دراسات اقتصاديةدراسات سياسية

القارة الإفريقية في أجندة القوى العالمية والإقليمية: صراع المصالح والنفوذ

أ/ كــــردالـــــواد مصطـــــــفى

كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة سطيف 2-

    انحصر التنافس بين القوى الكبرى في القارة الإفريقية بين فرنسا والولايات المتحدة، حيث تحتفظ فرنسا بعلاقات سياسية واقتصادية وثقافية مع مستعمراتها السابقة في القارة، ولتكريس هذه الهيمنة وحماية مصالحها الدائمة، أقامت فرنسا العديد من القواعد العسكرية في مناطق استراتيجية من هذه القارة. أما الولايات المتحدة فقد كانت القارة الإفريقية في ما مضى منطقة مهملة استراتيجيا في منظورها؛ لكن هذا الوضع بدأ يتغير بعد صدور عدد من التقارير والدراسات في الولايات المتحدة في نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي، وهي التقارير والدراسات التي نبهت إلى الأهمية الجيوسياسية للقارة الإفريقية في مستقبل التنافس الدولي. وجاءت بعد ذلك أحداث 11 سبتمبر لتعيد القارة الإفريقية، وبالضبط منطقة الساحل والقرن الإفريقي إلى صلب الاستراتيجية الأمنية الأمريكية في إطار الحرب العالمية على الإرهاب ومكافحة القرصنة البحرية، وعلى هذا أساس أرست الولايات المتحدة وجودها في القارة الإفريقية من خلال إنشاء قواعد عسكرية أبرزها تلك الموجودة بجيبوتي منذ سنة 2002 ، الأفريكوم 2007، والنيجر 2016.
لكن صراع النفوذ في القارة الإفريقية، والذي انحصر إلى وقت قريب بين فرنسا والولايات المتحدة كما سبق بيانه، عرف دخول لاعبين جدد في السنوات الأخيرة؛ بدأت ملامحه مع التغلغل الصيني الناعم في القارة بشكله الاقتصادي ثم تلاه تغلغل صلب بشكله العسكري؛ حيث افتتحت الصين أولى قواعدها العسكرية في منطقة القرن الإفريقي بجيبوتي شهر أوت سنة 2017. تفطنت فرنسا صاحبة الامتيازات الأبدية والراعي الرسمي لعدد من الأنظمة في القارة إلى الدور الصيني المتنامي في القارةـ الإفريقية، استعجل على إثرها الرئيس الفرنسي للقيام بعدد من الزيارات المتتالية لعدة دول في القارة السمراء، افتتحها بالقمة الأوروبية الإفريقية بأبيجان المنعقدة بين 29/30 نوفمبر 2017. وتحت غطاء مكافحة الإرهاب أعلنت إيطاليا من جانبها عن نشرها  لقوة عسكرية في دولة النيجر. ولم تتخلف تركيا بدورها عن ركب التنافس اللافت بين القوى الدولية للسيطرة على موارد وثروات القارة الإفريقية، حيث قام الرئيس التركي ومسؤولون أتراك بعدة زيارات متتالية لعدة الدول الإفريقية من أجل إرساء علاقات إستراتيجية.

  في الأخير يمكن القول بأن تحول القارة الإفريقية إلى ساحة أو ميدان صراع دولي جديد، أثبت الفرضية القائلة بأنه كلما اشتد التنافس بين القوى العالمية والإقليمية من أجل الوصول إلى ثروات وموارد القارة الإفريقية كلما تزايدت حدة الاضطرابات وعدم الاستقرار في القارةـ الإفريقية، واتخذت أشكال مختلفة على غرار العمليات الإرهابية، الصراعات العرقية، موجات للهجرة البشرية، استشراء الفساد، غياب حكم القانون.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى