التعايش السلمي في العراق بين الواقع والطموح

خضر القرغولي واخرون

المقدمة

يواجه العراق تحدياً جديداً يعادل في خطورته ومساحته كل التحديات التي ما برح العراق يواجهها منذ عقود عديدة ومن شتى الساحات الداخلية والاقليمية والدولية، ويتمثل ذلك التحدي بتغليب الانتماء الاثني والمذهبي على الانتماء الوطني، وخلق حواجز امام استمرار التعايش السلمي بين مكوناته، ولعل نقطة القصور الرئيسية هو  أن اواصر المواطنة هي بالاساس تم اضعافها نسبياً بفعل الممارسات الخاطئة للانظمة السياسية المتعاقبة، وتقصيرها في بذل ما يستحقه مشروع ترسيخ التعايش السلمي المنوط به استيعاب وتمثيل كل اطياف التكوينات الاجتماعية والحضارية المتأخية عبر قرون عدة، بصرف النظر عن اعراقها وطبيعة اديانها وتلاوين طوائفها ولغاتها، فقد استيقظ على حين غرة الحس الاثني والمذهبي وتفاقمت العصبيات ضمن نسيج المجتمع الواحد، وتحولت الى كيانات سياسية متعددة ومتقاطعة تهدد وحدتها وتعايشها مع بعضها، وتضرب بقوة اسس كيان المجتمع المتماسك.

أهمية البحث : تنطلق اهمية البحث بكون المجتمع أو الشعب العراقي يعد احد الشعوب والمجتمعات التي تتكون من انتماءات مختلفة اثنية ومذهبية، فضلاً على الاختلاف في التوجهات والرؤى والايديولوجيات والمصالح، ولم يشكل هذا التلون عائقا امام التعايش السلمي والتفاعل البناء بين ابناء الوطن الواحد خلال التاريخ، باستثناءات عرضية لم تكن قاعدة، الا ان مشكلات عدم التجانس ثم ظهور مشكلات لعدم الرغبة بالتعايش ظهرت كنتيجة لعوامل سياسية داخلية وخارجية في المقام الاول، وهذا ما يشكل عائقاً وتحدياً امام تحقيق الانسجام والتعايش السلمي بين ابناء الشعب الواحد، ويعد اخطر تهديد للاستقرار الاجتماعي والسياسي للبلد برمته، ولمواجهة تلك المشكلة في العراق ينبغي العمل على ارساء اسس راسخة للتعايش السلمي، متعلقة بحرمة الدم وقبول شراكة الاخر والاختلاف في الراي، وان الجامع هو الوطن.

هدف البحث : يهدف البحث الى تسليط الضوء على حالة عدم الاستقرار المجتمعي وصعوبة التعايش السلمي في العراق والتي عانى منها المجتمع منذ عدة عقود، فهل جاءت بدوافع واسباب سياسية بحتة أم أن هناك اسباب اقتصادية واجتماعية او اقليمية ودولية اسهمت وتضافرت معاً في  رفع معدلات صعوبة التعايش السلمي.

اشكالية البحث : ويأتي الاشكالية بالبحث عن ابرز الاليات التي تنسجم مع الواقع العراقي، وافضل السبل اللازمة لتحويل ولاء افراد المجتمع على اختلاف انتماءاتهم الفرعية من محطة تغليب الولاء لتلك الانتماءات الى محطة تغليب الولاء للمجتمع الذين يعيشون في كنفه، ومن ثم الولاء للوطن وهذا هو الاصل، ويمكن من خلالها الوصول الى تعايش سلمي حقيقي، إذ أصبح الوضع العراقي يثير العديد من التساؤلات حول حقيقة وجود تعايش سلمي في ظل الانفلات الامني والانهيار السياسي وتلاشي هيبة القانون.

وبناءاً على ما تقدم نحاول البحث في الاشكاليات الاتية،

  1. ما هي مسببات ازمة التعايش السلمي في العراق ؟
  2. ما هي مظاهر ازمة التعايش السلمي في العراق ؟
  3. هل ان الاليات المتبعة في العراق ستؤدي الى تحقيق التعايش السلمي ؟
  4. ما هي الاليات الصحيحة لتحقيق التعايش السلمي الحقيقي في العراق ؟

فرضية البحث : ان التعايش السلمي في العراق ضرورة مجتمعية وطنية، وهناك امكانية كبيرة لتحقيق التعايش السلمي بتوفير الاليات المناسبة لذلك.

وبقصد التعامل مع المشكلة والفرضية في اعلاه، تم استخدام منهج التحليل النظمي.

هيكلية البحث : يتناول البحث مضمونه من خلال ثلاثة محاور، في الاول تم تناول مسببات ازمة التعايش السلمي في العراق وجذورها التاريخية. ، وفي الثاني مظاهر ازمة التعايش السلمي في العراق. وفي الثالث متطلبات الارتقاء بحالة التعايش ليكون تعايشاً سلمياً.

المحور الاول / مسببات ازمة التعايش السلمي وجذورها التاريخية

واجهت الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها اشكالية معقدة تمثلت بايجاد هوية وطنية واضحة، وافتقاد الدولة للاليات التي تعمل على بلورة تعايش سلمي في مجتمع متعدد القوميات والاديان والمذاهب، بما يحقق الاستقرار في العراق، فإن بناء الدولة العراقية المعاصرة التي قامت عام 1921 لم تنجح في بناء هوية وطنية جامعة تجمع مكونات الشعب المختلفة، رغم رفع الشعارات القومية خلال الحقبة الاكبر من تاريخ البلاد المعاصرة، الا ان هذه الهوية لم تستطع ان تجمع العراقيين، وكان التنوع في مجتمعهم معوقاً لتعزيز هذه الهوية وترسيخها، لأن مجرد الحديث عنها يوحي وكأنها مهددة، وكل منها نظر، وتطلع لان يكون العراق مكتسيا ثوبه وهويته، والاخطر منه ان بعض تلك  التيارات اتجهت الى كل الوسائل من اجل هذه الغاية، مما جعل صراعها صراعا سياسيا مجتمعيا، في ظرف كان هذا المجتمع متعايش على مدى قرون طويلة.

والتعايش السلمي في الاساس ممارسة وعمل وانتاج وليست مجرد شعار او خطبة او مجرد مشاعر وانما هي حقيقة دستورية وقانونية، بمعنى انها تعالج وتحمي وتعدل وتكتسب مضامينها من التشريعات والافعال وما يتسم به العمل السياسي على الصعيد الداخلي بشكل خاص، وخلال الفترة التي اعقبت تشكل الدولة العراقية، وبفعل الصراع السياسي على هوية الدولة، بدأت تتصاعد شكلة صغيرة مفادها : هل يوجد احتمالات لاختلاف التنوعات في اثناء تعايشها، خصوصا ازاء مغريات : سلطة؟ هذا الامر، وتحت تاثير عوامل خارجية بدأ يثار بقوة، وينمي عوامل الاختلاف اكثر منه البناء على المشتركات، وتسبب بظهور مشكلة بقت مكبوتة حتى بداية العهد الجمهوري عندما حدثت مجازر الموصل وكركوك بين القوميين والشيوعيين. ثم تطور الامر بظهور تيارات دينية لاحقا، مما جعل الصدام ظاهرا بين التيارات القومية والتيارات الدينية، طوال العقود الاخيرة من القرن العشرين، دون ان يمس ذلك الابعاد الاجتماعية بسبب مسك السلطة لملفات الامن بصيغة شمولية، اي ان غياب الحوار بين التيارات السياسية كان واحدة من اسباب عدم تناول حقيقة قدرة العراقيين اجتماعيا على التعايش، وهذا الامر لم يتجلى واضحا الا بعد عام 2003 عندما فتح غطاء السلطة الامنية، وسعت الاحزاب السياسية الى انزال السياسة الى مستوى الشارع، فكان كل خلاف بين السياسيين يصور على انه صراع اجتماعي، وهذا الامر حقق بعض النتائج خلال المدة بين 2003- 2014 على نحو دفع الى اعادة اثارة نقطة مهمة: هل هناك تعايش سلمي بين العراقيين؟

ان البحث في هذه النقطة يستلزم الاشارة الى الاتي:

-الدولة، هل كانت عامل دافع للتعايش وبناء المواطنة ام دافع نحو اشاعة روح الحقد على من يمسك بالسلطة؟ وهل ذلك الحقد له جذور اجتماعية ام سياسية؟

-هل ان هناك مؤشرات : فقر، وبطالة، وتعليم، وتكافؤ فرص،.. تقترن بها اجراءات الدولة وتشير الى وجود تمايز بين المواطنين؟

-هل حدثت بالفعل كمؤشرات حقيقية، تعدي حكومي او اجتماعي على مسالة التعايش السلمي؟

لقد كانت ازمة التعايش قبل نيسان 2003 عبارة عن ازمة سياسية، متعلقة بنظرة النظام الحاكم الى التيارات السياسية التي لا تتفق معه في التوجه باعتبارها تيارات من غير الممكن استمرارها في داخل العراق، واهمها التيارات القومية غير العربية، والتيارات الدينية، والتيارات الشيوعية، وكان الافراط في التركيز على وضع السلطة في اطار محتوى قبلي-عائلي –تسلطي واحدة من المسببات في جعل التعايش محور للبحث، خصوصا وان السلطة والنظام السياسي سببت، بعد عام 1991 خصوصا، افقارا وعوزا غير مسبوق في المجتمع، مما دفعت الى ظهور قيم اجتماعية لم تكن موجودة سابقا في المجتمع: الفساد، الكراهية، العنف،..

اما بعد نيسان 2003، فقد شهد العراق وضعاً غير مستقر بفعل جملة من المتغيرات لعل اهمها طبيعة النظام الحاكم قبل نيسان 2003، والذي انتهت سلوكياته كمخرج الى جعل الازمة السياسية ذات ابعاد مجتمعية، وهذا الامر تزامن مع وجود تدخلات خارجية قادتها الولايات المتحدة الامريكية وبعض دول الجوار رغبة في تغيير النظام السياسي او اضعافه، وانتهى الامر الى احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة، مع السماح او عدم السماح لدول الاقليمية المجاورة باداء ادوار سياسية وامنية ومجتمعية متعددة، وهذا الامر قابل للملاحظة، من خلال ما تم من سياسات خلال المدة بين 2003- 2014.

وخلال هذه المدة، صعدت الى ساحة العمل السياسي ومارسته عدة قوى، لم يكن يسمح لها بالظهور قبل ذلك، واهمها قوى ادعت كنتيجة لضعف قاعدتها الاجتماعية-السياسية انها تمثل الدين او الطائفة او العرقية او القبلية او اللغة الموجودة في العراق، لكن ما يلاحظ على هذه القوى انها بدلا من ان تكون اسهاما في الدفع بالتعايش، ومالجة لازمات الوحدة الوطنية التي مرت بالعراق، كانت جراء اخطاء في التقدير وفي السياسات والمواقف، مشاركة بجزء او اخر في تعميق عمليات التخندق والاقتتال الطائفي الذ عاشه المدجتمع العراقي خلال المدة اللاحقة على العام 2005، وتزامن ذلك مع ضعف الاجهزة الامنية التي كانت حديثة التشكيل ولم تكن مدربة بشكل كافٍ، وكانت امكانيتها في التسليح متدنية، إذ ما كانت القوى الارهابية والجماعات المسلحة تمتلكه، يفوق كثيراً ما تمتلكه تلك الاجهزة، والاكثر منه ان جانب من الضعف الموجود هو جراء اخطاء سياسية وليس اخطاء في عمل تلك الاجهزة، جراء تطبيق نظام المحاصصة، وجعل الاجهزة الامنية تعمل في ضوء التخندقات الحزبية، التي علت على الاجراءات الامنية والمؤسسية.

بمعنى اخر، ان الدولة والمجتمع تم سيقهم وراء ظواهر جديدة في العمل السياسي، تتميز بالدوة الى التقسيم، والدعوة الى انزال السياسة الى مستويات اجتماعية، اي معالجة النزعات والصراعات السياسية عند القاعدة الاجتماعية وليس في البرلمان وقبب الفكر والحوار. وهو ما تسبب بانعكاسات واضحة وبالغة الخطورة على المجتمع العراقي، فالعراق بلد يتسم بالتعددية والتنوع القومي والديني والمذهبي، والتنوع لذاته ليس بمشكلة، اذ لا يوجد مجتمع يخلو من التعددية، انما المشكلة هي في الاتجاه الى تاصيل الاختلاف وليس تعميق المشتركات، والعمل على هذه الشكاكلة ليس وليد عام 2003 انما هو وليد عام 1921، الا انه كان عمل سياسي بحت، اما بعد عام 2003 اصبح عمل سياسي-اجتماعي. فالمجتمع العراقي لا يمثل طيفاً ثقافياً أو اثنياً أو ديني واحداً، بل هو عبارة عن تشكيل موزائيكي متعدد الالوان، واي تمثيل سياسي يدعي قيامه على الوان الطيف فانه يكون قد جسد حالة الاختلاف الاجتماعي ببعدها السياسي، وفي دول العالم المتقدم موجود هذه الظاهرة الا انها تتم في اطار وعي بان الجهود تنصب لمصلحة الوطن وليس لمصلحة الحزب، اما ما جرى فهو تجسيد ان الجهود من وراء ظهور الظاهرة الحزبية انما هو خدمة الانتماءات الفرعية وليس الوطن .

ولم يكن للنظام السياسي راي رافض لتاطر السياسة بالعوامل الاثنية والدينية والمذهبية، انما اشار الدستور في المادة (3) منه التي بينت ان العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب، كما نصت مواد دستورية اخرى كالمادة (2) على الحقوق السياسية والدينية والثقافية للاقليات الدينية مثل المسيحيين والصابئة المندائيين واليزيديين او الاقليات الاثنية مثل التركمان والارمن والسريان، واعترفت المادة (4) بحقوقهم بالتعليم بلغاتهم في المدارس العامة والخاصة ومراعاة مناسكهم وممارسة عقائدهم والتمتع بحقوقهم الادارية والسياسية.

ويفهم من هذا النص، لا اعتراض على ان يتلون الثوب السياسي بالوان الطيف، لكن هذا السماح انتهى باشاعة اجواء الصراع السياسي-الاجتماعي، وذلك لعدة عوامل:

الاول / ان المكونات الاجتماعية في العراق تعيش بمناطق محددة وممركزة جغرافيا، وليست هناك حواضن جامعة لكل العراقيين باستثناءات متعلقة ببغداد قبل عام 2003، اما ما بعده فان بغداد نفسها انقسمت الى مناطق متمايزة ومحددة اللون المذهبي، يرافقه ان العرب في العراق، كما الاكراد انما يسكنون في مناطق جغرافية محددة، مع وجود بعض الاقليات التي تعيش في اماكن متفرقة من البلد.

الثاني / لا يوجد الا عدد قليل من منظمات المجتمع المدني الفاعلة التي يمكن ان تشكل جسوراً بين مكونات المجتمع العراقي.

الثالث / الطابع الاثني والطائفي الواضح للاحزاب السياسية التي جعلها تسعى لإرضاء ناخبيها وفقا لقاعدة الانتماءات الاولية بشكل خاص دون سائر مواطني الدولة.

الرابع / توجد مشكلة في ادارة الدولة وفي نظام الحكم، ففي حالات الانقسام الحاد يفضل لاستمرار الدولة ان تتوزع السلطات، طالما ان امكانية وجود الاقليات في المؤسسات الرئيسية غير ممكن، وطالما ان اتجاهات الاحزاب القائمة على اسس الانتماء الاولي تتجه الى الشمولية بشكل او اخر، فهنا لا يتصور ان يتحقق تمثيل عادل ومنصف للاقليات في تلك المؤسسات، لهذ يتوجب ان يكون هناك مؤسسات تمثل الدولة في الاقاليم او المحافظات او الاقضية يتولى ادارتها ممثلين عن الاقليات، لمعالجة مشكة ضعف الانمتاء الوطني، وتوليد شعور بالمشاركة من قبل الجميع في ادارة الدولة.

ان البيئة اعلاه، كانت بيئة غير ملائمة لتفعيل عامل الوحدة الوطنية، بل العكس ساعدت على العمل ضدها، وكانت اخر مستويات التهديد هو ان يتم التماس بين ابناء المجتمع في المشتركات وتعميق الاختلافات، وكان العامل الاكثر تاثيرا هو الطائفية والاثنية السياسية اي التحزب الطائفي والقومي، وطغيان شعور الانتقام لدى الاطراف السياسية وعدم ثقتهم ببعضهم البعض، وتراكم المشاكل والازمات الموروثة من النظام السابق، فضلاً التدخل الاقليمي بالشأن العراقي، إضافة الى العامل الجغرافي المناطقي المتفاعل مع التركيبة الاجتماعية غير المتجانسة للشعب العراقي وضعف مؤسسات الدولة، وما رافق الدستور العراقي الجديد من اخطاء جوهرية، ويمكن توضيح هذه المسببات بالاتي :

أولاً / تركة الماضي : ان العراق شهد احداث عنف سياسية شديدة على مدار عقود طويلة منذ تشكيل الدولة العراقية عام 1921 حتى احتلال العراق عام 2003، واستمرار بعض هذه الاحداث وتنامت مما انعكس سلباً على النسيج الاجتماعي العراقي، بحكم الطابع القبلي الموجود، الا ان الربط بين العوامل السياسية والعوامل القبلية والمذهبية والاثنية انتهى الى تعميق روح الانتقام، وبالتالي اصبح النظر الى الماضي جزءاً لا يتجزء من حاضر ومستقبل العراق، واصبح المجتمع يتصرف وفقاً لهوى الماضي فكانت نتيجة ذلك تعزيز الصراع والاختلاف بين ابناء العراق، مما عرض وحدة المجتمع وتعايشه سلمياً لمخاطر جمة .

ثانياً / ازمة المواطنة : بعد سقوط النظام السياسي السابق في نيسان 2003، واتجاه العراقيين الى التفاعل مع الحدث بلا غطاء الدولة، ووجود احزاب طامحة بتولي الحكم دون ان يكون لها غطاء عريض من الدعم الجماهيري بسبب عدم تاصل ممارسات ديمقراطية في المجتمع تسنح بالاختلاف والحوار، أدى الى انعكاسات سلبية على المواطنة والهوية العراقية، حيث افضى الى احياء بنى ما قبل الدولة، اي عودة النمط المذهبي والعشائري الذي يرتدي رداء المرجعيات الدينية والقبلية، وجاء قانون الانتخابات الذي طبق في كانون الثاني عام 2005 باعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة يتم التصويت فيه في اطار قائمة مغلقة، ليعطي انطباع ان الانتخابات انما هي وسيلة لتعداد اثني وطائفي، فتم تصويت واسع على اساس المرجعيات الاولية وليس على اساس المشاريع السياسية، وهو ما يمكن بيانه بضعف الاحزاب الليبرالية والشيوعية وغيرها ممن يكون الانتماء فيها عابرا لحدود الانتماءات الاولية. بمعنى ان الاستقطاب قد حصل على اسس اجتماعية وليس على اسس المشاريع والبرامج السياسية، ووصل صراع الهويات الى ذروته مع البحث عن تشريع ملائم للاقاليم عام 2006؛ وفقا لما انتهى اليه الدستور، بمعنى اخر، لقد تجابه العراقيون بعد عام 2003 بجملة من العوامل شكلت واجهة الاجهاض الاولى لمشروع الدولة الوطنية وبناء المواطنة، فالدستور جاء توافقياً ارضائياً في ظل الاحتدام الفئوي وتحت مظلة مشروع المحاصصة الاثنية والطائفية، فصيغة القسمة التي عبر عنها الدستور تجعل من الاحتراب الفئوي جزءاً من بنية الدولة والمجتمع العراقي .

ثالثاً / ازمة الهوية : ان البناء الخاطئ للدولة الجديدة يحول سياسات الهوية الى استراتيجيات للتفتيت والانقسام وتحريك الصراع الى مستوى المواجهة أو الحرب الاهلية، فسياسة المحاصصة تحولت من اعتراف بالتنوع الى تأطير شرعي للانقسام وتكريس للتناثر، وان الاشكالية الكبرى للتمترس الاثني والمذهبي والاصطفافات السياسية التي تشكلت وفق الهويات الفرعية الفئوية تسببت بمزيد من العزلة والعزل للمكونات الاجتماعية، حتى غدا العزل الفئوي من ابرز سمات العاصمة بغداد وباقي المحافظات ولم يعد قبول الاخر امراً يسيراً، واصبح معه الانتماء للمكان والرقعة الجغرافية المعينة فوق الانتماء للوطن .

رابعاً / التنوع الاثني والمذهبي: يعد العراق من الدول التي تتميز بتنوع الجماعات فيها، والامر كما تم ذكره ليس شيئا سلبيا، فالروابط تتنوع بين الدم (الاثنيات) واللسان (اللغة) والعقائد (الاديان والمذاهب)، والتعايش والتزاوج المستمر من فترات تاريخية رافقت وجود التنوع ينفي الى حد كبير ان الصراع والتقاتل هو النمط السائد بين العراقيين، الا ان المشكلة في المقام الاول كانت مرتبطة بعاملين: السياسة والتاثيرات الخارجية، فهذا التنوع بدلاً من ان يكون دافعاً قوياً باتجاه تحقيق التقدم والتطور في العراق اصبح يشكل تهديداً صارخاً للوحدة الوطنية العراقية، حيث ترك تسييس التنوع الاثني والمذهبي شرخاً كبيراً في العلاقات الاجتماعية القائمة، مما اثر بشكل بالغ على مسار العملية السياسية في البلاد، وعلى نشوب نزاعات عنيفة، وبشكل خاص النزاعات القومية والطائفية، يساعد على ذلك هو ان الانتماءات الاولية مرتبطة بامتدادات اقليمية اكبر منها: اثنيا ولغويا ومذهبيا. وطالما ان الاصل انه لا خلاف على اساس الدم، كون الدم مرتبط بالانساب؛ باستثناءات متعلقة بعلاقات الحكومات المركزية بالقوى السياسية المسلحة الكردية قبل عام 2003 دون ان يتعداها الى اثارة بعد اجتماعي في ذلك الصراع، وان الاختلاف الاهم هو في مجالات الفكر (الدين والمذهب)؛ ليس اجتماعيا انما منظور له من زاوية سياسية، ومن خلال النظر الى واقع العراق وما يحتويه من اختلافات دينية ومذهبية، وفي هذا الاطار فان الملاحظ ان اغلب تفصيلات الاختلاف لا تتعلق بالتعايش (الذي ينقضه الاستمرارية والتعايش) انما بكيفية اداء العبادات، مع تفاصيل للاختلاف المقبول اسلاميا في مسالة التعاملات، وما يعزز هذا الراي، ان الاختلافات في العقائد ترتبط ارتباطا غير مركزا بالعامل القومي او الاثني، اذ يلاحظ، ان المذاهب الاسلامية موجودة بين ثنايا ظهر العرب والاكراد والتركمان والشبك، واذا ما بذل جهد بحثي لارجاع اصل المشكلة، اي اثارة ازمة التعايش، يتبين انها ترتبط بغياب المشاركة السياسية، واقتران السلطة بعوامل تدعي انتماءات اثنية محددة ومذهبية وكل منها يبحث عن تمجيد وضع الانتماء في السلطة، مما تسبب باثارة ازمة متعلقة بسؤال مفاده: هل هناك مشروع للتعايش الحقيقي بين افراد المجتمع؟ ان هذه النقطة، جعلت العلاقات هشة تستند بشكل واسع الى التجارب الشخصية غير السليمة، مع وجود عدد قليل من التعميمات، كذلك بقيت المواقف والمشاعر الاجتماعية بعيدة عن الولاء الوطني، ودون ان تشهد اي تغيير ملموس ومؤثر على عملية تحقيق التعايش السلمي.

خامساً / عدم وجود بيئة سياسية سليمة : يعاني العراق منذ عام 2003 من سوء الاوضاع الامنية، حيث يشهد البلد يومياً العشرات من القتلى والجرحى جراء العمليات الارهابية، وان الحكومة ومن يعارضون المنهج الذي تسير عليه الحكومة لم يجدوا منفذاً للاتفاق، وبالتالي الحد من هذه الاعمال الاجرامية، فكل طرف في ظل هذه الظروف المأساوية يحاول الحصول على المكاسب السياسية على حساب الطرف الاخر مع تناسي ما هو دورهم وسبب وجودهم وما عليهم فعله بعد انتخابهم، وفي اثناء تولي السلطة او في المعارضة.

سادساً / غياب المؤسسات السياسية الموجهة لعملية التعايش السلمي : منذ عام 2003 بنيت اقوى المؤسسات السؤولة عن ادارة الاتلاف السياسي وتوجيهه: الاحزاب السياسية، على اساس وجود اختلاف، بل على اساس وجود اختلاف يصعب ردمه مبني على اساس عاملي الدم والاعتقاد، بمعنى انها بنيت على اساس شق ما بني تاريخيا من تعايش والقول انها كانت سياسات للتعايش غير سليمة يتوجب الحال ارجاعها الى اصلها اي عدم التعايش، ويمثل غياب التوجيه السياسي الواضح من قبل المؤسسات السياسية من ابرز مسببات ازمة التعايش السلمي داخل البلاد، وتعد المعضلة الاكثر جدية في هذا المضمار، وهي مشكلة لا تستطيع التغييرات البنيوية والجذرية او المؤسسية ان تعالجها ما لم تتوافر النية السليمة الواضحة من قبل تلك المؤسسات، وفي ظل غياب الجهة السياسية التي تسعى الى تشجيع عملية التعايش السلمي بين المكونات العراقية، وخاصة الجهة التنفيذية المتمثلة بمجلس الرئاسة ومجلس الوزراء والجهة التشريعية المتمثلة بالبرلمان، الذي يمثل اساساً كافة ابناء الشعب العراقي، واصبح من الصعب الحديث عن الخطوات الاولية في مجال التعايش السلمي، نعم تم تشكيل جهة مؤسسية حكومية للمصالحة الوطنية، لكن ما يعيبها ان من يديرها هو نفسه من يدعو الى انهاء التعايش على الارض، كما ان عدم الوضوح وغياب التوجيه والتماسك والتوافق داخل تلك المؤسسات هو ابرز المعوقات التي تقف وراء بناء سياسة تعايش ملائمة تتناسب والوضع العراقي .

سابعاً / غياب الثقة بين القوى الممثلة لمكونات الشعب العراقي : ان المجتمع العراقي بمختلف اطيافه، منقسم اجتماعيا وفكريا، فالفئات المثقفة من كل المكونات الاجتماعية ما زالت معزولة عن القواعد الاجتماعية وتحديدا بواسطة رجالات الطوائف والقبائل والاحزاب، والمجموعات الاخيرة تهدف الى وضع سياج مرتفع حول قواعدها الاجتماعية اما لاعتبارات سياسية او لاعتبارات الحفاظ على مجموعها الاجتماعي من تغيير انتماءاته، وخصوصا العقائدية، وهذا الامر بالمحصلة انما يعبر عن سياق مبني على التوهم والاصرار على التفكير غير المدروس والمعتمد بشكل فعلي على تداعيات الماضي وتناقضات الحاضر في الغالب الاعم لهذا السياق، من خلال ما تعكسه خلافاتها السياسية من واقع مر يؤثر سلباً على تبادل الثقة فيما بين اطياف المجتمع.

فضلاً عن ذلك، تتمثل الصراعات والخلافات بين القوى السياسية الموجودة على الساحة السياسية، ومدى قدرتها على بلورة رؤية وطنية تتسع للجميع، من المسببات الحقيقية لازمة التعايش في العراق، فما زال اكبر الغائبين هو عدم وجود بلورة لاتجاه وطني قائم على اساس وضع مصلحة العراق فوق الكل وعد الاحترام الكامل لكل الثقافات الفرعية العراقية ليعمل الجميع من اجل بناء البلد على وفق الاسس الموضوعية والتي تنهض بالمجتمع وتحقق قدراً من الممارسة الديمقراطية الناجحة هي السبيل الوحيد الذي ينتظر من الحكومة القيام به، ويتعقد الوضع مع تزايد الطموحات الشخصية لدى الزعماء السياسيين وعدم قدرتهم على ايجاد قاعدة قناعة سياسية لدى الناخبين الا بارجاعهم الى اصل الانتماءات الاولية والقول ان ما يربطهم بالاخرين انما هو الخوف وعدم الثقة، ووجوب نسيان الاف السنين من التعايش والمصاهرة،.. وهذا الامر انتهى الى تعقيد تشكيل الحكومة، اذ لا يوجد اغلبية يمكن الاعتداد بها لكي تشكل حكومة بمفردها، ولا بد من الائتلاف، وطالما ان الاحزاب بنيت على قاعدة الانتماءات اذا يتوجب من ممثلي الاحزاب التي تدعي انها تختلف مع بعضها تاريخيا ان يتعايشوا ويتفقوا على ادارة البلد، ومن ثم ستوقع قواعدها الاجتماعية باكبر نشاز: هي تدعي القواعد الاجتماعية الى عدم الثقة والصراع والعنف مع الاخر في حين انها نفسها تضع يدها ضمن منظومة مصالح مع قوى اخرى مختلفة معها في الانتماءات الاولية، وهذا الامر يتسبب بارباك برره الامريكان عام 2003 عندما شكلو مجلس الحكم بالقول ان ممثلو الطوائف يتولو الادارة عبرة نظامي المحاصصة على المناصب والتوافق على القرارات، في ظرف لم يستطع العراق ان ينتقل الى مرحلة الاحزاب انما ما زال يعيش مرحلة يمكن ان توصف بأنها مرحلة الزعامات، وطموحات بعض هذه الزعامات كانت العقبة الاساسية امام تشكيل اي حكومة قادرة على ان تعكس رغبات وطموحات المواطنين في الاستقرار، مما جعل الاجواء السائدة غير مشجعة في الوصول الى توافق سياسي يخرج البلاد من ازمتها، بمعنى آخر ان العراق سار باتجاه تعظيم على الزعيم الأوحد والقائد الاوحد ليس على مستوى العراق انما على مستوى الاحزاب، وهو يعكس اما غياب القدرة على انجاب قدرات تتناسب والعراق او يدل على فقر في البرامج السياسية او يدل على ان تلك الزعامات تمسك بملفي العنف والمال مما يجعلها لا ترضى ان ينزل وضعها لاي سبب كان.

واذا ما تم تحليل الخطاب للاحزاب والزعامات سيبين انها تدعو كلغة خطاب الى انكار التمايز والاختلاف على اساس الانتماءات الاولية، وتدعو الى اشاعة المواطنة والمصالحة في ادارة الاختلاف، الا انه على ميدان الممارسة هي تدعو الى تكريس نظام القواعد المغلقة غير المتفاعلة مع بعضها البعض، وهو ما يعكسه عدم تغليب مصالح البلاد على المصالح السياسية الفئوية، واهم امثلته ان البلد في مثل هذه الازمة الخطرة التي تمر به يحتاج الى تغليب الانتماء الوطني، والاحزاب الوطنية الجامعة، وكل ما من شانه ان يضعف التخندقات، وسياسات حكومية تقنع المواطنين ان لا انتماء فوق الانتماء الوطني،.. فالمواطن البسيط يثقف ويطبق ما يراه وليس ما يسمعه.

ان العراق يتمتع على صعيد البناء الداخلي بالتنوع، إذ صب في هذا المجتمع الكثير من الاعراق والاديان والطوائف ليخرج منه مزيج معقد جداً، تعقدت معه شبكة الهوية العراقية اكثر فاكثر، ولو نظرنا في الموروثات الموجودة لدى اغلب العراقيين في التفكير والسلوك، فالعنصرين الاكبر هما الموروثات الطائفية والموروثات العشائرية، وطغى كل منهما حتى على الكفاءة، وتارة تغلب موروثات على اخرى، اما القيادات السياسية ففي ظل التداخل بين الواقع العشائري والطائفي في العراق فانها تزاوج بين المورثين ويغلبوا احداهما على الاخر حسب الحاجة وحسب الظرف الذي تقدر انه اكثر استهواءا من قبل القاعدة الانتخابية.

المحور الثاني / مظاهر ازمة التعايش السلمي في العراق

ما ان دخل العراق عام 2003 حتى بدء يدخل مرحلة جديدة، اذ ان التعددية الاجتماعية ليست جديدة على المجتمع العراقي، وهي جزء من حقائق ومعطيات مهمة في طبيعته السياسية والاجتماعية، وهذه الطبيعة التي كانت طيلة قرون مضت تمثل الثراء الثقافي والاجتماعي لبلاد ما بين النهرين، لكنها ونتيجة السياسات المتبعة منذ عام 1921 لليوم من سياسات القمع والاحباط والمظالم والتمييز الطائفي والاثني واحتكار السلطة، ومنع المشاركة الحقيقية، وغياب تداول السلطة،.. تحولت هذه التعددية الى تعددية غير منسجمة، بل ومتناحرة وليست تعاضدية مما أضعف الانتماء الوطني، وبرزت الهويات الفرعية، حتى اصبح الانتماء للمكونات الطائفية والاثنية اعلى مقاما في أول فرصة أتيحت لها بعد عام 2003، بمعنى ان قبضة الدولة ما ان ازيلت حتى اتجهت الارادات الشعبية الى اصل انتماءاتها، بوصفها كيانات مستقلة لها هوياتها ومصالحها، بل ووضعت سياج مرتفع يمنع التواصل، غذته باعمال عنف وتصفيات غير مبررة، من اجل مكاسب بالسلطة او بالمال، مما شكل خطراً على أمن العراقيين وحمايتهم وألحقَّ بالغ الاثر في هويتهم الوطنية الجامعة، إذ تم بناء العملية على أساس وجود المكونات الثلاثة (شيعة وسنة واكراد)، وان هناك قوى سياسية تمثل تلك المكونات، مما جعل التنافس حاداً فيما بينها، تنافس اتخذ مع الوقت نهجاً عصبوياً خطيراً، وبدلاً من أن تعمل القوى السياسية في اطار الهوية الوطنية الجامعة اصبحت خارجها، بل واصبحت تعمل ولسان حالها يقول ان انتماءاتها هي من تتصرف على النحو الذي يظهر للملأ، وباتت صراعاتها صراع هويات لا تحركه التحديات الوطنية، بل باتت هي ذاتها تحديات لوحدة الوطن، وهكذا تحولت القوى التي ادعت انها تمثل المكونات الثلاثة للمجتمع الواحد الى عصبيات متضاربة، ودفعت المواطنين ليقتنعوا انها تمثلهم، ولهذا لم يصوت العراقيون في الانتخابات منذ عام 2005 للبرامج السياسية، وإنما صوتوا للعصبيات المذهبية أو الأثنية، وهو ما وفر بيئة اجتماعية محتدمة قادت إلى نوع من الحرب الأهلية والتهجير والخطف والجثث مجهولة الهوية بدءا من عام 2005.

وبعد سنوات المحنة والاقتتال والتهجير والهجرة لم يبق امام العراقيين عامة، ونخبهم الفكرية والسياسية خاصة، سوى ادراك علاجات للمعضلة التي هم بها، كون الوطن وقع صريع الصراعات الحزبية التي تلونت بلون الانتماءات العصبية والفئوية الاولية، ووقع صريع لنهج المحاصصة، وغابت معهما المواطنة، ودولة القانون والمؤسسات، وهذا الامر تسبب بان تكون شعارات المصالحة فارغة من مضمونها كونها كانت اقرب الى حوارات الطرشان بين مجموعات تتقاسم المنافع وكل منها يرضى بقسمته من الثروات والسلطة، والمحصلة تم استهداف التعايش السلمي، ولغة الحوار التي كان يفترض اطلاقها هي تلك التي تقبل ان يتم العمل الحزبي على اسس اما فئوية او وطنية، على قاعدة ان الوطن هو الاساس والمحدد، وان الدولة كيان لا ديني، والاعتراف ان هناك امكانية للعمل السياسي الوطني ضمن ثلاث مستويات:

-التيار القومي العربي، والكردي والتركماني، وغيرهم.

-التيار المذهبي، والديني، بالوان الطيف الاسلامي والمسيحي وغيرهم

-والتيار الوطني الديمقراطي، مهما كان التنوع فيه: شيوعي ام ليبرالي، المهم ان من ينتمي اليه هو شخص لا يقف عند الانتماءات الاولية، وميدان العمل السياسي لهم هو العراق كله.

ان هذا الامر ما زال غير مسموح به ضمنيا، فالتيار القومي العربي لا يسمح له بان يبرز في الميدان السياسي، وباقي التلونات الحزبية تنظر الى بعضها البعض بصيغة الصراع وليس التنافس، والاخطر منه ان كل منها ينظر الى كونها هي من تمثل مكونها الاجتماعي، وان مكونها الاجتماعي له الحق في السيادة على العراق، وهذا الامر في ظرف سحب الصراعات الحزبية الى القاعدة الاجتماعية، تحول الى واحد من معوقات التعايش الوطني السلمي.

ان الامر في اعلاه لا يتعلق بوجود عوامل داخلية تسببت به، انما هناك عوامل خارجية رافقته، لتجعله اكثر بروزا، فالتحديين او العاملين معا، تسببا بظهور حالة من عدم الاستقرار المجتمعي في العراق، واستمرت تلك التحديات تفعل فعلها السلبي دون الاكتراث بمعاناة الشعب العراقي طيلة عقود من الزمان، بمعنى ان الامر هنا لم يظهر عام 2003، فهذا الامر فيه تجني على الواقع، كون الامر يرجع تاريخيا الى ما قبل عام 2003 الى عام 1921 والتاسيس الخاطئ للدولة، والتي لم تفتح لها ابواب الحوار العقلاني، انما قابلها كبت، وهو ما تسبب بفقدان غطاء الدولة ان تندفع الاحزاب الى استحضار الخلاف لبناء الوجود، إذ شكل تردي وسوء الاوضاع السياسية والصراعات المستمرة بين الاحزاب المكونة للعملية السياسية والديمقراطية في العراق وتدني الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية من بطالة وفقر وامية وانخفاض مستوى الدخل الفردي وتدني مستوى المعيشة عوامل كبيرة في تصدع الاستقرار المجتمعي وتراجعه قياساً الى المجتمعات الاخرى، وهنا يطرح تساؤل: الم تكن العملية السياسية منذ عام 2003 كافية للوصول الى حلول؟

الجواب نجده في كون العملية السياسية نفسها فشلت في ايجاد المخارج والمعالجات الضرورية لتحسين الوضع المجتمعي في العراق وفشلها في تحقيق الاهداف التي وعدت بتحقيقها خاصة هدف التنمية الذي يقود ويحقق بناء البنية التحتية الجيدة للمجتمع، بل كانت القوى السياسية جزء من المشكلة عندما تستحضر الشارع في حسم خلافاتها مع بعضها البعض الاخر، رغم ان الشارع لم يستحضر خلافات حادة تتعلق بالتنوع الاجتماعي. وبعد ان خلقت العملية السياسية خلافات لا حصر لها، عبر تحويل الخلافات السياسية الى خلافات اجتماعية، اتجهت الى تثليم البناء الاجتماعي عبر الدعوة الى الحوار والمصالحة، وشكلت في سبيل ذلك مؤسسة كاملة للمصالحة، وخطابا سياسيا يدعو الى التعايش السلمي بوصفه مطلبا لكافة مكونات الشعب العراقي واطيافه المختلفة، وجزءاً رئيساً في اجندة العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وذلك جراء تمزيق البنية الاجتماعية للمجتمع العراقي واثارة مكوناته الطبيعية عن قصدٍ وتعمد بشتى السبل حتى صار الحديث عن تركيبة المجتمع العراقي فيه شيء من الاستهجان او ان تركيبته التي عرفها منذ آلاف السنين، طارئة عليه او تكونت بفعل فاعل، مختزلة في الوقت نفسه تاريخ العراق القديم والحديث والمعاصر في سنين، اديرت بسلبية عالية، على نحو تعطي انطباعات انه اريد بها ومن خلالها التأسيس لواقع جديد لم يعرفه المجتمع العراقي.

وهذا يقودنا الى مظاهر ازمة التعايش السلمي، والتي يمكن تحديد اهمها بالاتي:

  1. ضعف العامل الوطني: ان ضعف الايمان بمشروعية التعايش السلمي انما تجسد بكون المؤسسات التي تم تاسيسها الرسمية وغير الرسمية، انما لم تركز على عامل الوطنية انما ركزت على عامل الانتماءات، فكانت سببا مضافا في خفض الوعي في عملية التعايش السلمي.
  2. ارتباط التمايز في الانتماءات بعامل الثروة: لقد ادى مسك السلطة بلا ضوابط، وكثرة حالات الفساد، الى تدفق غير ملائم لعامل الثروة، وهو ما ساعد على رفع معدلات التفاوت الاقتصادي والاجتماعي الحاد بين الطبقات والشرائح الاجتماعية المختلفة، ووجه الخطورة ان بعض عمليات اعادة توزيع الثروة انما كانت عبارة عن اعمال اثراء بلا سبب مشروع، وافقار قائم على اساس التنوع الاجتماعي.
  3. اتساع الاختلاف وقلة المشتركات: لقد اتسع نطاق الاختلاف الثقافي بين عدة انماط، كل منهم يؤطر مجموعة اجتماعية، فقسم ارتدى عباءة الدين، بتلوناته، وقسم تاطر باطار القومية، واخر برداء القبلية، وضعفت الطبقة الوسطى الماسك للوحدة الوطنية، وللانتماء الوطني.
  4. اضعاف لغة وخطاب التواصل على حساب اتساع لغة وخطاب التقاطع: اذ تسببت السنوات القليلة الماضية بعدم ترسخ فلسفة الاختلاف في الثقافة المحلية جراء ضعف النضج الديمقراطي. قابله استغلال الدين لاغراض سياسية وشخصية، واندثار القيم والمبادئ الاجتماعية المشتركة وانحسار دورها في تنميط السلوكيات العامة في المجتمع، اضافة الى ضعف الحس الوطني وضعف قيم المواطنة وعدم التعامل الجاد مع خطابات التشكيك والتحريض المتبادل بين اعضاء المجتمع.

بمعنى آخر، ان تحليل مظاهر ازمة التعايش، توصل البحث الى ان هناك ضرب حصل على نقطتين، مهمتين في استمرار التعايش السلمي، خلال السنوات الماضية، وهما:

التطور الأول / الشعور بوجود غبن يقع لاسباب يتصل بعلاقة مع التنوع، والاختلاف، وليس الامر متروك لاسباب طبيعية متعلقة بالكفاءة، فتكافؤ الفرص شبه منعدم، والثروة تتحول لاسباب متصلة بالمواقع السياسية؛ وطالما ان الاخيرة متعلقة باسباب ذات صلة بالانتماءات الاولية، اذن فان توزيع الثروة في دولة ريعية مثل العراق سيكون له تداعياته على قوة الانتماء والاحساس بوجود تمايز.

والتطور الثاني / والعامل الاخر المتعلق بمظاهر التعايش الذي شهد تعرضه لضغط كبير هو عدم احترام القانون، لاعتبارات سياسية، وطالما ان تلك الاعتبارات متعلقة بالانتماءات الاولية فاذن يكون الامر في خرق القانون كتحصيل حاصل متعلق بالانتماءات الاولية. وهذا ما اضعف الانتماء الوطني، كون الشعور العام هو بوجود استعلاء على القانون من قبل الماسك بالسلطة، ووجود نظرة سلبية للقانون وللحكومة وللدولة والانتماء الوطني من قبل غير الماسكين بالسلطة.

وكلا المظهرين: عدم العدالة في توزيع الثروات وتكافؤ الفرص، والخلل في تطبيق حكم القانون، تسببا برفع مستوى الخلل في التعايش السلمي، ولا يمكن ان يركن الامران الى عام 2003 انما يعود الخلل الى سنوات سابقة الى العام 1921، وراكمت السياسات الخاطئة للانظمة السياسية فوقها، حتى ولدت اعرافا ثقافية-سياسية، وهو ما اعطى تصورات عريضة بخصوص امكانية التواصل في العيش المشترك، يمكن حصرها برأيين:

الرأي الاول : مفاده إن التوترات بين مكونات المجتمع العراقي بلغت من الحدة، إنها تستدعي حالة توافقية لاعتماد تعايش سلمي مبني على ابرام عقد اجتماعي تعايشي جديد في العراق، يحفظ لجميع المكونات الطائفية والاثنية والدينية حقوقها ومصالحها في اطار الوطن الواحد، فالعقد الاجتماعي بين المكونات العراقية لابد ان يقوم على مبادئ قانونية عصرية تقرها الجماعة الوطنية، وينص عليها الدستور، باعتبار ان الحريات المدنية تتحقق بالدخول في تعاقد اجتماعي يجعل السيادة للمجتمع بأسره. وهذا الامر غير متحقق، وصياغة الدستور والثقافة السياسية، والخطاب الطائفي المتشدد، ومستوى تدخلات دول الجوار،.. لا تساعد على تحقيقه.

الرأي الثاني : ان النظام الذي تاسس بعد عام 2005 وهو البديل للنظام السابق القائم على أساس التفرقة بين مكونات الشعب العراقي، انما يتجه لان يعطي صورة انه نظاماً معاكساً له في الاتجاه ومثيله في التوجه، وهو من شأنه أن يزيد من حدة التوترات ما بين المكونات الاجتماعية، والتي رصدت من خلال اعمال العنف المتقابلة التي زرعها السياسيون، واعاق بعض مشاريع إعادة أعمار البلاد فيما يخص احالتها الى مقاولين وشركات، حيث يتم الاعتداء على تلك الشركات ان استشعرت القوى الفاعلة على الارض انها شركات تنتمي لالوان طيف غير تلك الموجودة على الارض.

 

وأخيراً، يمكن القول ان ازمة التعايش السلمي في العراق تتجلى في عدة مظاهر كغياب الثقة وارتفاع مؤشرات قلة الرغبة بالتعايش واهمها اتجاه الزواج المختلط الى الانحسار، وقلة التنوع في اغلب مدن العراق، الرئيسية منها والصغيرة، مقابل الرغبة بالحصول على اكبر قدر من الغنيمة، مقابل اتجاه عام الى استرخاص الدم العراقي، وغياب المشروع الوطني، وهو ما لا تستطيع القوى السياسية ولا الدستور ضمانه؛ ان لم تكن القوى السياسية نفسها مساهمة به بمستويات ودرجات متباينة.

 

المحور الثالث / متطلبات الارتقاء بحالة التعايش ليكون تعايشاً سلمياً

إن آليات تعزيز التعايش السلمي هي تلك العملية التي تهدف الى تحقيق الوحدة الوطنية والاندماج الوطني والتلاحم بين عناصر الامة وذلك بدمج الجماعات المختلفة والمتميزة عن بعضها بخصائص ذاتية في نطاق سياسي واحد تسيره سلطة مركزية واحدة وبقوانين تفصل كل اقاليم البلاد وتنطبق على كل افراد المجتمع .

وإن ما نحتاج اليه هو ضرورة بناء مقتربات تبادل بين ما يحمله مجتمعنا من تنوع متعدد العناوين، ومن الوسائل التي تعمل على ذلك :

  1. اعادة بناء مؤسسات الدولة: ان السبيل الامثل لإعادة بناء الادارة المؤسسية (الدولة) تحتاج الى نقطة شروع موثوق بها كي لا يتحول الجهد الى نسق نحو النيل من عملية التعايش السلمي واطارها الوجودي.
  2. ضرورة خلق وعي ثقافي-اجتماعي شعبي بالمواطنة والتعايش: ان المجتمع العراقي بحاجة الى استيعاب عملية التغيير السياسي لاستثمار التغيير الذي حصل في نيسان 2003، فهناك شرائح ما زالت دون استيعاب عملية التغيير او ضدها بسبب المصالح او الولاء للنظام السياسي السابق، وهناك شرائح اخرى استقبلت التغيير كانه انتصار مذهبي او اثني.
  3. ضرورة تغيير القناعة بالمواطنة من الولاء الى العمل: ان الانسان العراقي يمتلك الوعي السياسي والشجاعة والموقف في الافصاح عن قناعته في المشاركة والبناء، ويمثل هذا عتبة انطلاق ينبغي استثمارها، وبقدر ما هي معنية على ترسيخ دعائم التعايش السلمي لانها الخيار الوحيد للاندماج الاجتماعي والسياسي.
  4. ضرورة تشجيع ثقافة الحوار والتسامح: ان اتمام عملية التعايش السلمي المبنية على الاعتراف بالاخر، والتسامح وتجاوز تراكمات الماضي ونبذ العنصرية والطائفية، انما شكل الخطوة الاهم بالتحول من ثقافة التراكم لسلبيات الماضي الى ثقافة البناء الايجابي نحو المستقبل.

وفي الوقت الذي نطمح الى تعزيز التعايش السلمي بين كل مكونات المجتمع العراقي، فلا يكفي ان يكون هناك تعايش سلمي فقط بين تلك المكونات، بمعنى ان تكون هناك تجمعات اجتماعية تعيش بسلام في اماكن جغرافية قريب بعضها من بعض لكنها منغلقة على ثقافتها وذاتها الاجتماعية، فينبغي ان يكون هناك تفاعل واندماج اجتماعي طبيعي بين كافة مكونات المجتمع العراقي لإيجاد تفاعل وتماسك اجتماعي ، وللوصول الى تلك الغايات، وخلق اجواء التعايش السلمي، هناك جملة من السبل يمكن الاعتماد عليها:

اولاً / الحوار العراقي ـ العراقي، إن أولى الاليات واكثرها اهمية أن يبدأ العراقيون بحوار عراقي ـ عراقي حول اعادة بناء الدولة العراقية، ووضع الاسس الكفيلة لحل الاشكالات والمسائل العالقة، بمعنى انه حوار حول المشكلات وحول طرق الحل، وامر كهذا يتطلب وجود نخب سياسية يسود بينها الثقة والتفاهم، والرغبة المشتركة في الوصول الى حلول تكفل وتضمن حقوق الجميع دون استئثار او تهميش، وتحاول ان تتجاوز هواجس الحقب الماضية ومخافتها، وكذلك ان تبتعد عن الثأر والانتقام وتصفية الحسابات، والابتعاد قدر الامكان عن البحث عن المكاسب لحساب طرف على طرف اخر، تحت ذريعة تغيير موازين القوة، والعمل على استغلالها من اجل الحصول على اكبر المكاسب على حساب الاطراف الاخرى .

ثانياً / بناء الهوية الوطنية العراقية، من خلال تحديد اهم وظائفها في البناء والتلاحم فهي التي تحدد وتفرز وتميز على اسس واقعية وملموسة وليس في فراغ نظري مشتق من الرغبات والامنيات بين ابناء الوطن الواحد، وان مشكلة الهوية الحقيقة لا تطرح الا من داخل نظام، ونقصد بالنظام ما هو عراقي تحديداً، ويتم بناء وترسيخ الهوية الوطنية العراقية من خلال تجسيد مبدأ المساواة بين كل مكونات المجتمع العراقي، على اختلاف انتماءاتهم ومكوناتهم وتوجهاتهم، والعمل على الغاء كل اشكال التمييز على اساس الجنس او اللون او القومية او الدين او الطائفة او الانتماء السياسي، صحيح ان الدستور اقر المساواة الا ان التطبيق العملي يظهر ان اللا تمميز هو الذي يسود، واغلبه متعلق بغياب تكافؤ الفرص وغياب تطبيق سوي للقانون، وغياب لغة المشاركة بادارة الوطن. وهذا يعني ان تكون للجميع حقوق متساوية في كل الميادين.

ثالثاً / بناء دولة المواطنة، من خلال الانتقال بالعلاقات الاجتماعية من العلاقات الاهلية العصبوية الى العلاقات المدنية، ويتم ذلك من خلال تفعيل مؤسسات المجتمع المدني، وتفعيل دور المؤسسات الاكاديمية والبحثية في نشر الوعي بمفردات التعايش السلمي وكل ما يتعلق بها، من خلال اقامة الندوات والمؤتمرات ونشر البحوث التي تهتم ببناء دولة المواطنة والتعايش السلمي، واعادة النظر في المناهج الدراسية وفق ما يتلاءم مع عملية وفكرة التعايش السلمي، واعادة التوازنات الفكرية والاجتماعية والسياسية كالالتزام بمبدأ العدالة والنزاهة والمساواة الفعلية بين الناس والكف عن كل اشكال التمييز والعصبية والقلبية او الطائفية، وبناء مجمعات سكنية توزع بنسب عادلة بين المواطنين على اساس تعكس وجود تنوع حقيقي، وبضمنه استقطاب المهجرين ومنحهم حقوق متساوية، في السكن وفي التعويضات، مهما كان نوعهم الاجتماعي.

رابعاً / تعزيز المصالحة الوطنية، اضحى الشعب العراقي بفعل التداعيات التي خلفها الاحتلال وتبعاته، بكافة مكوناته بحاجة ماسة للحوار والمصارحة بين ابنائه، وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي صارت تتكرس في اوساط المجتمع العراقي، وهو ما لا يتم الا عبر الحوار وتكريس قيم التواصل بين مكونات الشعب العراقي، وكل الاطراف الفاعلة في العملية السياسية وبين قوى المعارضة داخل وخارج العراق، وبين القوى السياسية والمجتمع، وان تكون هناك مصالحة بين المرجعيات الدينية ورجال الدين البارزين من خلال تعزيز التواصل والتقارب والحوار المفتوح في كل الامور. كما يقتضي الحال رفع غطاء الفيتو على اي حوار، واعتبار الكل عراقيون، فما يؤسس على اساس ديني يفترض ان يكون مسموحا به للجميع، وما يؤسس على اساس اثني يفترض انه يكون مفتوح للجميع، وان سمح باقامة علاقات حزبية مع دول الجوار يفترض ان يكون ذلك متاحا للجميع، وان سمح بتغلغل لدول الجوار فيفترض ان يكون ذلك متاحا للجميع، ومن يؤسس قوة مسلحة فيفترض ان يسمح لغيره بمثلها،.. بمعنى ان يكون هناك مبدأ يتم تطبيقه على الجميع يحترم بالمقام الاول وجود الجميع.

خامساً / إلغاء المحاصصة الاثنية والطائفية، إن بناء التعايش السلمي لا يمكن ان يستقيم الا من خلال الغاء بعض الاسس التي بني عليها النظام السياسي العراقي بعد عام 2003، واقيم على اسس المحاصصة الاثنية والطائفية، فخلال السنوات التي تلت عام 2003، تم توزيع المناصب الحكومية على الاعتبارات الاثنية والطائفية، حيث ادى ذلك الى اصطفافات ضيقة انعكست سلباً على الجهود الوطنية، وشلت عمل المؤسسات السياسية واربكتها، مما انعكس الامر على مستقبل البلاد ووحدتها.

سادساً / بناء دولة القانون والمؤسسات، لنشر وتعزيز التعايش السلمي يحتاج لبيئة مناسبة تتسم بفضاء واسع للحرية وحق التعبير عن الرأي وحق الاختلاف دون خوف من العقاب، وهذا يتطلب بناء مؤسسات الدولة على اساس سيادة القانون وعلى اسس مهنية بعيدة عن المحاصة الحزبية والاثنية والطائفية، وان توفير اجواء صحية للتعايش بين ابناء المجتمع العراقي ينبغي ان تسعى الدولة بكل الوسائل الى ضمان العدل وعدم التمييز في التشريعات، او في الاجراءات، وفي انفاذ القانون والاجرءات القضائية والادارية، واتاحة الفرص المتكافئة للجميع دون تهميش او اقصاء لأية فئة او طائفة. وان التركيز يجب ان يكون على اعادة بناء او البناء السياسي بمعنى انشاء وتكوين المؤسسات والهياكل الحديثة والمؤطرة والمنظمة والمعقلنة لحركته وسلوكه، بما في ذلك خلق الشروط الملائمة لنمو الهياكل النقابية والمدنية المستقلة كمؤسسات المجتمع المدني، فضلا عن التاسيس للاحزاب السياسية وفقا لمعايير وطنية يمكن ان تستوعب الاحتجاج والاعتراض والاختلاف في الرأي، وبالتالي تطور الهيكلية الجديدة للمجتمع والدولة؛ والاهم ايضا هو ان يكون هناك فصل بين الوظائف السياسية والوظائف الفنية، فالاولى تشمل الحكومة رئيسا ووزراء، والثانية تشمل الجهاز التنفيذي الذي يبدء من مستوى وكيل وزير الى ادنى عامل في الدولة: قضائيا وتعليميا وامنيا وعسكريا ودبلوماسيا،.. فالوظائف التنفيذية يجب ان تكون وظائف غير سياسية؛ وهذا شرط يجعل المواطنين مقتنعين بان هناك دولة وليس مؤسسة شخصية او غنيمة. لذا على مؤسسات الدولة ان تتمتع بجملة من الادوات التي تعمل على تحقيق تعايش سلمي في العراق، ومن بينها :

  1. اعادة صياغة بعض فقرات الدستور العراقي 2005 بما يتناسب مع الوضع الذي يعتر فان العراق يعيش حالة تنوع، ولبناء هوية وطنية جامعة.
  2. شرعية السلطة من اجل التأثير على كافة الجماهير عبر وسائلها القانونية المتنوعة.
  3. التعاون بين مختلف مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية. والاعتراف ان الكل انما هي مؤسسات، يجب عليها ان تتعاون طالما ان النظام السياسي هو نظام برلماني.
  4. ويتوجب على القيادات السياسية ان تتحول من عقلية ادارة حزب في معارضة (رغم انه موجود في السلطة منذ عام 2005)، الى عقلية ادارة دولة، ويشمل ذلك اهتمام بالعوامل المعنوية والتي تتمثل بالمساندة الجماهيرية والالتزام بالقوانين. والاهتمام بالعوامل المادية وتشمل السيطرة على الموارد الطبيعية والقدرة على توزيعها بشكل عادل على كافة مكونات الشعب.
  5. كما من الضروري ان يظهر من يمسك بالسلطة سلطة وجود العقوبات بوصفها ادوات يستخدمها النظام او يهدد باستخدامها في سبيل المحافظة على الصالح العام، وعلى النظام العام وعلى السلم الاهلي، وان لا يطبقها بانتقائية حادة وقابلة للملاحظة وترفع من معدلات النفور، كونها تعطي انطباعات ان الدولة تدار وفقا لعقلية الطائفة المسيطرة وليس وفقا لعقلية الدولة التي تدير الاختلاف وتوزع الموارد وتبني الرفاهية. ويدخل في اطارها، احترام حقيقي لحقوق الانسان، وليس وضع مؤسسات تكون مسؤولة عن تكميم الافواه او تمرير المحاصصة.

الخاتمة:

تقوم عملية التعايش السلمي على توافر مجموعة من المقومات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فطبيعة البناء السياسي الدستوري وآلية عمل المؤسسات الرسمية وحالة التوازن بينها، اضافة الى العلاقة المتوازنة بين النظام السياسي والمجتمع، والتزام النظام السياسي بقواعد الدستور وتوفير اجواء من الديمقراطية والحرية، فضلاً عن عدم اقتران مستلزمات المعيشة الاقتصادية بحالة الانتماءات الاجتماعية، وحالة التوازن بين الانتماءات والهويات الفرعية وانضمامها تحت لواء الهوية الوطنية الاكبر، انما هي كلها محدد اساسي لتحقيق تنمية سياسية تمهد لتعايش سلمي ناجح.

لقد عانى العراق من خلل، ترجع بعض من مسبباته الى ما قبل العام 2003، كلها انتهى الى توليد شرخ في استمار التعايش بين مكوناته الاجتماعية، على نحو ظهرت بعمليات القتل الواسعة، والخلل في بناء المؤسسات المختلفة داخل الدولة، واخطاء التقدير في السياسات العامة، وعدم الاستقرار الامني، وضعف مخرجات التنمية رغم العوائد المختلفة مما له صلة بسياسات المحاصصة بين ممثلي المكونات،.. واستمرار هذه المظاهر ومسبباتها يمكن ان يقود الى انهاء ليس حالة التعايش انما انهاء العراق كدولة. والعودة عنها يتطلب استذكار ان هناك فرق بين الاطارين السياسي والاجتماعي، وهو ما جعل التنوع سمة غير مؤثرة على العراق طوال الاف السنين السابقة.

فعلى الرغم من الاهمية البالغة لعملية التعايش السلمي في العراق التي باتت تشكل مطلباً ضرورياً لتحقيق الامن والسلم الاهليين وتدعيم استقرار المجتمع وتعزيز روح التعايش والمواطنة والهوية الوطنية، والتقليل من حدة التركيز على الهويات الفرعية التي كان تصارع من يدعي تمثيلها سبباً اساسياً للعنف الدموي الواسع النطاق الذي شهده العراق، لكن نجد ضعف دور المؤسسات الفوقية (الحكومة والاحزاب السياسية)، ان لم يكن الامر اشتراك تلك المؤسسات في مساعي انكار القدرة على تحقيق التعايش السلمي.

ومن اهم الاسباب في تحول اسهام النظام السياسي العراقي الى انشطة معيقة للتعايش السلمي، انما هو التركيز على نقاط محددة، اهمها: البحث عن الغنيمة والمنافع السريعة، والسماح بنفوذ دول الجوار للشان العراقي، والتاسيس الخاطئ للعمل السياسي خصوصا ما تعلق منه بالادعاء ان الاحزاب السياسية انما هي ممثلة للمكونات الاجتماعية. فالمشاركة في العملية السياسية المتمثلة في مبدأ المحاصصة الطائفية والاثنية والدينية الذي تمسكت به الاحزاب والقوى السياسية المشاركة في السلطة، وعلاقاتها الاقليمية، أدت الى تعميق التمايز بينها، ونظرة كل منها للاخر نظرة انها تخوض معه صراعا صفريا، وجعل كلاً منها يتمسك بحصته في الحكم والادارة وهو ما اثبط همتها للعمل الوطني الجاد، بل وفعها الى محاولة تاسيس لعالم فئوي خالص، كلا في اطار محيطه، وهو امر لا يستقيم الا من خلال ايجاد فرز بين القواعد الاجتماعية اولا ثم من خلال ضرب ما تبقى من اسس التعايش السلمي، وذلك رغبة منها بالتاسيس لانظمة مغلقة تكون هي على قمتها، خشية من ان يؤدي تطبيق الديمقراطية الى دخول اطراف جديدة للعملية السياسية بما يؤثر على حصتها في الحكم؛ وهذا الامر متصور في ضوء الخلل الواضح في ادارة الدولة كون من يدير يركز على منافع قصيرة الاجل وليس لبناء دولة.

إن اشاعة قيم التعايش السلمي وتطبيقه في المجتمع يتطلب التركيز على السبل الكفيلة بانجاح التعايش بين العراقيين من خلال :

  1. رفض التدخلات الخارجية في شؤون العراق والتي تهدف الى دعم الارهاب وتأجيج الصراع العنصري الداخلي. ومثل هذا الصراع لا يتحقق الا عبر اثارة شق واسع في لحمة التعايش بين المكونات الاجتماعية.
  2. دعم انشطة تحقيق استقرار مجتمعي، وعودة الحياة الطبيعية للمدن، ومنها التدخل والمشاركة الفاعلة لاعادة المهجرين والنازحين وتعويضهم تعويضا عادلا، وتامين الحماية لهم وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني.
  3. دعوة الحكومة والقيادات السياسية والدينية والعشائرية ومنظمات المجتمع المدني الى تكثيف جهودها للقضاء على الاحتقان الاثني والطائفي واشاعة ثقافة المحبة والتعاون، وتشجيع كل ما من شانه اعادة اللحمة الوطنية، ومنه: الاسراع ببناء القوات المسلحة واعادة البنى التحتية المدمرة في كل مناطق الصراع.
  4. التأكيد على ان الولاء للوطن لا يلغي ولا يتعارض مع الولاء للانتماءات الثانوية الاخرى، ولكن لابد ان تكون الاولوية في الولاء للوطن وتقديم المصلحة الوطنية على مصالح الاثنيات والطائفة والقبيلة في حال تصادمهما. بمعنى اخر، التأكيد على مفهوم الهوية الوطنية الجامعة. والتعايش، هنا، يتطلب قيام الدولة بواجبها في تفعيل الهوية وانهاء المحاصصة والطائفية السياسية واشاعة روح المواطنة وارساء ثقافة سياسية مشاركة واحترام الحقوق والحريات التي يتشاركون فيها.
  5. ان التعايش يعني الانفتاح والتواصل المستديم مع بقية المكونات وذلك من اجل نسج العلاقات الايجابية ويتطلب اعادة احياء العلاقة مع الافكار والقناعات الخاصة بكل مكون حيث تصبح العلاقة حيوية ومرنة وفعالة، والمهم انكار ان الافكار ترتبط بالمقدس وان المقدس لا يقوم الا على انكار الاخر. بمعنى آخر، وجعل التسامح هو الدعامة الاساسية لرفد مفهوم التعايش الذي يفترض الاقرار بالاختلاف بين البشر بطباعهم واوضاعهم ولغاتهم وسلوكهم وقيمهم، لهذا يقتضي القبول بالعيش معهم بسلام. وهذا الامر لا يتحقق الا عبر القبول بالتعددية والاحترام للمكون الثقافي ولاشكال التعبير عن الافكار الانسانية، ويفترض معرفة الاخر والانفتاح عليه والاتصال به والحرية في التعامل والتعايش معه.
  6. ضرورة مراجعة القوانين والتشريعات التي تقف عثرة في طريق تحقيق التعايش السلمي وتقف حائلة دون تحقيق السلام والوئام بين افراد المجتمع الذي يخرج من النزاع وذلك بشكل دوري ومنتظم. بمعنى، وضع دعامات قوية لحكم القانون، القائم على تطبيقات متساوية.
  7. ضرورة مراعاة المؤسسات الاتية لادوارها في البناء: المؤسسة القضائية كون اي شذوذ في سلامة موقفها انما يهز ببناء لدولة، والمؤؤسات التعليمية، فاي خلل فيما تبثه من سياسة تعليمية انما يؤسس لتنشئة تخل ببناء هوية عراقية جامعة تكون جسراً بين مكوناته كافة، والمؤسسات الامنية، فاي اقتراب لها من الانتمائين الفئوي والحزبي، في عاملي القيادة والانشطة انما يقود الى تشجيع اعمال العنف ضد مؤسسات الدولة قائم على نفس الاسس التي برز فيها الخلل.

قائمة المصادر :

اولا: الدستور العراقي لعام 2005.

 

ثانيا: الكتب

  • اطياف العراق مصدر ثراءه الوطني، وزارة حقوق الانسان، دائرة رصيد الاداء وحماية حقوق الانسان، قسم حقوق الاقليات، بغداد، 2011.
  • اياد خلف حسين العنبر، اشكالية بناء دولة المواطنة في العراق، بحث مقدم في المؤتمر العلمي السنوي الثالث لـ (سكول) العلوم السياسية في جمجال جامعة السليمانية بعنوان : مستقبل العراق في ظل المتغيرات المحلية والاقليمية والدوليىة، بتاريخ 16 ـ 18 نيسان 2012، ط1، مطبعة رهه ند، السليمانية، 2013.
  • خضر دوملي، كتابات في بناء السلام والتعايش، مركز دراسات السلام وحل النزاع، جامعة دهوك، 2014.
  • د. خالد عليوي العرداوي، ادارة الحكم في العراق، مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، كربلاء، 2012
  • د. رشيد عمارة الزيدي، آليات التعايش السلمي في العراق، بحث مقدم في المؤتمر العلمي السنوي الثاني لكلية العلوم السياسية والاجتماعية في جامعة السليمانية بعنوان : التعايش السلمي في العراق الواقع والمستقبل، بتاريخ 4 ـ 5 نيسان 2011، ط1، مطبعة رهه ند، السليمانية، 2011.
  • د. محمد صادق الهاشمي، الثقافة السياسية للشعب العراقي، الساقي، بيروت، 2013.
  • د.خيري عبد الرزاق جاسم، نظام الحكم في العراق بعد 2003 والقوى المؤثرة فيه، ط1، بيت الحكمة، بغداد، 2012.
  • شاكر الانباري، الديمقراطية التوافقية مفهومها ونماذجها، ط1، معهد الدراسات الاستراتيجية، بيروت، 2007.
  • صادق الاسود، علم الاجتماع السياسي : اسسه وابعاده، مطبعة دار الحكمة، بغداد، 1990.
  • طه حميد حسن العنبكي، سبل تعزيز التعايش السلمي في العراق، بحث مقدم في المؤتمر العلمي السنوي الثاني لكلية العلوم السياسية والاجتماعية في جامعة السليمانية بعنوان : التعايش السلمي في العراق الواقع والمستقبل، بتاريخ 4 ـ 5 نيسان 2011، ط1، اعداد وتقديم : د.ئوميد رفيق فتاح ود. رشيد عمارة ياس، مطبعة رهه ند، السليمانية، 2011.
  • عبد الحسين شعبان، جدل الهويات في العراق : الدولة والمواطنة، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2010.
  • عبد الحسين شعبان، فقه التسامح في الفكر العربي الاسلامي : الثقافة والدولة، ط1، بيروت، دار النهار للنشر، 2005.
  • عبد السلام ابراهيم بغدادي، الوحدة الوطنية ومشكلة الاقليات في افريقيا، سلسلة اطروحات الدكتوراه، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1993.
  • علي حسن الربيعي، تحديات بناء الدولة العراقية صراع الهوية ومأزق المحاصصة الطائفية، ط1، سلسلة كتب المستقبل العربي، 2007.
  • مجموعة مؤلفين، المصالحة الوطنية في العراق : الواقع والافاق، لجنة تنسيق المنظمات غير الحكومية في العراق وجمعية الامل العراقية، بغداد، 2009.

 

 

ثالثا: الرسائل والاطاريح

  • فايز عبد الله العساف، الاقليات واثرها في استقرار الدولة القومية، رسالة ماجستير، كلية الاداب، جامعة الشرق الاوسط، عمان، 2013.

 

 

رابعا: البحوث

  • احمد فاضل جاسم داوود، عدم الاستقرار المجتمعي في العراق ما بعد 2003 : دراسة تحليلية في التحديات المجتمعية… والافاق المستقبلية، مجلة السياسية والدولية، الجامعة المستنصرية، العدد (25)، 2014.
  • خيري عبد الرزاق وستار جبار، المصالحة الوطنية في العراق، مجلة دراسات سياسية، بيت الحكمة، بغداد، العدد (14)، 2009.
  • د. عبير سهام مهدي، مفهوم التعايش السلمي ودوره في تحقيق الوحدة الوطنية، مجلة حولية المنتدى، مركز المنتدى الوطني لابحاث الفكر والثقافة، بغداد، العدد (1)، 2011.
  • د. علي عباس مراد، م. م. فاتن محمد رزاق، التسامح في بعض الحضارات القديمة، مجلة السياسية والدولية، الجامعة المستنصرية، العدد (22)، 2012.
  • د. كمال عبد الله حسن، التعايش السلمي في العراق، مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية، جامعة كركوك، العدد (3)، 2014.
  • د. منهل يحيى اسماعيل، الحوار واثره في التعايش السلمي، مجلة كلية العلوم الاسلامية، جامعة بغداد، العدد (6)، 2009.
  • د. نغم محمد صالح، التعددية الحزبية في العراق في ظل غياب القانون، مجلة العلوم السياسية، جامعة بغداد، العدد (43)، 2009.
  • د. ياسين محمد حمد، د. عبد الجبار عيسى عبد العال، التعامل مع الاقليات في اطار ادارة التنوع، مجلة السياسية والدولية، الجامعة المستنصرية، العدد (24)، 2014.
  • د.صلاح جبير صدام، الفيدرالية وادارة النزاع في العراق، مجلة رسالة الحقوق، كلية القانون، جامعة كربلاء، السنة الرابعة، العدد (2)، 2012.
  • عبير سهام مهدي، مفهوم المواطنة ودورها في بناء الدولة العراقية، بغداد، بيت الحكمة، مجلة دراسات سياسية، مطبعة شفيق، العدد (20)، 2011.

 

 

خامسا: الانترنت

  • د.برهان غليون، في أسباب إخفاق مشاريع المصالحة الوطنية في البلاد العربية، المعرفة ـ وجهات نظر، 14 / 9 / 2005، الانترنيت :

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/DO2F3C8E-E2D4-4615-AFC6-035A8A1B873D.htm

  • جاسم الصغير، مجتمعنا العراقي ودعوة من التعايش السلمي الى الاندماج الاجتماعي الفعال، الحوار المتمدن، على الموقع الالكتروني :

http://m.ahewar.org/index.asp?r=25&cid=0&i=1030&u=&q=

  • د. عرفات كرم، فلسفة التعايش السلمي بين الاديان، الانترنيت :

http://www.soran.edu.iq/images/staff/Dr.Arafat-Karam/arfat8.pdf

  • وليد المشرفاوي، التعايش السلمي اساس الديمقراطية، شبكة براثا، 6 تشرين الثاني 2010، الانترنيت :

http://ns1.boostdomain.com/news/108472.html

  • فهيل جبار جلبي، المصالحة الوطنية في العراق : دراسة سياسية حول الوضع العراقي بعد 2003، مركز دراسات السلام وحل النزاعات، جامعة دهوك، 2014. الانترنيت :

http://tfpb.org/wp-content/uploads/2014/09/p-misalehe-vehel.pdf

  • يوسف عبد الله مكي، العراق أزمة حكومة ام ازمة نظام، 11 / 8 / 2010، الانترنيت :

www.alwatan.com

  • سعد البغدادي، تشظي الهوية العراقية،الحوار المتمدن، استخرج بتاريخ: 17 تموز 2007، الانترنيت :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=102054

  • د.قيس جواد العزاوي، المصالحة الوطنية وتأكيد الهوية الجامعة وبناء دولة المؤسسات، جريدة الجريدة، 12 / 10 / 2010. الانترنيت :

http://www.aljaredah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=15287

 سادسا: اخرى

1)      د.خضر عباس عطوان، التعايش في العراق بين العقائد والسياسة، صحيفة الزمان، طبعة بغداد، 15 حزيران 2013، ص15

2)      سعد سلوم، التصدع الثقافي وازمة الهوية العراقية، جريدة الصباح، 20 نيسان 2010.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button