الكورونا بين السياسة والعلم

وليد عبد الحي

لست مؤهلا بأي مستوى من المستويات للخوض في موضوع طبي دقيق، ولكن بين الشائعة السياسية على صفحات التواصل الاجتماعي وبين الرأي العلمي المتخصص يتزايد الخلط حول موضوع انتشار كورونا ، فالشائعة السياسية بدأت بالقول بان معهد ووهان(الصيني) للفيروسات قد يكون هو مصدر هذا الفايروس رغم ان هذا المعهد يحتوي على مختبر على أعلى مستوى من الأمان – فمستوى السلامة البيولوجية فيه تصل الى 4 – وادعت بعض الشائعات بان المعهد يدرس فيروسات كورونا من الخفافيش ، بما في ذلك الأقرب إلى السارس- CoV -2 ، والفيروس الذي يسبب COVID-19.، وشملت الدعاية القول بإمكانية أن يكون الفيروس قد تم نتيجة إجراء هندسة حيوية له في المختبر أو أن أحد عمال المختبر قد أصيب أثناء التعامل مع الخفافيش ثم نقل المرض إلى آخرين خارج المختبر، وهو الامر الذي أصر باحثون من المعهد على نفيه وتأكيد عدم وجود صلة بين تفشي المرض ومختبرهم.
بالمقابل وقع 27 عالما من اشهر علماء الصحة العامة في العالم وينتمون لتسعة دول مختلفة ليست الصين بينها بيانا تم نشره في مجلة The Lancet( وهي من أقدم واشهر المجلات الطبية في العالم)،يقول العلماء في بيانهم ” إننا ندين بشدة نظريات المؤامرة التي تشير إلى أن COVID-19 ليس له أصل طبيعي، كما نشيد بمهنية وكفاءة العاملين الصينيين في مجال الصحة العامة”. وقال البيان ” لقد قام علماء من بلدان متعددة بنشر وتحليل “جينومات” (genomes) العامل المسبب لفيروس كورونا واستنتجوا بأغلبية ساحقة أن هذا الفيروس نشأ في الحياة البرية مثله مثل العديد من مسببات الأمراض ،وتدعمت هذه النتائج أكثر برسالة تاييد من رؤساء الأكاديميات الوطنية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب والمجتمعات العلمية التي يمثلونها”.
بالمقابل راجت شائعات تتركز حول نظرية المؤامرة وبأن الامر كله مؤامرة على الاقتصاد الصيني واحيانا عليها وعلى ايران واحيانا انه نمط ناتج عن المأكولات الصينية واحيانا ذهب البعض الى التفسيرات الغيبية وبانه انتقام من الله …الخ.
وعند مراجعة التاريخ المعاصر من عام 2000 الى الآن(2020) تم الاعلان عن انتشار حوالي 10 أوبئة ( السارس(الذي بدأ ايضا في الصين عام 2002) ، انفلونزا الطيور، انفلونزا الخنازير،الكوليرا، وايبولا ، وفيروس زيكا، ، الحمى الصفراء، الطاعون،) وهذه ظهرت في دول مختلفة( هاييتي، او غرب افريقيا، اليمن، البرازيل، افريقيا الوسطى، مدغشقر ، الصين..الخ)، وهو ما يعني اننا امام ظاهرة تتكرر كل عامين او ثلاثة منذ بداية هذا القرن. وقد تكون اسباب كل ذلك هي:
1- الارتفاع المذهل لمعدلات التداخل والانتقال لمناطق مختلفة ناهيك عن استخدام وسائل واغذية وحيوانات تنتقل بكثافة هائلة جدا.
2- التلكؤ الدولي في التعاون المشترك لكبح الانتشار.
3- تسييس الوباء.
نخلص من ذلك الى الفرضية التالية: ان الكورونا أمر طبي بحت استثمره ثلاثة اطراف:
1- السياسيون لتشويه صورة خصومهم من خلال التشكيك في ادوارهم في هذا الموضوع
2- شركات الأدوية
3- الثقافات الشعبية المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي…
ولكن من الضروري الاشارة الى ان عدد الحالات المصابة حاليا( الاول من مارس 2020) هو 87الف و208 افراد ، والوفيات بلغت 2982، بينما عدد سكان العالم 7 مليار و 530 مليون نسمة ، وهو ما يعني:
أ‌- ان نسبة الوفيات هي : 0.0000396 %
ب‌- نسبة الاصابة هي : 0.00115 %
نعم الوقاية ضرورية ولا نقاش في هذا الجانب ، لكن ترك الامر للسياسيين والدهماء امر يستوجب على العلماء المزيد من فضح هؤلاء وكشف الموضوع كشفا علميا.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button