قضايا فلسفية

الصحافة العلمية ودور مصيري في رفع الوعي الشعبي والرسمي بقضايا تغير المناخ وندرة المياه والبحث العلمي

“الصحافة العلمية”بوابة أمل تنتظر مصر للدخول لعالم أكثر انفتاحاً وتقدماً

الصحافة العلمية ودور مصيري في رفع الوعي الشعبي والرسمي بقضايا تغير المناخ وندرة المياه والبحث العلمي

بقلم – عمرو سليم:

خلايا نحل من العلماء والباحثون يتحركون كل دقيقة لا بل كل ثانية داخل المختبرات و المعامل والمؤسسات البحثية فى مختلف أرجاء المعمورة في سبيل الخروج باختراع جديد يفيد البشرية ويحركها للأمام، لا عائق يقف أمام حركة التطور السريعة فى عالم أصبح مثل القطار من يتأخر على موعده لا يقف لينتظره بل ينطلق مسرعاً فى طريقه ،ليترك المتأخر وراءه يصارع المجهول، وسط ذلك العالم الذي يختفي بعيداً عن أعين العديد من المواطنين الذين يجهلون كيف ينطلق ويتحرك كل ثانية من جديد لجديد ، يتبادر سؤال هام الى الأذهان كيف سيتم نقلصورة ذلك العالم الخفي إلى المجتمع و رجل الشارع البسيط ؟!!

فكر لعدة دقائق ربما تصل إلى إجابة سريعة ..

ببساطة شديدة الحل هنا يكمن فى “الصحافة العلمية”. فذلك النوع من الصحافة الذي كان ينظر القراء إليه من قبل بنظرة سريعة غير فاحصة في العديد من دول العالم من قبل لكنها أصبحت الآن تتنافس للوصول إلى قمة أولويات القراء بل إن هناك طموحات بأن تدخل في سباق مع أقسام السياسة والاقتصاد وربما حتي الرياضة في جذب القراء والتأثير فيهم…ولكن للأسف حتى الآن لم تدخل” الصحافة العلمية” بصورة مهنية وقوية إلى بلاط صاحبة الجلالة في مصر، وفى نفس الوقت لا ننكر أن هناك محاولات لذلك إلا أنها تحتاج للاستمرار والصمود أمام المنافسة الشرسة من الأقسام الإخبارية الأخري.

إن الصحافة العلمية ببساطة شديدة وبدون تعقيد هي عبارة عن حلقة وصل بين الباحثين و العلماء والمخترعين من جانب ، والقراء من جانب آخر لتظهر وتشكل جسر مضيئًامتوهجًا بالعلم والمعرفة، تَعبُر من خلاله الحركة العلمية السريعة لعقول القراء بصورة بسيطة وسهلة لتترجم أحدث التطورات والتفاصيل العلمية المعقدة للغة يستطيع رجل الشارع البسيط أن يتفاعل معها ويقبل علىقراءتهاأول بأول.

من هنا، فتأتي الصحافة العلمية لتهتم بالعديد من المجالات الحيوية التى يتعلق أغلبها بحياة المواطنين اليومية مثل الطب، والفيزياء، والكيمياء، والفلك، والطاقة، وكذلك أبرز الاختراعات الحديثة والمعارض العلمية-على سبيل المثال وليس الحصر- فذلك النوع من الصحافة الذي يراه البعض معقدًا،بل بعيدًاعن اهتماماتهم، هو في حقيقة الأمر يتعامل مع العلوم التى وجدت لتسهيل حياة الشعوب وجعل ظروفهم المعيشية أكثر سهولة ويسر، أى أنها في حقيقة الأمر ترتبط بالمواطنين أكثر من أى فرع آخر من فروع الصحافة.

بالرغم من أهمية ذلك النوع من الصحافة وبدء انتشاره في العديد من ربوع العالم مثل ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ، وعدد من الدول الأوروبيةألا أنه مازال يعاني من سقم حاد في مصر لعدد من الأسباب نُوجز أبرزها فيما يلي:-

1- بعض أصحاب الصحف ووسائل الإعلام بوجه عام يوجهون معظم اهتماماتهم للأقسام التى تعودوا منذ زمن أنها تجذب القراء بصورة مباشرة لتحقق مبيعات لصحفهم وتجذب المعلنين و الأموال إلى وسائلهم الإعلامية.

2-العلوم و الاختراعات لم تنل القدر الكافي من اهتمامات المؤسسات الحكومية بل للأسف غاصت إلى الأعماق وتوارت عن الأنظار.

3-غياب المهنية والاحترافية والتدريب الكفء في مجال الصحافة العلمية بصورة واسعة ، حيث أصبحت العديد من الأعمال الصحفية في ذلك النوع من الصحافة تعمل بطريقة “النسخ و اللصق” من الدوريات العلمية ووسائل الإعلام الأجنبية إلى صفحات الصحف المحلية والمواقع الإلكترونية.

4- غياب وجود إستراتيجية واضحة ورؤية محددة للبحث العلمي مما يجعلمن الصعوبة على الصحفيين العلميين متابعة أخبار العلوم والحصول على بيانات دقيقة من جهات محددة حول آخر التطورات العلمية.

5- انصراف القراء عن متابعة الأخبار العلمية لصالح الأقسام الصحفية الأخرى ، وأصبح ذلك الأمر بمثابة شىء روتيني يومي يتعامل معه العديد من الصحفيين بدون أية محاولات جدية لتغيير ذلك.

6- تحولت الصحافة العلمية في بعض الوسائل الإعلامية لأداة للتشاحن والصراع السياسي، فأصبحت صفحات ومواقع بعض الصحف كأنها أرض لمعركة بين تيارين أحدهما يفتخر ويتباهى بقوة بإنجازات غير واقعية، والآخر يحقر ويقلل من شأن أي خطوة قد تقود لتحقيق إنجاز علمي حقيقي، وأصبح القارىء تائهًا بين الفريقين، مما جعل بعض القراء يفقدون الثقة فيما يقرأون من تطورات علمية حدثت أو قد تحدث في المستقبل.

أعزائي القراء،هل يمكن أن نتخيل حالنا والعالم يعلن كل دقيقة عن إنجازات علمية كبرى واختراعات تُغيّر وجه الحياة، ليس على الأرض فقط بل تعدّى الأمر ليصل للكواكب الأخري ، فى نفس الوقت الذى لن تتعجب اذا وجدت أن مجتمعنا ينفق المليارات علي مباريات الكرة والمسلسلات الترفيهية واستيراد أحدث موديلات التليفونات المحمولة، و العطور، و الملابس الجاهزة، وفي نفس الوقت نتردد فى الإنفاق على تطوير مؤسسات البحث العلمي، والاهتمام بالباحثين والعلماء، الذين هرب بالفعل العديد منهم من تلك الأجواء المظلمة إلى أراضي أخرى، ربما يجدون فيها من يقدر علمهم ويهتم بأبحاثهم بدلاً من أن يكون مصيرها سلة القمامة أو بائع الساندوتشات.

أعزائي الصحافة العلمية هي أمل مصر والعالم العربي لرفع الوعي الشعبي، وايضا الرسمي بالعديد من القضايا المصيرية مثل تغير المناخ وندرة المياه والبحث العلمي.

يجب أن نقف هنا وقفة جريئة بل قوية لنصارح أنفسنا بدون خجل أننا نحتاج بصورة حيوية للصحافة العلمية التي ستجعل مجتمعنا يرى العالم بصورة أكثر شمولاً واتساعا ليستطيع المواطنون توسيع مداركهم، ولنخرج بهم من شرنقتهم الصغيرة إلى عالم أكثر تطوراً يتحرك بسرعة البرق كل ثانية ليقدم كل ما هو مفيد وجديد لخدمة البشرية، ونحن للأسف مازلنا حتى الآن نذهب للنوم مساءاً وكل ما يشغل بالنا ماذا سنتناول فى غذاء الغد!!

هذا المقال جزء من مشروع “الكتابة في المجال العلمي” برعاية معهد جوته، والهيئة الألمانية للتبادل العلمي(DAAD)، وبمساندة وزارة الخارجية الألمانية.

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى