تبنى إجراءات حالت دون عمليات السلام.

وفى دراسة ل James A. Lewis تحت عنوان: The Internet and Terrorism (13)

يرى الباحث أن الشبكات الإلكترونية تسمح للجهاديين بالحفاظ على وجودهم والتنسيق فيما بينهم حول العمليات التي ستنفذها. وشبكة الإنترنت هي واحدة من هذه الشبكات. وهو مورد حيوي للإرهاب العالمي.

ويعتقد الباحث أن الجماعات الإسلامية ليست الأولى في المنظمات الإرهابية في اللجوء للإنترنت، ولكنها تعلمت بسرعة قيمة التكنولوجيا الجديدة. وأصبحت باكستان مركزا أساسيا لمحترفي الإنترنت خاصة من جماعات عسكر طيبة الأصوليين.

ويرى أن الإنترنت وسيلة لتمكين الإرهاب العالمي: فهو أداة تنظيمية، ويوفر أساسا للتخطيط والقيادة والسيطرة والاتصالات بين الجماعات كما انه وسيلة لجمع المعلومات الاستخبارية، وتوفير الوصول إلى مجموعة واسعة من المواد عن الأهداف المحتملة، والوصول للخرائط عن طريق الصور الفوتوغرافية. وواحدة من استخداماته الأكثر قيمة هو الدعاية، ونقل الرسائل، والصور والأفكار التي تحفز الجماعات الإرهابية. ويمكن للمجموعات الإرهابية أن تستخدم المواقع والبريد الإلكتروني وغرف الدردشة لجمع التبرعات عن طريق جمع التبرعات من المؤيدين في غرفة دردشة واحدة، لكن في الحقيقة ورغم كل ذلك إلا أن الكاتب يرى أن الأسلحة الإلكترونية أقل فتكا وفعالية وأقل جاذبية من غيرها من الأسلحة الملموسة في الترسانة الإرهابية. فالإرهابي يسعى للعنف وسفك الدماء. قبل كل شيء، والإرهابيين يفضلون المتفجرات. لنتائجها السريعة السياسية والنفسية والمادية.فالهجمات الإلكترونية لن يكون لها تأثيرها الدرامي والسياسي الذي يلبي الحاجات النفسية للإرهابيين لارتكاب أعمال العنف.

ومع ذلك فهي مهمة حيث تستخدم المواقع الإرهابية الصور والرموز للتمكين من نشر رسالتهم. وهذه العروض هي فعالة في إثارة العواطف مؤيديها والمؤيدين المحتملين لها. كما ينشر صور ضحايا العالم الإسلامي، من الجرحى والقتلى الأبرياء المسلمين، وتدمير المنازل في القدس، فهم يصورون أنفسهم على أنهم المدافعين عن الإسلام الأصولي والقضية العربية.

وهناك المئات، وربما الآلاف، من المواقع التي تحتفظ بها الجماعات الإرهابية وأنصارهم. وتتراوح التقديرات ما بين 700 إلى 4000 موقع، هذه المواقع تلعب دورا أساسيا في خلق

حضور عالمي.

لذا فالحل كما يطرحه الكاتب وضع سياسات فعالة لمكافحة استخدام الإرهابيين للإنترنت وذلك يتطلب التركيز على شيئين: استغلال ميزة احتكار الوسائل الرسمية، والفوز في النقاش بدلا من محاولة قمعه.

وفى دراسة بعنوان Al Qaeda: Propaganda and Media Strategy ، الصادرة عن المركز الكندي لدراسات الأمن 14) )

تتعرض الدراسة إلى أن الإسلام طوال تاريخه يعاني من محاولات من قبل الأصوليين ” المتطرفين ” لفرض تفسيرهم الخاص للشريعة الإسلامية من خلال الجهاد المسلح. فنجد أن شعار “الحرب ضد الكفار” الذي يتبناه تنظيم القاعدة هو إحدى المحاولات الجديدة، ولكن التنظيم قد يفشل ما لم ينجح في كسب الدعم من الأمة الإسلامية. وهذا هو الهدف الرئيسي لاستراتيجية الدعاية والإعلام.

فيضع تنظيم القاعدة أهمية كبيرة على الفوز في معركة الأفكار، ويرى أن استراتيجيته الإعلامية حاسمة ومكملة لحملته الجهادية، فالجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية، وجهود قادتها ورؤساء الدعاية وأسامة بن لادن وأيمن الظواهري، كانت مبتكرة وبارعة في استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات في القرن ال 21 وتعظيم الأثر النفسي من أعمالها الإرهابية.

وقد وضعت مواد دعائية مثل أشرطة فيديو للتدريب التشغيلية وكلمات الحماسة التي تحتفل فيها بزوال الكفار. وستهدف ثلاثة أنواع من الجمهور: الخصم، المؤيدين والأمة الإسلامية.

وقد تم إنتاج الكميات المتزايدة من الأشرطة السمعية والبصرية منذ 11 سبتمبر من قبل شركة إنتاج تنظيم القاعدة، المعروفة باسم السحاب.

ويرى الكاتب أن الاسترخاء في السيطرة على هذه المواقع تعني أن هذه القنوات أصبحت أدوات في معركة عقول المسلمين. وأن البيئة الإعلامية في العالم العربي لا تزال متسامحة مع الإرهاب الإسلامي وربما تكون قد ساهمت في تزايده.

واستعرضت الورقة البحثية بعض الخطب وصور بن لادن والظواهري التي تم نشرها، وبثها في الإذاعة والتلفزيون، وزاد نشرها عبر شبكة الإنترنت باللغتين العربية والإنجليزية في الأشرطة السمعية والبصرية منذ عام 1998.

وتوصل الكاتب إلى أنه ينبغي توفير نظرة ثاقبة في اعتماد استراتيجيات فعالة لمكافحة الإرهاب، وهناك حاجة جادة إلى فهم أفضل لفكر تنظيم القاعدة. وليس هناك طريقة أفضل للفهم العدو من الاستماع إلى ما يقوله ثم مواجهته.

وفى دراسة بعنوان: الإعلام الجهادي للباحث حسين جمو: _ (15)

وفيها يعتقد الكاتب أن القيادة المركزية لتنظيم القاعدة، يعتبر بمثابة البوصلة التي تحدد مسارات معظم التنظيمات الجهادية، والبيانات الخاصة بها وذلك منذ إطلاق أول موقع على الأنترنت عام 2000 باسم معالم الجهاد.

وهذه السيطرة المركزية على ” الإعلام الجهادي ” أتاحت للقيادة العليا التحكم في مضمون ما يتم بثه إعلاميا، مما ممكن المراكز البحثية العربية والغربية من متابعة النشاط المعلن للقاعدة.

وقد كانت المنتديات على شبكة الإنترنت هي المنابر الأساسية لنشاط الجهاديين، وشكلت مجتمعا افتراضيا متكاملا لهم، لكن تراجع دورها مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر، حيث ضعف الإقبال على المنتديات.

وقد صنف الكاتب المواقع التابعة للتنظيم إلى:

1-مواقع متخصصة في الإنتاج: مثل ” الفجر للإعلام ”

2-مواقع متخصصة في التوزيع: مثل شموخ الإسلام.

3-مواقع متخصصة في نشر الموضوعات: مثل أنا المسلم، الإعلام الجهادي.

ثم تحول للحديث عن الإعلام الجهادي في سوريا والذي ظهر بعد الثورة السورية، والتي كان أحد أطرافها جبهة النصرة والدولة الإسلامية.

ثم تحدث عن الخلافات بين تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية، والتي تحولت إلى معارك كلامية على مواقع الإنترنت.

وتتمثل استفادة الباحث من هذا الاتجاه في التعرف على جذور القوة الإلكترونية لتنظيم القاعدة، وأسباب تحوله للإنترنت، وأهم المواقع التابعة له.

وتحاول الباحثة في هذه الدراسة الاستفادة من كل الاتجاهات السابقة، والتركيز على تنظيم القاعدة كدراسة حالة، ودراسة أدوات وعناصر القوة الإلكترونية لتنظيم القاعدة، وبيان حدود قوته الإلكترونية من خلال دراسة وتحليل مدى قدرته على توظيفها للتأثير في السياسة العالمية، والقيود المفروضة عليها سواء كانت داخلية تتعلق بالتنظيم أو خارجية كاستراتيجيات الدول للحد من قوته الإلكترونية.

خامساً: الإطار المفاهيمى:

هناك عدد من المفاهيم المحورية في الدراسة هي:

الفاعلون من غير الدول

الفاعل: في اللغة العربية: مشتق من الفعل “فعلَ” وهو من قام بالفعل أو أوجده. ( 16)

الفاعلون من غير الدول في اللغة الإنجليزية: يعرفه قاموس أكسفورد على أنه: الفرد أو المنظمة التي لها نفوذ سياسي كبير ولكن لا تتحالف مع أي بلد أو دولة معينة. (17 )

– اصطلاحا:

يعرف الفاعلون من غير الدول Non-state actors) ) على أنهم: ” كيانات تنازع الدولة في احتكارها للفعل السياسي. وتتوافر فيها السمات التالية:

* كيان منظم يمتلك هيكلية قيادية، ويتمتع باستقلالية عن الدولة التي ينتمي لها جغرافيًّا، ويعبِّر عن أو يمثل جماعة معينة إثنية أو طائفية أو أيديولوجية، ويمتلك أهدافًا سياسية بعينها، ويمتلك من القوة ما يمكِّنه من تحقيق هذه الأهداف، ومن ثم يستطيع أن يؤثر على سياسة الدولة. هذا ويتم تقسيم الفاعلين من غير الدول وفق معيارين: نطاق العمل: محلي أو دولي، والتسليح: مسلَّح أم غير مسلَّح ” (18 )

– ” هي منظمات تتميز بمجوعة من السمات:كيان منظم يمتلك هيكل للقيادة، يحظى بقدر كبير من الاستقلالية عن سيادة الدولة، يمثل ويعبر عن جماعة معينة إثنية أو هويّاتية أو أيديولوجية، له أهداف سياسية معينة يسعى لتحقيقها؛ يملك القوة (صلبة أو ناعمة) التي تؤهله لتحقيق هذه الأهداف؛ ومن ثم هو يؤثر على سياسة الدولة، وقد يمتد للتأثير على السياسة الدولية نفسها ويتم تقسيمهم وفقا لعدة معايير أهمها:

التسليح: وعلى أساسه ينقسم الفاعلين من غير الدول إلى: فاعلين من غير الدول عنيفينVNSAs  أو مسلحين ANSAs . وفاعلين من غير الدول سلميين أو غير مسلحين.

نطاق الفعل: وعلى أساسه ينقسم الفاعلين من غير الدول إلى: فاعلين محليين؛ أي أن نطاق عملهم لا يمتد خارج الدولة. وفاعلين دوليين؛ أي أن نطاق عملهم يمتد إلى خارج الدولة. ” (19 )

-ويعرفهم البعض على أنهم ” شخص أو منظمة تلعب دورا في سياسة الدولة، وتتلقى الحد الأدنى من التوجيه من الدولة، وقد تكون “مجموعات إرهابية، مجموعات شبه العسكرية. منظمات الإجرامية، منظمات غير الحكومية، الشركات المتعددة الجنسيات، قطاع الأعمال الخاص (20 )أو فاعلين سياسيين منظمين، ليس لهم علاقة مباشرة بالدولة ولكن لديها أهدافها التي تؤثر على مصالح الدولة”. (21 )

ويعرفهم ويليام دالاس وديفنى جوزلين على أنهم ” منظمات مستقلة بصورة كبيرة أو كلية عن تمويل الحكومة المركزية، وسيطرتها، وعن اقتصاد السوق والدوافع السياسية المرتبطة بتوجيه الدولة، وتعمل في شبكات خارج حدود الدولة التي ينتمي إليها بحكم النشأة، ومن ثم فهي طرف في علاقات متعدية الحدود، تربط بين نظم سياسية واقتصادية ومجتمعات متنوعة، وتعمل بطريقة تؤثر على المخرج السياسي، سواء في دولة ما، أو في منظمة دولية سواء كبعد لنشاطها أو كغاية رئيسية لها ” ( 22)

وتعرفهم الباحثة إيمان رجب على أنهم” الجماعات أو المنظمات التي تتمتع بعدد من السمات، وتتمثل في: الاستقلال التام أو بدرجة كبيرة عن تمويل الحكومة المركزية التي تعمل على أرضها، وامتلاك موارد خاصة بها، ولها هوية متميزة، ولها سياسة خارجية مستقلة عن سياسات الدولة التي تنتمي إليها، سواء عن قصد أو غير قصد، وسواء كان ذلك غاية للمنظمة أو أحد أبعاد أنشطته ” (23) وهو التعريف الذي تتبناه الدراسة

ب -بينما التعريف الاصطلاحي للفاعلين العنيفين من غير الدول:

– الجماعات أو التنظيمات التي تلجأ إلى استخدام أدوات العنف المادي والنفسي بطريقة جماعية، من أجل تحقيق غايات معينة، ولا تنتمي لأجهزة الدولة الرسمية (24 )

– يشير إلى أي المنظمات أو الجماعات المسلحة التي تتبنى العنف غير الشرعي لتحقيق أهدافها، وبالتالي تتحدي احتكار العنف للدولة. (25 )

هي الجماعات المسلحة من الفاعلين من غير الدول التي لا تتمتع بالشرعية، وتخل بنظام الأمن،  وتثير اضطرابات سياسية،  وصراعات عنيفة .  وأنواعها هي و : المجرمون،  والمرتزقة،  والمتمردون والإرهابيون،  وأمراء الحرب .  وهو التعريف الذي تتبناه الدراسة (26 )

ج-تعريف القوة الإلكترونية:

يعرفها دانيال كويل على أنها ” القدرة على استخدام الإنترنت لخلق مزايا والتأثير على الأحداث في البيئات التشغيلية كافة من خلال أدوات القوة ” (27 )

بينما تتبنى الدراسة تعريف جوزيف ناي: القوة الإلكترونية هي القوة التي تعتمد على مصادر المعلومات والسيطرة على الأنشطة الإلكترونية والحواسيب والبنية التحتية المعلوماتية ذات الصلة بالفضاء الإلكتروني ( 28)”

أو ” القدرة على الحصول على النتائج المرجوة، من خلال استخدام مصادر المعلومات المرتبطة إلكترونيا بالميدان المعلوماتي. (29 )

د-التعريف الاصطلاحي للفضاء الإلكتروني cyper space :

– أول من استخدم مفهوم الفضاء الإلكتروني كان ويليام جبسون عام 1984 وكان يقصد به:

” شبكات الكمبيوتر والاتصالات الإلكترونية، وهي عبارة عن شبكات كمبيوتر خيالية تحتوي على كم هائل من المعلومات التي يمكن الحصول عليها لتحقيق الثروة والسلطة “.

عرفته وزارة الداخلية الألمانية في وثيقة الاستراتيجية الألمانية لأمن مجال الفضاء الإلكتروني بأنه:” المجال الافتراضي لجميع أنظمة المعلومات المتصلة فيما بينها على مستوى دولي، والأنترنت هي الأساس لمجال الفضاء الإلكتروني وتتصل بها شبكات معلومات أخرى”(30 )

– الفضاء الإلكتروني هو” مجال عالمي يضم بيئة المعلومات التي تم تأطيرها عن طريق استخدام الإلكترونيات والطيف الكهرومغناطيسي لإنشاء وتخزين وتعديل و، واستغلال المعلومات عبر شبكات مترابطة ومتداخلة باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات “. (31 )

– عرفه البيت الأبيض على أنه: الأنشطة المعتمدة والمرتبطة بالبنية التحتية لشبكات تكنولوجيا المعلومات “. (32 )

أو يمكن تعريفه على أنه:

“تلك البيئة الافتراضية التي تعمل بها المعلومات الإلكترونية، والتي تتصل عن طريق شبكات الكمبيوتر”

“المجال الذي يتميز باستخدام الإلكترونيات والمجال الكهرومغناطيسي لتخزين وتعديل أو تغيير البيانات، عن طريق النظم المتصلة والمرتبطة بالبنية التحتية الطبيعية”. ومن ثم، فإنه يشمل عملية الاندماج ما بين الإنترنت والمحمول وأجهزة الاتصالات والأقمار الصناعية.” (33 )

• والتر شارب، في كتابه الفضاء الإلكتروني واستخدام القوة: يرى أن الفضاء الإلكتروني هو ” البيئة التي نشأت نتيجة التقاء الشبكات التعاونية من أجهزة الكمبيوتر، ونظم المعلومات، والبنية التحتية للاتصالات ويمكن اختزاله في لإنترنت “World Wide Web “، وهو التعريف تتبناه الدراسة، حيث ستركز على توظيف تنظيم القاعدة لمواقع الإنترنت بالأساس.

سادساً: الإطار المنهجي:

اقتراب المجتمع العالمي:

” اتجه هذا الاقتراب إلى التخلي عن التعريف القانوني في تحديد وحدات السياسة الخارجية، فعرف تلك الوحدات وفقاً للصفة السلوكية، والتي أطلق عليها” الاستقلال “، وهو ما يقصد به القدرة على صياغة وتطبيق برنامج عمل يقوم على التأثير في مجرى العلاقات الدولية، وذلك في إطار تنظيمي معين. وقد ارتبط به عدد من الاقترابات، مثل المجتمع عبر القومي، والنظام العالمي، والحكم العالمي، والتي كانت بمثابة إدراكاً لبروز الفواعل عبر القومية، لدرجة تتطلب التحول من مفهوم الحكومة إلى مفهوم الحكم، كنتيجة لانتشار القوة في النظام الدولي.

يتم التركيز في هذا الإطار على اقتراب الحكم العالمي، والذي يتميز بتحليل الواقع الفعلي، فيما يتعلق بتزايد دور الفاعلين من غير الدول وانغماسهم في السياسة العالمية، في الوقت الذي لا ينكر فيه دور الدولة، وإن كان متراجعاً. فالحكم العالمي وفقاً لهذا الاقتراب، هو نتاج للشبكة غير الهيراركية من المنظمات الدولية الحكومية، والمنظمات غير الحكومية، بالإضافة للأنظمة عبر القومية، والتي تنظم سلوك الفاعلين في القضايا العابرة للقوميات.

وفى إطار ذلك، يلاحظ أن العولمة كانت القوة الدافعة لبروز مفهوم الحكم العالمي ليحل محل الحكم الدولي، الذي كان يسيطر على السياسة الدولية منذ عام 1945. والذي فشل في مواجهة ثلاثة تحديات رئيسية شهدتها البيئة الدولية، وهي:

1-ثورة التكنولوجيا، خاصة في مجال المعلومات والاتصالات، والتي مكنت الأفراد، والفاعلين العابرين للقومية في مجال السياسة العالمية.

2-العولمة، وما نتج عنها من تحول في طبيعة العلاقات بين مجموع الفاعلين

3-نهاية الحرب الباردة، واتساع مجال العمل والحركة أمام الفاعلين.

وبالرغم من اختلاف هذه التحديات من حيث الطبيعة، فإنها أسهمت معاً في بروز مشكلات، وتحديد مهام جديدة للحكم، فضلا عن ميلاد جيل جديد من الفاعلين العابرين للقومية أكثر تطوراً وتنظيماً مقارنة بالجيل الأول، وهو ما فرض على هذا الاقتراب، مناقشة وتحليل أفضل الطرق التي تحكم بها مجتمعات ما بعد الحداثة، خاصة فيما يتعلق بإعادة تسكين، أو نقل السياسة من الدولة إلى الفاعلين والمنظمات العابرة للقومية، وكذلك مدى قدرة تلك الفواعل على القيام بدور فعال فيما يتعلق بالقضايا العالمية، في إطار هذا الحكم العالمي، حيث تعد وفقا لهذا الاقتراب أحد المتغيرات الداخلية لهذا الحكم. ( 34)

وسوف يتم توظيف هذا الاقتراب في تحليل استخدام الفاعلين العنيفين من غير الدول للقوة الإلكترونية، على النحو التالي:

أ-تناول الفاعلين من غير الدول وأنماط تأثيرهم في السياسة العالمية، مع التطبيق على الفاعلين العنيفين من غير الدول.

ب-التعرض لأهم التحولات في أبعاد مفهوم القوة، وتأثير الثورة التكنولوجية والمعلوماتية على ظهور القوة الإلكترونية، وانتشار القوة، على المستويين الداخلي والخارجي، لتشمل الفاعلين من غير الدول، بعد أن كانت حكراً على الدولة القومية

ج – تناول كيفية استخدام الفاعلين العنيفين من غير الدول للقوة الإلكترونية للتأثير في السياسة العالمية، وكيفية مواجهة الحكومات ذلك.

سابعا: تقسيم الدراسة:

الفصل الأول: الأبعاد النظرية لدراسة الفاعلين من غير الدول:

المبحث الأول: الفاعلون من غير الدول في السياسة العالمية: الفاعلون العنيفون نموذجاً

المبحث الثاني: القوة الإلكترونية والتحول في أبعاد القوة

الفصل الثاني: تنظيم القاعدة كنموذج للفاعلين العنيفين من غير الدول

المبحث الأول: تنظيم القاعدة: النشأة والأهداف

المبحث الثاني: محددات البيئة الإقليمية والدولية

الفصل الثالث: استخدام تنظيم القاعدة للقوة الإلكترونية ” الأبعاد _ الآليات _ الحدود ”

المبحث الأول: جذور وأدوات استخدام تنظيم القاعدة للقوة الإلكترونية

المبحث الثاني: حدود القوة الإلكترونية لتنظيم القاعدة ” الفرص والتحديات ”

– الخاتمة

—————————————–

1 ) إيمان رجب، “تأثير الهوية على سلوك الفاعلين من غير الدول فى المنطقة العربية: دراسة حالتى حزب الله وحركة حماس”، رسالة ماجستير (جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2014)، ص ص ا: 36.

2) Philip Seib ، “The AlQaeda media machine” ، Military Review ، (May-June 2008) ، p. 79.

3 ) عادل عبدالصادق ” أثر الإرهاب الالكترونى على مبدأ استخدام القوة فى العلاقات الدولية (2001: 2007)، رسالة ماجستير، (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2009)، ص 4.

4) نوران شفيق، “الفضاء الإلكترونى وأنماط التفاعلات الدولية”، رسالة ماجستير (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2014)، ص ص 40: 42.

5 ) إيمان رجب، “تأثير الهوية على سلوك الفاعلين من غير الدول فى المنطقة العربية: دراسة حالتى حزب الله وحركة حماس”، رسالة دكتوراة (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2014).

6 ) إيمان رجب، “القوة المنافسة: مداخل تحليل الفاعلين العنيفين من غير الدول في المراحل الانتقالية “، السياسة الدولية، العدد 189، (يوليو 2012).

7) MAI WILLIAM and Mai Troy ، ” Violent Non-State Actors: Countering Dynamic Systems ” ، strategic insights ، Volume III ، Issue 3 ، (March 2004).

8) (Phil Williams ، Violent non-state Actors and National and international security ، (Swiss Federal Institute of Technology Zurich ، 2008).

9) Josef Nye ، cyber power ، (Cambridge: Belfer Center for Science and International Affairs ، 2010) .

10) عادل عبد الصادق، ” القوة الإلكترونية: أسلحة الانتشار الشامل في عصر الفضاء الإلكتروني، السياسة الدولية، العدد 188،(أبريل 2012).

11) (سعاد محمود، “دورة القوة: ديناميكيات الانتقال من ” الصلبة ” إلى الناعمة إلى ” الافتراضية “، السياسة الدولية ملحق اتجاهات نظرية، العدد 188، (أبريل 2012) .

12) (Philip Seib and Dana M. Janbek ، Global Terrorism and New Media: The post-Al Qaeda generation ، (New York: Routledge ، 2011).

13) James A. Lewis ، The Internet and Terrorism ، (Center for Strategic and International Studies ، april 2005).

14) (Al Qaeda: Propaganda and Media Strategy ، (the Canadian Centre for Intelligence and Security Studies ، volum 2 ، 2007).

15) حسين جمو، الاعلام الجهادى، (مركز دراسات الجمهورية الديمقراطية، 2014).

16) غريب محمد، “الفاعل اللغوى والفاعل الإصطلاحى “، موقع أهل الحديث، متاح على: http://www.ahlalhdeeth.com

17) ” non-state actor” ، available at: www.oxforddictionaries.com

18) طارق عثمان،” مفارقات داعش: الآمال السياسية التى خابت “،(مركز الجزيرة للدراسات، نوفمبر 2014)، متاح على: http://studies.aljazeera.net

19 ) ” عصف مأكول وجرف صامد: في الدلالات السياسية لجولة جديدة بين إسرائيل وحماس “، (مركز نماء للبحوث والدراسات، يوليو 2014)، متاح على: http://www.nama-center.com

20) ” Operational Definitions ” ، available at: https://nonstateactorsafrica.com

21) Wendy Pearlman ، “Nonstate Actors ، Fragmentation ، and Conflict Processes” ، sage Journals ، available at: http://jcr.sagepub.com/

22) إيمان رجب،” تأثير الهوية على سلوك الفاعلين من غير الدول فى المنطقة العربية: دراسة حالتى حزب الله وحماس “، مرجع سابق. ص 12.

23 ) إيمان رجب، ” اللاعبون الجدد: أنماط وأدوار الفاعلين من غير الدول فى المنطقة العربية “، السياسة الدولية، العدد 187، (2012)، متاح على:http://digital.ahram.org.eg/

24) إيمان رجب، القوة المنافسة: مداخل تحليل الفاعلين العنيفين من غير الدول في المراحل الانتقالية،مرجع سابق، متا ح على:http://digital.ahram.org.eg /

25 ) The violent non stste actors ، available at: https://www.academia.edu

26) رضوى عمار، ” جدل العلاقة بين الفاعلين المسلحين من غير الدول واستقرار الدولة “، السياسة الدولية، 2013، متاح على:http://www.siyassa.org.eg/NewsQ/3441.aspx

27) إيهاب خليفة، ” استخدام القوة فى إدارة التفاعلات الدولية: الولايات المتحدة نموذجا خلال الفترة من 2001: 2012 “، رسالة ماجستير (جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2015 “، ص 50.

28) Josef. S Nye ، cyper power ، op.cit ، p 3.

29) سعاد محمود، دورة القوة: ديناميكيات الانتقال من ” الصلبة ” إلى الناعمة إلى ” الافتراضية “، مرجع سابق، ص 16 .

30 ) عادل عبدالصادق، ” أثر الفضاء الالكترونى فى تغير طبيعة العلاقات الدولية: دراسة فى النظرية والتطبيق “، مرجع سابق، ص 34، 35.

31) Michael Benedikt ، ” Introduction to Cyberspace ” ، MIT Press ، 1991.

32 ) …. ، The national strategy to secure cyber space ” ، The White house Washington ، feb 2003.

33 ) عادل عبد الصادق،” القوة الإلكترونية: أسلحة الانتشار الشامل في عصر الفضاء الإلكتروني “، مرجع سابق، متاح على: digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=887225 .

34) سعاد محمود، عدم التماثل: الأطر النظرية المفسرة لدور الفاعلين العابرين للقومية، مرجع سابق، ص 7-8.

المصدر

استخدام القوة الإلكترونية فى التفاعلات الدولية

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button