الأزمة الخليجية: المأزق الأمني كمقترب تحليلي
الأزمة الخليجية: المأزق الأمني كمقترب تحليلي
Golf crisis: security dilemma as analytical approach
مصطفى كردالواد – جامعة سطيف 2-
المأزق الأمني أو المعضلة الأمنية Security dilemma كما وصفها جون هيرز John H. Herz في خمسينيات القرن العشرين هي مفهوم بنيوي تقود فيه محاولات الدول لتحقيق أمنها إلى زيادة تعرض دول أخرى للخطر، فكل طرف سوف يفسر الإجراءات التي يقوم بها الطرف الآخر بأنها خطر محتمل، وهو ما يدفعه هو الآخر إلى السعي لزيادة قوته العسكرية، فيدخل الطرفان في الأخير في دوامة الفعل وردة الفعل إلى ما لا نهاية.
فالأزمة الخليجية المندلعة مؤخرا هي وليدة تراكمات أزموية متراوحة في الشدة، دفعت بها متغيرات إقليمية وأخرى دولية إلى العلن بحدة غير مسبوقة، بشكل أحدث شرخ في نظرية الأمن الخليجي، كمشروع أمن إقليمي لحماية المصالح الحيوية لدول مجلس التعاون الخليجي التي تتربص بها تهديدات ومخاطر مشتركة فرضها النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة .
لكن المتأمل يرى ما يشبه سباق تسلح محموم في منطقة الخليج العربي، أذكت ناره الأزمة الخليجية التي رافقها عقد صفقات تسلح تاريخية بين أبرز فواعل الأزمة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لاقتناء طائرات وسفن وقنابل موجهة بدقة، ومنظومة رادار متطورة قادرة على إسقاط الصواريخ الباليستية. وبالمقابل قامت قطر وتركيا في بداية الأزمة بتسريع تفعيل اتفاقية التعاون العسكري التي تقضي بإقامة قواعد عسكرية ونشر قوات تركية في الأراضي القطرية، وفي نفس السياق لجأت قطر إلى الولايات المتحدة حليفها الاستراتيجي الذي يقيم على أراضيها أكبر قاعدة عسكرية في منطقة الخليج العربي، لكن في هذه المرة لجأت قطر إلى حليفها من أجل عقد صفقة تسليح لشراء طائرات مقاتلة.
إجمالا يمكن القول بأن إنفاق دول الخليج العربي على التسلح يتجاوز كل ما هو معروف في العالم، ورغم ذلك لا تحقّق هذه المنظومات الدفاعية المتفوقة أي نوع من الردع أو الاحتواء للنفوذ الإيراني في منطقة الخليج العربي، ربما هذا ما يدفع إلى الاعتقاد بأن سباق التسلح المندلع في المنطقة يجري بين دول الخليج نفسها، وليس بينها وبين وإيران.
