التدفقات المالية غير المشروعة في افريقيا خلال الفترة 1970-2013 (دراسة تحليلية)

إن هروب رأس الم من أبرز التحديات التي تواجه التنمية في قارة افريقيا في ظل ندرة رأس المال ، حيث تعاني معظم دول القارة من أزمات في موازين مدفوعاتها ، وضعفا في الإدخار . وتتعدد قنوات خروج التدفقات الرأسمالية غير المشروعة في افريقيا أبرزها ما تقوم بها الشركات متعددة الجنسيات من التهرب من الضرائب و تحويل الأرباح وتزييف الفواتير ، ورأس المال الساخن ، تلك القنوات التي تتوفر في بيئات تعاني من الفساد واضطراب الأوضاع السياسة وسوء إدارة الاقتصاد .

   وفي السياق التالي سوف  نلقي الضوء علي الجزء غير الشرعي من رأس المال الهارب ، فسوف نتناول بإيجاز تعريف الرأس المال الهارب و قنواته و قياسة في الجزء الأول ؛ الإطار النظري ، وفي الجزء الثاني سوف نتناول تحليلا موجزا للتدفقات المالية غير المشروعة في افريقيا .

أولا : الإطار النظري

1- تعريف هروب رأس المال : يُعَرفه Schneider. Benu, 2003 بأنه” التدفق الخارج لرأس المال المحلي من بلد ما استجابة أو ردة فعل لمخاطر اقتصادية وسياسية في الاقتصاد المحلي ([1]). و يُعرف أيضا بأنه” كافة الأصول الخارجية المسجلة وغير المسجلة ، بما فى ذلك مشتريات الأصول المالية الأجنبية والاستثمار الأجنبى المباشر ، بالإضافة إلى الأصول الحقيقية المملوكة للقطاعات البنكية وغير البنكية ، سواء أكانت عامة أو خاصة. وهو المفهوم الواسع للهروب ، على أن هذا التعريف لا يساعد على التفرقة بين التدفقات العادية والتدفقات غير العادية. وتشمل التعريفات الضيقة لهروب رأس المال طبقا للمعيار المستخدم ، Dooley  1988   وKhan & Ul-Haque  1987   يعرفونه بأنه الأصول الخارجية المملوكة بواسطة القطاع الخاص ، والتى لا تولد دخلا مسجلا فى ميزان المدفوعات. كذلك فإننا  نجد أن Cuddington  1986عرفه بأنه جزء من عمليات تعديل محفظة الأوراق المالية ، والناتجة عن تدهور غير عادى فى عوائد و/ أو المخاطرة المرتبطة  بمحفظة الأوراق المالية الخاصة بالأصول الموجودة فى الداخل وفى الخارج ([2]).

       وقد بدأ مصطلح التدفقات المالية غير المشروعة بالظهور في التسعينات  “Illicit Financial Flows” (IFF) ، والذي كان يرتبط بقوة مع مصطلح هروب رأس المال وهو يشير بشكل عام “إلي حركة رءوس الأموال المرتبطة بالأنشطة غير القانونية أو بشكل أوضح تلك التي يتم الحصول عليها و نقلها بشكل غير مشروع واستخدامها عبر الحدود ، تلك التي تندرج تحت ثلاثة مجالات رئيسية وهي : الممارسات غير الشرعية مثل الفساد و التهرب الضريبي و جني الأموال من الأنشطة غير المشروعة مثل المخدرات و تجارة البشر وتهريب المعادن والحياة البرية ، واستخدام تلك الأموال في أغراض غير قانونية مثل تمويل الجريمة المنظمة” . وقد تبني الفريق رفيع المستوي المعني بالتدفقات المالية غير المشروعة من افريقيا التعريف المستخدم من قبل منظمة النزاهة المالية العالمية والتي عرفتها بأنها ” حركة رءوس الأموال المكتسبة و المنقولة بطريقة غير مشروعة عبر الحدود” والتي تم تقسيمها إلي ثلاثة أنواع استنادا إلي مصدر التدفق وهي الفساد و الأنشطة التجارية و الأنشطة الإجرامية([3]).أما مجموعة البنك الدولي  فقد عرفته بأنه يغطي تدفقات الأصول و الأموال غير المشروعة عبر الحدود و المصادر الرئيسية التي ولدت تلك الأموال ،و الأموال و الأنشطة التي لها علاقة بالفساد و الاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية و التهريب والتهرب الضريبي و غسيل الأموال و الغش في التجارة الدولية ،والتجنب الضريبي ،تلك الأموال التي ترتبط بأنشطة غير قانونية في الولاية القضائية المحلية ([4]).

3-قنوات هروب رأس المال : توجد أدوات عديدة لهروب رأس المال الى الخارج ؛ فقد يتم الهروب بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، كما قد تتضمن العملية أكثر من طرف  أو أكثر من دولة ،  و أبسط أشكاله يكون في شكل نقدى Cash  ، كذلك من خلال التهريب السلعى   Smuggling ، أو الرشاوى والعمولات على الصفقات الضخمة ،أو من خلال عمليات تزييف الفواتير ، كذلك الترتيبات المتبادلة بين المقيمين فى دولتين أو أكثر Swaps ، أو استيراد السلع المعمرة والسلع الفاخرة. ([5]) ، ناهيك عن  التدفقات التي  تحث عليها النخب السياسية ، و تُمارس الشركات متعددة الجنسيات ما يعرف بتسعير التحويلات أو نقل الأرباح ، وتعتبر طريقة رأس المال المحدود أبرز الطرق التي تستخدمها تلك الشركات ([6])، أو من خلال القطاع المصرفي ([7]).

5- تقدير رءوس الأموال الهاربة : نظرا لاختلاف تعريفات هروب رأس المال اختلفت طرق قياسه و لسنا في صدد عرض إلا ما يهم الدراسة ؛ من تلك الطرق طريقة Dooley عام 1986 ، و طريقة الأموال الساخنة Cuddington عام 1986 ، و طريقة البواقي ، و طريقة البنك الدولي عام 1985 ، كل تلك الطرق علي حسب Schneider عام 2003  بها أخطاء في القياس ([8]) . فأضاف Ndikumana  و آخرون عام 2012،2013  سوء التسعير التجاري ، ([9]) . و تحويلات العاملين من الخارج فقد لا يتم تسجيلها في ميزان المدفوعات في الدول النامية ، فتكون الصيغة النهائية لقياس هروب رأس المال منذ محاولات تقديرها كالتالي([10]) :

حيث KF تشير إلي رأس المال الهارب ،  تشير إلي  التغير في إجمالي الدين الخارجي المستحق ، و FDI تشير إلي الاستثمار الأجنبي المباشر ، و CA تشير إلي العجز في الميزان الجاري ، و  صافي الإضافات إلي المخزون من الاحتياطيات الأجنبية ،و التحويلات غير المسجلة في ميزان المدفوعات .

  وهناك طرق أخري طورها  Zucman 2013 و Andersen  و آخرون 2016 ، وHenry  2012 ،  ناهيك عن عدة طرق أخري تعتمد علي سلوك الشركات ([11]).

6- الآثار السلبية لهروب رؤوس الأموال.

أ- الأثر على القاعدة الضريبية: إن ممارسات مثل التخطيط الضريبي التجاوزي وتحويل وجهة الأرباح بشكل ضار هي ممارسات قانونية، فمثلا التهرب الضريبي([12]) ؛ حيث يمكن للولايات القضائية التي لديها مستويات مرتفعة من السرية المصرفية أن تجتذب جميع أنواع الأموال غير المشروعة عن طريق استخدام شركات “صورية” وأدوات أخرى  يمكن جعل الحسابات مجهولة . أما تجنب دفع الضرائب([13]): فإن عدداً من مخططات تجنّب دفع ضرائب الشركات تستخدم أساليب معقدة جداً تجعل من الصعب للغاية على السلطات الضريبية تقديم أدلة كافية تثبت أن هذه المخططات مخالِفة للقوانين واللوائح الوطنية ، وأحد  تلك الأساليب هو “تحويل وجهة الأرباح”  إلى شركات تابعة لها موجودة في ملاذات ضريبية .

ب-الآثار التوزيعية: تؤدي التجاوزات الضريبية إلى إجبار الحكومات على تدبير إيرادات من مصادر أخرى، بما في ذلك تدبيرها عن طريق الضرائب التنازلية التي تقع وطأتها على الفقراء ، و على المساواة بين الجنسين ([14]). كذلك فإن هذا الأثر يمتد ليكون له آثار هامة في الاقتصاد السياسي ، ولا سيما تأثيره في تقسيم السلطة ([15])، و يضعف هروب رأس المال شرعية الأنظمة الاقتصادية المختلطة – حالة تشيلي عام 1984 . ([16]).

ج- الأثر علي السياسة النقدية : تؤثر السياسة النقدية علي هروب رأس المال نظريا من خلال تأثيرها علي الاستثمار من خلال سعر الفائدة ، و علي مخاطر الاستثمار من خلال عدم اليقين في الاقتصاد الكلي، و في المقابل يمكن أن يكون له تأثير علي السياسة النقدية  فيضعف تأثير آلياتها في النشاط الاقتصادي الحقيقي ، و يستنزف الموارد من النظام المالي المحلي، ويمكن أيضا أن يُمول من قبل النظام المصرفي المحلي (حالة جنوب أفريقيا) ([17]) .

د-الأثر على الاستثمار وفرص النمو: توصلت الكتابات الأكاديمية بالإجماع علي الأثر السلبي لهروب رأس لمال علي النمو الاقتصادي من خلال عدة قنوات ، فمن خلال قناة الاستثمار يؤدي إلي خروج جزء من المدخرات المحلية الخاصة وتوجيهها ، فيقلل الموارد المتاحة لتمويل الاستثمار و تعزيز النمو ، كذلك  يتسبب في تآكل قاعدة الضرائب حيث أنه يؤثر علي توازن ميزانية الحكومة وتقلص قاعدة الضرائب نتيجة الأثر السلبي علي النشاط الاقتصادي ، و انخفاض إيرادات الحكومة ومن ثم الاستثمارات العامة و بدورها علي الاستثمار الخاص و النمو . و بالنسبة للواردات فإن البورصات القليلة الموجودة في أفريقيا تستخدم في تمويل عملية هروب رأس المال وبالتالي لن تكون تلك الأموال متاحة لتمويل الواردات .كما أنه يجبر الحكومة علي زيادة الاقتراض من الخارج مما يزيد من عبء الدين و تفاقم التوازن المالي . و يُفاقم مشكلات ميزان المدفوعات ، ومن خلال تأثيره علي المدخرات المحلية يؤثر علي قدرة البنوك المحلية في منح الائتمان للقطاع الخاص ، ويقلل من حجم الوساطة المالية  ،وزيادة حالة عدم اليقين ، والذي يخفض الإقراض والاستثمار. و هروب رأس المال يرتفع في بيئة تتسم الفساد ،هذا يمكن أن يضر الأداء الاقتصادي من خلال تخفيض الاستثمار الخاص من خلال التأثير السلبي على كمية ونوعية البنية التحتية العامة، عن طريق خفض عائدات الضرائب وانخفاض تراكم رأس المال البشري ([18]).  كما يُزيد هروب رأس المال من التكلفة الحدية  للاقتراض من الخارج من قبل الحكومات و المؤسسات العامة ، تلك التكلفة التي تعتمد علي المديونية الخارجية ([19]).

ثانيا : هروب رأس المال من افريقيا

   أُعلن في المؤتمر المعني بالتدفقات المالية غير المشروعة في بروتوريا في يناير 2016 بأن القارة تخسر نحو 50 مليار دولار سنويا بسبب التهرب الضريبي و سوء التسعير في التجارة والخدمات من قبل الشركات متعددة الجنسيات ، و أنه تم الكشف عن 11,5مليون وثيقة تتعامل مع  200 ألف كيان في بنما ([20]).و طبقا لتقرير لجنة اقتصاد إفريقيا بالأمم المتحدة  تفقد إفريقيا ما بين 30 و60 مليار دولار سنويا من التدفقات المالية غير المشروعة،  الجزء الأكبر منها يذهب إلى مناطق الملاذات الضريبية، مثل بنما وجزر فيرجين البريطانية وسيشيل وغيرها ، مما يؤثر سلبا على النمو الاقتصادي للقارة، كما أنها تفوق حجم المساعدات الخارجية التي تتلقاها القارة ، حيث تقدر منظمة التعاون والتنمية هذه التدفقات بما يعادل ثلاثة أضعاف المساعدات التنموية الرسمية التي تحصل عليها، وكما ذكرت رئيسة الاتحاد الإفريقي هي كافية لإنجاز جدول أعمال 2063  ، بما يقرب من ضعف المساعدة الإنمائية الرسمية التي تستقبلها القارة ([21]).

1- المحددات

الديون : الاقتراض الخارجي عنصرا مفسرا لهروب رأس المال ، فقد تبين من عينة تضم 30 بلدا أفريقيا خلال الفترة 1970-1996 أن كل دولار اقتراض خارجي من قبل دول افريقيا جنوب الصحراء يغادر في المتوسط  80 سنتا البلاد في شكل راس مال هارب، و في الغالب نفس الأفراد اللذين يقومون بتهريب رءوس الأموال هم من يقومون بطلب القروض الخارجية فيما يعرف بظاهرة الاستثمار السري الدائري “round-tripping” ([22]). ففي حالة بوركينا فاسو وجد أن زيادة الدين بدولار واحد يكون مسئول عن هروب ما بين 20و40 ، كذلك وجدت علاقة إيجابية بينهما في حالات اثيوبيا و مدغشقر ([23]).

المخاطر السياسية: فقد وجد Collier, Hoeffler, and Pattillo عام 2004 أن البلدان الأكثر استقرار أقل هروبا لرأس المال من تلك المعرضة لحروب أهلية ،ومع ذلك لابد من أخذ تلك النتيجة بحذر بالنظر إلي التاريخ السياسي في إفريقيا ؛ فأنظمة مثل نظام موبوتو في الكنغو و موجابي في زيمبابوي ترتبط بخطر المصادرة وعدم اليقين الذي لا يشجع الاستثمار المحلي و يساعد علي هروب رأس المال ، بل ويساعد قادة تلك البلدان في تهريب الموارد الطبيعية و الأموال المقترضة و المعونات الرسمية كما في حالة الكنغو ([24]) ، وغالبا ما تكون درجة هروب رأس المال قبل تغيير الأنظمة السياسية كما في حالة اثيوبيا ، أما في مدغشقر فوُجد أن التحولات السياسية وتوقيتات الأحداث تشرح الزيادات الحادة في هروب رأس المال ([25]).

الفساد : تُظهر الأدبيات أن البلدان الغنية بالموارد الطبيعية تتصدر قائمة الدول في هروب رأس المال خاصة النفط و المعادن الأخرى ، من خلال الغش التجاري كما في حالات الكاميرون و زيمبابوي ، و أن النقد الأجنبي الذي توفره المساعدات يتم اختلاس جزء منه و تحويله إلي الخارج إلي أصول خاصة كما في حالة أثيوبيا ([26]).وقد بينت بعض الدراسات أنه مسئول عن 3% من الأموال غير المشروعة  ، كما يشكل أرضا خصبة للجماعات المتطرفة ، و رغم عدم وجود أدلة تجريبية لأي ارتباط بين مستوي الفساد و ظهور الجماعات المتطرفة ، إلا أن مؤشر الشفافية الدولية يشير إلي أن شباب المجاهدين الصومالية نشأت في دولة تحتل المرتبة 174/174، و  بوكو حرام في نيجيريا التي تحتل الترتيب 136/174 ([27]).

و سوء التسعير التجاري منتشر علي نطاق واسع في افريقيا جنوب الصحراء لتجنب دفع الضرائب و الرسوم ، فمثلا في عام 2012 تم تصدير 260485 متر مكعب من الخشب من موزبيق كما ذكرته التقارير الرسمية ، في حين ذكرت الصين وهي البلد المستورد 450 ألف متر مكعب  في تقاريرها الرسمية ، كذلك  خسرت موزمبيق وغانا حوالي 10,4% من الإيرادات الضريبية المحتملة في العام المالي 2011-2012 بسبب سوء التسعير ، هذا الأخير مسئول عن 77,08 من الأموال غير المشروعة .  وفيما يتعلق بتحويل الأرباح  فقد تم اكتشاف 30 حالة تحويل أرباح وتسعير تحويلي لشركات في جنوب إفريقيا بإجمالي 30 مليار راند بأسعار 2012 أفقد الحكومة ضرائب بمقدار 5 مليار راند . و قد أظهرت التقارير الصادرة عن المؤسسة البحثية الأمريكية للنزاهة  المالية العالمية  أن  التدفقات غير المشروعة  تزيد بنحو 9,4% سنويا بين عامي 2003 و 2012 علي مستوي العالم ، تزيد في إفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 13,2% ، حيث فقدت البلدان الإفريقية 60,3  مليار دولار سنويا بإجمالي 528,9 مليار دولار خلال الفترة 2003-2012. ووفقا لـ the Africa Economic Outlook لعام 2015 فإن سوء التسعير و التهرب الضريبي و التسعير التحويلي الممارس مسئول عن 65% من الأموال غير المشروعة ([28]).

2- تحليل هروب رأس المال في افريقيا

      وصلت التدفقات غير المشروعة  خلال الفترة 1970-1996 في 30  بلدا افريقيا شاملة الأصول الخارجية الصافية  والمتراكمة لهذه الأموال  بما في ذلك عائدات الفوائد  182 بليون دولار خلا 26 عاما ، وعند ضم الفوائد تصل إلي 272 بليون دولار، علي رأس هذه الدول أنجولا و الكاميرون و ساحل العاج ، و الكنغو الديمقراطية ، ونيجيريا  والتي تجاوزت فيها 200% من الناتج المحلي الإجمالي و هروب رءوس الأموال يسلك درجة عالية من الثبات ، ويرتبط مع هروب رءوس الأموال الحالية و المستقبلية و معدل نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ، ومؤشرات التصويت Index of Voice .أما نتائج Murinde 2000عام  علي عينة أصغر أرجعته إلي ارتفاع درجة الفساد و سوء الإدارة و عدم الاستقرار السياسي . أما Olopoemia عام 2000  أضاف أسباب أخري مثل وجود السوق الموازية ، ووجود تشوهات في السوق ([29])([30]). كما وجد أن الاقتراض الخارجي يرتبط بعلاقة موجبة مع هروب رأس المال ([31])في ثلاثة مجموعات؛ الدول المصدرة للنفط مثل أنجولا و الكاميرون ، و الدول المتضررة من النزاع مثل موزمبيق ورواندا وسيراليون ، و دول أخري، وقد تبين خلال الفترة 1980-2008([32]) أن هروب رءوس الأموال يظهرا دوريا بقوة في المجموعات الثلاثة ، مع انخفاض بشكل ملحوظ مع بداية الألفية الثالثة .

      وكما يوضح الشكل التالي ؛ تحتل منطقة غرب افريقيا المرتبة الأولي في تصدير تلك الأموال ثم إقليم شمال افريقيا .

التوزيع الإقليمي للتدفقات غير الشرعية الخارجة من افريقيا خلال الفترة 1970-2008

الرسم بواسطة الباحث من بيانات صادرة عن:

the  AU/ECA  Conference  of  Ministers  of Finance, Planning and Economic Development, Illicit Financial Flows, ,p.93.www.uneca.org/sites/…/iff_main_report_26feb_en.pdf

في حين تتصدر نيجيريا قائمة الدول المصدرة لرءوس الأموال غير المشروعة خلال الفترة 1970-2008 ، تليها مصر ثم جنوب أفريقيا ، حيث بلغت التدفقات غير المشروعة فيها 217,7 ، 105,2 ، 81,8 بليون دولار علي التوالي ، بنسب 30,5 ، 14,7، 14,4 % من إجمالي التدفقات غير المشروعة الخارجة من افريقيا .

    ويبين الجدول التالي إجمالي التدفقات غير المشروعة في افريقيا خلال الفترة 2004-2013 ، كما وردت في آخر تقرير لمنظمة النزاهة العالمية في ديسمبر 2015 ، حيث بلغ متوسط رءوس الأموال غير المشروعة المتدفقة خارج افريقيا خلال تلك الفترة 675 بليون دولار بمتوسط سنوي 67,5 بليون دولار  ، و6,1% من الناتج المحلي الإجمالي لدول افريقيا جنوب الصحراء ،  محققة 8,6% من إجمالي التدفقات غير المشروعة في العالم ، كانت القناة الرئيسية لها تزييف الفواتير من خلال التجارة ؛ حيث حققت في المتوسط  71,4 % من إجمالي التدفقات غير المشروعة ، و أبرز القطاعات هي النفط و المعادن و الفواكه و الكاكاو و الأسماك . ثم تأتي رءوس الأموال الساخنة في المرتبة الثانية ، وخلال تلك الفترة احتلت جنوب افريقيا المركز السابع عالميا ، في حين جاءت نيجيريا في المرتبة العاشرة .

التدفقات غير المشروعة  الخارجة من أفريقيا جنوب الصحراء خلال الفترة 2004-2013 بالبليون دولار

العام

2004

2005

2006

2007

2008

2009

2010

2011

2012

2013

متوسط

تزييف الفواتير

30,63

31,33

37,77

58,96

54,7

47,81

54,92

65,43

56,05

44,74

48,23

رأس المال الساخن

1,91

20,54

18,57

18,04

23,89

37,18

23,11

8,84

10,62

29,85

19,25

التدفق غير المشروع

32,5

51,9

56,4

77

78,8

85

78

74,3

66,7

74,6

8,6

نسبة أفريقيا ج. الصحراء إلي العالم

5,4

7,3

6,9

8

7,1

8,1

6,1

5,2

4,4

4,7

6,1

Kar. Dev and Spanjers. Joseph  , Illicit Financial Flows from Developing Countries: 2004-2013, report, Global Financial Integrity, Dec 2015,pp.12,28,41. at: http://creativecommons.org.

خاتمة وتوصيات

        علي الرغم من الجهود المبذولة علي المستوي المحلي و الاقليمي و العالمي لمكافحة التدفقات غير المشروعة من افريقيا ، غير أنها لم تأتي بأفضل النتائج لوجود عدة تحديات منها سوء الإدارة و ضعف الهياكل التنظيمية وغيابها أحيانا ، ونقص التمويل، ونقص القدرات الفنية و التقنية والبشرية ، ونفوذ الملازات الضريبية و، عدم وجود ترابط بين المؤسسات وازدواجية المسؤليات ، والاشتراك في الفساد من كبار المسئولين ، وغياب المساعدات الخارجية و تبادل المعلومات علي المستوي الاقليمي ([33]).

       فمن أبرز تلك الإخفاقات عدم استرداد 11 مليار دولار تم تحويلها بشكل غير مشروع من الخزانة العامة في مصر في عهد حسني مبارك ، و من أبرز النجاحات استرداد 2,3 مليار دولار تم تحويلها بشكل غير مشروع من قبل نظام أباشا ، واسترداد 2 مليار دولار تهرب ضريبي من الشركات الدولية العاملة في جنوب افريقيا([34]) . كما استعادت تونس 28,8 مليون دولار من لبنان، كما أُعيدت إليها أصول مادية بقيمة 58 مليون دولار (تشمل طائرات وزوارق) في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وسويسرا ([35]).

      و توصي الدراسة بتكثيف الجهود المبذولة في مكافحة التسعير التحويلي الممارس من قبل الشركات الدولية من خلال تحديد التفاعلات Interactions بين الحكومات و تلك الشركات ، وتنفيذ ما جاء في توصيات اللجنة رفيعة المستوي لمكافحة التدفقات غير المشروعة ،و الاستفادة من الهياكل الإقليمية القائمة ، وإشراك الأمم المتحدة فيما يتعلق بمكافحة الإزدواج الضريبي لدفع الضرائب في بلد المصدر و ليس البلد المقيم ، و مشاركة مجلس الأمن في الكشف عن الملازات الضريبية وغسيل الأموال ، والاستفادة من الخبرات الإقليمية الدولية .

[1]( Schneider. Benu, Resident Capital Outflows:Capital Flight or Normal Flows? A Statistical Interpretation, Working Paper 195(London: Overseas Development Institute,2003)p.1.

[2]) ” دراسة قياسية لحجم ومحددات المدخرات الهاربة من الاقتصاد المصرى “. المؤتمر العلمى السنوى الثامن عشر للاقتصاديين المصريين.  1994. ص ص.8-9www.cba.edu.kw/elsakka/C2.DOC

[3])the  AU/ECA  Conference  of  Ministers  of Finance, Illicit Financial,p.9.www.uneca.org/sites/…/iff_main_report_26feb_en.pdf

[4]( theWorld Bank Group , theWorld Bank Group’s ResponseToIllicit Financial Flows, 2016 104568, pp. 1-3

http://documents.worldbank.org/curated/en/502341468179035132/The-World-Bank-Group-s-response-to-illicit-financial-flows-a-stocktaking

[5]) دراسة قياسية لحجم ومحددات المدخرات الهاربة ، مرجع سبق ذكره،ص ص.5-6.

[6]) رابح أرزاقي و آخرون ،” مخاطر هروب رأس المال” ،التمويل و التميية ، 2013 ، ص ص 26-28.

At : https://www.imf.org/external/arabic/pubs/ft/fandd/2013/09/…/arezki.pdf

[7]( Fjeldstad. Odd-Helge and Heggstad. Kari, Capital flight from Africa – with a little help from the banks ,p.11.https://www.cmi.no/…/4920-capitalflight-from-africa-w

[8]( Mbewe. Samson,Capital Flight and the Role of Exchange Rates in Nigeria ,South Africa and Zambia  (Cabe Town: Univesity of Cabe Town, Un Published Master Thesis ,2015)pp.5-8.

[9]( Gusarova . Valeriia, the Impact of Capital Flight on Economic Growth ( Kyiv : Kyiv School of Economics, UnPublished Master ,2009)p.8.

[10]( Boyce. James K., and Ndikumana. Léonce , Capital Flight from Sub-Saharan African Countries :Updated Estimates, 1970 – 2010, Research Report (Amherst :PERI,2012)pp.4-5.

[11]( Johannesen. Niels  and Pirttilä. Jukka, Capital flight and development, WP 2016/95(Ney York : UNU-WIDER,2016)pp .3-5.

[12]) الأمم المتحدة ، تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية بما في ذلك الحق في التنمية ، مذكرة مقدمة من الأمانة العامة (نيويورك : الأمم المتحدة ، 2016)ص ص .4-8 .

[13])المرجع السابق، ص ص .8-10 .

[14]) الأمم المتحدة ، مرجع سبق ذكره، ص ص.10-13 .

[15](   United Nation Development Programme  (UNDP), “A Snapshot of Illicit Financial Flows from Eight Development Countries: Results and Issues for Investigation”, Issue Brief,www.undp.org/…/Issue%20Brief%20A%20snapshot%2.pp.1-2.

[16]( Cuddington. John  T, Capital  Flight:  Estimates,  Issues, and  Explanations,  Princeton  Studies in  International  Finance No.  58(Princeton: International  Finance Section, Department  of  Economics ,Princeton  University,1986)pp.15-16.

[17]( Fofack. Hippolyte and Ndikumana. Léonce, Capital Flight and Monetary Policy in African Countries, WP Series No.362(Oxford :Political Economy Research Institute ,2014)pp.13-14.

[18]( Ndiaye. Ameth Saloum, Capital Flight from the Franc Zone: Exploring the Impact on Economic Growth, Paper 269(Nairobi :African Economic Research Consortium, May 2014)pp.3-5.

[19]( Cuddington. John  T, Op.cit , p.15.

[20]( Ministry of Finance ,Republic of South Africa , High Level Conference on Illicit Financial Flows 2016.p.4. At:www.treasury.gov.za/…/2016071501%20-%20Speech%

[21]) البديل ،إفريقيا أكبر ضحايا تهريب الأموال في العالم ، يونيو 2016 .

almanshet.com/articles/52791/like-dislike

[22]( Ndikumana. Léonce and Boyce. James K., New Estimates of Capital Flight from Sub-Saharan African Countries: Linkages with External Borrowing and Policy Options,WP Series 166(Amherst: Economics and Political Economy Research Institute,2008)pp.9-10.

[23]( Ndikumana. Leonce, Causes and Effects of Capital Flight from Africa: Lessons from Case Studies , African Development Review, Vol. 28, No. S1( : African Development Bank,2016)p.4.

[24]( Ndikumana. Léonce and Boyce. James K.,2008,Op.cit.Pp.11-12.

[25]( Ndikumana. Leonce, Causes and Effects of Capital2016,Op.cit,p.5.

[26]( Ibid,pp.5-6.

[27]( Ostheimer. Andrea E., Illicit Financial Flows as, an Obstacle to Development, KAS International Reports 9|2015,pp.40-45.w ww.kas.de/wf/doc/kas_42797-544-2-30.pdf?…

[28]( Ndoro . taungana (editor) , African Tax Hotpot – Issue 1 , illicit Financial (Togo : the African Tax Administration Forum (ATAF),2015)p.8.

[29]( Ndikumana . Léonce , Op.cit, pp.32-33.

[30]) Boyce. James K.and Ndikumana. Léonce, Is Africa a Net Creditor? New Estimates of Capital Flight from Severely Indebted Sub-Saharan African Countries, 1970-1996,Paper (Amherst: University of Massachusetts, )pp.1-49.

[31]( Ndikumana. Léonce and Léonce. Léonce, Public Debts and Private Assets: Explaining Capital Flight from Sub-Saharan African Countries,wp.32(Amherst: University of Massachusetts,2002)pp.1-56.

[32][32]( John Weeks , Macroeconomic Impact of Capital Flows in Sub-Saharan African Countries, 1980-2008 , www.peri.umass.edu/fileadmin/pdf/…/WP290.pdf.pp-8-14.

[33]( African Civil Society Circle , Tackling Illicit Financial Flows From and Within Africa , Position Paper , March 2015,p.1-4 ,http://www.francophonie.org/IMG/pdf/afrodad.pdf

[34]( Nnadozie. Emmanuel ,Illicit Financial Flows (IFF) Track it, Stop it,  Recover it, Presentation on the Report of the High-Level Panel on Illicit Financial Flows from Africa , http://www.acbf-pact.org/sites/default/files/IFF%20presentation.pdf p.22.

[35]) مجموعة البنك الدولي / كاري فوتافا  ، مكافحة “الأموال القذرة” والتدفقات المالية غير المشروعة للحد من الفقر، 2014.

  http://www.albankaldawli.org/ar/results/2013/04/04/helping-countries-establish-transparent-financial-systems-and-robust-mechanisms-for-asset-recovery

المصدر

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button