الأمن الدولي وإستراتيجيات التغيير والإصلاح

ان الانتقادات الموجهة إلى المبادرات الإصلاحية كانت مبادرات خارجية ومفروضة وغير متفق عليها مع شعوب المنطقة وحكوماتها، وإن كان التمييز بين المبادرات الأوروبية والأميركية ضرورياً هنا من خلال حرص أوروبي أوضح على تفهم قضايا المنطقة وما ينجم عنه من دور أوروبي أكثر توازناً إزاء مشكلات الصراع العربي الصهيوني والموقف من احتلال العراق مقارنة بالموقف الأميركي. إلاّ أن التعديلات التي أدخلها الأميركيون بعد مؤتمر قمة الثماني على مبادرتهم قد أسقطت ولو شكلياً هذا الاعتراض. إذ تضمنت وثيقة ” خطة مجموعة الثماني لدعم الإصلاح “القول صراحةً ” نرحب بالرغبة والتزام مواصلة التحديث اللذين عبّر عنهما زعماء المنطقة” وذلك في إشارة إلى القمة العربية في تونس. وتضيف الوثيقة” ومن خلال التشاور والحوار مع زعماء وأشخاص في المنطقة،واستجابة لأولويات الإصلاح التي حددتها المنطقة، بما في ذلك تلك التي حددتها جامعة الدول العربية، طوّرنا خطة أولية لدعم الإصلاح”. وذلك من خلال إنشاء منبر للمستقبل يضم مسؤولين ووزراء وقوى مدنية من مؤسسات الأعمال يقدم عبرها المشاركون آراءهم في الإصلاح ويعملون مع الحكومات على صعيد التنفيذ. وإذا كانت التعديلات السابقة قد أسقطت صفة الفرض والخارجية عن المبادرة الأميركية ولو شكلياً، إلاّ أن الاعتبارات الحقيقية الكامنة وراءها ما زالت تعبّر في عمقها عن رؤية ومصالح الآخر وتعكس إلى حد بعيد وجهات نظره فيما يجب أن يكون عليه مستقبل المنطقة حتى تتلاءم مع المتغيرات المرغوبة ولا تشكّل عوائق في طريقها.

و إن هذه المبادرات،والأميركية منها خصوصاً، لا تتوافق مع المواقف المعلنة للولايات المتحدة المعروفة بانحيازها المتواصل لإسرائيل واحتلال العراق، الأمر الذي أضعف مصداقية أميركا وهزّ بعنف صورتها في المنطقة على ما تبين استطلاعات الرأي العام في أميركا نفسها. فالخلط المتعمد بين الإرهاب وحق الشعب في مقاومة الاحتلال والسيادة والاستقلال قد أدخل أميركا بقيادة المحافظين الجدد في تناقض جوهري مع حركات التحرر وحقوق الشعب ومع ملايين متزايدة في العالم ممن يرون في محاولات الهيمنة الأميركية خطراً وجودياً يهدد انتماءهم الحضاري وهويتهم الثقافية. وبعد أن كانت الولايات المتحدة الأميركية حتى النصف الأول من القرن العشرين معروفة بدعمها لحركات التحرر من الاستعمار التقليدي الإنجليزي والفرنسي ورفعها للواء حقوق الإنسان في العالم، حدث تبادل درامي في الأدوار الإمبراطورية بين أوروبا وأميركا لتصبح أوروبا أكثر تفهماً لحقوق الشعب وتتزعم أميركا حركة التوسع والهيمنة بسبب تربعها على هرم القوة الاقتصادية والعسكرية في العالم. باختصار، لم تقدم الولايات المتحدة الأميركية، سواء بعلاقاتها المميزة مع الأنظمة العربية المغلقة والحليفة لها، أو من خلال مواقفها المعلنة والمتحيّزة لإسرائيل المثل أو النموذج الذي يمكّنها من حيازة المصداقية الضرورية لنجاح مبادراتها في المنطقة. ومن بين الأهداف الأكثر أهمية في إستراتيجية صندوق النقد الدولي تشجيع البلدان النامية على الاستدانة الخارجية وتكبيلها بشروط الدين الخارجي وأعبائه لتحقيق هدفين أساسيين الأول : جني الأرباح الخيالية التي تحلم بتحقيقها في البلدان الرأسمالية.

والثاني : أحكام السيطرة على الاقتصاديات النامية وتحويلها الى المقصلة الرأسمالية.لقد أرادت البلدان الاحتكارية ان يكون صندوق النقد الدولي اداة بيدها لتنفيذ مشاريعها في الإقراض الخارجي وخلق الفرص الذهبية لاستثماراتها في البلدان النامية , ولهذا تصاغ سياسات صندوق النقد الدولي بالتوافق مع السياسات الرأسمالية للدول الاحتكارية. وللتغطية على النوايا المبيتة والأهداف التي تخطط لها البلدان الاستعمارية خلف صندوق النقد الدولي لإيقاع البلدان المتخلفة في شباك المديونية الخارجية إن الأهداف الرامية إلى استنزاف موارد العالم الثالث بشعارات المساعدة والمعونة وغير ذلك من الشعارات التي تختفي ورائها خططاً ومؤامرات جهنمية لاستعمار العالم النامي .فمن الأهداف المعلنة لصندوق النقد الدولي ما يلي،تسهيل النمو المتوازن للتجارة العالمية، وتطوير الاستقرار في سوق صرف النقدي الدولي ،وتشجيع التعاون الدولي في الميدان النقدي والتآزر فيما يتعلق بالمشكلات النقدية الدولية ،وتمكين البلدان الأعضاء بصندوق النقد من الاستفادة من موارده المالية.

ومن الأهداف الأخرى لصندوق النقد الدولي تقديم المساعدة الفنية والتدريب من اجل دعم القطاعات المالية والتقنية وتنظيم الجهاز المصرفي وتحسين ادارة السياسات الضريبية والجمركية وادارة الدين الخارجي والداخلي . إن البلدان النامية لم تحصد من هذه الأهداف المعلنة سوى المزيد من الخراب الاقتصادي واستعصاء مشاكل التضخم والبطالة وتراكم الديون الخارجية , لأن سياسة الإقراض لصندوق النقد الدولي تقيد البلدان المدينة بحزمة من السياسات الرأسمالية المعبر عنها بوصفة الصندوق التي تجهز على آخر الآمال المرجوة من مساعدات الصندوق لاجتياز الأزمة . فالاتجاهات الرئيسية الإستراتيجية الصندوق تشدد الخناق على البلدان النامية بما يخدم مصالح الرأسمال الطفيلي ودفعها نحو المزيد من الاستدانة الخارجية في سبيل تكبيلها بديون باهظة لتكون مدخلاً لفرض شروط الدول الدائنة ومصادرة قرارها الوطني .وتكتسب موافقة صندوق النقد على تمويل البلد المعني أهمية كبيرة.

تحميل الكتاب

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button