نظرية العلاقات الدولية

التطور التاريخي للمجتمع الدولي

لقد زادت الفواصل بين الشعوب وتلاشت الأبعاد بين الآقطارو تشابكت مصالح الدول بشكل جعل الانعزال أو العزلة أمر عسير أو معتذرا وامتزجت الثقافات والحضارات حني أصبحت ملكا للعالم بأسره ينهل من ينابيعها كل إنسان مريد وكشفت أسرار الأرض فسد الإنسان بصره و علمه نحو السماء وأفلاكها ينبغي غزوها وصبر أغوارها ومعرفة مكوناتها ونتيجة لذالك فان دراسة المجتمع الدولي وتركيبه وطبيعتهم المتغيرة قد نالت اهتمام الباحثين منذ مطلع قرن20 وازداد هذا الاهتمام بنمو العلاقات الدولية خاصة تاريخ العلاقات الدولية وكذلك نمو القانون الدولي والمنظمات الدولية وذالك لما لهذه الفروع من علاقة وطيدة بينهما من جهة و بين موضوع المجتمع الدولي من جهة ثانية وثلاثين[30] من هذا القرن بدأت تبرز معالم جديدة لدراسة المجتمع الدولي تتمثل في دراسة مفصلة عن العلاقات الدولية من جهة والقانون الدولي العام و المنضمات الدولية من جهة ثانية وأصبح المجتمع الدولي وابتداء من الأربعينيات يركز علي الأحداث وعلي الوضع الدولي القائم مستعملا في ذالك الأسلوب التحرري و التصوري أكثر من أسلوب الوصفي و السردي .

وهكذا أصفت دراسة المجتمع تتناول ماهيته وكيف يبدو,وماهي المؤثرات العالمية التي تحدد هكذا المجتمع وسلوك أجزاءه الأكثر ديناميكية مثل:الدول والمنضمات الدولية و الشركات المتعددة الجنسيات وحركات التحرر وغيرها و معرفة هذه الأجزاء و العلاقة بينها ….
الأولي والأساسية نحو تصور المجتمع الدولي وفهمه و بحثه وتشريحه ولتغطية البرنامج المقرر لهذه المادة وعلي ضوء التغيرات التي شهدها المجتمع الدولي سوف نتطرق في دراستنا علي المحاور الأساسية المبنية وفق الخطة

1:الباب الاول :التطور التاريخي للمجتمع الدولي
*الفصل الأول:المجتمع الدولي في العصور القديمة
*الفصل الثاني:المجتمع الدولي في العصور الوسطي
*الفصل الثالث:المجتمع الدولي في العصور الحديثة
2:الباب الثاني:أشخاص المجتمع الدولي
*الفصل الاول:الدولة
*الفصل الثاني:المنضمات الدولية
3:الباب الثالث:الكيانات المستحدثة في المجتمع الدولي المعاصر
*الفصل الاول:حركات التحرر الوطنية
*الفصل الثاني: الشركات المتعددة الجنسيات
*الفصل الثالث: الفرد في المجتمع الدولي

المجتمع الدولي
1- الباب الأول
التطور التاريخي للمجتمع الدولي
الفصل الاول:
المجتمع الدولي في العصور القديمة
لقد كان هناك تنظيم معين يسود في العصور القديمة, ولكن على درجة من البساطة و البدائية و المحدودية, إذ كان التنظيم طبيعي و بدائي أكثر مما هو صناعي أو اصطناعي ومعقب, وقد أملى هذا النوع من التنظيم نوع الحياة و العلاقات الاجتماعية السائدة آنذاك. فغريزة الإنسان أن يعيش في جماعة أملت على الشعوب القديمة أن تتعاون معا على المصاعد المطروحة آنذاك, كما أملت عليها أن تتناحر إن اقتضى الأمر, كما أن الكوارث الطبيعية و الاعتداءات المختلفة كانت كلها بمثابة عوامل للتالف و العيش الجماعي في شكل تنظمه العادات و التقاليد أكثر من قوانين مشرعة مثل ما هو عليه الحال العام وفي هذا الشأن سوف نعرض لبعض الحضارات القديمة كما يلي :

1-حضارة بلاد الرافدين: تعتبر أول وأقدم حضارة شهدت أول معاهدة عرفها التاريخ في حدود 3100 سنة قبل الميلاد مابين زعيمي قبيلتين في منطقة مابين النهرين بين دولة مدينة نجاشي و مدينة أو ما. كما تأكد ذلك الآثار المادية والثقافية , وقد نصت هذه المعاهدة على وجوب احترام الحدود التي اعترف بها بشعب أو ما وتضمنت شروط التحكيم كوسيلة لحل النزاع بخصوص أي خلاف يثور بشكل تطبيق نصوص المعاهدة.

2- الحضارة الفرعونية(مصر): وفيها ابرم الفراعنة العديدة مع ملوك و قادة الشعوب معاهدات التبعية والتحالف و الحماية ومن أهمها تلك التي ابرمها فرعون مصر رمسيس الثاني مع ملك جثو شليم الثالث في حوالي عام 1278 قبل الميلاد والتي احتوت على مجموعة من المبادئ و الأحكام أهمها توقيف القتال في سوريا, واحترام كل من الطرفين حدود أراضي الطرف الأخر و إقامة تحالف بينهما ضد العدوان الخارجي و احمام السلام والصداقة بين الطرفين وكذا مبدأ تسليم اللاجئين السياسيين لبلادهم .

3- حضارة الصين القديمة: أقامت الصين علاقات التبادل مع الدول الأخرى بما فيها روما البعيدة عنها بمسافات شاسعة. كما عرفت الصين نظام التمثيل الدبلوماسي و المؤتمرات المختلفة وهنا يمكن الإشارة إلى الفيلسوف لاوتوزو الذي بحث في موضوع الحد من الحروب وكيفية تسليط العقوبات على الدول المعتدية كما أن الفيلسوف كونفشيوس تناول لأول مرة فكرة الاتحاد بين الشعوب و ذلك بإنشاء منظمة دولية تشبه في مهامها منظمة الأمم المتحدة حيث وجد في احد قصور أباطرة الصين صفيحة كتب فيما يلي:{ الإنسانية بحاجة إلى جمعية توفد إليها الدول ممثلين عنها لتصبح عضوا فيها تختارهم من بين أكثر مواطنيها فضلا و أوفرهم كفاءة و أجدرهم ذكاء}.

4- حضارة الهند القديمة : هنا نجد قوانين مانو التي تم وضعها حوالي عام ألف قبل الميلاد والتي تناولت جانبين هامين هما حالة الحرب و حالة السلم حيث كان الفيلسوف مانو يدعو إلى تحريم تعطيل الحقول الزراعية وقطع الأشجار وتحريم قتل العدو الذي استسلم و لا أسرى الحرب ولا عدوا نائما أو اعزلا ولا شخصا مسالما غير محاربا ولا حتى عدوا مشتبكا مع خصم آخر.

5- الحضارة الإغريقية (اليونانية): كانت مساهمتها أكثر فاعلية من غيرها من الحضارات الأخرى ذلك أن المجتمع اليوناني كان يتكون من المدن المستقلة عن بعضها البعض استقلالا كاملا كمدينة أثينا ومدينة إسبارطة مما انشأ مع مرور الزمن نوعا من قواعد القانون الدولي التي تنظم العلاقات المتبادلة بين هذه المدن في وقت السلم ووقت الحرب فمثلا مدينة إسبارطة و أثينا ونيرا وبولوني الرومانيتين كانت بمثابة وحدات سياسية مزدهرة وتم فيها تطبيق نوعا من أنواع الأنظمة الاتحادية بينها ومن أشهر تلك النظم نظام الانفيكتيوني الذي كان ينظم مندوبي 12 قبيلة في اجتماعات تعقد في صفة دورية للتشاور في المسائل التجارية وشؤون الملاحة ولتسوية المنازعات التي كانت تنشا بين المدن عن طريق التحكيم.

كما عرفت المدن اليونانية نظام انحياد وحرمت السفراء و اقتناء أسرى الحرب وحماية الأجنبي و أمواله وحريته التجارية, وكل هذه القيم تطورت إلى مبادئ القانون الدولي العام الحديث والعلاقات الدولية. إلى أن الشيء الملاحظ على هذه القواعد أنها لم تكن قابلة للتطبيق إلا فيما بين مدن اليونان دون غيرها من الشعوب الأخرى

6- الحضارة الرومانية: وتميزت بخاصية أساسية هي شساعة الرقعة الجغرافية الشيء الذي أدى إلى انضواء الكثير من الشعوب تحت لواء الإمبراطورية الرومانية وهذا هو ما جعل الرومان يفكرون جديا في إنشاء قانون مميز يحافظ على مصالح الرومان كشعب سيد و متميز وفي نفس الوقت المحافظة على مصالح الشعوب الأخرى خوفا من إمكانية ثورة على سلطان روما , لذا فقد عرفت روما نوعين من القوانين :

*الأول سمي بقانون المدني الروماني وكان لا يطبق إلا على العلاقات التي تجرى بين الرومانيين الأصليين, وفي مرحلة لاحقة سمحت روما بتطبيق هذا القانون على رعايا روما من اللاتينيين دون غيرهم من الشعوب الأخرى وكان يطلق عليهم وصف الغرباء , ونتيجة لهذا تزايد عدد الغرباء بشكل كثير لذلك قامت روما بتعيين قضاة خاصين بهم يسمون بقضاة الغرباء يفصلون في خلافاتهم ليس استنادا إلى القانون المدني بل استنادا إلى عادات وتقاليد و أعراف هؤلاء الغرباء وهذه القواعد هي التي سميت فيما بعد بقانون الشعوب (القانون الثاني) وبالتالي لم تكن العلاقات تقوم على أساس المساواة بل كانت تقوم على أساس العنف و القسوة و الاستعباد مما جعل الكثير يصف نظام الحكم الروماني و غيره في تلك الفترة بنظام العبودية ولم تسلم من ذلك إلى الشعوب التي كانت تربطها بروما معاهدات حماية( أو صداقة) إذ كانت الشعوب المستأمنة على نفسها لا يحل استعمارها شريطة أن تساهم في دفع الضرائب.

الفصل الثاني
المجتمع الدولي في العصور الوسطى :
يتفق أغلب فقهاء المجتمع الدولي علي أنه عقب اندثار الحضارة الرومانية الغربية في عام 476هجرية ظهرعصرجديداتفق هؤلاء الفقهاء علي تسميته بالعصر الحجري الوسيط كما اتفقوا علي نهاية هذا العصر كانت بتاريخ سقوط الإمبراطورية الرومانية الشرقية [الإسكندرية ] في عام 1453م وقد عرف هذا العصر حضارتين هامتين أو لهما الحضارة الإسلامية. وثانيهما الحضارة الأوروبية الكنسية.

المبحث الأول: المجتمع الإسلامي في العصر الوسيط: تختلف الحضارة الإسلامية عن غيرها من الحضارات ألآخري فيما يخص رسم معالم وتحديد عطر المجتمع الدولي التي يجب أن يتبنى عليها من حيث المبدأ علي اعتبار أن الحضارات ألآخري كانت تنطلق من مبدأ أن كل أجنبي يعتبر عدوا إن لم يكن كذالك فهو بالضرورة جاسوس بخلاف الشريعة الإسلامية التي جاءت للبشرية عامة إضافة إلي دعوتها إلي احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية .

المطلب الأول: المبادئ التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي : لقد اعتني الإسلام بنظام الحياة في شتي صورها من أخلاقيات و اجتماعية واقتصادية لكونه دينا عالميا ورسالة للبشرية ولذالك قامة الشريعة الإسلامية علي كثير من المبادئ الإسلامية التي لا يمكن حصرها في حال من الأحوال و لذالك نكتفي نذكر بعض منها فيما يلي .

المبدأ: م1: غالبية الشريعة الإسلامية حيث أنها لم تخاطب فئة معينة من الناس ولم تقتصر علي إقليم معين من الأرض لكونها رسالة ربانية تخاطب البشرية جمعاء مصداقا لقوله تعالي <<وماارسلنا ك إلي كافة للناس بشيرا ونذيرا >> سورة سبع الآية 28.

كما أنها كانت رسالة سلام عكس ما يدعيه أعداء الإسلام وذالك مصداقا لقوله تعالي <<وان جنح للسلم فأجنح لها وتوكل علي الله>>الأنفال الآية61.
م2: احترام الكرامة الإنسانية: كرم الإسلام الإنسان أكثر من غيره فلم يعترف باللون اسود أو ابيض و لا بالجنس لتفضيل الإنسان على الأخر و مصداقا لقوله تعالى:<< كلكم ابن ادم وادم من تراب>>. وقول الرسول الكريم<<لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى>>.

م3: احترام الحرية الدينية: فقد منع الدين الإكراه أو الإجبار كوسيلة لجعل الناس يعتنقون الدين الإسلامي مصداقا لقوله تعالى:<<لا إكراها في الدين قد تبين الرشد من الغنى>> البقرة آية 256 وقوله أيضا <<ولو شاء ربك لأمن من في الأرض جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكون مؤمنين>> يونس آية 99.

م4: الوفاء بالعهد: أكد الإسلام على ضرورة الوفاء بالعهد في الكثير من الآيات القرآنية وقد سماه بالميثاق الغليظ ومن ذلك قوله<< وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا>> الاسرائيل اية 34, وقوله أيضا << واوفو بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضو الإيمان بعد توكيدها >> النحل أية 91.
المطلب الثاني :
تقسيم المجتمع الدولي في الفقه الإسلامي : إن النظام الإسلامي لا يقوم على اعتبار هذا العالم مقسما إلى دول ذات السيادة وإنما يقوم على أساس تقسيم العالم إلى دار الإسلام ودار الحرب , وبينهما دار تسمى دار العهد.

أول-دار الإسلام : هي مجموعة الاراضى التي تكون فيها الكلمة العليا للمسلمين و تطبيق فيها أحكام الشريعة الإسلامية بلا منازع في جميع القضايا المتعلقة بنظام عام من دون أن يمنع هذا من تطبيق شريعة أخرى غير الشريعة الإسلامية في القضايا التي لها مساس بالأحوال الشخصية لغير المسلمين مثل أهل الذمة و المستأمنون.

ا-أهل الذمة: و يعتبرون جزء من المجتمع الإسلامي و يتمتعون فيه بكل حقوق يتمتع بها المسلمون من الحماية و الرعاية و العدالة مع ضمان احترام الحرية الدينية له وذلك في مقابل ضريبة مالية يسيرة تسمى الجزية وتجب على الرجال القادرين على القتال دون الأطفال والنساء والشيوخ. ويكتسب الذمي هذه الصفة عن طريق إبرام عقد من السلطان الحاكم في دار الإسلام يسمى بعقد الذمة وهو عقد ابدي يستمر حال حياة ذلك الذمي ويلتزم بموجبه هذا الأخير بان تكون أمواله كأموال المسلمون تماما ودمه كدم المسلمين.

ب- المستأمنون: وهم الذين يدخلون دار الإسلام طلبا في الأمان فقط على غير نية أن تقام طويلة ومستمرة في دار الإسلام فتكون إقامته فيها عرضية فقط, وقد قررت الدولة الإسلامية للمستا منون من الحقوق ما يقاوم ذلك المقررات لأهل الذمة لقول الفقهاء << المستأمنون بمنزلة أهل الذمة في دارهم>> وهذه الحقوق مصدرها الشريعة السلامية التي هي قانون داخلي للدولة الإسلامية.

ثانيا دار العهد: قرر بعض الفقهاء أن هناك دار وسطا بين دار الإسلام ودار الحرب سموها بدار العهد وهي حقيقة اقتضاها الواقع, فقد كانت هناك قبائل لا تخضع خضوعا تاما للمسلمين وليس للمسلمين فيها حكم ولكن لها عهد
محترم وسيادة على أرضها وقد أكد الإسلام على ضرورة احترام الصلح بعد الاتفاق عليها مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم:<<لعلكم تقاتلون قوما فتظهرون عليه فيتقوتكم بأموالهم دون أنفسهم وأبنائهم فلا تصيب منهم فوق ذلك فانه لا نصلح لكم >>.

أولا- واجبات دار الإسلام اتجاه دار العهد:
-الدفاع عن دار العهد في وجه أي عدوان.
– تامين الضمانات اللازمة للمعاهدين في ممارسة شعائرهم الدينية.
– منع الجنود المسلمين المتواجدين في دار العهد من خرق الحروب بالاعتداء على الأشخاص المعاهدين أو على شرفهم أو أموالهم.
ثانيا- واجبات دار العهد نحو دار الإسلام:
-دفع مبلغ معين من المال في مقابل حماية المسلمين لهم .
– عدم شن أي عدوان اتجاه دار الإسلام أو الاشتراك مع الغير في العدوان على المسلمين.
– السماح بنشر الدعوة الإسلامية في أراضيها بكل حرية .

ثالثا- دار الحرب: اتفق الفقهاء على أن الدار تعتبر دار حرب إذا لم يكن السلطان فيها للمسلمين ولا تطبق فيها أحكام الشريعة الإسلامية, وليس بين المسلمين وبين أهلها أي عهد .
غير أن الإمام أبو حنيفة وبعض الفقهاء يشترطون توافر ثلاثة شروط لتصبح الدار دار حرب:
-ألا تكون المنعة والسلطان للحاكم المسلم بحيث لا يستطيع تنفيذ الأحكام الشرعية.
– أن يكون الإقليم متاخما للدار الإسلامية بحيث يتوقع منه الاعتداء على دار الإسلام.
– ألا يبقى المسلم آو الذمي مقيما بهذه الديار من أمام الإسلام الأول الذي مكن رعية المسلمين من الإقامة بها.
– أما أساس العلاقة القائمة بين المسلمين ودار الحرب فقد اختلف فيها , فالبعض يرى أن الحرب أساس العلاقة, والبعض يرى أن السلم أساس العلاقة استنادا إلى الكثير من النصوص القرآنية التي لاتبيح للمسلمين القتال إلا استثناءا كحالة الدفاع عن أنفسهم.

المبحث الثاني :
المجتمع الأوربي في العصر الوسيط:
المطلب الأول: مميزات المجتمع الأوربي في العصر الوسيط: أهم ما ميز هذه الفترة التي تمتد على مدى عشرة قرون تقريبا (977 سنة) يمكن تلخيص الآن:
1-نظام الإقطاع: ظهر في أوربا في القرن التاسع ليستمر إلى غاية القرن الخامس عشر و الإقطاع عبارة عن نظام يقوم من الناحية السياسية غلى انفراد أمير أو حاكم بكل مظاهر السلطة داخل إقليم معين فتعتبر تلك السلطة ملكا شخصيا له ويعتبر ذلك الإقليم ملكية إقطاعية خاصة به , ومن الناحية الاقتصادية يغلب عليه الطابع الزراعي ويسوده نظام رق الأرض إذ كان النبلاء يستغلون تلك الأراضي بواسطة العبيد مقابل قوت يومي فقط وهذا ما جعل النظام الدولي لا يتطور آنذاك .فقد عمل هذا النظام على تجزئة
إلى إمارات إقطاعية انتشرت في الحروب الإقطاعية فيما بينها, أما في مجال السياسة الخارجية فلم يستطع الملك أن يعبر عن إرادة موحدة في مملكته أما الممالك الأخرى بسبب تلك المملكة إلى الإمارات الإقطاعية.

2- التجزئة و الفوضى: أدي سقوط الآمبراطورية الرومانية الغربية علي القبائل الجرمانية إلي تقسيم أوروبا إلي عدة مماليك وإمارات اتسمت العلاقة فيما بينها بالحرب والاعتداءات المستمرة فعرف هذا العصر نظرية سياديتين أي السيادة الكنسية والسيادة المالكية أما الأولي فتنظم العلاقات المتفرعة عن العقائد وأما الثانية فتسمي بالقانون الزمني وتتعلق بتنظيم العلاقات المتبادلة بين أفراد الآمبراطورية وبينها وبين السلطة الحاكمة .
3-ظهور الوحدة الدينية المسيحية :ساعد انتشار المسيحية في أوروبا علي تلطيف العلاقات بين المماليك الأوروبية ،وعلي تشكيل جماعة أوروبية مسيحية تحت الزعامة الروحية للبابا الكاثوليكي والذي كان نفوذه قويا ،حيث أن تقليد الملوك وتنصيبه كان حقا قاصرا علي البابا وكذالك حقه في الفصل بين المنازعات التي تقوم بينهم ولقد نبذه (حرمه)المسيحية الحرب كلية استنادا في ذالك إلي قول السيد المسيح إلي السيد القديس بطرس (أعد سيفك إلي غمده لآن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون ).

غير أن إجماع المسيحيين علي هذا المبدأ لم يستمر وانقسموا علي أنفسهم إلي قسمين فريق يعتنق مذهب السلام ويري وجوب تطبيقه فريق ثاني تأثر بالنزعة الوطنية ويربأن الإنجيل لم يمنع صراحة قيام المهنة العسكرية ،وأن قانون الحرب الذي جاءت به المسيحية لن ينسخ أبدا قانون القوة في الحياة البشرية .من أجل ذالك حاول المسيحيون التوفيق بين نص الإنجيل وضرورات الدولة فتوصلوا إلي التفرقة بين الحرب المشروعة وهي الحرب الدفاعية وتلك التي تهدف إلي القضاء علي الظلم وإعادة السلام .
الحرب الغير المشروعة :وهي التي تهدف إلي الاحتلال والحصول علي الغنائم وكذالك الحروب الأهلية التي تجري بين الأمراء الدول المسيحية .

المطلب الثاني
القواعد القانونية الدولية التي جاء بها العصر الوسيط:
1- إرجاء فكرة تقسيم القانون الدولي إلي قانون حرب وقانون سلام إلي هذا العصر وهو تقسيم لازال سائدا حتى.
2-ظهور فكرة الحرب الشرعية العادلة والغير شرعية .
3-الاحتفاظ بالتحكيم كوسيلة لحل المنازعات والوقاية من الحروب .
4-ظهور العلاقات الدبلوماسية والعلاقات التجارية ،حيث تطورت في نهاية هذا العصر فكرة الدبلوماسية وظهرت الوزارات والسفارات الدائمة و الامتيازات والحصانات الدبلوماسية .
5-مساهمة العلاقات التجارية وظهور قانون البحار الحقيقي من خلال حماية التجارة البحرية وحق التفتيش والتهريب البحري .
6-ظهور القنصليات لحماية المواطنين في الدول الغير المسيحية .

الفصل الثالث:
المجتمع الدولي في العصر الحديث:وهنا يمكن تقسيم هذه المرحلة التي مر بها المجتمع الدولي إلي قسمين.
مرحلة ما قبل القرن العشرين ومرحلة ما بعد القرن العشرين إلي وقتنا الحالي .
المبحث الأول:
المجتمع الدولي قبل القرن العشرين:وهنا تميزت هذه المرحلة بما يلي:

1-الاكتشافات الجغرافية ألكبري من الطبيعي أن اتساع الرقعة الجغرافية يؤدي إلي تغيير معطيات وملامح المجتمع الدولي ،ومن الطبيعي أيضا أن تغيير هذه المعالم يؤثر بصفة مباشرة أو غير مباشرة علي قواعد القانون الدولي ،وتبعا لذالك أدى اكتشاف العالم الجديد (القارة الأمريكية سنة 1492م من طرف كريستوف كولومبس ) لي فتح مجال جديد في القانون الدولي التقليدي وهو التسابق بين الدول الأوروبية للحصول علي المستعمرات وكان أول تنافس بين اسبانيا والبرتغال باعتبارهما القمتين البحريتين العظمي في تلك الفترة وقد عقدة عدة اتفاقيات بينهما منها اتفاقية 7جوان 1493موالتي بمقتضاها اتفق الطرفان علي وضع خط تكون بموجبه المناطق الواقعة غربا لاسبانيا والمناطق الواقعة شرقا تتبع البرتغال وبموجب هذه الاتفاقية دخلت العلاقات الدولية الاستعمارية في شكل تجاري وإقليمي.

كما أن الشئ المهم من هذه الاتفاقية ليست هو وضع حد للحروب التي كانت دائرة آنذاك وإنما هو أنها أضافه شيئا جديد للقانون الدولي العام (ق.د.ع) علي وهو نظرية الأراضي التي لاصا حب لها والتي تكون من حق أول مكتشف لها وكذا ظهور قانون لحماية الملاحة البحرية في أعالي البحار .
2-معاهدة واست فآليا سنة 1648: لم تكن طوائف المسيحية التي كانت تتكون منها أوروبا علي وفاق دائم بينها لاسيما بين الكاثوليك والبروتستنت وقد كان هذا الخلاف العقا عدي سببا رئيسا في اندلاع أول حرب ضروس(خطيرة ) بين الطائفتين استمرت قرابة 30سنة (1618-1648) وهذا ماعدي إلي تسميتها حرب الثلاثينية .
ومن أجل وضع حد لهذه الحرب تم الاتفاق بين الدول الأوروبية في ضاحية من ضواحي الألمانية وهي اتفاقية (واست فأليا ) التي كانت أول معاهدة للسلام بين الدول الأوروبية والتي يعتبرها الفقهاء شهادة الميلاد للقانون الدولي المعاصر وهذا بالنظر إلي ما جاءت به هذه المعاهدة من أسس و مبادئ للقانون الدولي العام والمتمثلة فيما يلي .

أ: تفكيك وحدة القرون الوسطي و تعويضها بعهد الدولة المطلقة والمتعددة وبالتالي القضاء علي ظاهرة الدولة الواحدة أو الآمبراطورية العظمي التي لم تفتح المجال لظهور الدول المستقلة و بالتالي ظهور علاقات حقيقية وعليه تما الاعتراف صراحة بانحلال الآمبراطورية الجرمانية المقدسة وتقسيمها إلي دويلات قومية مصغرة .

ب:القضاء علي نفوذ البابا في رئاسته علي الدول الأوروبية: وبالتالي وضع حد للحرب الدينية دون المساس بمبدأ الحريات الدينية.

ج:اقرار مدة المساواة بين الدول المسيحية جميعها سواء الكاثوليكية أو البروستنتيا والملكية منها أو الإقطاعية وذالك اثر التقليل من القوة الاسبانية وإمبراطوريتها مقابل الرفع من قوة الدول ألآخري.

د:احلال نظام السفارات الدائمة محل السفارات المؤقتة وذالك لتمتين العلاقات وحل المشاكل الجزئية والثنائية .

و:زوال فكرة تقسيم الحروب إلي عادلة أو غير عادلة وجعل الحرب حقا من حقوق السيادة تمارسه كل دولة شريطة استعماله بطريقة مشروعة وفي حلة الدفاء الشرعي .

م:اقرارالمعاهدات الجماعية باعتبارها من أهم الآليات ذات التأثير الكبير علي تطور القانون الدولي العام .

ه: إنشاء فكرة التوازن الدولي في أوروبا كوسيلة أساسية من وسائل حفظ السلم ومفاد ذالك أن تتكاثف الدول علي الحيلولة دون التوسع أي دولة علي حساب دولة أو دولة أخري.

3- الثورة الأمريكية:قامت هذه الثورة ضد التواجد البريطاني في 1776م وبعدها معارك متطاحنة انتصر الثوار الأمريكان وتبعا ذالك الاستقلال (14جويلية 1776) بعدها اجتمعت 13ولاية أمريكية في مؤتمر فلدلفي سنة 1787م حيث وضعت دستور الدولة الفدرالية إلا أن الجنوب تمرد علي الشمال وطالب بنظام كون فدرالي مما أدي إلي نشوب حرب أهلية دامت 4سنوات كاملة ورجعت الكلمة الأخيرة للشماليين المناصرين للنظام الاتحادي وتشكلت من جديد دولة الولاية المتحدة الأمريكية في 1886.

و الشئ المهم في هذه الثورة هو ما سمي بإعلان الاستقلال الذي جاء بمجموعة من المبادئ الجديدة وأضاف للقانون الدولي العام جانبا آخر كان ينقصه آلا وهو الجانب الإنساني ومن أهم المبادئ:

أ:أن القارة الأمريكية قد وصلت إلي درجة من الحرية والاستقلال لا يصح معهما احتلال أي جزء من أراضيها من قبل احدي الدول الأوروبية.
ب:أن كل محاولة من الدول الأوروبية لفرض نظمها السياسية علي أي جزء من القارة الأمريكية يعتبر خطرا علي آمن وسلامة الو.م.أ.
ج:أن الو.م.أ لاتريد أن تتدخل في الشؤون الخاصة لدول أوروبا كما أنه لا شأن لها بالحروب التي تقوم بين هذه الدول إلا ما يقتضيه حق الدفاع عن نفسها إذا ما وقع اعتداء علي حقوقها وأصبحت مصالحها مهددة تهديدا جديا .

4- الثورة الفرنسية :قامت سنة 1789م كرد فعل للاستبداد السياسي للملوك وطغيانهم وقد عملت علي إقرار عدد من المبادئ الهامة في مجال حقوق الإنسان وتأكيد مبادئ أن السيادة للآمة وليست للأمير أو الملك كما كان عليه قبل ذالك ، ومبدأ حق تقرير المصير وذالك عن طريق الاعتراف بحق الشعوب بالاستقلال وفي اختيار لنظام الحكم الملائم كذالك أعلنت الثورة الفرنسية أن الحروب الغير الدفاعية تعتبر حروب عدوانية مهما كان سببها و أهدافها ،وعدم مشروعية تدخل دولة قي شؤؤن دولة آخري وجاء إعلان حقوق الإنسان و المواطن ليثبت هذه المبادئ و الأفكار كما نص عليه الدستور الفرنسي الصادر سنة 1793م.
5- مبدأ القوميات :ظهر هذا المبدأ أولا بعد الثورة الفرنسية 1789م وانتشر في أوروبا اثر ظهور التحالفات الأوروبية ضد فرنسا ،وقد لعبت القومية دورا في العلاقات الدولية خاصة في القرن التاسع عشر والقرن العشرين ويعطي مبدأ القومية الحق لكل أمة بأن تكون لها دولتها المستقلة والخاصة بها و بتعبير آخر يكون لكل أمة الحق في تقرير مصيرها وهكذا نجد أن ارتباط مبدأ تقرير المصير في هذه الفترة بمبدأ القوميات هو الذي دفع إلي تسميته بمبدأ تقرير المصير القومي وقد نجح هذا المبدأ إلي حد بعيد في الكثير من الدول كانفصال اليونان علي تركيا في فيفري سنة 1830 وانفصال بلجيكا عن هولندا في سنة 1831م…………الخ.

6- مرحلة التحالف الأوروبي (1815-1914): نتج التحالف الأوروبي عن مؤتمر فينا الذي أنعقد عام 1815م الذي استهدف نتائج الحرب النابليونية وكذ لضمان الاستقرار السياسي في أوروبا كان من بين نتائجه وخصائص هذه المرحلة ما يلي :

أ- تراجع الفلسفة والدين أمام العقل حيث تميزت هذه الفترة ببروز مجموعة من العلماء و الذين تركو اثر بصماماتهم في تطور المجتمع الدولي فكريا ومؤسساتيا ومن بينهم جون ستوارث ميل (1806-1873)وجون لوك (1732-1804)وكارل ماركس(1818-1883)
ب- انتشار نظام المؤتمرات باعتبارها احدي السمات البارزة في دبلوماسية القرن 19وخاصة خلال فترة (1840-1909) ومن أهم هذه المؤتمرات :مؤتمر لاماي في عام (1899-1907) باعتبارهما تعاملا مع تطور القانون الدولي ونشوء التنظيم الدولي بصفة حديثة .
ج- إصدار وثيقة المؤتمر والتي سميت بالوثيقة النهائية وهي أول معاهدة جماعية حديثة تمت صياغتها في نص وحيد يشمل كافة الدول المشتركة خلافا للأسلوب السابق المتبع في حالة الاشتراك عدد كبير من الدول في المعاهدة حيث كان يوقع عدد من المعاهدات الدولية يتناسب مع عدد دول الأطراف.
د-سيطرة فكرة التحالف علي المسرح الأوربي كبديل لنظام توازن القوي لم يصمد في أواخر القرن 18وبداية القرن 20
ه- ظهور المنظمات الدولية وبداية انتشارها خلال هذه الفترة (1865-1814) حيث تم إنشاء الاتحاد التلغرافي الدولي سنة 1865واتحاد البريد العالمي 1878واتحاد الخطوط الحديدية 1870……..الخ.

المبحث الثاني : المجتمع الدولي من القرن 20الي وقتنا الحلي :تميز بالخصائص التالية .
1-عالمية المجتمع الدولي :حيث لم يعد المجتمع الدولي مجتمعا أوروبيا مسيحيا فحسب كما كان الوضع عليه في القانون الدولي التقليدي بل أصبح يضم دول تنتمي إلي حضارات وثقافات مختلفة مثل الدول العربية و الإسلامية والدول الآسيوية و الإفريقية التي تخلصت من السيطرة الاستعمارية الأوروبية…………الخ .

ولقد كان لظهور هذ العدد الكبير من الدول حديثة الاستقلال أثارا بعيدة المدى علي مسرح العلاقات الدولية إذ عمدت هذه الدول التي تنتمي في غالبيتها إلي الدول الصغيرة (دول العلم الثالث)إلي توحيد جهودها من أجل الدفاء عن مصالحها المشتركة في مواجهة الدول الصناعية الكبرى ليس علي الصعيد السياسي فحسب وإنما حتى في مجال القانون الدولي العام الذي يحكم المجتمع الدولي وينظم بنايته فحرصت هذه الدول علي السعي الحثيث من أجل تقرير المزيد من الحقوق لها خاصة في المجالات التي كانت تعاني منها كالصعوبات الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية المصاحبة لظاهرة التخلف الاقتصادي الموروث عن الاستعمار .

2- المجتمع الدولي المعاصر مجتمع منظم:وهذ لأنه محكوم بنظام قانوني يتظمن مجموعة من القواعد التي تسري علي أحكامه والتي تهدف إلي تنظيم العلاقات بين الدول و إذا كان تاريخ العلاقات الدولية وحاضرها قد شهد العديد من الحروب فإنها شهدت كذالك العديد من الاتفاقيات الدولية و المؤتمرات العالمية التي تهدف إلي إرساء وتطوير التعاون ما بين الدول.
وإذا كان الواقع الدولي أيضا قد أثبت أن الدولة المستقلة كانت ولا تزال من الثوابت في المجتمع الدولي وأنها طرف أساسي في العلاقات الدولية، إلا أن هذا لم يمنع من ظهور وحدات آخري علي صعيد المجتمع الدولي لايقل تأثيرها في ممارسة العلاقات الدولية عن تأثير دولة بل أنها تعتبر طرفا أصيلا في بعض الأحيان نذكر من بينها المنظمات الدولية والشركات المتعددة الجنسيات بالرغم من عدم تحديد طبيعة قانونية دولية لهذه الشركات ،ولعلي كان الهدف من إنشاء هذه المنظمات هو التخفيف من حجم الفوضى علي الصعيد الدولي وتطوير مجالات التعاون فيما بين الدول في جميع الأنشطة .

3- مبدأ التعايش السلمي يري الفقه الاشتراكي أن وجود القانون الدولي العام يتوقف علي إمكانية التعايش السلمي بين دول النظامين ( الرأسمالي و الاشتراكي)، وان كان ليس من الضروري أن تتوصل الدول إلي اتفاق بشان طبيعة القانون الدولي فان الأهم من ذلك كله هو أن تتوصل الدول ذات الأنظمة المختلفة إلي قواعد ثابتة ،والتعايش السلمي يفترض حل المنازعات عن طريق المفاوضات .
ويقصد بالتعايش السلمي حسب الفكر الشيوعي استنكار الحرب كوسيلة من وسائل تسوية المنازعات الدولية بل لابد من تسويتها عن طريق المفاوضات والمساواة والتفاهم المتبادل والثقة بين الدول ومراعاة الدول لمصالح بعضها البعض وعدم التدخل في الشؤون الداخلية …….الخ.

4- التقدم العلمي :لقد بات التقدم العلمي سمة من سمات هذا العصر ،ولاشك أن تطور المواصلات وغزو الفضاء واستقلال الثروات الباطنية في اليابسة والبحار والمحيطات قد عدي إلي تطوير قواعد القانون الدولي العام وجعلها تتفق مع هذا التقدم .
وإذا كانت آثار التقدم العلمي تبدو ايجابية في مجملها ،فان بعض الآثار السلبية القادمة قد ارتبطت به من ذلك نجد أن ربع سكان العلم يعيش في ثورة تقنية وعلمية وينعم برفاهية مادية هائلة في حين نجد ثلاثة أربعة سكان العالم المعاصر لا يزلون يعانون من الجوع والمرض والجهل كما أن خطر التلوث أصبح يهدد الحياة علي هذا الكوكب .

الباب الثاني :
أشخاص المجتمع الدولي
الفصل الاول :الدولة
المبحثالاول :
الناصر الواقعية للدولة (الأركان )

المطلب الاول : السكان
الركن الأول الذي لابد من توافره لقيام دولة هو سكان فلا يتصور قيام دولة بدون سكان ويقصد بهذا الأخير (السكان)مجموع الأفراد الذين يوجدون علي لقيام الدولة بشكل مستقر ويخضعون لسلطانها وسيادتها سواء كانوا يحملون جنسيتها أم لا .

ولا يشترط وجود عدد معين من السكان حتى تقوم الدولة ،ومع ذالك فليس من شك في أن كثرة السكان في الدولة له آثر كبير في بناء قوتها وتمتعها بمركز قانوني مرموق في المجتمع الدولي ،فالقوة العسكرية مثلا تتوقف إلي حد ما علي عدد السكان وذلك علي الرغم من تطور الأسلحة الحديثة لآن الجيوش التقليدية مازالت تلعب دورا هاما في العمليات الحديثة .

وينقسم سكان الدولة إلي طائفتين

الطائفة الأولي تظم الأفراد الذين تربطهم بالدولة رابطة قانونية وسياسية تسمي الجنسية ويطلق عليهم وصف المواطنين وهنا يكتفي القانون الدولي العام بان يعترف للدولة بحقها في تحديد الأفراد الذين يتمتعون بجنسيتها بمعني انه يعطيها الحق في أن تضع قانون جنسيتها و شرط فقدها بالطريقة التي تراها أكثر تحقيقا لمصالحها ومتمشية مع ظروفها الخاصة .

الطائفة الثانية : هي فئة الأجانب ويعد أجنبيا كل من لايتمتع بجنسية الدولة أو بمعني أخر هم السكان الذين يحملون جنسية دول آخري ولكنهم يقيمون في أراضي دولة بشكل مستقر بسبب أو لآخر وتتمتع دولة المقام إزاء هؤلاء باختصاصات محدودة مبنية علي أساس سلطتها الإقليمية.
ويطلق بعض المؤلفين علي فئة من السكان أي علي فئة المواطنين الذين يحملون جنسية الشعب اسم الشعب .

المطلب الثاني: الإقليم :
هو النطاق الذي تمارس فيه الدولة سيادتها وتباشر عليه سلطاتها وهو المكان الذي يجمع بين مواطني الدولة وعلي أرضه تحقق وحدتهم وانتمائهم وولائهم للوطن .
ولايهم في الإقليم أن يكون كبيرا آو صغيرا وان يجب أن لا يقتصر علي اليابسة وإنما أيضا ما فوق العارض وما تحتها الطبقات الجوية والمياه الإقليمية وما يعلوها أيضا إن وجدة ويشترط في إقليم الدولة مجموعة من الشروط منها :
1- أن يكون محددا و معينا حيث لاتوجد دولة متنقلة من إقليم إلي آخر ولذلك لايشكل البدو والرحل دولة وهذه الحدود قد تكون طبيعية كالبحار والأنهار آو اصطناعية كالاصوار و الأسلاك أو حسابية كخطوط الطول والعرض (وهمية ).
2- لا يشترط أن يكون متصلا مثل إقليم الجزائر بل يمكن أن يكون منفصلا كإقليم أند ونسيا و اليابان .
ويثير موضوع إقليم الدولة البحث في ثلاثة مسائل هامة .
الأولي تتعلق بمشتملاته والثانية بطرق اكتسابه والثالثة تتناول طبيعة حق الدولة عليه .
الفرع الأول: نطاق الإقليم
أولا: المجل البري: ويقصد به المصطلح البري لإقليم الدولة وما ينطوي تحت سطحه من موارد وثروات طبيعية وما يقوم عليه من معالم جغرافية طبيعية مثل الجبال و الوديان والصحارى والهضاب وكذلك الأنهار والقنوات والبحيرات ،وبالتالي يشمل هذا الإقليم مكونات يابسة وأخرى غير يابسة .
ثانيا: المجال البحري: ويحتوي علي الجزء المحوري لإقليم الدول الأرضي من البحار أو المحيطات ويطلق عليه البحر الإقليمي وتحدد مساحته ب12ميل (1.87كلم لكل ميل )(طبقا لاتفاقية البحار سنة 1982)وكذلك مياه البحيرات و الأنهار الداخلة في إقليم الدولة ويطلق عليها اسم المياه الداخلية وهي في حكم الإقليم البري وتحكمها ذات القواعد التي تحكم الإقليم الأرضي بمعني أن الدولة تباشر كافة سلطاتها عليها .
ثالثا: المجال الجوي: ويقصد به كل الفضاء الذي يعلو إقليم الدولة البري والمائي دون حد معين ثابت لذالك نجد الدول لاتسمح للطائرات الأجنبية بالمرور فوق إقليمها دون رخصة منها وإلا عاد ذلك اعتداء علي إقليمها وحق بها بذلك بإيقافها أو إسقاطها.ومن أهم الاتفاقات التي تنضم هذا المجال اتفاقية النقل الجوي المعروفة( باتفاقية شيكاغو لعام 1944)فقد نصة المادة في مادتها الأولي بأن <<تعترف الدول المتعاقدة بأن لكل دولة السيادة الكاملة والمطلقة علي مجالها الجوي الذي يعلو المجال البحري والبري .
الفرع الثاني : طرق اكتساب الإقليم:
في القانون الدولي التقليدي كان يمكن اكتساب الإقليم بواحدة من أربعة طرق بعضها يقره القانون الدولي وبعضها الآخر لايقره وهي .
أولا :الفتح أو الغزو : ونقصد بذلك الاجهازأو(القضاء)علي الوجود القانوني للدولة القائم علي اثر عمليات حربية وضم إقليمها في أعقاب ذلك للدولة الغازية غير أن الفتح أصبح محرما من طرف القانون الدولي منذ تصريح (بريان كيلوج عام 1928)وهي اتفاقية أبرمة في باريس ومن بعده ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945م واتفاقية تعريف العدوان عام1974م.
غير أنه بالرغم من هذ التطور الذي حصل في القانون الدولي والقاضي بتحريم استعمال القوة للاستلاءعلي أراضي الغير فإننا نجد إسرائيل قد ضمت إليها الكثير من الأراضي العربية مثل هضبة الجولان بجنوب لبنان تابعة لسوريا بالإضافة إلي وجودها علي الجزء الفلسطيني بعد التقسيم وأحدث تطبيقات هذه الحالة كان في الثاني من شهر أوت 1990عند ماقام العراق يغزو دولة الكويت وضمها إليه .
ثانيا:الاستلاء علي إقليم لا مالك له :أو مايسمي بوضع اليد أو الحيازة وهذه الوسيلة تتعلق بإقليم معين لا يخذ ع إلا لسيادة أي دول قائمة ولقد أستخدمة هذه الوسيلة في الماضي سيما في عصر الاستكشاف وتم تحديد شروط الاستلاء علي إقليم معين خلال مؤتمر برلين سنة 1885م (حضره مندوب 14دولة )وتتمثل هذه الشروط فيما يلي.
1-أن يكون هذ الإقليم غير خاضع لسيادة دولة آخري .
2-أن تضع الدولة المسئولة يدها علي الإقليم فعلا ومعني هذ انه لايكفي إصدار إعلان من دولة من دولة ما
بخصوص استيلائها علي إقليم ما لكي يعتبر هذ الاستلاء قد تم فعلا.
3-إبلاغ بقية الدول بالاستيلاء.
ثالثا:التنازل:ويعني ذلك قيام دولة مالكة لإقليم ينقل ملكيته لدولة ثانية بموجب اتفاق رسمي يعرف بمعاهدة التنازل،بغض النضر عن ما إذ تم ذلك التنازل بالمقابل أو بدون مقابل ولعل أبرز مثال عن التنازل بمقابل هو شراء الو.م.أ.في القرن التاسع عشر (19)ولاية(الو زيانا من فرنسا ،ولاية ألاسكا من روسيا )ويمكن أن نتصور التنازل في كثير من الحالات وخاصة عند إعادة تحديد الحدود بين الدول فغالبا ما يكون هناك نقاط متفاوتة لكنها لا تشكل ساحات كبيرة ، أما إذ كان التنازل عن جزء كبير من التقليم فهنا تكون الدولة مقيدة باستشارة الشعب من خلال الاستفتاء الشعبي لأنها عملية متعلقة بمصيرهم حيث سيكتسبون جنسية دولة أخري .

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى