دراسات سياسيةمنهجية التحليل السياسي

الاقتراب بأنواعه في دراسة الظاهر السياسية

إن التفسير العلمي للظواهر السياسية يقتضي استخدام أدوات التحليل و من تم المفاهيم و النماذج النظرية و النظريات و سمى بعض المفكرين طرق المعرفة خاصة في الحقل السياسي باسم المقتربات . إن جذورها تتبع مباشرة من التقليد الكلاسيكي للنظرية السياسية و الهدف هو تحليل العملية السياسية و التميز بين العمليات الفرعية .
لقد كان من أهم التطورات التي صاحبت الثورة السلوكية في علم السياسة بعد الحرب العالمية الثانية بروز فكرة النظام كأحد أهم المفاهيم التي أسندت بعض المداخيل النظرية والأطر التحليلية تسعى لصياغة نظرية امبريقية تفسيرية للحياة السياسية .
تعتبر المقاربات في هده المرحلة أكثر تأثير على مسار علم السياسة بصفة عامة و حقل السياسة المقارنة بصفة خاصة خلال الخمسينات و الستينات في إمكانية استعمالها كإطار لتصيف و تحليل عدد كبير من المعلومات حول مختلف النظم السياسية حتى تمكننا من المقارنة بين الظواهر و النظم ،و من هنا ظهر العديد من المنظرين و الرواد بإسهاماتهم في حقل السياسة المقارنة .حيث أنهم ارتقوا بهذا الحقل من مرحلة الحدس إلى أول طريق للبناء النظري و التحليل المنتظم.
لقد تمت دراسة موضوع المقاربات في السياسة المقارنة ضمن أربع فصول تكون المادة المنهجية لعلم السياسة و ترسم الأبعادها الأكاديمية و التطبيقية .
و من هنا ظهر العديد من المنظرين و الرواد بإسهاماتهم في حقل السياسة المقارنة .حيث أنهم ارتقوا بهذا الحقل من مرحلة الحدس إلى أول طريق للبناء النظري و التحليل المنتظم.
ان الفصل الاول يدرس المقاربات المؤسساتية و منظور” صمويل” من خلال تحليل المفاهيم و النموذج المعرفي أما الفصل الثاني يهتم بالتحليل النسقي و التحليل النظمي الايستوني بينما يدور الفصل الثالث حول المنظور الوظيفي “لقبريال الموند” من خلال دراسة أصول و مقولات الوظيفية للنظم .في حين يدرس الفصل الرابع النسق الاتصالي”لكارل دويتش” و تحليل العملية السياسة في الأنظمة السياسية .
حيث تمحور إشكالية هذه الدراسة من خلل تفسير و تحليل هذه المقاربات في كيفية استخدامها؟ و ما هي الوحدات التي ترتكز عليها ؟ و هل تعتبر فعلا انعكاسا للواقع أم أنها حقيقة يضعها الواقع أكثر من ما يشكلها الباحث؟.

مدخل تمهيدي

المقترب هو إطار تحليلي يؤخذ كأساس عند دراسة الظاهرة السياسية أو الاجتماعية كما انه طريقة تفيد في معالجة الموضوع سواء تعلق الآمر بوحدات التحليل المستخدمة أم الأسئلة التي تثار.و تحديد نوعية المادة اللازمة للإجابة عن دلك و كيفية التعامل معها.
فالمقتربات هي وسائط بيننا و بين الظواهر المختلفة تعين على تفسيرها استنادا إلى المتغيرات أو المتغير الذي نرى انه يملك قدرة تفسيرية أكثر من غيره.
والمقترب يمكنه اعتباره بمثابة اتجاه أو ميل الباحث إلى اختبار إطار مفاهيمي معين و الاهتمام بدراسة مجموعة محددة من الفرضيات من ا جل الوصول إلى صياغة نظرية معينة.كما انه يحدد نوعية المفاهيم و الاستفسارات و الطرق التي يستعملها الباحث في دراسته.
قد تعددت الآراء و تباينت في تعريف المقترب و تحديده.فاعتبره،الآن” إسحاق” بأنه ”إستراتجية عامة لدراسة الظاهرة السياسية و قتل بنوعين م المقتربات هما
مقترب تقليدي : يتضمن التاريخ .القانون.المؤسسة.
مقترب سلوكي:أدرج ضمنه المزاجي.العقلاني.ألقصدي.نظرية النمو.الدور.المجموعي. النظامي.الاتصالي.الوظيفي. ميزة عن المنهج و التقنية ”و اعتبره ولشي”مجموعة من المفاهيم أو المصطاحات الاخرى “.ادن تنوعت و اختلفت التعريف.فالثابت وجود هدا التأثير و يعن ي به الزاوية التي ينظر من خلالها الباحث إلى موضوعه و هي هنا حتى مستويين هما:
1- مستوى ذات الباحث
2- مستوى فهم الباحث
1- مستوى ذات الباحث
وما يمكن إن يتأثر فيها من مؤثرات تضغط على رؤيته للقضايا وللظواهر. و يمكن اختزالها باثنين هما مؤثرات المرجعية .مؤثرات المصلحة.
ا)- مؤثرات المرجعية : بما فيها من قيم توجه الباحث و ميول تحركه و معايير ثقافية سائدة ياخد بها.و انشداد للبحث يعمل موجبه.
ب)- مؤثرات المصلحة : بما فيها من مصلحة مباشرة ينبغي تحقيقها.ترتبط بموقعه المهني .ويمكن إن يسمى الأول المقترب المرجعي .و الثاني المقترب ألمصلحي.و هما موجودان عند كل الباحثين .و إن اختلفت نسبة تأثيرهما

المبحث الأول: المقترب المؤسسي و مراحل تطوره
المطلب الأول:تعريف المقترب المؤسسي
ظهر المقترب المؤسسي كرد فعل على المقترب التاريخي و القانوني حيث أدرك العديد من علماء السياسية أن الظاهرة السياسية هي أكثر من مجرد الأبعاد القانونية و الدستورية، ومن تم حدث تحول في بؤرة التركيز و أصبح الاهتمام منصبا على دراسة الحقائق السياسية،كما تركز الدراسة في هذا المقترب على المؤسسة كوحدة للتحليل.(1) إلا أن هذا المقترب قد مر بمرحلتين:

المطلب الثاني: مراحل تطوره
المرحلة التقليدية: كان الاهتمام فيها منصبا على الدولة و مؤسساتها “التشريعية،التنفيذية،القضائية” و كانت الدراسة فيها تطبع بالطابع الشكلي الذي يهتم بالمؤسسات الرسمية و تغلب فيه النظرة “الوصفية ،التاريخية و الدستورية” و يتجاهل السلوك السياسي و السياق “الاقتصادي والاجتماعي و الأيديولوجي” الذي تتحرك فيه المؤسسات كما يتجاهل الفاعلين غير الرسمين “كالطبقات الاجتماعية و القوة السياسية”،و ظلت هذه المرحلة حتى بروز الحركة السلوكية.
المرحلة الحديثة: انبعثت فيها المؤسسية الحديثة و لئن ظهرت بعض بذورها في أوسط التسعينات على يد العالم السياسي الأمريكي “صموئيل هنتجتون” و ذلك في كتابه الشهير “النظام السياسي في المجتمعات المتغيرة” إلا أن عودة المؤسسة الحديثة برزت بشكل جلي في الثمانينيات.
كما يقوم هذا المقترب على جملة من الوظائف من خلال إجراء مقارنة بين المؤسسات من حيث التشابه و الاختلاف سواء داخل دولة أو بين الدول من خلال التركيز على المحاكاة التالية:

1ـ كيفية تكوين المؤسسة:هل تأسست بقد تحقيق غرض عام أو من أجل تحقيق مكاسب خاصة 2ـ الهدف من وجود المؤسسة 3ـ مراحل تطور المؤسسة: هل التغير الذي لحق المؤسسة كان بفعل نضجها و تطورها الطبيعي أو بسبب ثورة أو بفعل عوامل اقتصادية و ثقافية و اجتماعية.(2) 4ـ الوسائل التي من خلالها تستطيع المؤسسة أن تحافظ على بقائها 5ـ الطريقة التي يتم بها تجنيد الأفراد في المؤسسة 6ـ البناء الداخلي و الهيكل الخارجي للمؤسسة 7ـ علاقة المؤسسة بالمؤسسات الأخرى 8ـ المدى الزمني الذي تستطيع أن تمارس فيه المؤسسة عملها 9ـ اختصاصات المؤسسة حسب ما ينص عليه الدستور و القوانين(3)

المراجع:

(1) نصر محمد عارف،ابستومولوجيا السياسة المقارنة:النموذج المعرفي،النظرية،المنهج(ب مجد المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع،2002)ط1،ص:204،205 (2) محمد شلبي،المنهجية في التحليل السياسي: المفاهيم،المناهج،الإقتراب ات و الأدوات،،دار ،الجزائر:هومة،2002)ط4،ص:119 (3) نصر محمد عارف،.إبستومولوجيا السياسة (بيروت،مجد المؤسسة الجامعية للدراسات و التوزيع،ط1،2002)

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى