دراسات سياسيةدراسات شرق أوسطية

الأزمة الخليجية وتداعياتها الجيوسياسية على مستقبل الامن الاقليمي العربي

أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد واحدة من أسوأ مراحل الاستقطاب والتوترات الطائفية التي تأججها صراعات أهلية ومنافسة إقليمية حادة بين السعودية وإيران فالسياسات العربية قد شهدت تحوّلاً كبيراً منذ ما يعرف بالربيع العربي، الأمر الذي أدى إلى تفكك الأنظمة السياسية واضطرابات أمنية وتهديد سيادة الدول. فالصراع المستمر بين أطراف تطمح إلى الحرية من جهة، وأخرى تخاف من فقدان السلطة من جهة أخرى، قد خلق لعبة يخسر فيها جميع الأطراف وتؤثّر سلباً في كافة شعوب المنطقة. ويهدد استمرار هذه اللعبة بتنامي التهديدات الامنية في المنطقة العربية فغياب مشروع عربي لبناء الدولة أثّر في دول المنطقة وكشف نقاط ضعفها خاصة منذ بداية الازمة الخليجية. و حتى أنّ الدول الأكثر تأثيراً من غيرها في المنطقة، أي إسرائيل، وإيران، تبرز أجندات واضحة، لاسيما وأنّ إسرائيل تطمح لأن تعرض نفسها كقوى إقليمية. وفي الوقت الذي يستمرّ المشروع الإيراني في توسيع نطاق نفوذه في المنطقة. إنّ الأزمة الخليجية قد زادت الفوضى في المنطقة، الأمر الذي أعطى الفرصة لايران و اسرائيل زيادة نفوذهما في المنطقة العربية بطريقية مقلقة جدا.

ومن جهة اخرى ان التعرض للحديث و البحث في الأزمة الخليجية باعتبارها جزءاً من انفتاحٍ سياسي، ليس فقط بالنسبة لقطر، بل أيضاً للمنطقة ككل. ففرض العقوبات على قطر قد أعطاها الفرصة لإحداث تطور ملحوظ في سياستها، الآن وقد احتشد شعبها لدعم أميرهم من أجل تخفيف التوتر الحاصل بين قطر والكتلة التي تترأسها السعودية اعتقد أن تتغيّر التوقعات يجب علي دول المنطقة التخلي عن خطابات العدائية فالدول تستطيع اختيار حلفائها، لكنها لا تستطيع اختيار جيرانها ، وأنه لا بد من إفساح المجال للتوصل إلى تسوية سياسية، لأنه حتى الآن لقد تم تجاهل إمكانية وضع سيناريو بعيد عن مقاربة من اجل الكسب مستعد للخسارة كل شئ و باي ثمن و هذه عملية السقوط الحر التي يخسر فيها كافة الأطراف إلى حد كبير إنّ اتفاقيات الأمن الجماعية تعمل بشكلٍ أفضل ما إذا ساهم الجميع فيها وأبدوا تقبلهم لوجود الآخر أن الازمة الخليجية ليست بسيطة كما يعتقدها البعض فهي تؤثر على الأمن العربي وكل من ينظر لها على أنها أزمة صغيرة فإنه لا يعطي مسألة الأمن الإقليمي العربي حقها، والشعوب عندما تتأثر بهذه الأزمة بشكل مباشر فهذا يجعلها أزمة كبيرة، كما أن الشعوب الخليجية تأثرت بهذه الأزمة بشكل مباشر سواء كان على المستوى الدراسي أو العائلي وأيضا علي مستوى النسيج الاجتماعي و الهوياتي العربي و الديني ان الازمات التي تمر بها المنطقة العربية كثيرة في سوريا وليبيا والعراق و اليمن وطبعا أزمة فلسطين التي الآن دخلت في عشرات السنوات وتكاد تكمل مائة عام ولم تجد لها أي حلول عادلة.

أن الأزمة التي تمر بها منطقة الخليج ، ليست بمعزل عن الأزمات التي يشهدها الاقليم العربي، وإنما هي جزء من هذا السياق وجزء من لعبة النفوذ فدخول قوى إقليمية على الخط ينذر بأن موازين القوى والتحالفات قد تنقلب كليا إذا استمرت الأزمة. فكيف ستؤثر هذه الأزمة على مستقبل العلاقات بين تركيا والسعودية وماذا تستفيد إيران؟ زيادة عن ذلك انإن السياسية التي تعتمدها واشنطن في هذا الملف “تصب الزيت على النار.

في الحقيقة أن إدارة الأزمة الخليجية تستدعي كفاءة ومواهب، إضافة إلى وعي بكافة تعقيدات عالم هذا اليوم. يكتشف الخليجيون أن حدّة النزاع الحالي لا تنفع معه توليفات علاجية بيتية تنتهي بتطييب الخواطر، وأن مخارج الأزمة يصعب استشرافها كلما امتد زمنها، لا سيما أن العالم بات دون شك متموضعا مع مأزق طويل الأمد خاصة ان المنطقة العربية تشهد ، حالة من حالات عدم الاستقرار، نظراً للتحولات الاستراتيجية التي تشهدها المنطقة، منذ سقوط نظام الرئيس صدام حسين عام 2003، فقد دخلت المنطقة في طور تحولات عميقة، في إطار الفوضى الخلاقة أو حرب الكل ضد الكل، عقب انتشار ظاهرة التطرف، والصراع الديني والمذهبي في كل أرجاء المنطقة وومع تصاعد حدة الأزمة بين قطر ودول الخليج بدأ شيء ما يتغير سريعاً في الشرق الأوسط, تحالفات تنهار، وتولد أخرى، محاور تعيد تموضعها, وسرعان ما تؤول الصداقة عداوةً , والعدو يغدو صديقاً، كل ذلك بات متسارعاً بعد زيارة ” دونالد ترامب – الرئيس الأمريكي ” إلى المنطقة , وخاصةً , زيارته إلى المملكة العربية السعودية , واجتماعه مع قادة العشرات من الدول العربية والإسلامية في العالم انفجار الأزمة الخليجية, بظهور توتر في العلاقات مع قطر, وصلت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية للعديد من الدول العربية والاسلامية معها, وانتشار الأزمة في جميع الاتجاهات الإقليمية والدولية …كان لذلك تداعيات بدأ تأثيرها يلوح في أفق المنطقة , لتلقي بظلالها على مستقبل المنطقة برمتها , وخاصة على مسار الأزمة السورية المستفحلة منذ ما يقارب السبع سنوات فبعد أن كان المحور الأمريكي – الخليجي – التركي مرابضاً في وجه المحور الروسي – الإيراني – السوري … على ما يبدو بدأت هذه المعادلة بالتفكك , لتستبدل بأخرى مغايرة تماماً , من حيث المعطيات والمخرجات . وهكذا ألقت الأزمة الخليجية بظلالها على المشهد العربي والخليجي، فهذه الأزمة في طريقها للقضاء على مجلس التعاون الخليجي، بسبب إصرار أطراف الأزمة على مواقفها، وفشل المجلس عن القيام بدوره، خاصة بعد فشل جهود الوساطة التي قامت بها الكويت و الدول العربية.

الدكتور حكيم غريب

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى