دراسات سياسيةدراسات شرق أوسطية

المسافة السياسية بين الأردن ومجلس التعاون الخليجي

وليد عبد الحي

رغم الجوار الجغرافي والتناغم التاريخي السياسي المعاصر بين الأردن ودول مجلس التعاون الخليجي ، فإن بعض الشقوق في جدار هذه العلاقة تستدعي التوقف عندها لما تفرزه من بعض الهواجس المستقبلية :
1-الموقف من الاخوان المسلمين:
تتجه دول مجلس التعاون بخاصة السعودية والبحرين والامارات الى محاولة تعميم فكرة ان الاخوان المسلمين يجب ادراجها ضمن قوائم ” التنظيمات الارهابية”، بينما تصنفها الأردن كحركة حزبية شرعية وشريك سياسي في التفاعل الداخلي بغض النظر عن تباين توجهات الحركة في كثير من المسائل الداخلية والخارجية مع توجهات الأردن الرسمية …نقطة التباين هذه بين الاردن وبعض دول مجلس التعاون الخليجي يضع الاردن بين موقفين سعودي اماراتي بحراني في مواجهة موقف قطري داعم لشرعية الاخوان المسلمين، وكل ذلك يجعل الخيار الاردني أكثر صعوبة.
2- الموقف من صفقة القرن:
تشير التسريبات والأخبار المتداولة الى أن المسافة الفاصلة بين موقف مجلس التعاون-بخاصة السعودية- وبين الموقف الاردني ليست مسافة قصيرة يسهل عبورها او مد جسر لها، فالموقف الاردني تم الاعلان عنه بشكل صريح وواضح(أيا كانت التأويلات للاعلان)، فالاردن يرفض الوطن البديل ويرفض التغييرات على وضع القدس ولا يرى حلا الا ” حل الدولتين”.بينما تتناثر الاخبار في الصحافة الغربية والاسرائيلية عن ” يد خفية” خليجية لبلورة هذه الصفقة التي تضع الاردن في موضع لا يحسد عليه داخليا وإقليميا ودوليا.
3- المسافة بين الوعود الخليجية المالية وبين حجم ما يتم تنفيذه:
ففي أغلب المؤتمرات العربية وأحيانا الدولية أو في التواصل الثنائي بين مجلس التعاون وبين الاردن تتعهد الدول الخليجية وبسخاء ” طائي” في نجدة الاردن لمواجهة أزماته المالية وديونه الثقيلة، لكن المسافة بين الوعد والتنفيذ يشير الى أن ما تتسلمه الأردن أقل من قيمة العطور التي تستهلكها دولة خليجية واحدة، ورغم تسارع دول مجلس التعاون الخليجي للاعلان عن الوعد نجدها تتثاءب عند التنفيذ..فهل التنفيذ مرتبط ” بشروط سياسية” من دول خليجية لكل منها مطالبه المتناقضة مع مطالب الطرف الخليجي الآخر(قطر والسعودية مثلا)؟ هنا تزداد المسافة اتساعا.
4- الحريات العامة:
بعيدا عن النفاق السياسي ، فمع أن الأردن يحتل مرتبة متأخرة في مستوى الحريات قياسا للدول الديمقراطية المتقدمة، ارى ان مستوى الحريات العامة بخاصة التعبير عن الرأي السياسي متقدم بشكل واضح في الاردن عن “بعض ” دول الخليج بخاصة السعودية ، والمقارنة في هذا الجانب واضحة بأنها لصالح الاردن ، وهو أمر يفتح نافذة –ولو نصفها- امام الكتاب والتيارات السياسية الاردنية ” لنقد” الكثير من سلوكيات بعض الدول الخليجية كالسياسات السعودية داخليا وخارجيا، وهو أمر قد تراه السعودية بأنه موقف ” تديره الجهات الرسمية” لأنها تعتقد ان العلاقة بين الاعلام والسلطة السياسية هو نفس ما لديها..وهو أمر يجعل المسافة بين الاردن والخليج تتسع بمقدار ارتفاع نبرة هذا النقد.
5- لعل تردد الخليج في فترات سابقة عن قبول الأردن في عضوية مجلس التعاون الخليجي هو مؤشر على هواجس خليجية كثيرة يأتي في مقدمتها أن عضوية الأردن سيجعل من الموضوع الفلسطيني ” بندا دائما” على جدول اعمال المجلس الخليجي او ضمن أولويات سياساتها نظرا لتشابك الهم الأردني بالهم الفلسطيني بشكل من العسير فكه ، وهو أمر تسعى دول الخليج الى ” تجنبه” بخاصة في الهرولة نحو التطبيع التدريجي مع اسرائيل.
6- المسافة السياسية بين التوجه السعودي نحو اعتبار الاردن ” زبونا سياسيا ” وبين رغبة الاردن في لعب دور ” الشريك” في صياغة السياسات الاقليمية، وتتضح ملابسات هاتين النظرتين في المواقف من اليمن وسوريا وايران …الخ.
هل ستتسع هذه المسافات أم يمكن اختصارها؟ أظن ان القرار السياسي العقلاني في هذه الظروف يحتاج لتفكير عميق أولا، وثانيا أن تشارك القوى السياسية ذات الثقل في الشارع الاردني في بلورة هذه السياسات من ناحية ، والقدرة على ايجاد طريقة لفصل العلاقة الخليجية الاردنية عن تعاريج العلاقات الأردنية الامريكية من ناحية ثانية…
كل ذلك يجعل القلق مبررا رغم ضرورته السياسية بعيدا عن التفكير الرغبي(Wishful thinking )..ربما.

 

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى