دراسات سياسية

المصالحة الفلسطينية: بين الإرادة الشعبية وإرادة التنظيمات

يواجه التياران الرئيسيان في الساحة السياسية الفلسطينية مأزقا مختلفا لكل منهما، فسلطة التنسيق الامني تواجه مأزق الفشل المطلق في تحقيق أية نتائج ذات معنى لانجاز أيٍ من وعود أوسلو مهما كان هذا الوعد متواضعا، بل إن المسار العام للاستيطان يشير كما قال آخر وزير لخارجية أمريكا في عهد أوباما جون كيري في آخر محاضرة له ان قيام الدولة الفلسطينية في ظل المعطيات الموجودة على الارض هو أمر ” مستحيل”.
أما تيار المقاومة المسلحة فهمه المركزي الآن هو فك الحصار الخانق وتحسين الظروف المعيشية في قطاع غزة، وهو امر تشير المعطيات القائمة ان احتمالات تحقيقه تكاد ان تكون معدومة في ظل الظروف العربية والدولية ما لم يهجر هذا التيار نهج المقاومة المسلحة ويتعرى من كل ما يستره.
دوافع المصالحة:
بعيدا عن الرومانسية الاخلاقية للمصالحة فإن هدف كل من الطرفين مختلف تماما عن الآخر، فسلطة التنسيق الأمني تريد من المصالحة مد سلطتها إلى غزة ، ثم تفعيل سياستها هناك وفي طليعة ذلك نقل نسخة الواقع القائم في الضفة الغربية إلى قطاع غزة وفي مقدمة ذلك تفكيك المقاومة المسلحة ومد عمل خلايا التنسيق الامني مع اسرائيل إلى قطاع غزة والسيطرة على المعابر . وقد اندفعت سلطة التنسيق الامني في هذا الاتجاه نتيجة عوامل أغرتها على ذلك وهي:
أ‌- الرغبة التي تؤججها الولايات المتحدة واسرائيل وبعض الدول العربية في قطع الطريق على تنامي العلاقات بين تيار المقاومة المسلحة وايران والذي تزايد بشكل واضح في الفترة الاخيرة، بخاصة مع تنامي دور قيادة الداخل بعيدا عن منتجعات قيادة الخارج.
ب‌- توظيف الحملة التي تتسع تدريجيا في العالم العربي والدولي على حركة الاخوان المسلمين بشكل خاص والحركات الاسلامية بشكل عام لا سيما من قبل دول الخليج التي بدأت تجعل من القضية الفلسطينية قضية هامشية.
أما تيار المقاومة المسلحة –بخاصة حماس- فإن قسوة الحصار من ناحية أولى ومتاهة حماس في خياراتها بين الفرح الطفولي للربيع العربي في البداية من ناحية ثانية وبين الالتزام مع التحالف الذي كان يحتضنها من ناحية ثالثة ، يدفعها لمحاولة أن لا تخسر أي من طرفي المتاهة ، وهو الامر الذي كان واضحا تماما في مقابلة الزهار الأخيرة مع فضائية الميادين.
كيف تتم المصالحة؟
ارى ان على حماس أن تعلن عن قبول المصالحة بشروط اهمها:
أ‌- أن تبدأ المصالحة في خطوتها الاولى بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مع توفير شروط ضمان نزاهاتها، على ان تتم هذه المسألة قبل تنفيذ مد عمل سلطة التنسيق الامني باي شكل إلى غزة باستثناء ما له علاقة بإجراءات الانتخابات، لان المصالحة أولا ستجعل سلطة التنسيق الامني تتسلل لغزة تدريجيا وتؤجل الانتخابات لاحقا بذريعة أي سبب وتعود “حليمة لسيرتها القديمة”، لذا يجب ان تتجسد المصالحة فقط في توفير بيئة لإجراء الانتخابات النزيهية التشريعية والرئاسية قبل العودة لدمج المؤسسات .
ب‌- اعادة إحياء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية قبل المصالحة على ان يتم تمثيل حركتي حماس والجهاد الاسلامي في هذه المؤسسات بمقدار نسبتهما التي يحصلون عليها في الانتخابات التشريعية
بهذين الشرطين تكون ارادة الشعب الفلسطيني قد تبلورت وعلى طرفي المصالحة ان يحترم اختيارات هذا الشعب عبر المؤسسات الجديدة أيا كانت هذه الخيارات…

 
وليد عبد الحي

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى