دراسات اقتصادية

التجربة الاقتصادية الماليزية: التقويم والدروس المستفادة

تعتبر التجربة الماليزية في عملية التنمية الاقتصادية واحدة من أکبر التجارب العالمية الرائدة في مجال التنمية الاقتصادية، والنقطة الأساسية التي انطلقت منها ماليزيا في عملية التنمية الاقتصادية هي سياسة الاعتماد على الذات، وتعد التجربة الماليزية من التجارب التنموية الجديرة بالاهتمام والدراسة لما حققته من إنجازات کبيرة يمکن أن تستفيد منها الدول النامية کي تنهض من التخلف الاقتصادي، ويقول جوزيف ستجليتز([1]) في هذا الصدد أنه منذ أربعين سنة خلت کانت ماليزيا من أفقر الدول في العالم، وبعد استقلالها لم تتبع توجهات وتعليمات المؤسسات الدولية بل اختارت أن تتبع النماذج التنموية الناجحة لجيرانها الآسيويين .
ولقد کان ناتجها المحلى الإجمالي، کما يذکر ستجليتز، قريبًا من الناتج المحلى الإجمالي في هايتي وهندوراس ومصر، وأدنى من الناتج المحلى الإجمالي في غانا بحوالي 5%. ووفقاً لتقديرات عام 2010، فقد تضاعف دخل ماليزيا إلى 7 أو 8 أمثال الدخل في غانا، وأکثر من خمسة أضعاف الدخل في هندوراس، وأکثر من ضعفيّ ونصف الدخل في مصر. وتحتل ماليزيا الآن مرتبة عليا بين مجموعة الدول التي حققت نمواً هائلاً على مستوى العالم، فتقف إلى جانب الصين وتايوان وکوريا الجنوبية.
ووضعت ماليزيا خططاً للقضاء على الفقر المدقع، وانخفض معدل الفقر إلى 2.8% عام 2010، ثم إلى 0.4% عام 2015. ونجحت ماليزيا في تقليص الفوارق في الدخول، بعد أن کانت تلک الفوارق سبباً في التوترات بين المجموعات العرقية فيما مضى. ولم تحقق ماليزيا هذه الغاية بإنزال الأعلى إلى الأدنى، بل برفع الأدنى إلى الأعلى.
أما فيما يخص سياسة التوزيع فقد استطاعت أن تدمج الفئات المتواضعة والعمالة الأجنبية في النسيج الاقتصادي والاجتماعي من خلال رفع دخولها وجنيّ ثمار رفع الکفاءة الاقتصادية، وانعکس ذلک إيجابياً على المواطنين في تحسين نوعية حياتهم في توفير الضروريات من الغذاء والعلاج والتعليم والأمن، وکان أول المستفيدين من هذا النمو الاقتصادي هم الفقراء والعاطلون عن العمل والمرضى والمجموعات العرقية الأکثر فقراً في المجتمع، والأقاليم الأقل نمواً.
ونتيجة لهذه السياسات الناجحة فقد حققت ماليزيا خلال العقود الأربعة الماﺿية قفزات هائلة في التنمية البشرية والاقتصادية، فأصبحت الدولة الصناعية الأولى في العالم الإسلامي، وکذلک الحال في مجال التجارة الخارجية، من خلال تأسيس بنية تحتية متطورة، مما انعکس في تنويع مصادر دخلها القومي من الصناعة والزراعة والمعادن والنفط والسياحة، ولذا حققت تقدماً ملحوظاً في معالجة قضايا الفقر والبطالة، والفساد، کما سنري، ويرکز هذا البحث على عرض وتقويم تجربة التنمية الاقتصادية في ماليزيا والدروس المستفادة منها.

تحميل الدراسة

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى