السريالية السياسية في الخليج – الدكتور وليد عبد الحي

وليد عبد الحي

المشهد غير الواضح في السياسات الخليجية بشكل خاص والعربية بشكل عام يقترب من الرسومات السريالية التي تقوم على تركيب مفردات واقعية غير مترابطة للتعبير عن مكنونات اللاوعي الانساني، وفي المشهد السياسي القائم حاليا في الخليج نجد صورة يصعب ادراك حقيقتها إلا باعتماد التفسير السريالي..ودعونا نقف امام” بعض ” مكونات اللوحة:
1- في الترويج الاعلامي الخليجي الذي ساد في السنوات القليلة الماضية صراع ” سني شيعي” لكنه ينكشف لاحقا عن خلاف وكراهية عميقة بين ” سنية سلفية وهابية” وبين سنية إخوانية.
2- أحد محاور السنة (الاخوان المسلمين ممثلين في التعاون العسكري بين تركيا وقطر عبر القاعدة العسكرية) يقترب تدريجيا من التعاون مع المحور الشيعي( باعلان قطر ان ايران مستعدة لتزويد قطر بالمواد الغذائية وبتخصيص ثلاثة موانئ ايرانية لتجارتها) بل وهناك تنسيق ايراني( شيعة) مع تركيا(سنة) لمساعدة قطر السنية في مواجهة التحالف السني الجديد.
3- مفاهيم الأخوة والاشقاء والعروبة ووحدة الدم تنكشف عن كراهية واحقاد شخصية بين الزعماء الخليجيين.
4- النقائض الشعرية في التاريخ العربي باقية مع تغيير طفيف يتمثل في استبدال الفرزدق بفضائية العربية وجرير بفضائية الجزيرة
5- فكرة المؤسسات العربية الشاخصة في الواقع ( مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية) تشير إلى انها كهوف مهجورة ، فليس هناك أي دور صريح او حتى ضمني لهما ، ففي الواقع هناك مؤسسات للعلاقات العربية والخليجية وفي الواقع ايضا ليس هناك مؤسسات للعلاقات العربية والخليجية.
6- في النص القرآني واقع تعلمناه وهو ” وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ” وفي الواقع ايضا نرى التسابق على استرضاء اليهود والنصارى…
نعم هناك لوحة للواقع السياسي العربي ..ولكن هناك لوحة لما فوق الواقع وهو السريالية السياسية العربية، ويبدو ان الثانية هي الانسب للفهم.