دراسات سياسية

العرب بين السياسة والمونديال

يبدو أن حظ أو قل مستوى الدول العربية في الرياضة لا يختلف كثيراً عن مستواها السياسي، فقد غادرت الدول العربية سريعاً المونديال مما أثار حفيظة الشعوب العربية، الأمر الذي نلمسه في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

ومن الغريب أن عدداً لا بأس به من الرياضيين العرب قد سجلوا أسمائهم بأحرف من نور في سماء الرياضة أثناء ممارستهم للرياضة في دول العالم المختلفة وخاصة الدول الأوروبية ولعل خير مثال في مجال كرة القدم النجم المصري محمد صلاح الذي يلعب لصالح نادي ليفربول الإنجليزي، فقد تعلقت به القلوب والأبصار شمالاً وجنوباً.

مغادرة الفرق العربية لمونديال موسكو مبكراً من الناحية الرياضية يعرفه المتابعون وخبراء الرياضة، ولكني أقول إن ذلك يرجع في الأساس للسياسة!

نعم للسياسة ولا غرابة في ذلك فطبيعة الحكم في البلدان العربية ترجع إلى الحاكم القائد الملهم، فهو إضافة إلى ذلك الرياضي الأول والمهندس الأول، وعالم الذرة، وخبير الأثار، ورجال البنوك الفذ وجملة من الألقاب فاقت مفاتيح قارون لا تستطيع جملة من الرجال على حملها.

وهذا الحاكم هو نفسه من يجلس خانعاً أمام تجار الصفقة من الأمريكان الذين يطالبون بانتزاع القدس ـ وهي القلب ـ من جسد الأمة الإسلامية والعربية ومنحها للصهاينة من أجل تحقيق حلمهم في الوطن القومي وإقامة الهيكل المزعوم، وزيادة في الكرم لا مانع لديه في تهجير الفلسطينيين من جديد بعيداً عن فلسطين إلى التيه، أيضا لإرضاء تجار الصفقة من الصهاينة.

من يعتقد أن شذاذ الأفاق يحكمون العالم فهو مخطئ، وأبسط دليل على ذلك ما تشهده منتديات الأمم المتحدة فأحرار العالم من العديد من الدول ـ عفواً للتعبير ـ “دول العالم الثالث” تقف بكل عز أمام أعتى القوى وترفض ابتزازها وتهديدها وتُفشل سياساتها الظالمة، فلماذا نحن الدول العربية “خاصة” تخلفنا عن الركب؟

لعل البعض يرجع ذلك إلى جملة من الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكل ذلك صحيح بطريقة أو بأخرى ولكن لا يمكن اعتباره السبب الرئيس في هذا “الانحطاط”، ولكن السبب الرئيس في تقديري إلى غياب الهوية القومية للأمة.

من نحن؟

هل نحن عرباً تخلوا عن تراث أجدادهم ولم يستطيعوا أن يضيفوا إلى أمجادهم شيئاً لشدة ولعنا بـ “الحضارة الغربية”، ولعله من الواجب سؤال الغرب من أين أتى بحضارته؟ وهل من أبناء العرب الأن من يساهم معهم في تطوير هذه الحضارة بشكل جدي؟

أم هل نحن مسلمون؟ نقبل بأن نكون ممن تلتصق بهم صفة الإرهاب لأن الغرب يصرخ بذلك، ولأننا لا نستطيع أن نواجهم بأنهم هم الإرهاب، هم إرهاب الدولة، وهم من يقفون وراء التطرف والإرهاب في كافة أنحاء المعمورة.

الدول العربية الأن ـ عفواً ـ “الحاكم العربي” من أجل مصالح الأمن القومي ـ المصلحة الشخصية للحاكم ـ لا مانع لديه أن يحارب شرع الله ويبطل آيات من الكتاب الكريم والسنة المطهرة، أن يتنازل عن أجزاء من وطنه، أن تمتهن كرامة أبناء الوطن، أن “يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون”، المهم أن يظل عرش ظلمه موجود خدمة للصهاينة، ولا يكون ذلك إلا في وطننا العربي.

لا شك أن المشاركات العربية في المونديال سوف تتجدد، وقد يجد العرب فرصتهم في قادم الأيام مع الأشبال الناشئة إذا غاب عنها ظل الفاسدين، لكن السؤال الأهم هو في السياسة!

ماذا سيكون الحال إذا استمر الخنوع العربي أمام “تجار الصفقة” هل من الممكن تعويض القدس والمسجد الأقصى أولى القبلتين؟!

أم أن هؤلاء الحكام الذين يمنعون الدعم عنها ويغرون بعض “العاقرين سياسياً” بالتنازل عنها سيزورنها وهم ينشدون “هتيكفاه”؟!

ويبقى الأمل معقوداً بالوعد الإلهي الحق، مهما كانت خطة اللعب لديكم، ومهما كانت مغريات الصفقة.

 فأنتم خاسرون.

 بقلم: أحمد طه الغندور

 

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى