المكتبة السياسيةالمكتبة القانونيةدراسات سياسيةدراسات قانونية

كتاب المسألة الدستورية وإشكالية بناء الدولة الديمقراطية

يعدّ البحث في موضوع المسألة الدستورية وبناء الدولة الديمقراطية، في أيّ مجتمع، على قدر كبير من الأهمية، أكان على مستوى المعرفة العلمية أم على مستوى المعرفة الإجرائية، وذلك باعتبار أن الدولة هي الكيان الدائم والمستقر القانوني لإرادة المجتمع، وأن الحكم الديمقراطي هو أسمى أساليب الحكم.

يعتبر موضوع الإصلاح الدستوري والسياسي وبناء الدولة الديمقراطية ” وأن كان يستمد مشروعيته من أهميته التاريخية واستمراره مطلبا للتجديد وأفقا لإعادة صياغة علاقة الدولة بالمجتمع، فإن ثمة محددات كثيرة أخرى قد ترفع من شأن هذا الموضوع، وتزيده من قيمته وراهنتيه، وفي صدارة تلك التغيرات والديناميات والتحولات التي عرفتها المجتمعات وإعادة صياغة علاقة جديدة بين المجتمعين السياسي والمدني.

ولقد تميزت الدستورانية بكونية الأهداف والمقاصد، وعملت على إنضاج شروط دمقرطة الحياة السياسية، واستقامة أداء المؤسسات، ويحتل النص الدستوري في نظامها القانوني مكانية رئيسية، يتموقع في قمة الهرمية القانونية، بل هو أساس كل النظام القانوني في مبادئه وقيمه وترابيتة مؤسساته.

إن تحقيق التحول الديمقراطي المنشود لا يتوقف عند إدخال بعض الإصلاحات على النص الدستوري، بل لا بد من استكمال بناء الصرح الدستوري وتحقيق توزان بين السلطات، وكذا نشر الثقافة الديمقراطية في كل مفاصل الدولة والمجتمع.

لم تعد الديمقراطية، في مفهومها، إجراءات سياسية أو حصيلة عددية لنتائج العملية الانتخابية، وإنما كمنظومة قيم وأنماط من التفكير؛ إذ إنها تُبنى على أسس ثقافة الحوار والتفاوض واحترام الأخر والاختلاف في وجهات النظر. فـ”الديمقراطية المستدامة” ترتبط بالنسق الثقافي للمجتمع، وتعتمد على القيم الاجتماعية ومعتقدات المواطنين.

واختيار موضوع “المسألة الدستورية وإشكالية بناء الدولة الديمقراطية” في هذه اللحظة السياسية الانتقالية من التاريخ السياسي لمجموعة من الأنظمة السياسية، فهذه الأنظمة لم تعد كما كانت، ولكنه في نفس الوقت لم تأخذ شكلا جديدا مكتملا وواضحا. فنحن في مرحلة انتقال سياسي تجمع بين ثلاث حالات متناقضة وهي: استمرارية مظاهر السلطوية، وظاهرة الانفتاح الليبرالي، ووجود بعض مؤشرات مداخل الانتقال الديمقراطي.

إن الانتقالات تظهر كأوضاع تاريخية يتنافس فيها مختلف الفاعلين حول طبيعة القواعد السياسية مما يجعل منها مسلسلات مفتوحة على ثلاث سيناريوهات: إما الانتكاسة والرجوع إلى التسلطية، ونكون بالتالي أمام انتقال مجهظ أو الاستمرار في الإبقاء الصوري والهش للمؤسسات الديمقراطية أو فرضية الديمقراطية التي تؤشر على الانتقال المنجز.

وتتسم عملية الانتقال إلى الديمقراطية في كافة بلدان العالم بدرجة كبيرة من التعقيد،من ناحية، وبتعدد مساراتها والاختلاف البين في نتائجها، من ناحية أخرى، ويعتمد ذلك إلى حد كبير على مستوى التطور الاجتماعي –الاقتصادي في البلد المعني، وعلى الظروف الإقليمية والعالمية السائدة في اللحظة التاريخية التي يحدث فيها هذا التحول . ومن ثم، يمكن القول بأن خبرة بلد ما في التحول غير قابلة للنقل الميكانيكي والتطبيق في بلد أخر، وعلى الرغم من ذلك، تكشف العلوم الاجتماعية على اختلاف مشاربها،عدد من السمات البارزة  والدروس المستفادة من هذه العملية والتي يمكن أن تعين في علمية التحول الديمقراطي. ولعل أهم هذه السمات والدروس المستفادة هي أن عمليات التحول الديمقراطي تتصف بأنها عملية طويلة الأمد.

ولقد شهدت المجتمعات العربية، وما تزال تشهد ديناميات وتحولات حتى اليوم، لم يتوقع احد بوقوع الحراكات الاحتجاجية وذلك بالرغم من حالة الاحتقان السياسي والاقتصادي والاجتماعي الشديد والمتصاعد  الذي عرفته هذه المجتمعات على مدار السنوات  العشر السابقة على الأقل.

ولعل أبرز التحديات التي تواجه عملية التحول الديمقراطي وبناء الدولة الديمقراطية بصفة عامة، هو انه من العسير جدا تغيير الأنماط الاقتصادية والاجتماعية المترسخة. ويتطلب المضي على درب التغيير نضالا مستمرا.

تحميل نسخة الكتاب “pdf” : -المؤتمر العلمي الدولي الأول:- 

المسألة الدستورية وإشكالية بناء الدولة الديمقراطية

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى