الجولان: أرض أيتامُ العشيرة ِ والسَّفْرُ.. مَنْ يسرِقُها يملِكُ مبنى المَحكَمةْ

د.محمد عبدالرحمن عريف

  نعم أدانت صحف عربية بنسختيها الورقية والالكترونية تصريحات ترامب حول مرتفعات الجولان المحتلة وتساءلت عما اعتبرته غياب الموقف العربي. عقب ما كتبه ترامب في تغريدته “بعد 52 عاماً، حان الوقت لاعتراف الولايات المتحدة الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي لها أهمية استراتيجية وأمنية حيوية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي”. وأكد كُتاب على أن الجولان عربية فيما حذر آخرون من أن مثل هذه التصريحات “تضع المنطقة على شفا حرب”. في الوقت نفسه، انتقد كتاب ما وصفوه ﺑ “حالة التراخي العربية” في مواجهة المسار (الأمريكي- الإسرائيلي).

 بالطبع هي خطوة نحو “شرعنة الاحتلال” فتحت عنوان “الجولان عربية وليست عقاراً أمريكياً”، يقول جبريل العبيدي “الجولان أرض سورية منذ رسم الحدود الدولية في عام 1923، قبل قيام حتى الدولة -الكيان- العبرية نفسها، والتي تسعى إسرائيل الآن إلى السيادة عليها بشكل نهائي بعد أن احتلتها عام 1967. لذا؛ فأي محاولة لشرعنة الاحتلال انتهاك للقرار 497 لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لعام 1981 بشأن مرتفعات الجولان السورية المحتلة”.

   نعم هي الجولان.. هضبة تقع في بلاد الشام بين نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال، تابعة إدارياً لمحافظة القنيطرة (كلياً في ما مضى وجزئياً في الوقت الحاضر). وقعت الهضبة بكاملها ضمن حدود سورية، ولكن في حرب 1967 احتل الجيش الإسرائيلي ثلثين من مساحتها، حيث تسيطر إسرائيل على هذا الجزء من الهضبة في ظل مطالبة سورية بإعادته إليها.

   بالطبع لا أحد ينكر العلاقة الخاصة بين الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة الأميركية؛ كما أن ذاكرتنا حيّة جداً لتستحضر بسهولة المرات العديدة التي عطّلت فيها أميركا القرارات الدولية التي تنصف الفلسطينيين، وتوقف توتر الشرق الأوسط على يد الإجرام الإسرائيلي؛ ولا أحد ينكر قوة اللوبي الإسرائيلي في أميركا، وضرورة تقديم كل مَن يطلب منصباً في أميركا أوراق اعتماده بداية لهذا اللوبي، كي يحظى بالدعم اللازم، ليفوز بذلك المنصب؛ وغير منكور استخدام أميركا لإسرائيل كرأس حربة، وكشرطي للمنطقة تعبث كما تشاء بحماية أميركية كاملة. ولكن أن تصل الأمور برئيس أميركي أن يهب ما لا يملك لمن لا يستحق، فهذا لم يحدث بعد.

  ليعرف ترامب أنه إذا كان شعب سوريا الآن في حالة يرثى لها فإن المستهجن في تصريح ترامب كان عبارة (استقرار) والتي يرى أنه سيحل، إن هو شرعن وضع اليد الإسرائيلية على الجولان يد الانتهازية الأميركية الإسرائيلية؛ فإن دوام الحال من المحال. هذا الشعب سيزداد سخطه على إسرائيل وعداؤه لأنه يعرف ويتأكد الآن أكثر من أي وقت مضى بأنها أساس دائه وبلائه وحامية نظامه؛ وسيزداد هذا الشعب تصميماً على استرداد حقه منها بالذات طال الزمان أو قصر.

  يبقى أن المستهجن في تصريح ترامب كان عبارة (استقرار) والتي يرى أنه سيحل، إن هو شرعن وضع اليد الإسرائيلية على الجولان؛ وهنا لا بد من سؤال ترامب عن الاستقرار الذي جلبته إسرائيل أساساً إلى المنطقة؛ أليست الأساس في لا استقرار المنطقة الدائم؛ وخاصة بدعمها ورعايتها وحفاظها على نظام مستبد في سوريا سعى من أجل بقائه في السلطة إلى استدعاء كل استباحة احتلالية وإرهابية؟ تهدأ المنطقة وتستقر، وتكون آمنة ومزدهرة فقط بالخلاص من الاستبداد، ولجم طموحات مستعمر استيطاني كنتنياهو؛ وفِي الوقت ذاته بوقف تغريدات انتهازية كتلك التي أطلقها ترامب لأغراض انتخابية رخيصة أو لأزمة داخلية يمر بها حالياً، ودعم لصديقه نتنياهو المطلوب بقضايا فساد مثله.

  سبق أن أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أن موقف الأمم المتحدة وموقفه هو شخصيًا ثابت ومعروف ويستند إلى قرارات الشرعية الدولية التي نصت صراحة على أن الجولان هو أرض عربية سورية تحتلها إسرائيل. فتصريحات ترامب حول الجولان تقوض آفاق التسوية السلمية. عليه فالعرب مطالبون بالرد على تصريحات ترامب بشأن الجولان وأشار «غوتيريش» إلى أنه وعلى الرغم من سياسته المهنية القائمة على عدم التعليق على أي تصريحات يتم نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلا أن خطورة الموقف الذي صدر عن الرئيس الأمريكي دفعته إلى الطلب من الناطق الرسمي باسم الأمانة العامة للأمم المتحدة إصدار بيان يتضمن التأكيد على أن موقف الأمم المتحدة ثابت لا يتغير وأن الجولان هو أرض عربية سورية تحتلها إسرائيل تأكيدًا لقرارات الشرعية الدولية ولا سيما قرار مجلس الأمن الدولي 497 الذي صدر في العام 1981 مؤكدًا في هذا الصدد على أن تصريحات الناطق الرسمي باسمه تمثل موقفه هو كأمين عام للأمم المتحدة، كما نقلت وكالة «سانا».

  أخيراً إذا كان مَن فرّط بالجولان ارتكب خيانة وطنية؛ فمن يفكر بوهبها يرتكب خيانة أخلاقية وإنسانية وقانونية، ويعرّض المنطقة إلى حروب لا نهاية لها. عليه سيظل يسمى الجولان أحياناً باسم الهضبة السورية، فقبل 1967 كان اسم “الهضبة السورية” أكثر شيوعاً مما هو عليه اليوم، خاصة في اللغة العبرية واللغات الأوروبية. وفي بيان صدر عن الجيش الإسرائيلي في 10 حزيران (يونيو) 1967 يقال: “الهضبة السورية في أيادينا”. أما اليوم فلا يستخدم هذا الاسم باللغة العبرية وفي اللغة الإنكليزية يستخدمه الساعون إلى إعادة الجولان لسورية. وقد شهدت الجولان عدة حروب بين إسرائيل وسورية.. وظلت هي الجولان. الجولان ليس أرضاً يباباً وصخوراً وجغرافيا.

ساءلتُ نفسي في أسى الأحزانِ.. عن طول أسر حبيبتي (الجولان)!!

متى ستعود يا (سُوريَا) إلى شامِ العروبة دافئ الأحضانِ؟!.

فحقًا

الجولان: أرض أيتامُ العشيرة ِ والسَّفْرُ.. مَنْ يسرِقُها يملِكُ مبنى المَحكَمةْ

 

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button