الحرب القادمة ومستقبل التوازن الاستراتيجي في الخليج العربي

عامر مصباح (جامعة الجزائر 3)

أعلنت وسائل إعلام أمريكية أمس أن دولة الإمارات العربية المتحدة شاركت في مناورات بحرية فوق المياه الإقليمية اليونانية إلى جانب كل من الولايات المتحدة وإسرائيل؛ وهي الحالة الفريدة في العلاقات الدولية التي تقبل فيها دولة مستقلة المشاركة إلى جانب دولة أخرى لا تعترف بها وليس بينهما علاقات دبلوماسية رسمية. وأعلن اليوم 29/03/2017 الجنرال فوتيل في الجيش الأمريكي أن إيران تعتبر الخطر الاستراتيجي الأكبر على مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط واستقرار منطقة الخليج، وهي نفس الرؤية الاستراتيجية المتطابقة مع النظرة الإسرائيلية نحو إيران؛ مما يعني بطريقة أخرى هناك إعداد لحرب قادمة في منطقة الخليج ضد إيران انطلاقا من الأراضي الإماراتية، بنفس الطريقة التي تم فيها احتلال العراق عام 2003 انطلاقا من الأراضي الكويتية؛ لكن هذه المرة سوف تعوّض إسرائيل في هذه الحرب بريطانيا بالإضافة إلى دولة الإمارات، ودول الخليج الأخرى سوف تقوم بدور الدعم اللوجستي.
تجدر الإشارة إلى أن القناة التلفزيونية الإسرائيلية الثانية ذكرت عشية الحرب الإسرائيلية على غزة في 08/07/2014 أنه كان هناك تنسيق بين وزير الخارجية الإماراتي وليبرمان الإسرائيلي في باريس للهجوم الجوي والمدفعي على قطاع غزة قبل يومين من العدوان. ومن ثم ليس من الغريب أن تتعاون الإمارات مع إسرئيل لإسقاط الحكومة في طهران، خاصة وأن لمثل هذه المواقف امتداد في الثقافة السياسية السائدة التي تمجد القوي حتى ولو كان فاشلا، وتبخس الضعيف إنجازاته، وأحد الأمثلة التي يمكن الاستشهاد عليها في هذا الصدد، تصريح أمير الشارقة الأخير في لندن عندما قال أن استقلال الجزائر كان منحة من ديغول لمجاملة عبد الناصر.
لا شك أن الحرب مع إيران سوف لا تكون محدودة الجغرافيا كما كانت الحالة العراقية عام 2003، وإنما سوف تتطور إلى حرب إقليمية تشمل المنطقة ككل، ويحتمل أن يتم اللجوء فيها إلى الأسلحة النووية لتحقيق النصر السريع وإسقاط النظام في طهران. لكن حتى هذا الخيار إن تم، فإن الحرب سوف لا تتوقف وإنما تدار بطريقة غير نظامية بين الجماعات الشيعية والقوى الأمريكية الإسرائيلية الخليجية. خاصة وأن إيران يبدو أنها تحضر نفسها لمثل هذا الصدام الكبير. وليس من قبيل الصدفة أن تحدث كل هذه التطورات الاستراتيجية في محيط المنطقة، خلال زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى موسكو والحديث عن تطوير الشراكة الاستراتيجية بالإضافة إلى بحث ملفات المنطقة الأخرى.
سوف تكون أهداف الحرب محددة في أربع نقاط رئيسية: 1) دفع إيران للانسحاب من سوريا كمصلحة إسرائيلية حيوية؛ 2) تقليص النفوذ الإيراني في العراق واليمن كمصلحة حيوية أمريكية-خليجية؛ 3) تعزيز التفوق الاستراتيجي الإسرائيلي في المنطقة بإضعاف آخر جيش يمكن أن يهدد الكيان الإسرائيلي في المستقبل؛ و4)إخراج إيران من جزر أبو موسى وطنب الكبرى والصغري كمصلحة إمارتية.
من ناحية الآثار الاستراتيجية لهذه الحرب المحتملة، فإن انهيار الجيش الإيراني سوف يفتح المنطقة أمام تمدد المشروع الإسرائيلي الديني الخاصة بإنشاء الدولة اليهودية من النيل إلى الفرات، ويحدث اختلالا كبيرا في توازن القوى الذي تكون أولى ضحاياها المنطقة العربية، التي أصلا تعيش حالة عدم استقرار واتساع الفجوة بين الشعوب والحكومات، إلى المستوى الذي سوف لا تستطيع الجيوش العربية مواجهة التهديدات الخطيرة، التقليدية منها وغير التقليدية.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button