دراسات أسيويةنظرية العلاقات الدولية

الصعود الصينى وتداعياته على العلاقات الصينية – العربية من عام “٢٠٠٤”

اعداد الباحثة : سميرة عبد الغنى عبد الفتاح محمد

اشراف : د / سعاد محمد محمود

المقدمة :

لقد قاد انهيار الاتحاد السوفيتى 1991م إلى فتح افاق جديدة أمام العديد من القوى كالاتحاد الأوروبى والصين واليابان والهند لتتبنى دورا أكثر فاعلية فى النظام العالمى الجديد ,كما أن الأدبيات السياسية المعنية بالشئون الصينية على اختلاف اتجاهاتها تؤكد أن الصين فى مرحلة الصعود لتحتل مرتبة القوة العظمى حيث تتوفر لها كافة المقومات ]مقومات أقتصادية حيث أصبحت الصين أكبر ثانى اقتصاد على مستوى العالم وتمتلك أعلى أربعة بنوك على مستوى العالم من حيث القيمة الرأسمالية والنمو المتصاعد لاستثمارات الصين الخارجية(1),مقومات عسكرية ومقومات بشرية وطبيعية وغيرها من المقومات التى تؤهلها لهذا الصعود[, كما أن الصينين أنفسهم يقولون بأنهم وضعوا خطتهم للوصول الى موقع القوة العظمى الثانية فى منتصف القرن الواحد والعشرين –(2) , ولعل المتتبع للنظام العالمى يلاحظ صعود وبروز الدور الصينى على الساحة الدولية بشكل ملحوظ حيث حظيت الدول النامية عموما والدول العربية بصفة خاصة بوضع خاص فى الأجندة السياسية والاقتصادية الخارجية الصينية .

تقوم الصين فى أحد ابعادها الثابته منذ الثورة الشيوعيه على أعتبار الصين واحده من دول العالم الناميه وهى لم تغير من هذا التوجه بل سعت الى تعزيزه , وبفضل التنامى المستمر لمكانتها على الساحة الدولية،أصبحت الصين من السمات الرئيسية المميزة لفترة ما بعد نهاية القطبية الثنائية, لقد تحولت الصين خلال 30 سنة الاخيره من اقتصاد ينبني بالاساس على الزراعه الى مصنع للعالم ,لتنتشل بذلك 500 مليون شخص من الفقر–(3) ، و إرثها الحضاري و التاريخي و الثقافي الكبير، أصبحت محل اهتمام مختلف مؤسسات الفكر و المعاهد الأكاديمية المتـخصصة فى مختلف انحاء العالم ، لمـحاولة معرفة السـر الكـامن وراء الصعـود الصيني المتميز,واحتمالات تأثيرة على تحول النظام الدولى .
وفى اطار هذا السياق السابق تسعى هذه الدراسه لتحليل تداعيات الصعود الصينى على العلاقات الصينية العربية فقد أدت الامكانات الأقتصادية الهائلة التى حظيت ومازالت تحظى بها الصين الى تنامى العلاقات الصينية العربية كما أن له أبعادا على السياسة الخارجية الصينية .

المشكلة البحثية :

بدأت الصين منذ بضع سنوات تأخذ طريقها جديا نحو تبوء مكانه دوليه متميزة , فقد أحدثت طفره هائله فى التنميه كما احتلت المستوى الثانى على مستوى العالم اقتصاديا ,وتتمثل المشكلة البحثية فى محاولة بحث روابط التعاون فى العلاقات الصينية العربية والتعرف على أشكال هذا التعاون فى المجالات السياسية والأقتصادية والثقافية , لاستكشاف تداعيات الصعود الصينى على العلاقات الصينية العربية من عام 2004,وهو عام نشأة المنتدى الاقتصادى العربى الصينى,والى أى مدى يمكن أن تؤثر هذه الأحداث فى كل من التوجهات العربية والصينية على مضمون وشكل هذه العلاقات

و هذه الإشكالية يمكن ضبطها من خلال السؤال التالي :

” الى أى مدى يؤثر الصعود الصينى على العلاقات الصينية العربية خاصة بعد انشاء المنتدى العربى االصينى ؟”

ويرتبط بهذا التساؤل الرئيسى مجموعة من التساؤلات الفرعية على النحو التالى :

ماهي مقومات وأبعاد الصعود الصينى ؟

هل يؤثر الصعود الصينى على العلاقات الصينية العربية و كيف يحدث ذلك ؟

ما هي المحددات الحاكمة للعلاقات الصينية العربية ؟

ماهى مجالات التعاون بين الطرفين ؟

ماهو مستقبل العلاقات الصينية العربية؟

الاطار الزمانى :

تهتم هذه الدراسة بالعلاقات الصينية العربية منذ عام 2004م حيث تم الاعلان عن انشاء المنتدى العربى الصينى من خلال اعلان زعيم الجيل الرابع من القادة الصينين (هوجنتاو )ووزير خارجيتة (لى شاو بينغ)أثناء لقاؤهما فى نهاية شهر يناير عام 2004م مع الأمين العام لجامعة الدول العربية فى هذا الوقت (عمرو موسى) انشاء المنتدى العربى الصينى ,ليكون اّلية فى تطوير علاقات التعاون بين الجانبين فى القرن الحادى والعشرين بدرجة تتلائم مع رغبات الجانبين من سعيهما الى العمل نحو عالم أكثر عدلا وتوازنا وبما يكفل معالجة أية عناصر سلبية فى العلاقات بين الطرفين وباعتباره إطارا هاما لتعزيز الحوار والتعاون الجماعي بين الصين والدول العربية.

ويعد انشاء المنتدى العربى الصينى تأكيدا للموقف الصينى الداعم للعالم العربى ووحدته وعدم التدخل فى شئونه الداخلية والدعوة الى حل مشاكلة من خلال جامعة الدول العربية ,وتعكس الفترات من (2004-2006),(2006-2008) مدى التقدم الذى تحقق فى مجالات التعاون المختلفة ,فقد حقق انشاء هذا المنتدى تطورا سريعا فى العلاقات الصينية العربية حيث بلغ حجم التبادل التجارى بينهما عام 2004م 37 مليار دولار أمريكى بزيادة نسبتها 44.3% عن عام 2003م وقد أتخذت العلاقات فيما بين الطرفين نطاقا أوسع من التعاون فقد أصبحت الدول العربية هى ثامن أكبر شريك تجارى للصين عام 2005م كما وصل حجم التبادل التجارى بينهما بعد انشاء المنتدى بثلاث سنوات الى 86.4مليار دولار أمريكى بزيادة نسبتها 32% عن عام 2006 ويعكس هذا التطور المطرد فى العلاقات الصينية العربية منذ انشاء المنتدى العربى الصينى .(1)

الدراسات السابقه :

يعد موضوع الصعود الصينى من الموضوعات ذات الاهميه والتى طرحت على الساحه الفكريه السياسيه والاقتصاديه فى تلك الاونة خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1991م,حيث أن الدراسات التى تتناول موضوع الصين لم تتبلور وتتخذ دفعة قوية الا مع بدايات عامى 1949و1956 حيث يعد عام 1956 علامة فارقة فى تاريخ الاهتمام بدراسة الصين فى مصر ,ويعد اهتمام أغلب الباحثين منصبا فى دراسات عن الصين وتنامى قوتها ولكن فى عام 1964 تم صدور أول كتاب عن العلاقات الصينية العربية ولكن هذا الموضوع لم يتخذ اهتماما كبيرا من الدراسات التى تحدثت عن الصين (2) وبالرغم أن أغلب الدراسات اهتمت بالصعود الصينى واّليات ومقومات هذا الصعود وتداعياتة على الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها القوة العظمى فى النظام الدولى خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة الا أن موضوع الصعود الصينى وتداعيات ذلك على العلاقات الصينية العربية لم تحظى باهتمام عدد كبير من الباحثين رغم ذلك ,ويمكن تقسيم هذه الدراسات وفق اتجاهات ومحاور نركزها على النحو التالى :

أولا : الدراسات الخاصة بالصعود الصينى ومقوماته :

تناولت موضوع الصعود الصينى كقوة اقليمية سعت الى تمهيد الطريق لها كى تعلو وتنهض باقتصادها والوسائل التى اتبعتها لتحقيق هذا الغرض ,ويختلف ذلك عما تتناوله الدراسة للصعود الصينى وتداعياته على العلاقات الصينية العربية ,فقد ركزت الدراسات الخاصة على عرض اّليات الصعود الصينى ومقوماتة(عسكرية واقتصادية وطبيعية وبشريةوتكنولوجية.الخ).

  • الشيماء عبد السلام ابراهيم ,“العلاقات العربية_العربية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر :دراسة حالة :مصر والسعودية(2001–2008)” ,رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير فى العلوم السياسية ,كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ,جامعة القاهرة 2008 ,ص 141 .​
  • محمد السيد سليم ,” واقع ومستقبل الدراسات الصينية فى مصر” ,مجلة السياسة الدولية ,العدد173 يوليو 2008,ص71-73 . 4​
1–دراسه وليد سليم عبدالحى ,بعنوان “المكانه المستقبليه للصين فى النظام الدولى 1978–2010” (1)

تناولت الدراسه المقومات التى ساعدت الصين كقوة صاعده لتتبوء هذه المكانه من خلال الاشارة الى البنيه الثقافيه للمجتمع الصينى مع تركيزها على المنظومهالثقافيه فى تشكيل السلوك السياسى والى الاثار السياسيه لعمليه التوزيع السكانى والتركيبه العرقيه للمجتمع وقياس مدى حده النزعة الانفصالية لدى بعض الأقليات الصينية من ناحية ومدى التباين بين الاقاليم من ناحيه اخرى ,كما تناولت التحديثات الاربعه فى الصين التى تم الاعلات عنها وتنفيذها عام 1978 هذا البرنامج الذى شكل نقله نوعيه فى التوجهات السياسية والاقتصادية فى المجتمع الصينى مع التنبيه على مدى تغلغل النمط الرأسمالى فى البنية المركزية للأقتصاد الصينى وأظهرت الدراسة الدور الفعال الذى تتمتع به المؤسسة العسكرية الصينية فى الجانب الأقتصادى والتحكم بالقرار السياسى ايضا لاسيما لحظة الأزمة وهذه العوامل الداخلية لها انعكاسها على سلوك الدوله على المستوى الدولى ,ولهذه الدراسة نظرة أقل تفاؤلا من دراسات اخرى بسرعة الصين فى تحقيق مركز متقدم فى شبكة العلاقات الدولية غير ان المركز الاقليمى للصين سيتعزز على الارجح لكن سرعته مرهونة بعوامل جيواستراتيجية تشمل اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا .

2-دراسة سهرة قاسم محمد حسين ,بعنوان “الصعود الصينى وتأثيرة على الهيمنة الأمريكية فى الشرق الأوسط ”(2)

تناولت هذه الدراسة الصعود الصينى وتأثيرة على الهيمنة الأمريكية من خلال توضيحها للنظام الدولى وهيكله بعد الحرب الباردة التى أعقبها تحول النظام الدولى الى نظام أحادى القطبية بهيمنة أمريكية عليه ,أشارت الى مؤشرات الصعود الصينى والمظاهر التى تدل على وجود صعود صينى سواء صعود أقتصادى أو غيره ووسائل ضبط هذا الصعود وضمان ارتباطه بسياسات سلمية تحاه النظام الدولى ثم أوضحت المعوقات التى واجهت الصين خلال صعودها مثل مشكله الفساد وقضيه حقوق الانسان…الخ.والسياسة الخارجية التى تنتهجها الصين فى منطقة الشرق الأوسط والى أى مدى توجد سياسه خارجيه متعارضة لكل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط ,ثم أنتقلت الى العلاقات الصينية الأمريكية من التقاء للمصالح وتعارضها وكيف أو وسائل الولايات المتحدة الأمريكية لاحتواء الصعود الصينى واستعراض البدائل الاستراتيجية للتعامل مع سيناريوهات هذا الصعود .

  • وليد سليم عبد الحى ,”المكانة المستقبلية للصين فى النظام الدولى 1978–2010” ,مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ,أبوظبى , 2000م .​
  • سهرة قاسم محمد حسين ,” الصعود الصينى وتأثيرة على الهيمنة الأمريكية فى الشرق الأوسط ” ,رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير فى العلوم السياسة ,كلية الأقتصاد والعلوم السياسية ,القاهرة2010 .6​
3- دراسة عبد المالك سالمان ,بعنوان ” 30عاما على تجربة النهوض الأقتصادى فى الصين 1978–2008م ”(1)

تناولت الدراسة النموذج الاصلاحى فى الصين /التحديثات الأربعه التى تم الاعلان عنها وتنفيذها عام 1978 وقد شهد هذا العام الانطلاقه الحقيقية للصين التى يطلق عليها المعجزة الصينية بعد تولى الرئيس الصينى ” دينج هيسياو بنج ” وتوضح الدراسة بأن عام 2008م يمثل مرور ثلاثة عقود على انتهاج سياسة الاصلاح والانفتاح فى الصين ,وتشير الدراسة الى أنه نظرا لتشابك مصالح الصين مع الغرب فانها تتوقع أن يقلص ذلك من توجهات الصدام بين الطرفين خاصه مع الولايات المتحدة الأمريكية ولكن النزعة الأمريكية للهيمنة قد تدفعها للصدام مع الصين على المدى البعيد ,كما تناولت الدراسة الأزمه المالية العالمية وتداعياتها على كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية وأن الصين استطاعت النجاه من هذه الازمة دون أن تذكر مخططات الصين لمواجهه هذه الأزمة .

4- دراسة حكيـمي توفيق ,بعنوان “الحوار النيوواقعى النيولبرالى حول مضامين الصعود الصينى :دراسة الرؤى المتضاربة حول دور الصين المستقبلى فى النظام الدولى” (2)

تهتم هذه الدراسة بالصعود الصينى كأحد أهم ظواهر مابعد الحرب الباردة وقد تناولت هذا الموضوع من خلال وجهتين نظر مختلفتين حيث يعتبر ظهور قوة كبرى جديدة على المسرح العالمي واحد من أحداث قليلة يمكن أن تحمل قدرا من الانتظام أو الفوضى في الحياة الدولية فتركز هذه الدراسة على الصعود الصينى وتداعياته أو دورة فى تغير موازين القوة فى النظام الدولى فهذه الدراسة تحاول قراءة الواقع الدولي من خلال رصد مختلف الافتراضات التي يفرزها أهم اتجاهين نظريين في العلاقات الدولية بشأن الحوار القائم حول كيفية التفاعل مع الصين كقوة صاعدة ويتعلق الأمر من ناحية بأقدم مدرسة في الفكر السياسي وهي الواقعية في صورتها الجديدة، ومن الناحية الأخرى المدرسة الليبرالية نظرا للتأثير الذي تمارسه أفكار المدرستين على صانع القرار في صياغة الاستراتيجية الأمريكية لمواجهة الصين .

عبدالمالك سالمان ,” 30عاما على تجربة النهوض الأقتصادى فى الصين 1978–2008م ” ,شئون خليجية ,مركز الخليج للدراسات الأستراتيجية ,المجلد الحادى عشر,القاهرة ,العدد56,ص131-136.

  • حكيـمي توفيق ,” الحوار النيوواقعى النيولبرالى حول مضامين الصعود الصينى :دراسة الرؤى المتضاربة حول دور الصين المستقبلى فى النظام الدولى” , مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير فى العلوم السياسية والعلاقات الدولية ,كلية الحقوق,2007/2008. 7​
5–دراسة أحمد السعيد ,لى هونغ جيه ,بعنوان “طريق الصين:سر المعجزة” (1)

تناولت الدراسة الصعود الصينى بشئ من التوضيح العميق لمقومات الصعود الصينى _السياسيه والاقتصادية والموارد الطبيعية _منذ قيام جمهورية الصين الشعبية عام 1949م من خلال اشارتها الى الحزب الشيوعى كأحد المقومات السياسية للصعود الصينى وتقديمها المساعدات الخارجية دون التدخل فى شئون الدول الاخرى كما أوضحت ايضا سياسة الاصلاح والانفتاح التى خلقت المعجزة الصينية _ كما تطلق عليها الدراسة_واشارت ايضا الى سر التنمية الاقتصادية فى الصين وكيف استطاعت الصين تقديم الخدمات كالتعليم والرعاية الطبية وغيرهما لمواطنيها رغم كثرة عدد سكانها ,ثم انتقلت الدراسة الى ايضاح العلاقات الصينية مع العالم ككل أوروبا وافريقيا واسيا والدول العربية وقامت باستشراق رؤية مستقبلية للصين .

6–دراسة قط سمير ,بعنوان ” الاستراتيجية الاقتصادية الصينية فى افريقيا:فترة مابعد الحرب الباردة قطاع النفط انموذجا ” (2)

تناولت الدراسة صعود الصين و توجهاتها الاستراتيجية نحو أفريقيا فقد أوضحت المقومات التى ساعدت الصين فى الصعود من النموذج الاصلاحى بشكل عام وتحدثت فيه عن مختلف النظريات التي تبنتها الصين، في سبيل الاصلاح حتى استقرت على افكار “دينج سياو بينغ”حول التحديثات الاربعة خالقة بذلك نموذجا فريدا، يسمى باقتصاد “السوق الاشتراكي الى المقومات الاقتصاديه بوجه خاص كما أشارت الى انضمام الصين الى منظمه التجارة العالمية وكيف اثر هذا على اقتصاد الصين وأن تاريخ انضمامها عام 2007م يعد نقطة انطلاق لها ثم تطرقت للاستراتيجية الصينية في افريقيا والتى تشمل التبادلات التجارية بين الصين و افريقيا و الاستثمارات الصينية الصينية في افريقيا واهدافها حيث ترغب الصين من وراء ذلك الدعم الافريقي بشان قضية تايوان وكسب التاييد الدبلوماسي الافريقيبشان عدة قضايا خاصة اتهامها بانتهاك حقوق الانسان سعيها ايضا لخلق نظام دولي متعدد الاقطاب ثم اشارت الى نموذج من الإستراتيجية الصينية في أفريقيا وهو قطاع النفط .

7- دراسة محمد عبدالوهاب الساكت ,بعنوان “الصعود الصينى ” (3)

تناولت الدراسة الاشارة الى الصعود الصينى ومدى ارتباط هذا الصعود بعلاقات الصين بالبلاد العربية وأشارت الى مدى أهمية التعاون بين الصين والدول العربية وأن هذا التعاون قد يمثل النموذج القدوة لعلاقات بشرية رائدة يصبح بها هذا القرن قرن سلام وأمان كما أشار الى

———————————————​

  • أحمد السعيد,لى هونغ جيه ,” طريق الصين:سر المعجزة” ,المكتب المصرى للمطبوعات –مصر 2014 .​
  • قط سمير ,” الاستراتيجية الاقتصادية الصينية فى افريقيا:فترة مابعد الحرب الباردة قطاع النفط انموذجا ” , مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية ,كلية الحقوق والعلوم السياسية ,2007/2008 .​
  • محمد عبدالوهاب الساكت ,”التعاون العربى الصينى فى القرن الحادى والعشرين “,فى :هدى ميتكس ,خديجة عرفة محمد (محرران),الصعود الصينى ,مرجع سبق ذكره.8​
انشاء المنتدى العربى الصينى عام 2004م والجهود التى سبقت انشاء هذا المنتدى من قبل الجانب العربىى والجانب الصينى ,كما تناولت أهم مجالات التعاون فيما بين الطرفين فى المجال السياسى والمجال الأقتصادى والثقافى .

7–دراسة محمد عطية محمد ريحان ,بعنوان “التجربة الأقتصادية الصينية وتحدياتها المستقبلية“ –(1)

تناولت الدراسة تجربة الصين الأقتصادية والتعرف على أهم الركائز للأقتصاد الصينى مع الاشارة الى مراحل تطور الأقتصاد الصينى ما قبل تأسيس الجمهورية ، وما قبل االانفتاح ، وفي زمن الاصلاح والانفتاح ، من خلال استعراض الخطط الخمسية التي بدأها ماو تسي تونغ،إلى مراحل الاصلاح الانفتاح بقيادة دنغ شياو بينغ ,ثم الانتقال الى وتحليل أبرز التحديات والمشكلات التي قد تؤثر على عملية النمو الاقتصادى في الصين، في ظل الظروف والمتغيرات الاقتصادية التي تمر بها دول العالم , كما هدفت الدراسة إلى حصر وتحليل أهم مقومات الاقتصاد الصيني، وبيان أثر االزمات المالية العالمية على تحقيق معدلات النمو المرتفعة لأداء الاقتصاد الصيني مع بيان مدى الاستفادة من النموذج الصيني في تجارب الدول النامية .

ثانيا : دراسات تتعلق بالعلاقات الصينية العربية :

هى تلك الدراسات التى تناولت الجانب الاخر من الدراسة وهى العلاقات الصينية العربية ومجالات التبادل بينهما من قضايا سياسية واقتصادية وثقافية وغيرهم ولكن لابد من التنويه الى أن الدراسات التى تناولت هذا الجزء قليله خاصة الدراسات العربيةمنها .

1–دراسة الشيماء عبدالسلام ابراهيم ,بعنوان ” العلاقات العربية_العربية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر :دراسة حالة :مصر والسعودية(2001–2008)” (2)

تناولت الدراسة تقديم خلفية تاريخية عن العلاقات الصينية العربية وأشارت الى أحداث 11سبتمبر وتداعياتها على العلاقات الصينية العربية ومدى تخوف الولايات المتحدة الأمريكية من هذه العلاقة حيث اتجهت العديد من الدول العربية ومنها مصر والمملكة العربية السعودية على سبيل المثال العمل على توطيد علاقتهما بشكل أقوى مع الصين فى جميع المجالات خاصة بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001من منطلق رؤية الصين لمصالحها .كما أوضحت الدراسة أن العلاقات الصينية العربية تتسع لتشمل العديد من الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية والفنية والتبادلات الاكاديمية وتبادل التأييد فى المحافل الدولية ,وأشارت ايضا الى المحددات التى تقوم على أساسها العلاقات الصينية العربية ومجالات التعاون بينهما فى المجال السياسى والاقتصادى والثقافى والتعليمى .

  • محمد عطية محمد ريحان, “التجربة الأقتصادية الصينية وتحدياتها المستقبلية“,قدمت هذه الرسالة استكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير في الاقتصاد , كلية الاقتصاد والعلوم الادارية جامعة الازهر , 2012 ,ص ك .​
  • الشيماء عبد السلام ابراهيم ,”العلاقات العربية_العربية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر :دراسة حالة :مصر والسعودية(2001–2008)”,مرجع سبق ذكره . 9​
3–دراسة حسن أبوطالب ,بعنوان “الصين والشرق الأوسط ..بين رمزية السياسة وتكامل الأقتصاد” –(1)

تناولت الدراسة الشرق الأوسط بشكل عام فى نطاقة الدول العربية وأشارت الى العلاقات الصينية العربية وحددت أهمية الشرق الأوسط بشكل عام بالنسبة للصين فى كونة المصدر الرئيسىى للنفط العالمى من جهه ولواردات الصين النفطية المتزايدة من جهه أخرى وأنة يشكل الأسواق الكبيرة للمنتجات الصينية والشراكة الاقتصادية الصينية مع الشرق الاوسط ومايمثله هذا من أهمية للاقتصاد الصينى وبالاضافة الى هذه القيمة ظهرت القيمة المالية ايضا لة نظرا لارتفاع اسعار النفط ,كما أشارت الى اهتما الصين بشيوع الاستقرار فى المناطق العربية للاسباب السابق ذكرها كما أشارت الى مدى الأهمية التى تمثلها البلاد العربية للصعود الصينى بشكل عام وللنمو الاقتصادى فى الصين بشكل خاص .

أدوات جمع وتحليل البيانات المستخدمه :

اعتمدت الدراسه على مصادر جمع البيانات المكتبيه وتشمل مايلى :

1- الكتب والرسائل العلميه والابحاث المنشورة و الغير منشورة التى تناولت الموضوع .

2- المقالات فى بعض الصحف ,والمجلات المصريه والعربيه التى صدرت عن الموضوع

3- الانترنت .

حسن أبوطالب ,” الصين والشرق الأوسط ..بين رمزية السياسة وتكامل الأقتصاد” ,مجلة السياسة الدولية , مجلة السياسة الدولية ,العدد173 يوليو2008 ,ص142-144. 10

تقسيم الدراسة:

المقدمة.

الفصل الاول : مقومات الصعود الصينى .

  • المبحث الاول : أبعاد القوة العسكرية الصينية .​
  • المبحث الثانى : أبعاد القوة الأقتصادية الصينية .​
  • المبحث الثالث : أبعاد الرؤية الصينية الرسمية للعلاقات الخارجية للصين فى القرن الحادى والعشرين .​
الفصل الثانى : محددات العلاقات الصينية العربية .
  • المبحث الاول : التحول فى النظام الدولى .​
  • المبحث الثانى : رؤية كل طرف للطرف الاخر .​
  • المبحث الثالث : المصالح المتبادلة بين الطرفين .​
الفصل الثالث : قضايا العلاقات الصينية العربية .
  • المبحث الاول : القضايا السياسية والعسكرية.​
  • المبحث الثانى : القضايا الاقتصادية .​
  • المبحث الثالث : القضايا الثقافية .​
الفصل الأول مقومات الصعود الصينى .

فى هذا الفصل نحاول الكشف عن مقومات الصعود الصينى التى تعد العامل الحاكم للقدرة الصينية على تعظيم قوتها سواء على المستوى السياسى ,و العسكرى ,و الاقتصادى وغير ذلك فقد شهدت الصين تطورا ملحوظا فى عناصر قوتها خلال السنوات الأخيرة على كافة المستويات خاصة الموارد الطبيعية والطاقة الصناعية والاستعداد العسكرى والسكان والشخصية القومية ونوعية الحكم والروح المعنوية ونوعية الدبلوماسية ولكننا هنا سنشير الى البعد العسكرى والبعد الأقتصادى والرؤية الصينية الرسمية للعلاقات الخلرجية للصين فى القرن الحادى والعشرين.

ومن هنا نجد أن هذا الفصل ينقسم الى 3 مباحث :

  • المبحث الاول : أبعاد القوة العسكرية الصينية .​
  • المبحث الثانى : أبعاد القوة الأقتصادية الصينية .​
  • المبحث الثالث : أبعاد الرؤية الصينية الرسمية للعلاقات الخارجية للصين فى القرن الحادى والعشرين .12​
المبحث الأول : أبعاد القوة العسكرية الصينية.

يتمحور هذا المبحث حول الحديث عن أبعاد القوة العسكرية الصينية ولكننا سنشير قبل ذلك الى القوة العسكرية كمقوم من مقومات الصعود الصينى ,تمتلك الصين جيش يعد الأكبر عالميا من حيث القوة العددية فعدد أفراد القوات المسلحة الصينية يصل الى 2.5مليون جندى –(1) ,كما يعد جيش التحرير الوطنى _الذى أسسه وقادة الحزب الشيوعى الصينى عام 1927م ويرمز لة برمز “PLA”_مهمته الاساسية هى صيانة سيادة الصين وسلامة أراضيها وحمايتها من العدوان الخارجى وشهد تطورا من قوات برية منفردة الى قوات مسلحة مركبة تضم القوات البحرية والجوية والفنية المزودة بأسلحة متقدمة ومازال هناك تحديثات تتم فى القوات الصينية المسلحة ويقوم هذا التحديث على نقاط أساسية _تم ذكرها فى الكتاب الأبيض الصادر عن المكتب الاعلامى التابع لمجلس الدولة الصينى بعنوان “الدفاع الوطنى الصينى فى2004م”_وهذه النقاط على النحو التالى :

  • خفض أفراد الجيش بمقدار 200ألف جندى والهدف من ذلك تحسين الهياكل ورفع النوعية على حساب الكمية _الكيف وليس الكم_وتحسين النسبة بين الضباط والجنود وتحسين نظام القيادة والسيطرة وتقليص حجم السلاح البرى وزيادة السلاح البحرى والجوى وتعميق اصلاح نظام الدعم اللوجيستى المشترك.​
  • تقوية بناء الاسلحة البحرية والجوية ووحدة المدفعية الثانية بينما يتم الأهتمام ببناء السلاح البرى باستمرار سعيا وراء التنمية المتناسقة لهيكل قوات العمليات ورفع قدرة السيطرة على السيادة البحرية والجوية وقدرة الرد الاستراتيجى .​
  • تنفيذ البرنامج الاستراتيجى لتدريب الأفراد والهدف منه الحصول من خلال عشر سنوات الى عشرين سنة على كوادر من ضباط القيادة الذين يستوعبون فن قيادة الحرب المعلوماتية وبناء الجيش المعلوماتى وكوادر من أركان الحرب الماهرين فى التخطيط خاصة فيما يتعلق بمسائل العمليات وبناء الجيش وكوادر أو صف من العلماء القادرين على تنظيم ورسم الخطط الخاصة بتحديث وتطوير الأسلحة والمعدات والتجهيزات والتغلب على المشاكل التكنولوجية الرئيسية وكوادر من الخبراء المتخصصين المتقنين لخواص الأسلحة والمعدات الحديثة ومايستجد منها وكوادر من ضباط الصف البارعين فى استيعاب الأسلحة والمعدات واستخدامها .​
  • تكثيف التوربينات المشتركة على مختلف المستويات والأسلحة لرفع قدرة العمليات المشتركة على ضوء الخصائص والأنماط الرئيسية للحرب الحديثة . __(2)​
  • تسريع عملية تطبيق المعلوماتية:ففى اطار ثورة المعلومات يقوم جيش التحريرالشعبى باعتبارهذا الأمرموضوعا استراتيجيا رئيسيا .​
——————————————
  • محمد عبدالسلام ,القدرات العسكرية الصينية والتوازن الأقليمى , مجلة السياسة الدولية ,العدد183يناير2011-المجلد 46,ص61 .​
  • مسعد الششتاوى أحمد ,القدرات العسكرية الصينية , مجلة السياسة الدولية ,العدد173 يوليو 2008-المجلد43,ص129 .13​

 

ومن هنا نشير الى ان المنافسة العالمية فى الشئون العسكرية قد تكثفت وأدت الى التحول الحالى من حرب الأّليات الى حرب المعلومات التى أصبحت تلعب دورا متزايد الحسم وقد دفع هذا القيادة الصينية الى خفض قوتها العسكرية من الافراد بمقدار 200ألف جندى وارتكازا الى النمو الاقتصادى المستمر فان الانفاق الدفاعى فى الصين قد زادت بالطبع ,وأصبح الجيش الصينى يصل الى مابين 2.3مليون الى 3 ملايين جندى _اذا اخذ فى الاعتبار القوات شبة العسكرية _ويبقى الهدف الرئيسى للاستراتيجية الصينية الى الوصول الى جيش منظم مدرب تدريبا جيدا ومجهز بأحدث القوات العسكرية فى عام 2020م,ولكن على الرغم من تقليل حجم الجيش بحوالى ثلاثة مليون جندى الا أنه يظل عشرة أضعاف مثيله فى اليابان . __(1)

كما أن الجيش الشعبى الصينى مزود بما يقرب من 10أّلاف دبابة وأكثر من 18 ألف قطعه مدفعية وترسانة كبير من الصواريخ التكتيكية والباليستية والعابرة للقارات ,أما عن الاسطول البحرى فهو يتكون من 1200قطعه بحرية تضم 63 غواصة و18 مدمرة وأكثر من 700زورق صاروخى و119كاسحة ألغام و73سفينة انزال برى وعشرات السفن للدعم والتموين ,كما تمتلك اسطولا تجاريا ضخما يمكن استخدامة فى عملية نقل الجنود ,أما عم السلاح الجوى فيضم مايقرب من 3000مقاتلة عبارة عن نسخ مطورة من ميج 21 وميج23 تعرف باسم “جى7″كما أن لديها “جى 10″وهى احدى أكثر المقاتلات تطورا وتمتلك أكثر من 100مقاتلة “سوخوى27” ,وقامت الصين باطلاق أكثر من 100قمر صناعى للتجسس والاتصالات وبدأت برنامجا فضائيا طموحا وتمتلك ترسانة هائلة من الأسلحة النووية . –(2)

وقد حرصت الصين على استخدام ناتج الانطلاقة الاقتصادية فى دعم المجال العسكرى وبناء ترسانة عسكرية قوية تضمن للصين مكانتها كقوة عظمى ولكن لايوجد رقم ثابت يشير الى الأموال التى تنفقها الحكومة الصينية على الدفاع ولكن تشير مصادر اخرى الى أن الحكومة الصينية تطبق قانون الدفاع الوطنى بالنسبه للانفاق العسكرى المتوازى مع الدخل القومى وعلى الرغم من التقديرات المختلفة حول موضوع الانفاق العسكرى الصينى الا أن الثابت أن الصين زادت بنسبة كبيرة من انفاقها العسكرى وتتراوح التقديرات الرسميى الصينية بين 30-35مليار دولار سنويا ولكن البعض يعتقد أنها أرقام أقل من القيمة الحقيقية ,كما لجأت الصين الى التعاون العسكرى مع روسيا من خلال حرصها على شراء صواريخ روسية مماثلة لصواريخ باتريوت الأمريكية اضافة الى طائرات مقاتلة روسية وحرصت الصين ايضا على تنمية أسطولها البحرى بحيث يشمل حاملات للطائرات بالاضافة الى سفن عسكرية ومدمرات ولجأت ايضا الى

————————————————

  • سهرة قاسم محمد حسين , الصعود الصينى وتأثيرة على الهيمنة الأمريكية فى الشرق الأوسط ,رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير فى العلوم السياسة ,كلية الأقتصاد والعلوم السياسية ,القاهرة2010 ,ص63 .​
  • مسعد الششتاوى أحمد ,القدرات العسكرية الصينية , مرجع سبق ذكره ,ص 131 . 14​
الاتفاق مع بورما لاستخدام جزيرتين فى المحيط الهندى كقواعد بحرية ونقاط مراقبة .__(1)

كما أن هناك أراء مختلفة حول أسباب اتجاة الصين الى تحديث القدرات العسكرية الخاصة بها من هذة الأراء :

الرأى الأول :يرى أن السبب وراء ذلك هو تنامى الاقتصاد الصينى حتى أصبح فى مصاف الدول الكبرى من حيث أرقام الدخل والادخار والاحتياطيات الاجنبية من العملة الصعبة والتجارة الدولية وهو مايستدعى مواكبة القوة العسكرية الصينية لهذا الوضع الجديد ,ومؤيدى هذا الاتجاة يررون أن سعى الصين الى زيادة قوتها العسكرية ليس طمعا فى السيطرة وبسط نفوذها فى اسيا وانما ينبع من رغبة الصين فى حماية امدداتها الحيوية الاستراتيجية وأهما على الاطلاق فى هذة المرحلة النفط فتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن مستورد الصين من النفط فى عام 2030م ستساوى ماتستوردة الولايات المتحدة الامريكية من النفط فى هذا الوقت ومن هنا نجد الأهمية القصوى لضمان الممرات البحرية لها وهم بذلك يدعمون حجتهم فى الرغبة السلمية لتنامى الانفاق على القوات العسكرية الصينية . –(2)

الرأى الثانى : يرى أنه يمكن ارجاع رغبة الصين فى تدعيم قدراتها العسكرية الى هدف تأكيد نفوذها خارج حدودها حيث بادرت بالفعل باتخاذ بعض المواقف العدوانية بشأن عدد من القضايا مع جيرانها . –(3)

ويرون أن التطورات السائدة بشأن التوجهات العسكرية الصينية على ساحة الاقليم المحيط بها تركز عادة على مجموعه من الأهداف التى تتتعلق بما يلى :

  • استعادة جزيرة تايوان ويعد الهدف الاول الذى مازال قائما فى العقلية الصينية عبر أكثر من نصف قرن وهو الاتجاة الاستراتيجى الذى جرت بشأنه عمليات تهديد صريحة وأزمات دولية عدة مرات وتم نشر صواريخ قصيرة المدى فى نهاية 2010م فى مضيق فورموزا ,وتعد تايوان هى الحالة التى تم فيها صدور تصريحات صينية غير رسمية تشير الى امكانية استخدام الاسلحة النووية .​
  • موازنة الوجود الامريكى فعلى المستوى العسكرى هناك حالة شك بين الصين والولايات المتحدة الامريكية التى تحتفظ لها بقواعد عسكرية فى اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين قبل الانسحاب منها وهناك وجود عسكرى بحرى ايضا فى منطقه اسيا ,وقد صدرت تقديرات أمريكية تقرر أن أهداف التسلح الصينى الحالى أصبحت تتخطى تايوان الى جزيرة جوام الأمريكية .​
—————————————–
  • سهرة قاسم محمد حسين ,” الصعود الصينى وتأثيرة على الهيمنة الأمريكية فى الشرق الأوسط “,مرجع سبق ذكرة ,ص62 .​
  • مسعد الششتاوى أحمد ,القدرات العسكرية الصينية , مرجع سبق ذكره ,ص 129 .​
  • سهرة قاسم محمد حسين , الصعود الصينى وتأثيرة على الهيمنة الأمريكية فى الشرق الأوسط ,مرجع سبق ذكره ,ص 62 . 15​

 

  • الضغط على الهند نظرا لحالة التوتر التاريخية بينهما والتى من خلالها يتم تفسير العوامل الرئيسية اغلتى أدت الى قيام الهند بامتلاك أسلحة نووية كما أدت الى تدعيم التحالف شبة الاستراتيجى بين الصين وباكستان وأدت الى تعميق غير مسبق للعلاقات الهندية –الأمريكية التى بدأت تتضمن بعدا نوويا وتقوم الصين باقامة مشروعات موانى فى الدول القريبة كسريلانكا وباكستان وغيرهما ليس لتأمين الصين لتجارتها المتنامية عبر البحار وانما ايضا لحصار الهند . –(1)​
ويعد تنامى القوة العسكرية الصينية مصدر قلق لدى دول الغرب وبصفه خاصة الولايات المتحدة الأمريكية ودول اخرى اسيوية ايضا ولعل الزيادة المستمرة للتخصص العسكرى الصينى يجعلان الطريق ممهدا لولادة حرب باردة جديدة يكون طرفاها الصين والولايات المتحدة الأمريكية ذلك على الرغم من التصريحات المطمئنة من الجانب الصينى ,وما أدى الى تزايد القلق الدولى قيام العملاق الصينى فى يناير 2008م بتجربة السلاح المضاد للاقمار الصناعية لتصبح بذلك البلد الثالث بعد الولايات المتحدة والأتحاد السوفيتى السابق الذى يسقط جسما فى الفضاء , – (2) وعلى صعيد اّخر تسهم الصين فى مجال بيع تكنولوجيا السلاح لباكستان خاصة مجموعه من الصواريخ M11 ا القادرة على حمل رؤس نووية لمسافة 300كم مما يمكن أن يضاعف من مخاطر الحرب على الحدود الهندية الباكستانية ,كما ساعدت الصين كل من الجزائر وايران فى مجال الطاقة النووية وان اعتبرت الصين مقارنه بكل من الولايات المتحدة وفرنسا واليابان وروسيا أقل انخراطا فى مجال بيع الاسلحة . – (3)

كما أسهم تسارع الصعود الصينى على الصعيد العسكرى بشكل كبير الى اذكاء حدة التخوف من النوايا والتطلعات الصينية خاصة وأن العالم قد عانى من قبل من جراء صعود بعض القوى حيث أدى صعود الولايات المتحدة الامريكية على سبيل المثال الى اثارة مخاوف دول أمريكا اللاتينية ,كما تبدى عدد من الدول تخوفها من صعود بعض القوى أو من امكانية تحولها الى نظم ديكتاتورية ويعد استرجاع الصين لقدراتها العسكرية عبر انطلاقتها الصناعية مما جعلها تعيد النظر فى هذه الاوضاع فى سبيل تصحيحها .

وبالتالى فالمخاوف اتجاة القدرات العسكرية الصينية متمثلة فى مخاوف الولايات المتحدة الأمريكية ,والمخاوف على المستوى الأقليمى خاصة بالنسبة لتايوان واليابان والهند للصين :

أولا : فيما يتعلق بالمخاوف الأمريكية :

تمثل التطورات والتحديثات فى القوة السكرية الصينية خاصة بعد التطورات السابق الاشارة

—————————————————–

  • محمد عبدالسلام ,”القدرات العسكرية الصينية والتوازن الأقليمى “,مرجع سبق ذكرة ,ص62 .​
  • مسعد الششتاوى أحمد ,القدرات العسكرية الصينية , مرجع سبق ذكره ,ص128 .​
  • هدى ميتكيس ,انجازات الصعود الصينى ,فى : هدى ميتكس ,خديجة عرفة محمد (محرران),“الصعود الصينى “,ص151 .​
اليها وينعكس التخوف الأمريكى فى التقارير الاستراتيجية فى الولايات المتحدة ازاء الصين وهى على سبيل المثال وليس الحصر :
  • استراتيجية الأمن القومى الأمريكى لعام 2006 والتى ترى فى زيادة عناصر القوة فى الجيش الصينى وتوسيع التجارة الصينية نقاطا مثيرة للقلق تدعو الولايات المتحدة الى تشجيع الصين على اتخاذ الاختيارات الاستراتيجية الصحيحه لشعبها مع قيام الولايات المتحدة الامريكية فى الوقت نفسه بالتحوط لكافة الاحتمالات الاخرى .​
  • أما المراجعة الدفاعية الرباعية الأمريكية الصادرة عن 2006م والتى تصدر كل أربع سنوات فقد وصفت الصين بأنها أكبر تهديد عسكرى مستقبلى للولايات المتحدة ورصد التقرير التخوف الأمريكى من قدرة الصين المستقبلية على خوض حرب معلوماتية اثر دراسة الأخيرة ومراقبة نظام المعلوماتية الأمريكية والتركيز على نقاط ضعفه .​
  • وقد كان تقرير القوة العسكرية للصين 2006م هو تقرير سنوى يرفعه البنتاجون للكونجرس وهى من أكثر التقارير تحدثت عن الهاجس من القوة العسكرية الصينية لدرجة دفعت البعض الى القول أنة يؤرخ لمرحلة حرب باردة جديدة مع الصين ويقول التقرير أنه مادامت القوة العسكرية الصينية متنامية فان المهما الاستراتيجيه لتلك القوة ستتغير ايضا والتاريخ الامريكى يعلم جيدا أنه مع زيادة اللقوة العسكرية الأمة تنمو معها الطموحات ويضيف التقرير أنه اذا ماأخذنا فى الاعتبار الطبيعة الغامضة للتخطيط العسكرى الصينى وأساليب اتخاذ القرارات الحكومية فان لايكون أمام المحللين الغربين الا التخمين بالاتجاهات التى ستأخذ بالقوة العسكرية الصينية المتنامية . –(1)​
  • كما تبدى التقديرات الرسمية الامريكية قلقها ازاء تصاعد عمليات التطوير العسكرى فى الصين من زاوية ما اذا كان ذلك يمكن أن يمكنها من التفكير فى سيناريوهات سيئة لاتفكر فيها فى الوقت الحالى تجاة المشكلات السياسية أو الامنية المعلقة أو أن ذلك يمكنها من توسيع قدرتها على التأثير فى تطورات “أقاليم الجوار البعيد” ,ويتضح هنا مدى التخوف الامريكى من تنامى القدرات العسكرية الصينية وأن أغلب التقديرات الامريكية تحمل هذا التخوف . –(2)​
لكن التقديرات الامريكية الاخيرة للقوى الصينية تمس قطاع القوة العسكرية الصينية فقد حدد التقرير السنوى لوزارة الدفاع الامريكية عن القوة العسكرية للصين الصادر فى أغسطس 2010 ,و الذى يوضح أربع مجالات للتطور العسكرى المقلق ومنها :
  • القيام ببناء حاملات طائرات متطورة بقدرات ذاتية وبميزانيات عسكرية تصل الى 20مليار دولار ومع امتلاكها قوات مشاة بحرية وتطويرها لصواريخ “كروز” وحيازاتها لطائرات خفيفة يسود اتجاة بأن الصين تقوم ببناء قوة بحرية قادرة على العمل عبر البحار على مسافات أبعد مما كان متصور تقليديا بالنسبة لها .​
——————————————————-
  • مسعد الششتاوى أحمد ,“القدرات العسكرية الصينية “, مرجع سبق ذكره ,ص130 .​
  • محمد عبدالسلام ,”القدرات العسكرية الصينية والتوازن الأقليمى “,مرجع سبق ذكرة ,ص61 .​
  • القيام بتطوير أنظمة صاروخية متقدمة الاهداف الاقمار الصناعية العسكرية وأنظمة صاروخية مضادة للصواريخ العابرة للقارات وهو مجال عمل يجعل الصين أكثر تقدما من الناحية العسكرية من دول مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا واليابان على نحو طرح مسألة تجاوزها لنطاق فكرة القوة الاقليمية العظمى .​
  • قيامها بتوسيع نطاق تحالفاتها العسكرية الخارجية فى منطقة جنوب شرق اّسيا المحيطة بالهند والقريبة من تايوان وقد تمت الاشارة فى بعض المصادر الى احتمالات قيامها بالحصول على تسهيلات عسكرية خارج المنطقة الاسيوية من الاساس فى افريقيا تحديدا .–(1)​
وبناء على ذلك فان واشنطن لاتثق بتقديرات الصين المعلنة عن نفقاتها الدفاعية الصينية حيث تقدرة واشنطن ب 150 مليار دولار فى حين أن الصين تعلن أنها لاتتجاوز 70مليار دولار ,ومما سبق يتضح مدى التقلق والتخوف الامريكى من صعود الصين خاصة الصعود العسكرى ,كما يعد بقاء القوات الأمريكية فى منطقة اسيا حيث سادت فى بعض الفترات ميول انسحابية أمريكية من بعض اقاليم اّسيا لكن هذه التوجهات قد تجمدت بفعل مخاوف دول تللك المنطقة من العسكرة الصينية ولمنع محاولة بعضها من التفكير فى انتاج أسلحة نووية .

ثانيا : فيما يتعلق بالمخاوف الاقليمية :

يعد أحد ملامح التفاعلات الاستراتيجية فى منطقة شرق اّسيا هو أن الدول تعبر بشكل صريح عن توجهاتها ازاء مايجرى فى الجوار خاصة مايتعلق بتأثيرات القوة العسكرية الصينية ولكن مع ذلك فان هذه المخاوف لاتمنع العلاقات الاقتصادية بين دول تلك المنطقة ويشمل ذلك علاقتها مع تايوان التى كثيرا ما كانت تشهد تصاعد التهديدات العسكرية والتفاهمات الاقتصادية فى الوقت نفسه ولاتمنع التعاون السياسى ايضا كما يجرى بشأن مشكلة كوريا الشمالية النووية . –(2)

ولكن التخوف من تنامى القدرة العسكرية الصينية مازال قائما لما يمكن أن يتسبب فية من اذكاء حدة الصراع فى المنطقة ولذلك فان محاولات الصين بناء قوة عسكرية قوية تواجة اتجاها قويا يسعى الى ادانتها ,وفى هذا النطاق تتضح أهمية منطقة بحر الصين الجنوبى المتنازع عليها فالصين تدعى ملكية 1000ميل منها وترجع أهمية هذه المنطقة الى كونها بحرا دوليا وطريقا ملاحيا هاما يتم نقل بترول الخليج العربى لليابان من خلاله كما تتمثل أهميتها ايضا فى احتوائها على كل من البترول والغاز الطبيعى وترى الصين أن هذه المنطقة تابعه لها تاريخيا ,ولهذا نجد تخوف من أن يقود هذا الصين الى استخدام القوة العسكرية للسيطرة عليها ,وتتنازع كل من ماليزيا وفيتنام والفلبين وتايوان على هذه المنطقة وقد خاضت الصين حربا ضد فيتنام فى المنطقة خلال عامى 1974,1980,وقد أستطاعت الصين السيطرة على قطاع داخل جزيرة وودى أكبر جزر باراسيل بطول 2600مترا كما أعطت حق التنقيب ايضا عن البترول فى

——————————————————–

  • محمد عبدالسلام ,”القدرات العسكرية الصينية والتوازن الأقليمى “,مرجع سبق ذكرة ,ص61 .​
  • المرجع السابق ,ص62 .​
منطقة متنازع عليها فى بحر الصين الجنوبى مع فيتنام لشركة أمريكية وتكفلت بفرض حماية أسطولها لاعمال هذه الشركة .

كما يمثل تنامى القوة العسكرية للصين مخاوف اخرى من استخدام الصين لقوتها العسكرية فى مضيق تايوان الذى يمثل أهم نقاط الخلاف المحتملة فى المنطقة حيث ألمحت الصين الى استخدام قوتها العسكرية فى حالة اعلان تايوان كدولة مستقلة خاصة بعدما بادرت تايوان باتخاذ مجموعة من المبادرات التى عكست فى مجملها استقلالا فعليا مثل طلب عضوية الامم المتحدة ,وبسبب خلافات بين الصين واليابان على ملكية مجموعة من الجزر فى شمال تايوان فان هناك مخاوف حروب محتملة بين الدولتين ,ويرى البعض احتمال تصاعد سباق التسلح النوعى فى الاقليم بأسرع مما كان عليه فى اية مرحلة سابقة ومن المؤشرات على ذلك صفقات السلاح الأمريكية التايوانية التى تتسم بالضخامة ويمتد هذا السباق الى الدول الاّسيوية الصغيرة ايضا مثل ماليزيا ,وسنغافورة التى أصبحت رابع أكبر مستورد للسلاح فى اّسيا بعد الصين والهند وكوريا الجنوبية ونجد أن السلوك التسليحى للهند يسير فى نفس اتجاة تسلح الصين تقريبا وهذا مايؤدى بدورة الى دخول باكستان على خط سباق التسلح . –(1)

—————————————————

  • هدى ميتكيس ,انجازات الصعود الصينى ,فى : هدى ميتكس ,خديجة عرفة محمد (محرران),”الصعود الصينى “, ص151-152 . 19​
المبحث الثانى

أبعاد القوة الأقتصادية للصين :

ان ظاهرة النمو الأقتصادى فى الصين هى تجربة فريدة من نوعها فى التنمية وهو ماأطلقوا عليه “خصوصية “التجربة الصينية فى النمو وأكد الباحثون والمسؤلون الصينيون أن عدم الانسياق للتجارب الغربية فى النمو (والتى تقلل من دور الجماعة وتعلى من القيم الفردية ) ثم استلهام الخصوصيات الصينية فى توجية مسار النمو الأقتصادى هما اللذان ضمنتا للدولة التمتع بمستويات مرتفعة ومطردة من النمو(1),وقد حقق الاقتصاد الصينى خلال العقدين الأخيرين نتائج مبهرة بعد أن كان لا يتجاوز 6.7%من حجم الاقتصاد الأمريكى(2)بدأ هذا الأقتصاد يحتل أماكن بلدان كبرى منافسة لة فى العديد من القطاعات الأقتصادية وهذه المؤشرات جعلت بعض الأراء تذهب الى أن القرن الحالى سيصبح قرنا صينيا تتصدر فيه الصين الأقتصاد العالمى .(3)

استطاعت الصين بفضل التحول الهادئ الذي قام به دنغ شياو بينغ_ عندما أدرك حقيقة وواقع التحولات العالمية ومقتضياتها وضرورة الانفتاح والبعد عن الجمود الفكري_ من تقديم نموذج اقتصاد السوق الاشتراكى،الذي نقل الصين من مراحل الانغلاق في وجه العالم إلى مرحلة جديدة قادت الصين نحو الانفتاح على العالم وقد وصف موللر أرماك _الذي يعتبر” أبو اقتصاد السوق االجتماعي”_هذا النوع من الاقتصاد بأنه يجمع بين حرية السوق والتنمية الاجتماعية المتكافئة، وهو في رأي الاقتصاديين ليس اقتصادا مختلطا انما هو مدرسة قائمة بذاتها تجمع بين مزايا الرأسمالية والاشتراكية في منظومة فكرية واحدة و يقوم اقتصاد السوق الاجتماعى على اطلاق حرية المنافسة ومراقبة تطور الاحتكارات (4)،وخلق حالة من تكافؤ الفرص باستمرار دور الدولة في مراقبة آليات السوق وموجه لمسارات العملية الانتاجية ومسائل التنمية البشرية والتكنولوجية كأداة لمحاربة الفساد وتأهيل قوى العمل لمشروعات استثمارية جديدة والتدخل عندما يعجز الاقتصاد الحر عن تأدية مهمته مع استمرار تسوية المشكلات الاجتماعية والضمانات الصحية وتحقيق مكاسب للطبقة العاملة فالعمل بنظام السوق الجتماعي يعني استخدام آليات السوق والاستفادة من مزاياها مع التحكم الاقتصادى والاجتماعى والحد من اضرار تقلبها ومعالجة تشوهاتها، بحيث تحقق التنمية الاقتصادية مع تخفيف أعباء المعيشة.(5)

  • محمد عبدالسلام ,” القدرات العسكرية الصينية والتوازن الأقليمى “, مرجع سبق ذكره,ص62 .​
  • أحمد طاهر,”توازنات جديدة:مستقبل العلاقات الصينية–الأمريكية“,مجلة السياسة الدولية,العدد193يوليو2013-المجلد48,ص136.​
  • سهرة قاسم محمد حسين ,” الصعود الصينى وتأثيرة على الهيمنة الأمريكية فى الشرق الأوسط “,مرجع سبق ذكره ,ص 46 .​
  • مغاورى شلبى على,” الصين والأقتصاد العالمى..مقومات القوة وعوائق الاندماج “,مجلة السياسة الدولية ,العدد167 يناير2007-المجلد42,ص80 .​
  • محمد عطية محمد ريحان,” التجربة الأقتصادية الصينية وتحدياتها المستقبلية “,مرجع سبق ذكره, ص151 .​
وبتعقب تنامى القوة الصينية نجد أن الصين أرست بنيتها التحتية الأقتصادية تحت قيادة زعيمها “ماوتسى تونج “مما مكنها من تحقيق انطلاقتها الأقتصادية حيث سجلت معدل نمو بلغ 5.3%من الناتج المحلى الخام خلال الفترة من 1957الى1975م ,ثم جاءت سياسات الاصلاح والانفتاح مع تولى “دنج شياو بنغ ” الحكم فى عام1978م والذى رفع شعار “الخيار الجديد” كما تبنى سياسة الانفتاح على العالم الخارجى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية واليابان لأستيراد التكنولوجيا الحديثة وفتح أسواق جديدة للمنتجات الصينية .ونتيجة للخطط التى تبنتها الصين منذ الثمانينات أصبحت الصين القوة الاقتصادية العالمية الثالثة _بعد اليابان والولايات المتحدة الأمريكية_ ثم المرتبة الأولى أقتصاديا فى الوقت الحالى وقد حققت الصين أعلى معدل للنمو الأقتصادى بين القوى الكبرى فى العالم ففى خلال السنوات الأولى من القرن الحادى والعشرين أصبح 10%سنويا . (1)

الاقتصاد الصينى فى تنامى مستمر ففى عام 1978م كان متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى أقل من 2000دولار وبحلول عام2013م وصل نصيب الفرد الى 6905دولارات ,فى الفترة بين عامى 1980-2000 أسهم نمو الاقتصاد الصينى ب14%من الناتج المحلى العالمى وكان اسهام الولايات المتحدة 20.7%وأسهمت الصين ايضا فى تجارة السلع التجارية للعالم ب4.7%محتلة المرتبة الثانية بعد أمريكا ,كما أن فى الفترة من عام1979حتى 2012بلغ متوسط الزيادة السنوية لاجمالى الناتج المحلى للصين بنسبة 9.8%وفى الفترة نفسها بلغ نمو الاقتصاد العالمى 2.8% ويدل ذلك على أن سرعة نمو الصين أعلى من مستوى العالم ,ولدى الصين أكبر احتياطى نقد أجنبى تملكة دولة على مستوى العالم حيث وصل فى نهاية سبتمبر2006م الى 988مليار دولار حيث حقق بذلك زيادة قدرها 28.5% عن العام السابق وذلك يعود الى فائض الميزان التجارى للصين مع العالم فقد تضاعف ثلاث مرات خلال عام 2006م ليصل الى 102مليار دولار(2) ,وفى عام 2012 وصل اجمالى الناتج المحلى للعالم كله الى 71270مليار دولار وبلغ اجمالى الناتج المحلى للصين 8250مليار دولار ويمثل هذا نصف الناتج المحلى الأمريكى , وتعد هذه مؤشرات على تنامى الأقتصاد الصينى بشكل سريع ,(3) كما تحقق الصين معدل نمو مرتفعا ومتواصلا منذ الثمانينيات لم يقل متوسطه عن 9.8 سنويا خلال هذه الفترة وصل فى بعض السنوات مايقارب 12% كما حدث نوع من التأثير المتبادل بين النمو الأقتصادى وانتعاش التجارة الخارجية للصين خاصة على جانب الصادرات حيث ارتفعت تجارة الصين الخارجية 30%سنويا منذ انضمامها لمنظمة التجارة العالمية عام 2001 وسنشير الى القطاعات المختلفة فى الأقتصاد الصين التى تأثرت بالصعود الأقتصادى الصينى :

———————————————————-

  • هدى ميتكيس ,”الصعود الصينى..التجليات والمجاذير”, مجلة السياسة الدولية ,العدد167 يناير2007,المجلد42,ص74-75 .​
  • المرجع السابق ,ص75 .​
  • أحمد السعيد,لى هونغ جيه , “طريق الصين:سر المعجزة “,مرجع سبق ذكره,ص109 .​

فى مجال النشاط الصناعى :

لقد أستطاعت الصين أن تدفع بعجلة التصنيع للامام بفضل الاعتماد على النفس والانفتاح نحو العالم الخارجي لاستيراد التكنولوجيا الحديثة فقد شهد الاقتصاد الصيني في حقبة السبعينات مرحلة تتسم بالاستقرار النسبي حيث تضاعف انتاج الصلب ثلاث مرات مما ساعد على ايجاد أساس متين لصناعة النفط واقامة منشآت صناعة الالات الثقيلة وايجاد قاعدة صناعية قوية وبواسطة شركات أجنبية متعددة الجنسيات وعابرة للقارات أصبحت تتمتع بالقدرة على الوصول المباشر إلى الاسواق العالمية من خلال شبكة معقدة من العقود ، والواقع أن سلسلة المدن والمناطق الصناعية والتي شكلت بمجموعها “مصنع العالم” كانت بدايتها متواضعة في المناطق الساحلية والمناطق الاقتصادية الخاصة ثم انتشرت في مختلف أنحاء الصين .

ويتضح بذلك الدور الذى قامت به هذه الشركات من أجل دعم التحول فى االقتصاد الصيني القائم على التخطيط المركزي والتحول نحو آليات السوق مما أدى إلى زيادة فرص الاقتصاد الصيني في الاندماج والتعاون مع الاقتصاد العالمي والنهوض بمقومات التنمية عن طريق نقل التكنولوجيا الغربية ، وخلق عدد من الوظائف التي أسهمت في تشغيل أكثر من 20 مليون عامل صيني وأستطاعت الصين بذلك أن تجذب نصف إجمالي الاستثمارات الاجنبية المباشرةالموجهة الى الدول النامية ,(1)ولأجل هذا الغرض بدأ فى انشاء ماعرف “بالمناطق الاقتصادية الخاصة”منذ عام 1980ولكى تجد الاستثمارات الاجنبية دافعا قويا للعمل فى تلك المناطق تم منحها اعفاءات ضربيبية كبيرة وقدمت لها التسهيلات للدخول الى الصين والخروج منها كما تم السماح لهم باقامة هيئات مالية وأسواق للاوراق المالية .(2)

فى مجال الزراعة :

لقد قامت الصين بعد عام 1949 باصلاحات زراعية ومجهودات مختلفة لتحقيق الاهداف المرجوة في هذا القطاع حيث استوعب قطاع الزراعة القدر الاكبر من العمالة و في نهاية السبعينات ألغيت التعاونيات الزراعية وتم تحرير القطاع الزراعي إلى حد كبير حيث بدأ تخفيف قيود التخطيط المركزي للزراعة و أصبحت التعاونيات الباقية مسؤولة عن إدارة نفسها على أساس الربح والخسارة كما بدأت الصين منذ أوائل الثمانينات اجرأتها لتحويل “الكوميونات” وبناء على هذا التحول أصبحت أسر الفلاحين تمثل وحدة الانتاج الرئيسية ,وأصبح من حق الأسرة الفلاحية فى النظام الجديد أن تتصرف فيما تملكه من قطع أراض خاصة عن طريق توريثها للابناء وهكذا وبناء على هذه الاصلاحات أدت الى أن بلغت نسبة الصناعات الزراعية من إنتاج القطاع الزراعي 23 % وقد ساهم ذلك في استيعاب البطالة في الريف التي ازدادت

————————————————————

  • محمد عطية محمد ريحان,” التجربة الأقتصادية الصينية وتحدياتها المستقبلية “,مرجع سبق ذكرة ,ص147-148​
  • سهرة قاسم محمد حسين ,” الصعود الصينى وتأثيرة على الهيمنة الأمريكية فى الشرق الأوسط “,مرجع سبق ذكره ,ص48-49 .​
مقارنة بالحضر الذي استوعب قدرا كبيرا من البطالة في تطور القطاع التجاري والخدمي ونتيجة لذلك استطاع “دنغ شياو بينغ” أن يخرج حوالي 890 مليونا من المزارعين الصينيين من حالة الفقر المدقع بحلول أواسط الثمانينيات وأصبح القطاع الزراعي بذلك أحد المقومات الرئيسة لقوة الاقتصاد الصيني . –(1)

فى مجال التجارة :

تقوم الدولة بالتحكم بهذا القطاع حيث تقوم بضبط قوائم البضائع تصديرا واستيرادا بقصد تحقيق التوازن بين الصادرات والواردات و تغير الوضع بعد برنامج الانفتاح والاصلاح الذي نهجته الصين مثلما حدث مع باقى القطاعات فقد قامت الصين ببناء استراتيجية التنمية من خلال “التوجه التصديري ، بدلا من “سياسة احلال الواردات واعتمدت سياسات تنمية الصادرات على مجموعة من الاهداف الرئيسة منها : معدل النمو المستمر ، تنوع الهيكل السلعي، التوزيع الجغرافي، تكامل في السوق العالمي ، النمو المستقبلي للتجارة الخارجية ولذلك اًصبحت لاعبا اساسياً في تجارة معظم دول العالم كما يعد اعتماد الصين بشكل كبير على الصادرات كواحدة من المقومات الاساسية لقوة الاقتصاد الصيني وقد أدت هذه السياسات المتبعه الى نتائج جيدة للاقتصاد الصينيى حيث ساهمت صادرات السلع والخدمات في زيادة معدلات النمو الاقتصادى في الصين وزيادة قيمة إجمالي الناتج المحلي فقد ارتفعت نسبة صادرات السلع والخدمات في الناتج المحلي الاجمالى من 23% عام 2001 إلى 31% عام 2011 ,(2) كما بلغ معدل النمو الأقتصادى 9.2% وذلك عام 2011(3) وفى عام 2012بلغ معدل النمو7.7%وبلغ نفس المعدل عام2013وبذلك يعد دخول الصين لمنظمة التجارة العالمية له اّثار ايجابية على الاقتصاد الصينى بوجة عام ومجال التجارة الخارجية بوجه خاص .

بعد تولى الرئيس”تشي جينبينغ”منصبه في منتصف مارس عام 2013 فى الصين اتخد عدد من القرارات في نوفمبرعام 2013،علي نفس نهج المؤتمرات السابقة للحزب الشيوعي الصيني، وما تبعه في المؤتمر الـ 14، وسياسة اقتصاد السوق الاشتراكي، وكذلك المؤتمر الـ 17 الذي ركز علي الإصلاح في المناطق الريفية، وكيفية مواجهة نتائج الأزمة المالية العالمية, وقد جاءت ايضا لمواجهة التحديات التي أفرزتها السياسات التي سبق تطبيقها، خاصة تلك المرتبطة بالمؤتمر الـ 17 كما توافقت هذه القرارات مع بدء العمل في منطقة التجارة الحرة في شنغهاي، وما تتضمنه من: ( تحرير أسعار الفائدة- تخفيف القيود المفروضة علي الإقامة في الصين-تشديد الرقابة علي البيئة- ترك أسعار الصرف بعيدا عن التدخل الإداري) (4)

——————————————

  • محمد عطية محمد ريحان,” التجربة الأقتصادية الصينية وتحدياتها المستقبلية “,مرجع سبق ذكرة ,ص149 .​
  • المرجع السابق ,ص 149-150.​
  • مدحت أيوب,”النفط وعلاقات الصين مع دول الجوار“,مجلة السياسة الدولية,العدد196أبريل2014-المجلد49,ص148.​
  • نزيرة الأفندى,”هل تنجح جهود الاصلاح الاقتصادى فى الصين؟“,مجلة السياسة الدولية,العدد196أبريل2004-المجلد49,ص144,145.​
كما أن هناك أراء متضاربة حول مكانة الصين كقوة أقتصادية ومنها :
  • الرأى الأول يرى الأقتصاد الصينى قد حقق خلال العقدين الأخيرين نتائج مبهرة خاصة فى معدلات النمو الحقيقى والصادرات وجذب الاستثمار الأجنبى المباشر وبدأ هذا الأقتصاد يخطو بخطوات ثابتة نحو صدارة الاقتصاد العالمى محتلا أماكن بلدان كبرى منافسة له فى العديد من القطاعات الاقتصادية وهذه المؤشرات جعلت بعض التحليلات تذهب الى القرن الحالى سيصبح قرنا صينيا تتصدر فيه الصين الاقتصاد العالمى .​
  • أما الرأى الاّخر فيقلل من فرص نجاح الصين فى تحقيق هذا الهدف لأسباب كثيرة أهمها :مايتعلق بمحدودات وطريقة اندماج الاقتصاد الصينى فى الاقتصاد العالمى وخاصة المحددات الداخلية النابعة فى الفلسفة الايديولوجية التى بنى عليها النمو الاقتصادى الصينى وصعوبة الحفاظ على استمرارها فى ظل عضوية الصين فى منظمة التجارة العالمية ,وطبيعة هيكل الاقتصاد الصينى ومايعانية من تناقضات داخلية ومنافسة خارجية .(1)​
ولكن على الرغم من تفاوت الرأيين السابقين الا أن كليهما يتفق فى أن نجاح الاقتصاد الصينى يتوقف على طبيعة علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الدول الأّسيوية خاصة مع اليابان والهند والكوريتين ويرجع ذلك الى التشابة فى البنيان الاقتصادى فى معظم هذه الدول والتقارب فى الأّليات المتبعة لتحقيق النمو خاصة فى مجال فنون الانتاج وأساليب زيادية الانتاجية والقطاعات المستهدفة يعود ذلك لوجود نوع من التكامل الصناعى بشكل أو باّخر بين بلدان هذه المنطقة الاّسيوية ,كما يتوفق ايضا على حسم التنافس الراهن بين القوى الاقتصادية الكبرى خاصة الصراع التجارى بين الصين والولايات المتحدة والصراع بينها وبين اليابان .

أما عن سمات القوة الأقتصادية الصينية :

هناك شقان فى هذا المجال الشق الأول يتعلق بالأبعاد الخاصة بالصين والشق الثانى يتعلق بالعالم الذى تحيا الصين كجزء منه :

الشق الأول :

  • التفاوت الانمائى :​
فقد أدى اصدار القوانين عام 1979م التى طبقا لها تم اجتذاب وتيسير دخول الاستثمارات الأجنبية فى الصين الى انشاء مجموعة من الشركات المختلطة الصينية الأجنبية وذلك فى أربع مناطق اقتصادية تقع على الساحل الجنوبى للصين ,وقد أدى ذلك الى تباين ملحوظ فيما يتعلق بالدخل الفردى لكل من المناطق الساحلية والداخلية حيث تشغل المناطق الساحلية موقع الصدارة

  • مغاورى شلبى على ,” الصين والأقتصاد العالمى..مقومات القوة وعوائق الاندماج ” ,مرجع سبق ذكره ,ص80 .​
على حساب المناطق الداخلية الريفية التى تضم أكبر عدد من الصينين بل كما أن المناطق الساحلية ذاتها تشهد فيما بينها تباينا فى هذا الشأن حيث تتفاوت نسبة النمو من مدينه الى اخرى وقد نتج عن هذا التفاوت تنامى ظاهرة الهجرة من الريف الى المدينه ,من ناحية أخرى تبرز احدى معضلات الانفتاح الاقتصادى فى الصين من خلال تنامى بوادر صراع بين كل من الحكومة المركزية ومختلف الأقاليم التى بدأت تقطف ثمار الاستثمارات الأجنبية وذلك شكل نزاع ادارى بين كل من الطرفين وفى اطار هذا السياق ثارت الخلافات حول الضرائب المفروضى على هذه المناطق بما قاد هذه الاخيرة الى اخفاء بعض المعلومات حول امكانياتها الاقتصادية وهنا تجدر الاشارة الى تعرض الصين فى الوقت ذاته لمشكلة البطالة ,كما لانغفل ايضا أن الصادرات الصينية تتعرض لمشاكل عنصرية أو حمائية فى الأسواق الخارجية بما يضر بمصالح مصدريها ولهذا فان قوانين ال “W.O.T”تقدم حماية لمصالح الصين .(1)

2- المخاطر البيئية :

فى هذا النطاق نسير الى ان الحركة التصنيعية الصينية قد أستخدمت كما هائلا من الموارد العالمية بل ويتوقع استخداما أكثر مما سبق من الطاقة فقد بلغ حجم استهلاك الفرد من الطاقة فى الصين فى بداية التسعينات القرن العشرين كان يمثل 602كم من البترول مقارنة ب 7681كم فى الولايات المتحدة بيد أن التصاعد المطرد للتصنيع الصينى يشير الى امكانية أن يشكل عبئا مستقبليا على امدادات الطاقة العالمية خاصة وأن الصين تفتقر الى البترول التى تراجع انتاجه فى حقول داكنج فى الشمال الشرقى وان أكدت الصين ثراء منطقة تاريم فى الشمال الغربى التى شبهتها بالسعودية اضافة الى توقعاتها المتفائلة بشأن بحر الصين الجنوبى ,ويعد مصدر الطاقة الأساسى فى الصين يتمثل فى الفحم الذى يعد من أكثر مصادر تلوث البيئة وتبدو أثارة عبر الأمطار الحمضية التى يمكن أن تؤثر بدورها فى مناطق خارج المجال الصينى مثل كوريا ومن المخاطر ايضا للولايات المتحدة وغيرها يمكن أن تتسبب فيه الصين من تزايد فى معدلات الاحتباس الحرارى نتيجة احتراق وتواجد غاز ثانى أكسيد الكربون ,ولكن على الرغم من شغل الصين للموقع الثاللث من حيث حجم انتاجها للغازات التى يمكن أن تسبب احتباسا حراريا الا أن هذة المكانة تتراجع وفقا لمعيار نصيب كل فرد من هذه الغازات بحيث يأتى ترتيبها 51بين مختلف دول العالم حيث يبلغ نصيب الفرد من هذه الغازات فى الولايات المتحدة 9 أضعاف مثيلة فى الصين . –(2)

الشق الثانى :

ثمة مخاوف يطلقها البعض من خطورة النمو الاقتصادى الهائل للصين خاصة مايتعلق بحجم التجارة الخارجية وما قد يمثلة على مصالح القوة الاقتصادية الرئيسية فى العالم خاصة الولايات

  • سهرة قاسم محمد حسين ,” الصعود الصينى وتأثيرة على الهيمنة الأمريكية فى الشرق الأوسط “,مرجع سبق ذكره ,ص 50-51 .​
  • هدى ميتكيس ,انجازات الصعود الصينى ,فى : هدى ميتكس ,خديجة عرفة محمد (محرران),”الصعود الصينى “ ,مرجع سبق ذكره ,ص149-150 .​
المتحدة الأمريكية والاتحاد الاوروبى وقد أبرزت العديد من المواقف للمسؤلين فى الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى هذه التخوفات فعلى سبيل المثال ,فى مارس 2007 أعرب المفوض التجارى للاتحاد الاوروبى فى اثناء زيارته للصين عن تخوفه من الحجم الضخم للسلع الصينية المتوجهه الى أوروبا كما أن الامريكيين دائما مايؤكدون عدم رضاهم عن السياسات التجارية الصينية متهمين الصين باتباع سياسات تقوم على المنافسة غير العادلة وان هذا هو السبب الرئيسى للعجز التجارى الضخم المتراكم فى الميزان التجارى الأمريكى مع الصين(1),اذا فهناك جانبان فى هذا النطاق مايتعلق بالأبعاد المتعلقة بالمخاوف والجانب الاّخر فيما يتعلق بالأبعاد المتعلقة بمحاولة تقرب بعض الدول من الصين أو استفادة بعض الدول منها :

1- الجانب الأول :

لقد أصبحت تخوفات القوى الأقتصادية الكبرى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحادالاوروبى من الصعود الاقتصادى للصين غير خافية وذلك لاعتقاد هذه القوى أن هذا الصعود هيكون خصما من دورها فى الاقتصاد العالمى وفى النظام التجارى الدولى ومع ذلك مازالت هذه القوى الاقتصادية لاتكسب هذه التخوفات طابعا عدائيا حيث تبدى عدم ممانعتها فى الصعود الصينى ولكنها تتحفظ فقط على السياسات التى تتبناها الصين فى سبيل تحقيق هذا الصعود خاصة فى مجال التجارة الخارجية ,أما فى المجال الاقتصادى وبرغم اشاده الولايات المتحدة الأمريكية بالاصلاحات الاقتصادية فى الصين فى بعض المناسبات فان الغالب على الخطاب العام والمطالبة بمزيد من الاصلاحات والانفتاح على الاقتصاد العالمى والتوقف على تبنى سياسات تجارية تتنافى فى مبادئ المنافسة العادلة ومن الملاحظ أن الانتقاد الأمريكى الموجه للصين يتزايد باستمرار كلما انتعشت التجارة الخارجية للصين وكلما تفاقم العجز التجارى الأمريكى ,وتشارك الولايات المتحدة فى هذه الانتقادات عض الدول الصناعية مثل دول الاتحاد الأوروبى واليابان .وتتمثل أهم الانتقادات والاتهامات الموجهة للسياسات الاقتصادية والتجارية الصينية فى الاّتى :

  • اتهام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى الصين بأنها تعمل فى علاقاتها التجارية مع​
الدول النامية خاصة فى إفريقيا على دعم النظم الديكتاتورية، ونهب الموارد الطبيعية، خاصة النفط، وهى الاتهامات نفسها الموجهة للهند ففى إفريقيا ـ على سبيل المثال ـ يتخوف الاتحاد الأوروبى من فقدان مراكزه فى إفريقيا بسبب نمو التجارة بين الدول الإفريقية وكل من الصين والهند، ويحث الاتحاد الدول الإفريقية على تبنى اتفاقيات الشراكة الاقتصادية مع المفوضية الأوروبية، لأنها اتفاقيات تهدف إلى تشجيع التنمية فى هذه الدول ومساعدتها على الاندماج فى الاقتصاد العالمى، وذلك دون أن يكون وراءها أهداف تجارية لدول الاتحاد الأوروبى.

(1) مغاورى شلبى على ,”الصين والتجارة الدولية ..من التنافس الى الاعتماد المتبادل “, العدد173يوليو2008-المجلد 43,ص86 .

  • اتهام الصين بأنها لا تحترم حقوق الملكية الفكرية، وأن كثيرا من صناعاتها تقوم على التقليد الكامل لمنتجات هذه الدول وأن الحكومة الصينية لا تتخذ من الإجراءات القانونية​
ما يمنع هذه الممارسات غير المشروعة، وأنها بذلك تكبد هذه الدول خسائر فادحة، وتقتل روح الابتكار والاختراع فى كثير من دول العالم .
  • اتهام الصين بأنها تنتج وتصدر منتجات غير آمنة، تضر بالصحة العامة وتهدد حياة البشر، كما ذكرت المفوضة الأوروبية لشئون حماية المستهلك أن ثلث هذه المنتجات هى لعب أطفال ولا يزال نحو 52% من السلع والمنتجات غير الآمنة تصل إلى أوروبا قادمة من الصين.​
  • اتهام الولايات المتحدة الصين بأنها لا تتعاون بالقدر الكافى لإنجاح مفاوضات جولة الدوحة التى بدأت منذ عام 2001 وحاولت كلا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى بالضغط على الصين لتقديم تنازلات أكبر لتحرير تجارتها الخارجية وفتح أسواقها أمام الصادرات الأجنبية وتركز الولايات المتحدة على فتح قطاع الخدمات المالية الصينى، خاصة الخدمات المصرفية أمام موردى الخدمات الأجانب وتستند هذه الضغوط الأمريكية الأوروبية على أن الصين أكثر المستفيدين من النظام التجارى الدولى الراهن وأكثر الدول استفادة من عضوية منظمة التجارة العالمية.​
  • اتهام الصين ايضا بأنها تغرق أسواق بعض الدول بالمنتجات الرخيصة، وأن هذا يؤدى إلى تشويه التجارة العالمية ويحد من المنافسة ويكبد الشركات فى الدول المختلفة خسائر كبيرة وقد تم تحريك عدد كبير من قضايا الإغراق، ضد الصين فى منظمة التجارة العالمية، كان أغلبها من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى واليابان، وأصبحت قضايا الإغراق ضد الصين تمثل نحو 12% من إجمالى قضايا الإغراق المنظورة أمام منظمة التجارة العالمية عام 2007، وموجهة ضد نحو 4000 منتج صينى .(1)​
وفى مقابل ذلك قامت الصين بالرد على هذه الاتهامات :
  • فيما يتعلق بالتخوفات من الصادرات الصينية المبنية على الكمية الكبيرة لهذه الصادرات ترى الصين أن المنطقى هو النظر إلى القيمة وليس الكمية وفى هذا المجال، يرى الناطق باسم وزارة التجارة الصينية أن الصادرات الصينية للاتحاد الأوروبى وغيره هى منتجات كثيفة العمل، منخفضة القيمة كبيرة الكمية، فى حين أن 80% من الواردات الصينية من الاتحاد الأوروبى هى منتجات رأسمالية كثيفة التكنولوجيا، وذات قيمة عالية وكميات محدودة ويضرب مثالا فى هذا المجال بطائرة الإيرباص التى تشتريها الصين من الاتحاد الأوروبى، بأنها تعادل 80 مليون زوج من الأحذية التى تصدرها الصين من حيث القيمة ويخلص من ذلك إلى أن التجارة بين الصين والدول الأخرى، ومنها الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، تكمل بعضها بعضا، وتحقق فائدة متبادلة لكافة الأطراف، ولا داعى للتخوف من نموها.​
  • مغاورى شلبى على,”الصين والتجارة الدولية..من التنافس الى الأعتماد المتبادل“,مرجع سبق ذكره,ص87,88.​
  • كما قامت الصين بتوضيح أنها تتبنى منهج الاستدامة فى مجال التعاون الاقتصادى وفى علاقاتها التجارية مع الدول الأخرى, كما أنها لا تربط علاقاتها مع شركائها التجاريين بدعم الأنظمة السياسية، ولا تضع شروطا تجارية لتعاونها مع هذه الدول .​
  • ترى الصين أن هناك إفراطا أوروبيا ـ أمريكيا فى اتهام منتجاتها بالإغراق.وأن هذا يلحق الضرر بالشركات الصينية، فى الوقت الذى تسمح فيه الصين لمنتجات الدول الأخرى بدخول أسواقها دون أى معوقات وترجع الجهات الرسمية الصينية اتهام منتجاتها بالإغراق من قبل الدول الأخرى لعدة أسباب، من أهمها :​
  • تعود كثير من دول العالم على التعامل مع الصين على أنها دولة خارج منظمة التجارة العالمية، مما جعلها تبالغ فى كثير من الأحوال فى تقييم هامش الإغراق للسلع الصينية، وفرض رسوم تعويضية مرتفعة ضدها، وهو الأمر الذى ترى الصين أنه ما زال مستمرا بشكل نسبى رغم انضمام الصين للمنظمة منذ عام 2001، وما يفرضه ذلك على الدول الأخرى من معاملة المنتجات الصينية معاملة غير تمييزية.​
  • التعديل فى هيكل الصناعة الصينية بعد السياسات الاقتصادية الإصلاحية التى اتخذتها الصين فى السنوات الأخيرة، وبقاء الإدارة الحكومية دو أن تتكيف بالقدر الكافى مع التطور السريع للتجارة الخارجية، وهو غالبا ما يسبب اضطرابات فى التصدير.​
  • عدم إلمام الأجهزة الحكومية الصينية بالآليات الفعالة للتعامل مع قضايا مكافحة الإغراق، ومن ثم عدم قدرتها على إرشاد الشركات الصينية لكيفية مواجهة مثل هذه القضايا وهو واقع تعترف به الجهات الرسمية الصينية.​
  • افتقار القطاع الخاص الصينى وتنظيماته للمعلومات الضرورية للاستيراد فى دول العالم الأخرى، وقيام الشركات الصينية بتصدير منتجاتها بكميات كبيرة، وهذا ما يدفع هذه الدول لاتهام المنتجات الصينية بالإغراق، رغم أن أن ذلك غير صحيح. –(1)​
الجانب الثانى :

فى هذا النطاق فقد أدى التوسع الاقتصادى الصينى إلى تطلع جميع الدول والشركات للفرص المرتبطة بالاقتصاد الصينى، فقد أصبحت جميع الدول الصناعية الكبرى ومعظم الدول النامية تعتمد على هذه السوق فى التصنيع والاستهلاك، وصارت الصين تتمتع بمكانة مهمة ومؤثرة فى حركة نموالاقتصاد العالمى وقد أدى هذا النمو الصينى إلى تزايد تدفق رءوس الأموال والاستثمارات عليها للانطلاق والمنافسة عالميا من هذا الاقتصاد، كما لوحظ أخيرا توجه العديد من البلدان شرقا نحو الصين، خاصة من البلدان العربية مثل مصر وبعض الدول الإفريقية وبلدان الخليج العربى ، خاصة بعد تداعيات أحداث 11 سبتمبر والحرب ضد الإرهاب على علاقات هذه البلدان مع الولايات المتحدة الأمريكية. –(2)

————————————————————

  • المرجع السابق ,ص 87-89 .​
  • مغاورى شلبى على ,” الصين والأقتصاد العالمى..مقومات القوة وعوائق الاندماج ” ,مرجع سبق ذكره ,ص81 .​

المبحث الثالث

أبعاد الرؤية الصينية الرسمية للعلاقات الخارجية للصين فى القرن الحادى والعشرين :

ومع المخاوف العديدة المثارة بشأن الصعود الصينى يبذل المسؤلون الصينيون جهودا كبيره لتمرير فكرة “الصعود السلمى الصينى كخطاب موجه من أجل تبديد المخاوف التى من شأنها عرقلة التنمية الاقتصادية ,وفى سبيل ذلك فقد حددت الصين رؤيتها لتوجية العلاقات الدولية وذلك من خلال الرئيس الصينى “جيانج زيمين ” حينما ألقى كلمته فى القمة الألفية للأمم المتحدة فيما يلى :

1- أن تتبادل كافة الدول احترام الاستقلال والسيادة وتحظى حمايتها للسلام العالمى بالأهمية القصوى وتحقق كافة الدول العيش فى انسجام حقيقى اذا احترمت مبادئ التعايش السلمى وأهداف ميثاق الأمم المتحدة احتراما شديدا .

2- تأسيس الأمن المشترك يعد الشرط المسبق الممكن لمنع نشوب الصراعات والحروب ويجب نبذ فكر الحرب الباردة تماما واقامة وجهه نظر جديدة للأمن جوهرها الثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والمساواة والتعاون .

3- توجيه التشكيل الدولى للتقدم صوب التعددية الطبقية يعد مطلبا عصريا تقدميا يتوافق مع مصالح كافة شعوب العالم ويكون فى صالح الأمن والسلام العالمين والتشكيل المتعدد الأقطاب يختلف من الناحية التاريخية عن وضعية تنافس الدول الكبرى من أجل الهيمنة وأقتسام مناطق النفوذ ويجب أن تتمتع كافة الدول بالسيادة والاستقلال ,كما يجب على الدول الكبرى أن تتحمل مسؤلية كبرى تجاه صيانة السلام العالمى والاقليمى ويجب عليها احترام سيادة الدول الصغيرة وتدعيمها ومساعدة الدول الغنية للدول الفقيرة .

4- قامت الرؤية الصينية ايضا على الدعوى الى مقاومة الارهاب بشتوى اشكالة وتعزيز التعاون الدولى للحد من الأعمال الارهابية ومحاربتها عن طريق بين المعالجة المؤقتة والنهائية ومحاولة القضاء على مصادر الارهاب مع ضرورة المشاركة الناشطة فى الانشطة الدبلوماسية المتعددة الجوانب وستقوم الصين بتأييد الدول النامية فى حماية حقوقها ومصالحها العادلة كما أكدت الرؤية على أن الصين ستسعى الى تنشيط التبادل والتعاون مع جميع الأحزاب والمنظمات السياسية ومختلف الدول والمناطق مع ضرورة عمل الصين مع كافة شعوب العالم من أجل قضية السلام والتنمية فى العالم .

كما تسعى الرؤية الصينية فى مطلع القرن الحادى والعشرين الى تحقيق ثلاثة أهداف هى :

  • تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة .​
  • تأكيد أمن الدولة .​
  • المشاركة فى تحمل المسؤلية الدولية .​
ومن هنا نستطيع أن نشير الى أن الرؤية الرسمية الصينية للعلاقات الدولية والنظام الدولى تتعارض فى بعض جوانبها مع الرؤية الأمريكية فى فى هذا الصدد خاصة فيما يتعلق بطبيعة النظام الدولى الذى ترى الولايات المتحدة الأمريكية ضرورة كونة نظاما احادى القطبية بينما الصين تسعى لنظام متعدد الأقتطاب ولكن على الرغم من ذلك فهناك بعض الأفكار الصينية التى تتلاقى نسبيا مع الولايات المتحدة كمقاومة الارهاب بكافة صورة وأشكالة وتعزيز التعاون الدولى للحد من الأعمال الارهابية كما أن الرؤية الصينية تتفق مع رؤية العالم النامى ,والرؤية الصينية ايضا توضح رفض الصين لاقامة التحالفات الموجهه ضد طرف ثالث وتحمل الدول الكبرى مسؤلية كبرى تجاه صيانة السلام العالمى والاقليمى وتدعوها على مساعدة اغلدول الفقيرة .(1)

توسيع جبهة الأصدقاء وبصفة خاصة الدول الكبرى، وفى مقدمتها روسيا والاتحاد الأوروبى فقد نجحت الصين فى إقامة اتفاقية صداقة مع روسيا خاصة فى ظل تزايد أهميتها بالنسبة لبكين، حيث تشتركان معا فى رفضهما للهيمنة الأمريكية، وفى رغبتهما فى إيجاد نظام دولى متعدد الأقطاب، كما أن روسيا مصدر أساسى لإمداد الصين بالنفط والسلاح , أما بالنسبة للاتحاد الأوروبى، فتسعى الصين إلى تعظيم مصالحها معه خاصة فى مجال التجارة والاستثمار إذ يعتبر الأخير الشريك التجارى الثالث للصين، ويأتى فى الترتيب الثالث أيضا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية فى الصين، رغم الخلاف الذى قد ينشأ بينهما بين الحين والآخر بسبب انتهاكات حقوق الإنسان فى الصين، واتباع الصينيين لسياسات الإغراق التجارى، واعتراض الصين على بعض صفقات الأسلحة التى يعقدها الاتحاد الأوروبى مع تايوان ولكنها يعيان مصالحهما المشتركة كما أن هناك آلية دائمة لحل هذه الخلافات حيث أصدر الأخير وثيقة بناء شراكة شاملة مع الصين ودفع التعاون مع الصين عبر آلية التجمع الآسيوى الأوروبى (آسيام).

بعد أن تطرقنا الى الرؤية الصينية للعلاقات الخارجية للصين منذ القرن الحادى والعشرين لابد من الاشارة الى أن مفهوم ” الصعود السلمى للصين ” قد ارتبط منذ بداياته بشخصية الرئيس الصينى “هوجنتاو” بهدف تمكين الصين من أن تصيح قوة عالمية دون الدخول فى حرب باردة جديدة كما تبنى المفهوم ايضا “Yan Xuetong” ,لكن أول من قام بالترويج لهذا المفهوم على نطاق واسع هو المفكر الصينى ومستشار القيادة الصينية “Zheng Bijian” وفى نوفمبر 2003 خلال اجتماع السنوى للمنتدى الاّسيوى فى “Bo’ao” ألقى خطابا تحت عنوان “الطريق الجديد للصعود السلمى للصين ومستقبل اّسيا ” وخلال زيارة الوزير الأول الصينى “Wen Jiabao” الى الولايات المتحدة الامريكية فى 9ديسمبر2003 اّثار الطابع السلمى للصعود الصينى واصفا اياه بالصعود السلمى لأن الصين تعتمد فى تطورها على القوى الذاتية كما ركز _فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية _الموقف الرسمى على استمرارية علاقات التعاون القائمة على روح الصداقة مع كل الدول .

  • محمد سعد أبوعامود ,”مقومات الصعود الصينى “,فى :هدى ميتكس ,خديجة عرفة محمد (محرران),الصعود الصينى ,مرجع سبق ذكره,ص129-131 .​
ظل المفهوم الى حدود مارس 2004 متداولا الى أن أشار الرئيس الصينى فى كلمته الافتتاحية للمنتدى بالتركيز على مفهوم “التنمية السلمية” بدل من “الصعود السلمى ” وذلك كما جاء فى كلمتة الاّتيه :

“ان الهدف الأساسى للسياسة الخارجية للصين هو الحفاظ على السلام العالمى ,وتعزيز التنمية المشتركة .والصين تلتزم دائما بتعهداتها .وستواصل طريق التنمية السلمية وترفع عاليا راية السلام والتنمية والتعاون” .

فقد ركزت ايضا مضامين” الكتاب الأبيض”_الذى أصدرة مكتب الاعلام التابع لمجلس الدولة فى ديسمبر2005_ على الخيار السلمى وذلك عبر :

  • تهيئة الظروف الدولية السلمية لتطوير الذات,مع الدفع بالتنمية الذاتية السلمية عبر العالم .​
  • التمسك بالسلام والتنمية والتعاون ,والعمل معا مع مختلف البلدان لأجل بناء عالم منسجم يتسم بالسلام الدائم,والازدهار المشترك.​
  • التكيف مع تطور العولمة الاقتصادية لتحقيق المنفعة المتبادلة ,والازدهار المشترك ,والتنمية المشتركة .​
  • تحقيق التنمية بالعتماد على القوة الذاتية ,والاصلاح والابداع ,مع التمسك بممارسة الانفتاح على العالم الخارجى . –(1)​
وتعد قضية”أمن الطاقة” من القضايا التى تحظى بمكانة مهمة فى السياسة الخارجية الصينية فتركز الصين بقوة على تأمين العرض المقدم اليها من الطاقة من خلال استراتيجية التوجة للخارج فهى ترى ضرورة التعاون مع كبار الدول المنتجة للنفط ,فيما يتعلق بالنفط فى الوقت الراهن تعد الصين ثانى أكبر مستهلك للنفط بعد الولايات المتحدة الأمريكية ولقد دفع هذا الوضع الصين للتعويل كثيرا على الخارج للايفاء باحتياجاتها من مصادر الطاقة يخدم أهداف التنمية فى الصين وهذا مادفع قضية أمن الطاقة لاحتلا مكانة هامة فى السياسية الخارجية الصينية ,ويتضح أن الصين اتبعت نهجا تعاونيا والمساعدات الفنية والاقتصادية فى اداره سياستها الخارجية فى هذا الشأن لأن السياسة الخارجية الصينية فى هذا الملف هى سياسة موجهة نحو الاستثمار ومحكومة بحسابات التنمية الداخلية أكثر ماتكون معنية بحسابات الهيمنة وقد ركزت الصين على قراءة احتياجات كل منطقة ,وسيتم التطرق الى هذه النقطة لاحقا . –(2)

وبذلك نجد أن صين القرن الحادى والعشرين تبدو مهيأة لكسب معركتها فى اقناع محيطها الاقليمى العالمى بمسألة صعودها السلمى وذلك استنادا الى استعدادات متواصلة عملت على

——————————————————–

  • ميمون مدهون ,”التكيف الحرج:ركائز استراتيجية الصعود السلمى للصين “,مجلة السياسة الدولية ,العدد197 يوليو2014 –المجلد49 ,ص57-59 .​
  • خديجة عرفة محمد ,”قيود الصعود ,الظمأ الى الطاقة ومستقبل سياسة الصين الخارجية “,مجلة السياسة الدولية ,العدد196 ابريل 2014 –المجلد 49 ,ص27و31 .​

تأمينها طيلة عقدين من الزمن لقد قررت الصين أن تنخرط تدريجيا مع العالم فى عملياتة ومؤسساته وكان هدفها أن تنشئ بيئة اّمنة تتحقق فى ظلها طموحاتها الى دولة حديثة وقوية ,فلم تعد المباراة العالمية اليوم ذات نتيجة صفرية بالضرورة فالجميع يستطيع أن يربح والجميع ممكن أن يتعاون لتقليل الخسائر.

كما أن للرؤية الصينية للسياسة الخارجية فى القرن الحادى والعشرين أبعاد قد تشكل عقبة أمام الصعود الصينى اذا لم تححد اتجاهها بطريقة ايجابية لمصالحها لأن الرؤية السلبية سوف تؤدى بها الى نتائج فى غير صالحها

الفصل الثانى – محددات العلاقات الصينية العربية :

ان العلاقات الودية بين الصين والدول العربية تضرب جذورها إلى قديم الزمان، وقبل أكثر من 2000 عام ربط طريق الحرير القديم الصين بالدول العربية ربطا وثيقا وترك تراثا نفيسا يجسد مجد وروعة الحضارتين الصينية والعربية,والمقصود بالمحددات هى تلك العوامل التى تشكل حدود الدور الصينى فى النظام الدولى ومدى فعالية وتأثير هذه العوامل على العلاقات الصينية العربية وهذه المحددات ترتبط بمجموعة من العوامل ,فى هذا الفصل سنشير الى : التحول فى النظام الدولى كعامل من العوامل الى تحدد شكل العلاقة بين الصين والبلاد العربية وكيف أن تغير شكل النظام الدولى _الى نظام أشبه بالتعددية القطبية _أثر كثيرا على العلاقات الصينية العربية كما سنرى لاحقا,ثم ننتقل الى تحليل رؤية كل طرف للطرف الاّخر ومدى التغير فى العلاقة بينهما الذى أحدثه هذا العامل ,ثم بعد ذلك سنشير الى المصالح المتبادلة بين الطرفين .

ومن هنا نجد أن هذا الفصل ينقسم الى 3 مباحث :

  • المبحث الاول : التحول فى النظام الدولى .​
  • المبحث الثانى : رؤية كل طرف للطرف الاخر .​
  • المبحث الثالث : المصالح المتبادلة بين الطرفين .​
المبحث الأول

التحول فى النظام الدولى :

شهدت العلاقات الدولية في السنوات الاخيرة تطورات مهمة لم يكن بالإمكان تجاهلها من قبل المتابعين للشؤون الدولية. وقد تنوعت هذه التطورات بين أزمات شهدها العالم خلال تلك الفترة، وبين تغيرات في موازين القوى على المستوى الدولي، الأمر الذي أدى إلى ضرورة إعادة تقييم القوى الفاعلة في النظام الدولي,وتعد أهم معالم المشهد الاستراتيجى فى مطلع القرن الحادى والعشرين تتحدد فى أربعة تيارات رئيسية :

  • انتقال مركز الثقل فى النظامين السياسى والاقتصادى العالمى الى اّسيا ,بعد أن كان مركز الثقل فى النظام العالمى يكمن فى أروبا ولكن انتقل بعد ذلك الى شرقى اّسيا وذلك مع توقيع اتفاقية الحلف البريطانى_اليابانى سنه 1902,وانتصار اليابان فى الحرب الروسية_اليابانية (1904-1905).​
  • عودة اّسيا الى استئناف رحلة الصعود الاقتصادى بعد الضربة التى تلقتها فى اطار الأزمة المالية الاّسيوية سنة1997وانتشرت فى اّسيا المؤسسات الاقليمية الجديدة فى اطار مفاهيم العولمة .​
  • وشهدت اّسيا ايضا دخول العامل النووى فى السياسة الاّسيوية .​
  • كما تبلورت عمليات مهمة للتحول الديمقراطى .​
وكان من مؤشرات هذا التحول أزمة طائرة التجسس الأمريكية قرب السواحل الصينية فى أبريل سنة 2001وماكشفت عنه من وجود صراعات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين ليس فقط حول قضية تايوان وانما حول التنامى الصينى ايضا فى مجالات عدة والتى تراها الولايات المتحدة واليابان بمثابة تهديد لهما ,كما أقامت الدول الاّسيوية مؤسسات مشتركة بين الدول الاّسيوية وبينها وبين دول غير اّسيوية ايضا ومن هذه المؤسسات (مؤتمر حوار التعاون الاّسيوى ومؤتمرات اجراءات التفاعل وبناء الثقة فى اّسيا”سيكا”,و “الاّسيان”),وتعد أحداث 11سبتمبر مساهمة فى تكريس هذا التحول وذلك مع الغزو الأمريكى لأفغانستان وغيرها من دول اّسيا الوسطى مثل قيرغيزستان وتخوف كلا من روسيا والصين من هذا الحدث الا أن المصالح المشتركة مع الولايات المتحدة دفعتهم لقبول هذا الوضع .

ومن هنا بدأ يتضح محاور الصراع فى اّسيا تدور حول محورين هما : (المحور الأمريكى –اليابانى,والمحور الصينى-الروسى),ويحتمل تبلور هذا الصراع فى حالة الضغط القوى على المصالح النفطيةالصينية فى افريقيا ومنطقةالخليم العربى أو حدوث تهديد مباشر لطرق نقل هذا النفط عبر البحار الدولية.—(1)

———————————————————–

  • محمد السيد سليم,“المشهد الاستراتيجى الاّسيوى فى أوائل القرن الحادى والعشرين“,مجلة السياسة الدولية,العدد167يناير2007-المجلد42,ص66,67.​
وبالاشارة الى مقومات الصعود الصينى الاقتصادية والعسكرية وغيرهما من القدرات التى حرصت القيادة الصينية على تعظيمها لتمكين ذاتها من الوصول الى مرتبطة القوة العظمى وبالاضافة الى رغبتها فى تحقيق التنمية الداخلية الاقتصادية والعسكرية فان لها أهداف اخرى ايضا مثل تأمين سياسات عالمية تقود الى عالم متعدد الأقطاب وتسوده ايضا المصالح المتبادلة عبر تعاون جماعى والابتعاد عن المواجهات العسكرية ومتابعة التنافس السلمى مع الدول الكبرى الاخرى,كما نجد تجاة البلاد العربية أنها تسعى الى:التحول فى النظام الدولى التى كثيرا ماسعت الصين الى تحويلة الى نظام متعدد الأقطاب . –(1)

إن وضع “القوة الرئيسية” في العالم، عادة ما يتضمن مجموعةً من القدرات المندمجة مع بعضها البعض، كالثروة والقدرة على التأثير في قرارات الآخرين وأفعالهم، وعلى الرغم من أن كثيرين يرون تعريف القوة من خلال المنظار العسكري فقط، فان القدرات العسكرية لا تشكل الا بعدا واحدا فقط من أبعاد القوة، ولا يمكن اختصار محدداتها فيه، إذ يرى الخبير السياسي “كينيث فالتز” أن هناك خمسة معايير مختلفة لتقييم قوة الدولة، وهي:

1- عدد السكان والامتداد الجغرافي.

2- الموارد الطبيعية التي تضمها,ووضعها الاقتصادى.

3- استقرار النظام السياسي فيها.

4- قوتها العسكرية._(2)

ولقد دفع استقرار معدلات التنمية الاقتصادية المرتفعة للاقتصاديا الاّسيوية الى طرح بعض المقولات حول تأثير تلك التحولات المهمة على النظام الدولى ولايتوقف هذا على هيكل هذا النظام فقط باعتبار أن تلك التحولات تمثل مدخلا رئيسيا لاعادة توزيع القدرات العسكرية والاقتصادية بين الفاعلين الدولين ,ولكن ايضا فيما يتعلق بقيم هذا النظام فعلى عكس الفرضيات الغربية والليبرالية حول وجود علاقة تلازم بين الديمقراطية والتنمية فقد طرحت معظم التجارب

التنموية الاّسيوية نماذج تنموية أكدت امكانية تحقيق التنمية فى ظل نظم غير ديمقراطية وفى ظل دور محورى للدولة فى عملية التنمية ,–(3) ، إن التحول في مفهوم القوة في القرن الجديد أدخل على المفهوم القديم أبعاداً جديدة تتخطى الفهم التقليدي له لتطال مختلف نواحي العلاقات الدولية؛ فمسائل الاقتصاد والتكنولوجيا والمعلومات والاعلام كلها غدت من محددات القوة التى تحسب لأية دولة أو عليها.

  • الشيماء عبد السلام ابراهيم ,“العلاقات العربية_العربية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر :دراسة حالة :مصر والسعودية(2001–2008)“,مرجع سبق ذكره ,ص76 .​
  • محمد سيف الدين ,” الدور المطلوب للصين في الشرق الأوسط“, 11 مارس 2015, 10:59ص,تم الدخول على الموقع فى 16/3/2015 ,08:43ص,من الرابط: http://www.almayadeen.net/Study/47stQTUc40WT9aQtATl4ww.​
  • محمد فايز فرحات ,”هل العالم على أعتاب “حقبة اّسيوية؟”,مجلة السياسية الدولية ,العدد167 يناير2007-المجلد42,ص134 .​
بالعودة لتاريخ الأزمة المالية العالمية فى خريف2007 سنجد أنها مرحلة مفصلية فى تاريخ النظام الاقتصادى العالمى حيث أثرت على كثير من مفردات وثوابت هذا النظام فى هذه الفترة وبعدها ,فقد كشفت هذه الأزمة عن الكثير من جوانب القصور فى النظام الرأسمالى العالمى الذى تقودة الولايات المتحدة الأمريكية والجاجة الى نظام متعدد الأقطاب بل وفى بعض الاّحيان الى نظام ثنائى القطبية يمكن أن تقوم فيه الصين بدور الطرف الاّخر بجانب الولايات المتحدة الأمريكية وقد كشفت الأزمة عن عجز فى ادارة الولايات المتحدة الأمريكية للعالم بمفردها كما كشفت عن عجز فى اّليات السوق عن تصحيح نفسها .

وفى المقابل عززت الأزمة المالية العالمية من مكانة الصين كقوة اقتصادية صاعدة تمكنت من تحقيق انجازات اقتصادية هائلة باتباع نظم وسياسات لاتتطابق فى كثير من الأحيان ,كما أنه فى ظل أسوأ أزمة اقتصادية عالمية فى الثمانين عاما الأخيرة (حقق الاقتصاد الصينى معدل نمو بلغ 8% فى عام 2009 بينما عانت كثير من الاقتصاديات الكبيرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا من الانكماش) ,كما تعكس الأرقام القوة الاقتصادية للصين حيث بلغت احتياطاتها من النقد الأجنبى 2.270مليار دولار عام 2009وقد استخدمت الصين 586ملياردولار لتنفيذ خطة ناجحة للانعاش الاقتصادى ,لذلك تجمع الأراء على أن الصين هى الرابح الأكبر فى ظل الأزمة المالية العالمية وأن ذلك يؤهلها لأن تصبح متحديا خطيرا للهيمنة الأمريكية وأصبح صعود الأسواق فى الدول الناشئة وفى مقدمتها الصين دلالة على تراجع مكانة الولايات المتحدة الأمريكية النسبية ,وبذلك أصبح واضحا أن الصين واّسيا والولايات المتحدة الأمريكية هى التى ستقود العالم للخروج من هذه الأزمة بشكل نهائى وهو ماأكدته منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية فى تقاريرها . –(1)

ان الصعود الصينى على المستويين الاقتصادى والعسكرى يقوم بربط الصعود الصينى بتغيرات محتملة بهيكل النظام الدولى ,ويعد حدث اختيار اللجنة الأوليمبية الصين لتستضيف دورة الألعاب من المؤشرات التى تدل على أن الصين أصبحت دولة جديرة بتنظيم هذا الحدث العالمى ,ولابد هنا أن نذكر أن عندما تحاول الدولة الصاعدة تعويض النقص فى موارد قوتها بالتحالف مع دول اخرى بغية التصدى للقوة المهيمنة على النظام الدولى والظاهر أن الصين تصرفت كعضو مسئول فى المجتمع الدولى عندما قبلت المشاركة فى مؤسساته وارتضت الخضوع لقواعده وسعيها الدءوب للانضمام الى منظمة التجارة العالمية ونجاحها فى الالتزام بمقتضياتها ثم توقيع اتفاقيتى الحظر النووى الشاملة BCBTوالحد من الانتشار النووىNPTوهذا مايثبت التزامها بسلوك خارجى يعتمد التعاون والتفاهم سبيلين أساسيين للتعامل مع العالم . –(2)

  • مغاورى شلبى على,الولايات المتحدة والصين..قطبية ثنائية جديدة؟,مجلة السياسة الدولية,العدد179 يناير2010-المجلد45,ص82,83 .​
  • حنان قنديل ,”الصين..نموذج جديد للقوة الصاعدة “, مجلة السياسة الدولية ,العدد173 يوليو 2008-المجلد43 ,ص80,81 .​
وقد أكد عدد من الأكاديمين فى حقل العلاقات الدولية اتحمالات سلوك الصين سلوكا لايثير المشكلات بالنسبة لاقليمها أو للعالم من حولها ,كما يرون أن النظام الدولى الذى ولد عقب الحرب الباردة أصبح ينطوى على قيم ومعايير تفرض نفسها على سلوكيات الدول وبذلك أصبح النظام الدولى يقوم على تشجيع اّليات السوق وعلى حفز الجهود من أجل عالم أكثر ديمقراطية وأشد حرصا على حقوق الانسان والدعوة الى ايجاد عالم يخلو من أخطار السلاح النووى والتلوث البيئى ونجد بذلك أن النظام الدولى أصبح يضع حدودا على سلوكيات الدول الخارجية ويقوم بتعديل هوياتها الداخلية ويعيد”انشاءها”للتوافق مع قيم ومعايير هذا النظام وتجتهد الصين فى الملاءمة بين سياستها ومعايير النظام الدولى وحتى السلوك الذى قد يبدو عدوانيا (كالتهديد باستخدام القوة ازاء محاولات تايوان للاستقلال عن الوطن الأم)فان الصينيين لايبدون فى هذا خارجين عن قيم النظام الدولى حيث لاتزال قيمة المحافظة على السيادة من القيم المرعية.__(1)

كنتيجة للتغير فى النظام الدولى سعت الصين لكى تصبح فاعل دولى ملتزم يتسم بالتعاون مع محيطها الأقليمى والعالمى ,فعلى المستوى الاقليمى ,قامت الصين بالانضمام كعضو مراقب فى منظمة الاّسيان وبدأت فى تطبيق خطة للتعاون الاقتصادى بين دول الاقليم لدفع عجلة النمو فيها جميعا وتعد الازمة المالية لبلدان اّسيا فى عام 1997مثل على التعاون على المستوى الاقليمى حيث ظهرت الصين باعتبارها الجارة التى تسهم بجدية فى حل مشكلات الاقليم وترغب فى التطوير الايجابى لروابطها معه ,أما على المستوى العالمى ,فقامت ايضا بتطوير علاقتها مع دول الاتحاد الاوروبى علاقات شراكة استراتيجية على امتداد عقد التسعينات كما قامت بتطوير المجال الاقتصادى بينها وبين الولايات المتحدة ايضا على الرغم من محاولات الولايات المتحدة الأمريكية المتكررة لابراز الصين فى صورة الدولة الخطيرة وقامت بالتحالف مع روسيا لانشاء منظمة شنغهاى للتعاون فى عام2001م لتحقيق عدة أهداف منها : حل المشكلات الحدودية ,التعاون فى مجالات مكافحة الارهاب ,والهجرة غير الشرعية ,وتجارة السلاح .وهناك ايضا دول الخليج التى تتقرب منها الصين أملا فى تأمين احتياجاتها المستقبلية من الطاقة وقد نتج عن هذا التقارب أن تضاعف حجم التبادل التجارى بين الطرفين منذ عام 2001م. –(2)

وتسعى الصين الى خلق شروط التعددية القطبية التى صاغها Hu Jintao فى مبدأ “اللاءات الأربع”:لاللهيمنة,ولالسياسةالقوة ,ولالسياسة الأحلاف ,ولالسباق التسلح ,ومن هنا تسعى الصين من اجل تحقيق التعددية القطبية من خلال انتهاجها استراتيجية تراعى التوازن على الصعيد الدولى وبناء على ذلك تقوم الصين بمحاولة التوفيق بين المنافسة والتعاون فى علاقاتها الدولية,وقد بعثت الصين مايزيد على مائة ألف جندى لحفظ السلام فى اطار 22عملية من عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام كما يوجد أكثر من 1900من جنود حفظ السلام الصينيين فى الخدمة العاملة مما يجعل الصين أكبر دولة تسهم بقوات من بين الدول الخمس دائمة العضوية

  • المرجع السابق ,ص82 .​
  • المرجع السابق ,ص84.​
فى مجلس الأمن الدولى كما تساهم ايضا فى ايجاد حلول سلمية للعديد من القضايا الدولية المتوترة وتسعى للمشاركة الفعالة فى جهود منع الانتشار النووى والسيطرة على التسلح وتعارض النشاطات الارهابية وتساهم بايجابية فى مكافحتها, كما تولى الصين أهمية خاصة لعلاقاتها مع الولايات المتحدة وذلك من منطلق التعاون الثنائى بين البلدين كما تربط علاقات تعاون وشراكة مع دول اّسيا ولاتحاد الاوروبى لقدرة هذه الدول على منافستها سواء بالاستحواذ على الأسواق أو على مصادر الطاقة ومن ثم وجب تفادى الدخول فى صراعات معها كما تعطى الصين أهمية كبيرة لروابطها مع الدول النامية فى اّسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية خاصة الدول التى لديها أسواق كبيرة قادرة على امتصاص الصادرات الصينية الرخيصة أو الدول التى تمتلك احتياطات ضخمة غير مستغلة من النفط ,والغاز, والمعادن,وتعتمد الصين فى هذه السياسة على اقامة المنتديات مثل منتدى التعاون الصينى_الافريقى ,ومنتدى التعاون الصينى_العربى,والمشاركة فى عضوية المنظمات الاقليمية مثل رابطة جنوب اّسيا للتعاون الاقليمى”سارك” .—(1)

نظرا لاعتقاد القيادة الصينية أن الصين أصبحت مكونا مهما من مكونات النهوض العام للدول النامية دون التدخل فى الشئون الداخلية لهذه الدول وهذا هو ماترغب فيه قيادة هذه الدول ,وتهدف الصين من وراء ذلك تحقيق عده منافع منها :فتح أسواق هذه الدول أم التجارة والاستثمارات الصينية والاعتماد عليها فى تزويدها بالنفط والموارد الطبيعية والاستفادة من دعمها ايضا فى المحافل الدولية ,-_(2), تعتقد الصين أن للعرب دور مهم وهي تسعى لبناء تعاون اقتصادي معهم أكثر من ميلها لتعاون سياسي حيث أن تطوير وتنمية الاقتصاد الصيني هي السبيل لارغام العالم على الاستماع اليك,

وخلاصة القول أن الوضع الدولي والظروف الموضوعية والتكامل الاقتصادي بين الصين والدول العربية قد فتحت اّفاقا واسعة لتطوير علاقات الصداقة والتعاون بين الطرفين,كما أن انتشار المؤسسات الاقليمية والاقليمية الجديدة فى اّسيا يفتح اّفاقا واسعة للدول العربية فى الارتباط بشكل معين بتلك المؤسسات .

  • ميمون مدهون ,”التكيف الحرج:ركائز استراتيجية الصعود السلمى للصين “,مرجع سبق ذكره ,ص60.​
  • أبوبكر الدسوقى ,“الدور العالمى للصين ..رؤى مختلفة “,مجلة السياسة الدولية ,العدد173يوليو2008-المجلد 43,ص150.​

المبحث الثانى

رؤية كل طرف للطرف الاخر:

يحتل الشرق الأوسط بوجة عام والدول العربية_خاصة دول الخليج_بوجة خاص أهتماما كبيرا من قبل الصين لعدة أسباب منها كونة المصدر الرئيسة للنفط العالمى من جهة ولواردات الصين النفطية المتزايدة من جهة اخرى بالاضافة لكونة الأسواق الكبيرة التى تستوعب المنتجات الصينية وغير ذلك,ونظرا لهذه الأهمية الكبرى سنتجه الى تحديد الرؤية الصينية للدول العربية ثم نحدد الرؤية العربية للصين :

أولا:رؤية الصين للمنطقة العربية :

تحتل المنطقة بما تقدمه من مصالح للصين _كما سنرى فيما بعد_مكانة كبيرة لدى القادة الصينين فهى ترتبط باستمرار حالة النمو الاقتصادى الداخلى بوجة خاص وبالصعود الصينى بوجة عام ,ولهذا يدركون أهمية اشاعة نوع من الاستقرار فى هذه المنطقة على الرغم من صعوبة تحقيق هذا,ولفترة طويلة ورغم تأييد الصين لتسوية تاريخية للصراع العربى الاسرائيلى فقد كانت تتعمد الابتعاد عن الدخول فى تفاصيل هذه العملية التى تعتبرها تحت الوصاية المباشرة للولايات المتحدة التى لاتريد تحديها كما أن الرؤية العربية نفسها وفقا للادراك الصينى تتسم بكثير من الخلافات رغم استنادها على المبادرة العربية للسلام منذ2002ومبدأ الارض مقابل السلام .

وبالحديث عن العلاقات الصينية العربية فان الخط الرئيسى الذى يقود تلك العلاقة هو نظرة الصين للدول العربية باعتبارها صديقة ويزداد التعاون مع الدول العربية أكثر فأكثر فى مجالات عدة ,كما تعد العلاقات بينهم الى حد كبير مستقرة مقارنة بالعلاقات العربية بالدول الكبرى الاخرى ,–(1)كما ترى الصين فى المنطقة العربية ميدانا حيويا لتحقيق الطموح الاستراتيجى لها فى طرح مفهوم جديد للأمن الذى يؤمن الصعود السلمى للصين كقوة عالمية ,ويمنحها سك “الشرعية”من المجتمع الدولى ,بالاضافة الى تحقيق هدفها طويل الأمد المتمثل فى اقامة نظام دولى ديمقراطى متعدد الأقطاب ويحقق العدالة والمساواة بين أطرافه.

كما يرى العديد من الجانب الصينى أن جانبا كبيرا من الدول العربية قد عبرت فترات تاريخية صعبة وأصبح لها مستقبل مشرق تستطيع الصين أن تقوم فيه بدور ايجابى وأن هناك صراعات تستطيع الصين محاولة تقديم حلول لها من أجل تحقيق السلام فى المنطقة ,كما تحرص الصين على التزام الشكل الرسمى فى علاقاتها مع الدول العربية على الرغم من وجود أحزابا وجماعات مصالح فى العديد من الدول الا أن الصين تفضل التعامل على النطاق الرسمى أى التعامل مع الدولة ومؤسساتها الادارية الرسمية لأنها ترى فى هذه الانماط الغير رسمية الضعف وعدم القدرة على التأثير فى السياسات الرسمية التى تتبناها غالبية الدول العربية وترى أن تمويل هذه الكيانات يتم عن طريق دول غربية وهو ماينعكس سلبيا فى أفكارها عن الصين .

  • أحمد السعيد,لى هونغ جيه , “طريق الصين:سر المعجزة “,مرجع سبق ذكرة ,ص 257.​
وسياساتها الخارجية ,كما أن هذه القوى والجماعات مصدر عدم قبول من الأنظمة الحاكمة فى الدول العربية نظرا لتبنيها سياسات معادية للتوجهات الرسمية للدولة ,وتقوم الصين بالاعتماد على الشركات الصينية المملوكة للدولة فى تنفيذ المشروعات المشتركة فى الدول العربية وتفويضها فى اقتراح مشروعات التعاون المستقبلية مع هذه الدول كما يتم اصطحاب رؤساء هذه الشركات فى الزيارات الخارجية للمسئولين الصينيين للدول العربية .—(1)

شهدت العلاقات الصينية العربية تطورات سريعة في كافة المجالات،خاصة بعد تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي عام 2004, كما طرح الرئيس “هوجنتاو” أربعة أسس تهدف إلى تحقيق طفرة في علاقات الشراكة الصينية العربية الجديدة المتمثلة في تقوية العلاقات السياسية على أساس الاحترام المتبادل، وتكثيف التبادل الاقتصادي والتجاري بهدف تحقيق التنمية المشتركة، وتوسيع وتعميق التواصل الثقافي بما يحقق الاستفادة المتبادلة، وتعزيز التعاون في الشؤون الدولية بهدف تحقيق وصيانة السلام العالمي ودفع التنمية المشتركة, وقد شهدت القاهرة يوم 14 سبتمبر 2004 توقيع وثيقتين مهمتين، وهما إعلان منتدى التعاون الصيني العربي والبرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني العربي, وبفضل الجهود المشتركة من الجانبين في السنوات الثماني الماضية، تم إنشاء أكثر من 10 آليات للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، ودخل المنتدى إلى مسار النمو المتوازي في مختلف المجالات وعلى مستويين رسمي وشعبي، وأصبح إطارا فعالا لتعزيز التعاون العملي بين الصين والدول العربية، وشهد تطورا شكلا ومضمونا، ويتعاظم أثره باستمرار، وحقق نتائج ملموسة في ترسيخ الصداقة الصينية العربية التقليدية وتعزيز التعاون بين الجانبين في كافة المجالات.—(2)

ونجد أن تحولا مهما قد طرأ علي استراتيجية الصين في الشرق الأوسط، علي الأقل منذ عام 2006، حيث انتقل مركز ثقل هذه الاستراتيجية إلي منطقة الخليج العربي، وبشكل خاص باتجاه المملكة العربية السعودية، حيث تضاءل اهتمام الدبلوماسية الصينية بدول في المنطقة العربية، كانت تري فيها دولا محورية مثل مصر وسوريا، وحلفاء قدامي مثل اليمن ودول المغرب العربي، وغيرها من الدول العربية التي تفتقر حاليا إلي الموارد. (3)

عام2009عندما أصدرت محكمة العدل الدولية قرار توقيف الرئيس السودانى “البشير” حينها قامت الصين باستخدام حق الفيتو فى مجلس الأمن لمنع هذا القرار ,يعد هذا من الدلائل المشيرة الى النظرة الايجابية للصين تجاة الدول العربية.—(3)

  • رضا محمد هلال,”العلاقات الصينية بالدول النامية.. المنطلقات والأبعاد“,مجلة السياسة الدولية,العدد173يوليو2008-المجلد43,ص132,133.​
  • العلاقات المزدهرة بين الصين والدول العربية في السنوات العشر الماضية, News. Cn, 11:42:57 29-11-2012,تم الدخول من الرابط : http://arabic.news.cn/big/2012-11/29/c_132007012.htm
  • جعفر قرار أحمد,”تقييم منتدى التعاون العربى–الصينى فى عشرة أعوام“,السياسة الدولية,العدد196أبريل2014-المجلد49,ص166.​
  • أحمد السعيد,لى هونغ جيه , “طريق الصين:سر المعجزة “,مرجع سبق ذكرة ,ص251.​
ولكن منذ بدء ثورة تونس في كانون الأول الماضي، نظر المسؤولون الصينيون بحذر الى «الموت القادم من الشرق الأوسط» الذى يضم عدد كبير من الدول العربية، وإمكان تأثيره على الجيل الصاعد في بلادهم الشهيرة بالتكنولوجيا والاتصالات, لذلك فقد حذر رئيس الحزب الشيوعي في إقليم شينجيانغ، تشانغ تشون شيان، من أنه «ينبغي أن نعي الدروس من الشرق الأوسط على المستوى التقني»,وكل هذا خوفا من استيراد الثورات، ولذلك قامت الحكومة الصينية بحظر مواد في الإنترنت مثل عبارة «زهرة الياسمين»، رمز الثورة التونسية،و«مصر»، وخصوصاً بعد اشتباكات وقعت بين متظاهرين صينين _أقدوا على تلبية دعاوى على الانترنت _والشرطة الصينية في هونغ كونغ وذلك بعد الاحداث التى حدثت فى كل من مصر وليبيا وبدا هذا الخوف أكثر وضوحاً حين أصدرت الشرطة الصينية بياناً قالت فيه ان «الأمن والاستقرار هما ما يبغيهما الشعب الصيني كله، أما هؤلاء الذين يريدون نشر الفوضى فهم واهمون، ومن يستلهمون الثورات العربية محكوم عليهم بالفشل».—(1)

ثانيا:الرؤية العربية للصين :

تسعى العديد من الدول العربية إلى دورأهم للصين في المنطقة، إما لتحقيق التوازن مقابل الولايات المتحدة أو لدفع الولايات المتحدة على العمل أكثر لصالح تحالفاتها,وذلك يوضح النظرة الايجابية التى تتلقاها الصين من الدول العربية على الرغم من تضرر بعض الدول من سياسات الاغراق الصينى لأسواقها مماتسبب فى ارتفاع معدلات الكساد والبطالة فى هذه الدول ولكن لم يعيق النظرة العامة الايجابية فى ضوء امكانية حل مشكلات التجارة من خلال منظمة التجارة العالمية ,—(2)كما إن الصين والدول العربية تنتمي إلى الدول النامية ولشعبيهما معاناة وتجارب مشتركة، فمن الطبيعي أن يتضامنا ويتعاونا فيما بينهما بل يستطيعان تحقيقهما على خير وجه ولم تسع الصين إلى الهيمنة بل تدعو دائماً إلى تطويرعلاقات الصداقة والتعاون مع الدول المختلفة على ضوء المبادئ الخمسة للتعايش السلمي.

ويقوم الطرفان دائماً بتبادل التعاطف والتأييد فيما بينهما في نضالاتهما المشتركة ضد الامبريالية والاستعمار، فقد عمق الشعب العربي من خلال ذلك تفاهماً مع الشعب الصيني وأيد وساند الشعب الصيني في قضاياه العادلة، فقد قدمت الدول العربية مساهمة إيجابية هامة في سبيل إعادة المقعد الشرعي في الأمم المتحدة إلى الصين في السبعينات كما قامت بتأييد حق الصين في استعادة الأراضي المغتصبة في هونغ كونغ ومكاو وتايوان وتوافقت أراؤها مع المفهوم الصيني لحقوق الإنسان ومواقفها من قضايا نزع السلاح وبناء النظام الدولي الجديد,وقد اعترفت الدول العربية بجمهورية الصين الشعبية منذ وقت مبكر في عام 1956، حيث أقامت في ذلك الوقت كل من مصر، وسوريا، واليمن علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية,وتبعتها بعد ذلك دول عربية أخري مثل العراق والمغرب، والسودان وغيرها، ليكتمل

  • معمر عطوى,”الصين و«ربيع العرب»: سياسة «خطّ الرجعة»”, الأربعاء 5:51 م 18 مارس,تاريخ الدخول18/3/2015 ,07:31,تم الدخول من الرابط: http://www.al-akhbar.com/node/10818
  • أبوبكر الدسوقى ,”الدور العالمى للصين ..رؤى مختلفة “,مرجع سبق ذكره,ص148 .​
التمثيل الدبلوماسي العربي مع الصين في عام 1990، وذلك بقيام علاقات دبلوماسية كاملة مع المملكة العربية السعودية.(1)

ونستطيع أن نرى مدى تأثير انشاء المنتدى الصينى العربى على الرؤية العربية للصين من خلال كلمة عمرو موسى _الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية_”إن منتدى التعاون الصيني العربي ليس نوعا من الشكليات على الإطلاق ، بل يعكس الشراكة الحقيقية بين الصين والدول العربية، وأعطى الاجتماع رسالة بأن الجانبين الصيني والعربي لديهما إرادة قوية في توسيع التعاون الواعد الذي سيعود بالفوائد الحقيقية على الجانبين”.(2)

ويبادر كلا الجانبين الصيني والعربي الى تكريس روح الانفتاح والاحتواء، ويسعى الى نشر قيم التسامح والتفاهم، ويؤكد على احترام حق مختلف البلدان في اختيار الطرق التنموية وفقا لاراداتها المستقلة، ويدعو إلى تعزيز الحوار من أجل توفير الأرضية الشعبية الصلبة لزيادة توسيع وتعميق علاقات التعاون الاستراتيجية الصينية العربية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة.

ومن هنا نستطيع ايضاح الرؤية العربية لكلا الطرفين(الصينى-العربى) خاصة بعد انشاء المنتدى الصينى _العربى فالجانب العربى يشعر بالارتياح من التعامل مع الجانب الصينى خاصة مع المساعدات التى تقدمها الصين بدون شرط ,ووالاستثمارات التى تقيمها الصين فى البلاد العربية وغيرها من المنافع التى تعود على الدول العربية والتى سنعرض لها فى المبحث الثالث.

ولكن ظهرت عدة نقاط خلافية أدت الى تغير الرؤية العربية للصين ,منها:

  • الخلاف حول طبيعة “المنتدي الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية” في نينجشيا -تم تغيير الاسم منذ دورة 2013 إلي (معرض الصين والدول العربية)- الذي ينظم سنويا في ينتشوان_عاصمة منطقة نينجشيا الذاتية الحكم لقومية هوي المسلمة_ويري الجانب العربي منذ بدء نشاطات هذا المنتدي ذي الطبيعة الاقتصادية والتجارية في عام 2010، “أن منتدي نينجشيا قد أثر بشكل سلبي في منتدي التعاون العربي – الصيني بسبب التداخل في الاختصاصات, وأن فعاليات منتدي التعاون العربي – الصيني أصبحت تنظم علي هامش منتدي نينجشيا ولم تعد تجتذب اهتمام الإعلام والمهتمين بأمر المنتدي من العرب والصينيين، كما كان في السابق”.(3)​

(1) جعفر قرار أحمد,”تقييم منتدى التعاون العربى–الصينى فى عشرة أعوام“,مرجع سبق ذكرة,ص160,

(2) العلاقات المزدهرة بين الصين والدول العربية في السنوات العشر الماضية, Arabic. News. Cn, 11:42:57 29-11-2012,متاح على الرابط : http://arabic.news.cn/big/2012-11/29/c_132007012.htm.

(3) جعفر قرار أحمد,”تقييم منتدى التعاون العربى–الصينى فى عشرة أعوام“,مرجع سبق ذكرة,ص163.

  • كما أن الرؤية العربية للصين بعد أحداث الربيع العربى قد تغيرت خاصة مع الموقف الصينى من الوضع فى سوريا فقبل الأزمة السورية عام2013 _ كما رأينا _كانت نظرة الدول العربية الى الصين نظرة ايجابية لكن نتيجة الدعم الصينى لحكومة بشارالأسد,وبسبب تقديرات الصين الخاطئة تجاه الثورات العربية، أو بسبب عدم فهم العرب للموقف الصيني من هذه الثورات، تعرضت صورة الصين في العالم العربي -في الفترة الأخيرة- إلي أضرار كبيرة فالأول مرة منذ 60 عاما تحرق أعلام الصين في شوارع المدن العربية، أو تنطلق دعوات لمقاطعة البضائع الصينية ونجد أن آليات المنتدي المعنية بالتقريب بين الصين والعرب لا تعمل بشكل جيد,(1)فحدث لذلك تغير فى موقف العرب حيال الصين لأنهم يرون أن الصين بذلك تتخذ موقفا مغايرا لأغلبية العرب خاصة فى قضايا العراق وليبيا وسوريا وغيرها.(2)​
لكن جاءت تحركات رؤساء هذه الدول، خاصة مصر، وقيامهم بزيارات ورحلات عديدة لدول تمثل قوي دولية وإقليمية مهمة مثل روسيا، والصين، والهند والبرازيل، وجنوب إفريقيا، بالإضافة إلي السعودية، وأوغندا، وإثيوبيا، والسودان، وإيران، والأمم المتحدة، وألمانيا، وإيطاليا، ولم تشمل هذه الزيارات الولايات المتحدة، ولا فرنسا, والذي يقال إن هذه الزيارات تعني انفتاح مصر علي كل القوي الإقليمية والعالمية المهمة لمصر ومصالحها، كما تعني انتهاء مرحلة الارتباط بالسياسة الأمريكية، أو التحالف معها,(3) ولكن في المقابل، لم يترتب علي هذه الزيارات سوي معني رمزي، ولم تترجم في شكل قرارات وسياسات للتعاون الجاد. ويبدو أن الطرف الآخر، أى الدول التى تم زيارتها، يدرك أن حجم المشكلات والأزمات الداخلية الراهنة في مصر لا تمكنها من صياغة علاقات تحالف أو تكامل حقيقي معها، ولعلها تنتظر حتي تري هل تخرج مصر.

لكن لو نظرنا الى طبيعية الواقع الصيني الراهن والثقافة الصينية قد نجد أن هذا الموقف من قبل الصين متوقع فالثقافة الصينية تتسم برغبتها فى أغلب الأحيان فى تسوية الخلافات عبر الحوار والتفاوض، رفض الحرب كأسلوب لحل النزاعات مهما كانت الذرائع، رفض التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبلدان، والاحترام للوحدة والسيادة الوطنية,كما أن هذا الموقف يخدم مصلحة الصين التي ترى أن الاستقرار في المنطقة مفيد لها وللعالم أجمع، وبخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تضرب العالم كله . فلا شك في أن الاضطرابات العربية، إذا انفلت الأمر، ستزيد من حدة التدهور فى الاقتصاد العالمي والاقتصاد الصيني، لما تمثله المنطقة من أهمية قصوى في الامداد النفطي والسوق الكبيرة.(4)

  • المرجع السابق,ص167.​
  • أحمد السعيد,لى هونغ جيه , “طريق الصين:سر المعجزة “,مرجع سبق ذكرة ,ص251.​
  • مصطفى علوى,”اشكاليات متعددة:معضلة بناء السياسة الخارجية لدول الربيع العربى“,مجلة السياسة الدولية,العدد193يوليو2013-المجلد48,ص66.​
  • شوي تشينغ قوه, “قراءة من بكين للموقف الصيني من الربيع العربي“,منتدى التعاون الصينى العربى, 2012/04/06,تاريخ الدخول18/3/2015 09:18م,تم الدخول من الرابط: http://www.cascf.org/ara/yjzs/t920773.htm.​

المبحث الثالث :

المصالح المتبادلة بين الطرفين:

تنتمى الصين والدول العربية إلى العالم النامي ويواجهان فرصا وتحديات متشابهة، لذلك، فإن ترقية العلاقات الصينية العربية إلى مستوى استراتيجي تتفق مع المصلحة المشتركة للشعبين وتدفع بقوة علاقات الصداقة والتعاون الصينية العربية في المرحلة الجديدة وترفع التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين الصين والدول العربية إلى درجات أعلى بما يعزز التضامن والتعاون بين الدول النامية ويصون السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.

حينما تنشأ علاقات تعاون بين بلدين فحتما هذه العلاقاة يفسرها مصالح متبادلة يحصل عليها الطرفان وهكذا الوضع حينما نتحدث عن العلاقات الصينية العربية فلكل منهما أهداف ومصالح يسعى الى تحقيقها بتقاربه من الطرف الاّخر ويعد انشاء المنتدى الصينى العربى من أبرز الخطوات التى انتهجها الطرفان من أجل تدعيم علاقاتهما تهتم الدول العربية بالتعاون مع الصين في المجالين الاقتصادي والتجاري، وذلك على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة فتاريخ العلاقات التجارية بين الصين والدول العربية يرجع إلى زمن قديم، ويعتبر طريق الحرير البري وطريق البخور البحري دليلين على عمق روابط التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربيةوبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية ازداد هذا التعاون بين الجانبين مع مرور الأيام خاصة بعد انشاء المنتدى، وسنرى مصالح كل منهما على حدا:

أولا:المصالح الصينية :

  • تمثل الدول العربية المدخل للقارة الأفريقية التى تحظى باهتمام الصين لما لها من أهمية استراتيجية للصين حيث تحتل القارة الافريقية موقعا مهما فى خريطة النفط العالمية ,حيث بلغ انتاج القارة _حسب تقدير اللجنة الافريقية للطاقة(اّفراك)_11%من الانتاج العالمى فى عام2005 ,ثم وصل الى 12%فى عام2008وخلال السنوات الأخير زاد الى 36%مقابل 16%لباقى القارات ,وتبلغ احتياطات القارة من النفط 4مليار برميل عام2011_أى مانسبته8%من الاحتياطى العالمى الخام وتملك نيجيريا أعلى احتياطى من بين الدول الافريقية حيث يبلغ70% .(1)​
  • الشراكة الاقتصادية مع الدول العربية على صعيد فتح الأسواق العربية وتطبيق أنظمة الإعفاءات الجمركية المتبادلة مع الصين,حيث تقوم الصين باستخدام الأسواق العربية كمستوعب جيد لمنتجاتها, ويستدل من بيانات التجارة الخارجية الصينية على أن التعاون بين الصين والدول العربية يتضمن الصناعة، والزراعة، والطاقة والعلوم، والتكنولوجيا، والسياحة وغيرها من القطاعات وقد بلغ إجمالى حجم التجارة الثنائية 4 مليار دولار أمريكى عام 2007 كما بلغ فى العام نفسه الاستثمار غير المصرفى للدول العربية فى الصين 1.28 مليار دولار أمريكى، بينما بلغ إجمالى الاستثمار غير​ المصرفى للشركات الصينية فى الدول العربية 2.44 مليار دولار أمريكى وتمتلك كل من الصين ودول مجلس التعاون الخليجى نحو 2.5 تريليون دولار من الأصول الدولية، فى حين تصل التجارة بين الصين ودبى وحدها إلى نحو 11.5 مليار دولار وتعتبر دول مجلس التعاون الخليجىوخاصة الامارات بوابة لتجارة الصين إلى الشرق الأوسط و الى بلدان، مثل الهند وباكستان، نظرا لقربها وروابطها المتينة مع تلك الدول وتبدو هناك فرصة كبرى فى الوقت الراهن لإعادة النظر فى العوائق، سواء فى الصين نفسها أو فى البلدان العربية، والتى تحد من اجتذاب الاستثمارات المتبادلة، لاسيما فى ظل تنامى الوفورات المالية لدى الدول الشرق الأوسطية المنتجة للنفط عن طريق اقرار نظام الاقتصاد الحر والذى سيوفر لهما مناخا أكثر ملاءمة لحركة التجارة الخارجية واجتذاب الاستثمارات الأجنبية، خاصة فى ظل ضرورات التنمية الشاملة، ورفع مستوى المعيشة وتوسيع قاعدة التنمية فى الداخل والارتباط بالاقتصاد العالمى.
  • أحمد خميس كامل,”صراع القوى العالمية:الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين حول مناطق الطاقة فى كل من افريقيا واّسيا الوسطى والقوقاز(2000–2008)”,مجلة السياسة الدولية,العدد193يوليو2013-المجلد48,ص152.​
  • استفادة الصين من النفط العربي ( الطاقة ) دون المرور عبر معبر السياسة الأمريكية أو الغربية,فتعد السعودية من أكثر الدول العربية التى تصدر النفط الى الصين, فيعد الشرق الأوسط_بما فيه من دول عربية_ المصدر الأساسى للنفط والغاز للصين حيث يزود الشرق الأوسط الصين بـ45% من احتياجاتها النفطية فى الوقت الراهن ويقدر أنه فى عام 2015، سيرتفع الاعتماد الصينى على نفط الشرق الأوسط إلى نسبة 70% من احتياجاتها الضرورية وتعد الصفقات الصينية الكبرى فى مجالى النفط والغاز مع كل من السعودية التى تعد القطب الثانى فى الشرق الأوسط فى مجال توريد النفط للصين، وقد وقع الطرفان اتفاقا عام 2005 للتنقيب المشترك عن الغاز فى صحراء الربع الخالى بقيمة 300 مليون دولار، فى حين ستقوم شركة أرامكو السعودية باستثمار 5 مليار دولار فى بناء مصفاة للنفط فى مقاطعة “فوجيان” ، ومصفاة أخرى بتكلفة 1.2 مليار دولار فى مقاطعة ـ شيكنجداو ـ بالاشتراك مع شركة النفط الصينية الوطنية وتهتم الصين بصورة أساسية بتأمين ممرات النفط الدولية، لاسيما القادمة من الشرق الأوسط وهذا مايؤكده الكتاب الصينى الأبيض عن الطاقة، الصادر فى 2007، من أن حماية البيئة السياسية السليمة الآمنة ، وحماية السلم العالمى والاستقرار الإقليمى، هما الشرط المسبق لتحقيق أمن الطاقة العالمية، وعلى المجتمع الدولى حماية استقرار الأوضاع فى الدول المنتجة للطاقة والدول المسئولة عن نقل الطاقة وضمان أمن وسلامة ممرات الطاقة الدولية، وتفادى تشويشات الخلافات السياسية الإقليمية على إمدادات الطاقةالعالمية، وإلا فسيحدث تسييس لمسألة الطاقة,—(1)وتتزايد حاجة الصين لمصادر رخيصة للطاقة وهو مايبرر سعى الصين لضمان مصادر رخيصة للطاقة من الدول العربية مثل (السودان-السعودية وغيرهما).—(2)​

  • حسن أبوطالب ,” الصين والشرق الأوسط ..بين رمزية السياسة وتكامل الأقتصاد” ,مرجع سبق ذكره,ص144,145.​
  • جورج ثروت فهمى,”العلاقات الصينية_الأفريقية..شراكة اقتصادية دون مشروطية سياسية“,مجلة السياسة الدولية,العدد167 يناير2007-المجلد43,ص89.​
  • الحصول على التأييد العربى فى المحافل الدولية فى بعض القضايا الهامة الخاصة بالصين مثل قضايا حقوق الانسان وقضية تايوان وهكذا,فقد قدمت العديد من الدول العربية دعما قويا فى احباط الاقتراحات المعادية للصين من جانب البلدان الغربية فى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان .​
  • فتح المجال للتبادل الثقافي بين الصين والعرب وتحقيق الاسهام المشترك لمنع اندلاع ما يسمى بصراع الحضارات ودفع العالم نحو توفير قواعد التنافس والتعاون والحوار الحضاري بعيد المدى كاستراتيجية انسانية عامة.​
  • فك العزلة الثقافية للصين في النظام الدولي في ظل هيمنة الحضارتين الأمريكية والأوروبية (الحضارة الغربية) على السياسات الثقافية والتعليمية والاجتماعية للنظام الدولي ومؤسساته المختلفة.​
  • كما أن الدول الصاعدة تتجه غالبا الى التعاون مع دول اّخرى من أجل تدعيم نفوذها .​
لذا ,فان هناك مصالح قومية واحتياجات استراتيجية ملحة تقف وراء الاهتمام الصينى بالدول العربية تتعلق بقدرتها على الحفاظ على استدامة تنميتها الاقتصادية، وبالتالى استقرارها السياسى إن الصين تحتاج إلى هذه الدول لإمدادها بالموارد الضرورية لأهداف التنمية الصينية كما أن الأسواق الهائلة لهذه الدول تلعب دورا مهما فى استدامة نمو اقتصادها, كما يدرك القادة الصينيون أن علاقاتهم مع عدد كبير من الدول العربية قد أمدت الصين بدعم دبلوماسى هائل فى المحن والأزمات الدولية التى تعرضت لها السياسات الصينية كما تعول الصين حاليا على هذه الدول فى رفض الاعتراف بتايوان، وهو ما يعزز الجهود والسياسات الصينية لعزل تايوان فى الساحة الدولية، علاوة على توظيفها للأعداد الكبيرة للدول النامية فى منظمة التجارة العالمية فى عرقلة جولات تحرير التجارة الدولية الخاصة بضوابط استخدام الأيدى العاملة فى الأنشطة الصناعية والزراعية، وتحرير تجارة السلع الزراعية وفرض عقوبات خاصة باغراق المنتجات الصينية للاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة.

ثانيا:المصالح العربية :

وتقتضى المصالح الصينية العربية أن يبحث الطرفان عن آليات ووسائل تحقق رفع مستوى التشابك والتعاون المصلحي بين الطرفين على مختلف المستويات وهو ما كان يقف خلف فكرة إنشاء المنتدى العربي-الصيني الذى تم انشاءه بالفعل عام 2004وهو ماساهم بشدة فى تطور العلاقات الصينية العربية ,وكما أن الصين لها مصالح من توطيد علاقاتها مع الدول العربية فان

للدول العربية ايضا مصالح خاصة بها ومنها :

  • تشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يحقق استقرارا سياسيا ويعالج نسبة كبيرة من مشاكل الفقر والبطالة في معظم البلاد العربية,وذلك من خلال الاستثمارات​ والمعونات التى تقدمها الصين للدول العربية فى المجالات المختلفة (مشروعات البنية التحتية –فى مجال التعليم –الصحة-الصناعة)وغيرهم,كما تحرص الصين على تقديم المساعدات والمعونات الفنية والتكنولوجية والاقتصادية لعدد كبير من هذه الدول_دون اشتراطات أو مطالب سياسية_مع التأكيد فقط على الاستقرار السياسى والتنمية الاقتصادية فى الدول المتلقية لهذه المساعدات.
  • دعم الموقف العربي والفلسطيني بالضغط على اسرائيل للتجاوب مع الحقوق الفلسطينية والعربية وخاصة تلك المتعلقة بانهاء الاحتلال الاسرائيلى ووقف عدوانه على الشعب الفلسطيني.​
  • المساعدة في تطوير الصناعة والتكنولوجيا في الوطن العربي، بما يحقق اقتصادا صناعيا متناميا، ويطور استخدامات التكنولوجيا فيها، ويوطن الصناعات التكنولوجية.​
  • تطوير دور العرب في رسم مستقبل الشرق الأوسط وسياسات النظام الدولي، لبناء نظام دولي يتمتع بالنزاهة والعدالة، وأن يتحقق للعرب مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي.​
  • الاستفادة من تجربة الصين في تحقيق معدلات مرتفعة للتنمية الاقتصادية ومعالجة مشكلتي الفقر والبطالة في الوطن العربي.​
  • تطوير التعاون العربي-الصيني في مجالات الأمن في الخليج بما يحقق التوازن مع التواجد الأميركي والأوروبي، ويحقق الأمن لدول الخليج، ويحافظ على حماية مصادر الطاقة فيه لحماية الحضارة الإنسانية والتطور الصناعي الدولي، وبما يحقق النماء والاستقلال في دول الخليج.​
  • الاستفادة من القدرات والخبرات العسكرية الصينية في تطوير القدرات العسكرية العربية التقليدية منها وغير التقليدية لدعم اتجاه التوازن الاستراتيجي للعرب مع اسرائيل وكذلك في مجال تكنولوجيا التصنيع العسكري.​
  • تطوير التعاون العربي-الصيني لبلورة موقف حضاري لسياسة حكيمة في التعامل مع ظاهرة الارهاب الدولي تستند الى شرعية المقاومة ضد الاحتلال العسكري بكافة الوسائل، ومحاربة أعمال الإرهاب المنظم ضد الأبرياء والمدنيين دون تمييز مهما كان مصدرها.​
  • الاستفادة من تطور القوة الاقتصادية الصينية ونفوذها السياسي في تحجيم اتجاهات الهيمنة في السياسة الأمريكية المعاصرة، خاصة في سياسات النظام الدولي تجاه الشرق الأوسط,خاصة وأن الصين تتبع سياسة عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول. –(1)​
وبذلك نجد أنه فى مقابل فتح السوق الافريقية الهائلة أمام المنتجات الصينية، وتأمين الحصول على النفط، فإن الصين تسهم جديا فى تطوير القارة عن طريق بناء شبكات واسعة من البنية التحتية والمستشفيات ولذلك، فالوجود الصينى فى إفريقيا مقترن بالبناء، وليس بالاحتلال أو السيطرة، وهى لا تسعى لفرض قيم معينة أو للتدخل فى الشئون الداخلية للدول الافريقية.وبفضل الجهود المشتركة من الجانبين في السنوات الثماني الماضية، تم إنشاء أكثر من 10 آليات للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، ودخل المنتدى الى مسار النمو المتوازي في مختلف المجالات وعلى مستويين رسمي وشعبي، وأصبح اطارا فعالا لتعزيز التعاون العملي بين الصين والدول العربية ويتعاظم أثره باستمرار وحقق نتائج ملموسة في ترسيخ الصداقة الصينية العربية التقليدية وتعزيز التعاون بين الجانبين في كافة المجالات.

  • جـواد الحـمد, “اتجاهات ومحددات تطوير العلاقات الصينية–العربية 2005–2010“,مركز دراسات الشرق الأوسط, ديسمبر 2005 ,تم الدخول فى 10/3/2015 الساعة 09:30,تم الدخول من الرابط : http://www.mesc.com.jo/OurVision/2005/6.​
اذا إن أهمية الصين، بالنسبة إلى الدول العربية، منفردة ومجتمعة أمر لا جدال حوله، لا لكونها تحتل مركزاً محورياً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتمتلك حق النقض، كإحدى الدول الخمس الذي تدير شئون هذا المجلس وإنما يعود ايضا الى الروابط التاريخية، السياسية، والاقتصادية، والثقافية، التي تربطها بالعرب.48

الفصل الثالث

قضايا العلاقات الصينية العربية :

ينقسم الفصل الى :

  • المبحث الاول : القضايا السياسية .​
  • المبحث الثانى : القضايا الاقتصادية.​
  • المبحث الثالث : القضايا الثقافية​

المبحث الأول

القضايا السياسية :

بالنظر الى بعض القضايا العربية سنجد أن الصين كان لها دور هام فى بعض القضايا وقامت باستخدام حق الفيتو لصالح الدول العربية فظات الصين مؤتمر باوندنج والى وقت قريب حليفا سياسيا ثابتا للدول العربية حيث دعمت كافة حركات التحرر العربية,كما دعمت القضية الفلسطينية ووقفت مع العرب في حروبهم مع إسرائيل وفي معاركهم لتحرير قرارهم السياسي، مثل دعمها لقرار مصر لتأمين قناة السويس وقد بادرت الصين، بعد أحداث 11 سبتمبر الإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية بإعلان قيام جمعية الصداقة الصينية – العربية وقد قصدت الصين بهذه الخطوة إرسال رسالة دعم قوية للعالمين العربي والإسلامي، مفادها أن الصين تفرق بشكل جيد بين العرب، والإرهاب(1),كما نجد أنه «منذ انطلاق منتدى التعاون العربي الصيني عام2004 يتصاعد التعاون العربي الصيني في المجالات السياسية والاقتصاديــة والثقافيــة والاجتماعيــة،كما عملت على تحسين علاقاتها مـع مختلف الـقـوى الإقليمية كمصر والسعودية فوقعت اتفاقيات شراكة وتعاون استراتيجي معهما عامى ٢٠٠٦ و٢٠٠9, ونجد بذلك أنه على المســتوى السياســي ارتقــت العلاقات بيــن الدول العربيــة والصين إلى مســتوى العلاقات الاســتراتيجية حيث تم التوقيع على البيان المشترك لرفع العلاقات إلى مستوى علاقات استراتيجية أثناء الاجتمــاع الوزاري الرابع لمنتدى التعاون العربي الصيني الذي عقد في ايار 2010 في تيانجين»كما أشار رئيس بعثة جامعة الدول العربية في الصين السفير,وسنذكر بعض هذه القضايا:

  • الموقف الصينى من القضية الفلسطينية.​
  • الموقف الصينى من الربيع العربى.​
أولا:الموقف الصينى من القضية الفلسطينية:

تحتل القضية الفلسطينية أهمية فى السياسات الصينية وذلك منذ انشاء الجمهورية الصينية الشعبية وسياسة الصين تجاة هذه القضية تحمل شقين الأول متعلق بمصالحها مع الصين والثانى متعلق بعد رغبتها فى تبنى سياسات تقود إلى تهديد حقيقي لمصالحها مع الغرب ,فنجد أن السياسة الخارجية الصينية تجاة القضية الفلسطينية فى فترة حكم الزعيم”ماوتسى تونغ”كانت داعمة للفلسطينين سياسيا وعسكريا وماديا وتعود هذه السياسة الى الفكر الثورى الذى يؤمن به ماوتسى فقد قامت الصين باتخاذ خطوة جريئة فى اعترافها باستقلال منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها وحدة سياسية ومنحها حق التمثيل الدبلوماسى ,–(2)ولكن على الجانب الأخر نجد أن الصين قامت ب تبادل التمثيل الدبلوماسي مع دولة إسرائيل عام ١٩٩٢أي العام التالي لبدء عملية السلام المنطلقة من مدريد، ومن ثم مشاركتها الفعالة في هذه العملية من خلال استضافتها عام١٩٩3 للجنة المياه المنبثقة عن المفاوضات متعددة الأطراف بين الدول العربية وإسرائيل,(1) وأكد الرئيس الصيني للسيد ياسر عرفات خلال مباحثاتهما في مدريد بتاريخ ١٩٩٩/٤/١٥ أن الصين تؤيد الحق الفلسطيني وأنها مستعدة لتأييد الدولة الفلسطينية حال إعلانها.

  • جعفر قرار أحمد,”تقييم منتدى التعاون العربى–الصينى فى عشرة أعوام“,مرجع سبق ذكرة,ص160.​
  • الشيماء عبد السلام ابراهيم ,”العلاقات العربية_العربية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر :دراسة حالة :مصر والسعودية(2001–2008)”,مرجع سبق ذكره ,ص110,111.​
كما قامت الصين بتعين مبعوث دبلوماسى للسلام فى الشرق الأوسط وذلك فى سبتمبر2002 والذى قام باجراء مباحثات مع الفلسطينين والاسرائيليين ,وفى مايو 2003 تقدمت الحكومة الصينية بمقترح لحل القضية الفلسطينية قائم على أساس دعمها لخارطة الطريق التى اعتبرتها ايجابية وتقدم أساسا متينا لعودة المحادثات بين الطرفين مع وضع اّلية لتطبيق الخطة.

وبالنظر الى تداعيات انشاء المنتدى الصينى العربى على هذه القضية سنجد أن الصين قامت بدعوة وزير الخارجية الصينى فى حكومة حماس لزيارتها للمشاركة فى الاجتماع الوزارى لمنتدى التعاون الصينى العربى الذى عقد فى بكين 31/5-1/6 لعام2005 ومن ناحية اخرى طالبت حكومة حماس بالاعتراف باسرائيل انطلاقا من المصلحة الاساسية للشعب الفلسطينى وقبول الاتفاقيات المبرمة بين الفلسطينين والاسرائيليين ,ونجد أن الطرفين العربي والصيني لم يكونا علي وفاق تام حيث تشير مداولات المنتدي ومشاريع البيانات المشتركة لاجتماعات كبار المسئولين، والدورات الوزارية، إلي ظهور خلاف بين الطرفين من حين لآخرحول الموقف من القضية الفلسطينية إذ يري الكثير من القائمين علي أمر المنتدي أن الصين قد ترددت في دعم المبادرة العربية لحل القضية الفلسطينية كما لم توافق علي موقف مشترك عربي – صيني من مسألة القدس الشرقية، ينص علي “إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة علي حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية” وكاد هذا الموقف يفشل المؤتمر الوزاري الرابع لمنتدي التعاون في مايو 2010,(2) كما شاركت فى “مؤتمر أنابوليس”الذى عقد فى نوفمبر2007 بغرض احياء عملية التفاوض الفلسطينية الاسرائيلية,(3) وفى ظل هذا المؤتمر طرح وزير خارجية الصين رؤية شاملة لتعزيز أسس السلام فى الشرق الأوسط والتى تضمنت مايلى :

  • احترام الـتـاريـخ،ونظرا الى مايشهده الشرق الأوسط مـن تـغـيـرات عـمـيـقـة يـجـب عـلـى الأطــراف الـمـعـنـيـة أن تـواجـه الـواقـع, وأن تـتـخـذ خـطـوات جـريـئـة تـتـمـاشـى مـع تـيـار الـعـصـر، ومــن ثــم، فـمـن الـمـهـم الـشـروع فـي عـقـد مـفـاوضـات حــول قـضـايـا الـوضـع النهائى .​
  • كامل صالح أبوجابر,”الحوار بين الثقافة الصينية والثقافة العربية فى القرن الحادى والعشرين:موقف الصين من بعض القضايا العربية“,تاريخ الدخول:22/3/2015 07:48م,من الرابط: http://www.reefnet.gov.sy/booksproject/fikr/7/12china.pdf
  • جعفر قرار أحمد,”تقييم منتدى التعاون العربى–الصينى فى عشرة أعوام“,مرجع سبق ذكرة,ص162.​
  • الشيماء عبد السلام ابراهيم ,”العلاقات العربية_العربية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر :دراسة حالة :مصر والسعودية(2001–2008)”,مرجع سبق ذكره ,ص111,112.
  • نبذ الـعـنـف وإزالــــة الـعـقـبـات ومـواصـلـة الالتزام الصارم بمحادثات السلام، فالقوة لا يمكنها دائما أن تحقق سلام.​
  • دفــــع مــحــادثــات الــســلام بـطـريـقـة كـلـيـة ومتوازنة وتوفير البيئة المؤدية لنجاحها. وبما أن بـيـن الـقـضـيـة الفلسطينية وقـضـايـا هـنـاك ارتـبـاطـا الـصـراع العربى الإسرائيلي الأخــرى، لذلك ينبغي اسـتـئـنـاف مــحــادثــات الــســلام بـيـن إســرائــيــل وكـل مـن سـوريـة ولـبـنـان، حـتـى يمكن لـهـذه الـمـحـادثـات ولمثيلتها الفلسطينيةـ الإسرائيلية أن تساندا وضع بعضها البعض.​
  • إعطاء أولوية للتنمية وتعزيز التعاون من أجل تدعيم أساس محادثات السلام، ومن هنا تأتي أهمية قيام المجتمع الدولي بزيادة المساعدات الإنسانية ومساعدات التنمية إلى فلسطين،وإيجاد تعاون اقتصادي إقليمي كمدخل لضمان الأمن الإقليمي​
  • زيـادة الإسهامات وتعزيز مساندة عملية السلام، إذ ينبغي على المجتمع ويقيم آلية متعددة الأطراف لتسهيل ومساندة محادثات السلام.ً وثيقا الدولي أن ينفذ تعاونا.(1)​
وبذلك نجد أن الصين تسعى ليكون لها دورا نشطا فى قضية الصراع العربى الاسرائيلى _القضية الفلسطينية_من خلال دعمها لفلسطين وأعترافها باستقلال منظمة التحرير الفلسطينية وغيرها من المواقف الا أنها مع ذلك تحاول الموازنة فى موقفها بحيث لاتساند طرف على حساب الطرف الاّخر _أى الطرف الاسرائيلة_وهذه تعد قضية خلاف الى حدا ما بين الدول العربية والصين,الا أن المصالح الاقتصادية والسياسية الصينية الكبيرة في منطقة الشرق الأوسط ترجح أن تشهد الفترة الـقـادمـة اسـتـمـرارا فـي اهتمام السياسة الخارجية الصينية بقضايا الصراع العربى الاسرائيلى ففى الدورة الخامسة للاجتماع الوزارى للمنتدى فى مايو2012فى تونس أكدت الصين دعمها لاقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية, إلا أن الصين بالرغم من دعوات الجامعة العربية المستمرة، ونداءات مسئولين كبار لها للانضمام للرباعية الدولية كصديق للعرب لم تتخذ بعد خطوة في هذا الاتجاه ,وبالرغم من دعم الصين القوي، الذي أغضب إسرائيل، لجهود القيادة الفلسطينية لحصول دولة فلسطين علي وضع الدولة المراقب فإن الجانب العربي لا يزال يلاحظ ترددا في المواقف الصينية. (2)

ثانيا:الموقف الصينى من الربيع العربى:

تحتل هذه القضية مكانة كبيرة وخاصة بعد نجاح ثورات الربيع العربي في كل من: تونس، مصر، ليبيا، واليمن، بالاضافة الى الدور الصيني في الأزمة السورية الراهنة ,ونجد أن ماحدث فى المنطقة العربية نتيجة لأحداث “الربيع العربى”عملت على خلق منطقة عدم استقرار مما دعا الصين الى تغير مواقفها البحث عن فرص جديدة _وبوصفها عضو دائم في مجلس الأمن الدولي_ يتعين عليها أن تتصرف كقوة مسؤولة للمساعدة في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي, ولأن جوهر السياسة الصينية هو الحفاظ على بيئة دولية مستقرة لتسهيل استمرار الإصلاح والتنمية في الوطن بالتالي، فسياستها في منطقة الشرق الأوسط تسعى إلى دفع العلاقات الاقتصادية في مجال الطاقة، وبالتالي فإنها تؤيد التعامل مع النزاعات مثل أحداث الربيع العربي في مناخ من التعاون والتفاوض وإدارة الصراع ,وقد أعلنت وزارة الدفاع الوطني الصينية فى30 مارس 2015 ارسال أسطول بحري للمساعدة في إجلاء رعاياها من اليمن التي تملؤها الصراعات في ظل استمرار تفاقم الوضع.(1)

  • علاء عبدالحفيظ محمد,” السياسة الصينية تجاه الصراع العربيـ الإسرائيلي:الثوابت والمتغيرات“,المستقبل العربى,تاريخ الدخول 22/3/2015 08:36,ص14,15,من الرابط: http://www.caus.org.lb/PDF/EmagazineArticles/mustaqbal_418_alaaabadalhafiz.pdf
  • جعفر قرار أحمد,”تقييم منتدى التعاون العربى–الصينى فى عشرة أعوام“,مرجع سبق ذكرة,ص162.​
يمثل الشرق الأوسط محل تركيز استراتيجي رئيسي للولايات المتحدة،وأوروبا،وروسيا،في حين أن المنطقة-بالنسبة للصين-ليست بذات أهمية جيرانها في منطقة آسيا.بالتالي،يتشكل نهج الصين حيال الربيع العربي من علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا,وتدرك الصين أن وجود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يعتبر مصلحة استراتيجية في واشنطن،وأن الوجود الأمريكى الدبلوماسي والعسكري سوف يستمر لعقود،وأن سياسة الولايات المتحدة أمر حاسم لاستقرار المنطقة ولذلك فهى تسعى الى تجنب الأعمال التي من شأنها أن تضعها في موضع مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة في الوقت نفسه،تريد الصين بناء والحفاظ على علاقات سياسية مع كل من الأنظمة الجديدة والقديمة في بلدان المنطقة،من أجل ضمان مصالحها,(2) لكن الموقف الصيني الحالي من الثورات العربية يضر بصورة الصين في المنطقةعلى المستوى الشعبي والنخب المثقفة فالصين التي تفتخر بثورتها الشعبية الكبرى في القرن العشرين تصطف الآن إلى جانب نظام تعارضة أغلب الشعوب العربية(3),الموقف الصينى تجاه الأزمة السورية على سبيل المثال :

سوريا:

نجد أن الصين ضد المعارضين للنظام السورى وتساند نظام “بشار الأسد”ومن الملاحظ أن الصين استخدمت الفيتو خمس مرات فقط منذ 1945 حتى العام 2011 وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة ثم استخدمته ثلاث مرات في سنة واحدة من أجل سورية ويشير هذا الى أن الحكومة الصينية متمسكة بالنظام السوري وأنها لاتدعم المعارضة السورية ,ومدى رغبة الصين فى عرقلة اتخاذ أية قرارات لادانة نظام (بشار الأسد)أو فرض أية عقوبات فاعلة ضده,(4)

  • الصين ترسل أسطولا للمساعدة في إجلاء الصينيين من اليمن التي تمزقها الصراعات,3/3/2015,متاح على الرابط: http://arabic.news.cn/chinaarabic/2015-03/30/c_134109771.htm ,تاريخ الدخول5/4/2015.​
  • كيف أثر الربيع العربي على السياسة الصينية ؟, الخميس, أكتوبر 30, 2014,تاريخ الدخول:22/3/2015 09:23م,من الرابط: http://raqeb.co/2014/10.​
  • خالد الحروب,”الصين والربيع العربى :نظرة من الداخل“,الحوار المتمدن,العدد3727 ,14/5/2012,تاريخ الدخول:22/3/2015 09:40م,من الرابط: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=307568
  • أحمد طاهر,”توازنات جديدة:مستقبل العلاقات الصينية–الأمريكية“,مجلة السياسة الدولية,العدد193يوليو2013-المجلد48,ص136.​

 

ولم يكن يتوقع أطياف المعارضة السورية هذا الموقف الصينى والذين كانوا يعولون كثيرا على الخارج فى اتخاذ إجراءات تضغط على النظام السورى أو توفر مظلة دولية لحماية المدنيين,كما أعطى الفيتو غطاء سياسيا لممارسات النظام السورى مما شجعه على الإفراط فى استخدام القوة العسكرية من اجل إخماد روح الثورة واصطدم الجيش السورى بالجيش السورى الحر مما جعل الصراع مفتوحا فى بعض هذه المدن، وبالتالى تراجع الحل السياسى تماما فى هذه المرحلة.(1)

وبذلك نجد أن الثورات العربية كشفت أن الصين لم تتعامل طبقا لمبادئ المنتدى العربى الصينى فبالرغم من النصوص الواضحة في إعلان التعاون الاستراتيجي، والتي تؤكد التنسيق والتشاور، وتبادل الدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الحيوية والرئيسية لكلا الجانبين، فإن الخلاف الدبلوماسي الكبيرفي مجلس الأمن بين الجانبين حول مشاريع القرارات العربية الخاصة بالوضع في سوريا، واستخدام الصين حق النقض لإجهاضها كشف عن عدم أهمية بيان الشراكة الاستراتيجية وأن عرقلة الصين لجهود الجامعة العربية لحل الأزمة في سوريا جعلت بعض الحكام والمراقبين في المنطقة العربية يشعرون بأن المصالح الحيوية والرئيسية المنصوص عليها في إعلان التعاون الاستراتيجي للعرب والصين شديدة الاختلاف في منطقة الشرق الأوسط، علي الأقل في هذه المرحلة من عمر العلاقات بين الأمتين إذ ظلت الصين باستمرار تعلن أن دبلوماسيتها تتخذ القرارات إبان الأزمات العربية بالتنسيق مع الجامعة العربية, بل على العكس فان الصينيين فضلوا أن ينسقوا مع روسيا بدلا من الجامعة العربية، المؤسسة الرسمية التي تمثل الشعوب العربية، ورأس رمح التعاون بين الصين والعرب عبر آلية المنتدي بينما اتجه العرب للتنسيق والتشاور مع القوي الغربية، حتي بدا وكأن استراتيجيات ومصالح العرب -ولأول مرة- تتضارب ومصالح الصين في الشرق الأوسط. (2)

وهذا مادفع الدول العربية الى تغير رؤيتهم للطرف الصينى نتيجة لتأييد الصين لنظام الحكم فى سوريا ,وقد برزت العديد من الرؤى التى تسعى لتفسير الموقف الصينى منها :

***من يفسر ذلك بقضية النفط الذى تحصل علية الصين من الشرق الأوسط بوجه عام والدول العربية بوجه خاص فالصين تستورد حوالى 55% من أحتياجاتها النفطية وحوالى 5,3مليون برميل يوميا يأتى من الدول العربية كالسعودية 893ألف برميل,سلطنة عمان317ألف برميل,الكويت197ألف برميل,والسودان252ألف برميل وغيرهم وفى حالة حدوث توترات فى أو تم توجية ضربة عسكرية لسوريا ستتأثر الصين بذلك وسيضر بمصالحها,وعلى الجانب الاّخر فان الصين تنظر بعين الشك للنوايا الغربية من أنها تتحجج بالوضع فى سوريا للتدخل فى الشئون الداخلية فى الدول الاخرى وترى أن الرغبة الأمريكية فى التدخل ماهى الا ذريعة لجعل التدخل فى الدول شرعى بما يسمح لها بالتدخل بعد ذلك فى أى دولة,(1)و لمواجهه الطموح الغربى في السيطرة على آسيا بعد أن توسعت سيطرتهم في آسيا خلال العقد الأخير (الباكستان،أفغانستان،الاتحاد السوفيتى سابقا) وبالتحالف مع المال السعودي القطري والحركات الاسلامية السياسية,وتخوف الصين بكين من أن يأتي نظام في سوريا تابع للولايات المتحدة، بما يضعف الوجود الصيني في المنطقة, طبيعة العلاقات الخاصة التي تربط بينهما، وتبرز في تأييد كل العاصمتين للأخري في القضايا الدولية المهمة كمرتفعات الجولان المحتلة بالنسبة لسوريا، وقضايا تايوان، والتبت، وحقوق الإنسان في حالة الصين من جهة أخري, الحفاظ علي المستوي الذي وصلت إليه العلاقات الاقتصادية بينهما في الأعوام القليلة الماضية (2).

نجد ايضا أن هذه العلاقات(الصينية-السورية) تعود لعام 1955 ليست ذات قيمة بالمعايير التقليدية؛ إذ يبلغ حجم التبادل التجاري بين الدولتين حوالي 2.48 مليار دولار ,ومائة مليار دولار عام 2010، إضافة لحوالي 1.82 مليار كعقود هندسية صينية في سوريا، و4.82 مليون دولار تحويلات عمال صينيين في حوالي 30 شركة صينية في سوريا و16.81 مليون دولار على شكل استثمارات صينية مباشرة وتحتل الصين المرتبة الأولى حاليًا في الشركاء التجاريين لسوريا بنسبة تصل إلى 6.9% من إجمالي التجارة السورية مقابل 3% لروسيا الاتحادية.(3)

***على الجانب الاّخر من يبرر الموقف الصينى بأن الصين تقوم بدعم هذه الحكومات للحفاظ على السلام والاستقرار في بلدانها، على أن تلجأ هذه الجهود إلى وسائل شرعية وسلمية,وانها تحرص على إيجاد نوع من التوازن بين موقفها من الحكومات وموقفها من المعارضات كما تدعو إلى حل الأزمات بالحوار وبالوسائل السلمية وفي إطار جامعة الدول العربية،وترفض التدخل الغربي في الشؤون العربية،خصوصاً إذا كان هذا التدخل ينبئ باستخدام القوةالعسكرية,ولذلك فهى تسعى الى التوسط بين الأطراف المتنازعة، في الساحة السورية، بغية تحقيق المصالحة بينها وتفادي الصراع العسكري والحرب الأهلية,ولان الصين لم تتعود على هذه المواقف العربية فموقفها يتخلله شيء من الترقب الحذر,كما يتحلى الموقف الصيني بحد من المرونة ما يوفر لها المجال لتعديل سياساتها لمواجهة أية سيناريوات محتملة.(4)

  • احمد أبوزيد,بلال عبدالله,”الموقف الروسى والصينى من أزمة السلاح الكيماوى السورى!خارطة ومحددات الموقف“,edu,24سبتمبر2013 ,تاريخ الدخول 22/3/2015 10:26م,من الرابط: https://www.academia.edu/_The_Russian_and_Chinese_Attitudes_toward_Syrian_Chemical_Crisis
  • أحمد طاهر,”توازنات جديدة:مستقبل العلاقات الصينية–الأمريكية“,مرجع سبق ذكره,ص136.​
  • وليد عبدالحى,”محددات الروسية والصينية تجاة الأزمة السورية”,مركز الجزيرة للدراسات,3/4/2012,17:22,متاح على الرابط: http://studies.aljazeera.net/reports/2012/04/20124314543996550.htm ,تاريخ الدخول6/5/2015.​
  • شوي تشينغ قوه, “قراءة من بكين للموقف الصيني من الربيع العربي“,مرجع سبق ذكره.​
هذه هي مواقف الصين تجاه أهم القضايا السياسية التي تهم العرب. أما حول القضايا الصينية التي تبحث الصين عن دعم لها، فلاتوجد خلافات تذكر بين الطرفين (الصينى والعربى) إذ تشير وثائق وبيانات المنتدي إلي أن العرب ظلوا دون تحفظ يؤكدون “أن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين بأسرها، وأن تايوان جزء لا يتجزأ من أراضي الصين”,وعندما ظهرت حركات احتجاج انفصالية في إقليم التبت ومنطقة شينجيانج لقومية اليوغور المسلمة، وتوسعت إلي حد ما تجارة تايوان وتحركاتها في الشرق الأوسط، أكد العرب مرة أخري “معارضة استقلال تايوان” بكافة أشكاله، وعدم إقامة علاقات رسمية مع تايوان وكون المسائل المتعلقة بمنطقة التبت شأنا صينيا داخليا، ورفض قيام قوي التطرف الديني والقوي الانفصالية القومية، والقوي الإرهابية بالنشاطات الانفصالية والمعادية للصين في إشارة لدعم سياسة الصين في منطقة شينجيانج.(1)

  • جعفر قرار أحمد,”تقييم منتدى التعاون العربى–الصينى فى عشرة أعوام“,مرجع سبق ذكرة,ص162,163.​
المبحث الثانى

القضايا الاقتصادية:

لقد شهد التعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية تقدماً كبيراً وهناك عدد من القضايا المتعلقة بالبلدين منها :

  • مجال الطاقة .​
  • مجال التجارة و الاستثمار .​
أولا:القضايا الصينية العربية فى مجال الطاقة:

التعاون فى مجال الطاقة من أهم مجالات التعاون الصينى العربى ويعد تطور مؤتمر التعاون العربي الصيني في مجال الطاقة من أهم الآليات لمنتدى التعاون الصيني العربي ,(1)ولسعى الصين لجعل سياستها الخارجية متوافقة مع استراتيجية التنمية الداخلية بها لذا أهتمت بتأمين مصادر الطاقة فعمدت الى شراء النفط الخام ,وتشجيع الشركات الوطنية على الاستثمار فى مجال الطاقة بالخارج ولكن لم تنجح هذه الشركات فى تحقيق أمن الطاقة الصينى ولكنها نجحت فى وضع الصين كلاعب مهم فى سوق الطاقة العالمى,(2)ويشكل النفط أهم مصادر الطاقة الذى تتميز بعض الدول العربية بعظم الاحتياطات من النفط العربى وتتزايد احتياطات الصين من النفط بمعدل 15%تقريبا كل عام وذلك نظرا لتنامى الاقتصاد الصينى بصورة هائلة حيث نجد الصين أضحت ثانى أكبر مستورد للنفط فى العالم بعد الولايات المتحدة الامريكية وذلك عام 2003فكانت الحاجة اليومية للصين من البترول المستورد5.5مليون برميل يوميا ثم ارتفع بنسبة 16%قياسا بعام 2003,(3) وطبقا لوكالة معلومات الطاقة الأمريكية فقد نما استهلاك الصين من الطاقة الأولية من 2004 إلي 2009 بنسبة 40%، ومن الكهرباء بنسبة 70%،(4) ولكن الصين تتمتع باحتياطات قليلة من النفط مقارنة باحتياجاتها المتعاظمة من النفط حيث تشير تقديرات”وكالة الطاقة الدولية”فى تقريرها لعام2007الى امتلاك الصين لمخزون قدره16مليار برميل فى نهاية2006وتتركز هذه المخزونات فى خمس مناطق رئيسية,هى:خليجبوهاى(35%),وسونغلياو(22%),وحوضتاريم(12%),وجونغار(11%)وأوردوس(6%),(5)

  • السفير لي تشنغ ون,”اّ فاق تعاون الطاقة الصيني– العربي“,الرياض, العدد16957,متاح على الرابط: http://www.alriyadh.com/998010 ,تاريخ الدخول1/4/2015,ص3.​
  • ايمان شادى,”أمن الطاقة والسياسة الخارجية:دراسة تطبيقية لسياسات بعض الدول المصدرة والمستوردة للطاقة“,مجلة السياسة الدولية,العدد193يوليو2013-المجلد48,ص151.​
  • الشيماء عبد السلام ابراهيم ,”العلاقات العربية_العربية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر :دراسة حالة :مصر والسعودية(2001–2008)”,مرجع سبق ذكره ,ص136,137.​
  • مدحت أيوب,”النفط وعلاقات الصين مع دول الجوار“,مجلة السياسة الدولية,العدد196أبريل2014-المجلد49,ص148.​
  • عبدالقادر دندن,”استراتيجية :عقد اللؤلؤ“لتأمين ممرات الطاقة الصينية“,مجلة السياسة الدولية,العدد196أبريل2014-المجلد49,ص152.​

وزادت واردات الطاقة ثلاث مرات عن مثيلتها في.2004 وفي 2009، كما بلغ نصيب الطاقة المستوردة 12% من إجمالي استهلاك الطاقة في الصين،(1) مما يوضح مدى احتياج الصين للنفط العربى لمواجهة حالة الاختلال الواضحة بين الانتاج المحلى الضئيل والطلب المتنامى باستمرار ولذلك تعمل الصين فى الوقت الحالى فى اطار استراتيجية”التوجه الى الخارج” والاعتماد على التنوع فى مصادرها من النفط.(2)

وهناك مؤشرات مرتفعة لحجم التبادل التجارى بين الصين والدول العربية_ خاصة منذ عام1993 الذى تحول الصين فيه الى بلد مستورد للنفط ويعتمد على جزء كبير من وارداته من النفط من الخارج على الدول العربية_لذلك فالفترة من 1995الى2004شهدت ارتفاع كبير فى حجم التبادل التجارى بين البلدين حيث قفزحجم التبادل التجارى بين البلدين من 9.480.030دولار أمريكى فى عام1955الى 36.7مليار دولار أمريكى بنهاية عام2004 ليتجاوز مبلغ50مليار دولار أمريكى بنهاية عام2005 كما يمثل النفط 95% من وارداتها النفطية من البلاد العربية عام2005 ,(3)ففى عام2005 بلغ حجم استيراد الصين من البلاد العربية 52مليون طن نفط خام (4)وقد اتجهت الصين للاستثمار فى مجال النفط والغاز منذ التسعينات فى حقول النفط بالسودان ثم فى الربع الخالى بالسعودية حيث حصلت على امتياز التنقيب عن الغاز فى تلك المنطقة ومن ناحية اخرى تستثمر الدول العربية فى قطاع الطاقة الصينى ,فالسعودية قامت بتوسيع مصفاة فى مدينة ماوينج بمقاطعة جواندونج ,ومصفاة اخرى فى مدينة هايكو بمقاطعة هاينان ,كما قامت الصين باستيراد من الدول العربية 88مليون طن من النفط فى عام2007 ,(5)ويشير هيكل الواردات الصينية من الدول العربية فى عام 2011الى أن النفط العربى يمثل 82% من هذه الواردات.

وبذلك نجد أن التعاون بين الجانبين خاصة فى مجال النفط له مكانة هامة جدا سواء قبل انشاء المنتدى الصينى العربى أو بعد انشاء المنتدى الاأن فترة مابعد انشاء المنتدى الصينى العربى تشير الى تنامى أكبر فى حجم التعاون الاقتصادى فى مجال الطاقة بين الجانبين(الصينى –العربى), فنجد أن 63% من التجارة العربية الصينيةمع دول مجلس التعاون فقط ,وقد ارتفعت هذه النسبة فى عام 2013 الى 70%علما بأن 95% من تجارة دول مجلس التعاون الخليجى مع الصين هى تجارة نفط ,(6) وبلغ حجم التجارة في عام 2013م 136 مليون طن ,حيث أصبحت الصين والدول العربية أهم شريك للأخرى في مجال الطاقة.(7)

  • مدحت أيوب,”النفط وعلاقات الصين مع دول الجوار” ,مرجع سبق ذكرة,ص148.​
  • المرجع السابق,ص​
  • جعفر قرار أحمد,”تقييم منتدى التعاون العربى–الصينى فى عشرة أعوام“,مرجع سبق ذكرة,ص16, 161.​
  • الشيماء عبد السلام ابراهيم ,”العلاقات العربية_العربية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر :دراسة حالة :مصر والسعودية(2001–2008)”,مرجع سبق ذكره ,ص137.​
  • المرجع السابق,ص138.​
  • جعفر قرار أحمد,”تقييم منتدى التعاون العربى–الصينى فى عشرة أعوام“,مرجع سبق ذكرة,ص164,165.​
  • السفير لي تشنغ ون,”اّ فاق تعاون الطاقة الصيني– العربي“,مرجع سبق ذكره,ص3.​

في عام 2013 ايضا بلغ إجمالي واردات الصين من النفط من الدول العربية 133 مليون طن، بإجمالي ما نسبته 47% من واردات الصين من النفط.(1)

فى 13 مايو 2010 حث رئيس مجلس الدولة الصينى “ون جيا باو” خلال مراسم افتتاح الاجتماع الوزارى الرابع لمنتدى التعاون الصينى-العربى المنعقد فى مدينة تيانجين الساحلية شمال الصين فيما يتعلق بمجال الطاقة انه يتعين على مصدرى وموردى الطاقة تعزيز الحوار والإتصالات فيما بينهما ، والتعاون فى تنمية الطاقة, تشجيع الاستثمار فى قطاع الطاقة من اجل الحفاظ على توازن اساسى بين العرض والطلب فى مجال الطاقة، والحفاظ على اسعار عالمية معقولة للطاقة, انه يتعين على المجتمع الدولى العمل من اجل الحفاظ على الاستقرار فى الدول المنتجة للطاقة، وكبح جماح المضاربة المفرطة من اجل الحفاظ على النظام فى اسواق الطاقة الدولية,وذكر ون ان الصين مستعدة لتحقيق استقرار التجارة فى النفط والغاز الطبيعى مع الدول الـ22 الاعضاء فى الجامعة العربية ، مع توسيع الواردات من المنتجات غير النفطية, وقال ان الصين مستعدة لتعزيز التعاون فى مشروعات البنية التحتية، بما فيها الطاقة، والسكة الحديد، والطرق، وتعميق التعاون فى مشروعات النفط والغاز,مما يشير الى مدى رغبة الصين فى تعزيز مجال التعاون الصينى العربى خاصة فى مجال الطاقة والنفط على وجة الخصوص.(2)

وتعد الصين والسعودية أكبر شريك للأخرى من حيث تجارة النفط، كما أصبحت السعودية جسرا لإجراء التعاون الصيني العربي الشامل في مجال الطاقة,وكانت السعودية محطة محورية لطريق الحرير بريا وبحريا في التاريخ، أما اليوم، فإنها تكتب صفحة جديدة لعلاقات الصداقة والتعاون الصينية العربية في القرن الحادى والعشرون عن طريق تعاون الطاقة.(3)

ثانيا: القضايا الصينية العربية فى مجال التجارة والاستثمار:

ان العلاقات التجارية بين الصين والدول العربية شهدت تطورا كبيرا قبل عام 2004 خاصة منذ عام 1995 حيث قفز حجم التبادل التجاري بين الأمتين من 9.480.030 دولار أمريكي في عام 1955 إلي 40.576.340 دولار أمريكي في عام 1956، ثم إلي 869.340.000 دولار أمريكي في عام 1975، ثم إلي 987.450.000 دولار أمريكي في عام 1985، ليقفز إلي 5.275.581.000 دولار أمريكي في عام 1995، بينما بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية بنهاية عام 2004 الـ 36.7 مليار دولار أمريكي.(4)

ونجد بذلك الأهمية التى تحتلها التجارة بين كلا الجانبين(الصينى والعربى) الا أن العلاقات بينهما ظلت تقليدية حيث تقوم على مستوى محدود من التجارة دون أن تكون هناك مشاريع كبيرة أو تصور استراتيجي يمكن أن يسهم في تطوير هذه العلاقات وقد استمر هذا الحال حتي يناير 2004، عندما أعلن عن منتدي التعاون العربي – الصيني، وأعلن يوم ذاك أن هذه الوثيقة قد وضعت أسسا عملية لشراكة عربية – صينية استراتيجية، يتوقع أن تعزز العلاقات بين الأمتين الصديقتين خلال القرن الحالي، وتخرج العلاقات العربية – الصينية من شكلها التقليدي إلي شكل جديد لم تعرفه العلاقات من قبل، شكل قائم علي استكشاف مصادر القوة والتنسيق، والتنمية، والفوز المشتركة، وفهم حقائق الوضع الدولي الراهن,

  • محمد الهمزانى,” 600 مليار دولار حجم التبادل التجاري المتوقع بين الصين والدول العربية خلال 10 أعوام“,الرياض الأقتصادى, العدد 16950,متاح على الرابط: http://www.alriyadh.com/996045 ,تاريخ الدخول2/4/2015.​
  • رئيس مجلس الدولة الصينى يحث على الارتقاء بالتعاون الصينى–العربى,14/5/2010,متاح على الرابط: http://arabic.news.cn/dossiers/forum/2010-05/14/c_13293565_2.htm,تاريخ الدخول5/4/2015.​
  • محمد الهمزانى,” 600 مليار دولار حجم التبادل التجاري المتوقع بين الصين والدول العربية خلال 10 أعوام“,مرجع سبق ذكرة.​
  • جعفر قرار أحمد,”تقييم منتدى التعاون العربى–الصينى فى عشرة أعوام“,مرجع سبق ذكرة,ص160,161.​

ومن المبادئ التى أشارت اليها الوثيقة :

  • تنص الوثيقة علي استمرار وتعزيز التشاور والتنسيق بين الجانبين في الشئون الدولية بغية تعزيز التضامن، والإسهام في إقامة نظام سياسي واقتصادي دولي جديد عادل ومنصف، وتنسيق المواقف في المحافل الدولية.​
  • حقيق التنمية المستدامة، ودعم وتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين الطرفين، وتشجيع الاستثمارات المشتركة، والتعاون في العلوم والتكنولوجيا، وحماية البيئة، والتعليم، والثقافة، والتدريب، والإعلام.​
  • دعم إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وضرورة احترام دور الأمم المتحدة في الحفاظ علي السلام، ومعالجة القضايا الدولية والإقليمية، وتنشيط الحوار بين الجنوب والشمال.​
  • تعزيز التعاون بين الدول العربية والصين في المجالات السياسية، والاقتصادية،والأمنية، وتبادل الآراء حول القضايا الإقليمية والدولية.​
  • استمرار الاتصالات والمشاورات بين وزير الخارجية الصيني، ووزراء الخارجية العرب، والأمين العام للجامعة الدول العربية حول القضايا الدولية والإقليمية، كما تستمر المشاورات عبر القنوات الثنائية والمتعددة الأطراف.​
  • تنسيق السياسات التجارية، وتبسيط إجراءات التخليص الجمركية، ورفع كفاءة الموانئ، وتحقيق التوازن في الميزان التجاري، وتوسيع التبادل التجاري، وتشجيع الاستثمار المتبادل، ووضع سياسات تفضيلية، وتسهيلات استثمارية لتحسين بيئة الاستثمار، وحماية مصالح المستثمر، ومنع الازدواج الضريبي، وإقامة مشاريع استثمارية مشتركة وتنظيم فعاليات للترويج لسياسات وفرص الاستثمار لدي كل من الطرفين، وتعزيز تبادل الخبرات في إدارة المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة.​
  • تشجيع إقامة الصناعات البتروكيماوية، وتسهيل وصول النفط والغاز من الدول العربية إلي الصين، وتسهيل دخول خدمات ومعدات هندسة النفط الصينية إلي الدول العربية، وتشكيل لجنة عربية – صينية للتعاون في مجال الطاقة.​
  • التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا، وفي مجالات الزراعة، وحماية البيئة، والمقاولات والعمالة، والتعاون في مجالات الصناعة التحويلية، وتكنولوجيا المعلومات، والتجارة الإلكترونية، وتجارة الخدمات، إضافة إلي التعاون في المشاريع السياحية، وقطاعات النقل، بما فيها الجوي، والبحري، والاتصالات.​
  • تطوير الهندسة الزراعية في الريف العربي، وتأسيس الصناعات الغذائية، وتطوير المؤسسات التعاونية، والاستفادة من الخبرات الصينية في مجال سياسات الحد من الفقر، ودمج​ الفقراء في سوق العمل، وخلق فرص عمل جديدة.
  • تخصيص جائزة تقديرية باسم المنتدي تمنح للأفراد أو المؤسسات لدي الجانبين مرة كل سنتين، بحيث يتم الاختيار علي أساس مدي الإسهام في تعزيز وتعميق التفاهم بين الدول العربية والصين في مختلف المجالات.​
وبذلك نجد أن المنتدى العربى الصينى كان له دور كبير فى تقنين العلاقات بين الجانبين فى المجالات المختلفة أهمها المجال الاقتصادى خاصة التجارة,وسنشير الى الفارق الذى صنعه انشاء المنتدى فى العلاقات التجارية بين الجانبين.

فى الدورة الخامسة للاجتماع الوزارى للمنتدى الصينى العربى تم الاشارة الى الاثار الايجابية المتحققة من انشاء المنتدى وهى :تم انشاء اّليات مؤتمر رجال الأعمال وندوة الاستثمارات ومؤتمر التعاون فى مجال الطاقة مما يوفر منبرا جديدا للتعامل العملى بين الجانبين الصينى والعربى وتم عقد 4دورات من مؤتمر رجال الأعمال ودورتين من مؤتمر التعاون فى مجال الطاقة مما أدى الى تعزيز العلاقات التجارية بين الجانبين وقد وصل حجم التبادل التجارى بين الصين والدول العربية عام2011 الى 200مليار دولار بعد أن كان 36.7مليار دولار عام 2004 مما يوضح مدى فعالية انشاء المنتدى الصينى العربى.(1)

وتعد الزيادة الكبيرة والمستمرة لحجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية أحد مؤشرات نجاح المنتدي والتطور المستمر في العلاقات العربية – الصينية، فنجد أن حجم التبادل قد قفز من 36.7 مليار دولار أمريكي في عام 2004 ليتجاوز مبلغ 50 مليار دولار أمريكي بنهاية عام 2005,ثم وصل الى 86.4مليار دولار فى عام2006,(1) لينتقل الى 149.5 ملياردولار أمريكي في عام 2010 وبلغ حجم التجارة بين الجانبين في عام 2011 195.9 مليار دولار أمريكي(2)لينتقل إلي أكثر من 202 مليار دولار أمريكي بنهاية نوفمبر 2012، ثم إلي 250 مليار دولار أمريكي بنهاية عام 2013.(3)

تشير الإحصاءات الصينية إلي أن الاستثمارات العربية المباشرة في الصين تراجعت من 404 ملايين دولار في عام 2008 إلي 142 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2009, ارتفعت إلي 16 مليار دولار أمريكي في عام 2012، منها نحو 15 مليار دولار استثمارات خليجية، حسب تقدير بعض سفراء دول مجلس التعاون. وفي كل الأحوال، فإن 94% من الاستثمارات العربية في الصين جاءت من أربع دول عربية فقط هي المملكة العربية السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر, تقدر الجهات الصينية استثماراتها المباشرة في العالم العربي FDI بحلول 2010 بنحو 579.8، واستثماراتها الكلية بنحو 44 مليار دولار أمريكي.(1)

وبذلك نستطيع القول أن انشاء المنتدى الصينى العربى له أثر كبير جدا على العلاقات الصينية العربية حيث نجد ارتفاع حجم التبادل التجارى والاستثمارات بصورة كبيرة.

  • جعفر قرار أحمد,”تقييم منتدى التعاون العربى–الصينى فى عشرة أعوام“,مرجع سبق ذكرة,ص164.​

المبحث الثالث

القضايا الثقافية :

ان التبادل الثقافى يعد من أهم الوسائل بعد الجانب الاقتصادى وأكثرها أثرا فى العلاقات العربية الصينية ويرجع ذلك الى عدة نقاط:

  • بسبب قدم المجال الثقافى بينهما.​
  • استمراريته.​
  • تكاليفه منخفضة.​
ونجد أن لظهور الاسلام عامل كبير فى حفز هم العرب على الاتجاه نحو الصين(أطلبوا العلم ولو فى الصين),ويرى المؤرخون أن الاسلام قد دخل الصين قبل أن يدخل الأندلس وأن أول مسجد بنى خارج الجزيرة هو مسجد بنى فى الصين وأن دخول اللغة العربية وتعليمها قد بدأ فى الصين منذ القرن السابع الميلادى حيث كانت المساجد تقوم بهذا الدور التعليمى وقد أدى ذلك الى تقارب حضارى ولغوى بين الطرفين(الصينى-العربى),(1)وقد أكدت نـــدوة العلاقــاالثقافيــة بكــين : 1999/8/27-23 في القرن الحادي والعشرين الصينيــــــة- العربيــــــةعلى أن العلاقات الثقافية الصينية العربية ركيزة أساسية في توطيد التعاون الشامل وبناء جسورالتفاهم والتكامل وتعزيز روابط الصداقة بين الشعبين الصيني والعربي,(2)و قال وزير خارجية الصين”يانغ جيتشي” “تاريخياً..كانت الحضارة الصينية والحضارة العربية تتبادلان وتتكاملان، وقدمتا إسهامات كبيرة في التقدم البشري.. وعلى مدى الخمسة عقود الماضية، ظلت الصين والدول العربية تقفان جنبا إلى جنب في السراء والضراء في نضالها من أجل كسب الاستقلال الوطني والدفاع عن السيادة الوطنية وتحقيق النهضة والتحديث، فنشأت صداقة عميقة بين الجانبين”,(3)كما نجد أن الصين بحلول عام2004قد وقعت اتفاقيات ثقافية مع كل الدول العربية.(4)

أما عقب انشاء المنتدى الصينى العربى فقد أقام الجانبان نشاطات متنوعة مثل ندوة الحوار بين الحضارتين الصينية والعربية ومؤتمر الصداقة الصينية العربية وندوة التعاون الإعلامي ومهرجان الفنون الصينية والعربية، مما مد جسور التفاهم والتواصل بين الشعب الصيني والشعوب العربية وخاصة بين شباب الجانبين,كما يوجد حوالى نحو 8000 طالب عربي يدرسون في الصين، ويتم تدريب أكثر من 1000 كادر عربي في مختلف التخصصات سنويا في الصين.(1)

  • محمد عبدالوهاب الساكت ,”التعاون العربى الصينى فى القرن الحادى والعشرين “,مرجع سبق ذكره,ص354.​
  • بكــين : 1999/8/27–23 في القرن الحادي والعشرين الصينيــــــة– العربيــــــة,متاح على الرابط: http://www.reefnet.gov.sy/booksproject/fikr/7/23nadwa.pdf ,تاريخ الدخول5/4/2015,ص276.​
  • وزير الخارجية الصيني: نسعى لتعميق التعاون الاستراتيجي مع الدول العربية,الرياض ,العدد16046,متاح على الرابط: http://www.alriyadh.com/740047 ,تاريخ الدخول5/4/2015.​
  • جعفر قرار أحمد,”تقييم منتدى التعاون العربى–الصينى فى عشرة أعوام“,مرجع سبق ذكرة,ص160.​
فقدعقدت الدورة الأولى لنـدوة العلاقـات العربيـة الصينية والحوار بين الحضارتين العربية والـصينية والتـي عقـدت فـي بكـين يـومي12-13ديسمبر/كانون الأول2005 ، وقد أكدت الندوة على مبادئ أساسية ومقاربات نظريـة وأطر مفاهيمية بشأن تعميق التعاون بين الجانبين في مجالات تعزيز قنوات الحوار الدوليـة والإقليمية ، والسعي إلى خلق نموذج للاحترام والفهم والتسامح بين الحـضارات المختلفـة والسعى الى تفادي الدعاوي المؤدية إلى صراع وصدام الحضارات من خلال دعـم الركـائزالأساسية التي أفرزت التقارب الثقافي والفكري والتكامل الإنساني الذي يتيح للجميع النظـرللمستقبل في إطار من التعددية الفكرية والثقافية والعقائدية المبنية على مبادئ احترام الآخروالرغبة في التعايش السلمي وتحقيق الأمن والاستقرار والتضامن السياسي الذي يستند إلى ثوابت ومبادئ مشتركة,أما الندوة الثانية للحوار بـين الحـضارتين العربية والصينية في إطار تنفيذ برنامج منتدى التعاون العربي الـصيني للأعـوام 2006-2008,وذلك في الفترة 3-1 ديسمبر/كانون الأول2007 في الريـاض عاصـمة المملكـة العربية السعودية وبحضور مسؤولين وخبراء ومختصين من الصين والدول العربية وجامعة الدول العربية وقد أكدت ايضا على المبادئ التى أرستها الندوة الأولى , وتم خلال المناقشات التأكيد على:
  • الترحيب بالتنوع الحضاري وتباين الأنظمـة الاجتماعيـة والأنمـاط التنمويـة والمعيشية لمختلف المجتمعات.​
  • الالتزام بروح المساواة والاحترام المتبادل ، وتقدير مساهمات مختلف الـشعوب في تقدم وإثراء الحضارة الإنسانية.​
  • الالتزام بروح الانفتاح والتسامح والعمل على توسيع القواسم المشتركة ، مـع الحرص على استقلال الإرادة ، واحتـرام الخـصوصيات والتقاليـد الوطنيـة الأصيلة,و دعم سبل التفـاهم والـتلاحم بـين الحـضارات المختلفـة مـن أجـل دعـم التعاون المشترك.(2)​
تعميق التواصل والتعاون بين الدول العربية والصين في المجال الثقافي في إطار المنتدى وتعزيز الاستفادة المتبادلة في المجال الثقافي، ويعرب الجانبان عن تقديرهما العالي نجاح مهرجان الفنون العربية الذي أقيم في الصين في يونيو عام 2010 ومهرجان الفنون الصينية

  • وزير الخارجية الصيني: نسعى لتعميق التعاون الاستراتيجي مع الدول العربية,الرياض ,مرجع سبق ذكره.​
  • جامعة الدول العربية,” التقرير الختامي :لندوة الحوار بين الحضارتين العربية والصينية“, 2007/12/3-1,متاح على الرابط: http://www.uop.edu.jo/download/research/members/finreport1dec2007.pdf ,تاريخ الدخول5/4/2015,ص1,2 .​
الذي أقيم في البحرين في مارس عام 2012، واتفقا على ما يلي:
  • مواصلة إقامة مهرجانات الفنون العربية والصينية بالتناوب بين الصين والدول العربية، والعمل على دعم التواصل الثقافي الشعبي بين الصين والدول العربية، بما يعزز الفهم المتبادل بين الشعبين العربي و الصيني.​
  • الترحيب الجانب الصيني باستضافة ملتقى وزراء الثقافة بالدول العربية والصين، وملتقى رؤساء المكتبات الصينية والعربية، وملتقى رؤساء المراكز الصينية والعربية للفنون الجميلة خلال فترة الدورة الثالثة لمهرجان الفنون العربية التي ستقام في الصين عام 2014، إحياء لروح طريق الحرير، وتنظيم رحلات ثقافية صينية عربية على طريق الحرير، وتشجيع الفرق الفنية الصينية والعربية على تبادل الزيارات، وإنجاز “برنامج تبادل الزيارات بين ألف فنان صيني وعربي” ,وتشارك الصين في الاحتفالات الخاصة باختيار “طرابلس (لبنان)عاصمة الثقافة العربية لعام “2014 و” قسنطينة ( الجزائر) عاصمة الثقافة العربية لعام 2015″.​
  • تنظيم الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الثقافيين من الجانبين العربي والصيني،وإقامة علاقات التعاون بين المؤسسات الثقافية الرئيسية لدى الجانبين، الى جانب تعزيز التعاون بين المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ونظيرتها الصينيةعلاقات “التعاون التخصصي بين مائة مؤسسة ثقافية صينية وعربية” تضم المتاحف والمكتبات ومراكز الفنون الجميلة والمهرجانات الدولية ومعارض الكتاب الدولية وغيرها من المؤسسات الثقافية,ويوجه الجانب الصيني الدعوة بشكل منتظم للإداريين والمتخصصين في مجال الثقافة والفن من الدول العربية للمشاركة في “الدورات الدراسية للموارد البشرية العربية في مجال الثقافة” التي تقام في الصين كل سنة.​
  • إنشاء آلية دائمة لتعزيز التعاون بين الصين والدول العربية في مجال المكتبات والمعلومات، وذلك من خلال عقد اجتماع دوري للخبراء في مجال المكتبات والمعلومات مرة كل عامين بالتناوب في الصين أو إحدى الدول العربية، والاتفاق على عقد الدورة الأولى للاجتماع بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية خلال الربع الأول من عام 2015، وإقامة علاقات تقارب بين مكتبة الصين الوطنية والمكتبات الوطنية في الدول العربية، وإقامة علاقات تعاون بين مراكز المعلومات والتوثيق في الصين والدول العربية من خلال إنشاء شبكة معلوماتية لمراكز المعلومات والتوثيق في كل من الصين والدول العربية.(1)​
وعقدت الدورة الثالثة للاجتماع الوزارى لمنتدى التعاون العربى الصينى فى المنامة عاصمة البحرين يومى21-22مايو2008وقد تم خلالها الـتأكيد على أهمية تعزيز الحوار والتعاون بين الجانبين والارتقاء بالمستوى العام للعلاقات الصينية العربية ,وتم وضع البرنامج التنفيذى لمنتدى التعاون الصينى العربى بين عامى2008-2010_والذى يصدر كل عامين_من أجل تعزيز التعاون الصينى العربى على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.(1)

  • البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون العربي الصيني بين عامي 2014 -2016, Embassy of the People’s Republic of China in the Kingdom of Saudi Arabia, 2014/06/10 ,متاح على الرابط: http://www.chinaembassy.org.sa/eng ,تاريخ الدخول5/4/2015.​
  • الشيماء عبد السلام ابراهيم ,”العلاقات العربية_العربية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر :دراسة حالة :مصر والسعودية(2001–2008)“,مرجع سبق ذكره ,ص100-102.​

الخاتمة

الصين بالمقومات السابق الاشارة اليها تعد من القوى الصاعدة فى النظام الدولى فى الفترة الحالية وجميع المؤشرات تشير الى استمرار التواجد الصينى ومايدور حول مدى امكانية الولايات المتحدة فى تحدى هذه المكانة للصين يمكن الرد علية بأن الولايات المتحدة لن تستطيع أن تتبع سياستها التى اتبعتها مع الاتحاد السوفيتى مب بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية(سياسة الأحتواء)نظرا لوجود حلفاء للصين _على عكس الاتحاد السوفيتى_يهمهم كثيرا استمرار بقاء الصين كحليف اقتصادى ,ونجد ان المقومات التى أصبحت تتمتع بها الصين قد ساندتها فى تدعيم علاقاتها بالدول العربية وكلما تنامت الصين _خاصة فى المجال الاقتصادى_كلما توطدت العلاقات الصينية العربية نظرا لكون المقومات الاقتصادية_ كما أوضحنا_ عامل هام جدا فى العلاقات فيما بينهم.

وبعد الاشارة الى العلاقات الصينية العربية وايضاح ان هناك جوانب للقوة فى هذه العلاقة وجوانب للضعف الاأن مع ذلك تستمر العلاقات الصينية العربية بشكل جيد وسيتضح ذلك أكثر عقب انتهاء أو اندثار نقاط الخلاف بينهم والمتمثلة بشكل رئيسى فى الأزمة السورية وقد أكد تاريخ العلاقات الصينية العربية مدى عمق العلاقات الصينية العربية وأى من الجانبين لن يقبل بالضرورة أن يتنازل عن علاقة بالطرف الاّخر لوجود مصالح مشتركة بين الجانبين ولأبعاد اخرى تم ذكرها وأهم هذه النقاط بالنسبة للصين مايتعلق بالنفط وبطبيعة الحال لن تقبل الدول العربية خسارة الدعم الصينى لها فى العديد من القضايا منها قضية دارفور فى السودان بالاضافة الى مصالح أقتصادية اخرى , لذا فيمكننا القول أن العلاقات الصينية العربية تتمتع بمتانة عالية لن تستطيع أية أزمة أن تمحيها .

وبأخذ العلاقات الصينية السعودية _على سبيل المثال كنموذج للعلاقات الصينية العربية_سنجد أن منذ تحول الصين لسياسة الانفتاح جعلت من الصين محورا للاستقطاب من قبل العديد من دول العالم خاصة وأن الصين حينما تقدم مساعدات أو تبيع سلاح لدولة ما فان ذلك يتم دون شرط أو قيد على عكس وضع الدول العربية مع الولايات المتحدة الأمريكية التى تضع دائما الشروط للدول العربية فتقوم الصين ببيع التكنولوجيا والسلاح المتطور للسعودية بدون قيود أو شروط,وتشهد العلاقات الصينية السعودية تطورا مطردا دون تراجع .67

قائمة المراجع :

المراجع العربية :

الكتب :

  • أحمد السعيد,لى هونغ جيه , طريق الصين:سر المعجزة ,المكتب المصرى للمطبوعات –مصر​
  • هدى ميتكس ,خديجة عرفة محمد (محرران),الصعود الصينى ,(جامعة القاهرة:مركز الدراسات الاّسيوية بكلية الأقتصاد والعلوم السياسية ,2006).​
  • وليد سليم عبد الحى , المكانة المستقبلية للصين فى النظام الدولى 1978–2010 ,مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ,أبوظبى , 2000م .​
الرسائل العلمية :
  • الشيماء عبد السلام ابراهيم ,العلاقات العربية_العربية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر :دراسة حالة :مصر والسعودية(2001–2008) ,رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير فى العلوم السياسية ,كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ,جامعة القاهرة 2008​
  • حكيـمي توفيق , الحوار النيوواقعى النيولبرالى حول مضامين الصعود الصينى :دراسة الرؤى المتضاربة حول دور الصين المستقبلى فى النظام الدولى, مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير فى العلوم السياسية والعلاقات الدولية ,كلية الحقوق,2007/2008​
  • سهرة قاسم محمد حسين , الصعود الصينى وتأثيرة على الهيمنة الأمريكية فى الشرق الأوسط ,رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير فى العلوم السياسة ,كلية الأقتصاد والعلوم السياسية ,القاهرة2010 .​
  • قط سمير ,الاستراتيجية الاقتصادية الصينية فى افريقيا:فترة مابعد الحرب الباردة قطاع النفط انموذجا , مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية ,كلية الحقوق والعلوم السياسية ,2007/2008 .​
  • محمد عطية محمد ريحان, التجربة الأقتصادية الصينية وتحدياتها المستقبلية,قدمت هذه الرسالة استكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير في الاقتصاد , كلية الاقتصاد والعلوم الادارية جامعة الازهر , 2012 .​
  • منال على عاقل , دراسة تحليلية لتجربة الصين التنموية وامكانية الاستفادة منها في سورية ,بحث أعد لنيل درجة الماجستير في العلاقات الدولية ,جامعة تشرين ,2007-2008 .​
الدوريات العلمية :
  • أبوبكر الدسوقى ,الدور العالمى للصين ..رؤى مختلفة ,مجلة السياسة الدولية ,العدد173يوليو2008-المجلد 43.​
  • أحمد قنديل ,التنافس المنضبط:الصعود الصينى وسيناريوهات تحدى القطب الأمريكى , مجلة السياسة الدولية,العدد198أكتوبر2014-المجلد49 .​
  • أحمد طاهر, توازنات جديدة:مستقبل العلاقات الصينية–الأمريكية,مجلة السياسة الدولية,العدد193يوليو2013-المجلد48.​
  • أحمد خميس كامل,صراع القوى العالمية:الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين حول مناطق الطاقة فى كل من افريقيا واّسيا الوسطى والقوقاز(2000–2008),مجلة السياسة الدولية,العدد193يوليو2013-المجلد48,ص152.​
  • حوار مع د.أنور عبدالملك,نحن والصعود الاّسيوى..رؤية حضارية,مجلة السياسة الدولية,العدد167 يناير2007-المجلد42.​
  • السيد صدقى عابدين ,اليابان والصين ..دفء اقتصادى وبرود سياسى , مجلة السياسة الدولية ,العدد183يناير2011-المجلد 46 .​
  • ايمان شادى,أمن الطاقة والسياسة الخارجية:دراسة تطبيقية لسياسات بعض الدول المصدرة والمستوردة للطاقة,مجلة السياسة الدولية,العدد193يوليو2013-المجلد48.​
  • جون ب.ألترمان, إقامة توازن صيني في الخليج,مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية,أغسطس2013.​
  • محمد نعمان جلال, التعاون العربي الصيني المأمول على طريق الحرير البحري,الوسط, العدد 4559 الاثنين 2 مارس 2015.​
  • جوزيف براودى,دور الصين المتوازن فى الخليج,مجلة المجلة, العدد 1589 نوفمبر- تشرين الثاني 2013.​
  • جعفر قرار أحمد,تقييم منتدى التعاون العربى–الصينى فى عشرة أعوام,السياسة الدولية,العدد196أبريل2014-المجلد49,ص166.​
  • حسن أبوطالب , الصين والشرق الأوسط ..بين رمزية السياسة وتكامل الأقتصاد ,مجلة السياسة الدولية , مجلة السياسة الدولية ,العدد173 يوليو2008-المجلد 43 .​
  • حنان قنديل ,الصين واستمرارية الصعود السلمى ,مجلة السياسة الدولية ,العدد183يناير2011-المجلد 46 .​
  • حنان قنديل ,الصين..نموذج جديد للقوة الصاعدة , مجلة السياسة الدولية ,العدد173 يوليو 2008-المجلد43 .​
  • خديجة عرفة محمد ,قيود الصعود ,الظمأ الى الطاقة ومستقبل سياسة الصين الخارجية ,مجلة السياسة الدولية ,العدد196 ابريل 2014 –المجلد 49.​
  • رضا محمد هلال ,العلاقات الصينية بالدول النامية ..المنطلقات والأبعاد , العدد173يوليو2008-المجلد 43.​
  • شوي تشينغ قوه, قراءة من بكين للموقف الصيني من الربيع العربي,صحيفة الشعب الصينية أونلاين,2014:09:19.14:21,تاريخ الدخول22/3/2015 10:06م,من الرابط: http://arabic.people.com.cn/n/2014/0919/c31660-8785171.html
  • عبدالقادر دندن, استراتيجية :عقد اللؤلؤ“لتأمين ممرات الطاقة الصينية,مجلة السياسة الدولية,العدد196أبريل2014-المجلد196.​
  • علاء سالم,أدوار متقاطعة:تأثير العوامل الخارجية فى مسار الأزمة السورية,مجلة السياسة الدولية,العدد188أبريل2012-المجلد47.​
  • عبدالمالك سالمان ,” 30عاما على تجربة النهوض الأقتصادى فى الصين 1978–2008م ” ,شئون خليجية ,مركز الخليج للدراسات الأستراتيجية ,المجلد الحادى عشر,القاهرة ,العدد56 .​
  • علاء عبدالحفيظ محمد, السياسة الصينية تجاه الصراع العربى الإسرائيلي:الثوابت والمتغيرات,المستقبل العربى,تاريخ الدخول 22/3/2015 08:36 ,من الرابط: http://www.caus.org.lb/PDF/EmagazineArticles/mustaqbal_418_alaaabadalhafiz.pdf
  • مروة صبحى منتصر, China Goes Global:The Partial Power,مجلة السياسة الدولية,العدد196أبريل2014-المجلد49​
  • مغاورى شلبى على ,الصين والتجارة الدولية ..من التنافس الى الاعتماد المتبادل , العدد173يوليو2008-المجلد 43.​
  • محمد السيد سليم , واقع ومستقبل الدراسات الصينية فى مصر ,مجلة السياسة الدولية ,العدد173 يوليو 2008-المجلد43 .​
  • مسعد الششتاوى أحمد ,القدرات العسكرية الصينية , مجلة السياسة الدولية ,العدد173 يوليو 2008-المجلد43 .​
  • محمد عبدالسلام ,القدرات العسكرية الصينية والتوازن الأقليمى , مجلة السياسة الدولية ,العدد183يناير2011-المجلد 46 .​
  • مغاورى شلبى على ,الصين والاقتصاد العالمى..مقومات القوة وعوائق الاندماج ,مجلة السياسة الدولية ,العدد167 يناير2007-المجلد42 .​
  • ميمون مدهون , التكيف الحرج:ركائز استراتيجية الصعود السلمى للصين,مجلة السياسة الدولية ,العدد197 يوليو2014 –المجلد49.​
  • محمد فايز فرحات ,هل العالم على أعتاب “حقبة اّسيوية؟,مجلة السياسية الدولية ,العدد167 يناير2007-المجلد​
  • محمد السيد سليم,المشهد الاستراتيجى الاّسيوى فى أوائل القرن الحادى والعشرين,مجلة السياسة الدولية,العدد167يناير2007-المجلد42.​
  • محمود حمدى أبوالقاسم, الأزمة السورية وتداعيات ما بعد الفيتو الروسى الصينى, ملف الأهرام الإستراتيجى,1مارس2012,تاريخ الدخول22/3/2015 10:01م ,من الرابط: http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=858820 HYPERLINK “http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=858820&eid=1875″& HYPERLINK “http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=858820&eid=1875″eid=1875
  • مدحت أيوب,النفط وعلاقات الصين مع دول الجوار,مجلة السياسة الدولية,العدد196أبريل2014-المجلد​
  • مصطفى علوى,اشكاليات متعددة:معضلة بناء السياسة الخارجية لدول الربيع العربى,مجلة السياسة الدولية,العدد193يوليو2013-المجلد48.​
  • هدى ميتكيس ,الصعود الصينى..التجليات والمجاذير, مجلة السياسة الدولية ,العدد167 يناير2007,المجلد42.​
  • هاشم وانغ وسحر وو, العلاقات التجارية الصينية-العربية تخطو بثبات نحو المستقبل,صحيفة الصين الشعبية , 2012/11/03,متاح على الرابط: http://arabic.people.com.cn/31659/8003790.html ,تاريخ الدخول2/4/2015.​
  • وليد محمود عبدالناصر, المعادلات الجديدة:تحولات موازين القوى فى النظام الدولى,مجلة السياسة الدولية,العدد187يناير2012-المجلد47.​
مواقع الكترونية :
  • المركز العربى للمعلومات, العلاقات المزدهرة بين الصين والدول العربية في السنوات العشر الماضية,26\05\2013,متاح على الرابط: http://www.arabsino.com/articles/13-06-22/9967.htm ,تاريخ الدخول2/4/2015.​
  • تشانغ هونغ, سياسة عربية تجاه الصين والعلاقات العربية الصينية, جامعة الدراسات الأجنبية ببكين,تاريخ الدخول 22/3/2015 09:28م,من الرابط: http://www.reefnet.gov.sy/booksproject/fikr/7/9arabs.pdf
  • تقرير اخباري: مستقبل العلاقات الصينية – العربية واعد,10/11/2010,09:28, متاح على الرابط: http://arabic.people.com.cn/31660/7194327.html ,تاريخ الدخول6/4/2015.​
  • جـواد الحـمد, اتجاهات ومحددات تطوير العلاقات الصينية–العربية 2005-2010,مركز دراسات الشرق الأوسط , ديسمبر 2005 ,تم الدخول فى 10/3/2015 الساعة 09:30,تم الدخول من الرابط : http://www.mesc.com.jo/OurVision/2005/6.html.​
  • جامعة الدول العربية,” التقرير الختامي :لندوة الحوار بين الحضارتين العربية والصينية“, 2007/12/3-1,متاح على الرابط: http://www.uop.edu.jo/download/research/members/finreport1dec2007.pdf ,تاريخ الدخول5/4/2015,ص1,2 .​
  • خالد رحمونى,الصين والصعود الى القمة“تأملات فى نموذج تنموى فريد“,مركز نماء للبحوث والدراسات, 11/22/2012 ,تم الدخول فى 10/3/2015 الساعة09:40,تم الدخول من الرابط : http://www.nama-center.com/ActivitieDatials.aspx?id=157.​
  • ديفيد شينكر,كريستينا لين , صعود الصين في الشرق الأوسط ,معهد واشنطن , 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ,تم الدخول من الرابط :​
Foreign references:
http://www.lasportal.org/wps/wcm/connect/15273a8049c3a9a19d969d526698d42c/legalnet-5-5.pdf?MOD=AJPERES

اتفاقيه المنتدى الصينى العربى

تقوم الصين باستخدام الأسواق العربية كمستوعب جيد لمنتجاتها على الرغم من أن كلا البلدين اتفقا على فتح أسواقهما لمنتجات كليهما ولكن فى الواقع نجد أن المنتجات الصينية هى التى تجتاح الأسواق العربية بصورة كبيرة _بأسعارها الرخيصة وجودتها القليلة_فى حين أن المنتجات المصرية على العكس من ذلك لاتستطيع المقاومة أمام هذا الاجتياح الهائل للمنتجات الصينية ولهذا نجد أن التبادل التجاري الصينى العربى غير متواز فالثقل في الجانب الصيني ,ومن الأمثلة على المنتجات التى تغزو الأسواق العربية :هناك السيارة وينجل التى بدأت في غزو السوق السعودي وتنافس كثير من المنتجات في فئتها من حيث المواصفات وقوة التحميل وتتميز بأسعار منخفضة ,كماأن الأدوات الطبية أصبح بعضها يأتى من الصين وتبدو أسعارها ايضا أقل من أسعار المنتجات المحلية

http://www.alwasatnews.com/mobile/pdf/4559/opn18.pdf التعاون العربى الصينى

http://arabic.news.cn/big/2012-11/29/c_132007012.htm

المصالح المشتركة

http://alhayat-j.com/pdf/2012/3/4/page12.pdf

الموقف الصينى من القضية الفلسطينية بعد انشاء المنتدى

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى