دراسات سياسية

المنافسة الإلكترونية في المشاركة السياسية: دراسة حالة الجزائر منذ 2008

مقال لرئيس المجلس العلمي بكلية العلوم السياسية  جامعة قسنطينة 3 – الجزائر، الدكتور عبداللطيف بوروبــــــــــــــــي بالعدد الأول من مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية ص 9 تحت عنوان المنافسة الإلكترونية في المشاركة السياسية: دراسة حالة الجزائر منذ 2008 

ملخص:

تعتبر المشاركة السياسية شكل من أشكال العمل السياسي المتميز في تحليل النظم السياسية المقارنة و الذي قد تختلف من نظام سياسي إلى أخر، فهي وسيلة لتفعيل المشاركة الشعبية في العمل السياسي وتطوير الديمقراطية التشاركية ،فثمة حاجة إلى مراجعة محدداتها في ظل الثورة التكنولوجيا والمعلوماتية التي تعيشها الوحدات السياسية خاصة، سواء من حيث أسلوب تطورها،ومواضيعها الجديدة المختلفة ،والمناهج العلمية التي تفسر في ظلها بالتركيز على دراسة حالة الجزائر ومقارنتها مع حالات أخرى إن أمكن.

إن أهمية المشاركة السياسية كمحرك لأي إصلاح داخل المجتمع الجزائري،تظهر في المنافسة السياسية في وضع السياسات العامة،والقدرة على التعبئة ،وفي تحديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم،ومدى مساهمة المواطن في صناعة القرار تجعل من المنافسة في المشاركة السياسية مبدأ أساسي من مبادئ الديمقراطية وكتعبير عن رأي المواطن الجزائري سواء كفاعل حكومي أو غير حكومي حيث أهمية  المجتمع المدني.

تبرز الأبعاد المختلفة للمشاركة السياسية في محددات داخلية حيث العلاقة بين المواطنة ، والأنماط الانتخابية كمتغيرات مكونة لهذا المركب والمتمثل في النظام السياسي الجزائري، وتحديد المقتضيات الدولية التي تتفاعل في ظلها هذه ،حيث المقاربة التفسيرية تكون على أساس ماكرو سوسيولوجي بالربط بين  المحددات الداخلية والمقتضيات الدولية في تحليل هذا النظام.

إن المنافسة في المشاركة السياسية في الجزائر ترتبط بأهمية دور تكنولوجيا الإعلام و الإتصال والمشاركة الإلكترونية للجزائري و دور القانون،و السلطة التنفيذية ،التي في علاقة مركبة تحدد شكل الانتقال من نمط سياسي وإداري إلى أخر. فالبحث عن تطويرها يكون بالبحث عن كيفية  تحديد وتفعيل المشاركة السياسية الشعبية بالمزاوجة لدور الفاعل الحكومي و غير حكومي بلا انتخاب في الجزائر، فأهمية الديمقراطية الجماهيرية يجب أن تواكب نمط تفكير الجزائري من خلال التوجه والتركيز على تجسيد ثقافة سياسية واعية لا تكون حسب رأينا إلا من خلال تقريب الإدارة من المواطن.

مقدمة: تعتبر الجزائر بموقعها الجغرافي دولة ذات أهمية جيوبوليتيكية محورية في إفريقيا ،لما لها من عمق إستراتيجي لتغير موازين القوى الإقليمية،تجعل الحاجة إلى تفسير و فهم العوامل والمتغيرات الداخلية والمقتضيات الدولية المفسرة لهذه الأهمية ملحة،كمدخلات لدراسة الإصلاحات داخل النظام السياسي الجزائري وفق أسس نظرية جديدة مقترحة بالتركيز على التحليل ماكرو- سوسيولوجي أين تتقاطع الظواهر المختلفة المترابطة الإجتماعية ،والسياسية،والاقتصادية،والأمنية المشكلة والمؤثرة على تفسير ونقد الظاهرة السياسية المدروسة.

جعلت مجموعة من الدوافع الجزائر تتبنى خيار المشاركة السياسية المفتوحة منذ 1989 للجميع، تجلت  هذه التغيرات في الجانب المؤسساتي في التحول من الأحادية الحزبية إلى التعددية السياسية، كتوجه نظري لانفتاح أكثر في الممارسة الديمقراطية عما كان سابقا،سواء المتعلق بالسياسية الداخلية أو السياسة الخارجية، فهي أسباب من نتائجها تراجع لبعض المتغيرات والعوامل السياسية الداخلية. إذ نتيجة لظهور مشاكل ناجمة عن العجز في استمرار الاعتماد على النهج الاشتراكي  القائم على التفكير بمنطق واحد هو الدولة الحارسة في حل المشاكل التي يعيشها المواطن الجزائري ،مع الرغبة الملحة إلى تطوير الخدمة بالنظر للتطور الحاصل في معظم دول العالم ،وأخرى خارجية كما هو حاصل مع مرحلة العولمة و الثورة التكنولوجيا في مجالي الإعلام والاتصال،وتطور شبكات الأنترنت وظهور المشاركة الإلكترونية ،ظهرت الحاجة إلى مراجعة مفهوم المشاركة السياسية باقتراح نمط جديد من العلاقة بين المواطن وصانع القرار في النظام السياسي الجزائري .

الإشكالية:

عرفت الجزائر عملية إصلاحية سياسية منذ 1989 بتبنيها التعددية السياسية كفلسفة تنظيمية للمجتمع، حيث عرفت فترة التسعينيات من القرن الماضي تجربة نحو التحول الديمقراطي دامية،رغم أنها تفسر على أنها مكون أساسي مكنها من تجاوز الحراك الذي عرفته بعض الدول العربية منذ 2011 فيما بعد ،مما جعل البحث عن هذا الاستثناء هو جوهر دراستنا وأسلوب جديد لفهم  طبيعة النظام السياسي الجزائري الذي استمر ولم يعرف اضطرابات كما حدث مع دول الجوار ،حيث أهمية تفسير المشاركة السياسية الشعبية ،من خلال شعبية المشاركة بالاعتماد على المنافسة الإلكترونية كمتغير تفسيري للوصول إلى مشروع المواطن الإلكتروني.

تكمن أهمية الربط بين العوامل من موقع جغرافي،وتركيبة السكان،والمناخ،والموارد الطبيعية ،والمتغيرات من ثورة تكنولوجية ومعلوماتية التي تعرفها الجزائر منذ سنة 2000،في تصاعد أهمية المشاركة السياسية الإلكترونية والمنافسة فيها وأهمية استطلاع الرأي والتحليل الإحصائي،وموجة التحول الديمقراطي ، وحداثة التجربة أين تبرز أهمية التحرر والحاجة إلى تعددية سياسية ، وتراجع النمط التقليدي والمرتبط  بالمنافسة من خلال الديمقراطية المباشرة أين التركيز على يوم الاقتراع ،إلى تواصل مستمر بين الفواعل المشكلة للساحة السياسية سواء من حيث المعارضة أو السلطة.

أهداف الدراسة: نهدف  من هذه الدراسة تحديد وتوحيد آليات المشاركة السياسية في الجزائر منذ سنة   2008  من خلال مشروع المواطن الإلكتروني،بتقديم مقاربة ماكرو-سوسيولوجية تشمل كل جوانب الظاهرة في  دراسة النظام السياسي الجزائري،بهدف بلورة تحليل مشترك يقوم على انه عندما ننتخب لا ننتخب شخص وإنما سلطة تقوم مهامها على مدى مشاركتنا في انتخابها كأساس للمشروعية ،وذلك وفق تصورات مرجوة هي :                                                                  

-يعتبر شكل الدولة الجزائرية الحالي وإشكالية مشروعية السلطة في إطار قطري،تصور افضى إلى محاولة فهم عدم حدوث حراك من جديد،هذا عكس على مستوى بعض الأنظمة السياسية المجاورة(تونس،ومصر،وليبيا)،إلى صياغة تفاسير جديدة ومراجعة ما سبق حول المحددات الداخلية المتحكمة فيها ،وفهم المقتضيات الدولية الحالية على مستوى المواضيع و المناهج العلمية المهتمة بالمجال السياسي،في ظل البحث على الكيفية العلمية الأنجع لفهم الظاهرة المشاركة السياسية  بدراسة حالة النظام السياسي الجزائري العربي كنظام ذو خصوصية ،حيث الديمقراطية الجماهيرية كقيمة مضافة لهذه التجربة من خلال تفعيل المنافسة الإلكترونية في العمل السياسي. 

– توجهت الجزائر منذ سنة 2000 نحو تبني إستراتيجية قائمة على تطوير وسائل الإعلام والاتصال التكنولوجية والمشاركة  السياسية الإلكترونية ،بمواكبة مختلف التطورات الحاصلة في هذا المجال ،وذلك من خلال ترقية وظائف مؤسساتها الحكومية الرسمية ،وتحسين الخدمة العمومية وتجاوز الفلسفة التنظيمية التقليدية  القائمة على التجهيزات اليدوية في تقديم الخدمة العمومية. لكن الرغبة في تجسيد آلية من آليات الحكم الراشد والمتمثلة في تحسين الخدمة العمومية على مستوى الأداء، والحوكمة الإلكترونية المحلية ،يغيب عنها شق مهم وهو إشراك الفواعل غير حكومية في تلك الأهداف من خلال تكريس مبدأ الشفافية ،والمحاسبة ،والرقابة من زاوية كمية لقياس مقارن لماهية المنافسة في المشاركة السياسية  بالاعتماد على مؤشر المشاركة الإلكترونية في العمل السياسي الجماهيري.

– تركيزنا على التحليل الكلي أين تتقاطع الظواهر السياسية ،كنتيجة لموجات التحول نحو الديمقراطية وما تبعها من تطور للمجتمع الجزائري من التركيبة البسيطة إلى التركيبة المعقدة في المطالبة بالمزيد من الانفتاح والحرية والمشاركة في صناعة القرار، وحقوق الإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة. 

–  نسعى إلى تقديم تحليل سياسي مركب ماكرو-سوسيولوجي بالتطرق إلى المجال الإجتماعي، والإقتصادي ،والأمني  بمقاربة سياسية من منطلق تطبيق إستراتجية مقابل بمقابل أين طرفي العلاقة فائز- فائز في العلاقات البينية للفواعل الحكومية وغير حكومية  داخل النظام السياسي الجزائري، حيث لدور كل من الفواعل الحكومية وغير الحكومية في تفعيل التداول الديمقراطي على السلطة والمشاركة السياسية  في رسم وصناعة القرار السياسي الرسمي.

فرضيات الدراسة:يمكن للثورة التكنولوجيا والمعلوماتية  ومؤشر المشاركة الإلكترونية التي تعرفها الجزائر منذ 2008 في العملية السياسية  كآلية لتفعيل الحكم الراشد ،أن تعمل كدافع قوي لتغير الأساليب التنظيمية التقليدية في عملية المنافسة في إطارها المطلق والتي تظهر بشكل جلي في الربط بين النظام الإنتخابي وعملية الإنتخاب بمستوياتها المختلفة سواء المحلية أو الوطنية،فالعمل على ضبط تلك المشاركة يمكن أن تفعل دور المواطن ،ومؤسسات المجتمع المدني،والتي تمكنهم من الحصول على المعلومة وتغير مفهوم المشاركة السياسية من خلال بروز تصور إيجابي للعملية قائم على السرعة ،والدقة ،وقلة التكلفة في الحصول على المعلومة والمساهمة في صناعة القرار السياسي.

تحدد بالاستعانة  بتركيبة الفرضية البديلة hypothesis 1 (h1)  تقوم على إثبات العلاقة بين المتغيرين التابع والمستقل، حيث يتمثل المتغير التابع في المقاربات الوصفية التفسيرية المشكلة لهذه المشاركة والمتعددة الاختصاصات والمحددة لمفهوم المنافسة السياسية من خلال المشاركة الإلكترونية بمختلف أشكالها،أما المتغير المستقل والمتمثل في ظاهرة المشاركة السياسية في الجزائر ومختلف الأشكال التي تحدده والتي جاءت كالتالي :

  • وجود عدة مقاربات تفسيرية لمفهوم المنافسة السياسية صعب من فهم المشاركة السياسية بطريقة عقلانية.
  • الإستراتيجيات الجديدة لتفعيل المشاركة السياسية الداخلية هي رد فعل عن التحولات الدولية. * نحتاج إلى إقتراح مقاربة تفسيرية جديدة والمتمثلة في المزاوجة بين المتغيرات الداخلية  و المقتضيات الدولية لفهم المشاركة السياسية في الجزائر من خلال مؤشر المشاركة  الإلكترونية .

 *ظهور التحول في المنظور في أن الجزائر تتخذ في تحقيق مصالحها إستراتيجيتين: الأولى مرتبطة  بالاعتماد على الذات من خلال التأكيد على الأمن القومي والتنمية ،أما الإستراتيجية الثانية فتحقيق ذلك يكون عن طريق اتحادات دولية.

* نحتاج لقياس مدى نجاعة عملية المشاركة السياسية للفاعل الحكومي وغير حكومي إلى تجاوز قياس التجربة في شقها النظري، إلى التحقق من ذلك في الواقع من خلال المزاوجة بين المؤشرات والحقائق في الواقع لفهم العملية السياسية في الجزائر ،حيث الغاية من التفسير الوصول إلى تفعيل آلية جديدة مهمة حسب اعتقادنا لتطوير الديمقراطية التداولية التشاركية من خلال تعميم التكنولوجيا في التنمية الإجتماعية للمواطن الجزائري.

المحور الأول: فلسفة التحليل ومنهجية دراسة المشاركة السياسية الإلكترونية في الجزائر:

جعلت التغيرات السياسية التي شهدتها الدول العربية التي عرفت حراك في 2011،من أننا نؤرخ بتاريخ جديد لها والمتمثل في ما قبل، وما بعده لمفهوم المشاركة السياسية داخليا،وإعادة توزيع جديد للقوة في المنطقة العربية بصعود ونزول بعض القوى  العربية الإقليمية دوليا،كما هو الحال كذلك بالنسبة للدول التي لم تعرف ذلك. إلا أن قصر تجربة التحول الديمقراطي في بعض الدول العربية التي عرفت حراك جعلنا نبحث في تجاوز هذه التجارب المؤقتة إلى تجارب طويلة نوعا ما والمتمثلة في دراسة حالة الجزائر منذ 1989، وفي استمرار تنامي التحول الديمقراطي في الدول العربية،والتجربة السابقة الجزائرية بعد تجاوز المرحلة الانتقالية الدامية، حيث نحتاج إلى :

* نحتاج إلى التحليل الكمي الناتج عن الثورة التكنولوجيا في مجالي الإعلام و الإتصال في الجزائر ومدى المشاركة الإلكترونية،والحصول على المعلومة الإلكترونية ميزته بأنه محاولة دقيقة لتقريب الحقيقة وقريب من اليقينية في النتائج، حيث مرتكزات الحرية التي تبناها النظام السياسي والمرتبطة بحرية التعبير والصحافة والتي تدل على ثقة النظام السياسي القائم في مواطنيه من جهة،ومن جهة أخرى تدل على شرعية القرار السياسي الرسمي ومشروعية وجود النظام السياسي وسياساته.

 إن تبني هذه الإستراتيجية له مزايا وعيوب فاستعمال الحاسوب والبرمجيات يتطلب بنى تحتية ،والتي تمكن المواطن الجزائري من المساهمة والمشاركة في العملية السياسية والتي تكون بهذه الطريقة بسيطة ،وإن تعذرت هذه الوسائل تجعل من إمكانية حدوث الأزمات واردة نظرا لمطالب المجتمع الجزائري التي هي في تزايد في مجالات عدة.كما أن إستعمال التحليل الإحصائي يساعدنا على التنبؤ بمستقبل الإصلاح السياسي في الجزائر وعلاقته بالمشاركة السياسية وتنمية الثقافة والوعي السياسي لديه.

  • * أن أسلوب دراسة العملية السياسية في الجزائر في تطور مستمر،سواء على مستوى الفكر، أو المنهج و هذا ما قد يؤدي إلى صعوبة التحكم في مستوى التنظير،و في التسيير العقلاني له نظرا للاختلاف في الأفكار والنظريات التي حددته. فطبيعة النظام السياسي في الجزائر قائم على -تحقيق المصالح الوطنية بتفعيل المشاركة السياسية من خلال اتجاهين:
  • التصور الأول:مرتبط بالمتغيرات الداخلية للدولة من أن المشاركة السياسية مرتبطة بعدد من المتغيرات الداخلية.
  • التصور الثاني:مرتبط باعتبار أن المقتضيات الدولية وموجة التحول نحو الديمقراطية تساعدنا على الإصلاح السياسي .فما المقصود بالمنافسة في المشاركة السياسية بعد 1989 في الجزائر؟

جاءت الإستراتيجية نحو الحوكمة الإلكترونية التي أطلقتها الجزائر وفق عملية  اتصالية تطورية  متتالية مرت بمراحل بداء من عام  2008 ، إلى الوصول في نوفمبر 2013  إلى مشروع المواطن الإلكتروني لأول مرة من خلال أرشيف لكل مواطن برقم واحد يتبعه مدى الحياة، كما كانت للانتخابات  الرئاسية الأخيرة في الجزائر( 17 أفريل 2014 )مؤشر لحضور بعض المترشحين عبر الأنترنت ومؤشر عن نوع جديد من المنافسة في المشاركة السياسية عبر المشاركة الإلكترونية،رغم ذلك احتلت الجزائر في 2013 المرتبة 94 عالميا حول الجاهزية الإلكترونية والتي تقاس بمجموعة من المؤشرات مثل مدى توفر المعلومة الإلكترونية ،والتشاور الإلكتروني ، وصنع القرار الإلكتروني (مفارقة تناقضية)لكن بالمقابل هذا التوجه يغيب عنه الشق المتعلق بتفعيل المشاركة السياسية من خلال وسيلة المشاركة الإلكترونية في عملية المشاركة السياسية بين صانع القرار والمواطن. حيث أهمية تفعيل التحول نحو الديمقراطية الشعبية ،التداولية التشاركية من ديمقراطية شعبية ،إلى شعبية الديمقراطية في المنافسة السياسية الإلكترونية.

أ-تطور مفهوم المشاركة السياسية:جاء تطور مفهوم المشاركة السياسية ضمن الدراسات السياسية للمتغيرات الداخلية وفق فترات تاريخية متتالية ،فالتحول من الطابع القائم على نظام الحزب الواحد، إلى التعددية السياسية والحزبية في مرحلة الراهنة من خلال أهمية الفواعل الحكومية ،و غير حكومية             و مختلف الجمعيات المشكلة  للمجتمع المدني ،إلى بروز مفهوم جديد للمشاركة السياسية يشمل الجانب المجتمعي والإنساني يجعلنا نعتمد على خطة تاريخية تفسر تطور مفهوم المشاركة السياسية عبر مراحل تاريخية متتالية و في الأنماط التي تحدده ،وأشكاله المختلفة(بالاعتماد على المنهج الاستنباطي (الاستدلالي) القائم على التجريد للوصول إلى كيفية تفعيل المشاركة السياسية لإعطاء مشروعية أكبر للسلطة الحاكمة.                           

ب- التوجه النظري الجديد المقترح :تبرز الحاجة إلى توجه نظري جديد لتوفر مجموعة من الظواهر والمناهج الجديدة نسعى من خلالها إلى مراجعة مفهوم المشاركة السياسية في الجزائر بعد حراك 2011، واعتبار من  أن التوفر من جهة والتحول من جهة أخرى قد يعطينا قدرة اكبر على تفسير أدق لماهية المشاركة السياسية و من خلال اكتشاف تفاسير جديدة كان من الصعوبة بمكان ربطها في السابق بالظواهر الجديدة الحالية مثل المجتمع المدني ،و  ظواهر الآمن المجتمعي والإنساني.

ج- المقاربات الوصفية المتعددة الإختصاصات:  يدل تعدد المقاربات في تفسير عملية المشاركة السياسية على غياب إجماع في تحديد وتوحيد المفهوم.،فطبيعة اختيارنا للإطار النظري للدراسة (المقاربة) ،وكيفية فهمها وتفسيرها ونقدها للمشاركة السياسية الإلكترونية من خلال متغير المنافسة التي تعتبر في الفكر الليبرالي تعاون )[1](تمكننا من تحديد المنطلقات والأهداف المرجوة،فقد نصطدم في ظل وجود عدة مقاربات بالتبيان وأحيانا التناقض بينها.تظهر في هذه العملية أبعاد إجتماعية ،واقتصادية وخاصة سياسية ،تجعل من اختيار المقاربة التفسيرية أمر مهم في تحليل ونقد التجربة الديمقراطية في الجزائر.

د-الحاجة إلى منظور جديد لفهم عملية المشاركة السياسية في الجزائر: يفهم البناء النظري لدراسة مفهوم المشاركة السياسية في الجزائر بعد 2011 وفق ثلاث مقاربات في ترابطها تشكل لنا البناء العضوي.أما المقاربة الأولى مرتبطة بالتعريف والنشأة،والمقاربة الثانية تعنى بالتطور التاريخي للمفهوم وأسباب ظهوره ،أما المقاربة الثالثة فغائية مرتبطة بالغاية المرجوة من الدراسة.نقوم بالربط بين المقاربات الثلاث كتحليل شمولي للمشاركة السياسية،ونسعى إلى تفادي الاختزال أي تغليب مقاربة على حساب أخرى.

2-المحور الثاني-الأسس النظرية الجديدة المقترحة لمفهوم المنافسة في المشاركة السياسية الإلكترونية  في الجزائر بعد 2011:

يعتبر التحول نحو الحكومة الإلكترونية في الجزائر إستراتيجية بدأت تظهر معالمها منذ 2008 امتدت إلى غاية 2013 ،حيث تكمن في المزاوجة بين الفاعل الحكومي وغير حكومي  في عملية المشاركة السياسية من خلال تبني دور الوسائل الإلكترونية كمحفز لذلك وكآلية جديدة من آليات الحكم الراشد. تزامن التوجه نحو المشاركة الإلكترونية في صنع القرار في الجزائر مع تحولات إقليمية وحراك في دول الجوار إلى تكريس الإستراتيجية الجديدة من خلال التوجه نحو المزيد من المنافسة في المشاركة السياسية،فمراجعة المفهوم والإستراتيجيات المتبعة و الأهداف المرجوة من منطلق أن الظاهرة في تطور وليست في تراجع بحيث تتنوع وتختلف الأساليب المحددة لها من انتخاب ،وعزوف ،ومقاطعة. تكمن أهمية الثورة التكنولوجيا والمعلوماتية أنها أسهمت في ظهور الإدارة والحكومة الإلكترونية)[2]،بارتباطها بمجالات عدة اجتماعية ،واقتصادية منذ منتصف القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية في مجال إدارة العمل والتأمينات ،ثم تطورت في بعض الدول كالدنمارك منذ منتصف الثمانينيات ،ثم مع تجارب التي قامت بها بعض الولايات الأمريكية كفلوريدا منذ 1995 في مجال البريد.

عرف البنك الدولي الإدارة الإلكترونية على :”أنها إستخدام تكنولوجيا الإعلام و الإتصال من أجل زيادة مشاركة المواطنين في الرقابة على أعمال الحكومة “([3] )حيث الهدف من هذا الاستخدام تقليل التكلفة ،والدقة والسرعة في الخدمة المقدمة للمواطن ، ولكن نحتاج إلى تفسير و تحليل ونقد هذا التصور.

أولا-الأساس النظري الأول للمقاربة الجديدة المقترحة :  يكمن الهدف من هذا الأساس النظري  تقديم مقاربة مفاهيمية موحدة لمفهوم المشاركة السياسية ،فاستمرارغياب تعريف تام جعل من إستخدام المفهوم غامض ومبهم،مما يجعلنا أمام صعوبة في توحيد وتحديد المفهوم .حيث يكون من خلال مستويين من التحليل:

التحليل التجزئي في تعريف المشاركة السياسية:عكس التحليل الكلي القائم على تصور مجرد للانتخاب،يقوم التحليل التجزئي على اعتبار أنه ليس هناك تحليل تام ودقيق للمفهوم،فثمة حاجة إلى تفكيكه و اختزال العوامل التي تحدده عوض ربطها مع بعضها البعض([4]) يكون التركيز على عامل دون أخر ومن ثم مشروعية السلطة ونسبة الانتخاب.

 – هيمنة المنظور العقلاني في تحليل المشاركة السياسية: يعتبر متغير تزايد المنافسة  في المشاركة السياسية نتيجة المشاركة الإلكترونية في الجزائر بتأثير متغيرات وعوامل داخلية وخارجية ،تفسيرنا لها يكون وفق عقلانية، والتي تفهم على أنها تصور للسياسة الداخلية بتجريد عقلاني،حيث أن منطقها قائم على أن الدول فواعل مستقلة،وأنانية،ومادية تعبر عن مصلحة أفرادها،فهي تسعى إلى تحقيق مجموعة من الحاجات والرغبات،كالأمن والقوة والمصلحة في ظل نظام دولي فوضوي([5]).

 أما في عملية صناعة القرار على مستوى السياسة الداخلية أو السياسة الخارجية، تصاغ بصياغة كمية قائمة عملية حسابية من خلال تحقيق أكبر ربح بأقل تكلفة ،والتي تحددها شكل المكاسب سواء كانت نسبية أو مطلقة.يمكن أن نعتبر أن التأصيل المفاهيمي و ربطه بالمقاربة  الماكروسوسيولوجية التي تحدد ظاهرة المشاركة السياسية في الجزائر تفهم في زوايا فكرية عدة ،فالأساس النظري للدراسة يكمن في : 

 * أن تكون دقة في التفاسير التي يطرحها الباحث كمؤشرات في تحليل ظاهرة المشاركة السياسية في الجزائر من خلال إعتبار أن هناك خصوصية للخطاب المستعمل من قبل السلطات السياسية الحاكمة فيها .* توضيح المؤشرات التي تم طرحها بشكل جلي و الأسس والمعايير التصنيفية النظرية والموضوعية التي تم الاعتماد عليها كأسس لعملية الاختيار في حد ذاتها ،حيث الأسباب الحقيقية في نشوء و تطور ظاهرة المشاركة السياسية والأهداف المرجوة منها،ومن ثم نحتاج إلى موضوعية في التحليل من خلال التطرق إلى جوانب عدة في الظاهرة من منطلق تحليل تركيبي.

* وضع تعريف موحد لظاهرة المشاركة السياسية في الجزائر.حيث نحتاج إلى تحديده من خلال  بنية النظام الذي يحدد المفهوم،والقيم التي ترتبط به،والهدف منه من خلال : –  المستوى الاول من بنية المفهوم المقترح ،انه تعتبر بنية النظام الذي يحدد تركيبة المفهوم والمجالات التي يرتبط بها هل هي سياسية،أم اقتصادية ،أم أمنية أم هي مركبة. فجوهر البحث  يكون من خلال إعتبار من أن مفهوم المشاركة السياسية يشير إلى  ارتباطه بظاهرة الإنتخاب والمشاركة الإلكترونية. نستنتج أن نظام تركيبة مفهوم المشاركة السياسية مرتبط بالاختيار،بقبول،برفض مقترح ومن ثم الإختلاف في النتائج يؤذي إلى الإختلاف في المنطلقات والعكس عوض تحديد بنية المفهوم مستقلا يفهم بالانتخاب

عن طريق مقارنة ماهيته بماهية ظاهرة أخرى  وهذا يجعلنا نصطدم بصعوبة في تحديد وتوحيد ماهية مفهوم المشاركة السياسية مستقلا ونحتاج إلى دراسة السلوك  وفق مستويات مختلفة سواء على مستوى الفرد أو الجماعة أو الدولة.

–  تقوم القيم المحددة لبنية نظام مفهوم المشاركة السياسية الإلكترونية في الجزائر كمستوى ثان من التحليل في التركيبة المقترحة أنه يشمل طبقة مثقفة من نوع خاص تسعى إلى الوصول إلى السلطة،أو معارضتها،أو مساندتها،وتتفاعل في ظل إيديولوجيات أحيانا متشابهة ،و أحيانا أخرى متناقضة الأهداف.

– ترتبط إشكالية مفهوم المشاركة السياسية بالانتخاب والمشاركة السياسية الإلكترونية سواء على مستوى محلي،أو وطني، أو بتحديد مصادر المعلومات بالشكل الذي يضمن العلمية،و الواقعية والعقلانية في الاختيارات  سواء من خلال الاعتماد على المصادر الإقليمية والعالمية.ومن ذلك ترتبط بتحديد السلوك الإنتخابي ومن ثم يجب التطرق إلى مفاهيم أخرى من ذلك مشروعية السلطة ،والناخب. 

– تعتبر المشاركة السياسية  في الحكم من الظواهر الاجتماعية المهمة في حياة الإنسان منذ القديم، لما لها من أهمية في تحقيق التنمية و الرفاه الاجتماعي ،و لارتباطها بأهداف وغايات الإنسان في تكرار الحالات الاجتماعية التي يعيشها ـ،فالاهتمام أنصب  عليه في ظل اتجاهين رئيسين :                                                                                        الاتجاه الأول:يركز على الربط  بين مواضيع المشاركة السياسية فيما بينها،ولا يختزل عامل على عامل وفق تحليل شمولي ،فكان الاهتمام بالدولة ،والسلطة،والحكم و الربط فيما بين هذه الظواهر.

الاتجاه الثاني:يقوم على التركيز على بعض العوامل دون أخرى،فكان الاهتمام بالفرد وكيفية تحقيق الرفاه،والمعتقدات،والهوية من منطلق  تحليل جزئي بعدم الربط بين العوامل و اعتبار أن هناك عوامل محددة وأخرى مؤثرة . عكس التحليل الأول يقوم التحليل الكلي على تصور شمولي من أن :

 التحليل الكلي في تعريف المشاركة السياسية في الجزائر: يقوم الهدف من التحليل الكلي على تقديم تصور مجرد و شمولي لمفهوم المشاركة السياسية )[6](في انتخاب السلطة الحاكمة، ولا اختزاله في عامل دون أخر،و إنما الربط بين العوامل المشكلة لمجال فهم الظاهرة الانتخابية أو مفهوم المشاركة السياسية.

 تحدد تعاريف المشاركة السياسية في الجزائر من خلال الربط بين المتغيرات والعوامل دون اختزال التعريف في عامل محدد،حيث جاءت مرتبطة بالانتخاب،الحكم ،والنظام السياسي والحدود ،والقومية. فمثلا أن السلطة الحاكمة تكون ذات مشروعية أكبر عندما تعمل على حماية مصالحها ورعاياها والقيم السائدة مهما كانت مستويات ذلك فهو محدد بقيم مجردة من خلال مشاركة في الانتخابات واسعة،وأن السلطة السياسية الحاكمة مرتبطة بمختلف التصرفات التي يسعى معها المجتمع إلى الحفاظ على في حقه في البقاء والاستمرار للوحدة السياسية والمتمثلة في النظام السياسي الجزائري.                                                

الأساس النظري الثاني- دور تكنولوجيا الإعلام و الإتصال في المشاركة السياسية في الجزائر:

يمكن تقييد تاريخ جديد في طبيعة المشاركة السياسية وأثرها في التفاعلات المشكلة لرسم السياسة العامة الجزائرية، والقائمة على المزاوجة بين المحددات الداخلية و المقتضيات الدولية خاصة بعد 2011، حيث تزامن إعادة تشكيل النقاشات في السياسات العامة في المرحلة الدولية الراهنة البحث عن مقومات وشروط بناء مقاربة لمفهوم المشاركة السياسية في الجزائر تشمل جوانب عدة ،وتشمل حلول للمشاكل الداخلية المطروحة بمراجعة مفهوم الإنتخاب كآلية للوصل إلى السلطة وفق تحليل بنائيا تطوريا، بعيدا عن هيمنة التحليل القائم الذي ساهم في التنظير العلمي منذ الظهور وتكريس نمطية معينة من التفكير.                أسهم في بروز هذا التوجه النظري ظهور عوامل ومتغيرات داخلية و دولية جديدة(مثلا عدد مستخدمي الانترنت حوالي 11 مليون مستعمل في الجزائر)[7] )، والمعضلة الأمنية التي تعيشها معظم دول العالم، ودور الرأي العام الداخلي والدولي ،ودبلوماسية حقوق الإنسان وحل الأزمات في رسم السياسات العامة،والربط بين ظواهر داخلية ودولية لم يكن في السابق ممكنا الربط فيما بينها (الأمن المجتمعي والإنساني)، فتطور هذا التوجه النظري في السياسات العامة كجزء من المعرفة  العلمية الإنسانية قام على المزاوجة بين المقاربات الوصفية والأدوات التحليلية المنهجية، حيث مرتبط بفهم واقعي ومنطقي لمفهوم الحكم التي تحدد مجاله الفكري والمعرفي .

إن سعي السلطة  السياسية  الجزائرية إلى تلبية مطالب الجزائريين و تقديم خدمة عمومية جيدة للمواطن جعل من العمل على إيجاد بيئة عملية أكثر ملائمة لإبراز الكفاءات والمهارات أمر ملح ،في ظل التحول نحو نمط السوق القائم على المنافسة والحرية الاقتصادية للحصول على نتائج جيدة في ظل التغير المستمر ،والرغبة في تحقيق الدقة والسرعة وقلة التكلفة  دون أن ننسى أهمية السرية والحد من الاعتماد على الوسائل التقليدية في الخدمة العمومية والتي تظهر في المشاركة السياسية كمنطلق رئيسي،و من خلال العمل على جعل المواطن الجزائري مدرك بالقوانين والتي تجعله أقل عرضة للعقوبات ،والذي يقتضي عصرنه العملية السياسية بالاعتماد على الثورة التكنولوجيا في مجالي الإعلام والاتصال .

اعتمدت الجزائر منذ الاستقلال على النمط الاشتراكي  كفلسفة تنظيمية للمجتمع مع الاعتماد على الريع كمصدر للثروة ،والتي أظهر الإدارة ضعيفة في أداءها خاصة مع تراجع عائدات النفط منذ الثمانينات من القرن الماضي .لكن مع  بداية التسعينات وتبني التعددية السياسية منذ 1989 دخلت الجزائر في مرحلة من إعادة التأهيل ببرنامج لإعادة التعديل الهيكلي منذ 1994 في ظل عجز الميزانية.

جاء الاهتمام بدراسة هذا المفهوم  من جديد في الجزائر تزامنا مع  حداثة التجربة الديمقراطية والتحول من الأحادية الحزبية و التي كانت وليدة الاستقلال1962 إلى تعددية سياسية بعد 1989 ،تظهر في رسم وصناعة السياسة العامة للدولة و إستراتيجيات إتخاذ القرار، و بزيادة  مستمرة ومتطورة  لعدد الراغبين للوصول إلى الحكم و السلطة. أدى ذلك إلى بروز لمفهوم المنافسة في المشاركة السياسية،بأنواع وأنماط عدة ،و كآلية من آليات المستقطبة للجزائريين  ولتجسيد الحكم الراشد وليست طاردة في صنع القرار السياسي، وشكل من أشكال الممارسة السياسية  المحددة للنشاط السياسي الذي يشير إلى مدى مساهمة مفهوم المواطنة في تفعيلها،و مبرزة لدور المواطن وعلاقته بنظامه السياسي.

بدأت معالم الإستراتيجية الإلكترونية الجديدة منذ 2000 أين تم تشكيل اللجنة الوطنية لإصلاح هياكل ومهام الدولة والي ضم حوالي 70 عضوا من كبار الموظفين والمسؤولين في الدولة في ظل نسبة بطالة بلغت 30 بالمئة في 2003 وحوالي نسبة أمية 30 بالمئة منهم 40 بالمئة نساء . 

لكن هذه الإستراتيجية عرفت صعوبات منها السابقة الذكر المرتبطة بالنمو الديمغرافي ،و اتفاقية الشراكة التي أبرمتها الجزائر منذ 1995 والمتعلقة بخلق منطقة للتبادل الحر مع أوروبا في غضون 2020

الجدول (1) مؤشرات إستخدام الأنترنت والنمو السكاني في الجزائر مابين 2000-20007

السنوات عدد السكان (بالمليون نسمة) مجموع مستخدمي الأنترنت بالألف النسبة المئوية للاستخدام
2000 30.46 150.0 0.49
2001 30.91 200.0 0.65
2002 31.38 500.0 1.59
2003 31.87 700.0 2.20
2004 23.36 1500.0 4.64
2005 23.85 1920.0 5.844
2006 33.35 2460.0 7.38
2007 33.86 3500.0 10.34

 

المصدر:لجنة الشؤون الاقتصادية و الإجتماعية :”المؤشرات الأساسية لتكنولوجيا المعلومات و الاتصالات لسنة 2007 (نيويورك ،الأمم المتحدة 2012 ) ص  126

الجدول (2)نسبة التوصيلات لشبكة الأنترنت والهاتف النقال في الجزائر لشهر جوان 2013

المعطيات سعة التوصيل عدد التوصيلات سرعة التدفق الإجمالية
الأنترنت عبر الهاتف الثابت 2790868 66.75% 2.6 ميغا ثانية
  6900868 %37.88 8.2ميغا ثانية

المصدر المديرية العملية للاتصالات بكل ولاية جوان 2013 نقلا عن

http://www.algeritelecom.dz/ar/?p=direction opérationnelle

يقوم اختلاف المقاربات لدراسة المشاركة السياسية)[8] (في الجزائر خاصة بإعتبار أن التحول نحو الديمقراطية كنموذج تاريخي للدراسة وفي دول المغرب العربي عامة ،من حيث المنطلقات والأهداف فهي وصفية متعددة الإختصاصات، ،فالحاجة إلى مقاربة تفسيرية موحدة والمتمثلة في المقاربة القائمة على التحليل الشامل لكل الظواهر الإجتماعية وهي التحليل الماكرو-سوسيولوجي                                                                                                                    كما جاءت التصورات النسوية  مؤثرة في تفعيل ماهية المشاركة السياسية في العالم ،و الجزائر على الخصوص من خلال إشراك المرأة في الحكم ،من خلال تقديم فرضيات أساسية هي عبارة عن قراءة جديدة للأفكار والتصورات القائمة في مختلف العلوم وخاصة الاجتماعية والإنسانية ومن ثم مجال دراستنا والمتمثل في السياسة الداخلية. بدأ تاريخيا انتشار المقاربة النسوية في التحليل السياسي من الحركة النسوية الشاملة التي انتشرت في منظمة الأمم المتحدة ما بين 1975-1985 فأفكارها نابعة من مجموعة فرضيات من أن الدولة هي تعبير عن رغبات الرجل ،فهي ليست عقلانية ،لأن الدولة تمارس العنف على المرأة في ظل علاقة متعدية)[9](،فالرجل لا يمكن أن يكون وسيلة تفكير منطقية وعقلانية لأنه اختزالي في تفكيره.

تصنف النسوية ضمن خانة الفكر النقدي والذي يقدم قراءة جديدة لمفهوم المشاركة السياسية بالتركيز على مشاركة المرأة في الحكم.ومن ثم توسيع وتفعيل لدور المرأة في الحكم والتي هي نتيجة لتطور مفهوم المشاركة السياسية .كما كان لأفكار الاتجاهات الجديدة ما بعد الوضعية والنقاش النظري بين الحداثة والحداثة تأثير في مراجعة مفهوم المشاركة السياسية في السياسات العامة للنظام السياسي الجزائري بعد 2011 خاصة من خلال إعتبار أن الإنسان غاية وليس وسيلة في الحكم،فكل هذه المقاربات التفسيرية المتعددة الإختصاصات تجعل من مراجعة مفهوم المشاركة السياسية في الكل آمر ا ملحا ،ومن ثم مراجعة مفهوم المشاركة السياسية في الجزائر كجزء كذلك .                                                                                  

الأساس النظري الثالث : إقتراح المنافسة السياسية في الديمقراطية الشعبية الجزائرية كهدف

يعتبر الأمن الإنساني في مفهوم النظام السياسي الجزائري القائم  حاليا مرحلة جديدة لتطور مفهوم المشاركة السياسية في مرحلة العولمة.فتاريخيا بدأ الاهتمام به من قبل الدول منذ1945 والإعلان العالمي لحقوق الإنسان،وظهور تصورات ونظريات جديدة اهتمت بالتحليل السلوكي للأفراد أمنيا (individual security)،تبعتها الإسهامات الميدانية المختلفة لتقارير الأمم المتحدة حول التنمية منذ صدور التقرير الخاص بالتنمية البشرية لعام 1994 ،والذي أسهم بشكل فعلي في تطوير مفهوم الأمن الإنساني الصادر عن برنامج منظمة الأمم المتحدة الإنمائي. حيث جاء تعريف  التقرير الأممي للأمن الإنساني على أنه منظور بديل لما سبق للتنمية ،من خلال إيجاد الوسائل التي تمكن الإنسان من حماية نفسه من الإخطار المستعصية (chronic threats)  في ظل تنامي دور المجتمع المدني بدأ مع البرنامج الأمم المتحدة الإنمائي 1994 والقائم على تفعيل دوره في ممارسة السلطة الاقتصادية والسياسية([10]).كما كان لتقرير الصادر عن الأمم المتحدة في 1999 والموسوم ب :عولمة ذات وجه إنساني الأثر في تحديد مختلف التحديات التي تواجه الإنسان(التحول من أمن الوسائل إلى أمن الأهداف المرتبطة بالإنسان)إلى تحديد مختلف التهديدات والمخاطر من عدم استقرار مالي ،وعدم الاستقرار لداخلي،والأمن الحي ،والثقافي ،والبيئي.) والمتعلقة بالأمن الغذائي ،والصحي ،والسياسي .

عملت الجزائر إذن  لتجسيد إستراتيجية شاملة لإشراك الفاعل الحكومي وغير حكومي من خلال اعتماد على إيجاد بنية تحتية للوصول لهذه المنافسة في المشاركة السياسية بتمكين المواطن الجزائري من حاسوب لكل أسرة، وإيجاد شبكة داخلية وعالمية للأنترت بخدمات عدة من الإتصال عن بعد ،والبريد الإلكتروني ،ووسائل الإتصال السلكي واللاسلكي، حيث ظهرت بوادر منذ 2011 ورغبة لدى السلطة السياسية للانفتاح وتنبي مشاريع المشاركة السياسية من خلال بروز عدد كبير في الانتخابات المختلفة في الجزائر للراغبين للوصول إلى السلطة من خلال ربط المنافسة السياسية واعتبارها كآلية من آليات الحكم الراشد في ظل غياب للمواطن الجزائري لمفهوم المواطنة،وقيام الدولة على أساس جهوي ،والزيادة في نسبة السكان للنمو الديمغرافي التي تعرفها الجزائر حوالي 40 مليون نسمة مما يجعل من الأعباء أنها ستزيد وبالتالي إيجاد السبل الكفيلة التي تضمن الخدمة بدقة وسرعة وبتكلفة أقل ،دون أن ننسى موجة التحول نحو الديمقراطية في دول الجوار،والتي تجعل من إشراك الفاعل الحكومي وغير حكومي ضمان للاستقرار السياسي والأمني في ظل التراجع المستمر لدور الدولة سواء على صعيد سياسي أو إقتصادي أو إجتماعي  والتنامي المستمر لدور المجتمع المدني.

ارتبطت جهود الجزائر بالجانب الإقتصادي و الإجتماعي في ظل غياب توجه حقيقي إلى المشاركة السياسية والمنافسة فيها.فعملت على ترشيد خدماتها في قطاعات مثل التعليم العالي، والتكوين المهني،والعدالة ،والبنوك.فحسب مصدر مؤشرات تكنولوجيا عدد العاملين في قطاع تكنولوجيا الإعلام و الإتصال في الجزائر سنة 2013 بلغ  144286 عامل أي حوالي 4.23%   من مجموع العمال.

الجدول رقم(3) المستوى التعليمي لعمال قطاع تكنولوجيا الإعلام و الإتصال:

المستوى التعليمي عدد العمال
متوسط 4255
ثانوي 14112
مهني 42207
جامعي 74632
مهندس 9080
المجموع 144286

المصدر:www.mptic.dz /ar 11

ثم إنشاء حوالي 6147 موقع رسمي ما بين 2008-2013 حسب الإستراتيجية المعلنة ،لكن التوقعات كانت الوصول إلى 10500 موقع رسمي.أما فيما يتعلق بإمكانية تحميل البيانات من هذه المواقع ،فالعديد منها لا يتوفر على هذه الخدمة ،حيث رابطة شبكة الوايب العالمية منحت الجزائر في 2013 علامات سيئة  للمواقع.

إن الأساس النظري الثالث المقترح  ذو بعد قائم على استقراء تاريخي  بتوجه استشرافي ،من أن الجزائر يجب أن تعمل على تطبيق إستراتجية أمنية قائمة على أساس :مقابل بمقابل أين أطراف العلاقة والمتمثلة في الفاعل الحكومي وغير حكومي تعمل وفق أساس عقلاني : فائز- فائز  فيما بينها  في تفعيل العلاقات البينية للفواعل الحكومية وغير حكومية،و في  المشاركة السياسية،و دور الفواعل الحكومية وغير الحكومية على مستوى دولي بإرجاع دور الإتحادات العربية الإقليمية ،والعمل على إعتبار المقاربة الجزائرية في المشاركة السياسية كدراسة حالة يمكن تطويرها من خلال دول أخرى هي نموذج تاريخي في المشاركة السياسية الإلكترونية.

إن إمكانية التدخل وحقوق الإنسان مثلا أصبحا طرح مقبول، حيث جعل من أن الدولة مهما كانت قوتها لم تعد بالإمكان تحقيق أمن رعاياها لوحدها ومن ثم إمكانية التدخل كشكل من أشكال المساعدة لإعطاء. مشروعية أكبر للسلطة الحاكمة ومن ثم توسيع مفهوم المشاركة السياسية .                                                                                    

خاتمة(المخرجات)

إن غياب رؤية مستقبلية للتوجه النظري و فكره الاستراتيجي المحدود للمشاركة السياسية في الجزائر قبل 2011 سببها:إن مصطلح المشاركة السياسية لا يحمل استقلالية واضحة في ماهيته و مكوناته وغياب إرادة فعلية لتجسيد ديمقراطية تشاركية تداولية غير إقصائية من خلال العمل الجاد على تجسيد المشاركة السياسية بشتى أنواعها خاصة منها الإلكترونية .

  • نستنتج حتى الآن أن هناك صعوبتين أساسيتين في تحديد موضوع الدراسة :

 *الصعوبة المرتبطة بالتعريف.   *الصعوبة في الممارسة للطبيعة المتعددة لأشكاله.

  • جعل المشاركة السياسية وظيفة الدول و إقصاء لدور الفواعل غير الحكومية  .
  • محدودية الفكر الإستراتيجي من خلال تقليل البدائل عوض تعظيمها.فعوض أن نجعل من الجانب الاقتصادي ،والسياسي ،والاجتماعي من البدائل نلحظ العكس هذا في مستوى أول ،وفي مستوى ثاني من غياب البدائل .
  • التركيز على الجانب الدعائي،أي غياب إستراتيجية واضحة المعالم في ظل تقويض البدائل ،ومن ثم الأسلوب الدعائي يجعل من التصور المستقبلي غير موجود.
  • اقتراح مقاربة شاملة تكون على أساس سوسيولوجي(تنمية اجتماعية وسياسية بتحديد الحقوق الاجتماعية ثم السياسية)
  • أن مفهوم المشاركة السياسية أصبح يعنى بمحددات أخرى مثل حقوق الإنسان، والمساعدات الإنسانية ، ومن ثم لممارسة السيادة يجب إدراك أن هناك من البدائل التي لم تعد تصنف ضمن خانة وظائف الدولة
  • ثمة حاجة إلى لقاءات،ونقاشات ومؤتمرات بين المختصين لتصحيح أو ،تغيير الوضعية ،أو تعديلها حيث هذه الورقة جزء من فتح النقاش.فكلما ازداد الاندماج بين الفاعل الحكومي وغير حكومي في صناعة القرار السياسي كلما قلت احتمالات الاضطراب و التي يجب أن تتعدى الطرح المرتبط بالفاعل الحكومي وفقط وإنما إشراك الفواعل غير الحكومية مثل الجمعيات والمجتمع المدني الجزائري.

 

[1] – ANDREW H.KYDD,TRUST AND MISSTRUST IN INTERNATIONAL RELATIONS,PRINCETON ;NJ ,PRINCETON UNIVERSIRY PRESS ,2005,P 06.

[2] – CARLOS SANTISO ,GOOD GOVERNANCE AND AID EFFECTIVENESS :THE WORLD BANK AND CONDTIONALITY,UNITED STATES  JOHN HOPKINS UNIVERSITY ,2001 p 15

[3] – THE WORLD BANK                 GROUP ,E-GOVERNEMENT,QUOTINGhttp://WEB.WORLDBANK.ORG/WEBSITE/EXTERNAL.HTML.BEEN BROWSING THE SITE ON                24/03/2014 ON TIME 10 :00

[4] – JONAS HARGMANN AND THOMAS.J BIERSTEKER ,BEYOND THE PUBLISHED DISCIPLINE :TOWARD AND CRITICAL PEDAGOGY OF INETRNATIONAL STUDIES EUROPEAN JOURNAL OF INATERNATIONAL RELATIONS 20(2) (june 2014 ) PP 291-313 P 301

[5] -DOMINIQUE MICHEL ALHERITIERE ,L’EAU SOURCE DE TENSION ET DE PAIX EN MIDITERRANEE ,SECURITE GLOBALE ,AUTOMNE 2012 PP 13-43 P 15

[6] – جيمس أندرسون،السياسات العامة ،ترجمة عامر  الكبيسي  دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة،عمان ،2007 ص 69

[7] – دخلت خدمة الإنترنت أول مرة في الجزائر عام 1993.في عام 1998 الذي بموجبه أنهى احتكار خدمة الإنترنت من الدولة وسمح للشركات الخاصة بتقديم هذه الخدمة، بلغ عدد مستخدمي الأنترنت 1.9 مليون شخص حتى نهاية عام 2005.و في العام 2010 و صل عدد المستخدمين حوالي 4,323,273 أي ما يقدر بحوالي  12.50  بالمئة من عدد السكان  وفي عام 2013 بلغ حوالي 11 مليون مستخدم

[8] – جيمس أندرسون،السياسات العامة ،ترجمة عامر  الكبيسي  دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة،عمان ،2007 ص 71

[9] – JACQUI TRUE :” FEMINISM “PP ( 231-275) ) in SCOTT BURCHILL, RICHARD DEVETAK , Andrew Link later, MATHEW PATERSON , CHRISTIAN REUS –SMIT ,theories of international relations , first and second edition ( revised , expanded and rydated ) published by pal grave , NEW York 2001p 253

[10] – ستيف سميت :”مقاربات جديدة للنظرية الدولية ” ص ص  349-409 في جون بيليس وستيف سميت ،عولمة السياسة العالمية ،,ترجمة مركز الخليج للأبحاث ،دبي ،الإمارات العربية المتحدة ،2004

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى