دراسات جيوسياسيةدراسات عسكرية

المانيا بين الحربين العالميتين 1919 و 1945

يمكن الحديث عن تاريخ ألمانيا في تلك الفترةعلى مرحلتين وهما:

1 -جمهورية فايمر سنة 1919 حتى سنة 1933.

2-فترة الحكم النازي سنة 1933 حتى سنة 1945.

جمهورية فايمر : حكمت هذه الجمهورية ألمانيا من سنة 1919 حتى سنة 1933 . سميت بذلك نسبة إلى دستورها الذي اقر في مدينة فايمر الألمانية وكان نظامها ديمقراطي محض وأول رئيس لها هو “المارشال هندبنرج” عانت هذه الجمهورية منذ نشأتها إلى مصاعب اقتصادية وسياسية كبيرة . ما حمل بعض الجنرالات الجيش إلى محاولة بالانقلاب سنة 1919 , لكن رئيس الحكومة الاشتراكي فريدريك ايبرت دعا الطبقة العاملة إلى الإضراب فاستجابت له ولما شعر الجنرالات بأنهم معزولون فشل الانقلاب.
بعد عدة شهور حدثت محاولة انقلاب أخرى بقيادة الشيوعيين وأطلقوا على نفسهم اسم سبارتاكوس. (نسبة إلى سبارتاكوس القائد الروماني الذي ثار على روما سنة 2000 قبل الميلاد) كان هدف الانقلاب تحويل ألمانيا إلى دولة شيوعية كشكل الاتحاد السوفياتي. فقامت الدولة بقمع هذا الانقلاب عن طريق الاستعانة بقوى الجيش والقوى اليمينية وهذا ما اضعف الدولة أكثر فأكثر . الوضع في ألمانيا قسم المجتمع إلى قسمين رئيسين:-
1- اليمين وشمل العسكريين والاقطاعين والقوميين النازيين وأصحاب رأس المال.
2- اليسار وشمل الشيوعيين والقسم الأكبر من الطبقة العاملة.
اليسار في دعايته قال إن الحل الصحيح لإخراج ألمانيا من ازمتها الاقتصادية هو توزيع الثروة توزيعا عادلا في البلاد أي تطبيق النظام الاشتراكي الماركسي وضرب الطبقة الراسمالية : الإقطاعيين . الحزب الشيوعي الألماني أصبح ثاني حزب في البلاد من حيث قوته في البرلمان الألماني الرايخستاج.
أما اليمين وعلى رأسه أدولف هتلر فقد ركز دعايته إن النظام الحالي الاشتراكي الديوقراطي هو نظام ضعيف . هذا النظام هو الذي وقع على استسلام ألمانيا واتفاقية فرساي المذلة ووافقت على التنازل عن أراضي ألمانية ودفع تعويضات وخسارة كل المستعمرات ألمانيا ونزعها من السلاح وإذلالها عند التوقيع على هذه الوثائق. وان هذه الحكومة غير قادرة على حل مشاكل ألمانيا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وإنقاذها من أزمتها الاقتصادية هذا الانهيار والتدهور أدى إلى إفلاس شركات وخسارة سكان كثيرين لمصالحهم . هذا التضخم ( 4200 مليارد مارك. مارك = 1 دولار) شل الاقتصاد وجعل الدولة تصل إلى حافة الإفلاس.

تعود أسباب تدهور حالة ألمانيا الاقتصادية إلى:
1- خسارتها في الحرب العالمية الأولى.
2- التعويضات الضخمة التي أجبرت على دفعها لفرنسا وبلجيكا.
3- فقدانها لحوالي 13% من مساحتها و 10% من سكانها و57% من مناجم الفحم و30% من الحديد.
4- عدم قدرتها على التحول من اقتصاد حرب إلى اقتصاد سلام.
5- خروج ملايين من الجنود والضباط المسرحين إلى سوق العمل المدني ولم يجدوا لهم عملا وقد بحث هولاء عن حل سريع لمشاكلهم.
الدعاية النازية ركزت على هذه النقطة وقالت : ” بأنه إذا صعد النازيون إلى السلطة سوف يلغون معاهدة فرساي وسيعيدون بناء الجيش الألماني ( تقوية الصناعة العسكرية) وسيقومون بعمل مشاريع هامة تستوعب أعداد هائلة من العاطلين عن العمل. ووعدوا باسترجاع كل الأراضي الألمانية المغتصبة ومستعمراتها ما وراء البحار.
6-الأزمة الاقتصادية الأمريكية سنة 1929 وانهيار بورصة نيويورك الأمر الذي اثر على التجارة بين ألمانيا والولايات المتحدة .
هذه الأزمة أدت إلى زيادة عدد العاطلين عن العمل إلى 6 ملايين عامل قبيل صعود هتلر إلى الحكم . هذه الأزمة أدت إلى سقوط حكومتين بين سنوات 1929 – 1933 فاضطر رئيس الجمهورية الألمانية إلى إعانة الحكومة باستعمال صلاحياته بإصدار مراسيم بدل قوانين في سنة 1932 سقطت هذه الحكومة وأعلن عن انتخابات جديدة . وفي هذه الانتخابات فاز النازيون ب 230 مقعد من أصل 608 وأصبحوا اكبر حزب في الرايخستاج لكن لم يتم تشكيل حكومة جديدة قوية لصعوبة تشكيل ائتلاف فنشأت حكومة اسمها “حكومة البازونات” وهذه الحكومة كان وزراؤها من الارستقراطيين هذه الحكومة أيضا لم تصمد إلا لشهور قليلة . ازداد الاعتقاد بان الحزب النازي(الحزب الوطني الاشتراكي) سيستولي على الحكم قريبا, لكن في نفس السنة سنة 1932 جرت انتخابات أخرى خسر فيها الحزب النازي 31 مقعد وبقي معه 199. هتلر زعيم الحزب خاض الانتخابات لرئاسة الجمهورية ضد هاندينرغ. وفي هذه الانتخابات حصل على حوالي 130 مليون صوت (ثلث الأصوات) وهذا دليل على ارتفاع مكانة هتلر الشعبية . هتلر لم يفز بالرئاسة , ولم يستطع تشكيل حكومة نازية لكنه أصبح اكبر زعيم له قاعدة شعبية في البلاد وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية الكبيرة.
في هذا العهد ازدادت الصدامات بين النازيين والشيوعيين وشكل النازيون مليشيات شبه عسكرية مدربة تدريبا شبه عسكري تلبس قمصان غامقة واسمها فرق S.A الصاعقة, وضيفتها الأساسية مواجهة الشيوعيين في الشوارع .

صعود هتلر الى السلطة والعهد النازي سنة 1933-1945 :
خشي اليمين من تعاظم قوة الشيوعيين الذين اخذوا يخططون لإجراء إضراب عمالي شامل في البلاد سنة 1933 شباط الأوساط اليمينية ضغطت على الرئيس هاندنبرغ بان يعين هتلر مستشارا لألمانيا (وهذا من صلاحية رئيس الجمهورية ) لأنه الزعيم القادر على وقف عملية تحول ألمانيا إلى دولة شيوعية وهكذا تم تعين هتلر مستشارا لألمانيا بتاريخ 30/1/1933 وهذا التاريخ هو بداية الرايخ الثالث ( الرايخ الأول – ألمانيا القيصرية سنوات 1871-1918. الرايخ الثاني جمهورية فايمر ,الرايخ الثالث الدولة النازية ) . استمر حكم هتلر حتى اول ايار 1945 وهو تاريخ انتحاره عندما تأكد سقوط ألمانيا في الحرب . فترة الحكم النازي تسمى “الرايخ الثالث ” اطلق هذا الاسم على اساس ان الحكم النازي بزعامة هتلر بتجديد لعهد الإمبراطورية الألمانية.هتلر قال ان هذا الرايخ سيستمر في الحكم مدة 1000 سنة وقال كذلك انه في كل عصر يسيطر شعب على بقية الشعوب في العالم .فالرومان سيطروا في العصر القديم والان جاء دور العنصر الاري . هذا العنصر الذي يتفوق على سائر شعوب العالم من حيث الذكاء , القوة , الجمال ,التقدم التكنولوجي, الصناعي,القوة العسكرية .
الرايخ الثالث هو نظام شمولي يقوم على حكم حزب واحد وزعيم واحد وهو الفهرر (هتلر ) ونادى النازيون بحكم مركزي اقتصاديا ( سيطرت الدولة على المشاريع الكبرى) ونظام مركزي سياسيا , انعدام الحريات لا في الصحافة ولا في التعبير الدولة تتدخل في برامج التعليم وتضع منهاج يقدس ويؤله المفاهيم النازية . النظام النازي يقوم على اساس الانظباط التام للفرد ففي البيت يسيطر الاب وفي المدرسة على الطالب لبس اللباس الموحد وعند وصول الطلاب الى المدرسة يقفون بطابور صباحي حسب الطول وينشدون النشيد الوطني الماني . هتلر اعتمد نظام يؤمن بمبدا القوة في التعامل بين الشعوب وعلى ان السيطرة للاقوى والقوي يحكم الضعيف ويؤمن بان القوي يتوسع على حساب الضعيف ويؤمن بالوحدة الالمانية وجعل كل المان اوروبا تحت الحكم النازي وكما يؤمن بالعداء للعناصر الضعيفة وخاصة اليهود ولكنه وضع معهم الزنوج والسلافيين.

ادولف هتلر 1989 – 1945 :-

ولد هتلر سنة 1989 في قرية صغيرة على الحدود بين المانيا والنمسا .والده كان موضفا في الجمارك على الحدود الالمانية النمساوية , عاش هتلر حياة فقر وعندما توفي والده انتقل الى فيينا حيث عمل في اعمال فرمته مثل دهان , بائع جرائد . لم يكن فالح في المدرسة مع انه حلم في ان يكون مهندس . في شبابه عاشر مجموعة من شباب العالم السفلي ووصل الى المخدرات واصيب مرض جنسي مما جعله يرفض الزواج طيلة حياته الا في اخر ايامه حيث تزوج من ايفا براون . نشا حاقدا على الاغنياء وخاصة على اليهود الذين شكلوا جماعة راقية وكانت لهم مكانة عالية من ناحية اقتصادية في مجتمع مدينة فيينا وفي هذه المدينة تلقف الافكار العنصرية واللاسامية والمعادية لليهود , حيث كانت فيينا مركزا لللاساميا في اوروبا .
في سنة 1913 هاجر هتلر الى ميونخ في المانيا وشارك في الحرب العالمية الاولى وكاد يفقد بصره بسبب تعرضه للغازات السامة .بعد الحرب كان من معارضي معاهدة فرساي ومال الى الافكار الاشتراكية ,الاجتماعية . 1919 ارسلته المخابرات الالمانيا سرا لحضور اجتماع لحركة صغيرة تدعى ( حزب العمل الالماني) وعند حضوره الاجتماع اعجب بافكارها القومية المتطرفة واصبح بشكل سريع من قادتها وانشأ مع زملائه الحزب الوطني الاشتراكي Nazional Socialist Party وذلك للجمع بين الوطنية والاشتراكية لكن الحزب حاول طمس كلمة الاشتراكية واظهار الوطنية وتم اختيار اول اربع احرف منها كاسم للحزب واصبح اسمه الحزب النازي Nazi .

في سنة 1923 شارك بمحاولة انقلاب ضد الحكومة في ميونيخ حيث شارك بمظاهرة صاخبة فيها وحطم مع اتباعه الحوانيت والواجهات فاعتقل وحكم عليه بالسجن 5 سنوات قضى منها 9 شهور الف خلالها كتاب الكفاحي Mein Kampf. الكتاب مكتوب بالغة الالمانية الركيكة وافكاره كانت مبعثرة وغير مرتبة وفيها تناقض في بعض الاحيان ولكن الكتاب كان يحوي فصولا متعددة وكل فصل يتحدث عن موضوع معين هو خلاصة الفكر النازي الذي اصبح كتابا مقدسا لدى النازيين ومنه كانت تقتبس عبارات وشعارات تعلق في الاماكن العامة والخاصة مثل المدارس , البيوت يرددها الشعب وكان الكتاب يدرس في حركات الشبيبة النازية خاصة الفرق الصاعقة ودعى الى تقديس الحرب , القوة, فصل العائلة عن المجتمع. تحدث هتلر كذلك عن التربية الالمانية الصحيحة وقيمها , وفيه فصل يتحدث عن نظرية الدم الالماني النقي ويوجه انتقادات الى الانظمة الديمقراطية والشيوعية وفيه فصل عن التعليم والثقافة يدعو الى توجيه التعليم من قبل الدولة حسب عقيدتها ومفاهيمها.
في سنة 1932 خاض هتلر الانتخابات لرئاسة الجمهورية وفي 30-1-1933 أصبح مستشار ألمانيا وبقي في منصبه هذا حتى انتحاره في نهاية الحرب العالمية الثانية .

العقيدة النازية :

الحزب النازي عندما وصل الى الحكم كانت لديه عقيدة واضحة على عكس النظام الفاشي في ايطاليا الذي وصل الى الحكم ولم تكن لديه عقيدة مبلورة .
تقوم العقيدة النازية على الامور التالية :
1- نظرية الفولكية من كلمة Volk بمعنى شعب ملخص العقيدة هو ان الناس في العالم مقسمين الى اعراق والناس في العالم غير متجانسين من حيث الصفات الخارجية والداخلية , مثل الوجه – الذكاء-التقدم العلمي والحضاري . وقد درجت النازية الناس الى سلم اعراق ووضعت على راس السلم الجنس الالماني –الآري وفي اسفله الجنس السامي وخاصة اليهود بالاضافة الى السلافيين والزنوج والغجر والنازية لا تؤمن بالمساواة بين الاجناس او الافراد وبل تؤمن بتفاوت الاجناس والافراد من حيث القدرات . من حيث الجنس الاقوى ان يحارب وان يسيطر على الضعيف حتى يجد لنفسه متسع من الحياة في كل عنصر سيطر جنس من الاجناس البشرية على العالم .
والان جاء الدور الجنس الآري , الذي سيستمر حكمه مدة 1000 عام بالنسبة لهم , العقيدة النازية هي اعلى من الدين , فهي محاولة خلق انسان جديد بمفاهيم جديدة وصفات جديدة .
ويجب خلق جنس بشري جديد يحصل صفات جديدة كما فعل اجدادنا في خلق الخيول الهانوفيرية القوية الصلبة الضخمة .
وحسب هذه العقيدة يجب خلق عنصر الماني يؤمن بالشجاعة لا يعرف الخوف وذكي ,قوي وضخم .
العقيدة النازية تؤمن بحكم الزعيم المطلق غير محدود الصلاحيات غير مسئول عن اعماله امام برلمان ولا يعتمد حكمه على الاكثرية وقسم الشعب الى طبقات :-
أ‌- الطبقة العليا وهم اصحاب رؤوس الاموال وهم الذين يحكمون البلاد – طبقة الاسياد هم الاذكياء في المانيا .
ب‌- طبقة الجيش وهم الطبقة الوسطى.
ت‌- طبقة الجماهير العاملة – الطبقة العامة , وهذه الطبقة لا تملك حتى حق ابداء الراي.
2- اخر فكرة كانت انشاء الجامعة الالمانية ويجب ان يكون كل الالمان تحت حكم الماني موحدين تحت سلطة الزعيم وذلك لخلق امة المانية كبيرة صلبة كالفولاذ تعيش على ارض واحدة تحت السيادة الالمانية . هذه الامة ستصبح سيدة اوروبا اولا, وتم سيدة العالم كله فيما بعد.
معنى هذا ان المانيا يجب ان تستعيد كل ما فقدته من اراضي ومستعمرات سواء في اوروبا او فيما وراء البحار.
3-النازية لا تؤمن بالمفاهيم المسيحية القائمة على التسامح والمحبة ومسامحة الغير والشفقة عليهم لذلك اخذوا الصليب المعقوف رمزا لهم.
4-النازية لا تؤمن بالشيوعية , لا بل تنبذها نبذا تاما لان الشيوعية عكس النازية تؤمن بالسلام والمساواة, باخوة الشعوب وبان الصراع في العالم طبقي وليس قومي.

سياسة الداخلية للحزب النازي:

قام هتلر بعدة إجراءات تعسفية بعد توليه السلطة :
1-اغلاق صحف المعارضة ومنع اجتماعات احزاب المعارضة خاصة الشيوعين والاشتراكين.
2-احتراق مبنى البرلمان فجاءة في 27-2-1933 قبل الانتخابات باسبوع ولكن من الواضح الان ان التوقيت كان مشبوها لالصاق التهمة بالشيوعين والقيام باجراءات تعسفية ضدهم نتيجة لذلك اصدر هتلر اوامر تسمح باعتقال اعضاء برلمان بغض النظر عن الحصانة البرلمانية وتسمح بتفتيش البيوت والتنصت على المحادثات الهاتفية ومنع التجمعات في برلين.
3- نقل هتلر صلاحيات من البرلمان الى ديوان رئاسة الحكومة –اليه- فاصبح رئيس الحكومة يضع الميزانية ويصادق على الاتفاقيات الموقعة والمصادقة على تعديل القانون .
4- اتخذت اجراءات قضت على الجهاز القضائي واصبح تعيين القضاة يتم بناء على ميولهم السياسية . وتدخل النازية بقرارات القضاة بشكل يخدم مصالحهم.
5-الغاء استقلال الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية واعتقال رجال الدين الذين عارضوا اراء السلطة .
6-قيام جبهات عمل على غرار تلك التي في ايطاليا جمعت بين العامل ورب العمل لضمان الهدوء في العمل بدون اضرابات .
7-تم تعيين النازين في الوظائف الاقتصادية الهامة .
8-حل الاحزاب المعارضة واعلان الحزب النازي حزبا وحيدا في البلاد.
9-اجراء تطهير في صفوف الحزب النازي نفسه من الذين انتقدوا حكم هتلر مثل زعيم فرق الصاعقة S.A الذي اعدم .
10- في اب 1934 جمع هتلر وظيفة المستشار ورئيس الجمهورية في وظيفة واحدة وذلك بعد وفاة هانديبزغ ووظف نفسه فيها واطلق على نفسه لقب الفيهرر الزعيم .
11- اجراء تطهيرات في الجامعات والمدارس وفصل الأساتذة المعارضين للفكر النازي.
12-وكان اخر مسمار في نعش الديمقراطية بالاعلان عن العقيدة النازية بانها القانون الجديد الذي يحرر القاضي عن القوانين السابقة ويترك له قرار الحكم حتى بالاعدام حسب “شعوره الصادق” باتجاه الشعب . طبعا تم اعدام من معارضوا النازبة.

النازية واليهود: عارض النازيون اليهود واقاموا ضدهم دعاية كبيرة بانهم مسئولين عن وضع المانيا الاقتصادي واتهموهم بمحاولة السيطرة على العالم واتهموهم كذلك بالاستفادة عن وضع المانيا الاقتصادي وزيادة رأسمالهم على حساب الامة والوطن وكذلك اتهم اليهود بانهم هم الذين دفعوا جمهورية فايمر الى الاستسلام والتوقيع على معاهدة فرساي وان اليهود هم من وضعوا دستور جمهورية فايمر .
الصحف الالمانية اظهرت اليهود على انهم حيتان يريدون ابتلاع المانيا , وانهم شياطين ليس لديهم دين الا جمع المال.
الدعاية ضد اليهود كانت احد ركائز الدعامة النازية قبل صعودهم الحكم, وبعد صعودهم بدات المضايقات الجسدية لليهود في المانيا.
فقامت الدولة بحث الناس على مقاطعة المتاجر اليهودية ونشرت بين الناس عناصر من الجستابو (الشرطة السرية) لحث الناس على ذلك وقاموا بتشويه واجهات المتاجر وتكسيرها ومنعهم من شغل وظائف حكومية مثل أساتذة وأطباء والحكومية ومنعهم عن العمل في جهاز القضائي .

قوانين نيرنبرغ ايلول 1935 :
وضعت في اجتماع الحزب النازي في نيرنبرغ وكانت اهم اجراء تعسفي ضد اليهود. جاء فيها:-
1-منع الزواج المختلط بين المان واليهود وذلك للمحافظة على فكرة الجنس الاري .
2-سحب الجنسية الالمانية من اليهود وبذلك فقدوا حماية الدولة لهم .
3-حرمانهم من الوظائف الحكومية العامة وحتى منعهم من شغل الفن والصحافة .
اليهود كانوا اغنياء جدا في المانيا وكانوا على مستوى ثقافي عال جدا فكان منهم مهندسين واطباء. هذا الامر جعل بعضا من اليهود يعتقد ان هتلر لن يجرؤ على عمل مواجهة شاملة معهم. وكان عدد اليهود في المانيا انذاك 650 الف نسمة , وإجراءات نيرنبرغ أقنعت من لم يقتنع منهم ان وضعهم اصبح محرجا للغاية فبدا ت الهجرة اليهودية من المانيا واكثرها كانت الى فلسطين والولايات المتحدة والى دول اخرى باعداد اقل . اما من لم يهاجر حالا واجهه مصير الاعتقال ووضع اليهود في معسكرات تجميع .
وفي سنة 1938 قامت فرق الجستابو بحملة شملت كل انحاء البلاد معادية لليهود سميت بليلة البلور لكثرة ما تم تحطيمه من زجاج حوانيت او منازل تابعة لليهود وذلك ردا على مقتل الملحق العسكري الالماني في باريس على يد فتى يهودي .
تعتبر احداث ليلة البلور خطوة اخرى في سلسلة اعمال القمع النازبة ضد اليهود.
وكان اخطر مشروع اقرته القيادة النازية هو مشروع” الحل النهائي” سنة 1941 في مدينة فانزة . وهو يقضي بتصفية كل اليهود جسديا في المانيا واوروبا أي ابادتهم ولذلك قاموا بنقل اليهود بالقطارات الى معسكرات التجمبع حيث قتلوهم خنقا في غرف الغازات السامة , هذه العملية قضت على الوجود اليهودي في المانيا , بلجيكا , غرب روسيا , هولندا , بولندا . وانتهت فقط بانتهاء الحرب العالمية الثانية . بمقتل 6 مليون منهم في هذه العملية .
المسؤلون عن هذا المشروع كان رجال S.S هيملر وهايدريخ . وكان المسئول عن الابادة نفسها ادولف ايخمن الذي اعتقل في الارجنتين على يد الموساد الاسرائيلي وحكم في اسرائيل بالاعدام سنة 1962 واعدم وحرق ورمي رماده في البحر .
نحن نعلم ان هتلر كان معاديا لمعاهدة فرساي ويرغب في التخلص منها .
بعد صعوده الى السلطة سنة 1933 بدأ يتحلل تدريجيا من المعاهدة مثلا في تشرين اول سنة 1933 انسحبت المانيا من معاهدة نزع السلاح التابعة لعصبة الامم وفي اذار سنة 1935 يعلن هتلر ان البنود العسكرية المتعلقة بمنع المانيا من التجنيد وانتاج السلاح لا تلزم المانيا بعد . دول الحلفاء لم تفعل شيئا لمنعه وردعه.بل ان بريطانيا وافقت على امتلاك المانيا غواصات وتعيد بناء اسطولها البحري بشرط ان لا يزيد حجمه وقوته عن 35 % من حجم وقوة الاسطول البريطاني. في اذار سنة 1936 تدخل القوات الالمانية الى منطقة غرب الراين المنزوعة من السلاح حسب معاهدة فرساي وبدات بتحصين المنطقة . رد الحلفاء على ذلك كان ضعيفا وهم فقط اصبحوا كلاميا على ذلك فقط.
كما بدذ هتلر بتوسيع الجيش الالماني وتطبيف قوانين التجنيد الاجباري . وفي غضون سنتين اصبحت المانيا اقوى دولة في اوروبا ووجدت فرنسا نفسها تقف امام المانيا وجها لوجه .
باختصار اصبحت القيود العسكرية المفروضة على المانيا حبرا على ورق.
في مجال السياسة الخارجية اظهر هتلر نشاطا ايد فيه فرانكو في اسبانيا في الحرب الاهلية الاسبانية سنوات 1936-1939 وامده بالسلاح والدعم الاقتصادي وجعله ينتصر لان فرانكو دكتاتور اسباني ويميل الى الانظمة الشمولية مع انه لم يدخل الحرب العالمية الثانية لكنه كان متعاطفا مع دول المحور .
هتلر:دعم الغزو الايطالي لجيشه الذي تم سنة 1935 وهذا ساعد على التقارب الاكثر بين الدولتين وهكذا بدا يتبلور محور دول عسكرية شمولية يشمل ايطاليا – المانيا- واليابان .
في تشرين ثاني سنة 1936 تم التوقيع على الاتفاقية للمساعدة المتبادلة بين هذه الدول ضد الشيوعية ( وهذا ما جعل دول الحلفاء يصمتون) لكن هذا الاتفاق كان مقدمة للتحالف الثلاثي بين هذه الدول في الحرب العالمية الثانية , فالمانيا ايدت الغزو الايطالي لجيشه كما ذكرنا وايدت الغزو الياباني للصين سنة 1937 .
في هذه الفترة انسحبت كل من المانيا ايطاليا واليابان من عصبة الامم لان الاخيرة انتقدت الغزو الايطالي للجيش والياباني للصين .
بعد سنة 1938 اصبح التوسع الالماني مكشوفا اكثر حيث اخذ هتلر يمهد لاحتلال النمسا واقليم السوديت في تشيكيا وكذلك لاحتلال بولندا.
حتى بعد هذه الفترة اتبعت بريطانيا وفرنسا سياسة الترضية مع هتلر الا ان تماديه في التوسع ادى في النهاية الى اندلاع الحرب العالمية الثانية .

ازمات ما قبل الحرب العالمية الثانية :

1-غزو الحبشة سنة 6/1935 : تقع الحبشة في القسم الشرقي الاوسط من افريقيا . ارادت ايطاليا احتلالها منذ سنة 1895 لكنها فشلت في حينه حيث كان يحكم الحبشة امبراطور اسمه هيلاسيلاسي (معظم سكان الحبشة مسيحيون ارتوذكس ).
موسوليني اراد تحقيق هدف ايطاليا الاستعماري ولذلك قام بغزو الحبشة سنة 1935 واحتلها بعد صعوبات كبيرة (هرب من الحبشة ولجأ الى القدس تم لندن) .
بقي هذا الاحتلال حتى سنة 1944 حيث تم طرد أيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية وعاد هيلاسيلاسي الى الحكم .
الحبشة اشتكت الى عصبة الامم التي بدورها ادانت الاحتلال وطلبت انهاءه . نتيجة لذلك انسحبت ايطاليا لكن ليس من الحبشة بل من عصبة الامم والذي ايد ايطاليا بهذا الموقف كان هتلر بينما ادانته فرنسا وبريطانيا لكنهما ام تفعلا شيئا ملموسا ضد ايطاليا . خوفا من وقوع موسوليني في احضان هتلر بالكامل لكن ازمة الحبشة اسهمت بالتقارب بين الدولتين الشموليتين الفاشيتين.
2 -الحرب الاهليةالاسبانية 9/1936 :الحكم الذي كان سائدا في اسبانيا كان ملكيا بزعامة ال بوربون لكن دولة اسبانيا كانت تعاني من مشاكل اقتصادية صعبة كما كانت تعاني من فجوة كبيرة بين الاغنياء والفقراء بسبب وجود نظام اقطاعي ويعتمد على تاييد الكنيسة الكاتوليكية, التي تشكل ديانة اكثرية سكان اسبانيا كما كان يعتمد على تاييد رجال الجيش الذين كان معظمهم من الطبقة العليا. في هذه الفترة ازدادت قوة الحزب الاشتراكي الاسباني الذي دعا الى نظام جمهوري في سنة 1931. وصل الحزب الى السلطة وهرب الملك من اسبانيا وتحول النظام الى جمهوري وبدا بتطبيق قوانين اشتراكية , مثل :-
1- تاميم الارض التابعة للاقطاعين .
2- تاميم املاك الكنيسة الاسبانية والغاء استقلالها الداخلي.
3- تاميم عدد كبير من الشركات .
رجال الجيش كانوا غير راضين من سلب امتيازاتهم الاقتصادية التي تمتعوا بها من قبل .
سنة 1935 جرت انتخابات فاز بها الاشتراكيون مرة اخرى لكن يبدو ان العناصر الملكية الرأسمالية الاقطاعية لم تكن على استعداد لاستمرار حكم اشتراكي وتعميق الروح الاشتراكية في البلاد فاعلن قائد الجيش في جزر الكناري تمرده على الحكومة الشرعية في مدريد .
قوات فرانكو انتقلت من جزر الكناري الى مراكش الاسبانية ومنها عبرت مضيق جبل طارق لتبدا بذلك الحرب الاهلية الاسبانية بين قوات الحكومة وقوات المعارضة هذه الحرب الطاحنة دامت 3 سنوات زرعت الخراب والدمار في اسبانيا .كان في معسكر الحكومة : العمال المثقفون الاحرار , الطبقة الوسطى والفلاحون . اما قوات المعارضة اليمينية فقد ضمت العناصر الملكية اصحاب رؤوس الأموال , الاقطاعيون , ضباط الجيش الكبار والكنيسة الكاثوليكية في اسبانيا.
لم تبق الحرب امرا داخليا اسبانيا بل تحولت الى ازمة دولية تعبر عن انقسام اوروبا بين القوى الفاشية وبين معارضيها . لذلك نقول ان المانيا وايطاليا وقفتا الى جانب فرانكو وامدتا قواته بالسلاح من طائرات ودبابات ومدفعية ومتطوعين بالمقابل وقف الاتحاد السوفيتي مع الحكومة الاشتراكية اما فرنسا وبريطانيا بصفتهما دولتين ديمقراطيتين كان من المفروض ان تقفا الى جانب قوات الحكومة الشرعية التي وصلت الى الحكم بعد الانتخابات لكنهما وقفتا على الحياد بسبب كرههما للاشتراكية الذي فاق على ما يبدو الكراهية للفاشية .
انتهت الحرب بفوز فرانكو وقام بفرض حكم فردي دكتاتوري دام حتى السبعينيات وبعد موته عادت ملكية بوربون الى اسبانيا من جديد .
خلال الحرب العالمية الثانية لم تشترك اسبانيا بشكل فعلي في الحرب بل كانت محايدة لكنها كانت متعاطفة مع المعسكر الفاشي وتجنبت بذلك ويلات هذه الحرب التي أتت على كل دول اوروبا.
اظهرت الحرب الاهلية الاسبانية مدى انقسام اوروبا ووجود 3 قوى متناحرة : الفاشية ( المانيا , ايطاليا , اسبانيا) الاتحاد السوفيتي الشيوعي وحلفاؤه . الديمقراطية (فرنسا, بريطانيا , ومن معهم ) .لكن تطورت الاوضاع اكثر في الاربعينيات عندما دخلت امريكا الحرب اى جانب الحلفاء واليابان الى جانب الفاشية .

3-الغزو الياباني لمنشوريا سنة 1931 : تم الصين كلها سنة 1937 : اليابان كانت دولة صناعية كبرى في الشرق الاقصى والنظام فيها إمبراطوري والحكم الفعلي كان دستوري ديمقراطي بيد الحكومة . في اواخر العشرينيات وبداية الثلاثينيات تاثرت اليابان كثيرا بفعل الازمة الاقتصادية في الولايات المتحدة . لهذا انقسم اليابان الى معسكرين احدهما بتوثيق العلاقات الاقتصادية مع الدول المجاورة والاخر طالب بالتوسع اراضي في اسيا وخاصة في الصين ورفعوا شعار “اسيا للأسيويين” . كان القصد بشكل غير مباشر ان اسيا لليابانيين اذ ان اليابان اقوى دولة في اسيا لذلك يجب ان تكون الهيبة لها .
المعسكر اليميني انتصر على ما يبدو عندما غزت اليابان اقليممنشوريا الصيني الغني بالموارد الطبيعية . بعد احتلال منشوريا تدخلت عصبة الامم واثبتت ان اليابان دولة معتدية وعليها الانسحاب من منشوريا لكن بدلا من ذلك انسحبت اليابان من عصبة الامم .
الغزو الياباني لمنشوريا كان ضربة للمصالح الامريكية فالولايات المتحدة تعارض التوسع الياباني في المحيط الهادي وتنادي بسياسة “الباب المفتوح” تماما كما طلبت المانيا في مراكش سنة 1906 . هذه السياسة تعني بقاء الدولة مفتوحة تجاريا امام جميع الدول .الغزو الياباني يعني انها ستسيطر على السوق الصيني وهذا يضر التجارة الامريكية لذلك بدات الولايات المتحدة بتقديم المساعدة الاقتصادية والعسكرية للنظام الصيني بزعامة ” تشان كاي تشيك” لم تكتف اليابان بغزو منشوريا بل قررت سنة 1937 ان تغزو الصين كلها واستطاعت ان تحتل اكثر من نصف مساحتها حيث اعتبرت هذه الحرب مقدمة الحرب العالمية الثانية .

4-اجتياح النمسا سنة 1938 ( الافشلوس) :-
هتلر رفع شعار الجامعة الالمانية وبما ان الشعب النمساوي يتكلم الالمانية وهو شعب الماني في اصله لذلك اراد هتلر ضم النمسا الى المانيا .
خاصة وان الميول النازيةازدادت تاكيدا وازدادت المطالبة بالوجود مع المانيا. هتلر اتهم النمسا بمطاردة النازين عندها . فدعا مستشار النمسا الى زيارة الى المانيا لاجراء محادثات معه انتهت بالاتفاقية التالية :-
1- على اشراك النازين النمساوين في الحكم.
2- وتعين 3 وزراء منهم في الحكومة .
عندما عتد مستشار النمساوي لبلاده لم يعين 3 وزراء كما اتفق بل اعلن رغبته اجراء استفتاء عام في البلاد حول مسالة العلاقة بين النمسا والمانيا . هتلر اعتبر ذلك منافيا لما اتفق عليه لذلك قرر ادخال الجيش الالماني الى النمسا ( اجتياحها) في اذار سنة 1938 .
الجيش النمساوي لم يقاوم الاجتياح ابدا وهتلر وصل الى فينيا واعلن عن توسيع منطقة حكم الرايخ شمل النمسا : ” بناء على رغبة شعبها” وهكذا ابتلع كل الاراضي النمساوية وضمنها الرايخ الثالث .
دول اوروبا خاصة فرنسا وبريطانيا لم تفعلا شيئا لردعه تمشيا مع سياسة الترضية البريطانية التي اتبعها رئيس الحكومة تشمبرلين .
هذا الاجتياح ترك انطباعا سيئا عن سياسة هتلر ورغيته في التوسع واثارت جدلا عنيفا في بريطانيا وفرنسا بين من يؤيد سياسة الترضية وبين من يعارضها بشدة من ابرز المعارضين كان ونستون تشرتشيل ابرز زعيم في حزب المحافظين المعارضين لحكومة العمال التي تزعمها تشمبرلن .

5-ازمة السوديت –مؤتمر ميونيخ ايلول سنة 1938 :-
السوديت هو اسم اقليم كان يتبع لالمانيا سابقا ضم الى تشيكوسلوفاكيا حسب قرارات معاهدة فرساي سنة 1919 بعد الحرب العالمية الاولى .حوالي 75% من سكان الاقليم المان. وبعد صعود هتلر ازداد الميول النازية بينهم للعودة الى الوطن الام ولهذا طالب هتلر باجراء استفتاء شعبي بين سكان الاقليم يقررون فيه بين البقاء مع تشيكوسلوفاكيا او الانظمام الى المانيا رئيس الجمهورية التشيكي رفض ذلك واعتبره تدخلا في الشؤن الداخلية . هتلى اخذ يهدد باستعمال القوة نادى الى تازم العلاقات الدولية في اوروبا لان تشيكوسلوفاكيا كانت قد وقعت اتفاقيات تحالف مع فرنسا ومع الاتحاد السوفيتي .واذا قام هتلر بالحرب ضد تشيكوسلوفاكيا فانه سيلزم الدولتين بالوقوف الى جانبها وهكذا ازداد الخوف من اندلاع حرب عالمية ثانية سبب هذه الازمة .
للخروج من هذا المازق دعا مسؤلين لعقد مؤتمر لتسوية هذه المسالة عقد هذا المؤتمر في ميونيخ. حضر زعماء بريطانيا – فرنسا – المانيا وايطاليا شارك فيه زعماء هذه الدول واما تشيكوسلوفاكيا فلم تدع بالمرة الى المؤتمر مما يدل على الاستهتار بالدولة الصغيرة وكما لم يدع الاتحاد السوفيتي للموتمر بسبب العزلة السياسية التي فرضتها دول اوروبا عليها منذ قيام الثورة البلشفية سنة 1917 . استمر عمل الموتمر 3 ايام 9/29 , 9/30 , 10/1 سنة 1938 وفي النهاية تم التوقيع على اتفاقية ميونيخ التي كانت بنودها ما يلي :-
1- ضم اقليم السوديت الى المانيا خلال 10 ايام .
2- منع تشيكوسلوفاكيا من هدم التحصينات العسكرية الموجودة في الاقليم .
3- رسم الحدود الالمانية التشيكية وفقا للمصالح الإستراتيجية الالمانية.
4- مقابل هذا يصرح هتلر انه لم يعد له مطامع اقليمية بعد.
عاد رئيس وزراء بريطانيا تشمبرلين ورئيس حكومة فرنسا دلاديه إلى بلادهما واستقبلا بالترحيب لانهم جنبا اوروبا ويلات حرب جديدة مدمرة.
لم يمض عدة شهور حتى اتم هتلر اجتياح باقي الاراضي التشيكية وضم تشيكوسلوفاكيا الى المانيا لهذا يعتبر المؤتمر وقراراته وصمة عار في جبين الدول الكبرى لانها :-
1- صارت وتمشت بمنطق القوة ورضخت لمطالب هتلر .
2- هضمت حقوق دولة صغيرة مثل تشيكوسلوفاكيا وسحبت منها اراضيها من اجل ارضاء هتلر. .
تشيرتشيل اتهم تشمبرلين بانه يواصل سياسة الترضية مع هتلر والتنازل له المرة تلوى الاخرى من منطلق وهمي ان ذلك سيجلب السلام ويجنب اوروبا الحرب . بينما الحقيقة كما يلي اننا كلما تنازلنا , كلما تمادى هتلر بطلب مطالب جديدة . لان هتلر فسر سياسة الترضية ليس رغبة في السلام .بل دليل ضعف الطرف الاخر وخوف من قوته وان الطرف الاخر يكتفي بالاحتجاج الكلامي ولا يتخذ اجراءا صارما لوقف الاطماع الهتلرية.
في ربيع سنة 1939 أصبحت كل تشيكوسلوفاكيا تحت حكم المانيا . وعندها فقط تاكد تشمبرلين سياسة الترضية وصلت الى طريق مسدود وان هتلر لا يحترم المواثيق التي يوقع عليها . وعندها فقط صرحت فرنسا وبريطانيا ان أي خطوة توسعية اخرى سيقوم بها هتلر ستواجه بموقف حازم من الدولتين بكافة الوسائل المتاحة.

6-اجتياح بولندا واندلاع الحرب العالمية الثانية ايلول 1939 :-
اخذ هتلر يمهد من ناحية اعلامية بغزو بولندا ودعيا ان الاقلية الالمانية في بولندا تتعرض الى التنكيل والتعذيب والملاحقة من قبل السلطات البولندية ,الصحف الالمانية بدورها اخذت تصف بشكل مطول “الاعمال الوحشية” التي تتعرض لها هذه الاقلية . الالمان ادعوا انهم لا يستطيعون الوقوف مكتوفي الايدي ازاء ما يحصل.
طبعا هذه الاوصاف كان مبالغ بها جدا وان هتلربين بالتمهيد لاحتلال بولندا من اجل استعادة اقليم بوزون الذي سلب من المانيا في معاهدة فرساي وطالب كذلك بممر ممل ومدينة دانتزج على بحر البلطيق ة الربط ما بين روسيا الشرقية والغربية من جديد.
فرنسا وبريطانيا صرحتا بانه اذا تم غزو بولندا فانهما لن تققا مكتوفتي الايدي وهكذا اصبحت الحرب امرا واقعيا ولهذا اخذ كل طرف سواء الالمان او فرنسا وبريطانيا يستعدان بشكل سريع لاحتمال اندلاع الحرب .

اتفاق مولوتوف – ريبنتروب في 23/8/1939 :-
مولوتوف هو وزير خارجية الاتحاد السوفيتي وريبنتروب هو وزير خارجية المانيا . وقع الاتفاق قبل اسبوع من اندلاع الحرب . هذا الاتفاق حصل بين النظام الشيوعي والنظام النازي . البعض يقول ان هذا الاتفاق اسهم في الاسراع باندلاع الحرب العالمية الثانية لانه اعطى ضوء اخضر لهتلر بالهجوم على بولندا دون الخوف من حرب على جبهتين . ينص الاتفاق على :
1- عدم اعتداء بين المانيا والاتحاد السوفيتي لمدة 10 سنوات.
2- اتفاق على تقسيم مناطق النفوذ والسيطرة في شرق اوروبا , فيحصل الاتحاد السوفيتي على القسم الشرقي من بولندا بالاضافة الى لاتفيا , استونيا , لتوانيا بالاضافة الى اقليم بسرابيا من رومانيا , مع بسط نفوذها على جزء الشرقي من فنلندا . اما المانيا فتحصل على القسم الغربي من بولندا فقط.
لكن ما الذي دفع البلدين الزعيمين العدوين اللدودين هتلر وستالين الى التوقيع على اتفاق كهذا؟
وقع خبر التوقيع على الاتفاق وقع كالصاعقة في كل العالم الغربي وخاصة فرنسا وبريطانيا اللتان فاوضتا الاتحاد السوفيتي للتعاون معه في حرب ضد المانيا. لكنهما ماطلتا خلال المفاوضات من منطلق انه لا يمكن ان يتم الاتفاق بين المانيا والاتحاد السوفيتي. حتى اليوم يلام ستالين لوما شديدا على موافقته على التعاون مع النظام النازي وهو الذي ينادي بالمثل والمبادئ المعادية للنازية. يعتقد ان الذي جعل ستالين يوقع على هذا الاتفاق ما يلي :-
1- الاتفاق يعطي الاتحاد السوفيتي مهلة من الوقت لكي يستكمل استعداداته العسكرية في مجال السكك الحديدية والتصنيع العسكري.
2- الاتفاق اتاح للسوفيات الحصول على المكاسب نشر الشيوعية في اوروبا بدون الحاجة لدفع اي ثمن.
3- دول الغرب لا تزال تفرض عليه مقاطعة اقتصادية وسياسية كما حدث في مؤتمر ميونيخ.
ربما اعتقد الاتحاد السوفيتي ان اندلاع حرب بين النازين والدول الديمقراطية الراسمالية يصب في مصلحته.اذ ان كلا النظامين معادين له.
اما المانيا فكان هدفها من الاتفاق ان تقوم بضم اجزاء من بولندا, دون خوف من خوض الحرب المقبلة على جبهتين .
هتلر في الناحيتين خطط لهزيمة فرنسا وبريطانيا وبعدها يتفرغ للاتحاد السوفيتي.اذا هتلر يريد ان يربح وقت حتى ينهي الجبهة الغربية وبعدها يصفي الحساب مع النظام الشيوعي.
سياسة الترضية : هي السياسة التي اتبعتها بريطانيا في عهد حكومة تشمبرلين العمالي قبيل الحرب العالمية الثانية بعد صعود هتلر الى السلطة وفيها نجد ان بريطانيا تنازلت المرة تلوى الاخرى دون ان تتخذ اجراءا حازما ضد كل خرق قام به هتلر لمعاهدة فرساي.وانجرت فرسا وراء هذه السياسة ايضا نظرا لانها لا تستطيع ان تقف وحدها بدون بريطانيا في وجهه هتلر.ومن ابرز مظاهر هذه السياسة التنازل الى هتلر في مجال اعادة التسليح والتجنيد في المانيا وكذلك السماح لالمانيا باعادة بناء اسطولها الحربي.
وكان اكبر امثلة على ذلك في قضية اقليم السوديت , وضم النمسا . ظنا منهما ان هتلر سيكتفي بذلك امتنعا حدوث حرب عالمية ثانية. لكن سياسة الترضية فشلت لان هتلر لم يتوقف عن التوسع ولم يحترم ما تعهد به كما اجتياح الجيش الالماني لكامل الاراضي التشيكية في اذار 1939 . عندها فقط اعلنت الدولتان انه اذا قام هتلر باجتياح بولندا فلن تقفا مكتوفتي الايدي وستردان بكافة الوسائل بما في ذلك الحرب. هتلر فسر سياسة الترضية على انها ضعف فرنسي-بريطاني وخوف منه. الوقت في حربه في الغرب تم التفرغ للاتحاد السوفيتي في الشرق.
بريطانيا لماذا فعلت من اجل بولندا ما لم تفعله من اجل تشيكوسلوفاكيا :-
1- بريطانيا تاكدت ان مطامع هتلر ليس لها حدود.
2- هتلر لم يحزم المواثيق الدولية التي وقعها بنفسه خاصة تعهده بعدم التوسع بعد الذي حصل في ميونيخ .
3- ادراك بريطانيا انه اذا لم يتم ايقاف هتلر فان سيأتي يوم ويحتاج فيه هتلر بريطانيا نفسها لكن هذا الادراك جاء متاخرا وبعد فوات الاوان لان اصبح الان قويا عسكريا وليس ضعيفا كما عندما كان في بداية حكمه.
4- احتلال هتلر كل هذه البلدان اخل بمبدأ توازن القوى في اوروبا وهذا اكبر خطر على امن انجلترا وطرقها التجارية.
تفسير اخر لسياسة الترضية هو :
قانون السنوات العشر : هو قانون اقرته بريطانيا سنة 1919 بعد الحرب العالمية الاولى مباشرة. يقضي بتقليص الميزانيات المخصصة للقوات البحرية , الجوية والبرية لمدة عشر سنوات قادمة من منطلق ان بريطانيا لن تواجه حرب مقبلة في سنوات العشر المقبلة . في سنة 1928 مدد القانون مرة اخرى بناء على نفس الفرضية.
هذه الفرضية كانت لها افخم العواقب على قدرة بريطانيا العسكرية . قوتها تقلصت لان آلاف المهندسين والخبراء الذين عملوا في المجال العسكري اقيلوا . الابحاث والتطويرات العسكرية توقفت . وتقلص عدد الجيش البريطاني برا , بحرا . وجوا.
عندما صعد هتلر الى السلطة وبدا بخرق معاهدة فرساي , بريطانيا لم تكن مستعدة لمواجهته عسكريا بسبب هذا القانون . اما فرنسا التي واجهت الخطر المباشر من المانيا وذاقت الامرين منها في السابق ,اضطرت ان تسير مع الخط البريطاني اعتقادا خاطئا لان هذا قد يساهم في المحافضة على السلام . لكن فرنسا عقدت تحالفات صغيرة مع تشيكوسلوفاكيا وبولندا للفصل بين المانيا في عهد فايمار وبيت الاتحاد السوفيتي .
كان بامكان فرنسا وبريطانيا ردع هتلر عندما تولى السلطة سنة 1933 وكان حينها لا يزال ضعيفا عسكريا . لكن سياسة الترضية مكنت هتلر من بناء قوته العسكرية وعندما ادركتا ان هذه السياسة فاشلة كان قد فات الاوان.
لذلك تظهر هذه السياسة سبب من اسباب الحرب العالمية الثانية .

الحرب العالمية الثانية :-
ضم معسكر الحلفاء في البداية فرنسا وبريطانيا تم انضمت الولايات المتحدة في 7/12/1941 والاتحاد السوفيتي قي 22/6/1941 اما دول المحور ضم المانيا ,ايطاليا واليابان.
عند اندلاع الحرب كانت المانيا تملك اكبر قوة برية عسكرية في العالم من حيث نوعية الاسلحة وجودتها , تنظبم الجيش ومستوى التدريب . كما انها امتلكت اقوى اسطول جوي في العالم .كما امتلكت المانيا عددا كبيرا من الغواصات الفتاكة .
بالمقابل كانت بريطانيا اقوى منها من ناحية الاسطول الحربي بالنسبة لايطاليا لم يكن جيشها كبيرا ولم يثبت قدرة قتالية فعالة في الحرب , سواء في جبهة البلقان وكذلك في شمال افريقيا . فايطاليا واجهت صعوبا ت في الحرب ضد صربيا واليونان وهزمت على يد الجيش البريطاني في ليبيا . واضطرت المانيا للتغطية على هذا الفشل في ربيع سنة 1940 بهجومها على البلقان وارسال قواتها بزعامة المارشال رومل الى شمال افريقيا .
اما بالنسبة لفرنسا فانها لم تكن مجهزة نفسها بالشكل الكافي من حيث الاسطول والطائرات والدبابات والتدريب لان القيادة العسكرية الفرنسية اطمانت الى جد كبير بان ” خط ماجينو” سيحميها .

خط ماجينو:-
هو خط من التحصينات العسكرية القوية جدا يشمل حوالي 16 موقع على الحدود بين فرنسا والمانيا. بناء هذا الخط كلف مبالغ طائلة وكل موقع عسكري كان مكونا من 5 طوابق تحت الارض ويحوي غرف نوم للجنود , مطابخ , مخازن اسلحة. كل جدرانه مبنية من الاسمنت المسلح وفيه مدافع موجهه نحو المانيا . الخط مسمى على اسم وزير الدفاع الفرنسي انذاك اندريه ماجينو .الفرنسيون ظنوا انهم في امان وراء هذا الخط ,هنا وقع الخطا الفرنسي القاتل لانهم بنوا خطا دفاعيا ثابتا يصلح لحرب ثابته قبل حرب الخنادق في الحرب العالمية الاولى .لكن الحرب العالمية الثانية كانت حرب متحركة , هجومية بحيث يمكن عبور المواقع المحصنة بسهولة عن طريق الطائرات والمظليين.
فرنسا اهملت انتاج دبابات والطائرات بالاعداد الكافية. عند بداية الحرب العالمية الثانية ظهر التفوق الالماني الواضح بهذين المجالين وهذا اكثر ما يفسر هزيمة فرنسا السريعة خلال مدة 3 اسابيع من دخول المانيا الى اراضيها .
كذلك بريطانيا تاثرت كثيرا بقانون السنوات العشر ولما استفاقت وايقنت مدى الخطر الالماني كان الوقت متاخرا ,لم تستعد بالشكل الكافي لمواجهة الالمان.
اما الاتحاد السوفيتي في تلك الفترة بعد كان يملك اكبر جيش من حيث العدد في العالم . مثال على ذلك كان لدى السوفييت في تلك الفترة 190 غواصة مقابل 57 غواصة المانية . لكن هذا الجيش لم يكن على مستوى تدريب عالي وشبكة المواصلات التي تحت تصرفه في جبهة القتال لا تزال غير كافية وضعيفة . واهم ما اعتمد عليه السوفييت هو ان اراضيهم واسعة جدا كما ساعدهم الطقس البارد الذي قهر كل عدو وصل الى هذه البلاد .
بالنسبة لليابان كانت بعيدة عن الساحة الاوروبية لكنها امتلكت قوة بحرية كبيرة وقوية وقوات جوية كبيرة ايضا . عدد كتائبها البرية قليل نسبيا حوالي 2 مليون جندي .
الولايات المتحدة كانت دولة عملاقة تملك اسطول بحري كبير وضخم , بالاضافة الى حاملات الطائرات , اقتصاد قوي واحتياط بشري كبير .لذلك عندما دخلت الولايات المتحدة الحرب بعد معركة بيل هاربر في 7/12/1941 كان هذا تطور هام اثر على توازن القوى لصالح الحلفاء حيث اصبح للحلفاء قوات كبيرة واسلحة كثيرة وميزانيات ضخمة ساهمت في هزيمة الالمان واليابان في نهاية الحرب
العوامل التي اثرت على ميزان القوى خلال الحرب :
في بداية الحرب أي سنة 1939 مال ميزان القوة لصالح المانيا وحليفاتها وهذا ما انعكس على ارض الواقع :-
1- نجاح الالمان باحتلال بولندا بسرعة كبيرة .
2- بنجاح الالمان باحتلال هولندا وبلجيكا بسرعة.
3- بنجاحهم باحتلال النرويج قبل شتاء 1940 .
في ايار – حزيران سنة 1940 تم اجتياح فرنسا والحاق الهزيمة بها خلال ثلاث اسابع ودخول العاصمة باريس واستسلامها في 22/6/1940 .
خلال هذه الفترة نجح الالمان في فرض سيطرتهم على القسم الغربي من بولندا ( سيطر السوفييت على القسم الشرقي حسب معاهدة ربينتروب-مولوتوف) .وقاموا بانشاء حكومات عميلة للالمان في هولندا , بلجيكا وكذلك في النرويج بزعامة كويزلينيج .وكان هدف الالمان من احتلال النرويج :-
1- تامين وصول الفحم والمواد الخام من السويد.
2- اغلاق بجر البلطيق وجعله بحر الماني .
3- قطع أي امكانية اتصال بين بريطانيا والسوفييت .
4- امكانية مهاجمة بريطانيا من الشمال .
وبعد ذلك احتلت المانيا فرنسا وقسمتها لمنطقتتين :
1- حكومة فيجيوهي حكومة عميلة لالمانيا رئيس حكومتها المارشال بيتان تحكم في وسط وجنوب فرنسا .
2- من الوسط حتى الشمال كانت واقعة تحت الاحتلال الالماني المباشر.
تم تسليم الاسطول الفرنسي لالمانيا ولكن الانجليز اغرقوا بعض القطع قبل تسليمها للالمان .
سقوط فرنسا جعل مستعمراتها في شمال افريقيا واسيا تحت النفوذ الالماني ايضا.
حتى سنة 1940 كانت ايطاليا لا تزال خارج الحرب العالمية الثانية لكن عندما سقطت فرنسا هذه الاحداث قررت الدخول في الحرب لاقتسام الغنائم مع الالمان وهذا زاد قوة المانيا في منطقة البحر المتوسط .
سقوط فرنسا وضع بريطانيا في وضع عسكري حرج جدا في سنة 1940 حيث وقفت وحيدة في مواجهة المانيا.
في ايار سنة 1940 سقط حكم تشمبرلين العمالي في بريطانيا وتراس الحكومة مكانه وينستون تشيرتشيل المحافظ على راس حكومة وحدة وطنية وتشيرتشيل عرف بعدائه للالمان وايد اتباع سياسة متشددة بتجاه المانيا وكان من ابرز معارضي سياسة الترضية.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى