دراسات سياسيةدراسات مغاربية

التحول الديمقراطي في ليبيا: تحديات ومآلات وفرص

د. زاهي المغيربي و د. نجيب الحصادي

مقدمة

نقف في هذه الورقة على الأطر النظرية المقترحة في أدبيات العلوم السياسية لتحليل عملية التحول الديمقراطي، كي نستعين بها في تشخيص التحديات التي تواجه هذه العملية في ليبيا، ثم نعرض مآلات قد يفضي إليها الفشل في إتمامها، وفرصا متاحة للحول دون فشلها، ونختتم بمحاولة تفسير تأخر الليبيين عن جيرانهم في طي صفحتهم الانتقالية.

ونركن في هذه الورقة إلى منهجيات متنوعة، تاريخية وتحليلية ومقارنة، وإلى مرجعيات متعددة، تشمل مقاربات نظرية وتحليلات سياسية واستطلاعات للآراء أجريت في العامين الفائتين، فيما نعول، حين تعوزنا المنهجيات والمرجعيات، على تقديرات وانطباعات تتكئ على خبرة سياسية ومعايشة لصيقة للأحداث الجارية في البلاد.

1. الأطر النظرية لتحليل عملية التحول الديمقراطي

1.1 مقاربات تفسيرية

في سياق محاولة تفسير عملية التحول الديمقراطي وتصنيف أنماطها والعوامل والمتغيرات المؤثرة فيها، نجد في أدبيات العلوم السياسية المعاصرة ثلاث مقاربات نظرية رئيسة:

• المقاربة البنيوية التي اقترحها بارينغتون مور (B. Moore) والتي تعنى بأثر تغير بنى القوة والسلطة على عملية التحول الديمقراطي.

• المقاربة التحديثية التي تعزى لـصاموئل ليبست (S. Lipset) والتي تهتم بتحديد الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية لعملية الدمقرطة، وتؤكد بوجه خاص أهمية العلاقة بين الديمقراطية الليبرالية والتنمية الاقتصادية.

• المقاربة الانتقالية التي تبناها دانكورت روستو (D. Rustow) والتي تلتمس في العمليات السياسية ومبادرات وخيارات النخبة تفسيرا لعملية الانتقال من حكم تسلطي إلى حكم ديمقراطي ليبرالي.

وحسب المقاربة البنيوية، لا يتحدد المسار التاريخي نحو الديمقراطية الليبرالية أو نحو أي شكل سياسي آخر استجابة لمبادرات وخيارات النخب، بل وفق البنى المتغيرة للطبقة والدولة والقوى الدولية المتأثرة بنمط التنمية الرأسمالية. أما المقاربة التحديثية فتربط بين الديمقراطية والتنمية الاقتصادية مستدلة بحقيقة أن البلدان الأكثر ديمقراطية تتمتع بمستويات تنمية اجتماعية واقتصادية تفوق نظيراتها في البلدان الدكتاتورية. غير أن أشياع المقاربة الانتقالية يعترضون على المقاربة التحديثية تأسيسا على أن الربط بين التنمية الاقتصادية والديمقراطية يتعلق بعوامل تؤدي إلى ترسيخ الديمقراطية، في حين يتمحور اهتمام أنصار هذه المقاربة حول كيفية تحقيق الديمقراطية في المقام الأول.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى