التهديدات الأمنية الجديدة في المغرب العربي

مقدمــة:

إن نهاية الحرب الباردة لم تكن فقط مجرد الإعلان عن نهاية مرحلة تاريخية مرت مقاسة زمنيا ولكنها مثلت حدثا تاريخيا فريدا، إذ أحدثت تطورا جذريا أثر على العلاقات الدولية بصفة عامة وهيكلة النظام الدولي بصفة خاصة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أحدثت انقلابا لمجمل الأفكار والتصورات التي كانت سائدة في تلك الفترة، إذ عرفت الدراسات في حقل العلاقات الدولية تحولات وتطورات أدت إلى بروز أفكار جديدة حاولت تقديم تفسيرات موضوعية لاستيعاب مميزات وخصائص الظاهرة الدولية واستكشاف عناصر واليات تطوراته. فكانت النقاشات في الأوساط الأكاديمية تتمحور حول إيجاد تفسيرات قادرة على استبصار التحول في المفاهيم القائمة التي غيرت من لغة العلاقات الدولية مثل العولمة، نهاية التاريخ، الأبعاد الجديدة للأمن…وما يهمنا في درايتنا هو الأمن، الذي لم يكن بمعزل عن هذه التطورات، إذ يعتبر من أكثر المواضيع المثيرة للنقاش لأنه قيمة إنسانية ملازمة للإنسان منذ القدم فهو يمثل دافعا طبيعيا يوجه سلوك الأفراد والمجتمعات بغية توفير السلم والاستقرار كبديل لحالة الخوف، الشيء الذي أدى إلى اختلاف وجهات النظر ومستويات التحليل الخاصة به كمفهوم من حيث تحديده في ضوء عدة مستويات كالفرد والدولة، الإقليم والنظام الدولي، وعدة أبعاد مؤثرة اقتصادية، سياسية أو بيئية.

كما اعتبرت تلك الفترة منعرجا حاسما أدى إلى بروز تهديدات جديدة لم تكن معروفة بالحدة التي هي عليها اليوم تمس الدولة من جهة والفرد من جهة أخرى مثل الجريمة المنظمة، الإرهاب، المخدرات…الخ. هذه التهديدات تبرز فيها صفة العالمية بشكل واضح إذ مست كل الوحدات المشكلة للنظام الدولي ولكن بدرجات متفاوتة. والمغرب العربي باعتباره عنصر مكون لهذا النظام الدولي، فقد عرف هذه التهديدات الداخلية والخارجية بشكل متزايد مما أدى إلى اعتباره أنه مصدر للعديد من التهديدات الموجودة، القديمة منها والجديدة، وهذه الظواهر ساعدت على الانتقال من المنظور التقليدي للأمن، المبني على قدرة الدولة على حماية أراضيها وحدودها في مواجهة أي غزو خارجي. هذا المفهوم الذي أصبح غير قادر على احتواء المخاطر وتفسيرها وتوفير الوسائل والإمكانيات لمواجهتها لأن القضايا الأمنية الراهنة تمتاز أساسا بالتعقيد والتشابك بالإضافة إلى التنوع والتعدد، فأصبح للأمن عدة أبعاد مما جعلنا ننتقل إلى مفهوم الأمن الإنساني القائم على فكرة أن تحقيق أمن الدولة لا يعني بالضرورة تحقيق أمن الأفراد، وبالتالي تحقيق الأمن في جميع مستوياته، وبالتأكيد لا يكون ذلك إلا بوضع استراتيجيات على مستوى وطني وإقليمي وعالمي، لمواجهة التهديدات وتحقيق الغاية المنشودة من ذلك.

تحميل الرسالة

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button