التوجهات الكبرى للإستراتيجية الروسية بعد الحرب الباردة

التوجهات الكبرى للإستراتيجية الروسية بعد الحرب الباردة .. من إعداد: صابر آيت عبد السلام .

لقد أصبح النظام الدولي اليوم على المستوى الجيوسياسي –في نظر صاموئيل هنثنغتون- مؤسسا على نظام هجين ومركب بشكل غريب فالأنماط التقليدية للتفاعلات الدولية –أي الأحادية و الثنائية والتعددية القطبية- لم تعد تجسد واقع السياسة الدولية، حيث أصبحت بنية النظام الدولي قائمة على أساس نظام أحادي-متعدد الأقطابô Système thni- multipolaire يتسم بوجود قوة عظمى منفردة هي الولايات المتحدة، تتفاعل مع مجموعة من القوى الرئيسية.

   لو نظرنا إلى القوى الفاعلة في النظام الدولي الراهن، وبسبب غياب المعطى الإيديولوجي المضاد، وبسبب كون العديد من هذه القوى تدين بنفس الإيديولوجية التي تحملها الولايات المتحدة، لوجدنا أنها قوى متنافسة أكثر من كونها قوى متصارعة، صحيح أننا لا نستطيع نكران وجود خلافات فيما بينها، إلا أن هذه الخلافات ذات طبيعة تنافسية يصعب وصفها بأنها خلافات إيديولوجية أو مذهبية-عقائدية ذات طبيعة تصارعية، وبالتالي فإن الغالبة التي تتميز بها قواعد إدارة العلاقات بين هذه القوى هي سمة التنافس وليس الصراع.

   يبدو من الصعوبة بما كان أن نتصور اندلاع حروب بين القوى الفاعلة والرئيسية على غرار حروب القرن 19م والحربين العالميتين الأولى والثانية، فقد أصبحت القوى الكبرى اليوم تبتعد عن الحدود التي تكون فيها رهينة القوة العسكرية حيث لا خيار إلا الخيار العسكري، وباتت تدرك حجم الدمار والخسائر الفادحة الناجمة عن لا عقلانية القرار السياسي بالاحتكام إلى القوة العسكرية لحل مشاكلها، لاسيما بعد منطق توازن الرعب الذي فرضته الحرب الباردة.

   القوة النووية قلصت خيارات المواجهة العسكرية مباشرة بين القوى الكبرى، إلا أن الإقرار بذلك ينفي بأي حال من الأحوال احتمالات المواجهة بين هذه القوى بشكل مطلق، إذ تتعدد آليات المواجهة ومنطق المجابهة بين هذه القوى، ويصير منطق المجابهة لا رجعة فيه في اللحظة التي تصل فيها هذه القوى إلى قناعة تامة بعجز آليات التعاون والمشاركة في تسوية الخلافات التي تتضارب فيها مصالح هذه القوى بشكل متناقض، هذا ما عبر عنه هنثنغتون حينما قال أنه: “من الممكن أن نهاية الحرب الباردة ستعوض بمجموعة واسعة ومتعددة من الحروب الباردة الصغيرة بين القوى الكبرى”.

   يرشح الكثير من الباحثين منطقة القوقاز المحصورة بين بحر قزوين بثرواته الاقتصادية والبحر الأسود بأهميته العسكرية، كأحد أبرز بؤر التنافس العالمي في القرن الواحد والعشرين، إن لم نقل المنطقة الأولى بعد الخليج العربي، حتى وصفت من قبل بعضهم بكونها خليج عربي ثاني في القرن الحادي والعشرين، والأرقام المؤكدة وحدها تكفي لإبراز أهمية هذه المنطقة ومكانتها القادمة في الإستراتيجية الدولية.

   إن هذه المكانة ليست واضحة اليوم كما ينبغي، بحكم الاهتمام الدولي الذي لايزال مركزا على المنطقة المسماة “بالشرق الأوسط” والخليج العربي  بقضاياها الشائكة والعالقة، وبحكم أن دول القوقاز وما جاورها، لم يبدأ الاستثمار الحقيقي فيها حتى الآن، ولم تتحول إلى قوة مالية ذات شأن، مع ذلك فإن مجموعة من الدول الفاعلة على المستوى الإقليمي والدولي تدرك كما يجب الأهمية المستقبلية لدول منطقة سواء لأسباب اقتصاديةأوجيواستراتيجية أو ثقافية أو أمنية… هذه العوامل مجتمعة أو منفردة ستدفع بهذه الدول لدخول تنافس حاد للفوز بهذه المنطقة.

   فإذا كانت كل من تركيا وإيران من أهم هذه الدول المتنافسة على المنطقة على المستوى الإقليمي، تبرز على المستوى الدولي كل من روسيا الاتحادية والو.م.أ كقطبين متنافسين يسعيان بكل ما توفر لديهما من “مهارات جيواستراتيجية” وإمكانيات مادية إلى إخضاع واحدة من أهم وأكثر مناطق العالم ثراءا، بشكل يعيد سيناريو التنافس الأمريكي الروسي أثناء الحرب الباردة بكل ما يحمله هذا التنافس من أبعاد أمنية وجيوبوليتيكية، فكما يرى البروفيسور سانتوروô أن الإنسانية في وقتنا الحاضر تدخل مرحلة انتقالية من العالم الثنائي القطبين إلى الصيغة العالمية من تعدد الأقطاب، والتي تبدو –حسبه- أنها تعكس المنطق الهرم للجيوبوليتيكا الثنائية القطبين –أي التيلوروكراتيا في مواجهة التالاسوكراتيا- فبالرغم من سقوط الاتحاد السوفياتي، إلا أن العالم كله لا يزال يحمل الطابع لثابت للحرب الباردة والتي يبقى منطقها الجيوبوليتيكي مسيطرا.

   لا يمكن بأي حال من الأحوال تشكيل تصور وفهم متكامل لمنطق سلوك خارجي لدولة معينة تجاه قضية أو منطقة محددة، ما لم يتم التعرف على السياق الاستراتيجي العام الذي جاء في إطاره هذا السلوك لاسيما عندما يتعلق الأمر بسلوك خارجي لدولة كبرى، أين يكون أي تصرف خارجي لها مضبوطا بقواعد محددة مسبقا، ومتماشيا مع التطورات الكبرى لهذه الدولة تجاه العالم ومناطقه الحيوية، وهنا تتحول هذه السلوكات كتكتيكات مدروسة مكرسة لخدمة الإستراتيجية الكبرى لهذه الدولة الفاعلة.

1-    التوجهات الكبرى للإستراتيجية الروسية بعد الحرب الباردة:

   تعتبر روسيا الجديدة واحدة من الدول الفاعلة والمؤثرة في النظام الدولي الراهن، فعلى الرغم من بعض المشاكل التي تواجهها حاليا والمتعلقة أساسا بتبعات الأزمة الاقتصادية العالمية وبعض المشاكل الأمنية التي يسعى المسؤولون الروس إلى علاجها إلا أنها وبلغة الأرقام تمتلك أكثر من ورقة رابحة تؤهلها للعب دور قيادي على خشبة المسرح الدولي، فهي تتمتع بثقل سياسي يمثله المقعد الدائم في مجلس الأمن الدولي، وهي الوريث الشرعي لتركة الاتحاد السوفياتي القوة العظمى إلى غاية نهاية الثمانينات، وهي التي تشغل 76.5% من مساحة هذا الأخير لتعتبر بذلك أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، كما ورثت 51% من عدد سكانه أي ما يقارب 148 مليون نسمة مشكلة خامس أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، دون أن ننسى امتلاكها لـثاني أكبر قوة عسكرية تقليدية في العالم، وأكبر قوة عسكرية في كل من أوروبا وآسيا، كل هذه الأرقام تعطي لهذه الدولة هامشا معتبرا للمناورة والمشاركة الفعالة في صناعة القرارات الإقليمية والدولية المهمة.

   ولعل التغيرات الجوهرية التي أصابت الدولة الروسية الحديثة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي والمتمثلة في التحول من قوة عظمى إلى قوة كبرى أو إقليمية، ومن دولة ذات نظام اشتراكي يسيطر عليه حزب وحيد ونظام اقتصادي يعتمد على التخطيط المركزي إلى دولة تبنت رسميا نظام اقتصاد السوق والانفتاح على التعددية الحزبية، كل هذه التغيرات جعلت من دراسة سلوك روسيا الخارجي أمرا غاية في الصعوبة وقد عبر عن ذلك تشرشل حينما قال بتاريخ 01 أكتوبر 1939م.

   “روسيا هي ذلك السر المحير للموضوع داخل علبة من الألغاز الغامضة أو كما قال الشاعر فيدور تيوتشاف أن: “فهم روسيا لا يتطلب من الذكاء بقدر ما يتطلب شدة الصبر وقوة الإيمان” وبالتالي فإن الصورة التي تنبثق من روسيا الجديدة، هي تلك الصورة الغامضة التي تمتزج فيها المتناقضات انفتاح اقتصادي مع سياسات حمائية، سياسية تعاونية مع أخرى دفاعية أحادية.

   من جهتنا سنحاول التطرق في هذا المبحث إلى أهم المحددات التي نراها محوية في توجيه سلوك روسيا الخارجي وهي: أ- البيئة التي يصنع فيها القرار الروسي. ب- مبادئ وأسس السياسة الخارجية الروسية. ج- العقيدة الدفاعية الروسية.

1).    بيئة صنع القرار في روسيا: يرى المفكر أندرو مورافسيك أن الدول ليست عبارة عن مجرد كرات بلياردو أي أنها لا تحتك إلا في قشرتها الخارجية، كما يرفض اعتبارها مجرد علب سوداء أي أنها تتجسد في شخص قائد الجهاز التنفيذي حيث ركز على البيئة التي يصنع فيها القرار في كتابه الأولويات والقوة في الجماعة الأوروبية Preferences and fower in the European Comunity حيث قال:”أن المصالح الوطنية للدول تصنعها، النقاشات والتداخلات والتفاعلات الداخلية بين مختلف الفاعلين الاجتماعيين في الدولة بحيث تسعى كل مجموعة للتأثير على صانع القرار بما يتماشى ومصالحها، وهذا بالاعتماد على تحالفات وطنية أو قد تكون فوق قومية، تفرض على الحكومة أخذها بعين الاعتبار أثناء صناعة القرار سواء الداخلي أو الخارجي للدولة ، ولعل أن عملية صنع القرار في روسيا تتم في إطار بيئة عامة تتضمن أربع عوامل رئيسية هي: أ- الإطار الدستوري للدولة الروسية. ب- الثقافة-السياسية. ج- التكوين الاجتماعي. ي- الأوضاع الاقتصادية.

‌أ.    الإطار الدستوري: ظلت روسيا محكومة بدستور 12 أفريل 1978 حتى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي إلى أن تم تبني الدستور الجديد بتاريخ 12 ديسمبر 1993 والذي تم إقراره بأغلبية 62% من الأصوات بحيث بلغت نسبة المشاركة 95% من الناخبين.

ويتكون دستور 1993 من مقدمة وجزئين أساسيين:

الجزء الأول: وهو الجزء الأكبر، ويتضمن 9 فصول أساسية تناولت على التوالي: 1- أسس النظام الدستوري. 2- حقوق وحريات الإنسان والمواطن. 3- الدولة الروسية. 4- رئيس الدولة. 5- البرلمان بمجلسيه. 6- الحكومة. 7- السلطة القضائية. 8- الحكومات المحلية. 9- الأحكام الخاصة بتعديل الدستور.

الجزء الثاني: وتطرق إلى 9 شروط للتدابير الختامية والانتقالية وفقا لدستور 1993 فإن روسيا دولة فدرالية ديمقراطية ذات نظام جمهوري، لها عملة واحدة هي الروبل، وعاصمة واحدة هي موسكو، ولغة رسمية واحدة هي الروسية مع منح الجمهوريات الحق في استخدام لغاتها المحلية إلى جانب اللغة الروسية، كما نص على علمانية الدولة الروسية وفصل الدين عن الدولة.

   وكذلك تنقسم روسيا إلى 89 مقاطعة موزعة كالآتي: 21 جمهورية، 06 مقاطعات، 49 إقليم، مدينتان فدراليتان (موسكو، وسان بطرسبرغ)، إقليم واحد ذو حكم ذاتي(الإقليم اليهودي)، عشر مناطق ذات حكم ذاتي.

   هذا وتنفرد الحكومة المركزية في موسكو (الفدرالية) ببعض المهام نذكر منها – الأمور الخاصة بالتجارة الخارجية. – رسم سياسة الخارجية للدولة وتوقيع المعاهدات وأمور الحرب والسلم. – الأمور الخاصة بالدفاع والأمن القومي والانتاج الحربي وبيع الأسلحة والمعدات العسكرية. – الأمور المتعلقة بالدفاع عن حدود الدولة وإقليمها البري، البحري والجوي. – الأمور الخاصة بالطاقة النووية والأنشطة الفضائية.

‌ب.    الثقافة السياسية: ويمكن الحديث عن الثقافة السياسية الروسية من زاويتين أساسيتين:

1/.    أزمة الهوية والبحث عن دور جديد لروسيا: إن صدمة انهيار الاتحاد السوفياتي وبالأخص التفتت المذهل، السريع وغير المتوقع* للإمبراطورية السوفيتية أدى إلى موجة كبيرة من الانتقاد الذاتي في روسيا وإلى جدال واسع حول ما ينبغي أن يكون عليه التعريف الذاتي الروسي في المرحلة التاريخية الراهنة، وإلى نقاشات مكثفة على المستويين الرسمي والعام حول قضايا محورية مثل: ماهي روسيا؟ أين تقع روسيا؟ ما الذي يعنيه أن تكون روسيا؟

   هذه الأسئلة ليست مجرد أسئلة نظرية فقط، بل جوابها يحمل دلالات جيوبوليتيكية هامة جدا، فهل أن روسيا دولة قومية تستند إلى عرقية روسية محضة، أم أن تحمل في تعريفها دلالات أكبر، ثم ما هي الحدود الحقيقية لروسيا، تاريخيا، وجغرافيا، استراتيجيا وعرقيا؟ هل يتوجب على المرء أن يكون من العرق الروسي أي روسكي لكي يكون روسيا أم بوسع المرء أن يكون روسيا على أساس سياسي وليس عرقي أي روسانين، حيث عبر أحد القوميين الروسي عام واحد قبل سقوط الاتحاد السوفييتي، عن حالة الإغتراب والأزمة الهوياتية الكبيرة وحالة الشك الذي أصاب شعبا بأكمله حيث قال: “الكارثة المريعة التي لا تخطر على بال الشعب الروسي قد وقعت، والدولة قد تمزقت والشعب الذي سرق وخدع بتاريخه الممتد إلى ألف عام قد انتهى وحيدا على حين غرة، و”أشقاؤه” حتى عهد قريب حملوا ممتلكاتهم واختفوا في “زوارق النجاة” وأبحروا بعيدا عن السفينة المائلة، ولم يعد لنا مكان نتوجه إليه… إن الدولة الروسية تجسد “الفكرة والحلم الروسي” سياسيا واقتصاديا وروحيا، سوف يعاد بناؤها من جديد، وسوف تجمع أفضل ما تبقى من ممتلكاتها التي دامت ألف عام.

2/.    الفوضى الحزبية: بدأت إرهاصات التعددية الحزبية في روسيا عام 1989م حيث تعرضت قيادات الحزب الشيوعي لضغوطات مكثفة ومتزايدة من أجل إتاحة المزيد من حرية التعبير، وهذا من خلال تعديل المادة 07 من دستور 1977م والتي تنص على أن: “الحزب الشيوعي هو القوة القائدة الوحيدة في البلاد” وقد تم إقرار التعديل من طرف اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في فيفري 1990 واضعة بذلك حدّ لـ 70 سنة من حكم الحزب الواحد والتي سبقتها عقود من الحكم القيصري الأوتوقراطي الأمرالذي أدى إلى فوضة حزبية كبيرة ، حيث وصل عدد الأحزاب قبيل الانتخابات التشريعية 1993 إلى حوالي 40 حزب سياسي دخلت في تحالفات نتجت عنها مجموعات حزبية يمكن أن نصنفها إلى:

1- الإصلاحيون الراديكاليون ويمثلون أحزاب اليمين. 2- القوميون والمحافظون والشيوعيون ويمثلون أحزاب اليسار ر. 3- أحزاب الوسط. 4- أحزاب يمين الوسط. 5- أحزاب يسار الوسط.

وما يلاحظ على هذه الأحزاب هو كثرة الأحزاب المجهرية التي لا تتمكن من جمع الحدّ الأدنى من التوقيعات التي تسمح لها بالمشاركة في الانتخابات كذلك كثرة الأحزاب التي لا يوجد لها تمثيل في جميع الأقاليم كالحزب الديمقراطي الليبرالي مثلا الذي له فروع في ثلث الأقاليم الروسية فقط.

‌ج.    التكوين الاجتماعي: تعتبر روسيا دولة متعددة القوميات، وقد كرس ذلك الدستور حيث جاء في مقدمته مايلي: “نحن شعب روسيا الفدرالية المتعددة القوميات “ويبلغ عدد سكان روسيا بحسب إحصاء 2008 حيث تعتبر خامس أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم، كما ينتمي سكانها إلى 130 جماعة عرقية، مختلفة يشكل الروس (روسكي) أربع أخماس السكان أي ما يقارب 130 مليون أما الخمس المتبقي فينتمي أفراده إلى قوميات وأعراق أخرى أهمها: التتر 5 مليون نسمة، الأوكرانيون 4 مليون، الشوفاشيون 1.7 مليون، اليهود 1.7 مليون، البشكيريون 1.3 مليون…الخ.

   ويعيش غالبية السكان الروس في المدن بنسبة تقدر بـ 73% وأكبر المدن الروسية هي: موسكو، ساتن بطرسبرغ، نيزني، نوفو غورود، نفوسيبرسكي، وباكترنبرع.

أمام من حيث الديانة فتعتبر روسيا دولة متعددة الأديان، فرغم إقرار الدستور بعلمانية الدولة إلا أن المادة 28 تقر بحرية الأديان للجميع حيث تقدر نسبة معتنقي الديانات المختلفة بـ: 40% حيث يوجد حوالي 9000 طائفة دينية تسيطر عليها الطائفات المسيحية الأرثوذكسية حيث توجد حوالي 5000 كنيسة أرثوذكسية تم إعادة فتح وترميم معظمها بعد سقوط الإتحاد السوفياتي على رأسها كنيسة المسيح المنقد في موسكو، كما توجد حوالي 150 كنيسة كاثوليكية، في حين يمثل البروتستانت أقلية بـ: 2 مليون بروتستانتي أما الإسلام فيشكل ثاني أكبر ديانة في روسيا بحوالي 19 مليون مسلم وهناك أكثر من 800 مسجد تتمركز معظمها في جمهوريات الاتحاد الروسي المسلمة هي: بشكيريا، داغستان، كاباردا بالكاريا، أوسيتيا الشمالية، تترستان، أنغوشيا والشيشان.

‌د.    السياسة الاقتصادية الروسية: بعد الأزمة الاقتصادية لسنة 1998م استرجع الاقتصاد الروسي عافيته حيث تم تسجيل إنجازات ماكرو-اكنومية معتبرة، هذا بالرغم من بعض الاضطرابات البنيوية والاعتماد الكبير على تصدير المواد الطاقوية، قلة الاستثمارات الخارجية المباشرة وعدم وجود سياسة واضحة للتنويع الاقتصادي.

1-    الإستراتيجية الروسية المرتكزة على الطاقة: تم تسجيل ارتفاع ملحوظ لاحتياطي الصرف الروسي بالعملة الصعبة، بالإضافة إلى تحسن لأداء المؤسسات الاقتصادية وارتفاع الدخل الوطني الخام PNB ليبلغ 6880 دولار/فرد، كذلك ارتفعت وتيرة الاستثمارات الحكومية الشيء الذي من شأنه خلق جو ملائم للاستثمار الخارجي، أما عن النمو الاقتصادي فقد بلغ سنة 2002 ما يعادل 4.7% ليقفز سنة 2003 إلى 7.3% وإلى 7.1% سنة 2004 و 5.8% سنة 2005.ô ما يسمح بالحديث عن الرجوع الروسي إلى الساحة الاقتصادية الدولية، غير أن هذا الرجوع تم بفعل الارتفاع الذي شهدته أسعار البترول والغاز باعتبارهما يشكلان المصدر الاستراتيجي في الصادرات، وهذا من خلال إنتاج بلغ 7.3مليون برميل/يوم من أوت 2003 ما جعل روسيا تحتل المرتبة الأولى في الإنتاج وثاني أكبر مصدر للبترول الخام الشيء الذي يصنف روسيا ضمن قائمة الدول البترولية، هذا بالنظر إلى الإدارة السياسية المعلنة لرفع إنتاجها إلى 150 مليون طن مع بداية 2020 واحتلال مرتبة المنتج والمصدر الأول للطاقة طوال القرن الواحد والعشرين.

كذلك تعتمد الإستراتيجية الروسية على هذه المادة الحيوية لتسديد الديون الخارجية بحيث تذهب 50% من المداخيل لهذا الغرض كذلك ترتكز الإستراتيجية الطاقوية الروسية على السوق الأوروبية حيث تزوده بـ: 50% من حاجياته من البترول كوسيلة لتنويع الزبائن وعدم البقاء تحت رحمة الزبون الأمريكي.

   كذلك تستحوذ روسيا على 26.7% من احتياطي الغاز في العالم وبالتالي فهي تعتبر أول منتج للغاز في العالم بنسبة 22.1% من الإنتاج العالمي الشيء الذي يعتبر بمثابة ورقة رابحة بالنسبة للسياسيين الروسيين خاصة في الوقت الذي تعرف فيه منطقة الشرق الأوسط حالة عدم استقرار مزمن.

   أعلن الرئيس بوتن بتاريخ 16 ماي 2003: “تطوير الروابط الاقتصادية مع دول كومنويلت الدول المستقلة” حيث يسعى بوتن إلى تحويل الأوراق الرابحة الاقتصادية إلى مكاسب دبلوماسية غير أن هذا الاعتماد المفرط على الطاقة قد تكون له عواقب وخيمة كما يحمل مصاعب كثيرة على رأسها قدم المنشآت البترولية التي تستدعي صيانة مستمرة، عدم الجدوى الاقتصادية في العديد من الحقول البترولية والغازية  نقص في هياكل وأنابيب نقل البترول.

   نظرا إلى بعد المسافة بين مراكز الاستخراج وموانئ التصدير، تأثر الخزينة العمومية بتقلبات أسعار البترول،الأمر الذي يفرض على روسيا الاهتمام بالقطاعات الأخرى من أجل جلب الاستثمارات الخارجية المباشرة حيث تركز الحكومة الروسية على محورين اثنين مهمين هما:

1- إصلاح القطاع المصرفي، 2- محاربة الآثار السلبية للبيروقراطية الاقتصادية الخانقة.

   في هذا الإطار يمكن القول بأن عدم توفر ميكانيزمات لتشجيع تدعيم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يبقى من أهم العوامل المعيقة التي تقف في وجه الرجوع الكامل لروسيا إلى الواجهة الاقتصادية العالمية.

2).    المرتكزات الأساسية في صنع السياسة الخارجية الروسية:

   مند نهاية الحرب العالمية الثانية وإلى بداية العقد الأخير من القرن الماضي انقسم العالم إلى كتلتين يفصل بينهما بوضوح خط رأسي يشق طريقه عبر المقتضيات الأمنية التي سادت في تلك الفترة بحيث كانت سياسة الإتحاد السوفيتي الخارجية موجهة نحو السعي للحصول على التفوق الاستراتيجي على الفريق الخصم، وهذا من خلال دعم إستراتيجية الردع والسباق نحو التسلح في محاولة دائمة لتفادي أي خلل أو تغيير يطرأ على مسألة توازن القوى بحيث تأخذ ضرورة المواجهة العقائدية بين الاشتراكية والرأسمالية النصيب الأكثر أثناء اتخاذ أي قرار فيما يخص السياسة الخارجية.

   وبالتالي فقد ضلت سياسة الردع القائمة على استعراض القوة تسيطر على مرحلة الثنائية القطبية مع الحرص على عدم الدخول في مواجهة مباشرة مع الو.م.أ ما أدى إلى تبني سياسة خارجية تحكمها الأسس العقائدية والتحدي في ظل دبلوماسية تدعمها قوة السلاح.

  أما مع سقوط الاتحاد السوفياتي وتفكك أجزائه والإعلان عن تفكيك حلف وارسو وسقوط الأيديولوجية الشيوعية، فقد دخل العالم في مرحلة جديدة، مرحلة مليئة بالتساؤلات عن مستقبل الكيانات التي كانت في وقت سابق تشكل ثاني أكبر قوة في العالم خاصة روسيا الفدرالية التي ورثت الجزء الأكبر من تركة هذا الكيان.

   وسنعرض في هذا الجزء أهم الاتجاهات التي تعتمدها السياسة الخارجية الروسية مع إعطاء اعتبار إلى مبادئ كل من الرئيسين بوتن ومن بعده مدفيدف في السياسة الخارجية.

‌أ.    أولويات السياسة الخارجية الروسية في السنوات الأولى بعد سقوط الإتحاد السوفياتي:

   كانت السياسة الخارجية الروسية تعتمد على مبدأ التقليل من أضرار تفكك المعسكر الشيوعي ومحاولة إعادة تنظيم البيت الداخلي في محاولة لإعادة النهوض حيث تم التخلي على المنطق العسكري الهجومي وقد ظهر ذلك من خلال: 1- الإعلان عن سحب قواتها على مسافة 1500 كلم نحو الشرق وبالتالي التخلي عن منطقة وسط أوروبا. 2- التخلي عن فكرة توازن القوى. 3- التخلي عن الفكرة التي نص عليها الدستور السوفياتي 1978 والمتمثلة في “مبدأ الاستفادة من التناقضات الإمبريالية.

   هذا ولقد تأثرت السياسة الخارجية الروسية في فترة حكم بورس يلتسين بالفوضى التي لحقت سقوط الاتحاد السوفيتي والمشاكل التي واجهتها روسيا في تطبيق النموذج الغربي الليبرالي بحيث تبنى يلتس ما يعرف بنموذج العلاج بالصدمةô Shock thearapy في المجال الاقتصادي كذلك التجاوزات التي عرفتها الساحة السياسية الروسية والمواجهة الرامية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في أكتوبر 1993 وغيرها من الأزمات والنزاعات الحدودية على أطراف الدولة ما دفع بيلتسن إلى طي صفحة الخلاف مع الغرب والاهتمام بالمشاكل الداخلية حيث أعلن وزير خارجيته في تلك الفترة أندريه كوزيريف بأن السياسة الروسية سوف تتطلع إلى مشاركة متميزة مع الاتحاد الأوروبي وإلى اعتباره جسرا يربط الشرق بالغرب، كما تم الإعلان عن جملة من الركائز الأساسية والمتمثلة في:

1-    صياغة مفهوم “الخارج القريب” “l’etranger proche” “Alrosd- the near” ويقصد به ضمان الصلة التي تربط بين روسيا من جهة، والدول التي كانت تشكل الاتحاد السوفيتي سابقا.

2-    ضمان حصول روسيا على وضع خاص ومميز عند صياغة أمن أوروبي لمرحلة ما بعد الحرب الباردة، وإعطائها دور يليق بمكانتها كدولة كبرى ومؤثرة إقليميا، حيث لم تدخر الدبلوماسية الروسية جهدا في التأكيد على طرح هذا المفهوم للعظمة في الساحة الدولية وما يتبع ذلك من حقوق لها في مجال نفوذها الطبيعي كما ورثته عن الإتحاد السوفياتي.

3-    الوضعية الجغرافية لروسيا بين القارتين الآسيوية والأوروبية تعني أنها مهتمة بجميع المسائل الهامة في القارتين، ولا يجوز أن تعالج أي من هذه المسائل من دون مشاركة روسيا.

4-    استثمار عضوية روسيا في مجلس الأمن في إقامة علاقات ودية ومثمرة مع جميع دول العالم.

5-    سعي روسيا إلى المشاركة في جميع المحافل الدولية، والانتماء إلى المنظمات الدولية، والدخول في مجموعة 7 على الرغم من أن مشاكلها الاقتصادية لا تسمح لها بمشاركة فعالة والتأثير على القرارات في هذه المجموعة.

6-    إقامة علاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي، واعتباره شريك أساسي ومهم خاصة في المجال الاقتصادي، والتخلي عن فكرة أن هذا الاتحاد يعتبر “الركيزة الأوروبية للحلف الأطلنطي”.

7-    الحرص على الاحتفاظ بترسانة الأسلحة النووية واعتباره كعنصر في التفاوض مع الغرب خاصة الو.م.أ من أجل الحصول على مزايا وتدعيم وضع روسيا في الساحة الدولية، ولعل هذه النقطة هي التي دفعت بمجلس الدوما الروسي إلى عدم التصديق على “معاهدة الحد من أسلحة الدمار الشامل (ستارت II).

8-    العمل على تأمين الحدود الأورو-آسياوية، وضمان أمن الأقليات العرقية في روسيا، تشكيل منظمة تجمع الدول التي كانت تشكل الاتحاد السوفيتي (كومنولت الدول المستقلة) تحت زعامة روسيا والقيام بدور الضامن الشرعي للاستقرار السياسي والعسكري في هذه المنطقة، وتحقيق الاعتماد المتبادل وتشابك المصالح مع هذه الدول.

‌ب.     أولويات السياسة الخارجية الروسية في عهد فلاديمير بوتن:

   شهد اليوم 31 ديسمبر 1999 إعلان الرئيس الروسي السابق بوريس يالسين تقديم استقالته عن رئاسة البلاد ليصبح بذلك الوزير الأول في تلك الفترة فلاديميروفتش بوتن رئيسا بالنيابة.

   حيث قام يالسين باختيار هذا الأخير بعد سنوات طوال قضاها هذا الضابط في جهاز المخابرات يمارس مهامه في أجهزة الدولة الروسية بإخلاص، حيث يقول عن يالسين في كتابه “الماراتون الرئاسي” قائلا: “حينما كنت أسأله عما إذا كان مستعدا لتولي منصب رئيس الوزراء، كان يجيبني على الفور وبأسلوب عسكري قائلا: سأعمل في أية وظيفة توكلني إليها” كما كتب عنه في مذكراته يصف إعجابه به قائلا: “يمتلك بوتن عينان مثيرتان للانتباه عينان تقولان أكثر مما تقوله كلماته… لذي شعور بأن هذا الرجل الشاب لإمكانه مواجهة كل التحديات”.

   فاز بوتن بانتخابات 26 مارس 2000 بـ: 52.52% من الأصوات، لتدخل بذلك روسيا مرحلة جديدة من تاريخها، حيث كان الوضع الاقتصادي مستقرا نسبيا استرجعت فيه الدولة تحكمها في نسبة التضخم لتتراوح بين 0.7% و 0.8% فيما سجل الاقتصاد تحسنا ملحوظا بلغ 11% ما أدى إلى حدوث فائض في الميزانية دعمه ارتفاع سعر برميل البترول الذي وصل إلى 21.5% دولار/برميل، كذلك حضيت الحرب في الشيشان بالدعم الشعبي ما يعني أن بوتن كان يتمتع بهامش معتبر للتحركأما سياسة بوتن الخارجية فيمكن تقسمها إلى مرحلتين:

‌أ.    المرحلة الأولى (2000-2004) فترة عهدته الأولى:

   وقد بدأت ملامحها بالظهور حتى قبل تعيين بوتن رئيسا، حيث أولى اهتماما كبيرا بتطوير علاقة روسيا مع الغرب معتمدا بذلك خيار الاستمرارية مع الدبلوماسية اليالسينية حيث كان يدعو كبار المسؤولين الغربيين أمثال اللورد جورج روبرتسون الأمين العام لحلف النيتو سابقا في محاولة تهدف إلى إعادة إحياء العلاقات مع هذا الحلف وهذا على الرغم من معارضة الجيش لهذا التقارب، كذلك دعى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير إلى سان بطرسبرغ وأقنعه بنيته في إقامة علاقات أكثر دفئا بين روسيا والغرب وإلى إعادة بناء جسور الثقة التي هدمتها طائرات حلف الأطلسي مع هجومها على كوسوفو 1999م.

   هذا وقد سعى الخطاب الرسمي إلى الترويج لفكرة “العالم متعدد الأقطاب” التي جاء بها يفغيني بريماكوف مع مراعاة عدم إثارة  توترات مع الغرب ، خاصة وأن البلاد خرجت لتوها من أصعب الأزمات الاقتصادية لفترة ما بعد الاتحاد السوفياتي وهي “أزمة 1998” التي شهدت انهيار حاليا رهيبا تبعه انخفاض للأسهم الروسية وانهيار سعر صرف الروبل حيث كان 1 دولار=5400 روبل وما تبع ذلك من بطالة وتدهور لمستوى المعيشة وعجز في الميزانية…الخ، بما لا يسمح لروسيا بارتكاب أي أخطاء في سياستها الخارجية وأكثر من ذلك السعي لعدم الدخول في صراع مع أي من الدول الغربية.

‌ب.    المرحلة الثانية (2004-2008) فترة العهدة الثانية:

   وقد ظهرت ملامحها مع إعادة تنصيب بوتن للمرة الثانية على رأس هرم السلطة في روسيا بعد انتخابات الـ 14 آذار 2004 التي شارك فيها 64.3% من الناخبين فاز خلالها بوتن بـ:71.2% من الأصوات مظهرة بذلك دعما شعبيا قويا لبوتن وسياسته.

   وقد تميزت العهدة الثانية من حكم بوتن بتدهور العلاقات بين روسيا والدول الغربية بصفة عامة ومع الو.م.أ على وجه الخصوص ولعل ذلك يرجع إلى تشابك العديد من العوامل والظروف كالتناقضات الواضحة داخل المجتمعات الغربية فيما يخص مسألة دعم روسيا واعتبرها دولة غريبة،خيبة أمل موسكو بشأن مدى صدق نوايا العواصم الغربية في مرافقة ودعم التحولات في روسيا، الحرب الأمريكية في العراق، القلق الأمريكي الرسمي من تنامي القوة الروسية وانتهاكها لحقوق الملكية الخاصة، وإتباعها سياسات حمائية حيث اتهم بوتن بأنه رئيس شيوعي بثوب ليبرالي، ومعاد للاقتصاد الحر.

   ولعل ما زاد الطين بلا هو اتهام السيناتور الأمريكي جون ماكين وعضو الكونغرس توم لانتوس لروسيا في خريف 2003 على أنها: “نظام استبدادي تسلطي” كذلك التصريحات التي أطلقها كاتب الدولة للخارجية “كولين باول” في 26 كانون الثاني 2004 والتي نشرتها صحيفة “إزفيستيا” الروسية حيث صرح بمايلي: “لقد جعلتنا بعض التطورات في الحياة السياسية الروسية وفي سياستها الخارجية نعيد حساباتنا من جديد، إن النظام الديمقراطي في روسيا، كما يبدو لنا لم يحقق بعد التوازن الضروري بين السلطات التنفيذية، التشريعية والقضائية، كما أن السلطة ما تزال غير ملتزمة بشكل كامل بالمعايير القانونية، أما الأطراف الأساسية في المجتمع المدني الروسي من وسائل إعلام وأحزاب سياسية فهي  ليست مستقرة ولا مستقلة إلى حد الآن، ونحن قلقون إزاء سياسة روسيا الداخلية في الشيشان، بالإضافة إلى سياستها تجاه جيرانها الذين كانوا ذات يوم جزءا من الاتحاد السوفياتي”.

   ولعل كل هذه التوترات تم أخذها بعين الاعتبار أثناء وضع السياسة الخارجية الجديدة لروسيا، وكان ذلك في اجتماع للرئيس بوتن مع السفراء الروس في كل العالم بتاريخ 12 تموز 2004 وضع فيه الإستراتيجية الروسية في السياسة الخارجية، هذه الإستراتيجية تضمنت 5 نقاط أساسية وهي:

1-    اعتماد السياسة الخارجية كأداة من أدوات تطوير البلاد.

2-    أولوية العلاقات من دول الخارج القريب.

3-    الحرص على إقامة علاقات متوازنة مع أوروبا وحلف النيتو.

4-    الحاجة إلى الشراكة مع الو.م.أ.

5-    البدأ بالتعاون مع الدول الواقعة في الساحل الآسياوي من المحيط الهادي بهدف تطوير سيبريا.

   هذه النقاط الخمس تحمل في طياتها العديد من الدلالات حيث أصبحت السياسة الخارجية في عهد بوتن أكثر تحديدا ووضوحا، من خلال: – تراجع الكرملن عن فكرة الاندماج في المجمع الأوروبي على الأقل في المدى القريب. – التحرر من العقدة الهوياتية المتمثلة في الانتماء الروسي هل يكون ضمن الحضارة الغربية أم الشرقية. – اللجوء إلى سياسة أكثر واقعية تحاول إحداث توازن بين الطموحات الكبيرة لروسيا وإمكاناتها التي تبقى محدودة. – محاولة الابتعاد عن فكرة المواجهة مع الغرب وتكثيف الجهود الرامية إلى ضمان دور مهيمن لروسيا على خارجها القريب.

   لذلك فقد علق أحد الملاحظين على هذه السياسة الخارجية قائلا: أنها تسعى للبحث عن طريق ثالث في العلاقات الدولية، طريق لا يسعى إلى الاندماج مع الغرب، وفي نفس الوقت لا يسعى إلى المواجهة معه، أو إلى “شراكة انتقائية” مع الغرب قائمة على أساس الحفاظ على المبادئ والأسس والقيم الروسية، طريق يمكن أن نختصره بالعبارة “معا ولكن منفصلين” كتب المفكر ديمتري ترينين محللا السياسة الخارجية لبوتن قائلا: “بعد تغلبها على أزمة هويتها تقدم روسيا نفسها كلاعب دولي مستقل، مبعدة نفسها عن الغرب، وأفضل ما يمكن أن تقول هو أنها تسعى للعب دور القوة العظمى تحت ظروف دولية جديدة”.

  بينما وصف أندرو كوتشينز الصيغة الجديدة لدور روسيا الدولي بأنه تفاعل أكبر، بدل من تكامل مع الغرب”.

  رغم تعدد التحليلات واختلافها إلا أنه من المؤكد أن روسيا في عهد بوتن سعت إلى التكيف مع واقعها الجيوسياسي الجديد في وقت كان تحولها الداخلي لا يزال ناقصا وهذا بالرغم من كون شكل هذه الدولة الخارجي يوحي بالعظمة (ترسانة نووية إستراتيجية، احتياطي ضخم من البترول والغاز، مستوى عالي من البحث العلمي…) إلا أن أداءها الاقتصادي على وجه الخصوص يشير إلى ضعف كبير حيث يضعها في مرتبة بلجيكا أو هولندا، حيث صرح بوتن في خطابه للأمة قائلا: “إن الهوة المتزايدة بين الدول الصناعية وروسيا جعلتنا نتقهقر إلى مصاف دول العالم الثالث.

‌ج.    أولويات السياسة الخارجية الروسية في ظل حكم ديمتري ميدفيدف:

   حدد الرئيس الجديد لروسيا ديمتري مدفيدف السياسة الخارجية الروسية في 5 نقاط أساسية أطلق عليها جورج فريدمان مؤسس ومدير مؤسسة سترانفور البحثية الأمريكية بـ: مبادئ مدفيدف وهي:

1-    اعتراف روسيا بمبادئ القانون الدولي التي تحدد العلاقات بين الشعوب المتحضرة وبناء علاقاتها مع الدول الأخرى ضمن إطار هذه المبادئ وهذا المفهوم للقانون الدولي.

2-    العمل من أجل عالم متعدد الأقطاب، ورفض فكرة الأحادية القطبية والهيمنة حيث قال مدفيدف: “ليس في وسعنا قبول نظام عالمي تكون ناصية اتخاذ القرار فيه ملك دولة واحدة حتى لو كان بلدا قويا ونافذا كالو.م.أ فعالم كهذا سيكون عالم غير مستقر ومهدد بالصراعات.

3-    التأكيد على أن روسيا دولة تحب السلام، ولا تسعى إلى الدخول في مواجهة مع أي بلد، كما انه ليس لدى روسيا أي نية في عزل نفسها. بحيث تسعى إلى إقامة علاقات ودية مع أوروبا والو.م.أ وأكبر عدد ممكن من الدول الأخرى.

4-    إن حماية أرواح وكرامة المواطنين الروس حيثما كانوا تعتبر أولوية بالنسبة لروسيا، وستبنى قرارات السياسة الخارجية على هذه الضرورة، كذلك حماية مصالح رجال الأعمال الروس في الخارج والردّ على أي أعمال عدوانية ترتكب ضد روسيا ومصالحها.

5-    إعطاء أهمية لدول الجوار الروسي التي سماها مدفيدف ببلدان صديقة وجارات حميمة ستولي لها روسيا اهتماما بالغا.

   وختم مدفيدف خطابه قائلا: “هذه المبادئ التي سأتبعها في تطبيق سياستنا الخارجية، أما بالنسبة إلى المستقبل فإنه لا يتوقف علينا وحسب بل على شركائنا وأصدقائنا في المجتمع الدولي والخيار متاح لهم” وتحمل هذه النقاط العديد من الدلائل، فالنقطة الثانية، توضح عدم قبول روسيا بالهيمنة الأمريكية على النظام الدولي، والنقطة الثالثة توضح أنه في الوقت الذي تريد فيه روسيا علاقات طيبة مع الو.م.أ وأوروبا إلا أن هذا الأمر مرهون بسلوكهما اتجاه روسيا، كما توضح النقطة الرابعة أن روسيا سوف لن تدخر جهدا في حماية مصالح الروس في العالم وهذا قد يضع إمكانية التدخل في شؤون الدول الأخرى لتحقيق هذا الغرض، أما النقطة الخامسة فهي جد أساسية حيث تشير أن للروس مصالح مميزة في دول الإتحاد السوفياتي السابق وأنها ستسعى لبناء علاقات ودية معها وسيعتبر أي تدخل بمثابة تهديد للأمن الروسي الذي يستوجب الردّ.

3).    العقيدة الدفاعية الروسية:

   وسنحاول في هذا الجزء مرافقة مراحل تطور العقيدة الدفاعية الروسية منذ الحقبة السوفياتية، ثم في سنوات التسعينات، تم مع مطالع القرن 21م، ولكن قبل هذا وجب:

1-    تعريف العقيدة العسكرية:

   تقدم العقيدة العسكرية مفهوم الأساسي العام لأمن الدولة المعنية، كما تسعى إلى صياغة أهداف ومهام السياسة العسكرية للدولة، وتحديد المصالح ذات الأولوية، والتعبير عن مواقفها في قضايا الحرب ومجالات استخدام القوة العسكرية وصياغة المهام القتالية الموكلة إلى قوات الدولة في زمن الحرب أو السلم، وتشخيص طبيعة التهديدات العسكرية الفعلية والمحتملة ضد الدولة، وطبيعة الحرب المستقبلية التي يمكن أن تنخرط فيها الدولة، علاوة عن توصيف الأساليب التي يمكن من خلالها صدّ أي عدوان بالوسائل العسكرية، ووضع المفاهيم الجديدة للاستراتيجيات العسكرية، وتوجيهات إعداد الدولة لأغراض الدفاع عن إقليم الدولة وسلامة ترابها.

2-    العقيدة العسكرية السوفياتية:

وقد تم صياغتها بالاعتماد على ستة (06) مصادر رئيسية تتمثل في:

1-    الآراء الحربية للنظرية الماركسية-اللينينية.

2-    الإستراتيجية السياسية للمكتب المركزي للحزب الشيوعي السوفياتي.

3-    الخبرة الروسية في الحروب السابقة خاصة الحرب العالمية الأولى والثانية.

4-    إسهامات المفكرين العسكريين الروس مند الحقبة القيصرية.

5-    الأفكار النظرية لعلم الحرب البورجوازي.

6-    التطورات الحادثة في التكنولوجيا العسكرية الحديثة.

وتتلخص العقيدة السوفياتية فيمايلي:

‌أ-    اعتبار الحرب ظاهرة اجتماعية تاريخية تحدث في مرحلة من مراحل تطور المجتمع الطبقي، وهي أحد الأشكال السياسية للصراع بين الطبقات بحيث تلجأ إليها الطبقة الرأسمالية بهدف تحقيق أغراض توسيعية ومصلحية.

‌ب-    تبني المفهوم العالمي للأمن، والذي يمتد خارج الحدود المباشرة للاتحاد السوفياتي ليشمل جميع الدول الأعضاء في حلف وارسو، والحلفاء، والدول الصديقة في المنطقة العربية، إفريقيا، آسيا، وأمريكا اللاتينية.

‌ج-    الاعتماد في بناء القوات المسلحة على دراسة طبيعة العدو المحتمل واتجاهات تطور قوته المسلحة وطبيعة الحرب التي ينوي شنها.

‌د-    أي حرب تنشب بين الإتحاد السوفياتي وحلفائه ضد المعسكر الغربي ستكون حربا صاروخية نووية، يتم فيها استخدام جميع أنواع القوات المسلحة في مقدمتها الصواريخ الإستراتيجية.

3-    العقيدة الدفاعية الروسية سنوات التسعينات:

مند انهيار الاتحاد السوفياتي، شهدت قضايا الأمن والتوجهات الإستراتيجية العامة للكيان الروسي الجديد جدلا وخلافا شديدين في داخل مراكز صنع القرار الروسي لاسيما بين القيادتين السياسية والعسكرية، حيث أدى انتهاء الحرب الباردة وتفكك حلف وارسو وسقوط الإتحاد السوفياتي إلى تغيرات كبرى في الفكر الاستراتيجي بحيث ظهرت الحاجة إلى إعادة صياغة توجهات إستراتيجية جديدة تراعي طبيعة المرحلة الجديدة وتكون أكثر تجاوبا مع المعطيات الدولية، الإقليمية أو الداخلية.

وللاستجابة لهذه التطورات الجديدة ظهر تيارين مختلفين:

‌أ.    التيار المحافظ: وهو التيار الذي كان يدعو إلى تعديد العقيدة العسكرية الروسية بما يتماشى والتحولات المذكورة، ولكن دون التخلي عن المبادئ الرئيسية للفكر العسكري السوفياي لاسيما فيما يخص الحفاظ على المكانة الإقليمية والدولية المتميزة لروسيا.

‌ب.    التيار الانفتاحي: وكان أكثر مرونة، ودعا إلى ضرورة إبداء المزيد من التجاوب مع المطالب الأمنية الغربية وهذا في إطار العمل على بناء الثقة بين الجانبين الروسي والغربي حتى وإن تطلب ذلك تقديم المزيد من التنازل.

*    أهم المصادر التي أصابها التغيير في العقيدة العسكرية الروسية:

‌أ-    التخلي عن الأيديولوجيا، حيث تم إلغاء النظرية الماركسية- اللينينية كمصدر من مصادر العقيدة العسكرية الروسية، وتم استبدالها بمقتربات فكرية، أكثر واقعية ترجع أسباب الحروب إلى حالة الفوضى التي تطبع النظام الدولي، وإلى أسباب ذات طبيعة سياسية، واقتصادية، وإثنية-عرقية.

‌ب-    التخلي عن فكرة المواجهة الإستراتيجية الكونية بحيث تغيرت نظرة روسيا إلى المعضلة الأمنية ولم تعد عالمية الأبعاد بل أصبحت هذه الاهتمامات ذات طبيعة إقليمية ودانية، تقتصر على فكرة الأمن القومي للدولة الروسية والأقاليم التي تشترك معها في الرقعة الجغرافية المجاورة لها.

‌ج-    تعديل مبادئ بناء القوات المسلحة الروسية بحيث أصبحت تهدف إلى تحقيق الحد الأدنى من الاحتياجات الأمنية الدفاعية وما ينطويه ذلك من تخفيض لوتيرة الإنفاق العسكري وإلغاء لحالة الاستنفار وعسكرة المجتمع.

‌د-    تغيير القواعد التي تحكم التصعيد النووي والتخلي عن فكرة الحرب النووية ووضع التصعيد النووي في آخر سلم التصعيدات بحيث لا يتم اللجوء إليه إلا في حالة حرب تقليدية واسعة النطاق، مع استبعاد استعمال هذه الأسلحة ضد دولة غير نووية وموقعة على معاهدة منع الانتشار النووي ما لم تكن متحالفة مع دولة نووية.

*    مبادئ العقيدة العسكرية الروسية سنوات التسعينات:

   يمكن تلخيصها في خمسة (05) مبادئ تحوي القضايا ذات الأهمية في الفكر العسكري الروسي:

‌أ-    احتواء العدوان “Aggression containment principle”: حيث ركزت القوات المسلحة الروسية على بناء قوات كافية للتصدي لأي تهديد محتمل بما يولد صورة لدى العدو المحتمل أن الخسارة التي يتكبدها أثناء الهجوم على روسيا ستفوق بكثير الأرباح.

‌ب-    الإعداد للحروب المحلية والإقليمية: بعد أن كان الإعداد في وقت سابق يكون للحروب الكونية، حيث تم إعداد القوات الروسية للحروب المحلية.

‌ج-    الاهتمام بالتطور في التكنولوجيا العسكرية: حيث زاد الاهتمام بالقوة الجوية وأنظمة الدعم النيراني والأسلحة ذات التقنية العالية.

‌د-    الاهتمام بقضايا الانتشار الاستراتيجي: سيما الانتقال بالقوات من حالة السلم إلى حالة الحرب، ونقل الجنود والمعدات من وسط روسيا إلى أطراف الدولة.

‌ه-    الواقعية في فن الحرب: التركيز على البحث العلمي وتوجيهه نحو خدمة الأهداف الراهنة.

*    العقيدة العسكرية الروسية مع مطالع القرن الواحد والعشرين: ويمكن فهمها بالاعتماد على:

1).    وثيقة الأمن القومي لروسيا الاتحادية في بداية القرن 21م

   حيث تمت المصادقة عليها من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بتاريخ 24 يناير 2000 حيث تضمنت ما يقارب عن 3000 توصية موجهة للقيادتين المدنية والعسكرية، بحيث تتألف من ثلاث أبواب رئيسية هي:

‌أ-    الأسس العسكرية والسياسية: وقد تناول هذا الباب الأوضاع السياسية والعسكرية في الداخل أو في الخارج والأخطار الرئيسية على أمن الدولة الروسية مع تحديد هيكل القيادة والتنظيمات العسكرية.

‌ب-    الأسس العسكرية الإستراتيجية: تناول طبيعة الحروب والنزاعات المحتملة وكذلك تشكيل بنية القوات المسلحة ومهامها، وعلاقات روسيا تجاه الدول الأخرى.

‌ج-    الأسس العسكرية الاقتصادية: حيث تناول أساليب التمويل للصناعات والمؤسسات العسكرية المنوط بها عملية التدريب، التطوير والبحوث.

2).    أسس العقيدة العسكرية الروسية الجديدة:

استكمالا لوثيقة الأمن القومي صدرت وثيقة أخرى  تحمل رقم 607 من طرف الرئيس الروسي بوتن بتاريخ 22 أفريل 2000 تتعلق بالعقيدة العسكرية الروسية، تم التركيز فيها على:

‌أ-    الموقف الجيوبوليتيكي: الذي أدخل محاولة بعض الدول منع النفوذ الروسي في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى والتهديد الذي يمثله حلف الناتو.

‌ب-    الأخطار العسكرية: وتتمثل في خطر حدوث حروب على الحدود من الدولة الروسية.

‌ج-    تدهور الموقف الاقتصادي والاجتماعي: الذي يستلزم إعادة النظر في تقوية قوات الحدود وظروف تمويل هذه الإصلاحات.

   وفي 5 مارس 2007 أعلن مجلس الأمن القومي الروسي عن وضع عقيدة عسكرية جديدة حيث صرح وزير الدفاع الروسي إيفانوف قائلا: “يجب على عقيدتنا العسكرية أن تأخذ بعين الاعتبار التوسعات التي تقوم بها آلة الحرب الغربية والمتمثلة في حلف شمال الأطلسي التي أخذت تقترب من حدود دولتنا، ولهذا فإننا مرغمون على التصدي لهؤلاء الذين يريدون ربح مواقع بدعم أكراني وجورجي” وقد برر مجلس الأمن القومي الروسي اللجوء إلى تعديل العقيدة العسكرية بمايلي:

–    سعي السياسات العسكرية للدول الرئيسية إلى تحديث وعصرنة قواتها المسلحة تفرض على روسيا مواكبة هذا الركب.

–    سعي بعض الدول إلى تغيير هيكلة قواتها المسلحة وجواجدها المسلح وكسب حلفاء والمقصود هنا دائما هو حلف الناتو.

–    قائد أركان القوات المسلحة الروسي الجنرال بالوفسكي أعطى هو الآخر تبريرات مرتكزا على الانتشار الأمريكي المقلق الاقتصادي، السياسي، والعسكري، في منطقة النفوذ التقليدي الروسي والتي اعتبرها “تهديد على الأمن الوطني”.

–    وفي هذا الإطار دائما، أعلن قائد القوات الفضائية الروسية “فلاديمير بوبوفكين عن إنشاء رادار ثاني للإنذار المبكر من نوع VORONEJ-DM والتركيز على هذا النوع من الأجهزة في العقيدة العسكرية الجديدة.

المراجع المعتمدة :

أ‌-    الكتب :

1-    فهمي عبد القادر محمد، المدخل إلى دراسة الإستراتيجية، دار مجدلاوي، الطبعة الأولى 2006، عمان-الأردن.

2-    سعدي محمد، مستقبل العلاقات الدولية من صراع الحضارات إلى أنسنة الحضارة وثقافة السلام، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى 2006، بيروت- لبنان.

3-    أبو خزام إبراهيم، أقواس الهيمنة دراسة لتطور الهيمنة الأمريكية من مطلع القرن العشرين حتى الآن، دار الكتاب الجديدة المتحدة، الطبعة الأولى، يناير 2005، بيروت-لبنان.

4-    نورهان الشيخ، صناعة القرار في روسيا والعلاقات العربية الروسية، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة لأولى، أفريل1998 بيروت-لبنان.

5-    بريجنسكي زبيغنيو، رقعة الشطرنج الكبرى، الأولية الأمريكية و متطلباتها الجيواستراتيجية ترجمة: أمال الشرقي، الأهلية للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 2007، عمان-الأردن.

6-    ليليا شيقتسوفا، روسيا بوتن، ترجمة بسام شيحا، الدار العربية للعلوم –ناشرون ش،م،ل، الطبعة الأولى، 2006  بيروت- لبنان.

7-    Paxal Chaignan, Enjeux Diplomatique et Stratégiques 2006, Economica, Paris (France)

8-    Batistella Dario, theories des relations International presses de sciences Po, 2eme ed, 2006, Paris- France.

ب‌-    المجلات :

9-    نبيهة الأصفهاني، مستقبل الحياة السياسية في روسيا الاتحادية بعد الانتخابات البرلمانية، »مجلة السياسة الدولية «   ،عدد 115، يناير 1994 .

10-    نبيه الأصفهاني، انطلاقة جديدة لدبلوماسية روسيا الاتحادية، »مجلة السياسة الدولية « ، عدد 131، يناير 1998.

11-    نبيه الأصفهاني، المبادئ الأساسية السياسية الخارجية الروسية، »مجلة السياسة الخارجية « ، عدد 142، أكتوبر 2000.

12-    جورج فريدمان، مبدأ مدفيدف والإستراتيجية الأمريكية، »مجلة المستقبل العربي « ، 2008 .

13-    أحمد إبراهيم محمود، العقيدة العسكرية الروسية، التحولات والدوافع،» مجلة السياسة الدولية « ، عدد 115، يناير 1994 .

14-    محمد أسامة محمود عبد العزيز، السياسة الدفاعية الروسية في بداية القرن الحادي والعشرين، »مجلة السياسة الدولية « ، عدد 142، أكتوبر

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button