دراسات سياسية

الدولة العربية ” الافضل” – وليد عبد الحي

نؤكد بداية أن الدول العربية كلها ” في الهمِ شرقُ ” على رأي احمد شوقي،، فهي دول تقع في ذيول قوائم ترتيب وتصنيف الدول التي تضعها الهيئات الدولية الرسمية والخاصة، لكن المقارنة بين الدول البائسة ” تستدعي التمييز بين درجات البؤس وبالتالي ترتيب البؤساء فيما بينهم .
وتعاني المقارنات بين الدول العربية بخاصة في الأدبيات العربية المختلفة من عدد من المشكلات الكبرى:
1- التحيز الآيديولوجي : ويظهر هذا في المقارنات التي تجعل متغيرا محددا هو معيار المقارنة مثل التفاوت الطبقي او الموقف من الاحتلال لفلسطين او درجة تدخل الدين في الحياة العامة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، او مستوى الديمقراطية او الموقف من الاقليات او النصوص الدستورية…الخ.
وتمثل المقارنة بين الدول العربية استنادا لمتغير او قلة من المتغيرات عوارا منهجيا كبيرا يجعل المقارنة منحازة، فنحن لا نرتب أوائل الطلبة استنادا لعلاماتهم في مادة واحدة بل على اساس ” معدل ” درجاته في مواد مختلفة، وهكذا لا يجوز ترتيب الدول استنادا لمتغير واحد مع ضرورة التنبه للفارق في الاوزان المعتمدة للمتغيرات موضوع القياس، وهو امر اشكالي بين مدارس القياس المختلفة.
2- التحيز الاقليمي او النزعة الفاشية الوطنية، وهنا تلعب الصور الذهنية للذات وللآخر دورا في عدم تقبل تفضيل- في المقارنة – أي دولة على دولة الفرد ، وإذا تضاربت نتائج المقارنة مع ” تراكمات العقل الباطن ” الوطني يتم رفض النتائج لأنها لا ترضي ما ترسب في ذلك العقل الباطن.
3- عدم التنبه للمتغيرات الموضوعية، فمثلا عند قياس مستوى الديمقراطية يجب التمييز بين دولة لا يزيد عدد سكانها عن مليون وبين دولة عدد سكانها يقارب مائة مليون ، فبعض الأحزاب في بعض الدول العربية يفوق العدد الاجمالي لاعضاء الحزب عدد السكان في دولة عربية أخرى، فتحقيق الديمقراطية بين مائة مليون او 40 مليون او عشرين مليون تختلف عن تحقيق الديمقراطية في دول ” تعد حارة” في دول أخرى، بل ان طبيعة مساهمة المجتمع والنظام السياسي والاداري في إدارة وانتاج الموارد الاقتصادية يجب ان يؤخذ في الاعتبار، او متغير الكثافة السكانية…الخ.
4- الخلط بين الانجذاب لكاريزما زعيم معين وبين ايقاع التغير والتطور في الدولة، فكثير ما حجبت كاريزما الزعيم ثقوب نظامه السياسي عن عيون أنصاره ( وهو ما نلاحظه في التجربة الناصرية) او نظام مرسي في مصر او النهضة في تونس او بومدين في الجزائر او الملك حسين في الاردن او الملك فيصل في السعودية…الخ.
بناء على ما سبق، انجزت احدى طالباتي(علا بلعاوي) في جامعة اليرموك رسالة ماجستير تحت اشرافي – كنت قد نوهت لها في بداية العمل- ترتيبا للدول العربية حسب الافضلية، بعد دراسة مجموعة من نماذج الترتيب والتصنيف الأجنبية ، مع ادخال تعديلات على هذه النماذج الدولية تراعي الخصوصية العربية( فمثلا زيادة السكان في ألمانيا مثلا تعد متغيرا ايجابيا بسبب مشكلة الكهولة في المجتمع الالماني ، لكنها تحسب سلبية في المجتمع المصري مثلا..وهكذا يجب مراعاة خصوصية بعض المتغيرات وأوزانها عند القياس ).
ومن اهم النماذج التي اعتمدنا عليها ( وأدخلنا عليها العديد من المتغيرات والأوزان) :
– Economist Intelligence Unit
– The Fund For Peace
– The Global Economy
– Good Country Index
– Portland Communications
– Commitment to Development Index
وتعتمد هذه النماذج للترتيب على العشرات من المؤسسات الدولية والاقليمية والمحلية،والبحوث الجامعية وتقارير مراكز الدراسات.
وقامت الطالبة بتحديد 164 مؤشرا(مائة واربع وستون مؤشرا ) وهي التي اعتمدت عليها نماذج الترتيب اضافة للمؤشرات التي تم ادخالها في نموذج القياس ولها خصوصية عربية وتغطي الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية ، ثم ناقشت الأوزان لكل منها، ثم معادلة القياس لكل منها، ثم معادلة حساب معدل نقاط الدولة ليتم تحديد رتبتها بين الدول العربية الأخرى.
وبناء على هذا الجهد، كانت لبنان هي افضل دولة عربية( رغم مكانتها الدولية المتأخرة)، بينما كانت الامارات والسعودية هما الاسوأ بين الدول العربية ، ووقعت الاردن في الترتيب الثامن من بين 18 دولة عربية..ويمكن العودة للدراسة لمعرفة ترتيب بقية الدول.
هل منهج الدراسة كان علميا..نزعم انا وطالبتي ذلك، مؤكدين على ” ربما “

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى