دراسات سياسيةنظرية العلاقات الدولية

الآيديولوجية الماركسية وتأثيرها على نظرة النظام السياسي للعلاقات الدولية

لكل نظام سياسي آيديولوجية  معينة يسير وفقها والنظام السياسي السوفيتي قام على أساس  الآيديولوجية الماركسية  في هذا المبحث سوف نتناول الأسس التي قام عليها النظام السوفيتي  و دراسة تحليلية  للستالينية  كأيديولوجية وكنظام حكم.

 معنى النظام السياسي وخصائصه

النظام السياسي مجموعة عناصر مهمتها الإبقاء على المجتمع من حيث هو كيان حي قائم بذاته، تديره سلطة سياسية . وهو واحد من أنظمة المجتمع الاخرى، كالنظام الإقتصادي والنظام القانوني والنظام الثقافي .

والعناصر التي يتالف منها النظام السياسي هي التنظيمات السياسية ، والقواعد السياسية  والعلاقات السياسية والوعي السياسي . ويؤثر كل من هذه العناصر مع الآخر ويعتمد عليه ،  وتفاعل هذه العناصر هو الذي يجعل منها نظاما لامجرد عدد من الأشياء تجمعها المصادفة ولاتصل بعضها ببعض أية علائق. وفي الوقت نفسه ، يؤلف كل عنصر من هذه العناصر نظاما فرعيا من النظام السياسي . كما يمكن أن تعد من عناصر النظام السياسي  مؤسسات الحياة الإجتماعية والجماعات والقواعد والوظائف والأدوار التي تتفاعل والإدارة السياسية تفاعلا وثيقا (3)

ويعرف ابراهيم درويش النظام السياسي بأنه مجموعة الأنماط المتداخلة والمتشابكة والمتعلقة بعمليات صنع القرارات والتي تترجم أهداف وخلافات ومنازعات المجتمع من خلال الجسم العقائدي الذي اضفى صفة الشرعية على القوة السياسية فحوّلها الى سلطات مقبولة من الجماعة السياسية تمثلت في المؤسسات السياسية(4). ومن الكتاب الامريكيين يعرفه داهل بأنه نمط دائم من العلاقات الإسانية , ينطوي , إلى حد مهم , على قوة أو حكم او سلطة (5 ) أما موريس دوفرجيه ،  فقد عرف النظام السياسي بانه حكم وتنسيق (6).

ويعرفه الموند كولمن بأنه النظام الذي يتضمن التفاعلات المتواجدة في المجتمع المستقل والتي يقدم (المجتمع ) من خلالها الوظائف المتعلقة بالتكامل والتكيف (داخله وخارجه) بواسطة استخدام القوة الشرعية اوالتهديد باستخدامها (7). ويرى شمران حمادي ان تعريف دوفرجيه لايخصص ذاتية موضوع النظام سياسيا عند القول بأن النظام السياسي (هو مجموع الحلول اللازمة لمواجهة المشاكل التي يثيرها قيام الهيئات الحاكمة وتنظيمها في هيئة اجتماعية معينة) .

  ويعرف النظام السياسي بأنه مجموعة الحلول اللازمة لمواجهة المشاكل السياسية التي يثيرها قيام الهيئات الحاكمة وتنظيمها في هيئة اجتماعية معينة (8) ويشخص الباحثان صالح جواد الكاظم وعلي غالب العاني بعض السمات  المميزة التي تميز النظام السياسي عن أنظمة المجتمع الأخرى وهي : ــ

 1 – إنّ النظام السياسي يتمتع باعلوية وهذا يعود الى امتلاكه السلطة العليا في المجتمع , وبذلك تلزم قراراته المجتمع كله ، كما تلزم انظمته الاخرى.

2 – إن النظام السياسي يتمتع باستقلال نسبي ، اذ تحكم العلاقات الواقعة ضمنه قواعد خاصة، قانونية وسياسية .

3- إنّ تأثير النظام السياسي في المجتمع كله أكثر فاعلية من تأثير أيّ نظام آخر. ومصدر هذا التأثير امتلاك النظام السياسي السلطة العليا ومن ثم القدرة على تنظيم طاقات المجتمع .

4 – إن النظام السياسي يتفاعل مع الأنظمة الأخرى في المجتمع، ومع ممارسته السلطة العليا فيه. ولاتعني هذه السلطة بذاتها انفصال النظام السياسي عن البيئة الإقتصادية – الإجتماعية التي يتحرك فيها , ذلك انه في المال الأخير وليدها , فهي اساسه وهو البناء الذي يقوم عليها (9) . وقد استخدمت معايير عديدة  لتحديد طبيعة الأنظمة السياسية ، منها المعيار الذي يحدد طبيعة النظام السياسي على أساس عدد الأحزاب المشاركة فيه. وبقدر مايتعلق بالنظام السياسي  السوفيتي فقد سميّ بنظام الحزب الواحد . إن المقصود بنظام الحزب الواحد هو ان يكون الحزب مسؤولا عن كل النشاطات السياسية في المجتمع وهذا التصور لم يولد بشكل اعتباطي وإنما جاء كنتيجة لتفكير الحزب .

حسب النظرية الماركسية الثورة يجب ان تكون من صنع البروليتاريا, وإن الثورة يجب ان تكون بواسطة حزب البروليتاريا. وحزب البروليتاريا يتالف من الثوريين الذين ينظمون الجماهير.  فالثوريون هم الطليعة الطبقية الواعية للهدف والوسائل الموصلة للهدف .  فالدور الموجه للثورين انعكس حسب متطلبات  الظرف السياسي (عام 1917 عند الثورة ) في الإتحاد مع الفلاحين  والمثقفين والبرجوازيين الصغار. بالنسبة الى لينين فدوْر الحزب هو  شرط أساسي لقيادة الثورة, والطبقة العاملة  حسب اعتقاده  لاتمتلك الوعي السياسي الطبقي  إلا من خلال الحزب  الذي يسلحها بالنظرية الثورية فتتحول من طبقة في ذاتها الى طبقة لذاتها، أي أن يتبلور وعيها الطبقي فتصبح قادرة على النهوض بدورها التأريخي النضالي  حتى النفس الاخير.  حسب لينين  فقط الحزب المسلح بالنظرية الماركسية اللينينية للطليعة يستطيع باقتدار

إعطاء الحل العادل للمشاكل . وفي كلّ مؤتمرات الحزب الشيوعي السوفيتي يجري التاكيد على دور الحزب الطليعي  في القول بأن للحزب الدور الايديولوجي والدور القيادي في كل المجالات المتعلقة بنشاطات المجتمع السوفيتي  والذي يتلخص في  قيادة المجتمع والدولة (10)

وقد عرف الدستور السوفيتي في المادة 126 الدور القيادي للحزب عندما ذكر بأن الحزب هو النواة القائدة لكل المنظمات العمالية والإجتماعية ومنظمات الدولة . أي أن الحزب هو الموجه لكل نشاطات الدولة . وكل مؤسسات الدولة تتبع الحزب  وليس هناك اي سؤال سياسي او تنظيمي يتعلق بمؤسسات الدولة يمكن أن يقرر ويحل بدون التوجيهات المعطاة من قبل اللجنة المركزية للحزب(11).

ويفسر بعض الباحثين أن وجود الحزب الواحد  يعود إلى  خلفية نظرية  تتلخص  في أن الماركسية ترى أن الأحزاب تمثل طبقات اجتماعية مختلفة . ومن ثم فهي تتبنى مصالح مختلفة وآيديولوجيات متباينة. وعليه ينشأ تعدد الأحزاب واختلافها نتيجة تعدد الطبقات واختلافها،  فإذا أزيل التعدد والإختلاف الطبقي  أي اذا أُزيل المجتمع الطبقي نفسه زالت الحاجة إلى تعدد الأحزاب.  وإذا أصبح المجتمع طبقة واحدة , انتفت الحاجة لوجود أكثر من حزب يمثل هذه الطبقة أوالمجتمع. ولمّا كانت الطبقات الإستغلالية قد قضى عليها، وبقيت طبقة واحدة مكوّنة من العمال والفلاحين والمثقفين، انتفت الحاجة إلى تعدد الأحزاب، ويبقى الحزب الواحد هو طليعة هذه الطبقة اوالمجتمع.  وعلى أساس هذه التفسيرات جرى التوصل الى بعض الإستنتاجات وهو أن وجود حزب وحيد هو شرط لبناء الإشتراكية، وأن الحزب الشيوعي لابدّ أن يمارس ماسمّي بدكتاتورية البروليتاريا ضد بقايا الطبقات السابقة وتاثيراتها السلبية،  والثورة الإشتراكية تعني حتما تقييد الحقوق السياسية لهذه الطبقات بما فيها حرية ممارسة الحياة الحزبية وحق الإنتخاب والترشيح(12). في حين أن الأدبيات السوفيتية والوقائع التأريخية تؤكد أن وجود الحزب الواحد يعود لظروف تأريخية محددة وليس لموقف نظري معين. كما أن البعض قد عزى وجود الحزب الواحد في الإتحاد السوفيتي إلى الخوف من ارتداد النظام السياسي للنظام الرأسمالي  والخوف من عدوى الثقافة البرجوازية. ويرى هؤلاء أن الخوف غير مبرر بعد أن قطعت مسيرة الإشتراكية حقبة طويلة وتوطدت أركان النظام  الإشتراكي . والجدير بالذكر أن دستور عام 1936 هو أول دستور سوفياتي يؤكد وحدانية الحزب ودوره الشمولي . وجاء  الدستور الرابع عام 1977 ليعبر تعبيرا صريحا في المادة (6) منه عن الدور الشمولي الذي يؤديه الحزب. فهو بموجب هذه المادة ، ليس مجرد الطليعة والقائد لجميع المنظمات،  كما وصفه دستور عام 1936 ، بل القوة القائدة والموجهة للمجتمع السوفيتي ونواة نظامه السياسي ومؤسسات الدولة، وهو الذي يحدد الأفق العام لتطور المجتمع وخط السياسة الداخلية والخارجية معا(13) . والنظام السياسي السوفيتي  منذ عام 1922 قام على أساس اتحاديّ فدراليّ، ففي المؤتمرالأول لسوفيتات عموم الإتحاد أقرّ تأسيس ( اتحاد الجمهوريات الإشتراكية السوفيتية ) حيث انتخب لينين رئيسا له (14).

وفي تموز من نفس العام تم توقيع معاهدة انشاء الجمهوريات السوفيتية الإشتراكية بين اربع دول هي ( جمهورية روسيا السوفيتية الإشتراكية وروسيا البيضاء ، اوكراينا ، اتحاد جمهوريات القوقاز  وفي سنة 1924انضمت اوزبكستان .  وقد ازداد عدد الجمهوريات الإتحادية بعد انضمام طاجيكستان عام 1929 والتي كانت جمهورية ذات حكم ذاتي ضمن جمهورية اوزبكستان الإتحادية , وانضمام كازاخستان عام 1936بعد أن كانت جمهورية ذات حكم ذاتي منذ عام 1921 وكذلك انضمام قرغيزيا عام 1936ايضا والتي كانت جمهورية ذات حكم ذاتي ضمن روسيا الاتحادية .

وفي الفترة 1939-1940 بعد التوسع الروسي أصبح الإتحاد يضم 16 جمهورية بعد انضمام ليتوانيا ومولدافيا ولاتفيا واستونيا وكاريليا الفنلندية(15).

إن العلاقة القانونية بين الجمهوريات والإتحاد حددتها الدساتير الصادرة في الإتحاد السوفيتي  فما دام الإتحاد طوعيا حسب ما أُعلن فهو مبني على حق تقرير المصيروقد ضمنت هذه الدساتير حرية الخروج منه . وأكدت المادة (72)من دستور الإتحاد السوفيتي لعام 1977(حق الخروج بحرية من إتحاد الجمهوريات الإشتراكية السوفيتية محفوظ لكل جمهورية متحدة (م76) وتكون هذه السيادة محمية من قبل الإتحاد (م81) .  كذلك يبيح الدستور للجمهوريات المتحدة حق إقامة علاقات خارجية مع الدول الأجنبية والمنظمات الدولية وعقد معاهدات دولية (م80).

 هذا على الصعيد القانوني أما على صعيد الواقع فالأمريكاد على النقيض.  فتشير العديد من الأدبيات والوقائع أن الإتحاد لم يكن طوعيا فلم  ينظم اي استفتاء شعبي بشأن ذلك وعملية الإتحاد قد تمت بقرار من قيادة  الحزب الشيوعي وقد نفذته الملاكات الحزبية انذاك ، أما بقية البنود القانونية فقد ظلت حبرا على ورق في ظل سياسة الترويس التي استخدمها ستالين تجاه القوميات الأخرى كما سنرى لاحقا .

هذا على مستوى التقسيم السياسي للإتحاد السوفيتي اما بالنسبة للتقسيم الاداري فيتكون من الجمهوريات الإتحادية والجمهوريات ذات الحكم الذاتي  وتكون تابعة للأولى وكذلك الأقاليم والمقاطعات ذات الحكم الذاتي والدوائر ذات الحكم الذاتي والنواحي والأحياء والمدن وكل هذه التقسيمات بأنواعها هي داخل الجمهوريات الإتحادية .  وقوميا يعدّ الإتحاد السوفيتي دولة متعددة القوميات فهو يضم اكثر من مئة قومية ، العدد الأكبر هم الروس ثم ياتي بعدهم الأوكرانيون ، الأوزبك ، الروس البيض ، الكازاخ  ثم التتار وهكذا (16).  والحقيقة  أن النظام السياسي  السوفيتي لم يكن مستقرا  منذ نشأته حتى زواله بل خضع لمتغيرات عديدة كما سنرى لاحقا.

عناصر النظام السياسي  السوفيتي

يلاحظ أنه في كل دولة يسير نظامها السياسي بلا معارضة. توجد عادة ثمانية أجهزة، هي الحزب، الجيش،  إدارة الدولة،  البوليس السياسي، البيروقراطية، تنظيمات الشباب، لجنة الخطة، النقابات، وكلّ جهاز مركزي يفرض نفسه باعتباره الجهاز الرئيسي محولا الأجهزة الأخرى لأجهزة ثانوية تعمل تحت سيطرته وهذا الجهاز الرئيسي يختلف من دولة لأخرى فسابقا هو الحزب الشيوعي السوفيتي.

1 –   الحزب الشيوعي

من الناحية الآيديولوجية يستند  الحزب الشيوعي السوفيتي على الآيديولوجية الماركسية وباضافات لينين عليها , فقد جاء في النظام الداخلي للحزب أن الحزب الشيوعي السوفيتي يسترشد في نشاطه كلّه بالتعاليم الماركسية اللينينية ومواصلة سير المجتمع السوفيتي نحو الشيوعية(17) . أما عمل الحزب  فانه يقوم على أساس مبدأ المركزية الديمقراطية  والذي يعني خضوع الأقلية إلى الأغلبية والزامية قرارات الهيئات العليا للدنيا  وانتخاب جميع  هيئات الحزب من القاعدة الى القمة  وماينبغي الإشارة اليه  أن مبدا المركزية الديمقراطية قد أثار اهتمام الكثير من الباحثين المهتمين بالشأن الديمقراطي .

  يقول ميشال لوساج ان المركزية تقتضي واجبات الزامية دائمة . فالعضو في الحزب لايستطيع أن يبدي احساسا بانه يعارض برنامج الحزب او توجهاته الأساسية . وعلى هذا فالمناقشات في القضايا الأساسية تدور بلغة مزخرفة وكثيرا ماتكون باطنية ، والذين يدافعون عن افكار مخالفة للعقيدة معرضون دوما لخطر اقصائهم عن المجتمع , ويشتد هذا الخطر اذا كان النزاع خطير الشأن وكان الفرد المخالف وحيدا في الميدان .

وكذلك فان انتخاب جميع أجهزة الحزب من القاعدة الى القمة يعاني قيودا مردّها إلى مركزية النظام , فرغبة هذا النظام بالحفاظ على وحدته يؤدي به الى استخدام التعيينات او على الأقل التوصيات.     ويضيف  لوساج أن مفهوم المركزية الديمقراطية يخفي حقائق مختلفة جدا داخل التظام . إن لفظة المركزية الديمقراطية غامضة لأنها كثيرا ماتستعمل لوصف وضعين غير متماثلين قيادة مركز واحد لمجموعة من المنظمات من جهة وتركيز السلطة في هذا المركز من جهة أخرى(18).  والملاحظ  أن القاعدة  العامة  هي تغليب المركزية  على الديمقراطية في الأحزاب الشيوعية الحاكمة  خصوصا  في أوقات  اشتداد  النشاط الجماهيري المطلبي،  بهدف الحد من هذا النشاط وتحجيمه. والجدير بالذكرأن مبدأ المركزية الديمقراطية هو مبدأ شامل ليس للحزب فحسب بل لكل مؤسسات الدولة بما فيها المنظمات الإجتماعية. أما هيكلة الحزب فتعد الخلايا او التنظيمات الأولية هي نواة البناءالتنظيمي للحزب  الشيوعي، وهناك اربعة اجهزة او مستويات تنظيمية رئيسية وهي :

أ- مؤتمر  الحزب

ويعد رسميا أعلى سلطة في الحزب وهو يعين  خط الحزب في السياسة الداخلية والخارجية،فنصت لائحة الحزب الصادرة عام 1959 على أن يعقد المؤتمر سنويا، وفي فترة حكم ستالين عام 1943 جعل فترة انعقاده كل ثلاث سنوات مع أن تلك الفترة لم تشهد التزاما بذلك، ثم عدّل ذلك عام 1952 فجعل انعقاده كل اربع سنوات. غير ان المؤتمر السابع عشر عقد في عام  1934والمؤتمر الثامن عشر عقد في عام 1939 بينما عقد المؤتمر التاسع عشر في عام 1952(19).

فإذا علمنا أن المؤتمرات في مقدمة مهماتها مراجعة عمل اللجنة المركزية بين مؤتمرين لأتضح لنا ان استبعاد المؤتمرات هو بهدف تغييب الإرادة العامة للحزب واحتكار  سلطة اتخاذ القرار في شؤون الحزب والدولة  من قبل النخبة القيادية . كما أن إرادة النخبة القيادية تختزل إلى المكتب السياسي وإرادة المكتب السياسي تختزل الى سكرتير الحزب .

ب : ـ –  اللجنة المركزية

وتقود الحزب بين مؤتمرين وتعقد اجتماعها الكامل مرة واحدة على الأقل كل ستة اشهر، وبلغ عدد اعضاء اللجنة المركزية من قبل المؤتمر السابع والعشرين للحزب في فبراير 1986 حوالي (307)اعضاء  ممن لهم حق التصويت على القرارات ، وقد يؤدى طول الفترة الزمنية بين اجتماعين الى الحد من فاعلية اللجنة المركزية ويقلص صلاحياتها، وهذا ماحصل في الفترة الستالينية بشكل خاص فلم تعقد اللجنة المركزية منذ سنة 1919 حتى 1952 سوى خمسة اجتماعات فقط في حين كان ينبغي ان تعقد اربعين اجتماعا  .

ج : ـ  المكتب السياسي

وتنتخبه اللجنة المركزية، وهو الذي يقود الحزب بين اجتماعين كاملين لها (اللجنة المركزية ) وعمليا  فإن المكتب السياسي هو الذي يختار اعضاءه وتصادق عليهم اللجنة المركزية،  وقد اختلف عدد اعضائه من فترة لأخرى، ففي تشكيله الناتج عن اجتماع الهيئة العامة للجنة المركزية في 26 و27 نيسان 1973 فيه 16 عضوا ,8 منهم يمثلون جهاز الحزب و6 منهم يمثلون جهاز الدولة وواحد فقط منهم لمجالس السوفيات وواحد آخر للنقابات ,و13 يمثلون أجهزة مركزية و3 يمثلون أجهزة جمهورية ومحلية . فالملاحظ هنا هو عملية  جمع سلطات الحزب والدولة بيد بعض الأشخاص.

د : – السكرتارية

ومهمتها قيادة العمل اليومي وانتقاء الملاكات والرقابة على التنفيذ،  ويختلف عدد اعضائها من مرحلة لأخرى ولكنها عادة ماتتكون من عشرة اعضاء.  السكرتير العام وعدد من السكرتاريين تنتخبهم اللجنة المركزية . وهم أعضاء المكتب السياسي, وسكرتارية الحزب هي الجهاز الدائم الذي يقوم بمتابعة تنفيذ مايصدره المكتب السياسي من قرارات وتجتمع اسبوعيا ولكن نشاطاتها غير معلنة بشكل عام السكرتير العام  وهو أعلى منصب في الدولة من الناحية الفعلية والمصدر الحقيقي للسلطة .

وتقوم اللجنة المركزية بانتخابه وذلك بناءً على توصية من المكتب السياسي، وعليه فإن عملية الإنتخاب لاتعدو كونها سوى عملية شكلية، فليس هناك من يتجرأ على مخالفة توصية المكتب السياسي. وللسكرتير العام دور محوريّ في عملية صنع السياسة الداخلية والخارجية والقضايا المتعلقة بالأمن القومي كما يلعب معاونوه دورا هاما في هذا المضمار(20). والجدير بالذكر فأن عملية تحديد السلطة هي عملية معقدة، نظرا لسرية العمل في القيادات العليا وهناك العديد من الوقائع اثبتت ان السلطة قد تركزت في المكتب السياسي لفترة طويلة، وبعض الفترات شهدت تعاظما لدور الأمين العام خاصة في فترة ستالين وخروتشوف وغرباتشوف ,ففي احدى تصريحات غورباتشوف ذكر أنه ليس هناك شخصية في العالم

تمتلك السلطات التي يمتلكها.

2 : ـ الدولة

 تعد الدولة أكبر وأبرز مؤسسة من مؤسسات النظام السياسي، وهذا لايعني أن النظام السياسي يمكن ان يكون هو الدولة  فالنظام السياسي مفهوم اوسع من الدولة حيث يضم مؤسسات أخرى ويقف في مقدمتها الحزب فعلاقة الدولة بالنظام السياسي هي علاقة الجزء بالكل . وهيئات الدولة هي كما يلي:

   أ : ـ  السلطة التشريعية  ..

إذا كانت السلطة التشريعية هي الأساس في ايّ نظام سياسي فإننا نستطيع أن  نقول بأنها ورغم عدم وجود فصل بين السلطات فقد كانت تتمثل منذ قيام السلطة السوفيتية في أكتوبر 1917 بسوفيتات العمال والفلاحين والجنود طبقا للشعار الذي رفعه الشيوعيون آنذاك (كل السلطة للسوفيتات). وعندما جاء دستور 1936 اكّد ايضا على أن السلطة ترجع للسوفيتات نواب (شغيلة المدن والقرى)(21). ولكن عندما جاء دستور 1977 فأنه لم يحصر السلطة بسوفيتيات نواب (شغيلة المدن والقرى ) وإنما أكد على أن كل السلطة في الإتحاد السوفيتي ترجع للشعب الذي يمارسها عن طريق (سوفيتات نواب الشعب) (22)،

 فقد ادخل الدستور (المثقفين) بالإضافة للعمال والفلاحين كعنصر جديد في تركيب البروليتاريا (م1). وهكذا نجد أن السلطة التشريعية بقيت بيد نواب السوفيتات التي مثل مجلس السوفيت الأعلى  قمتها .

لقد اشار دستور 1936 صراحة إلى أن ((السلطة التشريعية في الإتحاد السوفيتي تمارس من قبل مجلس السوفيت الأعلى وحده))، لكن دستور عام 1977 لم يشر الى ذلك صراحة وإنما أكد على أن ((السوفيت الأعلى في الإتحاد السوفيتي هو الهيئة العليا لسلطة الدولة….)) اما فيما يخصّ التشريع فأنه ربط حق المبادرة التشريعية بالإضافة الى مجلس السوفيت الأعلى بالمؤسسات التشريعية والتنفيذية ومنظمات اجتماعية متمثلة بهيئاتها العليا. ويتميز نطاق عمل السوفيت الأعلى في الاتحاد بانه واسع جدا ، فهو يقر ويعدل دستور الإحاد السوفيتي ويقرّ قوانين الإتحاد ويشكل هيئات الإتحاد التي ستكون مسؤولة أمامه ويضع الميزانية ويقرّ قبول وتأسيس جمهوريات في الإتحاد. ويتألف مجلس السوفيت الاعلى (1517عضوا) من مجلسين هما، مجلس الإتحاد (767عضوا) ومجلس القوميات (750عضو) الأول ينتخب على أساس دوائر انتخابية متساوية العدد من السكان أما الثاني تنتخب على اساس 32 نائبا عن كل جمهورية متحدة و11 نائبا عن كل جمهورية ذات حكم ذاتي و 5نواب عن كل مقاطعة ذات حكم ذاتي ونائب واحد عن كل دائرة ذات حكم ذاتي .ويكون انتخاب النواب في مجلس السوفيت الاعلى وبقية سوفيتات نواب الشعب على اساس الإنتخاب العام المباشر وبالإقتراع السري أما الذين يعود لهم حق الترشيح للنيابة فيجب أن يكونوا داخل إطار تنظيمي وليس فردي مثل الحزب الشيوعي وإتحاد الشبيبة اللينيني والمنظات التعاونية والعسكريين حسب وحداتهم وسائر المنظمات الإجتماعية والعمالية. وينتخب السوفيت الأعلى في الإتحاد والجمهوريا ت الإتحادية والجمهوريات ذات الحكم الذاتي لمدة 5 سنوات وقد

حدد الدستور دورات انعقاد مجلس السوفيت الأعلى فقط بمرتين في العام مع وجود دورات استثنائية وهي مدة لاتكفي لإنجاز عمله بكفاءة واقتدار .

هيئة رئاسة مجلس السوفيت الأعلى (البرزيديوم ): ـ

وتعد بمثابة الهيئة العليا لسلطة الدولة وقد وجدت لتحل محل السوفيت الأعلى بين دورات انعقاده. وينتخب مجلس السوفيت الأعلى من بين النواب رئيسا لهذه الهيئة ونائبا اول للرئيس و15 نائبا له على أساس نائب واحد لكل جمهورية متحدة ، وامين سر هيئة الرئاسة و21 عضوا ,اما صلاحيات هذه الهيئة فقد حددتها من الدستوربـ  18موضوعا تتوزع بين تنسيق نشاط لجان الدولة والرقابة على التقيد بالدستوروتفسيرالقوانين وتحديد موعد انتخابات السوفيت الأعلى وإبرام وفسخ المعاهدات  الدولية وإعلان حالة الحرب (بين دورتي المجلس)ومواضيع أخرى نصت عليها. وهكذا يبدوأن صلاحيات هذه الهيئة هي أشبه ماتكون بصلاحيات رئيس الجمهورية، ولكن مايختلف هنا هو أن هذه (الرئاسة) هي رئاسة جماعية ومع ذلك فإن رئيس هيئة رئاسة السوفيت الأعلى هو بمثابة رئيس الدولة. وكامتداد للسلطة التشريعية في بقية انحاء الإتحاد السوفيتي هنالك مجالس للسوفيت الأعلى في الجمهوريات المتحدة وذات الحكم الذاتي (وهي أعلى سلطة فيها ) تقر دستور جمهوريات وتتخذ القوانين، لكن ضمن نطاق الجمهوريات واستنادا الى اللوائح التشريعية الصادرة من سلطة الإتحاد. وينتخب السوفيت الأعلى في هذه الجمهوريات (هيئة رئاسة السوفيت الأعلى) وكذلك مجلس وزراء الجمهورية. وهناك بالإضافة إلى ذلك (سوفيتات نواب الشعب المحلية) في المدن والأحياء وماشاكل وتكون مدة انتخابها سنتين ونصف. وبالنسبة للأقاليم والمقاطعات ذات الحكم الذاتي والنواحي والمدن والأحياء والبلدات والقرى فإن (سوفيتات نواب الشعب) هي الهيئات العليا للسلطة في تلك المناطق وتبت في المسائل المحلية التابعة لمصالح الدولة في مناطقها وتمارس الإشراف على مؤسسات المواطنين المتواجدين في مناطقها. وتنتخب  لجانا تنفيذية تكون مسؤولة أمامها.

ب :  -السلطة التنفيذية

إن هيئات إدارة الدولة التنفيذية هي بالدرجة الأولى مجلس وزراء الإتحاد السوفيتي ومجالس وزراء الجمهوريات المتحدة وذات الحكم الذاتي والوزارات ولجان الدولة وغيرها من الادارات .وكذلك اللجان التنفيذية للسوفيتات المحلية واقسام وإدارات اللجان التنفيذية. وكل ذلك هو شبكة موحدة لهيئات إدارة الدولة يترأسها مجلس وزراء الإتحاد السوفيتي(23). (وفي 14مارس 1990 حصل تعديل دستوري استحدث فيه منصب رئيس الإتحاد السوفيتي ومنحه سلطات واسعة النطاق فهو الذي يمثل الإتحاد على الصعيد الدولي ويقوم بالتفاوض وتوقيع المعاهدات كما أنّ له سلطاتٍ تشريعية وتنفيذية واسعة على الصعيد الداخلي، منها تعيين رئيس مجلس الوزراء والتصديق على القوانين وإصدار مراسيم لها قوة القانون وفي سبتمبر 1990 منح الرئيس صلاحيات إضافية في المجالين الإجتماعي والإقتصادي بهدف الإسراع للتحول لإقتصاد السوق واحفاظ على النظام والقانون.(24)

مجلس الوزراء: ـ

نصت المادة (158)من دستور 1977 على أنه (حكومة الإتحاد السوفيتي، هي الهيئة التنفيذية والإدارية العليا لسلطة الدولة في الإتحاد السوفيتي ) ويُشكّل هذا المجلس عن طريق مجلس السوفيت الأعلى بجلسة مشتركة من رئيس ونواب اوائل ونواب ووزراء الإتحاد ورؤساء للجان الدولة كما أنه يضم رؤساء مجالس وزراء الجمهوريات المتحدة بحكم-مناصبهم. ويكون هذا المجلس مسؤولا امام مجلس السوفيت الأعلى في الإتحاد السوفيتي وهيئة رئاسته. وقد منح الدستور هذا المجلس صلاحيات اتخاذ اجراءات تأمين مصالح الدولة داخليا وخارجيا وكما هوالحال في مجلس السوفيت الأعلى وينتخب

مجلس الوزراء (هيئة رئاسة مجلس وزراء الإتحاد السوفيتي ) والتي تتكون من رئيس ونواب أوائل ونواب وتعدّ جهازا دائما لمجلس الوزراء. ولمجلس وزراء الإتحاد السوفيتي سلطة واسعة على مجالس وزراء الجمهوريات المتحدة. وكامتداد للسلطة التنفيذية في بقية أنحاء الإتحاد هنالك مجالس للوزراء في الجمهوريات الإتحادية والجمهوريات ذات الحكم الذاتي تعتبر بمثابة حكومات لها. لكن الدستور اولى أهميته فقط إلى مجالس وزراء الجمهوريات المتحدة حيث أشار إلى أنّها تكون مسؤولة أمام السوفيت الأعلى في الجمهورية المتحدة وكذلك امام هيئة رئاسة السوفيت الأعلى فيها (بين دورتي انعقاد). وقد كفل الدستور لمجلس الوزراء في الجمهورية المتحدة سيطرته على مجلس وزراء الجمهوريات ذات الحكم الذاتي واللجان التنفيذية لسوفيات نواب الشعب في التقسيمات الإدارية الأخرى من خلال اعطائه الحق بوقف تنفيذ قراراتها وأوامرها.

 ج : ـ   السلطة القضائية*

تعتبر المحكمة العليا في الإتحاد السوفيتي هي الهيئة القضائية العليا وهي تمارس مراقبة النشاط القضائي في عمومه، والى ذلك أشارت المادة (153)التي حدّدت اشخاص هذه المحكمة برؤساء المحاكم العليا في الجمهوريات المتحدة بحكم مناصبهم. والقضاء في الإتحاد السوفيتي كما أشارت المادة (151) تتولاه المحكمة والمحاكم في الإتحاد السوفيتي متنوعة تتشكل عن طريق الإنتخاب_لاالتعيين_لقضاتها لمدة (5سنوات)ولمحلفيها (لمدة سنتين ونصف)  وهي (المحكمة العليا في الإتحاد السوفيتي) وينتجها مجلس السوفيت الأعلى في الإتحاد السوفيتي، و(المحاكم العليا) في الجمهوريات المتحدة والجمهوريات ذات الحكم الذاتي وينتخبها مجلس السوفيت الأعلى فيها ومحاكم الاقاليم والمدن والمقاطعات ومحاكم المقاطعات ذات الحكم الذاتي وتنتخبها سوفيتات نواب الشعب في تلك المناطق. وفي اسفل الهرم الإداري توجد (المحاكم الشعبية) التي ينتخبها ايضا سوفيتات نواب الشعب في النواحي والمدن، وهناك ايضا (المحاكم العسكرية) وهذه المحاكم يُنتخب قضاتها من قبل مجلس السوفيت الأعلى في الإتحاد السوفيتي مباشرة, أما محلفيها فتنتخبهم المجالس العسكرية وبالنسبة للإدعاء العام فقد اناطت به المادة (164) وبالمدعين العامين الخاضعين لسلطته مهمة المراقبة العليا لتنفيذ القوانين في الوزارات ومؤسسات الدولة ومنظماتها ومواطنيها، والمدعي العام في الإتحاد السوفيتي يكون معينا من قبل السوفيت الأعلى ويكون مسؤولا امامه. وقد أشارت المادة (168)  إلى أن هيئات الإدعاء العام ((تقوم بصلاحيتها بصورة مستقلة عن اية هيئة محلية ولاتخضع إلا للمدعي العام في الإتحاد السوفيتي )). ومن خلال دراستنا لأهم

عناصر النظام السياسي  يتضح لنا أن مركز الثقل  في هذا النظام  يتمثل بالحزب الشيوعي الذي يهيمن على كلّ أجهزة الدولة والمجتمع  فهو يتولى بنفسه عملية الترشيح لعضوية مجلس السوفيت الأعلى

بالتشاور مع الإتحادات العمالية والتعاونيات ومنظمات الشباب وهي مؤسسات تابعة للحزب. فالعملية الإنتخابية لاتعدو كونها عملية شكلية يفرض بها الحزب مرشحيه على الجماهير، ومن خلال هيمنة الحزب على عملية الترشيح والتعيين للمناصب العليا وعلى كافة أجهزة الدولة (وتتركز السلطة في شخص السكرتيرالعام الذي يقود السكرتارية والمكتب السياسي الممثل لمحور العملية السياسية (25).

هذا من جانب  ومن جانب آخر فليس هناك عملية فصل بين  السلطات.  ففي هذا الوضع نجد تجاوزا على مبدأ أساسي من مبادئ النظام الديمقراطي وهو مبدأ الفصل بين السلطات الذي ارتبط باسم مونتسكيو  منذ القرن الثامن عشر .

  مفهوم  العلاقات الدولية

قبل الحديث عن مفهوم النظام للعلاقات الدولية لابدّ من التعرف على معنى العلاقات الدولية بشكل عام.        بداية نشيرالى أن  الملاحظة التي توصلنا اليها خلال عملية البحث هي  عدم اتفاق الباحثين والمختصين على تعريف شامل وجامع للعلاقات الدولية .

    فتعددت التعاريف بشان العلاقات الدولية وتنوعت بتعدد المدارس والإتجاهات  الفكرية والزاوية التي ينظر من خلالها كلّ مفكر لهذه العلاقات. فأنصار المدرسة الواقعية مثلا يعرّفون العلاقات الدولية من خلال المتغير الرئيسي الذي يعتمدون عليه في تحليلهم للعلاقات الدولية ألا وهو متغير القوة . فهم يعرفون العلاقات الدولية على أنها علاقات صراع قوة ومن اجل القوة. أما أنصار نظرية التكامل الدولي فانهم يعرّفون العلاقات الدولية من خلال الموضوع  للنظرية والمتمثل في التكامل الدولي، حيث ينظرون إلى هذه العلاقات على أنها علاقات سيطرة وتبعية سيطرة دول المركز على دول المحيط وتبعية هذه الأخيرة لدول المركز. ويعرف جون بورتون العلاقات الدولية بأنها علم يهتم بالملاحظة والتحليل والتنظير من أجل التفسير والتنبؤ. ماكيلاند يعرفها بأنها دراسة التفاعلات بين أنواع معينة من الكيانات الإجتماعية. ويعرفها هارتمان بأنها كل ما يتعلق بالإتصالات فيما بين الدول، وكل حركات الشعوب والسلع والأفكارعبر الحدود الوطنية(26). أما سيمون دريفوس فتعريفه ينص على أنها العلاقات التي تتجاوز حدود الدولة الواحدة في إطار مجموعة دولية  لاتخضع لسيطرة دولة واحدة(27). لكن العلاقات الدولية بمفهومها الواسع هي علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وآيديولوجية وعسكرية على مستوى الدول ومجموعات الدول والمنظمات الدولية والمنظمات البين حكومية والمنظمات غير الحكومية والشعوب التي تناضل من أجل الحرية(28).   .

أما  كويسي رايت فقد قدم تعريفا واسعا للعلاقات الدولية ، ينبع من نظرته إلى العلاقات الدولية، بأنها علاقات شاملة تشمل مختلف االعلاقات الدولية سواء كانت علاقات رسمية أم غير رسمية (29) . ويعرفها مارسيل ميرل بأنها كلّ التدفقات التي تعبر الحدود، أو حتى تتطلع نحوعبورها، وهذه التدفقات يمكن وصفها بالعلاقات الدولية، وتشتمل على العلاقات بين حكومات هذه الدول وعلى العلاقات بين الأفراد والمجموعات العامة والخاصة الواقعة على جانبي الحدود، كما تشتمل على جميع الأنشطة التقليدية للحكومات – الدبلوماسية ، الحرب …الخ. ولكنها تشتمل أيضا وفي الوقت نفسه على تدفقات من طبيعة أخرى-  اقتصادية , آيديولوجية , سكّانية , رياضية , ثقافية , سياحية …الخ  (30).

 وهكذا فالعلاقات الدولية لاتشمل العلاقات بين الدول فقط وإنما تشمل الكيانات الأخرى مثل المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية والإتصالات والنقل والتجارة والمال والزراعة والعمل والصحة والعلوم والفلسفة والثقافة مما قد أرسى العديد من العلاقات الإجتماعية الدولية وساعد ذلك على ظهور مصطلح الدولية لإضفاء النشاط الواسع على العلاقات بين الدول (31) .

والعلاقات الدولية حسب  تحديد باحث أخر هي تفاعلات ثنائية الأوجه أو تفاعلات ذات نمطين ، النمط الأول هو نمط تعاونيّ والنمط الثاني هو نمط صراعيّ , إلّا أن النمط الصراعيّ هو النمط الغالب على التفاعلات الدولية برغم محاولة الدول إخفاء او إنكار تلك الحقيقة, بل اننا يمكننا القول بأن النمط التعاوني الذي قد تبدو فيه بعض الدول هو نمط موجه لخدمة صراع آخر قد تديره الدولة او تلك الدول مع دولة  أو مجموعة دول أخرى.  فعلى سبيل المثال نجد أنّ الأحلاف والروابط السياسية بين مجموعة من الدول هي في صورتها الظاهرية قد تأخذ النمط التعاوني بين تلك الدول ، برغم حقيقة قيامها لخدمة صراع تلك المجموعة من الدول ضد مجموعة اخرى. أكثر من ذلك فإن النمط التعاوني للعلاقات بين دولتين ( مثل تقديم العون والمساعدات الإقتصادية والعسكرية ), قد يحمل في طياته محاربة من إحداهما للتأثير على قرار الأخرى وتوجيه سياستها بما يخدم مصالحها أو تكتيكها ، بمجموعة من القيود التي تتراكم كنتاج  للتأثير والنفوذ . لذلك نجد أن التحليلات والنظريات في العلاقات الدولية ترتكز كلّها على النمط الصراعيّ منها، انطلاقا من دوافع ومحددات مثل القوة والنفوذ والمصلحة فضلا عن الدوافع الشخصية . ويعد الصراع بمثابة نمط تحليلي خصب من أنماط العلاقات السياسية الدولية فهو مليئ بتفاعلات متعددة الأبعاد . بل أنه يجمع في طياته النمط التعاوني نفسه والذي يعاد توظيفه في معظم الأحيان لخدمة النمط اوالبعد الصراعي للتفاعلات الدولية. أمّا إذا تناولنا العلاقات الدولية كعلم فنجد أنّه نتيجة لزيادة الإهتمام بالعلاقات الدولية ظهرت رغبة جديّة من قبل الهيئات العلمية والدولية  المعنية بها لتحديد معالمها كفرع من فروع السياسة. وتجسيدا لهذه الرغبة اجتمع نخبة من علماء اليونسكو في باريس عام 1948 وتوصلوا في اجتماعهم الى تحديد المواضيع التي تدخل ضمن العلاقات الدولية وهي السياسة الدولية، المنظمات الدولية والقانون الدولي، بعدها أقرّت هيئة اليونسك في اجتماعها المنعقد عام 1952 أن العلاقات الدولية هي جزء من علم السياسة للإعتبارات التالية: ــ (32)

أولا- أن هدف كل العلاقات الدولية وعلم السياسة واحد  وهو دراسة السلطة والجماعة سواء كانت محلية أو قومية أو دولية .

ثانيا- وسائل البحث وأسس الدراسة في كل من العلاقات وعلم السياسة واحدة.

ثالثا – علم السياسة يدور حول دراسة الدولة ولايمكن أن تقوم علاقات دولية بغير وجود دولة ، فمادة العلاقات الدولية هي جزء من العلوم السياسية.

رابعا – دراسة السياسة الخارجية هي جزء أساسي من مادة العلاقات ، وهذه السياسة الخارجية مرتبطة بنظام الحكم داخل الدولة، كما أن نظام الحكم هو جزء من مادة سياسية.

 خامسا – دراسة السياسة الخارجية, هي جزء من دراسة العلاقات الدولية  فهناك علاقة عضوية تربطهما. وعلى هذا فعلم العلاقات الدولية مرتبط بعلم السياسة .  وإن هدف العلاقات الدولية هو السعي للحصول على معرفة عامة حول سلوك الجماعات السياسية وسلوك الأفراد والمساعدة على فهم الأحداث أو القضايا الدولية،  وتشتمل العلاقات الدولية على وسائل وطرائق تحليل الإفتراضات والوقائع السياسية وتفسير الأحداث في العلاقات بين الدول،  بما يسهم في الوصول الى حلّ المشكلات الدولية والمساهمة في تطوير العلاقات بين الدول وتحقيق أفضل النتائج.

ويرى الفرنسي ريمون أرون ان علم العلاقات الدولية هو علم يهتم بعلاقات غير اجتماعية الا جزئيا، لأنها تجري في وسط يتميز بالفوضى  (أي لايخضع لسلطة مركزية ) وبحق لكل دولة (فعليا) في اللجوء إلى القوة عند الاقتضاء ، وهو يعني مايعني أنه يفصل علم العلاقات الدولية (بالمعنى المعرفي) عن حقول العلوم الأخرى المهتمة بالعلاقات الإجتماعية داخل المجتمع المنظم(33) .

لذا جاء تحديد موضوع العلاقات الدولية لدى ستانلي هوفمان جامعا بين المفهومين فهذه الأخيرة بحسب تعريفه (تعنى بالعوامل والأعمال التي تؤثر في السياسات الخارجية والقوة للوحدات السياسية التي ينقسم اليها العالم). وفي حين كانت هذه هي النظرة الغربية الى علم العلاقات الدولية، المدرسة الماركسية تختلف كل الإختلاف اذ ينطلق الأخيران من نظرية تقول ( أن السياسة الخارجية مرتبطة ارتباطا وثيقا لا انفصام فيه بالسياسة الداخلية وتعكس طابع النظام السياسي والإجتماعي للدولة).ومن هنا فأن الماركسيين لايقبلون التركيز على الصراع والقوة ، وحصر الموضوع في الدبلوماسية والحرب  وفصل السياسة الدولية عن السياسة الداخلية والتشديد على الإنقسام الدولي وهزالة الإعتماد المتبادل والمؤسسات والقانون، وإهمال الإقتصاد وتعقيداته، وغياب النظرة الشمولية بل يتعاملون مع العلاقات الدولية بمفهومها الشامل الواسع (34).

  مفهوم النظام  السياسي السوفيتي للعلاقات الدولية

لعبت الآيديولوجية دورا كبيرا في صياغة بنية الفكر الإستراتيجي للإتحاد السوفيتي، وعلى مدىً زمني تجاوز أكثر من سبعين عاما من القرن العشرين ، لتحدد طبيعة التعامل ليس مع دول المعسكر الرأسمالي.

فحسب، بل مع بقية دول العالم ايضا، وإلى الحد الذي انقسم فيه العالم فعلاً بين : دول تدين بالآيدلوجية الماركسية، وأخرى تذهب بولائها إلى الفكر الرأسمالي – الليبرالي، إذ صورت الماركسية ــ اللينينية صراعها مع القوى الرأسمالية على أنه صراع بين قوى الخير والشر ، صراع بين قوى مستغِلة واخرى مستغَلة، وإن المجتمع الدولي ما هو إلا مجتمع طبقي تحكمه اقلية من الدول الغنية الى جانب اكثرية من الدول الفقيرة المستغلة، وعلى هذا تعد المناطق التي تكون فيها القوى من الفئة الأولى أي الدول الإستعمارية والإمبريالية هي مناطق صراع وسوح مجابهة، وحتمية هذا الصراع ستقود إلى انتصار القوى الاشتراكية ــ الشيوعية (35)  . كما أنه من الحقائق المعروفة إن الفكر الإستراتيحي في الحقبة السوفيتية كانت قد تمت صياغته على ضوء الآراء الحزبية للنظرية الماركسية ــ اللينينية واسهامات المفكرين السياسيين والعسكريين السوفيت، وخبرة الحروب السابقة في الحربيين العالميتين : الأولى والثانية، أي أنه كان فكرا استراتيجيا مؤدلجا من ناحية ,وواقعيا من ناحية أخرى، وقد تلخصت هذه العقيدة في الآتي.

1 _عدّ الحرب ظاهرة اجتماعية تأريخية تحدث في مرحلة معينة من مراحل تطور المجتمع الطبقي ، فهي أحد الأشكال السياسية للصراع بين الطبقات  بل أن جميع الحروب هي حروب طبقية بما في ذلك الحروب الإستعمارية والحروب الثورية وحروب التحرر الوطني والقومي.

 2 _ستلجأ القوى الرأسمالية الى إشعال الحروب في أي مكان من العالم من أجل السيطرة وتحقيق مصالحها العالمية, الأمر الذي يفرض على السوفيت تبني مفهوم عالمي للأمن يمتد خارج الحدود الاقليمية للاتحاد السوفيتي ليشمل الأعضاء في حلف وارسو والاصدقاء والحلفاء في المنطقة العربية واسيا وأمريكا اللاتينية (36). لقد إعتنقت هذه الثورة عقيدة عالمية تنكر كلّ النظم الإجتماعية والسياسية الأخرى القائمة. لقد آمنت بحتمية صيرورة العالم بأكمله الى الشيوعية نتيجة لمراحل التأريخ الحتمية. فآمنت بالصراع الطبقي وبحتمية اصطدام مصالح الطبقة الرأسمالية التي تستمد دخلها من الملكية الخاصة  بمصالح الطبقة البروليتارية التي تعتمد في حياتها اساسا على بيع قوتها العمالية، لتصبح الحرب حتمية بينها، وبها ينهار النظام الرأسمالي وتنتصر الشيوعية على انقاضه المتداعية . والثورة لابدّ أن تأتي دائما عن طريق العنف. يقول لينين ((حينما يقوى ساعدنا لدرجة تكفي الحاق الهزيمة بالرأسمالية كلها، لن نتوانى لحظة عن تحقيق ذلك، وطالما تعيش الرأسمالية إلى جوار الإشتراكية فلن يطيب لنا مقام ولابدّ أن تكون النهاية لأحداهما،  فإما أن يعزف اللحن الجنائزي على روح الجمهورية السوفياتية، أو على روح العالم الرأسمالي))(37) .  بتعبير آخر رأى  لينين أن الإستعمار يرجع الى المنافسة بين الإحتكارات العالمية في سبيل أكبر قدر ممكن من الأرباح عن طريق السيطرة المباشرة على الأسواق والمواد الخام، وكلما نمت الرأسمالية كلّما زادت حاجتها إلى المستعمرات ، ومن هنا سوف تنشأ ظاهرة الإستعمار كدليل على نمو الراسمالية الاحتكارية. يترتب على ذلك أن كيفية القضاء على الرأسمالية وإنتصار الثورة البروليتارية العالمية يتطلب أولا تجفيف مصادرالحياة للنظام الرأسمالي في المستعمرات مما يتطلب تشجيع الحركات الوطنية

الإستقلالية فيها حتى يفقد النظام الرأسمالي  مصادرقوته،  وهذا يعني  أن تاييد هذه الحركات لايتم إلا بوصفها  كحركات تحرر وطني  من شأنها إضعاف النظام الإستعماري مما يستتبع التحفظ إزاء الحركات التي لاتؤدي الى تلك النتيجة .

 والجدير بالذكرفللمرة الأولى وجد  نظام دولة تقوم على الملكية العامة إلى جانب الدول القائمة على الملكية الخاصة للأراضي والصناعة والمال والتجارة. ولهذا قوبل ظهور روسيا السوفياتية في حلبة السياسة الدولية بخوف وعداء شديدين، على إعتبار أنها شوهت التعايش الذي كان قائما قبل ظهورها.  فقامت الدول الغربية بمحاولة التدخل عسكريا في الشؤون السوفياتية، لمنع أو تشويه التعايش . وحينما فشل هذا التدخل في التغلب على الحكومة البلشفية في قلبها أو زعزعة نفوذها وأجبرت  الجيوش الأجنبية على الإنسحاب من اراضيها. ولمّا لم تتبدل الأوضاع في الدول الأخرى الراسمالية وبقيت ذات إقتصاد رأسمالي قائم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج واستثمار خاص في البلاد المستعمرة ، ولم تصل بعد الحركات الثورية داخلها الى مستوى فرض تغيير في نظمها القائمة . طرح التساؤل عن الحد الذي يجب أن تصل  اليه العلاقات بين روسيا الإشتراكية والدول الراسمالية؟ فهل من المحتم أنْ يستحكم العداء الدائم بينهما؟

إن صمود الإتحاد السوفياتي  في وجه القوى المضادة للثورة الإشتراكية ، خلق انواعا من المصالح عند الجانب الرأسمالي والتقت هذه المصالح  عند الحاجة لإيجاد طريقة للتعايش مع السوفيات في نفس العالم ولو لمدة محدودة. وهكذا تكون الظروف قد اوجدت لأول مرة  فكرة التعايش السلمي بين الأنظمة الإجتماعية المختلفة، وانطلقت، بعدعام 1920 عن نظرة واقعية من كلا الجانبين لحاجاته وإمكانياته، بل إن الفكرة لم تنشأ إلا لإتفاق مصالح الدولة الاشتراكية  مدة  محددة  مع مصالح القسم الكبير من الدول في العالم الرأسمالي (38).بالإضافة إلى ما تقدم باستطاعتنا أن نستنتج أن فكرة التعايش السلمي لم تطرح إلا كبديل لحرب لم يكن باستطاعة عدوَين التغلب أحدهما  على الاخر. ولابد لهما من ان يتعايشا معا وقبول أحدهما الآخر برغم التناقض الظاهر بينهما. فكيف تطورت فكرة التعايش لدى السوفيات ؟

في الحقيقة  أن الماركسية كنظرية متغيرة لا ثابتة، تسمح لنفسها بالتطور مع الحياة. وماركس نفسه كان قد عبّر عن إمكانية التغيير في هذه النظرية عن تلك التي قدمها في (( البيان الشيوعي عام 1848))، حينما تحدّث عن الوسائل الاخرى، غير العنف التي تؤدي الى التغييرالإجتماعي .)  كما أن مؤسس الدولة السوفياتية ((لينين)) أضاف شيئاً جديداً إلى الماركسية حين قام بتوسيع مضامينها . وذلك حين لم يجد شيئاً من التنافر في قيام هذه الدولة السوفياتية جنبا إلى جنب مع الدول الرأسمالية .  إن اتخاذ هذا القرار يمثل انفصالا عن الأفكار التي تبناها ((لينين)) خلال الفترة المبكرة للثورة التي أكد خلالها أنه لا يمكن العيش بسلام إلى النهاية طالما أن الراسمالية والإشتراكية قائمتان إلا أن احداهما يجب أن تنتصر. إن الغرض من قيام هذه العلاقات السلمية مع الدول الرأسمالية هو التفرغ للبناء الداخلي في الجمهورية الإشتراكية الفتية ، لأن قوتها تكون ضمانا للثورة العالمية. وبعد أن حققت الدولة السوفياتية وجودها، بدأت مسألة التعايش السلمي تحتل مكان الصدارة في فكر وكتابات لينين. وبدأ يشيربخطابه إلى سياسة (( التعايش السلمي مع الشعوب؛ مع العمال والفلاحين في كلّ الأمم )) ، وعن العلاقات السلمية مع الدول الرأسمالية، مؤكداً على ضرورة التعاون بين النظامين الرأسمالي والإشتراكي حيث يملك مكاسب واضحة لكليهما ، وموضحا أن

الجانب السوفياتي لن يقيم أية عقبات أمام قيام مثل هذه العلاقات فالدولة الإشتراكية اذا عاشت  في سلام مع العالم الرأسمالي ، أمكنها الإنتفاع نفعا كبيرا بتبادل منتجاتها مع الدول الأخرى، واقتباس طرقها المتقدمة في الصناعة وغيرها.) عقب هذا الموقف اللينيني بدأ الإتحاد السوفياتي في مفاوضاته التجارية مع بريطانيا، فتوصل الى قيام علاقات تجارية وإقتصادية معها خلال  عام 1922  وكذلك الحال مع ألمانيا فأقام علاقات تجارية معها عام 1921 لذلك كان عليه تدعيم أركان الدولة الإشتراكية الأولى الموجودة ضمن عالم معادٍ لها تماماَ في الخارج ، قبل التطلع نحو تعميم النظام الإشتراكي على دول أخرى.

وكان ستالين قد حدد الهدف من السياسة الخارجية السوفيتية  مع الدول البرجوازية هو المحافظة على السلام، من أجل النهوض ببناء الإشتراكية في ظروف السلم  كما أن المؤتمر الخامس عشر للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي المنعقد في موسكو في كانون الاول 1927 ، عاد  وتبنى هذه السياسة السلمية بإعلانه أن (( المحافظة على العلاقات السلمية بيننا وبين الدول الرأسمالية فرض واجب علينا، فعلاقتنا مع هذه الدول تقوم على افتراض أن التعايش السلمي ممكن بين نظامين متعارضين)) (39). إنطلاقا من هذه السياسة السلمية ، بدأ الاتحاد السوفياتي يقطف ثمارها فوقّع ما بين 1925 و1932  على تسع معاهدات عدم  اعتداء مع عدد من الدول المجاورة، أمّا  مدى الأخذ بهذه الاتفاقات السلمية فيبقى مؤقتا، لأن العلاقة التي تفرضها مثل هذه الإتفاقات لا تتوقف فقط على العروض التي يقدمها الإتحاد السوفياتي وحده، بل على مدى استجابة الفريق الآخر وعلى شروط الإتفاق، فقيام حرب قد ينقض كل الإتفاقات ، ويؤكد ستالين على أن هذه الاتفاقات تقوم على أساس موافقة الطرفين بعيدا عن أية شروط تستعبد أحدهما الآخر  بل أن يتم التعاون على أساس الند للند .

  الستالينية  آيديولوجية أم نظام حكم

  في هذا المطلب سوف نتناول  جوهر الستالينية  كما سوف نناقش مفهوم  الستالينية للعلاقات الدولية

الفرع الأول – جوهر الستالينية قبل الدخول في الحديث عن الرؤية الستالينية  للعلاقات الدولية لابدّ من التعرف أولا على جوهر الستالينية. عرّف الباحث الروسي غريغوري فودولازوف الآيديولوجية الستالينية ­( بأنها ايديولوجية نخبة بيروقراطية معادية للإنسان  وارادوية  تقوم على امتداح العنف المطلق والطليق بجميع أشكاله.

أما بوصفها منظومة من العلاقات الإجتماعية السياسية،  فيحددها  بأنها ديكتاتورية البيروقراطية  فضلا عن أنها الديكتاتورية البيروقراطية بأكثر أشكالها همجية وإرهابا (40). ويعرفها الشفيع خضر بأنها( نظام متكامل من الرؤى والمفاهيم والمناهج والأساليب،  نظام يستند الى فهم مبتذل ومدّمر. وهو وهو نظام لم ينته بموت ستالين وانقضاء عهده  وإنّما استمر بعد ذلك متضخما ومتمددا ليواصل تفريخ افرازاته الكابحة  سواء بالنسبة لتطور الفكر الماركسي أو لتطور التجربة الإشتراكية وتطور الحركة الشيوعية العالمية بما فيها الأحزاب الشيوعية في المنطقة العربية ).  وقد شكّل هذا النظام المتكامل من الرؤى والمفاهيم ومناهج العمل أساسا فكريا تسلحت به البيرقراطية التي ظلت مسيطرة في المعسكر الإشتراكي

 ويورد الان ماييرأربعة تبريرات للستالينية ( نقلا عن سويم العزي) توضح جوهرالستالينية وهي : ـ

  أولا ـ إن الستالينية عارضة تأريخية أو هي طاريء تأريخي. ويؤكد هذا التبرير على وضع الإتحاد السوفيتي الإجتماعي والإقتصادي في بداية مرحلة الثورة البلشفية حيث تميزت بعوامل التأخر الإقتصادي والإجتماعي واستمرارية التقاليد البيروقراطية القيصرية وغياب المجتمع المدني . إضافة إلى عامل اخر أُثاره ستالين بتأكيده على تطبيق الإشتراكية في بلد واحد، حيث عمّق من المشكلة. لأنه أجبر على القيام بعملية التصنيع السريع التي قادت إلى تفكيك القواعد الإجتماعية والإقتصادية ومن بين نتائج هذه السياسة خلق جيل جديد من العمال ذي جذور فلاحية حلّ محل الجيل البروليتاري القديم . الأمر الذي قاد الى منافسة غير صحية  داخل المجتمع، ومن بين نتائج هذا التنافس القلق والتوتر الذي عمّ كلّ أوساط المجتمع وأخذ صورة عنف مؤسسي. حتى السلطة السياسية لم تفلت هي الأخرى منه، فالهدف وراء هذا التنافس كان هو الوصول إلى السلطة السياسية أو التقرب منها (42).

ثانيا ـ الستالينية هي مرحلة انحطاط البيروقراطية في إطار دولة أساسها عمالي ويقف وراء هذا التحليل تروتسكي حيث يرى بأن الرأسمالية في المجتمع السوفيتي قد انتهت بالغاء الملكية الخاصة وإحلال الملكية العامة الجماعية لوسائل الإنتاج محلها حيث أصبحت القاعدة الاساسية للدولة البروليتارية. ولكن قيادة هذه الدولة هي بيد البيروقراطية كطبقة . إن السبب وراء عدم تحول الدولة في الإتحاد السوفيتي الى دولة عمالية قيادة وقاعدة هو أن الإتحاد السوفيتي وحسب تحليل تروتسكي لم يسمح للطبقة البروليتارية بالتصرف بشكل عفوي. وقد قام بتحجيم قوتها كعنصر قيادي. وهذه الوضعية ماهي إلاّ نتيجة للسلوكية التي فرضت على الطبقة العاملة واجبرتها بالإلتزام بها.  وهذا الأسلوب يتنافى مع المبدأ الديمقراطي الداعي الى إدارة وسائل الإنتاج خلال الإدارة الذاتية العمالية.  وينتقد الان مابير فكرة  تروتسكي القائلة بأن الدولة في الإتحاد السوفيتي دولة عمالية الجذور بقوله أن العمال في هذا البلد قد (منعوا من كل الحقوق الأساسية التي حصلوا عليها أثناء نضالهم الإجتماعي . بما فيها الحق في رقابة وتسيير الانتاج. وبهذا فأن الإنحطاط الذي ظهر قد تم الوصول اليه في مرحلة النضج التام.

 ثالثا: ـ الستالينية هي رحلة تراجع بعد طور من الثور. هذا التفسير هو الآخر له جذور تروتسكية، وهناك اتجاهان يتقاسمانه. الإتجاه الأول يحاول القيام بمقارنة بين واقع الثورة الفرنسية وصعود البونبارتية كإتجاه محافظ يستند على الأجهزة القمعية للدولة من أجل المحافظة على بعض الإنجازات الثورية. وبين الستالينية التي ظهرت بعد طور ثوري داخل المجتمع الروسي, يتشابه مع مرحلة البونبارتية في نفس الأسلوب القمعي.  وقد دفعت وضعية التشابه هذه بالبعض إلى وصف الشيوعية كحركة محافظة، وهذا مايذهب اليه جان فرنسوا روفيل بقوله (بأن الشيوعية هي الحركة الوحيدة ذات الإتجاه المحافظ في الداخل والثوري في الخارج). أما الإتجاه الثاني فيركز على الجانب الإقتصادي حيث يرى في الستالينية ونظامها القائم تعبيرا عن تراجع نحو رأسمالية الدولة.

رابعا ـ الستالينية تعبّرعن طبقة اجتماعية جديدة ومجتمع توتاليتاري, وينطلق هذا التفسير من التركيبة الإجتماعية للمجموعة القائمة بالسلطة والمؤلفة من مدراء وإداريين يملكون سلطة القرار وتكوين هذه المجموعة يختلف عن تكوين الطبقة البورجوازية التي تخلق من خلال علاقتها بالرأسمال. وتختلف ايضا عن الطبقة البروليتارية التي تخلق هي الأخرى من خلال خضوعها واستغلالها من قبل رأسمال (43). أما عن كيفية تبلورها في ظل نظام يرفع راية الماركسية،  فيوضح غريغوري  ضرورة التمييز بين جذور الستالينية وبين طبيعتها الناضجة .  فالستالينية  قد خرجت من منابع شعبية بالفعل، ولكنها لم تمثل مصالح الشعب السوفيتي بل مثلت وعيّ الجزء الأقل تحضرا وتعليما من السكان ومثل هذه المواقف والنفسيات، كانت متناقضة مع المصالح الحقيقية للكادحين من السكان . وخلافا للينينية لم تسع الستالينية إلى تثقيف الجماهير وتبصيرها حول طبيعة التناقض القائم بين أهدافها من جهة وأساليبها من جهة ثانية ، بل  قامت  الستالينية بإستغلال جهل الناس وتكريس حالة اللاوعي لديهم . لذلك لايمكن  ان تمثل الستالينية المصالح والتطلعات الفعلية لأي قطاع من قطاعات الكادحين .ومن حيث الجوهر فالستالينية كانت آيديولوجية ونظاما معاديا للشعب. أمّا القاعدة الإجتماعية الحقيقية التي دأبت على تغذية الأشكال الناضجة من الستالينية  فقد كانت تختلف تماما، وباتت مكشوفة أكثر فأكثر مع مرور الزمن . بعدها صارت البيروقراطية هي القاعدة الإجتماعية الرئيسية للستالينية. فكان من الضروري التنبيه إلى أن هذه التجربة كما تبلورت في الثلاثينات على الخصوص  قد مثلت ثمرة  القراءة الستالينية لفكر لينين , ولا  ينازع أحد في أن الستالينية  هي القراءة الأكثر فقرا والأشد ضيقا فكريا، إضافة الى مالحقت بانطلاقة التجربة السوفيتية عموما مع ثورة 1917 من ملابسات تأريخية وليدة الواقع الروسي المتخلف آنذاك على مختلف الأصعدة (44). وقد اكّد ماركس في نقده  لبرنامج جوته ( إن وضع اي نظام إجتماعي ناشئ لايمكن أن يكون أبدا أرقى من الوضع الإقتصادي ودرجة الحضارة المرافقيْن له). وهناك آراء  تشير إلى (أن ظهور الستالينية لايمكن أن تفسر من خلال الظروف الداخلية والخارجية للإتحاد السوفيتي آنذاك بل ينبغي ان تستجلى الأسس الفكرية  لنشوء واستمرارية هذه الظاهرة، حيث أن هذه الأسس مرتبطة بسيادة مفهوم المرجعية الفكرية، فكلّ فكر جديد أو رأي مغاير يقيم ويحاكم على أساس مقارنته أو ابتعاده من هذه المرجعية الفكرية وفي حالة الإبتعاد فيُعد خيانة أوانحرافا، وفي أحسن ألحوال يعدّ ضعفا فكريا يستوجب إعادة التربية الفكرية والنظرية على أساس تعاليم المرجعية الفكرية . إن تظرة من هذا النوع  تغلق منابع الإبداع الفكري وتشيع جوّا من الرهبة والطغيان الفكري داخل التنظيم الحزبي (45).

 ونحن نعتقد أن التفسير الأرجح لظاهرة الستالينية والتداعيات التي رافقتها يمكن إدراجها تحت عنوان واحد هوالتخلف الإجتماعي، فلو كانت روسيا بلدا متحضرا لما حصلت تلك التداعيات. إنّ واقع روسيا لم يكن مهيئا لثورة اشتراكية. فالطموحات المتعالية على الواقع تقود المعاداة الديمقراطية. وهناك دراسات تؤكد أن هتلر لم يكن هدفه معاداة الديمقراطية بل طموحه القومي هو الذي قاده لمعاداة الديمقراطية.  كما أن الكثير من التجارب الديمقراطية  التي اخفقت في تحقيق مهماتها تؤكد هذه الأمر فالتخلف فالتخلف الإجتماعي يعيق الأحزاب السياسية عن تبني الديمقراطية الحقيقية رغم ادعائاتها بذلك.

  منظور ستالين  للعلاقات الدولية          

 بدايةً لابدّ من التأكيد بأن افكار ستالين قد انصبت على التطبيق الداخلي. ولعل مافي تكريس الأطروحة التي مهّد لها لينين ((الإشتراكية في بلد واحد)) مايدل على ذلك. فقد تمّ إقرارها كآيدليوجية للحزب في المؤتمر ال 14 للحزب المنعقد في نيسان   1925(46). والجديد في أفكار ستالين في هذا المجال هو أنّه فصل بين نوعين من التناقضات الأولى تناقضات داخلية وهي القائمة بين البرولياريا والفلاحين، والثانية تخص التناقضات الخارجية بين الإتحاد السوفيتي بلد الإشتراكية والبلدان الرأسمالية الأخرى. ويرى ستالين أن التناقضات الأولى يمكن التغلب عليها بجهود بلد واحد (الإشتراكية في بلد واحد ), أما  التناقضات الخارجية ( وهي موضوع بحثنا ) فيمكن التغلب عليها بجهود بروليتاريي عدة بلدان (الإنتصار النهائي  للإشتراكية) ,ولايجوزعند ستالين الخلط بين المجموعتين. ويمكن أن نميز  بين خطين  في فكر ستالين على صعيد التناقضات الخارجية أولهما  يخصّ الصراع مع الرأسمالية والآخر يخص المسألة القومية على الصعيد الدولي. بالنسبة للصراع مع الرأسمالية، وكما هو معلوم أن صراع الطبقات حسب ماركس هو اممي ،ولكن بسبب تجميده في دول الغرب وجدت الماركسية السوفيتية أن الصراع هذا اصبح يتعلق بمعسكرين دوليين، وهكذا كان لينين كما مرّ بنا يرى حتمية الحرب مع  الرأسمالية. لكّن ستالين لم يكن يرى مثل هذه الحتمية خصوصا بعد تطورات الأوضاع الدولية _كالحرب العالمية الثانية ومابعدها فقد كان يرى أن تطاحن البلدان الرأسمالية على امتلاك الأسواق، أقوى عمليا من التناقضات بين المعسكر الرأسمالي ومعسكر الإشتراكية(47).  وهكذا راهن ستالين على انهيار النظام الرأسمالي عن طريق تفاقم أزماته الداخلية وليس عن طريق حتمية الحرب مع النظام الإشتراكي.

اجتهد  ستالين  لتدعيم أركان الدولة الإشتراكية الأولى الموجودة ضمن عالم معاد لها تماماَ في الخارج،  قبل التطلع نحو تعميم النظام الإشتراكي على دول أخرى. فكان عليه مواصلة سياسة السلام اللينينية، وتأخير الحرب مع الرأسماليين، في سبيل تقوية الدولة السوفياتية والحفاظ عليها  واتمام عمليات البناء الداخلي فيها  كما اسلفنا. أما فيما يخص المسألة القومية على الصعيد الدولي ، ففي فترة زعامة ستالين للإتحاد السوفيتي حصلت الحرب العالمية الثانية ومانتج عنها من ضعف القوى الإستعمارية القديمة (بريطانيا _فرنسا ),واشتداد حدة الحركات الإستقلالية في العالم الثالث الأمرالذي طرح أمام المنظرين السوفيت مسألة القومية والوطنية وضرورة إتخاذ الموقف تجاهها. ولقد عبّر ستالين عن هذا الموقف من جانبين الأول : ـ هو أن الثورات القومية في دول العالم الثالث تخفف من عبء الضغط الرأسمالي الغربي على الإتحاد السوفيتي(48).أما الثاني فهو يخص وظيفة او مهمة الطبقة العاملة في الوضع الراهن آنذاك. فأمام الطبقة العاملة مهمة أساسية هي الدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية وعن الإستقلال والسلم (49). وهنا يبدو ستالين مخالفا لما درجت عليه الماركسية من رفض مسألة مشاركة الطبقة العاملة في الدفاع عن برجوازيتها تحت اسم الإستقلال.ومن الجدير بالذكر ان الإتحاد السوفيتي

كان يضم عدة قوميات، وقد انتهج ستالين في البداية سياسة استرضاء لها من اجل كسبها للثورة الإشتراكية(50). ولكّنه بعد ذلك شنّ هجوما على القوميات داخل الإتحاد السوفيتي في إطار سياسته لحل التناقضات الداخلية كما سنرى لاحقا.

المراجع

3–كاظم جواد صالح و العاني علي غالب , الانظمة السياسية , جامعة بغداد ,190-191, ص 5.

4-درويش ابراهيم , النظام السياسي , الجزء الاول , 1969,ص 22.

5– Robert Dahl,modern politixal   anallyses  new jersey  1964 p11 نقلا عن حسان العاني ,  الانظمة السياسية والدستورية المقارنة , جامعة بغداد  , 1986,ص 13

maurice Duverger ;  systemes  et Regimes politigues. Laftontct 1976p1

  6-  نقلا عن  حسان العاني , مصدر سبق ذكره , ص 12

7  – almond colmen  نقلا عن  حسان العاني مصدر سابق ص 13

8- حمادي شمران , النظم السياسية , مطبعة الارشاد ,1970, ص9 , نقلا عن حسان العاني , مصدر سابق ,ص 14.

9-  الكاظم صالح جواد و العاني علي غالب , الانظمة السياسية , جامعة بغداد ,  1990 ص 6-7.

10- العاني حسان محمد شفيق ,  مصدر سابق , ص 27

11- العاني حسان , مصدر سابق , ص 127-128.

12-الكاظم جواد صالح والعاني علي غالب, مصدر سبق ذكره ,ص 126-127.

13-  نفس المصدر ,ص 127-128.

 14- غوسيموف ونعيموف , الإحاد السوفيتي , لمحه تأريخية موجزة , دار التقدم ,موسكو , 1977, ص 195

15- البطريق عبد الحميد , التيارات السياسية المعاصرة , دار النهضة العربية ,بيروت ,1974,ص238,

16– بيرغسيف , الاتحاد السوفيتي ,الطبيعة الارض السكان ,دار التقدم ,موسكو , 1982, ص 63.

17-  النظام الداخلي للحزب الشيوعي السوفيتي  – اقره المؤتمر السابع والعشرين للحزب في 11 اذار1986 , دار وكالة نوفوستي , موسكو , 1986, ص 4.

18–  لوساج ميشال , النظام السياسي والاداري في الاتحاد السوفيتي , منشورات عويدات , بيروت –باريس , 1983 ,ص 24.

19-  غطاس اسكندر ، المصدر نفسه  ص 498.

20-   الشيخ نور هان ,  دور النخبة الحاكمة في هيكلة السياسة الخارجية , القاهرة,  2000. ص63.

21  – الدستور – القانون الاساسي لاتحاد جمهوريات السوفيت الاشتراكية ,دار اسعد ,بغداد , 1959

22- دستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية (القانون الاساسي ) اقره السوفيت الاعلى في الاتحاد السوفيتي في 7 تشرين الاول 1977 , دار التقدم , موسكو , 1977

23-غريغويانل  , مبادئ الدستور السوفيتي , ت خيري الضامن , دار التقدم , موسكو , 1980,ص 74.

 24- الشيخ نورهان , مصدر سابق , ص 68.

 * صحيح ان الدستور ثبت استقلالية القضاء الا ان الواقع غير ذلك فالقضاء مسؤول امام السوفيت الاعلى , كما تفرض عليه رقابة حزبية . انظر لوساج مصدر سابق ص 284.

 25-الشيخ نورهان , مصدر سابق ,ص 65.

 26-توفيق سعد حقي –  مبادئ العلاقات الدولية, الأكاديمية العربية في الدانمارك      السنة بلا  ص12

27-  علاء ابو عامر- العلاقات الدولية – دار الشروق ,   الأردن عمان ,  دار 004  ص23

28-  المصدر نفسه، ص 23

29- توفيق سعد حقي ، مصدر سابق , ص 13.

30-  ميرل مارسيل , سوسيولوجيا العلاقات الدولية , ت حسن نافعة , دار المستقبل العربي ,القاهرة 1986, 98-99.

31- توفيق سعد حقي , مصدر سابق , ص14

32-  حسن صعب – علم السياسة دار العلم للملايين , السنة بلا , ص

33- ابو عامر علاء , مصدرسابق , ص 24.

34- ابو عامر علاء ,  مصدر سابق , ص 24

35- محمد فهمي عبد القادر , المدخل لدراسة الاستراتيجية , بغداد 2004,  ص 310

36- عبد العزيز محمد اسامه , السياسة الدفاعية الروسية في بداية القرن الواحد والعشرين , مجلة السياسة الدولية , العدد (142) , 2000, ص 247.

37- ابادوراي  أ , ت عبد الله حسين , استخدام القوة في العلاقات الدولية , الدار القومية , القاهرة , ص

38- روستاين اندرو , ت سعديه غنيم , العالم الثالث والتعايش السلمي , الدار القومية  القاهرة , ص37.

39-  روستناين اندرو , مصدر سابق , ص 51-52

40- فودولازوف  غريغوري  , مجلة النهج ,(العدد 35-36), ص 45-46

وممسكة بتلابيب التجربة حتى سقطت بها في الهاوية (41).

41- الشفيع خضر سعيد ,الفكر العربي وتحولات العصر , دار الفارابي , بيروت 2006,ص261

42- ـ العزي سويم ,  الدكتاتورية الاستبدادية والديمقراطية والعالم الثالث , المركز الثقافي العربي , 1987, ص 29.

43-  العزي سويم ,  نفس المصدر , 30- 31.

 44 ـ    فودولازوف غريغوري ,   مجلة النهج ,(العدد 35-36) , ص

 45-   الشفيع خضر سعيد , الفكر العربي وتحولات العصر , مصدر سابق , ص2

  46- الشفيع خصر , مصدر سابق    ,    ص 223.

  47-   ستالين جوزيف ,   القضايا الاقتصادية للاشتراكية في الاتحاد السوفيتي ,  1966, ص59 – 60.

48- البراوي راشد , المذاهب الإشتراكية المعاصرة،  دراسة مقارنة , مكتبة الأنجلو مصرية , القاهرة , 1970, ص 148 – 149.

49- ستالين جوزيف , النظرية الماركسية اللينينية , دار الفارابي , بغداد , 1959, ص 42.

50– سويزي بيير , الماركسية بعد ماركس , ترجمة  جورج طرابيشي , سلسلة الثقافة المعاصرة , دار الطليعة , بيروت , 1975, 37-38.

بقلم رسمية محمد

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى