التعـاون الجـزائـري ـ الصـيـني المـشـتـرك فـي مـكـافـحـة وباء كورونا

اعداد : أميرة أحمد حرزلي – باحثة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

مــقـــدمــة:

ترتبط الجزائر والصين بعلاقات وطيدة في كافة المجالات ( السياسية والاقتصادية ، الثقافية، عسكرية )، وقد تعززت أكثر مع انتشار جائحة وباء كورونا المستجد “كوفيد 19” في العالم، حيث أن الكوارث والخسائر التي الحقها الوباء خاصة بالعامل الإنساني / البشري بلغت ذروتها في العديد من دول العالم على غرار الصين وإيطاليا، ايران، الولايات المتحدة الامريكية …التي بلغ عدد الوفيات فيها معدلات قياسية.

ورغم ذلك حققت الصين تحسنا ملحوظا مؤخرا في التعامل مع الوباء من ناحية عدم تسجيل إصابات جديدة منذ أيام، وكبح انتشاره في مدن أخرى، من هذا المنطلق تجد الجزائر المتضررة أيضا من الوباء تجد نفسها بحاجة الى التعاون المشترك مع الصين في إدارة هذه الازمة الوبائية ومواجهتها بتبادل الخبرات والتقنيات في هذا المجال، والاستفادة من التجربة الصينية في ذلك. وعليه كيف يمكن ينجح التعاون الجزائري الصيني في مكافحة وباء كورونا؟

في هذا المقال سنسلط الضوء على مؤشرات تعافي في الوضع الصحي الصيني والياتها في مكافحة الوباء، بالإضافة الى اليات التعاون الجزائري الصيني في مكافحة وباء كورونا وسبل استفادة الجزائر من التجربة الصينية ومستقبل هذا التعاون.

  1. الوضع العام في الصين … مؤشرات التحسن وخطط الصين في مكافحة الوباء

ظهرت في الأسبوع الأخير مؤشرات تحسن وتعافي الحالات المصابة بوباء كورونا في الصين تحديدا ووهان بؤرة تفشي الوباء، وعندما نقول مؤشرات تعافي في الصين لا يعني ذلك انتهاء الوباء بشكل نهائي فيها في ظل وجود مخاوف من عودة موجة ثانية منه، بل تعدت مرحلة الذروة والخطر.

في ثلاثة أشهر استطاعت الصين تسجيل مؤشرات تعافي نذكر منها اعلان منظمة الصحة العالمية في منتصف مارس الماضي تعافي نحو 70 % من اجمالي المصابين بوباء كورونا أي ما يعادل نحو 80 الف شخص، كما شكلت زيارة الرئيس الصيني شي جبين بيغ الى مدينة ووهان لأول مرة منذ تفشي الوباء شكلت دليلا على تحسن الأوضاع في المدينة بالتزامن مع ذلك سجلت تراجع في اعداد الإصابات والوفيات في الأسابيع الأخيرة من شهر مارس.

من ناحية أخرى اغلقت الصين 14 مستشفى ميداني بعد تسجيل تراجع في عدد الإصابات الوفيات، كما عرضت ارسال فرق طبية للدول المتضررة أمثال إيطاليا حيث ذكرت السلطات انها لم تعد بحاجتهم.

وقد طبقت الصين العديد من الخطط والاستراتيجيات للحد من انتشار الوباء واحتوائه أبرزها تطبيق منع التجول والحجر المنزلي الجماعي في مقاطعة هوبي وهو ما جعل 50 مليون نسمة في عزلة عن العالم، رغم الانتقادات التي طالت السلطات الصينية في بطء خططها مع انتشار سريع للوباء، الا ان منع التجول والحجر المنزلي ان ذلك ساهم كثيرا في محاصرة الوباء وعدم انتشاره.

ضف الى ذلك بنت الصين مستشفيات ومراكز طبية ضخمة لاستقبال المصابين بالوباء، فقد اظهرت صور من الأقمار الصناعية تشييد الصين مستشفى هوشن شان في 10 أيام فقط واستقبلت فيه اول دفعة مصابة بالوباء وقد تم تحويل 1400 مسعف عسكري من الجيش الصيني لإدارة المستشفى الجديد في ذات السياق قامت الصين بتحويل منان عادية الى مركز طبية.

بالموازاة مع ذلك يسارع الأطباء في الصين الى صناعة وتطوير اللقاحات مضادة للوباء وقد اقرت الصين في وقت سابق بجراء فريق البحث الدكتور تشين واي من الأكاديمية العلوم الطبية العسكرية ببكين تجارب سريرية على اول لقاح يتم تطويره لمواجهة الوباء بعد تجربة مماثلة للولايات المتحدة الامريكية، بالإضافة الى إقامة تحالف استراتيجي بين فوستن غروب الصينية وشركة الادوية الألمانية “بيونتيك” لتطوير وتسويق لقاح ضد الوباء المستجد حسب ما جاء في صحيفة الشعب الصينية.

  1. أليات التعاون الجزائري ــ الصيني في مكافحة “وباء كورونا”

      قامت الجزائر في شهر فيفري الماضي بإجلاء 36 رعية من رعاياها جزائريين الذين كانوا يدرسون في مدينة ووهان الصينية وطلبة اخرون من تونس وليبيا…، وبالتوازي مع ذلك قامت الجزائر بإرسال مساعدات شبه صيدلانية كهبة متمثلة في 500 ألف قناع ثلاثي الطبقات، و20.000 وعشرون ألف نظارة واقية و300الف قفاز، وفي هذا الصدد عبرت الصين عن شكرها للمساعدات الطبية، في المقابل اعتبرتها الجزائر دليل على الصداقة التاريخية التي تجمع الشعبين[1].

في ذات الصدد أعلن الرئيس عبد المجيد تبون عن طلبه شراء 100 مليون قناع و30 الف طقم اختبار لتعزيز قدرتها الوطنية واضافتها للمخزون الوطني، بالإضافة الى الألبسة الواقية الخاصة بالأطباء وغيرها من المعدات، وفي هذا السياق صرح للصحافة الوطنية ” طلبنا من أصدقائنا الصينيين تزويدنا بعدد من الأقنعة والقفازات واطقم اختبار وتم منحنا رزنامة لاستلام هذه المواد من 1 الى 03 افريل”[2].

كما أبلغت الصين الجزائر بدعها للأخيرة في مكالمة جمعت رئيس الوزراء الصيني لي كي كيكيانغ ونظيره الجزائري عبد العزيز جراد ، حيث ابدى استعداد بلاده وضع كافة المستلزمات للحماية و الوقاية الصحية وعتاد وفريق من الخبراء و المتخصصين في تسيير الازمات الصحية، بالإضافة الى ذلك عرضت الصين انشاء بنى تحتية صحية متخصصة في اطار برنامج الحكومة بتطوير الصحة العمومية ، كما هنأ جراد الصين على النتائج التي حققتها الصين في مكافحة الوباء،  واغتنم الفرصة في شكر الصينيين على كافة المساعدات المقدمة و داعاهم لتعزيز العلاقات اكثر عبر تبادل المعلومات فيما يخص الوضعية الصحية للبلدين، وطلب منهم تسهيل الإجراءات المتعلقة اقتناء و تسليم لدى المؤسسات الصينية ، كما ذكر الوزير بالدعوة التي وجهها الرئيس تبون للرئيس الصيني شي جين بيغ لزيارة الجزائر في اطار تنشيط المخطط الخماسي 2020 ــ 2024 [3].

إضافة الى ذلك استلم الهلال الأحمر الجزائري بتاريخ 30 مارس الماضي الدفعة الأولى من الهبة مقدمة من جمعية التجار الصينيين متمثلة في اقنعة جراجية واطقم فحص وقد أكدت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس ان الهبة جاءت استجابة لنداء أطلقه الهلال الأحمر الجزائري لنظيره الصليب الاحمر الصيني عبر السفارة الصينية في الجزائر، وسنتسلم الدفعة الثانية في الأيام القليلة المقبلة.

  1. مستقبل التعاون الجزائري ــ الصيني في ظل جهود مكافحة “وباء كورونا”

يستشرف إيجابا قادة البلدين العلاقات الصينية ـ الجزائرية حيث من المرشح أنها سوف تأخذ منحى تصاعدي نحو تكثيف التعاون خاصة أن التجربة الصينية قد أعطت نتائج حسنة في المجال الصحي وخطط الوقاية والحجر المنزلي الذي طبقته لاحتواء الوباء، وعلي فالأزمة الراهنة استدعت التعاون الثنائي والدولي لمواجهة الوباء والحد من انتشاره، كما أشار الوزير المستشار في السفارة الصينية كيان جين أن هناك العديد من المقاطعات والمؤسسات ستنضم قريبا الى العملية التعاونية والحملة التضامنية هذه.

خاتمة:

اثبت التعاون الصيني ـ الجزائري مرة أخرى مدى تماسكه وقوته، حيث أن سرعة الاستجابة الجزائرية و الصينية لبعضهما البعض بالمساعدات بمختلف أنواعها في مكافحة وباء كورونا تؤكد مدى عمق العلاقات بينهما، وهو ما يندرج ضمن ابعاد متعددة تاريخية ، برغماتية ، دبلوماسية وانسانية …وهذا ما يجعل مثل هكذا تعاون يجب ان يقتدى به خاصة في الكوارث و الازمات الصحية الإنسانية بعيدا عن الاعتبارات السياسية.

[1]ـ  فيروس كورونا: الصين تتقدم بشكرها “الخالص” للجزائر على المساعدات الطبية الطارئة ، وكالة الانباء الجزائرية، على الرابط الالكتروني:

http://www.aps.dz/ar/algerie/83133-2020-02-02-14-10-09

[2]ـ ـ تدابير فيروس كورونا: الجزائر طلبت من الصين شراء 100 مليون قناع و 30 ألف طقم اختبار ، القناة الوطنية الاولى، على الرابط الالكتروني:

https://www.radioalgerie.dz/chaine1/ar/aggregator/sources/8

[3] ـ تنسيق جزائري صيني لمكافحة تطور كورونا المستجد سويا ، جريدة المغرب الأوسط ، الأربعاء 1افريل 2020 ، ص 03

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button