دراسات سياسية

الجزائر… حقيقة التغيير وأكذوبة القرن؟!!!

بقلم الدكتور بن عائشة محمد الأمين.

إستقلال الجزائر

استقلال الجزائر قصة فيها الكثير من المغالطات و الأكاذيب التاريخية، بعد 130 سنة من الإحتلال قررت فرنسا الرحيل من الجزائر، هل الجيش الفرنسي نفذ منه السلاح و الذخيرة فقرر العودة إلى فرنسا، فرنسا بعد قرن من الإحتلال نجحت في تكوين طبقة عسكرية و سياسية وتقافية مفرنسة حتى النخاع ضمنت من خلالها وجود أتباع لها في الجزائر لفترة طويلة جدا وهم طبقة (بوشكارة و حركة ,ابناء الحركة وخونة وبني oui ouiودعاة الإدماج و الفرنكوفونيين).

هل يعقل أن يقوم أحد بإحتلال أرضك وتحاربه لمدة قرن وتطرده بالقوة ثم توقع معه إتفاقيات إستغلال (معاهدات إيفيان)، وتكرس لغة المستعمر كلغة رسمية في بلدك وتجعلها من بنود الدستور، هل يعقل للمجاهدين أن يمتلكوا عقارات في فرنسا ويدهبون للتداوي في فرنسا و التجول في فرنسا طبعا فهؤلاء هم خونة المجاهد الحقيقي يمقت فرنسا إلى الممات ( رحم الله الشهداء و المجاهدين الأحرار الحقييين).

لوحقا نجحنا في طرد المستعمر لا نوقع معه اتفاقيات و لا نكرس لغته و لا نستورد قوانينه و سياسته لنطبق في بلادنا، لو حقا نجحنا في طرد المستعمر لا نسمح له باستغلال ثروات البلاد مجانا وخصوصا البترول و الغاز فرنسا لديها أكثر من 70 بالمئة كحق استغلال مجاني، اتفاقيات ايفيان التي لم يعلن عليها إلى يومنا هذا دليل على وجود أشياء غامضة تدعوا للشك و البحث.

الجزائر بعد الإستقلال العسكري من فرنسا قامت بإحصاء المجاهدين الذي كان عددهم لا يتجاوز مليون مجاهد كحد أقصى و اصبحوا في وقتنا الحاضر 10 ملايين مجاهد، الجزائر بعد الإستقلال قمت بإحصاء المجاهدين ولم تقم بإحصاء الخونة حتى لا يعرفهم الناس وهم اليوم من يحكمون البلاد باسم الشرعية الثورية التي دفع عليها الشرفاء أنفسهم و دمائهم وسرقها الإنتهازيون و الخونة و الحركى.

    من المعروف في السياسة أن تولي المناصب السامية و الهامة في الدولة لا يتم بطريقة واضحة و شفافة وإنما يتم عن طريق اللوبيات و أصحاب النفوذ بعد اجتماع يعرف باجتماع الكبار يتم فيه الاتفاق على تقاسم الدولة ، وهذا الاجتماع قد يكون مكون من أعضاء من داخل الدولة أو من أطراف أجنبية تتحكم في الدولة وبكل ما فيها.

وهؤلاء الكبار هم الذين يمتلكون الدولة والكل يعتبر نفسه الأقوى و يمتلك الدولة، فالكل يقول أنا الدولة و الدولة أنا، وبالتالي وجود دولة داخل دولة، هناك الدولة الرسمية التي يعرفها الجميع وهناك الدولة العميقة أو الدولة الخفية وهي الدولة التي تتحكم وتسير كل شيء فهي تتحكم في السياسة والاقتصاد و الإعلام…، باختصار فهم يتحكمون في البلاد و العباد.

وهناك صراع دائم بين الدولة العميقة و الدولة الرسمية يصل إلى درجة افتعال أزمات وطنية محلية  من أجل امتلاك الدولة، وعلى سبيل المثال فا”لإرهاب” الذي عرفناه ما هو إلا نتيجة لاختلاف المصالح بين الدولة العميقة و الدولة الرسمية حيث حاولت الدولة العميقة إثبات وجودها ،فأنشأت “الإرهاب” و دعمته بقوة وأصبحت الدولة العميقة تقوم بتفجيرات ومجازر جماعية من أجل تنحية الدولة الرسمية وتخويف الشعب من جهة أخرى بالإضافة إلى عدة أسباب أخرى على غرار تصفية الحسابات بين أجنحة السلطة.

فالدولة العميقة التي تتكون كما قلنا من أصحاب المال و النفوذ و اللوبيات المختلفة الداخلية و الخارجية تريد دائما الاستحواذ و الاحتكار في كل الميادين داخل الدولة، الدولة العميقة لديها من القوة ما يمكنها من البقاء والاستمرار بالرغم من الاختلافات الموجودة داخلها من أجل المصالح سواء كانت سياسية أو مالية ولذلك يبدأ كل طرف في تصفية حساباته بكل الطرق بما في ذلك القتل الذي هو شيء عادي وطبيعي في الدولة العميقة، فالتصفية الجسدية و القتل و تقطيع الرؤوس و الحرق ودفن الإنسان حي هو شيء عادي بالنسبة للدولة العميقة بالإضافة إلى العديد من الأساليب الأخرى.

كما تعتمد سياسة الدولة العميقة على تهميش الدين وإلغاءه من القوانين و التعاملات وفرض العلمانية اللائكية وذلك من خلال الترويج لأشخاص وفقهاء ومثقفين لجعل الدين مجرد عبادة وفقط وإبقاءه في المساجد، يحاولون جعل الدين حرية شخصية ويحاولون إفساد أخلاق العباد من خلال قنواتهم التلفزيونية الفاسدة ببرامج وحصص غريبة عن عاداتنا الإسلامية وتشجيع الناس على الفسق العلني.

أما في الجانب الإقتصادي فالسياسات الإقتصادية

تبدو وكأنها كلها سياسات وخبط عشوائية وغامضة وترقيعية، سياسات بدون رؤية واضحة ورؤيةعلمية، وكل أدواتها وقوانينها بيد السلطة التنفيذية، فلا تشريع برلماني قوي يحترم يشرع للتجارة الخارجية مثلا وذلك لضعف الأحزاب ونوابهم في البرلمان، ولا عدالة قوية تحميها من الإنحراف لعدم وجود أي إستقلال حقيقي للقضاء، وهي بذلك تكون عرضة للنزوات والإجتهادات وتمشي بالبلد نحو المجهول حسب ماتقتضيه مصالح المافيا الإقتصادية واللوبيات، فقط هناك برنامج الرئيس, والملايير تحت تصرف الرئيس, والكل يخدم الرئيس وطبعا من وراء الرئيس رئيس الرئيس أو شركاء الرئيس ؟!!! وهنا يواجهنا سيل من الأسئلة المشروعة، هل نرى أي وضوح أو إستراتجية واضحة الملامح ومحددة الآهداف والتوقيت في التجارة أو في الزراعة أو في جباية الرسوم الجمركية والضرائب، أو ووضوح في تنظيم وممارسة السياسة النقدية والقروض من طرف البنوك؟ أو في تنظيم الصناعة ووضع أهداف واضحة لها لإمتصاص البطالة ولتلبية حاجيات السوق الوطنية وتقليص التبعية الخارجية؟ لقد طلقنا التخطيط الإقتصادي والتصنيع المنتج منذ رحيل الرئيس بومدين والإنتقال من النظام الإشتراكي إلى النظام الهجين في فترة الثمانينات من القرن الماضي, ولم نضع بديلا يحدد معالم الطريق ونهايتها حتى الآن.

وهناك ثمة أسئلة كثيرة أخرى تنتظر الإجابة عليها من طرف أولئك الذين يحكمون الإقتصاد الوطني في بلادنا ومنهم الخبراء  الإقتصاديين ( الذين أصبجوا خبراء بفعل التقادم وليس بمستواهم العلمي)، من بين الأسئلة المطروحة إلى أين يتجه الإقتصاد الجزائري، كيف تفسرون السياسة الجبائية في ظل عدم وجود قطاع خدماتي، كيف تفسرون سلم الرواتب في الوظيف العمومي هل يعقل أن يتقاضى الطبيب و الأستاذ وعامل الإدارة والحارس نفس الراتب تقريبا؟!!!، وغيرها من الأسئلة الكثييييييييييييرة.

أما سياسيا فالمسار الديمقراطي في الجزائر هو مثل المسرحية التي تجري وقائعها على خشبة مهترئة في غياب الجمهور، والمشكلة أن لا المخرج المسرحي ولا الممثلين  يملكون من القدرة على الترويج أكثر بأهمية هذه المسرحية الديمقراطية، وذلك رغم الإشهار الكبير الذي يقدمه المخرج من إعطاء الانطباع بأن العملية الديمقراطية فيها من الحيوية ما تبعث على التفاؤل خصوصا مع وجود مرتزقة النظام الوصوليون والانتهازيون ومدّعو السياسة من الأميين وأشباه المثقفين والمشعوذين وعلماء السياسة بالتقادم.

إن الملاحظ لعمل الأحزاب السياسية في الجزائر-إن جاز تسميتها كذلك- يمكنه أن يتبيّن بسهولة حقيقة الأزمة التي تعاني منها هذه الأحزاب وهي غياب المعنى الحقيقي للحزب سواء على مستوى الممارسة  أو على مستوى الإطار القانوني الذي ينظم عمل الأحزاب السياسية ، بالإضافة إلى غياب اللغة السياسية والاجتماعية المبدعة والمقنعة في الخطابات المتماثلة و المتكررة و المملة  التي ترددها الأحزاب خصوصا في المناسبات الانتخابية، تلك الخطابات الكارثية الأضحوكية التي لم توضح للناخب أهمية مشاركته في الحياة السياسية وإحساسه بالمواطنة وحقه في إبداء رأيه بكل حرية وبمنتهى الصراحة تجسيدا للديمقراطية التي هي حكم الشعب، أحزاب تخاطب الشعب بلغة لا يفهمها من خلال تلك الخطابات الهزلية المنفرّة الخالية من اللغة الصحيحة وفنيات الخطابة وتوظيف المصطلحات والأفكار العلمية ، تلك الخطابات الحماسية القديمة الخالية من الإبداع ، تلك الخطابات المليئة بالعقليات والأفكار المتحجرة المتجمدة وكأنهم يعيشون في عالم أخر، تلك الخطابات التي تدخل في إطار التسوٌّل السياسي -المترشح وكأنه متسول يتسول من أجل صوت يمنحه له أحد المواطنين هنا وهناك-، تلك الخطابات البدائية الجاهلية القديمة التي مر عليها الدهر التي لا تبيّن للمواطن مدى أهميته وقدوسية مكانته وصوته مما زاد هروبا وعزوفا لدى المواطن عند كل موعد انتخابي خاصة موعد الانتخابات البرلمانية ، بل هي خطابات بعيدة كل البعد عن الواقع ، خطابات خرافية تحمل وعودا كاذبة كما قال أحد المترشحين أنه إذا أصبح نائما عفوا نائبا في البرلمان سيفوز المنتخب الوطني لكرة القدم بكأس العالم  أو ذلك المترشح الذي وعد بتزويج كل الشباب الجزائري دفعة واحدة، بعيدا عن الوعود الكاذبة والواهية كجعل التصويت للأحزاب “ذات المرجعية الدينية” هو عبادة وواجب ديني وليس وطني بل إن الانتخاب من الإيمان، أو تلك الوعود المتعلقة بعقد معاهدات دولية حول السكن والعمل بالخارج لكل من يريد الهجرة، (فهل بإمكان نائب في البرلمان أن يقضي على أزمة السكن و البطالة وهل بإمكان نائب في البرلمان أن يحقق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية وهل بامكان نائب في البرلمان أن يحقق العدالة الاجتماعية؟!!!) وغيرها من الوعود الكاذبة التي لا يمكن أن تتحقق حتى في جمهورية أفلاطون أو مدينة الفارابي الفاضلة.

الحراك الجزائري

لن أتحدث عن المظاهرات و المسيرات التي هي في الأصل من صنع الدولة العميقة لتحقيق مصالحها و محاولة الضغط على السلطة الحاكمة ، لن أتحدث عن الحراك الذي تم اختراقه من طرف الإنتهازيين واصحاب المصالح.

بل سأقترح حلولا تطبيقية للتغيير إذا اردنا حقا أن نتغير:

1-   عدم القبول بالحوار و التشاور مع السلطة الحاكمة

2-  – عزل كل وجوه النظام القديمة و الجديدة. مدنية وعسكرية ورفض كل من يتعدى سنه 55 سنة.

3-   حل كل الاحزاب و الجمعيات ( كلها استفادت من ريع النظام الفاسد)

4- رفض اختيار ممثلين عن الشعب، الشعب يمثل نفسه، كل ولاية يجتمع فيها المواطنين في الساحات العمومية و الملاعب ويقررون مطالبهم

5- حل مجلس الأمة.

6- حل المجلس الدستوري.

7- حل البرلمان،وجعل راتب البرلماني على حساب الشهادة العلمية و على حسب قانون الوظيف العمومي يعني 40 مليون انتهت، البرلماني راتبه مثل راتب الموظف البسيط. مع بقاء الحصانة البرلمانية.

8- اختيار ممثلين عن كل ولاية من دكاترة ومثقفين غير متحزبين لا ينتمون لأي حزب أو جمعية.

9- دستور جديد مستمد من مبادئ الشريعة الإسلامية.

10- قوانين جديدة مطابقة مستمدة من الشريعة الإسلامية.

11- انشاء مجالس عليا لمراقبة تطبيق القوانين ومحاربة الفساد وضمان الحقوق

12- إنشاء هيئات على مستوى كل  بلدية ودائرة و ولاية لمراقبة سير الأعمال و صرف الأموال.

وقبل كل هذا على كل مواطن أن يغير من نفسه، فالذي يسرق و يغش ويرتشي و يرشي ويزني ويطفف وغيرها من الأفات الأخلاقية و الإجتماعية.

وخير كلام هو كلام الله يقول الله عزّ و جّل في القران الكريم إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ” صدق الله العظيم.58.النساء.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا 135.النساء. صدق الله العظيم.

 

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى