المكتبة السياسيةدراسات أوروبية-أورومتوسطيةكتبنظرية العلاقات الدولية

كتاب استعادة روسيا مكانة القطب الدولي – أزمة الفترة الإنتقالية


تأليف عاطف معتمد عبد الحميد

يمهد المؤلف، د. عاطف معتمد عبد الحميد، لأبحاث كتابه بإدراج تمهيد يوجز من خلاله لبنة من التصورات والتحليلات التي تبقي الأمل باستعادة روسيا مكانة القطب الدولي في الأولويات عند القادة الروس، بل الشغل الشاغل لأرباب الحكم في روسيا القرن الواحد والعشرين، وذلك بعد سلسلة من الخيبات والهزائم لها في أفغانستان وحرب الشيشان الأولى. ويطرح المؤلف في هذا الشأن تصورات حلول متنوعة، ولكن دونها محاذير يفرضها الوضع الراهن البالغ في تعقيداته. ويتعرض في هذا السياق لــ «زمن تجميع الحجارة» للأساس الجغرافي للدولة الروسية عبر دراسة المسار التاريخي لصعود روسيا إلى القطبية الدولية. ويبحث.. في الفصل الثاني قضية «العودة إلى ساحة المعارك» في مكانة الجيش الروسي ومحاولات إصلاحه، سعيا إلى تعزيز مكانة روسيا في سوق السلاح، واستخدامها لأنابيب الغاز كوسيلة للتحكم في أمن الطاقة في مناطق نفوذها السابقة. وجاء الفصل الثالث في الكتاب تحت عنوان (مناورات الحديقة الخلفية)، حيث يعالج فيه المؤلف حيثية التنافس الروسي الأميركي على العالم العربي، لافتا إلى أن الوضع الملتبس الذي عرفته روسيا بعيد تفكك الاتحاد السوفييتي في عام ‬1991، وما تبع ذلك من تشويش وخلط للأوراق، أوحيا بأن روسيا قد انتهت بالضربة القاضية، ولا أمل في رجوعها، وأنها لم تعد تتجاوز مكانة دولة عادية، من دول العالم الثالث أو في أحسن الأحوال دولة ذات نفوذ إقليمي تعاكس القطب الأميركي الأوحد. وقد تم التعاطي مع هذا التخمين وفقا لتوصيفات عديدة، فقد عرفت «كدولة عادية» منشغلة «بترتيب بيتها من الداخل»، وهي تجهد لمواجهة القوى التي استنفرت قواها لخلخلة البناء الفيدرالي، وإلحاق التصدع بأساساته. وكان ذلك في الفترة الممتدة من‬1992 وحتى ‬1996. ثم شاع لاحقا تصنيفها «كدولة إقليمية» تتمتع بنفوذ عسكري ودبلوماسي واقتصادي واسع. ومع مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدت روسيا «دولة ممانعة «عندما وقفت ضد غزو أميركا للعراق في ‬2003. كما عرفت باسم «روسيا بوتين»، باستعادتها هيبتها الداخلية وعودتها إلى ساحة المنافسة الداخلية. وعلى الرغم من الانتكاسات التي شهدتها روسيا عبر تاريخها، فان إمكانية النهوض واستعادة زمام المبادرة يلوح بريقهما بقوة. فروسيا ما زالت من كبريات الدول مساحة، وهي تحتل المرتبة الثامنة في قائمة اكبر دول العالم سكانا. والأغنى بمواردها الطبيعية والبيئية، وهي تتمتع برصيد متين من البنية الأساسية للقوة البشرية، وتمتلك المقوم الروحي لأية دولة تتطلع إلى السيادة العالمية. فهي تعد معقلا للمذهب الأرثوذكسي، إذ إن الكنيسة الروسية تمثل أحد أهم المراكز الدينية في العالم المسيحي، حتى أن موسكو تعتبر نفسها روما الثالثة بعد روما والقسطنطينية.

ويرى عبد الحميد أن نجاح روسيا في لعب دورها الجديد منوط بقدرتها على تجاوز عدد من الأخطاء، وأهمها: التوقف عن ممارسة وسائل الامبريالية القديمة القائمة على المناورات الخشنة التي صارت دول الجوار على دراية بها، سهولة استدراك روسيا لسباق التسلح وهي على دراية بأنها لا تملك القدرات المتوفرة لأعدائها، التمسك بمنهج «الديكتاتورية البيروقراطية» منهجا للحكم لأنها ستتيح الفرصة لعديد من الجمهوريات إلى التصويت على الانفصال.

ويوضح عبد الحميد أن مقدار التقدم الروسي نحو مكانة القطب الدولي في سوق السلاح، يتوقف على عدة عوامل، ويأتي في مقدمها تكًيف مصانع الأسلحة الروسية مع متغيرات سوق السلاح. وهذا ما لم تفطن إليه روسيا بعد أحداث ‬11 سبتمبر فتراجعت نسبة تصدير السلاح حتى إلى الدول المحسوبة عليها. ولا يقلل المؤلف من قدرة موسكو على الاستفادة من انخفاض أجور الأيدي العاملة في مجال التصنيع العسكري، مقارنة بالدول الأوروبية وأميركا. وهذا ما يتيح لها مزيدا من الصفقات المنخفضة التكاليف بالنسبة لدول العالم الثالث. وحتى لا تكون هذه الخطوة ناقصة، يربط المؤلف قدرة روسيا على تحسين سمعتها في سوق السلاح، بتحقيق ما يعرف باسم (خدمة ما بعد البيع )، والمتضمنة تقديم قطع الغيار والصيانة. ويعول هنا على الخطوات الحثيثة الواجب اتخاذها من قبل رجال الدولة في روسيا، مستفيدين من سلطة الإعلام، للترويج لقدرات روسيا العسكرية، والعمل لاحقا على تحسين سمعتها الدولية في مجال الحوادث العسكرية، وهذا الأمر يحتم عليها، كما يزعم الكاتب، التخلص من عديد الآليات العسكرية القديمة التي لا تزال روسيا تعتمد عليها منذ العهد السوفييتي.

الكتاب: استعادة روسيا مكانة القطب الدولي أزمة الفترة الانتقالية

تأليف: د. عاطف معتمد عبد الحميد

الناشر: الدار العربية للعلوم ومركز الجزيرة للدراسات بيروت ‬2009

الصفحات: ‬143 صفحة

 

تحميل الكتاب

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى