الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية المتعلقة بحظر أسلحة الدمار الشامل

بُذلت الجهود الدولية لحظر أسلحة الدمار الشامل ومنع انتشارها في خطين متوازيين: الأول يهدف إلى تحريم استخدامها في الأغراض العسكرية، والثاني يهدف إلى منع تحويلها من الأغراض السلمية إلى الأغراض العسكرية.

وقد أسفرت هذه الجهود الدولية عن مجموعة من المعاهدات الدولية التي دخلت جميعها حيز التنفيذ، وهي كالآتي:

1. معاهدة القطب الجنوبي سنة 1959 The Antarctic Treaty

وقع هذه المعاهدة أثنتا عشرة دولة، في أول ديسمبر سنة 1959، في واشنطن. واتفقت أطراف المعاهدة على استخدام القطب الجنوبي فقط من أجل الأغراض السلمية، وعلى تحريم أي إجراءات ذات طبيعة عسكرية، بما يشمل كل أنواع الأسلحة. كما نصت المعاهدة على تحريم أي تفجيرات نووية، وعدم التخلص من فضلات المواد المشعة في القطب الجنوبي[1].

ولضمان عدم الإخلال بأحكامها، مَنحت المعاهدة، أطرافها الحق في إرسال مراقبين Observers للتفتيش. في أي وقت، وفي أي منطقة من مناطق القطب الجنوبي، بما فيها محطات، ومنشآت، ومعدات. وكذلك تفتيش جميع السفن، والطائرات، في نطاق الوصول والمغادرة للقطب الجنوبي.

وتعد هذه المعاهدة أول معاهدة تحرّم التجارب النووية، وتخلق أول منطقة في العالم خالية من الأسلحة النووية.

2. معاهدة حظر تجارب الأسلحة النووية في الجو، وفي الفضاء الخارجي، وتحت الماء، سنة 1963

Treaty Banning Weapon Tests in the Atmosphere, in Outer Space and Under Water

في أغسطس 1963، وقع على هذه المعاهدة كل من الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي السابق، والمملكة المتحدة. وتهدف هذه المعاهدة إلى وضع حد لتلوث المحيط البشري بالمواد المشعة، كخطوة أولى نحو تحقيق وقف تجارب تفجير الأسلحة النووية نهائياً، وتحقيق هدف أساسي وهو نزع السلاح.

وتحظر المعاهدة على أطرافها، أي تفجير لتجربة سلاح نووي، سواء كان على سطح الأرض، أو في الجو، أو في الفضاء الخارجي، أو تحت الماء، بما يشمل المياه الإقليمية، أو أعالي البحار، أو في أي مجال آخر، إذا كان هذا التفجير يؤدي إلى وجود مخلفات مشعة خارج حدودها الإقليمية.

وقد أصبحت المعاهدة سارية المفعول اعتباراً من 10 أكتوبر 1963، بعد إيداع الأطراف الثلاثة الأصلية تصديقاتها على المعاهدة. وقد انضم إليهم أكثر من 100 دولة. ويطلق على المعاهدة اختصار Treaty Test Ban (T T B).

3. معاهدة المبادئ المنظمة لنشاط الدول في ميدان اكتشاف استخدام الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى، سنة 1967

Treaty Principles Governing the Activities of States in the Exploration and Use of Outer Space, Including the Moon and Other Celestial Bodies

نصت هذه المعاهدة على تحريم وضع أية أسلحة نووية، أو أي نوع آخر من أسلحة الدمار الشامل، في مدار حول الأرض، أو على الأجرام السماوية، أو في الفضاء الخارجي. ويقصر استخدام القمر والأجرام السماوية الأخرى في الأغراض السلمية.

4. معاهدة حظر الأسلحة النووية في أمريكا اللاتينية (معاهدة تلاتيلولكو سنة 1967)

Treaty for the Prohibitation of Nuclear Weapons in Latin America (The Tlatelolco Treaty)

أُبرمت هذه المعاهدة في 14 فبراير سنة 1967، وتهدف إلى جعل أمريكا اللاتينية منطقة خالية من السلاح النووي. وهي تحرّم على أطرافها القيام بأي نشاط في أقاليمها في مجال الأسلحة النووية، وتقصر استخدام الطاقة النووية على الأغراض السلمية فقط.

وتعد أمريكا اللاتينية، وفقاً لهذه المعاهدة أول منطقة في العالم، آهلة بالسكان خالية من الأسلحة النووية. وأن هذه المعاهدة تتيح تطبيق ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لمنع تحويل الاستخدامات السلمية للطاقة النووية إلى الأغراض العسكرية.

5. معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية سنة 1968

Treaty on Non-Proliferation of Nuclear Weapons NPT

في نهاية عام 1967، وُضعت معاهدة منع الانتشار في صورتها النهائية، كثمرة لجهود عشرين عاماً في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولجانها المتخصصة، وعشرة أعوام في لجنة الثمانية عشر، وعقب مفاوضات قدمت إلى الجمعية العامة بعد تعديلها في 11مارس 1968؛ فأصدرت الأخيرة قراراً بدعوة الدول إلى توقيعها في 12 يونيه 1968، فوقعتها أكثر من 70 دولة آنذاك.

أصبحت معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية سارية المفعول اعتباراً من عام 1970، وتضمنت بنداً ينص على عقد مؤتمرات مراجعة كل خمس سنوات. وعقدت تلك المؤتمرات بالفعل في الأعوام: 1975، 1980، 1985، 1990. كما كان ثمة بند ينص على أن مدة سريان المعاهدة هو خمسة وعشرون عاماً. وفي مؤتمر المراجعة المنعقد في ما بين 17 إبريل ـ 6 مايو 1995، قرر المؤتمر أن يكون سريان المعاهدة لأجل غير مسمى.

أ. ‌أهداف المعاهدة

وضعت ديباجة المعاهدة وموادها في الاعتبار أن “التدمير الذي سوف يصيب الجنس البشري نتيجة الحرب النووية، والحاجة الملحة لبذل أقصى الجهود لمنع مثل هذه الحرب، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين سلامة الشعوب، وأن انتشار الأسلحة النووية يزيد من خطر قيام حرب نووية، وأن الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية يجب أن يكون متاحاً لجميع أطراف المعاهدة لما له من فوائد جليلة تعود على البشرية جمعاء”.

وقد تضمنت هذه المعاهدة، مبادئ وأحكاماً، ترمي إلى تحقيق أهداف، فورية عاجلة، تتحقق آلياً بعد وضعها موضع التنفيذ، والتزام الأطراف بما جاء فيها من أحكام. إضافة إلى أهداف أخرى تتحقق في مراحل آجلة، كأثر مباشر لتنفيذ أحكام المعاهدة. أو نتيجة لمواصلة الجهود وإتمام الإجراءات، التي حثت المعاهدة على المضي فيها.

وتتضمن الأهداف الفورية العاجلة:

(1) منع انتشار الأسلحة النووية.

(2) تطوير استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية، مع الالتزام بنظام للضمانات يحقق هذين الهدفين.

أما الأهداف الآجلة، فتتضمن:

(1) منع الحرب النووية.

(2) تأمين سلامة الشعوب.

(3) منع سباق التسلح.

(4) العمل على وقف جميع التجارب النووية.

(5) تخفيف حدة التوتر الدولي وتقوية الروابط بين الدول.

(6) وقف صناعة الأسلحة النووية وتدمير ما هو موجود منها، طبقاً لمعاهدة تعقد من أجل الحظر الشامل للتسلح.

ب. المعاهدة ومنع انتشار الأسلحة النووية

تضمنت المادة الأولى، تعهداً تلتزم به الدول الأطراف التي تمتلك الأسلحة، ألا تنقل ـ بطريق مباشر، أو غير مباشر ـ إلى أي “متسلم”، أياً كان، أسلحة نووية، أو أية أجهزة للتفجير النووي، أو تشرف، على هذه الأسلحة، أو الأجهزة، وكذلك ألا تساعد، أو تشجع، أو تحرض، بأية طريقة كانت، دولة غير ذات أسلحة نووية. على صنع، أو الحصول، على أسلحة نووية، أو أية أجهزة أخرى، للتفجير النووي، أو أن يكون لها إشراف على مثل هذه الأسلحة أو الأجهزة.

كما تضمنت مادتها الثانية، التزاماً آخر، تتعهد فيه الدول الأطراف، التي لا تملك الأسلحة النووية، ألا تقبل ـ بطريق مباشر، أو غير مباشر ـ من أي “ناقل”، أسلحة نووية، أو أي أجهزة أخرى، للتفجير النووي. أو الإشراف على هذه الأسلحة، أو الأجهزة، وكذلك لا تصنع أو تحصل، على أسلحة نووية. أو أي أجهزة أخرى للتفجير النووي، وألا تقبل المساعدة، على صنع هذه الأسلحة، أو الأجهزة، أو تسعى إليها.

‌ج. استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية

أكدّت المعاهدة في ديباجتها على فوائد الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية، وضرورة إشراك جميع الدول الأطراف في هذا المجال.

كما ألزمت المادة الخامسة، أطراف المعاهدة، بالتعاون على ضمان إتاحة المنافع المحتملة، لأية استخدامات، سلمية للتفجيرات النووية، للدول التي لا تملك أسلحة نووية، وذلك عن طريق إجراءات دولية، مناسبة. على أن يكون التعاون، على أساس عادل، دون تفرقة، وبأقل سعر ممكن، دون أن يتحمل المستفيد، تكاليف البحث، والتطوير.

وتوسيعاً لنطاق الاستخدام السلمي للطاقة النووية، أكدت المعاهدة في الفقرة الأولى، من المادة الثانية، حق جميع الأطراف الثابت، في بحث، وتطوير، وإنتاج، واستخدام الطاقة النووية، في الأغراض السلمية، في حدود نظام الضمانات، دون تعطيل لهذا الاستخدام. كما أكدت الفقرة الثانية، من هذه المادة، حق الدول الأطراف في تبادل المعلومات العلمية والتكنولوجية لاستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية. كما ألزمت هذه الفقرة، الدول القادرة بالإسهام ـ فرادى أو مع غيرهم، أو ضمن منظمات دولية ـ في تحقيق هذا الهدف.

د. ضمان الاستخدام السلمي للطاقة النووية

تضمنت هذه المعاهدة عدة أحكام، ومواد، تهدف إلى ضمان تحقيق الهدف الفوري الثاني، دون تعارض مع الهدف الأساسي، من عقدها، وهو منع الانتشار، ووضعت شروطاً خاصة لذلك. ويعد قبول نظام الضمانات، والالتزام بها، مقتصراً على الدول الأطراف، التي لا تملك أسلحة نووية، دون الدول ذات الأسلحة النووية، كما جاء في المادة الثالثة. وتحدد هذا النظام اتفاقيات تعقد بين هؤلاء الأطراف، وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفقاً لنظامها الأساسي ونظام ضماناتها. ويشترط فيه ألا يتعدى التحقق من تنفيذ الالتزامات، التي تضعها المعاهدة، لمنع تحويل الاستخدامات السلمية إلى أغراض عسكرية. ويمتد نطاق تطبيق نظام الضمانات إلى المواد المصدرية، والانشطارية الخاصة، سواء كانت داخل أو خارج المنشآت، والأجهزة النووية، في جميع المناطق التي يجرى فيها نشاط نووي، سواء كانت داخل أقاليم الدولة، أوفي أية منطقة خاضعة لسلطانها، أو تحت إشرافها. أما الأشياء الخاضعة لهذا النظام، فتشمل المواد المصدرية، والمواد الانشطارية الخاصة، والمعدات المصممة خصيصاً، أو المعدة لتصنيع، أو استخدام، أو إنتاج مواد إنشطارية خاصة، لأية دولة غير مالكة للأسلحة النووية. وتشترط الفقرة (3) من المادة الثالثة، أن يطبق النظام دون الإضرار بالتطور الاقتصادي، والتكنولوجي، للأطراف، أو بالتعاون الدولي في مجال نشاط استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية.

وعلى الرغم من أن للمعاهدة أهمية خاصة، في مجال منع انتشار الأسلحة النووية، والعمل على نشر الاستخدام السلمي للطاقة النووية، ألا أنه قد وجه إليها بعض الانتقادات، التي تعيبها في عدة نواحٍ في مجالات عملها:

(1) في مجال منع انتشار الأسلحة النووية ـ الذي وضعت أساساً من أجله ـ لم تتضمن أحكاماً تلزم الدول ذات الأسلحة النووية، بالامتناع عن استلام أسلحة نووية، من الدول الأخرى، ذات الأسلحة النووية، التي ليست أطرافا فيها. كما أنها لا تمنع التعاون، بين الدول ذات السلاح النووي في صناعة وتطوير وإنتاج الأسلحة النووية، ولا تمنع انتقال الوضع النووي، الذي تتمتع به أية دولة تملك سلاحاً نووياً، إلى أي اتحاد تنضم إليه في المستقبل، وليس لها أثر رجعي؛ إذ لا يمكن تطبيقها لمنع الانتشار القائم حالياً بين الأحلاف والقواعد العسكرية؛ كذلك لا تمنع من وضع خطط نووية للأحلاف العسكرية، وتعتمد على أسلحة نووية مكدسة في مخازن الدول النووية العظمى. ومما يزيد في ضعفها في هذا المجال، عدم انضمام دولتين نوويتين ودول كثيرة إليها، ومنها دول قادرة على صناعة الأسلحة النووية، وسوف تعمل على صناعتها إذا تطلب أمنها ذلك.

(2) في مجال نشر الاستخدام السلمي للطاقة النووية لم تضع المعاهدة معياراً كمياً، أو كيفياً، للمساعدة التي تقدمها الدول النووية، للدول الأخرى. وتركت المساعدة خاضعة للظروف السياسية، والاقـتـصادية، والعسكرية، دون تحديد قاطع. وفي سبيل هذه المساعدة، تخضع الدول غير ذات السلاح النووي لنظام ضمانات يخلق نوعاً من الوصاية، والإشراف على نشاطها في المجال النووي.

(3) أنها لم تحقق توازناً بين الالتزامات والمسؤوليات؛ فهي تؤكد المركز المتميز، وتدعم الاحتكار النووي، في جانب، وتعرض الإشراف، والرقابة، في جانب آخر، وتلزم الدول غير ذات الأسلحة النووية، أطرافها بالامتناع عن امتلاك الأسلحة النووية، دون أن توفر لها حماية فعالة منها. ولو أن الدول النووية الثلاث، الأطراف فيها، تعهدت بتوفير الدعم والمعاونة العاجلة – طبقاً لميثاق الأمم المتحدة – إلى أية دولة غير ذات سلاح نووي، طرف في المعاهدة، تتعرض لمثل هذا العدوان. كما صدر قرار من مجلس الأمن رقم 255 لسنة 1968، يؤكد ذلك، إلا أن هذا لا يرتقي إلى حكم تعاقدي، كما يجب أن تتضمنه المعاهدة. كما أن استخدام القوة طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، يضعف أثره في العدوان النووي، لما يحتاجه من إجراءات ووقت في مجلس الأمن. يضاف إلى ذلك أن هذا الاستخدام يخضع لحق الاعتراض، وتمتلك هذا الحق في مجلس الأمن دول ليست أطرافاً في المعاهدة. كما أن اتخاذ قرار باستخدام الأسلحة النووية، ضد دولة تمتلك الأسلحة النووية، يخضع لاعتبارات خاصة بأمن الدولة الأولى، ومدى استعدادها للتراشق النووي، عبر القارات، من أجل الدفاع عن غيرها مما لا يجعل المعاونة عاجلة أو مؤكدة.

هـ. الأسباب التي تدعو إلى ضرورة تعديل المعاهدة

تجدر الإشارة إلى أن هناك تزايداً ملحوظاً في المطالب الدولية – خاصة من جانب العالم الثالث – بضرورة تعديل بعض أسس معاهدة منع الانتشار الأسلحة النووية “N.P.T” ارتباطاً بحدود المتغيرات الدولية الجديدة. وفي هذا المجال يمكن الإشارة إلى ما يلي:

(1) اتجاه بعض الدول، مثل (الهند)، إلى محاولة إيجاد بعض القناعات الدولية لصالح تعديل أسس معاهدة انتشار الأسلحة النووية، بما يسمح بانضمام هذه الدول إلى النادي الذري، ومعالجة الرفض الغربي المستمر لانضمامها.

(2) إعلان الأمين العام للأمم المتحدة في يناير 1993، وعلى إثر توقيع معاهدة الأسلحة الكيماوية الجديدة، ازدياد الحاجة الدولية لبلورة معاهـدة جديدة للأسلحة النووية، على النمط نفسه، وبما يحقق أهداف “نزع” السلاح النووي على المستوى العالمي.

(3) رؤية العديد من الدول أن معاهدة “N.P.T.”ذات طابع تمييزي لصالح الدول النووية، وتتصف بعدم توفيرها ضمانات كاملة للدول غير النووية، خاصة في مجال التعهد بعدم استخدام الأسلحة النووية، أو التهديد باستخدامها في مواجهتها.

(4) استمرار وجود بعض الدول النووية – فعلاً – غير المنضمة إلى معاهدة “N.P.T.”، وبشكل يتناقض مع جوهر المعاهدة، ودون وجود قوى مؤثرة ضاغطة تسمح بتخليها عن الخيار النووي (مثل الهند، وباكستان، وإسرائيل).

6. معاهدة حظر وضع الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، في قاع البحار والمحيطات وباطن تربتها، سنة 1970

Treaty on the Prohibitation of the Emplacement of Nuclear Weapons and other Weapons of Mass Destruction on the Sea – Bed and the Ocean floor and in the Subsoil there of

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع هذه المعاهدة في ديسمبر سنة 1970، ووقعتها الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفييتي السابق، والمملكة المتحدة البريطانية، في 11 فبراير سنة 1970.

تحرم المعاهدة وضع، أو زرع، الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، في قاع البحار والمحيطات. وما تحت القاع، خارج نطاق الحد الخارجي لمنطقة الإثنى عشر ميلاً المشار إليها في القسم الثاني من اتفاقية البحر الإقليمي والمنطقة المجاورة لسنة 1958.

7. المعاهدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي لتحديد تجارب الأسلحة النووية تحت الأرض، سنة 1974

Treary Between the United States of America and the Union of Soviet Socialist Republics on the Limitation of Underground Nuclear Weapons Test

أُبرمت المعاهدة في 3 يوليه سنة 1974، ويتضح من ديباجتها الهدف منها وهو تخفيض سباق التسلح النووي، من أجل تحقيق نزع عام شامل للسلاح، تحت رقابة دولية فعالة في أقرب وقت ممكن.

نصت المعاهدة على حظر القيام بتجارب نووية، تحت الأرض، بمقدار يزيد عن 150 كيلو طن. كما أن كل طرف، سيقوم بتخفيض التجارب النووية تحت الأرض إلى أدنى حد، وأن الطرفين سوف يستمران في مفاوضاتهما للوصول إلى التخلي عن جميع تجارب الأسلحة النووية تحت الأرض.

8. اتفاقية حظر وتطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والـسموم وتدمير الموجودة منها، سنة 1973

Convention on the Prohibition of the Development, Production, a stock piling of Bacteriological (Biological) & Toxins Weapons, and their Desruction

فُتح باب التوقيع والانضمام للاتفاقية، في واشنطن، وموسكو، ولندن، منذ 10 أبريل 1973، وأصبحت سارية المفعول من 26 مارس 1975، بعد انضمام 23 دولة إليها.

وفى مارس عام 1980، عُقد مؤتمر المراجعة الأول في جنيف. وكان عدد الدول، التي انضمت للاتفاقية حتى ذلك التاريخ، 87 دولة وعدد الدول التي وقعت فقط، دون أن تضع تصديقاتها على المعاهدة، 39 دولة، من بينها مصر. ولم توقع إسرائيل على الاتفاقية.

ولا تتضمن هذه الاتفاقية وسيلة فعالة للتحقق من التزام الدول الأطراف بها، وتُرك أمر التحقق والتأكد والتفتيش للأجهزة داخل الدولة، وليس للوسائل الدولية، أو لجان تُعيَّن من قبل الدول الأعضاء في الاتفاقية.

وطالبت مصر في مؤتمر المراجعة سنة 1980، بضرورة تعديل الاتفاقية، فيما يتعلق ببند إجراءات التحقق والتفتيش داخل الدولة المشكو في حقها. وبررت عدم انضمامها (توقيعها فقط) بأنها تنتظر ما سيسفر عنه مؤتمر المراجعة، إضافة إلي مدى عالمية الانضمام، خاصة لدول الشرق الأوسط (وتعني بذلك إسرائيل).

9. معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية (C W C)

في التاسع والعشرين من أبريل سنة 1997، دخلت المعاهدة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية حيز التنفيذ. فقد صدَّقت عليها 75 دولة من بين 164 دولة وقعت عليها. وقد احتاج الأمر إلى ثلاثين عاماً ليبدأ التفاوض بشأنها، وخمس سنوات من المفاوضات ليتم التوصل إلى صيغتها الحالية. وتحظر هذه المعاهدة استخدام، أو تطوير، أو إنتاج، أو تخزين، أو نقل، الأسلحة الكيماوية. وتطالب بتدمير المخزون الكلي من الأسلحة الكيماوية، التي تمتلكها الدول الموقعة عليها، في غضون عشر سنوات، أي حتى عام 2007. ولم توقع أو تصدِّق على المعاهدة كل من مصر والعراق وسوريا وليبيا وإيران وكوريا الشمالية.

أ. الجهود التي بذلت لإقناع دول العالم بهذه المعاهدة

نتيجة لما حدث خلال حرب الخليج الأولى، واكتشاف امتلاك العراق، لمخزون إستراتيجي هائل من أسلحة الدمار الشامل، وما أعقب ذلك من الغزو العراقي للكويت، وتهديده باستخدامها ضد دول الخليج، ودول التحالف الدولي، فضلاً عن تزايد الاهتمام العالمي بالبيئة، انتشر الخوف من امتلاك أي من الدول المتطرفة لهذه الأسلحة، بما يهدد الأمن والاستقرار الدولي، ناهيك عن احتمالات وقوع مثل هذه الأسلحة في أيدي الجماعات، أو المنظمات الإرهابية، أو في أيدي أنظمة عرقية أو وثنية يصعب السيطرة عليها.

ولذلك، كان السعي الدولي لإقناع دول العالم بأهمية هذه المعاهدة، ومن ثم في يناير 1993، وخلال الاحتفال في باريس ببدء التوقيع على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، ووصل عدد الدول الموقعة عليها 164 دولة. وكان الأمل بأن تدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في 13 يـنـايـر 1995، من خلال تصديق 65 دولة على هذه المعاهدة؛ ولكن ذلك لم يحدث؛ فحتى نهاية عام 1994، لم تكن قد صدقت على المعاهدة سوى 19 دولة فقط.

كما عقدت الأمم المتحدة دورات تدريبية للمتخصصين، بدأت عام 1994، بعقد دورتين لتدريب ممثلي السلطات الوطنية لمراجعة الخطوط الرئيسية للمعاهدة وطرحها للنقاش. وفي نوفمبر 1994، عقدت في الهند دورة تدريبية متقدمة للخبراء والمتخصصين الدوليين. وأما خلال عام 1995، فقد استمر نشاط الأمم المتحدة في عقد الندوات (3 ندوات) والدورات التدريبية، بهدف إقناع الدول بالتصديق على معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية؛ ومن ثَم، ارتفع عدد الدول المصدقة على المعاهدة إلى 36 دولة بنهاية عام 1995، ثم ازداد عددها إلى 69 دولة في نهاية عام 1996. ومع بداية عام 1997، صدقت خمس دول أخرى عليها. وظل الموقف الروسي الأمريكي دون رد. وبذلك أصبح عدد الدول المصدقة 74 دولة من بين 164 دولة وقعت عليها، وهذا يعني أن عدد الدول المصدقة على الاتفاقية أقل من نصف عدد الدول الموقعة عليها.

ب. موقف الولايات المتحدة من المعاهدة

أعدت وكالة الحظر والسيطرة على التسلح، الأمريكية، في نهاية مايو 1994، مسودة حول أسلوب تنفيذ اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، وأرسلتها للكونجرس؛ إلا أنه في أكتوبر 1994، قرر 103 من أعضائه، عدم الموافقة على الاتفاقية.

وخلال عام 1995، سعت الإدارة الأمريكية، إلى التعرف على أسباب رفض الكونجرس للمعاهدة؛ فبرزت ضرورة إجراء أكثر من 38 تعديلاً، على بنود المعاهدة، من أهمها: عدم التصديق على المعاهدة قبل أن تصدق عليها روسيا، وضرورة ربط التصديق الأمريكي بانضمام كل من سورية، والعراق، وإيران، وليبيا، وكوريا الشمالية، أليها. كما طالب مجلس الشيوخ، عدم استقبال مراقبين للمعاهدة من دول تتهمها واشنطن برعاية الإرهاب.

وفي 22 أغسطس 1996، حصرت الولايات المتحدة الأمريكية مخزونها الإستراتيجي من الأسلحة الكيماوية، فبلغ 30 ألف طن من الغازات السامة ـ يجرى تخزين حوالي 44 % منها في الصحارى الأمريكية. وتقرر الاستغناء عن بعض هذا المخزون، خاصة في ظل توافر ذخائر كيماوية ثنائية. وتعد الولايات المتحدة الأمريكية، هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك تكنولوجيا تدمير أسلحتها الكيماوية، بصورة آمنة، والتي تنفذ من خلال برنامج التعاون لخفض التهديد مع روسيا الاتحادية؛ ومن ثم يمكن أن تساعد الولايات المتحدة روسيا، لإنتاج وسائل متطورة لتدمير أسلحة الدمار الشامل لديها، بما فيها المخزون الإستراتيجي للأسلحة الكيماوية.

وخلال انعقاد مجلس الشيوخ الأمريكي، في جلسة 25 أبريل 1997، أُقر تصديق الولايات المتحدة على المعاهدة، بموافقة 74 عضواً، واعتراض 26 عضواً، لتنضم واشنطن إلى قائمة الدول المصدقة على المعاهدة، ويصبح عددها 75 دولة.

‌ج. موقف روسيا الاتحادية من المعاهدة

في مارس 1994، عقدت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما (النواب) الروسي جلسة استماع، حول اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية. كما أعلن رئيس إدارة السيطرة على التسلح في وزارة الخارجية الروسية، أن روسيا ستكون أكثر تأثيراً وفعالية إذا لم تكن ضمن قائمة أول 65 دولة وقعت على الاتفاقية وصدقت عليها؛ ومع أن رئاسة الأركان الروسية ساندت تصديق روسيا على المعاهدة، خلال لقاء لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي، في أكتوبر 1994؛ ولكن لم تتم الموافقة على التصديق.

ويرجع الرفض الروسي، إلى مشكلة رئيسية تتمثل في تكلفة برنامج تدمير الأسلحة الكيماوية، فضلاً عن عدم توافر التكنولوجيا اللازمة لذلك بطريقة آمنة.

كان تبرير مجلس الدوما الروسي، الذي أعلنه رئيس اتحاد الأمن الكيماوي الروسي، ليف فيودروف، في 25 إبريل 1997، لعدم الموافقة على المعاهدة، هو عدم قدرة روسيا على تحمل الأعباء المالية المترتبة على المعاهدة، في غضون عشر سنوات، على الرغم من أن فترة “الحفظ الأمين” لهذا السلاح قد انتهت. ولذلك أرجاء مجلس الدوما التصديق على المعاهدة إلى موعد لاحق.

وفى تطور مفاجئ وافق مجلس الدوما، فى شهر أكتوبر 1997، على التصديق على المعاهدة، بعد أن تحقق من المساهمة الأمريكية في تكاليف تدمير الأسلحة الكيماوية الروسية.

د. الموقف المصري من المعاهدة

شاركت مصر، بإيجابية، خلال مختلف مراحل المفاوضات الخاصة بالتوصل إلى نص واضح للمعاهدة، يهدف إلى القضاء التام على إحدى فئات أسلحة الدمار الشامل، ويساوي في الحقوق والواجبات بين جميع الأطراف، بما يحقق في النهاية، الأمن والسلم الدوليين، وكان موقف مصر الذي أعلنته عند فتح باب التوقيع على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، عام 1993، هو ضرورة التعامل مع اتفاقيات نزع السلاح بما يحقق التوازن في التزامات دول المنطقة، ويحمي الأمن والاستقرار، في منطقة الشرق الأوسط، ويتجنب الأسلوب الانتقائي في التعامل مع أسلحة الدمار الشامل. ومن هنا ظهرت ضرورة الترابط بين توقيع اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، وبين إزالة السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط، والسعي لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في المنطقة.

هـ. الموقف الإسرائيلي من المعاهدة

تمتلك إسرائيل مجموعة متنوعة من الأسلحة الكيماوية، والبيولوجية؛ فمن الترسانة الكيماوية، تمتلك إسرائيل، الغازات السامة، سواء المؤثرة على الجلد، أو التي تؤثر في الدم، أو على الأعصاب، أو المهيجة للعيون.

يضاف إلى ذلك الترسانة البيولوجية، والتي تضم البكتريا، والفيروسات، والميكروبات، التي تسبب أمراض الطاعون، والكوليرا، والحمى الصفراء .. الخ.

وعلى الرغم من كل ذلك وقعت إسرائيل، على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية عام 1993؛ ولكنها لم تصدق عليها. وتُرجع المصادر الإسرائيلية السبب في ذلك إلى:

(1) امتلاك بعض الدول العربية، خاصة سورية، وليبيا، والعراق، لهذه الأسلحة. كما أن إيران، تمتلكها مع احتمال استخدامها ضد إسرائيل.

(2) تبرر للمجتمع الدولي أنها حاولت التوقيع في البداية لإظهار حسن النوايا؛ ولكنها الآن لا تصدق على لمعاهدة، دفاعاً عن نفسها ضد الآخرين.

(3) يتطلب التصديق على المعاهدة، تدمير إسرائيل، مخزونها من هذه الأسلحة، قبل عام 2007، وهو ما تراه إسرائيل تهديداً لأمنها وإستراتيجيتها العسكرية.

(4) سوف يعرض التصديق إسرائيل للجان التفتيش الدولية، التي قد يتحول نشاطها داخل الأراضي الإسرائيلية، إلى الكشف عن إمكانيات إسرائيل النووية.

(5) كان التوقيع الإسرائيلي على المعاهدة، في البداية، مناورة لكشف الدول العربية، وموقفها الرافض، ولم تكن إسرائيل جادة في التصديق عليها؛ فطالما حققت هدفها، فلا داعي للتصديق على المعاهدة، في ظل المساندة الأمريكية، لموقفها الإستراتيجي من الحفاظ على الإخلال بالتوازن في المنطقة.

10. مباحثات لعقد معاهدة حظر تطوير وإنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة الراديولوجية

أ. في 9 يوليه 1979، تقدم الاتحاد السوفيتي، والولايات المتحدة الأمريكية، بمشروع مشترك، لعقد معاهدة خاصة بتحريم الأسلحة الراديولوجية (الأسلحة التي تستخدم مواد مشعة)، خلافاً لتلك التي تنجم عن انفجارات نووية.

‌ب. تقدمت مصر، والسويد، وعدد من دول العالم الثالث، بمقترحاتها بخصوص البنود الواردة بالاتفاقية.

11. من أبرز المباحثات والاتفاقيات والمعاهدات التي دعمت الوفاق بين القوتين

‌أ. مباحثات الحد من الأسلحة الإستراتيجية Stratigie Arms Limitation Talks (SALT1)

والتي أسفرت عن توقيع:

(1) معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ البالستيكية، التي وقعت عام 1972.

(2) اتفاقية الصواريخ العابرة للقارات، التي وقعت عام 1972.

(3) بروتوكول لمقاومة الصواريخ المضادة للصواريخ البالستيكية.

(4) بروتوكول فلاديفوستك، الذي وقعّ عام 1974.

‌ب. مباحثات (سولت 2) عام 1979 (SALT 2)

أهم ما ورد بها:

(1) عقد اتفاقية لمدة 8 سنوات يُخفض بها الحد الأقصى للصواريخ (سواء كانت عابرة للقارات، أو تلك التي تُطلق بالقاذفات الإستراتيجية، أو من الغواصات) من 3400 صاروخ، التي اتفقوا عليها في سولت 1، إلى 2200 صاروخ، منها 1320 صاروخاً فقط متعددة الرؤوس النووية.

(2) بروتوكول لمدة 3 سنوات، لمنع تطوير نظم الصواريخ عابرة القارات، وتحديد أقصى مدى للصواريخ كروز بـ 2500 كم، على ألا يزيد مدى الصواريخ التي تطلق من الجو أو الغواصات، عن 600 كم، ويستمر ـ عدم تجاوز ـ عدد الصواريخ السوفيتية، (SS-18)، 308 صاروخ.

(3) اعتماد إعلان مبادئ (Declaration of Principles) تكون أساساً لاتفاقية سولت 3 (SALT 3).

12. في عام 1978، عقدت بريطانيا وروسيا اتفاقية حول منع الحرب النووية، بسبب الحوادث، مشابهة للاتفاقية بين أمريكا وروسيا، التي وقعت عام 1971، والاتفاقية بين فرنسا، والاتحاد السوفيتي السابق.

13. في عام 1987، عقدت اتفاقية الأسلحة النووية متوسطة المدى، والتي وضعت حداً للأسلحة النووية متوسطة المدى، عابرة القارات، لكل من روسيا، والولايات المتحدة الأمريكية.

كما عُقدت اتفاقية إنشاء مراكز المخاطر النووية، وبُناءً عليها تأسس مركزان، أحدهما في واشنطن، والآخر في موسكو، لتحسين الاتصالات وتبادل المعلومات عن الصواريخ النووية.

14. في عام 1989، عقدت الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي اتفاقية، حول منع الأنشطة العسكرية الخطرة، بهدف منع الحوادث بين القوات العسكرية، عن طريق إنشاء وسائل الاتصال، وصيانتها. كما تهدف، أيضا، إلى حل مشكلات الدخول في المناطق القومية للطرف الآخر.

15. في عام 1991، عُقدت اتفاقية ستارت بين الاتحاد السوفيتي، والولايات المتحدة الأمريكية، لتقليل عدد الأسلحة النووية الإستراتيجية.

16. أهم محادثات الحد من التسليح

‌أ. محادثات جنيف

جرت بين الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي، بشأن الأسلحة النووية، وأسلحة الفضاء، واستمرت المفاوضات بعد توقيع اتفاقية ستارت عام 1991.

ب. مؤتمر الأربعين

وحول نزع السلاح، شاركت أربعون دولة في المؤتمر المنعقد في جنيف، لإعداد التقرير السنوي، للأمم المتحدة، حول العديد من الموضوعات، ومن أهمها الأسلحة الكيماوية.

ج. محادثات نظام السّماوات المفتوحة

وقد عرضه الرئيس الأمريكي جورج بوش في مايو 1989، في بودابست.

د. استمرار محادثات إجراءات بناء الثقة، والأمن، نتيجة لاستمرار متابعة وثيقة فينا، عام 1990، بهدف زيادة شروط هذه الوثيقة.

17. موقف دول منطقة الشرق الأوسط، من الاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بحظر ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل

‌أ. موقف إسرائيل

(1) وقعت إسرائيل، على بروتوكول جنيف، في فبراير سنة 1969، مع التحفظات الآتية:

(أ) حقها في استخدام هذه الأسلحة ضد الدول الموقعة على هذا البروتوكول.

(ب) حقها في استخدام هذه الأسلحة ضد الدول الموقعة على هذا البروتوكول، ولم تلتزم بأحكامه.

(ج) حقها في استخدام هذه الأسلحة ضد الدول الموالية، أو المتحالفة، للدول غير الملتزمة لنصوص البروتوكول.

(د) حقها في استخدام هذه الأسلحة ضد الدول، التي تسمح باستخدام أراضيها في العدوان عليها.

(هـ) تحفظت على إنتاج الغازات المسيلة للدموع، والسموم، والمبيدات النباتية، لأنها تعدها غازات غير حربية، بوصفه غير قاتلة.

(2) أيدت إسرائيل الرأي الأمريكي القائل بأن غازات الهلوسة، أو غازات شَلّ القدرة، أكثر إنسانية من الأسلحة التقليدية، أو تحقق الهدف العسكري بأقل خسائر في الأفراد، دون حدوث كسور أو عاهات، كالتي تسببها الأسلحة التقليدية.

(3) من المحتمل أن تكون تحفظات إسرائيل عند توقع البروتوكول دافعاً لها لاستخدام الغازات النفسية والسموم، التي قد يكون لها ـ في الجرعات العالية ـ تأثير الغازات الأخرى نفسه، بحجة أنها لا تعدها غازات حربية.

(4) لم توقع، أو تصدق، على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

‌ب. موقف مصر والدول العربية من المعاهدات الدولية

(1) وقعت مصر على بروتوكول جنيف دون تحفظات، في ديسمبر 1928.

(2) وقعت مصر على الجزء الخاص بالأسلحة البيولوجية، في أبريل 1972.

(3) يتمثل الموقف الرسمي لمصر في رفض استخدام الأسلحة الكيماوية، والبيولوجية، مع الاحتفاظ بحقها في استخدام كل الوسائل الدفاعية المضادة لهذه الأسلحة.

(4) أكدت مصر، في أبريل 1990، دعوتها لإنشاء منطقة منزوعة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية، في الشرق الأوسط.

(5) المطالبة بانضمام إسرائيل إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وعدم إعطاء أية دولة من دول المنطقة وضعاً خاصاً.

(6) أن يكون هناك إشراف دولي من قِبل أجهزة الأمم المتحدة، على الحد من مستويات التسلح في المنطقة.

(7) أن يسير موضوع الحد من التسلح جنباً إلى جنب مع جهود السلام؛ لأن توافر الرغبة في السلام سيؤدي إلى الحد من التسليح ونزع أسلحة الدمار الشامل.

(8) موقف الدول العربية يتفق تماماً مع الموقف المصري، من المعاهدات الدولية، مع التأكيد على ضرورة تجنب الفصل بين نزع الأسلحة الكيميائية والنووية في الشرق الأوسط.

(9) صدقت كل من مصر والعراق والأردن ولبنان وليبيا والمغرب والصومال والسودان وسورية وتونس واليمن الجنوبية، على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. أما الكويت واليمن الشمالية، وقعتا ولم تصدقا عليه.

[1] الدول التي وقعت على المعاهدة هي: الأرجنتين، وأستراليا، وبلجيكا، وشيلى، وفرنسا، واليابان، ونيوزيلندة، واتحاد جنوب أفريقيا، والاتحاد السوفيتي، والمملكة المتحدة البريطانية، والولايات المتحدة الأمريكية. وأصبحت المعاهدة سارية المفعول اعتباراً من 23 يونيه 1961.

المناطق الخالية من الأسلحـة النوويـة: دراسة مقارنة
أد.فوزى حماد ـ عادل محمد أحمد

مجلة السياسة الدولية العدد 144 ابريل 2001

 

تعتبر المناطق الخالية من الأسلحة النووية تطبيقاً عملياً لمحاولات نزع السلاح النووى على المستوى الاقليمى أو الجزئى ، وذلك بعد أن تعثرت جهود نزع هذا السلاح على المستوى العالمى.فخلال الفترة من 1947 حتى 1958 كان الهدف هو نزع السلاح فى إطار برنامج شامل ، إلا أن التناقض الأمريكى السوفيتى حال دون تحقيق ذلك ، ولهذا تم خلال الفترة التالية التركيز على النهج الاقليمى فى نزع الأسلحة النووية ، على أمل أن يشكل ذلك حلقة من حلقات نزع السلاح النووى الشامل والعام على المستوى الدولى ، إلا أنه خلال تلك الفترة لم يتم التخلى عن الاهتمام بالنهج الكلى المتمثل فى نزع السلاح النووى الشامل ، وظل ذلك المصطلح يتردد فى المحافل الدولية حتى الآن.
وقد عرف العالم لأول مرة فكرة المناطق منزوعة السلاح فى عام 1959 ، عندما وقعت معاهدة ‘انتراكتيكا’ الخاصة بجعل المنطقة القطبية الجنوبية خالية من كافة الاستخدامات العسكرية ، سواء النووية أو التقليدية ، وكان توقيع هذه المعاهدة دافعاً نحو الاتجاه لانشاء مناطق أخرى خالية من الأسلحة النووية ، فوقعت فى فبراير 1967 اتفاقية ‘تلاتيلولكو’ لجعل منطقة أمريكا اللاتينية خالية من الأسلحة النووية ، وان كانت الاتفاقية لم تدخل حيز النفاذ الا عام 1990 ، نظراً لعدم انضمام الدول الاقليمية المهمة فى القارة مثل الارجنتين والبرازيل اليها ، حيث كان هذا ضرورياً لنفاذ المعاهدة.
أما انشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية فى جنوب المحيط الهادى فقد تم بموجب اتفاقية ‘راروتونجا’ والتى فتحت للتوقيع عليها فى أغسطس 1985 .وفى ديسمبر 1995 وقعت اتفاقية بانجوك الخاصة بانشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى جنوب شرق آسيا.كذلك فقد تم التوقيع على معاهدة ‘بلندابا’ الخاصة بجعل افريقيا منطقة خالية من الأسلحة النووية فى أبريل 1996.
ويلاحظ أن أقصر فترة زمنية بين بدء الاقتراح بإنشاء منطقة خالية والتوصل اليها ، كان حوالى سبع سنوات فى معاهدة تلاتيلولكو (من 1960 ـ 1967) وأطول فترة زمنية هى حالة التوصل الى معاهدة لانشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى افريقيا ،وتبلغ حوالى 32 عاماً من عام 1964 حتى عام 1996 ، فقد بدأت الدعوة لاخلاء افريقيا من الأسلحة النووية حين أصدرت القمة الأولى لمنظمة الوحدة الأفريقية بالقاهرة عام 1964 اعلان القاهرة الأول ‘افريقيا لانووية’ ، والذى تبنته الأمم المتحدة وأصدرت قراراً يدعو الى تنفيذ الاعلان الخاص بجعل افريقيا منطقة لانووية ، الا أن استمرار جنوب افريقيا فى نشاطها النووى السرى وتعاونها مع اسرائيل ظل عقبة فى طريق تحقيق إخلاء افريقيا من الأسلحة النووية.
وفيما يتعلق بالتعهدات والالتزامات الخاصة بكل منطقة ، فإن التعهدات الخاصة بمنطقة انتراكتيكا تعد هى أشمل التعهدات على الاطلاق ، حيث تلتزم الدول الموقعة على اتفاقية انشاء المنطقة باستخدام القارة للأغراض السلمية فقط وعدم القيام بأى أعمال عسكرية فى المنطقة سواء نووية أو غير نووية.أما معاهدة تلاتيلولكو الخاصة بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى امريكا اللاتينية فقد نصت على استخدام الطاقة النووية فى الأغراض السلمية فقط وعدم اجراء تجارب أو تصنيع مواد أو انتاجها أو امتلاكها للأغراض العسكرية.كما سمحت المعاهدة بالتفجيرات النووية السلمية.
أما معاهدة راروتونجا فقد نصت على منع كل الأنشطة المتصلة بالأسلحة النووية ، وحظرت امتلاك أى أجهزة تفجير نووية ، ومنعت دفن النفايات المشعة لها أو لغيرها فى البحار وان كانت قد سمحت بدفنها فى أراضى الدول الأطراف.وتعد معاهدة بلندابا نموذجاً جيداً فى معاهدات انشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية ، حيث جاءت أوسع وأشمل من المعاهدات السابقة ، ونصت على منع الدول الأطراف من تطوير وتصنيع وتخزين وامتلاك وحيازة أى من الأنشطة السابقة.وألزمت الدول الأطراف بعدم اجراء أى تفجيرات نووية ، أو دفن النفايات المشعة فى أى مكان فى أرض القارة أو بحارها.
وهكذا تختلف الالتزامات والتعهدات من منطقة الى أخرى ، نظراً لخصوصية كل منطقة ، والظروف السياسية لنشأتها ، والأوضاع الاستراتيجية القائمة فيها.ويلاحظ أن انشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى اقليم معين يمكن أن يعزز ويساعد فى إقامة منطقة خالية من السلاح النووى فى اقليم آخر ، ولذلك فإن اعلان افريقيا خالية من الأسلحة النووية يمكن أن يعزز ويساند انشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط والعكس صحيح أيضاً ، فإذا لم يتم انشاء المنطقة الخالية فى الشرق الأوسط ، سيظل انشاء منطقة خالية فى افريقيا معلقاً.فوجود دول فى الشرق اوسط تمتلك قدرات نووية غير خاضعة للضمانات الدولية يصعب من تنفيذ انشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى افريقيا وفى آسيا الوسطى ، بل وفى وسط أوربا وفى جنوب آسيا ، نظراً لوجود تلك المناطق فى مدى استخدام تلك الأسلحة.
وهناك العديد من الدروس المستفادة من دراسة المناطق الخالية بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط ، منها أن انشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط لايمكن أن يظل مرهوناً بتسوية الصراع العربى الاسرائيلى ، فتسوية الصراعات ليست شرطاً لازماً لاقامة المنطقة الخالية ، وانما يكفى تخفيف حدة هذا الصراع ، أو السير فى مفاوضات تسويته بالتوازى مع اجراءات انشاء المنطقة الخالية
ويجب ألا يعتمد انشاء المنطقة الخالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط على انضمام اسرائيل الى معاهدة منع الانتشار النووى فقط ، وانما يجب أن تكون هناك معاهدة لحظر ومنع اقتناء وامتلاك الأسلحة النووية أو انتاجها أو استخدامها ، وتلزم الجميع بتفكيك وتدمير ما أنتج قبل هذه المعاهدة من أسلحة نووية ومنشآت ووسائل إيصال.
ومن ناحية أخرى فإنه يجب العمل على بناء قدرة نووية عربية سلمية تحقق التوازن مع القوة الاسرائيلية وتساهم فى إيجاد توازن فى المعرفة النووية ، مع التأكيد على الشفافية للبرامج النووية العربية السلمية لتجنب التهويل والتضخيم والاساءة والعدوان عليها ، مع الاستفادة من الحالة العراقية التى تم تدمير برنامجها النووى بعد أن تعرض لتضخيم متعمد ، هذا بالاضافة الى ضرورة دعم جهود الدبلوماسية العربية بالقدرات التقليدية وفوق التقليدية.

المبادرات الدولية الخاصة بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل

وموقف دول المنطقة منها

منذ ظهور فكرة “المناطق الخالية من الأسلحة النووية”، في الأمم المتحدة عام 1956، توالت المشروعات الخاصة بإقامتها ليصل عددها إلى ما يزيد عن 25 مشروعاً، تشمل أقاليم العالم كافة تقريباً.

وبينما نجح التقدم عملياً في اتجاه إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية في خمس حالات، هي أمريكا اللاتينية، والبحر الكاريبي (معاهدة تلاتيلولكو، عام 1967)؛ ومنطقة جنوب المحيط الهادي (معاهدة راراتونجا، عام 1985)؛ ومنطقة جنوب شرق آسيا (معاهدة بانكوك، عام 1995)؛ وقارة إفريقيا (معاهدة بليندايا، عام 1996)؛ ومنطقة وسط آسيا (معاهدة ألماتا، عام 1997)؛ واجهت العملية أقاليم العالم الأخرى، كشمال أوروبا، والشرق الأوسط، وجنوب آسيا، وشبه الجزيرة الكورية، مشكلات مختلفة؛ وعلى الرغم من أهمية الأطر الإقليمية للتعامل مع مشكلات التسلح النووي، كانت تتصاعد مع الوقت، في ظل العقبات التي كانت تواجه الأطر الدولية الشاملة الخاصة بالتعامل مع تلك المشكلات.

يُضاف إلى ذلك، أنه حتى الأقاليم التي أُقيمت فيها مناطق خالية من الأسلحة النووية، كانت تعاني من مشكلات معقدة أدت إلى عرقلة إنشاء تلك المناطق لفترات طويلة.

في عام 1975، قُدمت للجمعية العامة للأمم المتحدة دراسة شاملة للمناطق الخالية من الأسلحة النووية، من كل جوانبها. واهتمت تلك الدراسة بصفة خاصة بمنطقة الشرق الأوسط، بوصفها من أكثر مناطق العالم توتراً، لضبط تسلحها النووي، بفعل القناعة السائدة حول إدخال إسرائيل تلك الأسلحة عملياً إلى مسرح العمليات الإقليمي، على ضوء أن الشكل المحتمل للمنطقة الخالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط لن يكون تقليدياً.

إن نقطة البداية لإنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية يتطلب إقامة ترتيبات أمنية اختيارية بين دول الإقليم، لتحقيق مجموعة من الأهداف، يتمثل أهمها فيما يلي:

1. تقليص التهديد النووي لدول الإقليم، وتسهيل عملية ضبط التسليح على كافة المستويات، بما يدعم أمنها المتبادل.

2. حماية دول الإقليم من التعرض لمخاطر استخدام الأسلحة النووية، والحصول على ضمانات من الدول النووية بعدم استخدام، أو التهديد باستخدام، الأسلحة النووية ضدها.

3. تسهيل وتشجيع الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، مع ضبط التداول غير المشروع للمواد النووية.

هناك أربعة شروط رئيسية مسبقة، تمثل محددات عامة لإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط، يؤدي توافرها إلى تسهيل إقامتها، وهي:

1. أن تمثل المنطقة نظاماً إستراتيجياً متمايزاً نسبياً عن النظم الإستراتيجية المجاورة له؛ فثمة علاقة بين إمكانية تعيين نطاق جغرافي واضح الحدود على أسس إستراتيجية، وبين إمكانية إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية، والعكس صحيح.

2. غياب الصراعات الإقليمية الرئيسية، أو التوترات السياسية الممتدة بين القوى الإقليمية الكبرى في المنطقة. فثمة علاقة بين عدم وجود تلك الصراعات، وبين إمكانية إقامة مناطق خالية من الأسلحة النووية.

3. وجود توازن نووي نسبي بين الأطراف الرئيسية في المنطقة، سواء على مستوى الأسلحة النووية، أو القدرات النووية.

4. أن تلتزم القوى الدولية الكبرى باحترام مركز المنطقة الخالية من الأسلحة النووية، فثمة علاقة بين استعداد القوى الدولية ذات المصالح للالتزام بأهداف إنشاء المنطقة، وبين إمكانية إقامة مناطق خالية من الأسلحة النووية.

وفي هذا الإطار يبدو للوهلة الأولى أن منطقة الشرق الأوسط تفتقد للمقومات الأساسية، التي تتيح إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية؛ فتحديد النطاق الجغرافي للشرق الأوسط يتسم بالتعقيد، كما تشهد المنطقة صراعاً رئيسياً، وتوجد أسلحة نووية في المنطقة، وفضلاً عن أن مواقف القوى الدولية الرئيسية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية غير واضحة. لذا، توجد صعوبة في إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية بالشرق الأوسط.

أولاً: مشروع إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية (Nuclear Weapon Free Zones NWFZS) بالشرق الأوسط في إطار الأمم المتحدة

كانت أول مبادرة جدية لإثارة مسألة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، بناءً على طلب من إيران، في 15 يوليه 1974، لإدراجها على جدول أعمال الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وإثر مشاورات ثنائية بين مصر وإيران، وجه الطرفان، في أغسطس 1974، رسالة مشتركة إلى الأمين العام بعد أن اتفق الطرفان على أن المبادرة توجه ضد مخاطر الأسلحة النووية، دون أن تعوق استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية. وركزت مصر على ضرورة انضمام جميع دول المنطقة إلى اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية NPT.

خلال السنوات (1988 – 1990) شهدت المنطقة تطورات، كانت أهم ملامحها ظهور مقدمات تحولٍ بعيدٍ عن الإطار الدولي إلى الإطار الإقليمي، حيث قدمت مصر مشروع قرار اتخذته الجمعية العامة، في ديسمبر 1988، لإجراء دراسة عن التدابير الفعالة التي يمكن التحقق منها، لتيسير إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط.

وانتهت الدراسة في أغسطس 1990، وقُدمت للدورة الرقم 45 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وصدر بها القرار الرقم 45/52,

وأكدت الدراسة أن المشكلة لن تُحل، بشكل دائم وفعال، إلا بالتوصل إلى نمط من علاقات الأمن السلمية على الصعيد الإقليمي، وتفاهمات إقليمية، إضافة إلى إقامة نظام ضمانات إقليمية متعددة الأطراف.

ثانياً: مبادرة الرئيس مبارك لإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل

في أعقاب إعلان العراق امتلاك أسلحة كيميائية ثنائية، في أبريل 1990، أعلن الرئيس مبارك مبادرة لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، تضمنت المبادئ التالية:

1. حظر جميع أسلحة الدمار الشامل دون استثناء، سواء كانت نووية أو بيولوجية أو كيميائية، في منطقة الشرق الأوسط.

2. تقديم جميع دول المنطقة، دون استثناء، تعهدات متساوية ومتبادلة (أو متزامنة) في هذا الشأن.

3. تحديد واضح لوسائل وآليات للتحقق، من أجل ضمان التزام جميع دول المنطقة، دون استثناء، وبالنطاق الكامل للحظر.

في يوليه 1991، قدم وزير خارجية مصر مقترحات إضافية للإسراع بإنشاء المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، تضمنت ما يلي:

1. دعوة الدول الرئيسية المصدرة للسلاح، وخاصة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى إسرائيل والدول العربية، إلى تأييد واضح وغير مشروط لإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، وتعهد بعدم اتخاذ خطوات تعرقل هذا الهدف.

2. دعوة دول منطقة الشرق الأوسط، التي لم تكن قد فعلت، أن تتعهد بعدم استخدام أسلحة نووية أو أسلحة كيميائية أو بيولوجية، وبعدم إنتاج أو الحصول على أسلحة نووية، أو أي مواد نووية صالحة للاستخدام العسكري، وقبول نظام التفتيش الدولي التابع لوكالة الطاقة الذرية IAEA، على كافة مرافقها النووية.

لاقت المبادرة تأييداً كبيراً على أنها مفهوم موسع ليشمل كل أسلحة الدمار الشامل دون استثناء، وأنه أكثر ملاءمة للتطبيق في الشرق الأوسط، وذلك من وجهة نظر بعض المحللين الغربيين.

ثالثاً: الموقف الإسرائيلي تجاه كيفية إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط

1. امتنعت إسرائيل عن تأييد مشروع القرار الإيراني ـ المصري، بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية لدى طرحه للتصويت، في ديسمبر 1974، ولكنها لم تصوت ضده. وكان تفسير إسرائيل لهذا الموقف بالآتي:

أ. التعبير عن دعم إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية، من حيث المبدأ، ورفض القبول بوجهة النظر العربية من خلال الإعلان من جانب واحد، وفي الوقت نفسه عدم الرغبة في التصويت ضد مشروع القرار الإيراني، حيث كانت إيران، آنذاك، حليفاً لإسرائيل ومصدر إمدادها بالبترول.

ب. استمرار الاتساق مع سياسة الغموض النووي الرسمية، تمشياً مع سياسة الردع بالشك التي تعتنقها إسرائيل.

ج. تحسين صورة إسرائيل دولياً، لتظهرها بمظهر الاعتدال.

2. حققت إسرائيل لكيفية إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية، فإنها تؤيد من حيث المبدأ إنشاء هذه المنطقة في الشرق الأوسط، لكنها ترى أن تُنشأ من خلال مفاوضات مباشرة بين دول المنطقة المعنية كشرط أساسي، وأن هذه المفاوضات ينبغي أن تؤدي إلى إبرام جميع دول المنطقة اتفاقية رسمية تعاقدية متعددة الأطراف، على غرار ما تم مع أمريكا اللاتينية، مع استعداد إسرائيل للمشاركة في مؤتمر إقليمي، أو مفاوضات، من هذا القبيل.

3. وفي عام 1980، تحولت إسرائيل إلى تأييد القرار بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، كمحاولة لتحسين صورتها في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ كانت التوجهات متصاعدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة مسألة التسلح النووي الإسرائيلي.

4. في عام 1981، تقدمت إسرائيل، ولأول مرة، بمشروع قرار يتضمن تصورها لإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. ودعا المشروع دول المنطقة إلى التفاوض بشأن إبرام معاهدة متعددة الأطراف، وحدد دعوة دول المنطقة إلى مؤتمر لإجراء المفاوضات الخاصة بالمعاهدة، لتتيح ضمانات تعاقدية تؤكد التزام الأطراف الخارجية بالامتناع عن إدخال أسلحة نووية إلى المنطقة.

5. تضمن المقترح طلبين محددين إضافيين، لما كان مطروحاً قبل عام 1980 هما: تأمين التعهدات الخاصة بالالتزامات من كل دول الإقليم، وعقد مؤتمر دولي متعدد الأطراف لإقامة المنطقة.

6. ويُعتقد أن المقترح كان يهدف إلى اختبار نوايا الدول العربية؛ لأنهم لن يشاركوا في مثل هذه المفاوضات التي تعني الاعتراف بإسرائيل. وفعلاً رفضت جميع الدول العربية المبادرة الإسرائيلية وانتقدتها بشدة، بوصفها تفرض شروطاً مسبقة، ما أدى إلى سحب إسرائيل مشروعها من الجمعية العامة.

وهكذا توضح ملامح الموقفين المصري/ العربي، ومعه الإيراني والإسرائيلي، وتطورها خلال الفترة من 1974 إلى 1990، أن التوافق الإقليمي على إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط كان شكلياً، ولم يسفر عن أي تقدم في اتجاه إقامتها؛ لأن الشروط المسبقة التي وضعها كل طرف في سياق تأييده للمشروع، كانت مرفوضة من الطرف الآخر.

رابعاً: مشروع إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية بالشرق الأوسط، في إطار ACRS (لجنة ضبط التسلح والأمن الإقليمي)

كان انطلاق عملية التسوية السلمية الشاملة للصراع العربي ـ الإسرائيلي في مدريد، عام 1991، وتشكيل لجنة ضبط التسلح والأمن الإقليمي في إطار المفاوضات متعددة الأطراف، الموازية للمفاوضات الثنائية، يُمثل البداية الحقيقية للمدخل الإقليمي لضبط التسلح في الشرق الأوسط. وكانت المرة الأولى التي تبدأ فيها إسرائيل محادثات مع 13 دولة عربية، إضافة للفلسطينيين، في إطار لجنة ضبط التسلح والأمن الإقليمي ACRS، عام 1992، حول المداخل الممكنة للأمن وضبط التسلح الإقليمي وبناء الثقة في الشرق الأوسط، في إطار مناخ سياسي إيجابي لترتيبات ضبط تسلح إقليمية، من خلال المحددات التالية:

1. أن هذا المدخل جزء من عملية تسوية سلمية شاملة لصراع متعدد الأطراف والأبعاد والقضايا، يتضمن مشكلات ثنائية يتم التفاوض حولها على عدة مسارات، وتشمل ترتيبات أمنية ـ تسليحية محددة النطاق، وقضايا إقليمية واسعة النطاق، كالتعاون الاقتصادي والمياه والبيئة واللاجئين.

2. أن عملية التسوية السياسية على المسارات الثنائية تمثل أحد محددات عملية ضبط التسلح الإقليمي، خاصة على المستوى النووي، مع وجود خلافات جادة حول طبيعتها بين طرف يؤكد على مبدأ التزامن، وآخر يصر على مبدأ التتالي.

3. احتلت المشكلة النووية موقعاً خاصاً في عملية التسوية السلمية للصراع العربي ـ الإسرائيلي، في ظل فجوات واسعة بين التصورات المطروحة لكيفية التعامل معها، مع كافة مجالات التسلح التقليدي وفوق التقليدي الأخرى.

في هذا الإطار، كان واضحاً منذ البداية أن مقترح إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية، يمثل المشروع الرئيسي للتعامل مع المشكلة النووية في الشرق الأوسط. ففي بداية التسعينيات، كانت هناك أكثر من 12 مبادرة لضبط التسلح الإقليمي، يتضمن معظمها أبعاداً نووية، كمبادرة الرئيس الأمريكي بوش، ومبادرة الرئيس الفرنسي ميتران، ومبادرة (بي – 5) مجموعة الدول الخمس الكبرى، والمبادرة المصرية ـ الإيرانية، ومبادرة الرئيس المصري مبارك، والمبادرة الإسرائيلية. وأغلبيتها تحتوي على عناصر مشتركة واختلافات أيضاً، إلاّ أنه كان ثمة توافق حول ضرورة أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية، كإطار أساسي للتباحث حوله في لجنة ضبط التسلح والأمن الإقليمي، مع طرح مدخل مطور يؤكد على نقطتين إضافيتين.

· أن تُدخل الصواريخ البالسيتية ضمن تعريف أسلحة الدمار الشامل.

· التأكيد على أهمية خفض ترسانات الأسلحة التقليدية في المنطقة.

كانت هناك محاولات كثيرة من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكافة المحافل الدولية الأخرى، مثل وكالة الطاقة الذرية IAEA. كما نشطت اللقاءات المغلقة غير الرسمية، وورش العمل التي تحاول استمرار طرح هذه المبادرة، بعد أن تجمدت أعمال لجنة ضبط التسلح والأمن الإقليمي، في منتصف عام 1995، وبعد أن ربطت إسرائيل مناقشة هذه المسألة في إطار عملية السلام مع العرب.

مما سبق يتضح أن الشرق الأوسط يمثل حالة ذات أبعاد خاصة؛ فهو يشهد مشكلة نووية شديدة التعقيد، بفعل تعدد الأطراف ذات العلاقة المباشرة بها، ويحتل مشروع إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط موقعاً خاصاً بين كافة الأطر والمقترحات المتصلة بالتعامل مع المشكلة النووية في المنطقة، حيث يوجد توافق عام حوله بين دول الإقليم، وقد مر بعمليات تطوير متعددة ليصبح أكثر ملاءمة للواقع التسليحي في المنطقة؛ إلاّ أن بدء تطبيقه عملياً لا يزال محاطاً بالعديد من المشكلات، وهي: الربط بين القضية النووية وبقية عناصر السلام، والربط بين القضية النووية وبقية موضوعات ضبط التسلح، خاصة الأسلحة الكيماوية والأسلحة التقليدية، مع وجود فجوة كبيرة بين مواقف الأطراف الرئيسية المرتبطة بالمسألة النووية.

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button