النظم السياسية المقارنةتحليل السياسة الخارجية

المقاربات الجديدة في السياسة المقارنة

الفصل الأول: الإطار المفاهيمي ( تحليل النظم السياسية)
المبحث الأول :
تعريف المقاربة : هي أطروحات نظرية لا ترقى إلى درجة النظرية أي هي مرحلة من مراحل النظرية .
تعريف النظرية : أصل الكلمة يوناني theoria ويقصد بها فعل النظر إلى العالم أو المشاهدة . و يقصد بها حاليا بناء فكري يهدف إلى الربط بين العدد الكبير من الظواهر و القوانين فالنظرية تقوم على التحليل و التركيب ( تثبت بالحجة و الدليل ) فهي إذن تصورات تهدف إلى الربط بين المقدمة و النتائج .
إن تعريف النظرية لغة يكتنفه بعض الغموض و غياب الإجماع حول تعريف واحد و هذه الإشكالية موجودة في علم الإجتماع و السياسة .
أما إصطلاحا فهناك عدة تعريفات منها :
تعريف كينت ولتز : ” النظرية مجموعة من القوانين تعطي سلوكا خاطئا للظاهرة حيث تختلف الطريقة التي تكتشف بها القوانين و الطريقة التي تبنى بها النظرية “
تعريف فريدرك سوب : ” النظرية تقوم على المميزات التالية : – التحليل و التركيب – شمولها على ملاحظة مباشرة أو غير مباشرة – تقوم على استعمال مصطلحات لتوسيع المعنى .
و بصفة عامة فإن النظرية هي الإطار الذي يجعل الظواهر ذات أهمية أخرى , كذلك فإن النظرية تساعد في الفصل بين الأمور المهمة و غير المهمة .

المبحث الثاني : مفهوم المدخل
هو طريق الإقتراب من الظاهرة المدروسة من خلال دراسة ظاهرة ما أو هو بمثابة مفتاح للوصول إلى خلايا ظاهرة معينة ( ربط الظاهرة بمتغيرات المختلفة , إقتصادية , إجتماعية , ثقافية ) برزت فكرة المداخل في أواخر الستينات و أوائل السبعينات و كانت بمثابة رد فعل لحالات الإحباط و عدم الرضا لمداخل المنظور التنموي لدى العديد من علماء السياسة . و في نفس الوقت برزت مجموعة أخرى من المداخل و تم إحياء بعض المداخل القديمة مثل التركيز على الدولة كمتغير رئيسي في تحديد السياسات العامة و هناك أيضا مدخل الإقتصاد السياسي الدولي و الذي برز في ثمانينيات و تسعينات القرن الماضي , لتأتي بعدها المدخل النظامي و المدخل الوظيفي ومدخل الإتصالات

المبحث الثالث : أنواع المقاربات
المقاربة السلوكية
المقاربة المعتمدة على السلوكية Behaviourism لمنشئه جون برودوس واتسون John Broadus Watson. ومن أهم متبني هذا التيار العالم بورهوس فريديريك سكينر Burrhus Frederic Skinner. تعتمد هذه المقاربة في تلخيص عملية التعليم إلى شكل من التدريب الأوتوماتيكي يعتمد على الفعل و الفعل المضاد. حيث يعتقد متبعو هذا المسلك أن السلوك لا يتغير عن طريق تفاعلات داخلية أي تحدث داخل الإنسان بل تحدث كإجابة على تغير العوامل الخارجية أي المحيط أي ردة فعل المحيط أو الخارج على سلوك المتعلم. من أهم الحدسيات التي تقوم عليها هذه المقاربة:
إذا كانت ردة الفعل على سلوك معين إيجابية فإن ظهور هذا السلوك سيتكثف.
إذ كانت ردة الفعل على السلوك سلبية (عقاب مثلا) فإن ذلك يفضي إلى تناقص ظهور هذا السلوك في المستقبل القريب و لكن في المستقبل البعيد يصبح ذلك غير ذا تأثير على السلوك
إذا تم تجاهل سلوك معين من قبل المحيط فإن ذلك السلوك ينقرض.
و بناء على هذه الحدسيات (و بعضها ملاحظات من علم البيولوجيا) قام سكينر بتقديم تصور لطريقة التدريس معروفة تحت اسم programmierte Instruktion. حيث إقترح تقسيم المادة المدرسية إلى ذرات أو كوانتات معرفية أي كميات معينة من المعرفة يتم تقديمها للمتعلم بطريقة تتابعية (lineare Lernablauf) أي أنك لا يمكنك أن تقفز للباب الثاني مثلا قبل تخطيك الباب الأول. بعد كل ذرة معرفية يتم إمتحان المتعلم في حالة تجاوزه يتم مكافئةالمتعلم و يمر للذرة التي بعدها و في حالة العكس يتم تجاهل إجابته و إعادة الذرة المعرفية. و كان سكينر في الخمسينات و من الستينات من الأوائل الذين إستعملوا الكمبيوتر في التدريس حيث كان أستاذا في علم التربية و السلوك في جامعة هارفرد. و قد كان سكينر من المعارضين لطريقة الأسئلة المتعددة الإجابات (Multiple-Choice) حيث رأى أن الإجابة الخاطئة قد تعلق بالذهن في حين لم يعارض نورمان كراودر Norman Crowder ذلك.
المقاربة السيبرنيتكية
تختلف هذه المقاربة للتدريس عن المقاربة السلوكية بأنها تعتبر المعلم و المتعلم كنظامين أو منظومتين و تعتبر التدريس تبادلا للمعلومات بين هذين المنظومتين. و تحتل بعض المفاهيم السيبرنيتيكية دورا محوريا في هذه المقاربة كمفهوم التوصيل الدائري ورد الفعل و القياس و الإستشعار. تعود هذه المقاربة إلى نظرة تبني على أعمال و بحوث كلود شانون في مجال نظرية المعلومات و النجاحات التي حققتها, إلا أن بعض النتائج التجريبية و نتائج من العلوم البيولوجية و العصبية تشير إلى حدود هذه المقاربة. إجمالا تبقى المقاربة السيبرنيتكية مقاربة تأخذ ديناميكية التدريس و كون النظام مفتوح بعين الإعتبار. كما أنه هناك بعض الحدسيات التي تقوم عليها هذه المقاربة ترجع جلها إلى العلم الأصل السيبرنيتك كحدسية التقوية و الإضعاف الذاتي و العكسي و حدسية الإنفتاح وحدسية الإقتصاد.
المقاربة الإدراكية
تقوم على نظرة إدراكية Kognitiv للتدريس. تولي داخلية المتعلم أهمية و لا تهمشها وتعتبر قدرة الإنسان الإدراكية فعلا موجبا active و ليس فعلا سالبا passive. ترى هذه المقاربة الدرس مقسما إلى ثلاثة أجزاء:
جزء deklarativ
جزء طرائقي prozedural
وجزء متعلق بالمعلومة نفسها
منذ السبعينات إنتشرت هذه الرؤية و فرضت نفسها و تم في الثمانينات إدخالها في نماذج تعليمية.
مقاربة حالية
ظلت المقاربة الإدراكية الباراديغم الأكثر إنتشارا حتى نهاية الثمانينات. ثم جاءت المقاربة الحالية لتعيب عليها عدم مراعاتها لمشاعر المتعلم و الحالة التي يتم فيها التعلم. لعل أهم الفروق بينهما هي ما يلي:في المقاربة الإدراكية يكون التدريس خارج عن سياق في الإدراكية يكون في وسط سياق معين..المعرفة في المقاربة الإدراكية يقابلها الإمكانية أو القدرة في المقاربة الحالية
مفهوم المشكلة أو المسألة يقابله مفهوم الأنشطة,, مفهوم التعريف يقابله مفهوم الحدود
مفهوم حل المسألة يقابله مفهوم تخطي تعارضات ظاهرية

الفصل الثاني: المراحل التي مرت بها السياسة المقارنة
المبحث الأول
مرحلة الحكومات المقارنة : وهي تلك المرحلة التي عرفت بالمرحلة التقليدية أو ما قبل السلوكية و التي استمرت من أواخر القرن 19 حتى عشرينيات القرن 20 . و قد تميزت بالتركيز على الدولة و مؤسساتها و دستورها و نظامها القانوني على أساس أن علم السياسة هو علم الدولة و أن الدولة هي الفاعل السياسي الوحيد داخليا و خارجيا . هذا بالإضافة إلى التركيز على نوعية مخصوصة من الدول كدول غرب أوروبا و الإتحاد السوفياتي و الو.م.أ و قدحملت معظم المؤلفات في حقل السياسة المقارنة في تلك المرحلة لفظ الحكومة أو الحكومات .
المبحث الثاني :
مرحلة السياسة المقارنة : و هي المرحلة التي بدأت مع إعادة تعريف علم السياسة و إنتقاله من علم الدولة إلى علم القوة أو السلطة في مرحلة التحول من المنظور التقليدي إلى المنظور السلوكي حيث أصبح حقل السياسة المقارنة لا يقف عند حدود الحكومات بل يقارن بين العمليات السياسية داخل الدولة و عبر الدول . فبعد أن أصبحت السياسة كما عرفها – هارولد لاسويل – هي ” من ؟ يأخذ ماذا ؟ متى ؟ كيف ؟ ” أضحى الإهتمام منصبا على تحليل عملية توزيع القيم من قوة و سلطة و ثروة و نفوذ .

و بذلك أثير الإهتمام بالسلوك في عملية التوزيع و إعادة التوزيع و أصبحت المقارنة تركز على الإنتظامات و الإختلافات في السلوك بين النظم السياسية و مكوناتها سعيا للوصول إلى قوانين للتفسير و لم تعددراسة السياسة المقارنة تقف عند حدود المؤسسات الرئيسية الثلاث بالإضافة إلى علاقة الأحزاب بها و إنما تجاوزت ذلك لدراسة الثقافة و البيئة الإجتماعية و التاريخ و القيادة والسلوك الفردي و التعبير عن الرأي و التصويت والقيم و معايير السلوك و أصبحت المقارنة تتم بين النظم .

– تحديد دلالة مفهوم المقارنة في دراسة الظواهر السياسية : تختلف تعريفات مفهوم المقارنة وتتنوع غير أنها تكاد تنطلق جميعها من تراث جون ستوارت ميل الذي عرفها بأنها ” دراسة ظواهر متشابهة أو متناظرة في مجتمعات مختلفة أو هي التحليل المنظم للإختلافات في موضوع أو أكثر عبر مجتمعين أو أكثر ” . و قد مثل هذا التعريف محورا أو بؤرة تدور حولها مجمل تعريفات المقارنة في مختلف العلوم الإجتماعية على أساس أنها فحص مستمر للتشابهات و الاختلافات . يقوم على افتراض وجود قدر من التشابه و الاختلاف بين الوحدات موضوع المقارنة فلا يمكن مقارنة وحدات متماثلة تماما أو مختلفة تماما .

و تعد المقارنة بالنسبة للعلوم الاجتماعية جزءا أساسيا من البحث العلمي بل هي بؤرة و جوهر المنهج العلمي على حد تعبير – أليكس دي توكهيل – و عندما ارتبط مفهوم المقارنة بالسياسة مكونا نسبة لغوية من صفة و موصوف ظلت الصفة واحدة وتعدد الموصوف فظهرت مفاهيم الحكومات المقارنة و السياسة المقارنة و المنهج المقارن والتحليل المقارن و قد دار الحوار حول حدود الخلاف و الاتفاق بين هذه المفاهيم و طبيعة العلاقة بينها و هل هي مترادفات أم بينها خلاف ؟ فهناك من رأى بأن المفهومين الأولين ( الحكومة المقارنة و السياسة المقارنة ) يعبران عن حقيقة واحدة و الآخرين كذلك و أن جميعها يمكن استعابها ضمن مفهوم السياسة المقارنة مناسبأكثر لدراسة الدولة و مؤسساتها و وظائفها و ارتباطها بالجماعات الأخرى كالأحزاب و جماعات المصالح . بينما يشير مفهوم السياسة المقارنة إلى مجال أوسع يتضمن الحكومات و السياسات الأخرى غير المرتبطة بالدولة مثل المجتمعات القبلية و المنظمات الخاصة … إلخ
الفصل الثالث
المبحث الأول :مقاربات دافيد استون ( المدخل النظمي )

يعتبر دافيد استون من أول العلماء السياسيين الذين حاولوا استعمال مفهوم النظام في الدراسات السيسية ويعرف استون النظام السياسي بأنه ” تلك الظواهر التي تكون في مجموعها نظاما هو في الحقيقة جزء من مجموع النظام الاجتماعي و لكنه تفرع عنه بقصد البحث و التحليل ” إذ يرى استون ضرورة استعمال مفهوم النظام كأداة تحليلية لتحديد الأنماط و العلاقات المترابطة و المتداخلة الموجودة في

يقوم تحليل استون للنظام على أربعة مفاهيم أو أسس رئيسية :
1- النظام :إنه من المفيد أن ننظر إلى الحياةالسياسية على أنها نظام سلوكيأو نظام من السلوك .
2- البيئة المحيطة :إنه من الممكن التفريق بين النظام و بين البيئة التي يعيش فيها يتأثر بها و يؤثر فيها .
3- الإستجابة : إن اختلاف و تعدد البنى و العمليات داخل أي نظام يمكن تفسيرها بأنها مجموعة من الأنشطة التي يقوم بها النظام من خلال استجابته و مواجهته لمجموع المطالب و الضغوط التي قد يتعرض لها من البيئة المحيطة أو من داخله .
4- الاسترجاع ( التغذية العكسية ) :إن قدرة النظام على الاستمرار في مواجهته للضغوط التي يتعرض لها تتأثر بوجود و بفعالية المعلومات و المؤثرات التي تأتي إلى صانعي القرار السياسي من البيئة المحيطة .

ومن هنا حدد استون وظائف النظام السياسي حيث يفترض أن كل الأنظمة تقوم بأنشطة و عمليات سياسية و قد تختلف من نظام و آخر باختلاف المكان و الزمان وهما :

– قدرته على اتخاذ القرارات الملائمة و تنفيذها على نطاق المجتمع
– الزام المواطنين على قبول تلك القرارات و يكون ذلك بالقوةأو الشعور بشرعية تلك القرارات .
* من دون هاتين الوظيفتين لايمكن القول بوجود حياة سياسية في أي مجتمع و عندما تعجز هاتين الوظيفتين عن القيام بدوريهما نتيجة لضغط القوى على انظام و يصبح غير قادر على اتخاذ القرارات سيؤدي ذلك حتما إلى اندثار النظام لكن هذه الفكرة تبقى نظرية لأن النظام مهما واجه من صعوبات فيمكنه الاستمرار و هذا راجع لقدرته على التأقلم و الاستجابة للتأثيرات و اتخاذ القرارات اللازمة .
* يتكون نموذج دافيد استون في تحليل النظام السياسي من العناصر التالية :
1- المدخلات :و تشكل مجموع الضغوط و التأثيرات التي ترد للنظام السياسي و تدفعه للحركية والنشاط تنبع من بيئته المحيطة و تكمن أهميتها في معرفة الأحداث و الظروف البيئية التي تحيط بالنظام السياسي و بدونها سيكون من الصعب التصور الدقيق للوضع الذي تكون عليه قطاعات المجتمع و تنقسم المدخلات إلى نوعين :

أ – المطالب :و هي ما يتقدم به الأفراد من مطالب تتضمن حاجاتهم التي يتقدمون بها إلى النظام السياسي

من أجل قيامه بوظيفته في اصدار القرارات الإلزامية إلى المجتمع و نظرا لكثرة المطالب فلا بد أن تكون هناك قنوات مهمتها توضيح و ايصال تلك المطالب إلى النظام السياسي و تحقيق هذه المطالب يعتمد أساسا على قوة تأثير كل فئة في المجتمع و ليس الحاجة الحقيقية للمطالب لأن النظام السياسي لا يستطيع تلبية كل المطالب لكثرتها .

ب- المساندة :يرى استون أن عنصر التأييد يتكون من نوعين : تأييد محدد و تأييد كامن أو عام .

المساندة تشكل حجم الولاء الذي قد يحظى به النظام السياسي لأن استمرارية أي نظام متعلقة بمتغير التأييد و الولاء فكلما نقص حجم التأييد ذهبت مكانة النظام .

2- المخرجات :تمثل إستجابة النظام للمطالب السياسية أو القرارات المتعلقة بتوزيع السلطة للموارد و قد تكون ايجابية أو سلبية أو رمزية .

المبحث الثاني :المدخل الوظيفي – غابريال آلموند – يعتبر غابريال آلموند أكثر العلماء السياسيين تعمقا في دراسة المدخل الوظيفي و استعماله كإطار لدراسة و مقارنة النظم السياسية المختلفة ويعرف النظام السياسي بأنه ذلك النظام من التفاعلات الذي يوجد داخل جميع المجتمعات و الذي يقوم بوظيفة التكيف و التوحيد داخليا فالنظام السياسي إذن هو المسؤول الشرعي عن المحافظة أو التغيير الجذري للعلاقات الموجودة في المجتمع و يتميز النظام بخصائص معينة :

1- الشمول :النظام السياسي يشتمل على جميع التفاعلات سواء من جانب المدخلات أو المخرجات و التي قد تؤثر على استخدام القسر المادي أو إمكانية استخدام النتائج التي تترتب عن ذلك و لهذا فالنظام السياسي يحتوي على البنى الرسمية و البنى غير الرسمية .

2- الإعتماد المتبادل : أي أن أي تغيير يحدث في أحد مكونات النظام يؤثر و يحدث تغييرات في مكوناته الأخرى فالعمليات السياسية الفرعية تؤثر في الظواهر الفرعية الأخرى مثلا : الإنتخابات قد تغير في وظائف السلطات الثلاث .

3- وجود حدود للنظام السياسي : أي أنه توجد نقاط تنتهي عندها النظم الأخرى و يبدأ منها النظام السياسي .

– يقوم تحديد آلموند للنظام السياسي على إفتراض أن جميع النظم السياسية تشترك في خواص وهي :

· جميع النظم مهما بلغت درجة سلطتها لها بنى سياسية .

· إن نفس الوظائف يتم أداؤها في جميع النظم السياسية و قد يتم أداؤها بدرجات متفاوتة و عن طريق بنى مختلفة .

· جميع البنى السياسية مهما بلغت درجة تخصصها و سواء وجدت في مجتمعات متمدنة أو بدائية تقوم بوظائف متعددة .

بناء على هذه الخواص حدد آلموند و ظائف النظام السياسي و قسمها إلى نوعين :
أ – وظائف المدخلات :يرى أنه توجد أربع و ظائف سياسية يجب أن يقوم بها أي نظام و هذه الوظائف هي :
1 – التنشئة السياسية و التوظيف : تقوم التنشئة السياسية بنقل الثقافة السياسية من جيل لآخر أو نشر ثقافة جديدة . في حين يقوم التوظيف بتدريب القادة السياسيين .
2- توضيح المصالح : و نعني بها تحديد المطالب و نقلها من المجتمع إلى صانع القرار السياسي .

3- تجميع المصالح : و تعني غربلة و تنظيم المطالب حتى يمكن للنظام السياسي أن يواجهها و يتخذ القرارات اتجاهها .
4- الاتصالات السياسية : الاتصال بين عناصر النظام أو بين النظام و بيئته المحيطة .
ب – وظائف المخرجات :و يميز هنا بين ثلاث أنواع من الوظائف :
1 – تشريع القانون .
2 – تنفيذ القانون .
3 – القضاء بالقانون
هناك وظيفة مشتركة وهي الاتصالات السياسية فهي التي يتم بها انجاز بقية الوظائف في جانبي المدخلات و المخرجات .
المبحث الثالث : مدخل الاتصالات – كارل داتش – :

يستمد مدخل الاتصالات أفكاره ومفاهيمه الأساسية من العلوم السبرنطاقية و هي التي تهتم بدراسة الاتصالات و السيطرة في جميع المنظمات و كنتيجة للتطورات التي حدثت في هندسة الاتصالات زاد اهتمام بعض العلماء بمحاولة تطبيقها على الظواهر الاجتماعية .

يعتبر – كارل داتش – المنظر الرئيسي لمدخل الاتصالات في علم السياسة وهو يرى أن علم الاتصالات يمثل تحولا في اهتمامات الباحثين نمو فكرة القيادة و التوجيه و من ناحية أخرى فإن كارل داتش يعتقد أن الاتصالات أي القدرة على نقل الرسائل و الاستجابة لها هي التي تصنع المنظمات و أن أي تحليل دقيق للنظم السياسية يجب أن يؤخذ اعتباره دور عملية الاتصالات .

– إن أهمية هذا المدخل تبرز في قدرته على وصف وتفسير سلوك النظام السياسي أي أن الاتصالات حيوية في تطبيق و تأكيد سيطرة الانسان على بيئته .

– إن هذا المدخل يوضح أنه من خلال عملية الاتصالات يتم استقبال المدخلات و اتخاذ القرارات حيالها و تحويلها إلى مخرجات .

– من خلال عملية الاتصالات يرتبط النظام السياسي ببيئته المحيطة و يواجه مطالبها فالنظام يستقبل الرسائل باستمرار و يجب أن يكون قادرا على قراءتها و الاستجابة لها .

يقول العالم السياسي – نورث روبرت – ” بدون اتصالات لا يمكن أن توجد السياسة و لا يمكن محاربة الحروب “

– يفترض مدخل الاتصالات أن سلوك وتفاعلات النظم السياسية يمكن تحليلها بطريقة أفضل باستخدام مفهوم الاتصالات و لتحقيق ذلك يستخدم مدخل الاتصالات مجموعة من المفاهيم الأساسية وهي :

1- المعلومات : الاتصالات تقوم بنقل و تحويل معلومات وهي الوحدة الأساسية للتحليل – المعلومات هي مايتدفق خلال قنوات الاتصال و يتم استقبالها و تحليلها و الاستجابة لها – .

2- الحمل : النظام السياسي يستقبل معلومات حول البيئة و التغيرات التي تحدث فيها و التي قد تؤثر على أهداف النظام وغاياته . ” الحمل معناه الضغوط على النظام ” .

3- فترة الابطاء : هي الفترة ما بين استقبال المعلومات و بين الاستجابة لها . ” كلما كانت فترة الابطاء كبيرة كان النظام أقل قدرة على مواجهة مطالب البيئة ” .

4- الاسترجاع ( التغذية العكسية ) : و يقصد بها المعلومات التي يستقبلها النظام السياسي حول مدى نجاح قراراته و استجابته و ردود الأفعال و هذه العملية تمكن النظام من إمكانية القيام بتعديلات في سلوكياته وقراراته .

– مما سبق فإن كارل داتش يرى أن أهم خاصية للنظام السياسي هي قدرته على مواكبة البيئة المتغيرة من خلال عملية الابتكار .

– مدخل الاتصالات يعتبر النظام الساكن ليس لديه فرص في البقاء و الاستمرار .

– يرى داتش أن عددا كبيرا من المداخل النظرية في علم السياسة ركزت على مفهوم القوة بينما مدخل الاتصالات يركز على التعلم و قدرة النظام على تغيير أنماط سلوكه و مؤسساته الأساسية .
الفصل الرابع : تقييم المداخل الثلاث

المبحث الأول : المدخل النظامي ( دافيد إيستون ) :

يقدم المدخل النظامي عدد من المميزات لعلم السياسة و من أهم هذه المميزات :

1)- أنه عام بدرجة يمكن إدخال عدد كبير من المتغيرات عند تفسير المخرجات و القرارات السياسية .

2)- إيستون لم يحدد بدقة كافية العناصر و العلاقات الموجودة داخل النظام السياسي فإنه ( النظام السياسي ) قد يشير إلى أية هيئة , حكومة , ديمقراطية , أوستقراطية , إتحادية أو موحدة , برلمانية أو رئاسية , ذلك لأن إيستون وضع مفاهيمه الأساسية لهذه العلاقات على أعلى درجة من التجديد و العمومية , و أصبح من الممكن تطبيقها على عدد أكبر من المجتمعات و النظم السياسية .

* هذه العناصر أوجدت نقاط ضعف أساسية و أدت إلى توجيه النقد لهذا المدخل و من عدة جوانب :
1- إن وضع المفاهيم الأساسية لهذا المدخل على درجة عالية من التجريد و العمومية , أدى إلى أنه من الصعب إيجاد تعريفات محددة لهذه المفاهيم و أدى إلى عدم إمكانية اختيار الفرضيات الأساسية التي يقدمها المدخل .
=< إيستون يقول أنه إذا لم تتم مواجهة الضغوط على النظام السياسي و الناتجة عن المطالب ستؤدي إلى انهيار ذلك النظام .

2- إن اهتمام إيستون ببقاء و ديمومة النظام السياسي جعلته يغفل جانب الأهداف الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية للنظام , أي كيفية توزيع القيم في المجتمع . فتحليل إيستون يركز أساسا على المساهمة التي يمكن أن يقدمها الأفراد في أدوارهم المختلفة نحو نحو بقاء النظام و استمراريته , و يعتبر أن الصراع و الخلاف يمثلان تهديدا لديمومة و استمرارية النظام السياسي .

– رغم هذه العيوب فإن حقيقة أساسية و هامة تفرض نفسها و هي أن المدخل النظامي وجّه انتباه المجال السياسي إلى العلاقات المتشابكة و المعقدة بين الحياة السياسية و النظام الإجتماعي العام .
المبحث الثاني : المدخل الوظيفي ( غابريال ألموند ) :

1)- ألموند لم يبين لماذا أو كيف تم اختيار هذه الوظائف بالذات على أنها الوظائف الأساسية التي يجب أن يقوم بها النظام السياسي لكي لاينهار . و لم يوضح ما إذا كان وجود هذه الوظائف ضروريا و كافيا لديمومة النظام السياسي أم أنها ضرورية و لكنها غير كافية .

2)- إن فرضية ألموند الأساسية قد ضيعت بطريقة أصبح من غيرالممكن اختبارها عمليا لإثبات عدم وجودها ينفيها فمثلا قوله أنه يحب أداء بعض الوظائف الضرورية لكي لا ينهار النظام , عندما نقوم بدراسة نظام معين فهذا يعني أنه موجود و أنه هناك تقوم بأداء مختلف الوظائف الموجود .

المبحث الثالث : مدخل الإتصالات ( كارل داتش ) :

هذا المدخل ينظر للنظام السياسي على أنه منظمة أو مجموعة من المنظمات الذي يعتمد على المعلومات . حول بيئتها في عملية اتخاذ القرار ثم يقوم بتعديل قراراته وفقا للمعلومات و ذلك عن طريق عملية الإسترجاع.
1)- يقر أنصار هذا مدخل الإتصالات بصفة عامة بأن هذا المدخل يركز فقط على أحد أبعاد و جوانب النظام السياسي .
2)- لهذا النظام قدرة على إيجاد فرضيات و تعميمات و تفسيرات للنظام السياسي و يتوقف ذلك إلى حد كبير على قدرته على قياس الإتصالات , و تسمح بتطوير فرضيات مفيدة تربط بين متغيرات النظام السياسي .
و من الواضح فإن المناقشة تدور في حلقة مفرغة و لا يمكن اخضاعها للتمحيص و البحث العالمي .
المشكلة الأساسية التي تواجه كلا النظامين هي عدم وجود تعريفات عملية و إجرائية محددة واضحة للمفاهيم الأساسية مثل : ديمومة , بقاء , استمرارية النظام السياسي .

التحليل السياسي

تخصص السياسة المقارنة

من إعداد / عكروم ليندة

إن جوهر المنهج العلمي “المقارنة”، فهي بمثابة الدراسة التجريبية في العلوم الطبيعية لدقتها في رصد التحولات للظواهر موضع الدراسة، وهذا ما أعطى للعلوم الاجتماعية الدافعية للانتقال من مستوى التوصيف إلى مستوى التحليل والتفسير على مستوى فروعها. هذا التميز نقلة النوعية في مستوى البحث جعلت حقل العلوم السياسية يكتسب هذه المعايير البحثية، حيث نشأت مدارس تعددت بتعدد الرؤى لمجال الدراسة من جهة وطبيعة المنهج وتطبيقاته من جهة أخرى.

باعتبار العلوم السياسية تتميز بتفرعاتها المختلفة كالسياسة المقارنة وغيرها من الفروع الأخرى، جسدت تراكما معرفيا من خلال تراثها المعرفي والبحثي. لذا فالسياسة المقارنة تكمن أهميتها في رصد أوجه التشابه والاختلاف بين الظواهر السياسية، عبر الزمان أو المكان، من أجل التوصل لقواعد يمكن تعميمها. كما تسمح السياسة المقارنة بتوفير مرجعية من خلال محاورها النظرية والمنهجية، والمفاهيمية.

غير أن طبيعة الظاهرة السياسية غير المستقرة والمعقدة دفع الباحثين لبناء أطر نظرية لمقارنة ذلك الواقع. ولتبرير اختيار هذا الموضوع الذي يبحث عن المقاربات الجديدة في السياسة المقارنة، تدريبا على التمكن من الإطار النظري للدراسات السياسية خاصة، وأنها تتعلق بتخصصنا الجامعي “السياسة المقارنة”.

بالإضافة إلى محاولتنا للتعرف على الخبرات المختلفة لدراسات السياسة المقارنة بعدد مادتها، ومنهجيتها ومستويات تحليلها، وكيفية التعرف على الأطر المنهجية للمقاربات في التعرف على جوانب الشبه والاختلاف بينهما.

ولأجل هذا نطرح الإشكالية التالية:

هل مقاربات السياسة المقارنة قادرة على تحقيق نظرية عامة في تفسير وتحليل ظواهرها؟ وما هي مستويات التحليل في مقاربات السياسة المقارنة؟

1- لماذا تراجعت المقاربات التقليدية في مقابل المقاربات الجديدة؟

2- هل التحولات التي عرفها حقل السياسة المقارنة تنسجم مع واقع الظواهر السياسية؟

3- ما هي مستويات تحليل وتفسير الظواهر السياسية في مقاربات السياسات المقارنة؟

وللإجابة على ذلك نقترح الفرضيات التالية:

  • الفرضية المركزية:

ترجع القدرة التفسيرية والتحليلية لمقاربات السياسة المقارنة الجديدة لطبيعة بنيتها المنهجية

والموضوعية.

  • الفرضيات الفرعية:

1-      تراجعت القدرة التفسيرية للمقاربات التقليدية بسبب تحولات الواقع الدولي الجديدة.

2-      ترجع القدرة التفسيرية للمقاربات الجديدة لدقتها العلمية.

3-      مقاربات السياسة المقارنة هي مداخل منهجية لدراسة الظواهر السياسية.

أما الإطار المنهجي لهذه الدراسة يتمثل في اعتمادنا على المنهج المقارن ومنهج دراسة الحالة، انطلاقاً من هدف الدراسة وبناءً على الإشكالية واعتمادا على الفرضيات والمنهج المقارن: بمبرر طبيعة الدراسة التي تقتضي منا المقارنة بين متغيرات ومؤشرات، وأبعاد البنية المعرفية لمقاربات السياسة المقارنة. وللتعرف على وحدة التحليل الأساسية وجوهر الارتكاز للمداخل النظرية. ومنهج دراسة الحالة للتعمق في معرفة تجربة النظم السياسية العربية استدلالا بالإطار النظري المتمثل في مقاربات ومداخل السياسة المقارنة المناسبة لدراستها والتعرف على مدى قدرتها التفسيرية والتحليلية.

ولتفصيل الدراسة، تم تقسيمها لأربعة محاور رئيسية، تتناول في المحور الأول أهم المفاهيم التي نتعرض لها بالدراسة في موضوعنا هذا، وهي السياسة المقارنة وأدبياتها المفاهيمية (كحقل معرفي، كمنهج، كأسلوب، كدراسة، المقارنة، النظم السياسية…).  وفي المحور الثاني، ارتأينا أنه لا يمكن فهم المقاربات الجديدة إلا بفهم المقاربات التقليدية، وهذا مبرراً لتطبيق منهج المقارنة، والتعرف على الخلفية الحقيقية للمقاربات الجديدة

ومكامن الضعف في التقليدية التي استدعت ظهور المقاربات الجديدة. والمحور الثالث تتناول فيه أهمية التحولات المعرفية والواقعية المؤثرة على السياسة المقارنة، والتي كانت الحد الفاصل في التغير من منطق تقليدي إلى منطق جديد. وفي المحور الرابع نركز على أهم المقاربات الجديدة وتحليل أدواتها التحليلية وموضوعها، منهجيتها واتجاهاتها الفكرية.

مقدمة:

المحور الأول: الإطار المفاهيمي للدراسة.

المحور الثاني: تحليل المقاربات التقليدية في السياسة المقارنة.

المحور الثالث: التحولات المعرفية والواقعية للسياسة المقارنة.

المحور الرابع: تحليل المقاربات الجديدة في السياسة المقارنة.

الخاتمة

لتحميل الملف كاملاً: المقاربات الجديدة في السياسة المقارنة

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى