دراسات اقتصاديةنظرية العلاقات الدولية

الشراكة الاورومتوسطية واثرها على المؤسسة الاقتصادية

الأستاذ الدكتور: محمد يعقوبي عميد كلية الاقتصاد والتجارة جامعة محمد بوضياف – المسيلة ـ الجزائر.

مقـدمـة:

نظرا للتطورات التي يشهدها المحيط الإقتصادي على المستوى الدولي الذي اثر بدوره على إستراتيجيات التسيير خاصة بالمؤسسات الإقتصادية التي وجدت نفسها مجبرة على مسايرة هذه التحديات الجديدة و بالنظر إلى الفوارق الإقتصادية التي تميز دولة عن أخرى و المؤسسات عن بعضها البعض، و في ظل اقتصاد السوق و توسع الإستثمارات و تطور المنافسة الإقتصادية بين المؤسسات لجأت العديد من المؤسسات الإقتصادية إلى السياسة الإحتكارية باتحاد مؤسستين أو أكثر في ميدان معين (FUSION,ABSORPTION ( في مواجهة ظاهرة المنافسة العالمية إلا أن سياسة الاحتكار ما لبثت أن تحولت إلى إستراتيجية في التعاون بين المؤسسات الإقتصادية أو بين الدول أي سياسة إستراتيجية الشراكة.

و لقد أدخل الإتحاد الأوروبي مفهوم الشراكة في علاقته مع الدول المتوسطية و هذا بسبب الأهمية الإستراتيجية للمتوسط ،التي تستند إلى بعد حضاري ، و تكتل بشري ، و موارد طبيعية مهمة، عادت به إلى الإهتمام الدولي،هذه العودة تجسدت في تطوير الإتحاد الأوروبي لسياسته المتوسطية سنة 1989 حيث أصدرت اللجنة الأوروبية في نفس العام وثيقة بعنــوان إعـادة توجيه السياسة المتوسطية بصفة أساسية ، هذه السياسة تمثلت في الشراكـة الأورومتـوسطية PARTENARIAT EURO-MEDITERRANEEN التي تأتي حسب بيان برشلونة الذي يحث على التعاون الشامل و المتضامن.

و قبل التطرق إلى الإتحاد الأوروبي و أبعاد مشاريعه المتوسطية يجب أولا معرفة مفهوم الشراكة و الشراكة الإستراتيجية، و قواعدها و أشكالها و مميزاتها و أسباب اللجوء إليها و انعكاساتها…..

مـاهي الشراكـة الإستراتيجيـة:

قبل الخوض في تحديد معنى الشراكة الإستراتيجية فلا بد من توضيح معنى الإستراتيجية و التي أصبحت كثيرة الإستعمال في ميادين عديدة خاصة الإقتصادية بعدما كانت منحصرة على المجال العسكري.

إن الإستراتيجية: هي الطريقة المنهجية التي تتبعها المؤسسة في صياغة اهدافها التنموية مع التغييرات التي يفرضها المحيط الذي تعيش حوله ووفقا للوسائل و الإمكانيات التي تمتلكها لتحقيق فعالية دائمة في ديناميكية المؤسسة على مختلف نشاطاتها.

تعـريف الشراكـة:

يختلف مفهوم الشراكة باختلاف القطاعات التي يمكن أن تكون محلا للتعاون بين المؤسسات و باختلاف الأهداف التي تسعى إليها الشراكة.

و في هذا الشأن فإنه في حالة إشراك طرف آخر أو أكثر مع طرف محلي أو وطني للقيام بإنتاج سلعة جديدة أو تنمية السوق أو أي نشاط إنتاجي أو خدمي أخر سواء كانت المشاركة في رأس المال أو بالتكنولوجيا فإن هذا يعتبر استثمارا مشتركا و هذا النوع من الاستثمار يعتبر أكثر تمييزا من اتفاقيات أو تراخيص الإنتاج حيث يتيح للطرف الأجنبي المشاركة في إدارة المشروع. يمكن القول إذا أن الشراكة هي شكل من أشكال التعاون و التقارب بين المؤسسات الإقتصادية باختلاف جنسياتها قصد القيام بمشروع معين حيث يحفظ لكلا الطرفين مصلحتهما في ذلك.

الشراكـة الإستراتيجيـة:

تعتبر الشراكة الإستراتيجية الطريقة المتبعة من طرف المؤسسات في التعاون مع بعضها البعض للقيام بمشروع معين ذو اختصاص( (Spécialisation وهذا بتوفير و تكثيف الجهود و الكفاءات علاوة على الوسائل و الإمكانيات الضرورية المساعدة على البدء في تنفيذ المشروع أو النشاط مع تحمل جميع الأعباء و المخاطر التي تنجم عن هذه الشراكة بصفة متعادلة بين الشركاء.

الأسس التاريخيـة لإستراتيجيـة الشراكـة:

إن فكرة التعاون ليست وليدة اليوم أو ظاهرة غريبة على المجتمع الإقتصادي الدولي بل هي متأصلة نظرا لاعتمادها على مبدأ المصالح المشتركة و المتبادلة بين الدول إلا أن مبدأ الشراكة بين المؤسسات الإقتصادية كإستراتيجية للتطور و التنمية لم تحظ بالاهتمام إلا في السنوات الأخيرة حيث أصبحت تشكل عاملا أساسيا في تطور المؤسسة الإقتصادية ،خاصة بالنظر إلى التطور السريع للمحيط العام للاقتصاد الدولي الذي تعيش فيه المؤسسة الإقتصادية و يمكن ذكر التسلسل التاريخي لإستراتيجيات المؤسسة الإقتصادية من خلال ما يلي:

أ‌- الإستراتيجيـات الكـلاسيكيـة Les stratégies classiques:

في بداية الثمانينات كانت إستراتيجيات المؤسسة الإقتصادية مبنية على ثلاثة مبادئ أساسية لمواجهة المنافسة الإقتصادية:

1- نظام الهيمنة عن طريق التكلفةDomination par les coûts :

و يعتمد هذا النظام على مدى قدرة المؤسسة الإستثمارية و عقلانيتها في استخدام مواردها و التقليص من تكاليفها الإنتاجية.

2-نظـام المفاضلـة أو التميـز Les différenciation :

و يرتكز هذا النظام إلى تقديم كل ما هو أفضل بالنظر إلى سوق المنافسة و مبدأ الأفضلية يعتمد على المعايير التالية: – الأفكار و الآراء الجديدة – الصور الحسنة ذات العلامة المميزة للمنتوج – المستوى التكنولوجي – المظاهر الخارجية

2 – نوعية الخدمات – فعالية الشبكات التوزيعية.

3- نظـام التركيــز La concentration: إن تركيز النشاط يعتمد أساسا على البحث عن ثغرة بواسطتها تستطيع المؤسسة الحصول على مكانة إستراتيجية في سوق المنافسة فقد يتعلق الأمر بمجموعة من الزبائن أو بمنتوج أو سوق جديدة بها خصائص ايجابية مميزة.

ب:التحـول نحـو إستراتيجيـة الشراكـة:

كما قلنا إن سياسة الاحتكار ما لبثت أن تحولت إلى إستراتيجية في التعاون بين المؤسسات نظرا لتغير المعطيات الإقتصادية الدولية و التي تتجلى في :

* رغبة المؤسسات الإقتصادية في توسيع استثماراتها خارج الحدود الموجودة فيها حسب الامتيازات الموجودة في هذه الدول.

* التحولات السياسية التي طرأت على الساحة العالمية و التي أثرت بدورها على الجانب الإقتصادي لهذه الدول التي تحولت نحو نظام اقتصاد السوق و الانفتاح الإقتصادي و تشجيع الإستثمارات الوطنية و الأجنبية، كل هذه العوامل ساعدت في ترسيخ الشراكة في العديد من الدول.

الإطـار النظري لإستراتيجيـة الشراكــة.

لقد اهتم الفكر الإقتصادي بإستراتيجية الشراكة و صاغ لها نظريات عديدة قصد تنميتها و العمل بها من بين هذه النظريات نجد.

1- نظرية تبعية المورد:

تعد هذه النظرية الأولى من نوعها و التي ساهمت في تحليل أهداف الشراكة فالمؤسسة التي ليس بامكانها استغلال و مراقبة كل عوامل الإنتاج تلجا إلى اتخاذ سبيل الشراكة مع مؤسسات إقتصادية أخرى للعمل في مجال نشاطاتها. فمثلا الشركات البترولية العالمية غير المنتجة للمحروقات تسعى لاستغلال إمكاناتها و طاقاتها التكنولوجية و التقنية المتطورة و هذا باستيراد المواد البترولية الخام و إعادة تحويلها و تصنيعها ثم تقوم بتصديرها على شكل مواد تامة الصنع مع الإشارة إلى فارق السعر بين شراء المواد الخام و إعادة بيعها في شكل آخر مع العلم أن عمليات التحويل و التصنيع للنفط الخام يمكن القيام بها في البلد الأصلي ( المنتج) و لتدارك هذا الموقف غير العادل فإن الدول الأصلية ( المنتجة ) قصد استغلال إمكاناتها بصفة شاملة،عمدت إلى منح تسهيلات جبائية للشركات ذات الاختصاص في تحويل المواد البترولية قصد القيام بمثل هذه النشاطات محليا .

2- نظريـة تكـاليف الصفقــات:

إن المؤسسة الإقتصادية و حفاظا على توازنها و استغلال الأمثل لمواردها الإقتصادية يجب أن تعمل على الحفاظ العقلاني للموارد التي تمتلكها و هذا بتقليص التكاليف في الإنتاج و استغلال كل التقنيات التي تساهم في تطوير الإنتاج كما و نوعا.

3- نظريـة المجمـوعــات:

حيث أن هناك مجموعات احتكار السوق من قبل الأقلية و هذه النظرية تعتمد على توطيد التعاون بين المؤسسات الإقتصادية في شكل احتكاري و ضرورة الإهتمام بجميع المجالات الحساسة في الإقتصاد العالمي و التي تعد مركز قوة و عامل في تماسك المؤسسات الإقتصادية و نجاحها و التي نجد منها نشاطات البحث و التطوير و التي تعد عاملا حساسا في تطور المؤسسات الإقتصادية و تجاوبها مع التطورات التكنولوجية.

4- نظريـة الإنتاج الدولي و إستراتيجية العـلاقـات:

وفقا لهذه النظرية فإن الشراكة بين المؤسسات تتجلى في طريقتين.

أ- اولهما تتمثل في كون الشراكة هي طريقة لتفادي المنافسة مما يؤدي الى تكوين استراتيجية علاقات و ترابط بين الشركاء.

ب- تتمثل في كون الشراكة وسيلة لتوطيد امتياز تنافسي للمؤسسة بشكل يجعلها تقاوم المنافسين لها.

مميـزات الشراكـة:

إن الشراكة تعد الوسيلة المفضلة للدخول و الاستفادة من:

– التكنولوجيا الجديدة

– عامل التحكم في التسيير الفعال

– أسواق جديدة راقية.

– التطور و المراقبة و الوصول إلى الدرجة التنافسية.

– تسمح بدولية النشاطات التي تقوم بها المؤسسة و تدفع بها إلى الدخول في الإقتصاد العالمي.

– عامل لتنشيط و دفع الاستثمار الأجنبي.

– وسيلة للدخول لنظام المعلومات الإقتصادية.

– استغلال الفرص الجديدة للسوق مع الشركاء.

أسباب اللجـوء الـى الشراكـة.

تلعب الشراكة دورا هاما و أساسيا بالنسبة للمؤسسة و هذا راجع للأسباب الرئيسية التالية :

أ‌- دولية الأسواق: Internationalisation des marches

شهدت تكاليف النقل و الاتصال انخفاضا و تقلصا بارزا نتيجة وسائل الإعلام الآلي و أجهزة المواصلات خاصة مع ظهور شبكة الانترنيت ، و الذي يعد قفزة في عالم الاتصال و وسيلة لتسهيل مهام المبادلات التجارية و التقنية بين الدول في إطار التعامل الدولي ، علاوة على الدور الذي تلعبه في إحاطة المؤسسة الاقتصادية بكل المستجدات العالمية التي قد تؤثر فيها أو تتأثر بها . إن نظام دولية الأسواق في ظل هذا التطور اللامحدود للتكنولوجيا يفرض على المؤسسة من جهة الاهتمام الدائم بهذا التطور و محاولة التجاوب معه ، و من جهة ثانية انفتاحا اكبر على جميع الأسواق بغرض تسويق منتجاتها و ترويجها ، و تطوير كفاءاتها بكل ما أتيت من إمكانات . إن المشكلة الدولية المعاصرة تؤثر بدون أدنى شك على الأولويات الإستراتيجية المختلفة للمؤسسات الاقتصادية ، لذلك فمن الواجب إيجاد وسيلة فعالة للمراقبة الدقيقة للتكاليف الخاصة بالإنتاج،و هذا يخلق محيطا مشجعا و دافعا للاستثمار على المدى الطويل لذلك فان الشراكة تعد وسيلة للرد على هذه المتطلبات المتطورة لهذا المحيط المعقد و التنافسي ، و هذا كله يرجع للمؤسسة الاقتصادية التي تبادر بسرعة لإبرام عقود الشراكة ضمانا لنجاحها ، و في هذا الإطار لكي يتم إنعاش المؤسسة الاقتصادية فانه يلزم تحقيق تنظيم تسييري استراتيجي و ضروري للوصول للأهداف المسطرة و التي يمكن إجمالها فيما يأتي :

معرفة السوق أو إدماج نشاطات جديدة في السوق و وضع الكفاءات و المصادر الضرورية المؤهلة للاستغلال الأمثل

الحصول على التكنولوجيا الخارجية و ممارسة النشاطات التجارية بكل فعالية

الاستثمار في نشاطات جديدة و التحكم في استثمارات المؤسسة الخارجية

العمل على ضمان وجود شبكة توزيع منظمة و مستقرة بغرض استغلال جميع المنتوجات على المستوى العالمي

وضع برامج استراتيجية دائمة لتقليص التكاليف الانتاجية و الحصول على مكانة استراتيجية تنافسية

تطوير الامكانيات الاعلامية ب-التطـور التكنولـوجـي L’évolution de la technologie: إن التطور التكنولوجي عاملا اساسيا في تطور المؤسسة الإقتصادية وفي رواج منتوجاتها و تفتحها على الأسواق الخارجية، و نظرا لكون التطور التكنولوجي عامل مستمر يوما بعد يوم فمن الصعب على المؤسسة الإقتصادية أن تواكبه دوما نظرا لتكاليفه التي قد تشكل عائقا امام المؤسسة مما يستدعي اللجوء الى سياسة الشراكة الإستراتيجية لتقليص تكاليف الأبحاث التكنولوجية. ج- التغييرات المتواترة للمحيط او نمط التغيير: إن انماط التغيير تشهد تطورا كبيرا نتيجة للتغييرات المستجدة على المستويين الدولي و المحلي ، و نظرا لكون الوقت عاملا اساسيا في سير المؤسسة و في ديناميكيتها فإن هذا الأمر يستدعي ان تعمل المؤسسة ما في وسعها لتدارك النقص او العجز الذي تعاني منه، إن الثلاثية المتكونة من الولايات المتحدة الأمريكية و المجموعة الأوربية و اليابان تشكل ليس فقط نصف السوق العالمية للمواد المصنعة بل تشكل كذلك نصف نشاطات البحث و التطوير خاصة في إطار التكنولوجيا و البحث العلمي. فالتغييرات المتواترة للمحيط الدولي على كافة المستوايات تستدعي اهتماما بالغا من المؤسسات الإقتصادية و حافزا للدخول في مجال الشراكة و التعاون مع المؤسسات الأخرى لتفادي كلما من شانه ان يؤثر سلبا على مستقبل المؤسسة الإقتصادية . د- المنافسة بين المؤسسات الإقتصادية: 5 د- المنافسة بين المؤسسات الإقتصادية: إن نظام السوق يدفع المؤسسات الإقتصادية الى استخدام كل طاقاتها في موجهة المنافسة محليا و دوليا و الشراكة باعتبارها وسيلة للتعاون و الإتحاد بين المؤسسات الإقتصادية بإمكانها مواجهة ظاهرة المنافسة بإستغلال المؤسسة لإمكانياتها و التي تشكل ثقلا لا باس به،و من اهم هذه الإمكانيـــات نجـــد:

التقدم و الإبتكارات التكنولوجية.

اقتحام السوق.

السيطرة او التحكم بواسطة التكاليف.

الآثـار المترتبة عـن الشراكـة:

من أهم الآثار الناجمة عن الشراكة

رفع مستوى دحول المؤسسات الإقتصادية الى المنافسة في ضل اقتصاد السوق و العولمة.

وضع حد للتبعية الإقتصادية.

تشجيع المستثمرين ( وطنينا أو اجانب ) ما بين الدول.

تطوير الطاقات الكامنة و غير المستغلة.

اعادة تطوير الموارد و المواد الاولية المحلية.

تطوير إمكانيات الصيانة.

تطوير الصادرات خارج المحروقات.

خلق مناصب شغل.

سياسة توازن جهوية بين مختلف القطاعات.

تحويل التكنولوجيا و الدراية المتطورة و تقنيات التسيير. و هذا كله متوقف على مدى مرونة الدولة و فعاليتها في تطوير هذه الاستراتيجية عن طريق .

تخفيف القواعدالتنظيمية DEREGLEMENTATION.

تخفيف عامل الجباية DEFISCALISATION.

تسهيل المعاملة البيروقراطية DEBUREAUCRATISATION .

اثار الشراكة على المؤسسة الاقتصادية:

تطوير مستمر و دائم لنوعية المنتوجات و الخدمات عن طريق التحولات التكنولوجية.

توسيع قطاع المنتوجات كما و نوعا.

الدخول إلى أسواق جديدة .

تعلم التقنيات الجديدة في التسويق و التجارة الخارجية.

تطور االامكانيات الإنتاجية.

ضمان فعالية اكثر عن طريق تحسين الإنتاجية.

التقليص و التحكم في التكاليف الإنتاجية.

الصرامة في تسيير الموارد البشرية و تكوينها.

التعايش بواسطة التخصص في ميادين نوعية أو في منتجات معينة. أشكال الشراكة: هناك أشكال عديدة للشراكة منها:

الشراكة الصناعية.

الشراكة التجارية .

الشراكة التقنية أو التكنولوجية.

الشراكة المالية.

الشراكة في المناطق الحرة.

الشراكة الأورو متوسطية و إنعكاساتها.

لقد استقطب موضوع الشراكة اهتمام الساسة و الخبراء و الباحثين لما لها من أهمية يمكن أن تؤثر على توجهات مستقبل عدد كبير من الدول المتوسطية، فهو يمثل تطورا هاما على نمط علاقات و تفاعلات المنطقة العربية المتوسطية و غير المتوسطية و مستقبلها كدول وكيان.

موضوع الشراكة هذه هو مشروع أوربي ظهر نتيجة :

* تعثر المشروع العربي و تجميده منذ مطلع الثمانينات فالكل يعرف أنه ثمة فراغ. إقليميا في المنطقة إما أن يملأه العرب أو أن يملأه غيرهم و العرب أنفسهم يعرفون ذلك.

* تفاقم شراسة النظام الرأسمالي العالمي و خاصة بعد تفكك الإتحاد السوفيتي و الاعتقاد بان موجه المستقبل هي الرأسمالية ( الحرية الإقتصادية)

* إصرار إسرائيل على تعديل معادلة الأرض مقابل السلام لتصبح المعادلة تخلي إسرائيل من جزء من الأرض العربية المحتلة مقابل التعاون و التكامل الإقتصادي معها من قبل بعض الأقطار العربية أو اغلبها، و لقد عقد مؤتمر برشلونة سنة 1994 الذي جسد المبادئ العامة أو الرئيسية التي تقوم عليها الشراكة الأورومتوسطية ثم تبعه مؤتمر مالطة سنة 1996 و 1997 رغم أن المشروع بدأ منذ السبعينات بمراحل متتالية .

إعلان برشلونة: يعتبر هذا الإعلان إطار للتعاون الأورومتوسطي لأنه حدد الأهداف العامة للتعاون و هي:

الإسراع بعجلة النمو الإقتصادي و الاجتماعي الدائم و تحسين ظروف الحياة للسكان و التقليل من فوارق النمو في المنطقة .

تشجيع التعاون و التكامل الإقليمي بإقامة مشاركة اقتصادية و مالية و لقد أعطى إعلان برشلونة أهمية ملحوظة كدوره الكبير في الترجمة العملية للإعلان و لدعم دور المجتمع المدني و لتحقيق التقارب بين الثقافات و الحضارات، في هذا الصدد إتفق الشركاء على تحسين مستوى التربية في كل المنطقة.

تضمن كذلك مبادئ التزام الإتحاد الأوروبي للوقوف مع دول جنوب المتوسط لحل مشاكلها و إزالة التوترات منها و خاصة في مجال تحقيق التسوية السلمية للنزاع العربي الإسرائيلي .

مؤتمر مالطا: لم يكن خلال مسار هذا الاجتماع التوصل إلى نتائج تحضى بإجماع المؤتمرين و قد كان هناك نقاط خلاف بارزة و شملت مواضيع حقوق الإنسان و شرعية السلام و الأمن و إجراءات الثقة و التعاون مع المنظمات غير الحكومية . أما في الموضوع المتعلق بالشراكة الإقتصادية و المالية الهادفة إلى إنشاء منطقة ازدهار مشتركة فقد أكد المشاركون على أهمية تخصيص مبلغ 4675 مليون إيكو من أموال موازنة المجموعة كاملا لهذا الهدف و زيادة قروض البنك الأوربي للاستثمارات. كما أشار المشاركون إلى أهمية العمل بأسرع ما يمكن للبحث عن إجراءات تخفيف من وقع النتائج الإجتماعية السلبية التي قد تنجم عن تكيف البنية الإقتصادية و الإجتماعية و تحديدها و القيام بتنفيذها لتلك الإجراءات . كذلك خصص مبلغ 200 مليون إيكو M S217 لدعم نشاط القطاع الخاص و النشاط الصناعي في البلدان المتوسطية الشركاء . و كذلك الإسراع بعملية السلام الشامل و العادل و الدائم في الشرق الأوسط . وقد تم انشاء المنبر الأوربي المتوسطي للطاقة.

أ- الدوافع وراء إقامة الشراكة: هناك:

* دوافع سياسية و أمنية منها قضية السلام في الشرق الوسط.

*دوافع اجتماعية و ثقافية و إنسانية. و منها دوافع الحد من التدفق المتتالي لموجات الهجرة غير القانونية من دول الجنوب إلى دول شمال البحر الأبيض المتوسط و احتمالات تفاقمها حتى أصبحت من أهم موضوعات الساعة التي تثير العديد من ردود الأفعال و التصرفات المختلفة لذا أرادت أوربا وضع برامج محلية للتدريب المهني .

إيجاد فرص عمل محلية.

تشجيع المشاركة الفعالة للتجمعات السكنية للسكان.

احترام الحقوق الإجتماعية الأساسية.

منح الحق في التنمية و تنشيط المجتمع المدني.

التعاون لتخفيف وطأة الهجرة عن طريق برامج تأهيل و اتخاذ تدابير لإعادة قبول المواطنين الذين هم في وضعية غير قانونية.

تنفيذ سياسة مستديمة للبرامج التربوية و تسهيل اللقاءات الإنسانية.

تنمية الموارد البشرية عن طريق التعليم و التأهيل و تشجيع التبادل الثقافي و احترام حقوق الإنسان.

حوار الثقافات و الأديان و التفاهم بينهما.

ب- الدوافع الإقتصادية:

* تقديم معونات للبنى التحية خلال الخمس سنوات التالية و تشجيع الاستثمار

* تطوير وسائل الربط بين الجانبين دعما لحركة التصدير و الاستيراد .

* إقامة منطقة للتجارة الحرة بين أوربا و الدول المتوسطية ابتداءا من سنة 2010 .

ج- الأهداف الحقيقية وراء إقامة الشراكة الأورو متوسطية:

– إنشاء منطقة حرة.

– جلب راس المال الأجنبي الذي يتطلب الشروط التالية:

1- استقرار الإقتصاد الكلي. 2- تقليل الاعتماد على الضرائب التجارية. 3- تخفيف عبء الدين الخارجي. 4- درجة عالية من الانفتاح.

د- آثر الشراكة الأورو متوسطية.

1- الآثار على الاستثمار:

لوحظ تحويل الاستثمار الأوربي المباشر إلى شرق أوربا بدلا من دول الشراكة الأورو متوسطية.

كما أخفقت الدول العربية في اجتذاب الاستثمار الخاص من الإتحاد الأوروبي.

حتى العون هو مشروط في الدول العربية بقضايا التصحيح الهيكلي و التعاون المالي و التجاري وحقوق الإنسان بينما في إسرائيل يتم في تمويل البحث العلمي و التكنولوجي و تطوير الصناعات المتقدمة.

2 – الآثار التجارية الناتجة عن التحرير:

إن الهيكلة المطروحة في الإعلان تقضي بإقامة منطقة تجارة حرة خلال مدة محدودة لا تتعدى 2010 للمنتجات الصناعية، و بالرغم من أهمية ما ينطوي عليه فتح الأسواق من تحفيز للاستثمار و الإنماء الإقتصادي و إطلاق مبادرة القطاع الخاص، إلا أن هناك آثار هامة يمكن إبرازها فيما يلي:

أ‌- إن إزالة التعريفات الجمركية بشكل متسرع قد يؤدي إلى مواجهة الشركات العربية لمنافسة جديدة من الشركات الأوربية لا قدرة لها على التكافؤ معها ، مما سيؤدي إلى إفلاس عدد كبيرمن الشركات العربية مما سيضاعف فتح أسواق أمام المصنوعات الأوربية من إختلالات الموازين التجارية للبلاد العربية، و إذا تم إغفال مصلحة أحد طرفي الشراكة لن تكون منطقة التجارة الحرة سوى توسيع السوق الأوربية نحو الجنوب .

ب‌- إزالة التعريفات الجمركية تؤدي إلى إضعاف إيرادات الموازنات العامة للدول العربية، مما سيفوق مقدرة الإنفاق على مشاريع التنمية وعلى اتخاذ سياسات صناعية واجتماعية تعويضية للتخفيف من الأزمات الناجمة عن إزالة التعريفات الجمركية.

ج‌- ستبقى الأسواق الأوربية مغلقة أمام المنتجات الزراعية للدول العربية التي ستخضع إلى نظام صارم، ولن تفتح إلا ضمن الحدود المسموح بها في نطاق السياسة الزراعية للإتحاد الأوربي، و بعد تهميش الزراعة ، و الثغرة الرئيسية و المحورية في هذا المشروع هو أن الإتحاد الأوربي يطلب من الدول العربية المعنية أن تزيل القيود الجمركية عن الصادرات العربية الضئيلة من المنتجات الزراعية ومن جهة أخرى لا يزال الدعم يشكل المحور الرئيسي للسياسة الزراعية الأوربية، و المزارع الأوربي يمنح مزايا تنافسية لا مجال إلى مقارنتها مع أوضاع المزارع العربي ،و لو كانت الصادرات العربية من المنتجات الزراعية من الحجم ما يؤدي فعلا إلى المنافسة في الأسواق الدولية لربما كان للموقف المتصلب الذي يتخذه الإتحاد الأوربي ما يبرره ، لكن هذه الصادرات لا تشكل سوى 5% من إجمالي الصادرات العربية.

و من خلال ما سبق ذكره فإن تحرير التبادل التجاري بين الأطراف يجب أن يكون منسقا كما و نوعا و مشروطا مع الهدف الأساسي الذي من المفروض أن تبنى عليه خطة الشراكة، ألا و هي التنمية المؤزرة و السليمة و السريعة لكل الأطراف و خاصة الأقطار النامية منها.

3 – آثار الشراكة على التكامل العربي:

إن الهدف الإستراتيجي و الثابت للمشروع المتوسطي هو تفكيك الوطن العربي كوحدة متماسكة من خلال إدخال بلدان غير عربية مثل تركيا في هذا المشروع وعدم إدماج بلدان عربية رغم انتمائها للمتوسط مثل ليبيا و إضافة دول غير متوسطية كالأردن و هذا لتحقيق هدفها و هو الوصول إلى تجزئة الوطن العربي هذا من جهة و من جهة أخرى فان التعاون الإقتصادي الذي سيفرزه المشروع المتوسطي هو خلق جماعات عربية مع الكيان الصهيوني بمصالح إقتصادية يجعلها موالية له مما يجعلها تشكل جماعات ضغط داخل الأقطار العربية لتوجه سياسات دولها بما يتناسب و مصالحها النفعية بعيدا عن المصلحة العربية . إن الشراكة الأورو متوسطية تقوم على الانتقاء و عدم التكافئ فهي تتميز بين حرية التبادل و حرية انتقال الأشخاص فتزيل الحواجز أمام الأول و تضعها أمام الثانية تخوفا من المهاجرين و سوف تعكس الشراكة الأورو متوسطية منافع واضحة للدول الصناعية في أوربا منها :

1- إتاحة فرص جديدة للتسويق.

2- إنقاص تدفقات هجرة العمال من دول جنوب المتوسط إلى أسواق أوربا.

3- المصلحة الإستراتيجية هي دعم التنمية الإقتصادية من خلال الاستقرار السياسي و تهدئة نقاط الالتهاب في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا .

4- التخفيف من أعباء التطورات الداخلية و التي تشكل لا محال خطر على الأمن الأوروبي.

الأهداف الحقيقية وراء إقامة الشراكة الأورو متوسطية:

إن إنشاء منطقة حرة للتبادل بين الإتحاد الأوربي و منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط هو جوهر إستراتيجية الإتحاد الأوربي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، كما أن هناك جوهر آخر لا يقل أهمية عن سابقه و هو ضمان الموارد الأساسية من الطاقة و خاصة الغاز الذي يعتبر أهم المصادر التي تحتاجها الصناعات الأوربية و في المقابل تهدف دول جنوب المتوسط إلى جلب رؤوس أموال من الضفة الشمالية من اجل إنعاش اقتصادياتها .

إنشاء منطقة حرة: إن منطقة التجارة الحرة هي تجمع اقتصادي بين مجموعة من الدول يتم بموجبها تحرير التجارة فيما بين هذه الدول من كافة الحواجز الجمركية و القيود الأخرى على التجارة مع احتفاظ كل دولة بتعريفاتها الجمركية إزاء دول خارج المنطقة و ذلك بهدف تحقيق منافع اقتصادية تتمثل في تعظيم الإنتاج وحجم التجارة بين دول المنطقة.

مقومات نجاح مشروع المنطقة الحرة: انطلاقا من التجارب و الدراسات التي تعرفها مختلف البلدان في مجال إنشاء المناطق الحرة، فإن ثمرة التحاليل و البحوث التي أجريت على المعطيات و النتائج المحققة سمحت بإدراج بعض الشروط و مقومات برزت مساهمتها في زيادة حظوظ النجاح لهذه المناطق في كثير من الحالات. و فيما يلي نستعرض أهم العوامل التي يجب توفرها من اجل إنجاح مشروع المنطقة الحرة:

1- الاستقرار السياسي و الإقتصادي.

أ‌- الاستقرار السياسي: و نعني به عدم وجود اضطرابات و منازعات سياسية ،و كذا استقرار الأوضاع الأمنية ، إذ انه من غير المعقول أن يتوجه المستثمرون إلى دولة تحرف ثورات و انقلابات عسكرية و صراع دائم على السلطة، حيث انه في اغلب الأحيان لا يلتزم الحكام الجدد بما منحه الحكام السابقون للمستثمرين من تعهدات وضمانات. إن تدفق الإستثمارات الأجنبية يتطلب وجود نظام قانوني و قضائي فعال و مستقر يحمي رجال الأعمال من أي إجراءات تعسفية و يمكنهم من استرداد حقوقهم بسهولة و سرعة.

ب‌- الاستقرار الإقتصادي: يقصد بالاستقرار الإقتصادي استقرار القوانين و القرارات المنظمة للنشاط الإقتصادي و الإطار العام للسياسة الإقتصادية للدولية، و كذا وضع تشريعات واضحة تنظم نشاط القطاع الخاص و الإستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى ذلك فإن الاستقرار الإقتصادي ينطوي على وجود فرصا استثمارية مجزية و نظام مصرفي كفء وسياسات اقتصادية واضحة و نظام ضريبي واقعي،فضلا عن تامين المستثمرين الأجانب ضد مخاطر مختلفة مثل المصادرة، مع تمكينهم من تحويل الأرباح و رأس المال إلى الخارج في حالة التصفية. مسؤولية

2- الحوافـز الماديـة:

أ – الموقـع المناسب: يكتسي الموقع الجغرافي للمنطقة الحرة أهمية قصوى ضمن جملة العوامل المساعدة على تهيئة المناخ المناسب لنجاح مشروع المنطقة الحرة ،بدليل أن جل التعاريف المقترحة ركزت على ضرورة وجود المنطقة بمحاذات أو بداخل الموانئ الجوية او البحرية ، بالاضافة الى وقوعها على شبكة الطرق ذات كفائة عالية من الخدمة لاستعاب حركة النقل الواردة اليها و الصادرة منها ، زيادة على قرب المنطقة من مراكز التجمعات العمالية خصوصا العمالة الرخيصة ان اهمية الموقع الجغرافي تكمن في تسهيل التعامل مع العلم الخارجي ، هذه الاهمية تمنح افضلية لبعض المناطق على الاخرى في مجال استقطاب الاستثمارات االاجنبية ، و من ثم تجعل من الموقع الجغرافي عاملا اساسيا يساهم في انجاح مشروع المنطقة الحرة.

ب-ارتفاع مستوى البنية التحتية : ان جميع الانشطة الاقتصادية في حاجة الى خدمات اساسية لكي تبدا نشاطها ، و هذه الخدمات العامة المتاحة لاستخدام الجميع هي ما يسمى بالبنية التحتية ، اذ ان الاستمارات الاجنبية تتدفق على المناطق الحرة التي تتميز ببنية تحتية جيدة المستوى ، تتمثل البنية التحتية في الطرق و المواصلات السلكية و الللاسلكية ، الصرف الصحي و محطات القوة الكهربائية ، خطوط الطيران ، المطارات، الموانئ ، و شبكة الإتصالات التي تخدم النقل السريع للبضائع و الأفراد لا سيما بالنسبة للمنتجات عالية التقنية التي تحتاج الى عناية خاصة اثناء نقلها من المنطقة الحرة الى اماكن التصدير ، كما ينبغي توفير و تهيئة اراضي جيدة ذات مساحات كبيرة و منفصلة عن المناطق السكنية ، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمناطق الحرة للتصدير. إن عدم توفير هياكل قاعدية فعالة قد يؤدي الى فشل مشروع المنطقة الحرة.

ج-توفـر المدخـلات الأولية للعملية الإنتاجية ( العمالـة ): تعتبر العمالة أحد الأعمدة الثلاثة الرئيسية التي يرتكز عليها النشاط الإنتاجي ، زيادة على العاملين الأخرين المتمثلين في راس المال و التنظيم ،لذلك فإنها تعتبر من بين المقاييس التي يختار على اساسها مكان تموقع المنطقة الحرة ، و ذلك بالقرب من التجمعات السكانية حتى يسهل اختيار الأيدي العاملة المناسبة ، لأن المؤسسات الصناعية قليلا ما تقوم بتدريب العمالة ، بل تفضل اختيار الدول التي بها عمالة ماهرة و مدربة ، واصحاب رؤوس الأموال يبحثون عن المواقع التي تتوفر بها يد عاملة بالمستوى الفني المطلوب ، و في نفس الوقت تكون منخفضة الأجر. و كما هو معلوم فإن اجور العمالة في الدول النامية بصفة عامة اقل من اجور العمالة بالدول المتقدمة. ان اجر العامل الى جانب ثقافته و مهارته و انضباطه ، و تفانيه في العمل و قدرته على الاستعاب تعتبر من اهم العوامل المساعدة على نجاح المنطقة الحرة و جلب الإستثمارات الاجنبية اليها .

3- التحفيزات الجبائية و المالية: إذا كانت نوعية و فعالية المحيط المادي هي عناصر هامة و ضرورية لنجاح المنطقة الحرة ، فإن مجموع التحفيزات الجبائية و المالية هي ايضا جد مهمة ،لأنه من وظائف الجباية استعمالها كوسيلة للتوجيه و التنظيم الإقتصادي ، و في حالة المناطق الحرة فإن جملة التحفيزات الجبائية و المالية تعتبر من العوامل المساعدة على نجاح المنطقة الحرة ، إلا انه ثبت و انها لا ترق الى الدور الذي تلعبه التحفيزات المادية و كذا الإستقرار السياسي و الإقتصادي.

أ‌- التحفيزات الجبائية: تختلف التحفيزات الجبائية من دولة الى اخرى ، و تاخذ شكل اعفاء جبائي مرتبط عموما بفترات متفاوتة،و كذلك التخفيض في حالة اعادة استثمار الأرباح،و يمكن تلحيص الإعفاءات الجبائية في مايلي : – إعفاء من الحقوق الجمركية ، الرسوم و الضرائب المختلفة و المتعلقة باستيراد المواد الأولية و تجهيزات الإنتاج ، هذه الإستثناءات المطبقة على المواد الأولية و على التركيبات المستوردة و المعادة للتصدير تكون غالبا مرتبطة بسلسلة الإنتاج المستعملة من طرف المؤسسة خلال عملية الإنتاج. – إعفاء ضريبي على مداخيل المؤسسات لمدة تمتد بصفةعامة من 05 الى 10 سنوات و قد تصل احيانا الى 15 سنة ، إلا أن المؤسسات المتواجدة بالمنطقة تنجح احيانا في تمديد هذه المدة عن طريق تهديدات بالرحيل عن المنطقة ، لأنها تستفيد من انتقالها الى منطقة أخرى بمدة إعفاء جديدة. هناك بعض الدول تمنح اعفاءات ضريبية قد تصل الى مدة حياة المشروع ، غير أن هذه الإعفاءات لا تكون مصدر اهتمام من قبل المؤسسات الكبرى ، اما المؤسسات التي تولي هذه الإعفاءات اهمية هي المؤسسات فليلة الفعلية ، وذلك لتعويض نقص الفعالية بالحصول على هذه الإعفاءات.

ب-التحفيزات المالية: من اجل تهيئة المناخ الملائم لإنجاح مشروع المنطقة الحرة تلجأ بعض البلدان الى تقديم تحفيزات مالية مغرية جدا تتمثل في :

إمكانية الحصول على قروض بمعدل فائدة متواضع لأجل إنجاز المخطط الإستثماري .

معدلات تفضيلية خاصة بالنسبة للمواقع المستاجرة للمستثمرين.

تقديم مساهمات مالية لتكوين اليد العاملة اللآزمة لعملية الإنتاج. إن هذه التحفيزات تختلف من منطقة الى اخرى،نظرا لتفاوت مستوى العوامل المادية، كالهياكل القاعدية…الخ ،لذلك فإن المناطق التي لا تلق إقبالا كبيرا من الشركات الأجنبية تغطي هذا النقص في الحوافز المادية، عن طريق منح حوافز مالية مغرية و جذابة للآستثمارات الأجنبية داخل المنطقة. و قد يحصل و ان تقوم الدولة بتمويل بناء المباني الصناعية ، او قد تاخذ على عاتقها التمويل الجزئي لهذه المباني في بعض الحالات النادرة.

4- جلب رأس المـال الأجنبـي: إن من أهم أهداف الشراكة الأورو-متوسطية بالنسبة للضفة الجنوبية هي جلب رؤوس الأموال من اجل إنعاش الإقتصاديات الوطنية ، و تطوير الإستثمارات المحلية ، ومن أجل دخول رؤوس الأموال الأجنبية لا بد من توفر الشروط التالية: 1-استقرار الإقتصاد الكلي. 2-تقليل الإعتماد على الضرائب التجارية. 3-تخفيف عبء الدين الخارجي. 4-درجة عالية من الإنفتاح.

الخــــــاتمة:

إن المشروع الأورومتوسطي يعكس عدم التكافؤ الكبير في علاقات القوة بين الإتحاد الأوربي من جهة و الدول العربية المتوسطة من جهة أخرى ، فالإتحاد الأوربي يفاوض ككتلة قوية عسكريا و سياسيا و إقتصاديا بينما تفاوض الدول العربية، بصورة متفرقة مما سيؤدي لا محالة إلى القضاء على إمكانية قيام وحدة إقتصادية عربية تدريجية. كما أن هذا المشروع ينادي بإقامةالمنطقة الحرة التي سيكون لها آثار سلبية عديدة أو لها على الصناعات العربية التحويلية القائمة ، إما القضاء على أغلبها أو التأثير فيها سلبيا، نظرا إلى تقدم الصناعات التحويلية في الإتحاد الأوربي لأنها تستفيد من إقتصاديات الإنتاج على نطاق واسع بسبب ضخامة سوق الإتحاد و بسبب أن عددا مهما من شركاتها هي من نوع شركات متعددة الجنسيات و ايضا فربما الخطر الأهم لمنطقة التجارة الحرة هو الحيلولة في المستقبل دون تطوير صناعات تحويلية عربية غير قائمة حاليا أو قائمة على نطاق محدود ، فإنفتاح الأسواق العربية المتوسطية و من دون حماية على إستيراد سلع مصنعة متطورة و ذات تقنية عالية كصناعات الكمبيوتر و الصناعات الطبية سيشكل عقبة في طريق العمل على إقامتها في الأ قطار العربية المتوسطية ممـا سيـؤدي إلى إستفحـال البطالة في هذه البلدان.

 

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى