دراسات اقتصادية

الطاقة النووية كبديل لطاقة التقليدية

سوف يشهد العالم خلال بضعة عقود من السنين نهاية عصر النفط وبزوغ عصر جديد يصبح فيه اليورانيوم والبلوتونيوم ونظيرا الهيدروجين (الديتريوم والتريتيوم)، والتكنولوجيا الضرورية للتعامل مع هذه العناصر، محط أنظار العالم، فالمدنية المعاصرة لا تستطيع الاستمرار والبقاء دون مصدر أو مصادر للطاقة.

هنالك عاملان حاسمان في وضع استراتيجية الطاقة على المستوى الدولي، أولهما تأمين الحصول على مصادر مضمونة التوافر وبكلفة اقتصادية مقبولة، وثانيهما التقليل من الإسهام في التلوث البيئي وخاصة ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري وما يترتب عليها من ارتفاع في درجة حرارة الأرض، وتعتبر الطاقة النووية مفتاح ذلك، فهي تحقق هذين الشرطين.يمكن الحصول على الطاقة النووية من خلال نوعين من التفاعلات:

التفاعلات الانشطارية حيث تنشطر نوى العناصر الثقيلة جداً إلى شظايا متوسطة الكتلة لتحرر طاقة الترابط النووية، مثل انشطار نوى اليورانيوم والبلوتونيوم.

2. التفاعلات الاندماجية حيث تندمج نوى العناصر الخفيفة جداً لتكوين نوى أكثر ثقلاً وتحرير طاقة الترابط النووية، كما هو الحال في اندماج نوى نظيري الهيدروجين : الهيدروجين الثقيل المتوافر في مياه البحر بنسبة تعادل 1 لتر في كل 6000 لتر، والهيدروجين المشع الذي يمكن الحصول عليه بتشعيع عنصر الليثيوم بسيل من النيوترونات، وتعتبر تشيلي الدولة الأولى في العالم من حيث امتلاكها خامات الليثيوم.

ورغم أن كلا النوعين من التفاعلات قد خضع لتجارب طويلة، إلا أن الطاقة النووية المستخدمة حالياً هي الطاقة الناتجة من الانشطار النووي، أما الاندماج النووي لتوليد الطاقة الكهربائية فهو مشروع واعد للمستقبل يجري تطويره في الوقت الراهن.

يعتبر اليورانيوم من العناصر غير النادرة في الطبيعة، فمقدار ما يتوافر منه على هيئة أكاسيد أكثر مما يتوافر من الذهب والفضة، ويمكن القول بأن نسبة وجوده تعادل تقريباً نسبة وجود معادن أخرى شائعة الاستخدام كالقصدير. إلا أنه، كما هو الحال في جميع الخامات الطبيعية، لا يتوافر في نسب متساوية على سطح الأرض، فمنذ عام 2002 أصبح معظم إنتاج اليورانيوم في العالم، 99 % منه، ينتج في ستة عشر بلدا فقط، في مقدمتها كندا وأستراليا اللتان تنتجان معاً ما مقداره 50 % من اليورانيوم المنتج عالمياً.

كان الاستخدام الأول للطاقة النووية هو في الأغراض العسكرية، ففي السادس من أغسطس عام 1945 أسقطت على مدينة هيروشيما اليابانية أول قنبلة نووية مصنوعة من اليورانيوم، وفي التاسع من الشهر نفسه أسقطت قنبلة نووية أخرى مصنوعة من البلوتونيوم على مدينة ناغازاكي. أما في مجال الخدمة المدنية ففي ديسمبر من عام 1951 صنعت أول محطة نووية لإنتاج طاقة كهربائية ذات قدرة على إنارة أربعة مصابيح فقط، واستعملت الطاقة النووية لأول مرة في عام 1953 لتزويد البواخر بحاجتها من الطاقة، ثم دخلت مجال إنتاج الطاقة الكهربائية في عام 1955.

أصبح عدد الدول التي تستخدم الطاقة النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية في الوقت الحاضر ثلاثين دولة وعدد المحطات النووية في هذه الدول قد بلغ 442 محطة، وهنالك في الوقت نفسه اثنتان وسبعون محطة نووية أخرى قيد الإنشاء في أحد عشر بلداً آخر.

ومن ضمن هذا العدد هنالك 103 محطات نووية في الولايات المتحدة وحدها في 65 موقعاً موزعة في 31 ولاية تجهز قرابة 20 % من حاجة الولايات المتحدة من الطاقة الكهربائية. ومن ضمن هذه المحطات، محطة تقع في ولاية أريزونا تنتج من الطاقة الكهربائية ما يعادل 1353 مليون واط، وهذا المقدار أكبر مما تنتجه أية محطة كهربائية أخرى في الولايات المتحدة سواء تعمل بالفحم أو النفط أو الغاز.

وإضافة إلى مفاعلات الطاقة الآنفة الذكر، يوجد كذلك، في 56 بلداً من بلدان العالم، 284 مفاعلاً نووياً لأغراض البحث العلمي، كما يوجد 220 مفاعلاً نووياً تقوم بتجهيز حاجيات البواخر والغواصات من الطاقة.

وتقوم محطات الطاقة النووية المنتشرة في الكثير من الدول بتجهيز ما مقداره 370 ألف مليون واط من القدرة الكهربائية، وهو يعادل 16% من القدرة الكهربائية التي يستهلكها العالم كله. كما أن بعض الدول تعتمد بشكل أساسي على الطاقة النووية للحصول على حاجتها من الطاقة الكهربائية، وهنالك خطط طموحة لدى دول أخرى لإحلال الطاقة النووية كبديل لمصادر الطاقة التقليدية المستخدمة فيها، ويبين الشكل (1) النسب المئوية لاستخدام الطاقة النووية في بعض دول العالم.

كما أن هنالك 16 دولة تعتمد على الطاقة النووية لسد ربع احتياجاتها من الطاقة الكهربائية.وتقاس أهلية محطات الطاقة بما يعرف بمعامل السعة، وهو النسبة المئوية للطاقة الكهربائية المُنتجة مقارنة بالمقدار الكلي الذي بمقدور هذه المحطة إنتاجه من هذه الطاقة. وتتفوق الطاقة النووية على غيرها من أنواع الطاقة .

وفي الحقيقة هنالك ميزات كثيرة أخرى للطاقة النووية تجعلها جذابة في نظر المخططين في استراتيجية الطاقة على الأمد البعيد، ويجعلها هدفاً في المستقبل وبديلاُ لا غنى عنه لمصادر الطاقة التقليدية التي أصبح الاعتماد عليها مصدر قلق يؤرق الجميع، خاصة الدول الصناعية التي تلتهم أفواه مصانعها ما يستخرج من باطن الأرض بنهم متزايد، فهي مصادر طاقة في طريقها إلى النضوب من جهة، وهي مصادر أصبحت نواتجها مصدر قلق متزايد على مستقبل الأرض والبيئة الحيوية.

ـ الناحية الاقتصادية

تختلف كلفة إنتاج الطاقة الكهربائية باختلاف مصدر الوقود المستعمل لإنتاجها والتقنية المستخدمة لذلك، ويوضح الجدول (1) أن الطاقة النووية هي الأكثر اقتصادية مقارنة بمصادر الوقود الأخرى. وهكذا نرى أن المحطات النووية توفر أرخص المصادر لتوفير الطاقة الكهربائية، هذا على الرغم من أن اليورانيوم ليس مصدراً جاهزاً للطاقة كما هو حال النفط أو الغاز أو الفحم

حيث يمكن استخدامها وحرقها مباشرة بعد استخراجها من باطن الأرض للحصول على الطاقة الكهربائية، أما في حالة اليورانيوم فهنالك ضرورة لتخصيبه لزيادة نسبة النظير 235 عن النسبة الطبيعية لوجوده في خامات اليورانيوم والبالغة 76,0%، إلى نسبة أعلى قد تتجاوز 90%. وعملية التخصيب هذه عملية معقدة ومكلفة، ورغم ذلك نرى أن كلفة الطاقة النووية أقل كثيراً من كلفة المصادر الأخرى للطاقة

فلغرض إنتاج واط واحد من القدرة الكهربائية، يبين لنا الجدول (2) مقدار ما نحتاجه من المصادر المختلفة للطاقة2 ـ الناحية البيئية

من بين جميع مصادر الطاقة الشائعة الاستعمال تعتبر الطاقة النووية أقلها إضراراً بالمحيط الحيوي وعناصر اتزانه التي تتضمن الهواء والمياه واليابسة والكائنات الحية بمختلف أنواعها، ما لم تتعرض المحطة النووية إلى حادث يسمح بتسرب المواد المشعة الموجودة في قلب هذه المحطة

وهو على أية حال من الاحتمالات النادرة والتي لم تحصل في عمر الطاقة النووية إلا مرتين، الأولى في جزيرة الأميال الثلاثة في ولاية بنسلفانيا الأميركية في مارس من عام 1979 والتي لم ترافقها خسائر تذكر، والثانية في تشيرنوبل الأوكرانية في أبريل من عام 1985، وكان هذا الحدث كبيراً جداً وسببه قدم المحطة وعدم كفاءة إجراءات الرقابة والطوارئ.

فالطاقة النووية لا تسبب انبعاث غازات مضرة إلى الهواء، وهي لا تقذف بالملوثات إلى الخارج كما هي الحال عند حرق النفط أو الغاز أو الفحم، حيث تقذف في الهواء أكاسيد الكربون والكبريت وغيرها من الغازات المسؤولة عن الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض. فاستخدام الطاقة النووية كبديل للمصادر الأخرى يساعد على بقاء الهواء نظيفاً من الملوثات ويحافظ على مناخ الأرض ولا يسمح بتكوين غاز الأوزون في طبقات الجو السفلى، ويسهم في التقليل من هطول الأمطار الحمضية

فعندما تستخدم الولايات المتحدة الطاقة النووية لإنتاج 20% من حاجياتها من الطاقة الكهربائية، فإنها تمنع 32 ,3 ملايين طن من غاز ثاني أوكسيد الكبريت و05,1 مليون طن من أكاسيد النيتروجين، و9 ,681 مليون طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون، من الوصول إلى الهواء

فأكاسيد النيتروجين التي وفرت الولايات المتحدة بعثها إلى الهواء تعادل ما يصدر عن 55 مليون سيارة (وهو ما يعادل 41% من مجموع السيارات في الولايات المتحدة)، في حين ما وفرته بالنسبة لثاني أوكسيد الكربون يعادل ما تنفثه 131 مليون سيارة ركاب، أي 96% من مجموع السيارات في الولايات المتحدة

وعند التعامل مع الوقود النووي المستهلك، يسمح صغر حجم المخلفات المشعة على احتوائها واحتواء تأثيراتها بسهولة وتوفير مخازن لحفظها. ونتيجة لذلك تعتبر صناعة الطاقة النووية الصناعة الوحيدة التي تأسست منذ الثورة الصناعية التي تمكنت من التعامل مع النفايات بكفاءة عالية تضمن سلامة البيئة. فالمياه التي تقذف من المحطات النووية لا تحمل معها أية ملوثات وهي تحمل المواصفات التي تحفظ بموجبها شروط التمتع بما لا يسبب الإضرار بالبيئة أو الحياة المائية

ـ السلامة المهنية

لعدد من السنوات تعتبر المحطات النووية في الولايات المتحدة أكثر مرافق العمل أمناً، ففي عام 2005 أبانت الدراسات الإحصائية أن العمل في المحطات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية أكثر أمناً من العمل في شركات العقار، وذلك بمقارنة عدد الحوادث في تلك السنة في مكاني العمل المشار إليهما. فالمياه التي تُطرد من محطات الطاقة الكهربائية النووية لا تحتوي على أية ملوثات للبيئة وتنطبق عليها مواصفات المياه الصالحة للاستهلاك ولحفظ الحياة المائية

فالتكنولوجيا النووية آمنة للغاية، ويمكن بناء المحطات النووية في وقت أسرع كثيراً من الوقت اللازم لبناء المحطات التقليدية التي يحرق فيها الغاز أو النفط أو الفحم

استخدامات مهمة متنوعة للطاقة النووية

ساهمت العلوم النووية والتكنولوجيا المنبثقة عنها في تحسين الكثير من جوانب حياتنا في مجالات شتى، نذكر منها

ـ مجال الخدمات الطبية

تعتبر المصادر الإشعاعية التي تنتج صناعياً في المفاعلات النووية وفي معجلات الطاقة العالية الأكثر استعمالاً في التشخيص والعلاج في المجال الطبي، حيث تستخدم في تشخيص حالة ووظيفة بعض أعضاء الجسم كالغدة الدرقية والكلية والكبد وعضلة القلب وتسمح بتخطيط كلي للهيكل العظمي. كما تستخدم بعض هذه المصادر في علاج بعض أنواع السرطانات.

وقد أصبح استخدام المصادر الإشعاعية في الحقل الطبي ممارسة لا يمكن لأية مؤسسة صحية العمل من غيرها.

وإضافة إلى ذلك، تستخدم الإشعاعات النووية في عمليات التعقيم للكثير من الأشياء التي تلامس الجلد أو الجروح في حالة استعمالها، مثل بودرة الأطفال والضمادات والعدسات اللاصقة وبعض المواد التي تدخل في التجميل وخاصة ما يوضع قرب العين، كما تستخدم الإشعاعات النووية في تعقيم الأدوية وعلب حفظها.

2 ـ معالجة الأغذية وحفظها الإشعاعات تقتل البكتيريا والحشرات وأنواعا أخرى من الكائنات الدقيقة القاتلة الموجودة في الغذاء وتحافظ على ما هو غير مكروبي في بعض أنواع الغذاء، وتعمل على إطالة فترة بقائه على الرفوف في الأسواق.

وقد اعتبرت منظمة الصحة العالمية في عام 1992 أن تشعيع الغذاء هو أفضل تكنولوجيا معروفة للحفاظ على جودته وإطالة فترة بقائه صالحاً، وهو مهم جداً وتزداد الحاجة إليه في العالم حيث تنتشر أمراض عديدة بسبب الأغذية الفاسدة وفي الوقت الذي تتلف فيه كمية تتراوح بين الربع والثلث من الغذاء المنتج عالمياً بعد الحصاد.

فمنذ عام 1960 أدخلت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) موضوع تشعيع الغذاء في برامج رحلاتها الفضائية، كما أجازت إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة منذ عام 1963 تشعيع الحنطة والطحين والبطاطا. ومنذ عام 1983 بدأت هذه الإدارة في إضافة المزيد من المواد الغذائية إلى قائمة المواد التي ينبغي ان تخضع للتشعيع، وأجازت تشعيع التوابل عام 1985، ثم لحم الخنزير في عام 1986، ثم الفواكه والخضروات في عام1987، ثم اللحوم الحمراء في عام 1990.

3 ـ الاستخدامات الصناعية

تستعمل عينات صغيرة من المواد المشعة السائلة كمواد يمكن متابعتها في بعض العمليات، حيث يمكن استخدامها في تتبع عمليات النضوح من منظومات الأنابيب المائية أو النفطية ومراقبة درجة الاستهلاك في المحركات والتآكل في أجهزة التصنيع ومراقبة سرعة حركة المواد في الأنابيب وكفاءة أجهزة الترشيح. وتستخدم المواد المشعة في صناعة السيارات لاختبار جودة الحديد المستعمل، كما تستخدم هذه المواد المشعة للدراسة الانسيابية في المحرك النفاث.

كما تستخدم شركات المناجم والشركات النفطية المواد المشعة للتعرف على مواقع الرسوبيات المعدنية، فتعمد شركات النفط والغاز إلى استخدام هذه المواد في المساعدة على وضع الخرائط اللازمة لعمليات التنقيب والحفر.

كما تستخدم شركات صناعة أنابيب النفط المواد المشعة لفحص مناطق اللحام بين أنبوب وآخر في مواقع العمل، حيث إن هذه المواد المشعة تتيح مرونة وسهولة أفضل مما تتيحه أجهزة الأشعة السينية، كما تستخدمها شركات البناء في التعرف على كثافة المواد المستخدمة في الطرقات.

كما توفر التكنولوجيا النووية، في حالة استخدامها، قنوات أخرى مفيدة لأي بلد، أبرزها توافر كادر علمي وتقني يمتلك المعارف والمهارات المتقدمة التي تسهم في دفع اقتصاد البلد إلى الأمام.

طاقة المستقبل

من المتوقع أن تصبح الطاقة النووية المصدر الأساسي للطاقة في العالم في العقود القادمة من السنين، خاصة ونحن نشهد التناقص السريع في مخزونات مصادر الطاقة التي من المتوقع أن تصبح غير كافية لمواجهة الطلب المتزايد عليها مع تراجع عمليات الاكتشافات لحقول جديدة.

وللطاقة النووية جوانب أخرى مهمة، تزيد من جاذبيتها، قد تبدو غير ملحوظة للوهلة الأولى، منها

1ـ استيراد الوقود النووي أكثر سهولة وأرخص ثمناً من استيراد الوقود التقليدي لأنه يشغل حجماً أصغر كثيراً

2 ـ لا يسبب الوقود النووي أية أضرار للبيئة في حال حصول حادث طارئ أثناء النقل كما يسبب الغاز أو النفط

3 ـ تتوافر في الوقت الراهن وسائل اقتصادية وسليمة لمعالجة الفضلات الناتجة من معالجة الوقود النووي المستعمل

احتياطيات مصادر الطاقة النووية

1 ـ اليورانيوم:

شهدت أسواق اليورانيوم العالمية فترتين زمنيتين من الانتعاش في القرن الماضي، الأولى في نهاية خمسينات القرن المنصرم والثانية في نهاية سبعيناته. وقد كان الدافع في الحالة الأولى بدء سباق التسلح بين حلف الأطلسي وحلف وارسو، حيث كان اليورانيوم الذي يستخرج من المناجم ويتم تخصيبه إلى مستوى يتجاوز الـ 90% يخصص للصناعات النووية العسكرية. أما الثانية فقد حصلت بفعل زيادة الطلب على اليورانيوم مع التوجه لاعتماده كمصدر أساسي لإنتاج الطاقة الكهربائية.

وعند الحديث عن احتياطي اليورانيوم ينبغي التمييز بين ما هو محقق من هذا الاحتياطي، أي بين ما هو مكتشف فعلاً وبين ما هو متوقع في ضوء دراسات أولية، كما أن ما يتوافر من اليورانيوم يعتمد على السعر الممكن دفعه في حالة الشراء، ويبلغ السعر الحالي لليورانيوم خمسين دولاراً للكيلوغرام الواحد. وتعتبر وكالة الطاقة النووية أفضل مصدر للمعلومات في مجال توافر خامات اليورانيوم.

وهي تنشر سنوياً ما يعرف بـ «الكتاب الأحمر» بالاشتراك مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول إنتاج اليورانيوم ومقدار الطلب عليه ووفق الكتاب الأحمر هذا فإن الاحتياطي المحقق من اليورانيوم في العالم يبلغ أربعة ملايين طن تقريباً بسعر يتراوح بين (80 – 130) دولارا للكيلوغرام الواحد (معدل الاستهلاك الحالي من اليورانيوم يبلغ ستين ألف طن سنوياً)، وهذا الاحتياطي يمكن أن يسد الحاجة لمدة خمس وستين سنة بمعدلات الاستهلاك الحالية.

أما في ضوء الاحتياطيات المحتملة فهي تبلغ ستة عشر مليون طن بنفس السعر المذكور، وهي تكفي مدة مئتين وخمس وستين سنة بمعدلات الاستهلاك الحالية. أما الاحتياطي المحتمل من المصادر غير التقليدية، كاليورانيوم الموجود في مناجم الفوسفات، فهو يعادل اثنين وعشرين مليون طن، أي ما يكفي لمدة ثلاثمئة وخمس وستين سنة، مما يجعل عمر عصر اليورانيوم القادم يزيد على الستمئة سنة باستعمال تكنولوجيا المفاعلات النووية الحالية، وهذا العمر يعادل أضعاف عمر عصر النفط المتوقع أفوله خلال هذا القرن.

أما مقدار اليورانيوم المتوافر في مياه البحر فهو يقدر بأربعة مليارات طن، إلا أن استخراجه فيه الكثير من الصعوبة ويتطلب كلفة مالية كبيرة.وفي حالة توسع استخدام الطاقة النووية ليغطي 80% من حاجة العالم من الطاقة، فسيصبح احتياطي اليورانيوم كافياً لتغطية حاجة العالم لمدة مئة وعشرين سنة فقط.

إلا أن الصناعات النووية في تطور مستمر، فهناك في الوقت الحاضر مفاعلات تعمل بالنيوترونات السريعة في اليابان وفي فرنسا، وهي تنتج من الطاقة ما يقارب الخمسين ضعفاً للطاقة التي تنتجها المفاعلات التقليدية الموجودة في معظم بلدان العالم والتي تعمل بالنيوترونات البطيئة، وهذا ما يجعل في حالة استعمالها عصر اليورانيوم يصل إلى ثلاثين ألف سنة.

ـ نظائر الهيدروجين (الديتريوم والتريتيوم):

لم يُستهلك حتى الآن ما يستحق الذكر من احتياطيات الديتريوم الموجود في مياه البحر بالنسبة التي ذُكرت سابقاً، فالبحر يحتوي على كميات هائلة من هذا العنصر، أما التريتيوم فهو عنصر غير موجود في الطبيعة بل يتم إنتاجه بتشعيع عنصر الليثيوم بسيل من النيوترونات.

ويتوافر عنصر الليثيوم في أماكن عديدة من العالم في مقدمتها تشيلي والصين، أما الاحتياطي المحقق لهذا العنصر فيتجاوز الستة ملايين طن متري، وأبرز استخداماته في صناعة بطاريات الليثيوم التي تستعمل لتغذية الكومبيوترات المحمولة والهواتف المتحركة. إن مستقبل الطاقة في العالم هو الطاقة النووية، لذلك نرى أن المبالغ التي ترصد للأبحاث في هذا الجانب الحيوي تتجاوز كثيراً المبالغ المرصودة لأبحاث أخرى، وتتركز الاهتمامات في هذا المجال في محورين:

ـ بناء محطات لإنتاج الطاقة الكهربائية عن طريق التفاعلات النووية الاندماجية، وأبرز مثل على ذلك هو المفاعل الذي تقرر، في يونيو 2005، إنشاؤه في فرنسا بكلفة 16 مليار دولار وبدعم مالي من كونسرتيوم عالمي يضم عدداً من المؤسسات المالية.

ـ بناء محطات نووية تعمل بالنيوترونات السريعة، وهي مفاعلات عالية الكفاءة تنتج من الوقود أكثر مما تستهلك منه

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى